6361 الفوائد المنتقاة على صحيح مسلم
مجموعة: إبراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي وهشام السوري، وعبدالله المشجري، وسامي آل سالمين، وعلي آل رحمه، وكرم.
ومجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ونوح وعبدالخالق وموسى الصوماليين، وخميس العميمي.
وشارك ابوصالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
——-‘——-‘——-‘
صحيح مسلم
باب من فضائل سلمان وصهيب وبلال رضي الله عنهم
6361 عن عائذ بن عمرو: أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر، فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها، قال: فقال: أبوبكر: أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم! فأتى النبي صلى الله عليه وسلم. فأخبره، فقال: يا أبا بكر! لعلك أغضبتهم، لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك.
فأتاهم أبوبكر فقال: يا إخوتاه! أغضبتكم؟ قالوا: لا، يغفر الله لك، يا أخي!
=======
أأخي: بضم الهم تصغير، وهو تصغير ملاطفة
فيه فضيلة سلمان ورفقائه، وأن مراعاة مشاعر الفقراء من المسلمين أولى من مراعاة غيرهم.
وقد ذكر ابن تيمية هذا الحديث في بيان أن المحبة تستلزم الجهاد فالمحب يحب محبوبه ويبغض ما يبغضه … مجموع الفتاوى 10/ 58
وبين ابن تيمية في مجموع الفتاوى 11/ 515 … من هم الذين يغضب الله لغضبهم؛ وأنه يختص بمن يرضى ما يرضاه الله ويسخط ما يسخط الله.
فيه أن للفقراء شأن عندنا
إشكال: وضع النووي إشكال في قوله (لا، يغفر الله لك، يا أخي!) لأنه قد يفهم منها النفي. وإنما تقول: عافاك الله أو لا و يغفر الله لك، يا أخي … بزيادة (واو) حيث نقل عن أبي بكر النهي عن الصيغة التي يفهم منها النفي
قال النووي:
قال القاضي قد روي عن أبي بكر أنه نهى عن مثل هذه الصيغة وقال قل عافاك الله رحمك الله لا تزد
بعد البحث عن أثر أبي بكر لم أجده موصولا
وأمثل طريقة هي ما أوردها أبو جعفر النَّحَّاس أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس المرادي النحوي (المتوفى: 338هـ):
1067 – روي عن سماك بن حربٍ, عن أبي العافية, قال: قدمت بحلوبةٍ إلى المدينة, فأتاني أبو بكرٍ الصديق رضي الله عنه, فساومني بناقةٍ, فقال: بكم؟ فقلت: بكذا؛ فقال: أتبيع بكذا؟ فقلت: لا, عافاك الله؛ فقال: لا تقل كذا, ولكن قل: لا وعافاك الله.
وهو أثر معضل كما ترى.
ويخالفه الأثر الصحيح الوارد في صحيح مسلم.
و الصحابة عرب أقحاح يعرفون معنى الكلام، ولا يخفى عليهم معنى كلام أبي بكر.
قلت: إن كان الكلام يفهم منه غير المعنى الذي أراده أبو بكر فهنا لا بأس أن يضع الواو بين كلمة (لا) وكلمة (عافاك الله) او (جزاك الله خيرا) لضعف الناس في اللغة والله المستعان
قال صاحبنا حازم ابوصالح:
أخرج الإمام أحمد في مسنده 20643 و النسائي في السنن الكبرى 8416 والروياني في مسنده 777 وأبو عوانة في مستخرجه 10954 وأبو نعيم في الحلية وابن عبد البر في الاستيعاب من طريق عفان،
والإمام أحمد في مسنده 20640 عن مُهَنَّأُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ أَبُو شِبْلٍ، وَحَسَنٌ، يَعْنِي ابْنَ مُوسَى، وعن الثاني منهما ابن أبي شيبة في مسنده 922،
وعبد الله بن أحمد في زوائده على المسند 20641 عن هدبة
وأبو عوانة في مستخرجه 10954 عن العيشي
والطبراني في المعجم الكبير 28 من طريق حجاج بن منهال
وأبو نعيم الحداد في جامع الصحيحين بحذف المكرر وابن عساكر في تاريخ دمشق – ولم يذكر ابن عساكر أداة النفي لا في جوابهم لأبي بكر- من طريق سليمان بن حرب سبعتهم عن َحمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ سَلْمَانَ، وَصُهَيْبًا، وبِلاَلاً كَانُوا قُعُودًا فِي أُنَاسٍ، فَمَرَّ بِهِمْ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَقَالُوا: مَا أَخَذَتْ سُيُوفُ اللهِ مِنْ عُنُقِ عَدُوِّ اللهِ مَاخَذَهَا بَعْدُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَتَقُولُونَ هَذَا لِشَيْخِ قُرَيْشٍ وَسَيِّدِهَا؟ قَالَ: فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ، فَلَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ، لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: أَيْ إِخْوَتَنَا لَعَلَّكُمْ غَضِبْتُمْ، فَقَالُوا: لاَ يَا أَبَا بَكْرٍ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ.
تابعهم بهز عن حماد به ولفظه (قَالُوا: لَا يَغْفِرُ اللهُ لَكَ يَا أَخِي) أخرجه مسلم في صحيحه 170
قال ابن العربي في عارضة الأحوذي:
قال ابن العربي في هذا الحديث فائدة حسنة وهي اتصال كلمة لا جوابا في النهي مع الدعاء كما تقول للرجل كان (في) كذا في أمر لم يكن فيقول له صاحبه لا يرحمك الله أي لم يكن ذلك ثم يبتديء به الدعاء فيقول رحمك الله والعامة تكرهه فإن قالته زادت الواو فتقول ولا يرحمك الله. والحديث حجة صحيحة في الرد عليهم والله أعلم.
قال الشيخ بكر أبو زيد في معجم المناهي اللفظية بعد أن نقل كلام ابن العربي المذكور آنفا: وفي ترجمة يحيى بن المبارك المقرئ: قال الخطيب البغدادي: ((سأل المأمون يحيى بن المبارك عن شيء فقال: لا – وجعلني الله فداك – يا أمير المؤمنين. فقال: لله درك ما وضعت واوٌ قط موضعاً أحسن من وضعها في لفظك هذا. ووصله وحمله) اهـ.
وفي قصة تحاكم المرأتين إلى داود عليه السلام لما قال: ائتوني بالسكين أشقه بينهما، فقالت الصغرى: لا تفعل يرحمك الله … الحديث.
رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى -:
(وقع في رواية مسلم، والإسماعيلي من طريق ورقاء عن أبي الزناد ((لا، يرحمك الله))، قال القرطبي: ينبغي على هذه الرواية: أن يقف قليلاً بعد ((لا)) حتى يتبين للسامع أن الذي بعده كلام مستأنف، لأنه إذا وصله بما بعده يتوهم السامع أنه دعا عليه، وإنما هو دعاء له، ويزال الإبهام في مثل هذا بزيادة واو، كأن يقول: لا ويرحمك الله) اهـ.
كأنه من الناحية الحديثية اللفظ الوارد عن الجماعة أثبت يعني بزيادة (لاَ يَا أَبَا بَكْرٍ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ) بزيادة (أبي بكر). من اللفظ الوارد عن بهز، ومن الناحية اللغوية يبقى كلام الأئمة.
——–
ترجمة سلمان الفارسي وفضائله:
الأول: أبو عبدالله؛ سلمان الخير الفارسي
مولى رسول الله
رضي الله عنه
• اسمه ونسبه، ومولده ونشأته رضي الله عنه:
اسمه، ونسبه:
سلمان الفارسي رضي الله عنه، أبو عبد الله، يقال: إنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان ابن ملك من ملوك فارس، وكان أبوه دهقانها وسيدها وسادن نارها، وكان من هرمز، وقيل: أصله من “جيا”، قريةٍ من قرى أصبهان، وكان من صغره يطلب دين الله، ويتبع من يرجو ذلك عنده، فدان بالنصرانية وغيرها، وقرأ الكتب، وصبر في ذلك على مشقات، وخرج من بلاده يطلب الدين الحق ويسأل عنه، انتقل من عابد إلى عابد، حتى وصل المدينة، وأخذ رقيقا، وانتقل من سيد إلى سيد، حتى تداوله بضعة عشر سيدا، وأعانه النبي صلى الله عليه وسلم في مكاتبته، وكان ولاؤه لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.
—
إسلامه رضي الله عنه:
فكان سبب إسلامه أن أباه أقامه في خدمة النار فمر على النصارى المجاورين للفرس وهم في كنائسهم، فأعجبه دينهم ولزمهم. فقيَّده أبوه على ذلك، ففك القيد وخرج [إلى] الشام. فسأل عن عالم النصارى فدل عليه، فخدمه واطلع منه على خيانة في دينه، فأخبر النصارى بذلك فرجموه وصلبوه وأقاموا مقامه رجلاً صالحاً. قال: “فصحبته حتى قارب الموت فقلت له: أوصِني، فذكر لي رجلاً بالموصل. فلما مات أتيته فصحبته. فلما حضرته الوفاة قلت له: أوصني، فذكر لي رجلاً بعمورية. فلما أشرف على الموت سألته الوصية فقال: لا أعلم أحداً اليوم على مثل ما كنا عليه، ولكن قد أظل زمان نبي يبعث بدين إبراهيم. مُهاجره بأرضٍ ذات نخلٍ، وله آيات وعلامات لا تخفى: بين كتفيه خاتم النبوة، يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة. فلما مات مر بي ركب من العراق من كلبٍ فصحبتهم، فباعوني بوادي القرى من يهودي. ثم اشتراني منه رجل من بنى قُريظة فقدِم بي المدينة، فأقمت بها حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكنت أختلف إليه وأتعرف منه العلامات حتى رأيت الخاتم بين كتفيه فقبلته وبكيت. فسألني، فحدثته بشأني كله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كاتب عن نفسك”. فكاتبت مولاي على أن أغرس له ثلثمائة نخلة، وعلى أربعين أُوقية من ذهب. فقال النبي صلى الله عليه وسلم، لأصحابه: “أعينوا أخاكم” فأعانوا بالخمس والعشر [من فسائل النخيل] حتى اجتمع لي. فقال لي صلى الله عليه وسلم.: “لا تضع منها شيئاً حتى أضعه أنا بيدي” ففعلت. فكنت آتيه بالنخلة فيضعها بيده ويسوي عليها التراب. فوالذي بعثه بالحق ما مات منها واحدة إلا واحدة غرسها عُمر. وأطعم النخل كُله من عامه إلا التي غرسها عمر، فقلعها رسول الله ثم غرسها فأطعمت. ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمثل بيضةٍ من ذهب فقال: “أدِّ هذه عن كتابتك” فقلت: يا رسول الله: وأين تقع هذه مما عليّ؟ ……. [الرياض المستطابة].
وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى.
فيما ورد عنه رضي الله عنه: ويقال إنه أدرك بعض من أدرك عيسى بن مريم عليهما السلام، وقرأ الكتابين وخلّف ثلاث بنات، بنتٌ بأصبهان وابنتان بمصر رضي الله تعالى عنه ورحمه. [الرياض المستطابة].
قلت سيف:
قال الذهبي في سير النبلاء (1/ 556):
وقد ذكرت في (تاريخي الكبير) أنه عاش مائتين وخمسين سنة، وأنا الساعة لا أرتضي ذلك، ولا أصححه. اهـ
قال الذهبي في السير: ومجموع أمره وأحواله وغزوه وهمته وتصرفه وسفه للجريد وأشياء مما تقدم ينبئ بأنه ليس بمعمر ولاهرم فقد فارق وطنه وهو حدث ولعله قدم الحجاز وله أربعون سنة أو أقل فلم ينشب أن سمع بمبعث النبي ثم هاجر فلعله عاش بضعاً وسبعين سنة وما أراه بلغ المئة , فمن كان عنده علم فليفدنا
وقد نقل طول عمره أبو الفرج ابن الجوزي وغيره وما علمت في ذلك شيئاً يركن إليه ” ا. هـ سير أعلام النبلاء 1/ 555.
وقد رد عليه الحافظ ابن حجر في الإصابة (4/ 224) بقوله:
قلت: ولم يذكر مستنده في ذلك … لكن إن ثبت ما ذكروه: يكون ذلك من خوارق العادات في حقه، وما المانع من ذلك. ا. هـ.
اشتهر أنه عمَّر؛ … لكن كشيء صريح لا دليل، وبعضهم ذكر أن تنقله من راهب لراهب يدل على طول عمره. لكن ليس صريح فقد يكونوا عجل بهم الموت في مدد متقاربه
—-
مشاهده رضي الله عنه:
وأول مشاهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، (يوم) الخندق، وهو الذي أشار بحفره، ولم يتخلف بعده عن مشهدٍ.
قلت سيف: في كتاب ما شاع ولم يصح من السيرة:
قال الحافظ ابن حجر في (الفتح): “وكان الذي أشار بذلك سلمان، فيما ذكر أصحاب المغازي، منهم أبو معشر، قال: قال سلمان .. (1) “. فذكره، ولم يسق له إسنادًا.
وأبو معشر هو: نجيح بن عبد الرحمن السندى (ت171هـ) روى له الأربعة، وضعّفه الجمهور، وكان الإِمام أحمد يرضاه ويقول: كان بصيرأً بالمغازي (2). وليست العلة في ضعف أبى معشر فحسب؛ بل كون الخبر مرسلًا، حيث ساقه دون إسناد.
ولم يشرْ ابن إسحاق إلى مشورة سلمان الفارسي -رضي الله عنه- وإنما قال: “فلما سمع بهم (أي الأحزاب) رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما أجمعو له من الأمر ضرب الخندق على المدينة، فعمل فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترغيبًا للمسلمين في الأجر … (3) “.
وإنما ذكره ابن هشام بدون إسناد. انتهى
—-
صفاته رضي الله عنه:
– وكان من فضلاء الصحابة وزهادهم وذوي السوابق فيهم. – وهو أحد النجباء الرفقاء، – وأحد السُباق الأربعة، – … وأحد من تشتاق إليهم الجنة. [الرياض المستطابة]
قلت سيف:
سيأتي تخريج حديث السُباق الأربعة وإنكار أبي حاتم وأبي زرعة له.
أما اشتياق الجنة فورد من حديث أنس مرفوعا: ثلاثة تشتاق إليهم الجنة علي وسلمان وعمار. أخرجه الترمذي وفيه إسماعيل بن مسلم ضعيف. وسبق الكلام على تضيف الحديث في فضائل عمار.
المؤاخاة التي كانت بينه وبين أبي الدرداء رضي الله عنهما:
وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينه وبين أبي الدرداء. وقد سكن سلمان العراق، وأبو الدرداء الشام. فكتب أبو الدرداء إلى سلمان: سلام عليك. أما بعد فإن الله رزقني بعدك مالاً وولداً ونزلتُ الأرض المقدسة. فرد عليه سلمان: سلام عليك. أما بعد فاعلم أن الخير ليس بكثرة المال والولد، ولكن الخير أن يكثر حلمك وأن ينفعك الله بعلمك. إن الأرض المقدسة لا تقدس أحداً، فاعمل كأنك ترى. واعدد نفسك في الموتى.
وكان (سلمان) مبجلاً عند الخلفاء فكان عطاؤه خمسة آلاف، وكان يفرقها ويأكل من عمل يده [وكان عمله] الخوص.
كتابة سلمان لأبي الدرداء … أن الأرض لا تقدس أحد. ….. أخرجه مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا الدرداء ….. فهو منقطع
ووصله اللالكائي من طريق عباد ابن العوام عن يحيى بن سعيد عن عبدالله بن هبيرة المصري … فابن هبيرة ولد 41 وت في 126
عباد بن العوام لا يقوم أمام مالك
وربما يشهد له ما أخرجه ابن وضاح من طريق بقية عن صفوان بن عمرو عن أبي الدرداء ….
وصفوان توفي 155
—
علمه رضي الله عنه: روى سلمان رضي الله عنه في الصحيحين سبعة أحاديث، للبخاري أربعة أحدها مسند، ولمسلم ثلاثة مسندة، وخرّج عنه أصحاب السنن.
روى عنه: أنس، وأبو عثمان النهدي وغيره، ثم عُمر عمراً طويلاً
وفاته رضي الله عنه:
ومات في خلافة عثمان رضي الله عنه، بالمدائن سنة خمسٍ وثلاثين رضي الله عنه وأرضاه. [الرياض المستطابة].
فرع: إسلامه: بعد أن التقى عدة رهبان من رهبان النصارى، وكان آخرهم رجل صالح عنده علم عن نبي آخر الزمان، فنصح الراهب سلمان أن يذهب إلى بلاد العرب التي سيخرج فيها ووصفها له، فكانت هي مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن ليس في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن هذا الراهب إنه المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، بل عيسى عليه السلام في السماء، رفعه الله إليه إلى أجل مسمى، حتى ينزله الله تعالى فيقيم به الدين في آخر الزمان.
وقصة إسلام سلمان قصة عظيمة، فيها العبرة والعظة والفائدة، ونص القصة:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ حَدِيثَهُ مِنْ فِيهِ قَالَ: (كُنْتُ رَجُلا فَارِسِيًّا مِنْ أَهْلِ أَصْبَهَانَ، مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ مِنْهَا يُقَالُ لَهَا جَيٌّ، وَكَانَ أَبِي دِهْقَانَ قَرْيَتِهِ (أي رئيسها)، وَكُنْتُ أَحَبَّ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حُبُّهُ إِيَّايَ حَتَّى حَبَسَنِي فِي بَيْتِهِ، أَيْ مُلازِمَ النَّارِ، كَمَا تُحْبَسُ الْجَارِيَةُ، وَأَجْهَدْتُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ حَتَّى كُنْتُ قَطَنَ النَّارِ (أي خادمها) الَّذِي يُوقِدُهَا لا يَتْرُكُهَا تَخْبُو سَاعَةً، قَالَ وَكَانَتْ لأَبِي ضَيْعَةٌ (أي بستان) عَظِيمَةٌ، قَالَ فَشُغِلَ فِي بُنْيَانٍ لَهُ يَوْمًا فَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ، إِنِّي قَدْ شُغِلْتُ فِي بُنْيَانٍ هَذَا الْيَوْمَ عَنْ ضَيْعَتِي فَاذْهَبْ فَاطَّلِعْهَا، وَأَمَرَنِي فِيهَا بِبَعْضِ مَا يُرِيدُ، فَخَرَجْتُ أُرِيدُ ضَيْعَتَهُ، فَمَرَرْتُ بِكَنِيسَةٍ مِنْ كَنَائِسِ النَّصَارَى، فَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ فِيهَا وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَكُنْتُ لا أَدْرِي مَا أَمْرُ النَّاسِ لِحَبْسِ أَبِي إِيَّايَ فِي بَيْتِهِ، فَلَمَّا مَرَرْتُ بِهِمْ وَسَمِعْتُ أَصْوَاتَهُمْ دَخَلْتُ عَلَيْهِمْ أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُونَ، قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ أَعْجَبَنِي صَلَاتُهُمْ وَرَغِبْتُ فِي أَمْرِهِمْ، وَقُلْتُ هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدِّينِ الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ …….
رواه أحمد في المسند (5/ 441) وقال المحققون: إسناده حسن. وهي في الصحيح المسند
مسألة: الراهب الذي ألتقى به: أولا: اسم الراهب.
ولم يأت ذكر اسم هذا الرجل الصالح، ولما ذكره سلمان رضي الله عنه قال: ” صاحب عمورية ” ولم يذكر اسمه ولا كنيته.
وروى البيهقي في “دلائل النبوة” (2/ 89) قصة إسلام سلمان مطولة ببعض اختلاف، وفيها قول هذا الرجل الصالح لسلمان: ” يَا سَلْمَانُ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى، سَوْفَ يَبْعَثُ رَسُولًا اسْمُهُ أَحْمَدُ، يَخْرُجُ بِتِهَامَةَ “.
قال سلمان: ” وَكَانَ رَجُلًا أَعْجَمِيًّا لَا يُحْسِنُ أَنْ يَقُولَ تِهَامَةَ، وَلَا مُحَمَّدًا “.
وإسنادها ضعيف، فيه علي بن عاصم، وهو سيء الحفظ، يهم كثيرا.
انظر: “التهذيب” (7/ 345).
وفيه أيضا يحيى بن أبي طالب، متكلم فيه.
انظر: “الميزان” (4/ 387).
وروى ابن إسحاق في “السيرة” (ص 92):
حدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال: حدثني من سمع عمر بن عبد العزيز، وحدث هذا من حديث سلمان، فقال: ” حدثت عن سلمان أن صاحب عمورية قال لسلمان، حين حضرته الوفاة: ائت غيضيتين من أرض الشام فإن رجلاً يخرج من إحداهما إلى الأخرى في كل سنة ليلة، يعترضه ذوو الأسقام، فلا يدعو لأحد به مرض إلا شفي، فسله عن هذا الدين الذي تسلني عنه، عن الحنيفية دين إبراهيم، قال: فخرجت حتى أقمت بها سنة، حتى خرج تلك الليلة من إحدى الغيضيتين إلى الأخرى، وإنما كان يخرج مستجيزا، فخرج وغلبني عليه الناس حتى دخل في الغيضة التي يدخل فيها حتى ما بقي إلا منكبه، فأخذت به فقلت: رحمك الله أخبرني عن الحنيفية دين إبراهيم؟ فقال: إنك لتسأل عن شيء ما يسأل عنه الناس اليوم، قد أظلك زمان نبي يخرج عند هذا البيت، بهذا الحرم، يبعث بسفك الدم، فلما ذكر ذلك سلمان لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لئن كنت صدقت يا سلمان لقد رأيت عيسى بن مريم عليه السلام)
وفيه أن الذي أخبر سلمان بصفة النبي صلى الله عليه وسلم وبشره به هو عيسى ابن مريم عليه السلام.
ولكن هذا الحديث منكر، وإسناده ضعيف لجهالة راويه عن عمر بن عبد العزيز، وجهالة من رواه عنه عمر.
والصحيح المعتمد: رواية ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري، عن محمود بن لبيد، عن عبد الله بن عباس.
يعني حديث ابن عباس قال حدثني سلمان أن رجلا من اليهود اشتراه فقدم به المدينة، قال: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدية فقلت: هذه صدقة فقال لأصحابه: كلوا. ولم يأكل ثم ذكر الحديث نحوه. أخرجه الحاكم وسبقها برواية عبدالله بن بريدة عن أبيه أن سلمان. لما قدم المدينة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدية. …… وذكر قصة مكاتبته ….
وحديث ابن عباس ذكرها الشيخ مقبل في الصحيح المسند 440 وعزاها لأحمد مطوله بقصة إسلام سلمان وسبق نقل بعضها
ثانيا: من أين أخذ صفة النبي صلى الله عليه وسلم؟
عرف الراهب بقرب مبعث النبي صلى الله عليه وسلم وصفته بما علمه من الكتب المتقدمة، فقد جاء ذكر ووصف النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل.
وروى البخاري (2125) عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: ” لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّوْرَاةِ؟، قَالَ: ” أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِي التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِي القُرْآنِ: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا)، وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ، لَيْسَ بِفَظٍّ، وَلاَ غَلِيظٍ، وَلاَ سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ، وَلاَ يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ المِلَّةَ العَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا). والله أعلم.
تنبيه: حول حديث ((يَا سَلْمَانُ! لاَ تَبْغَضْنِي فَتُفَارِقَ دِينَكَ)).
أولا:
نص هذا الحديث كما يلي:
عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(يَا سَلْمَانُ! لاَ تَبْغَضْنِي فَتُفَارِقَ دِينَكَ.
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! كَيْفَ أَبْغَضُكَ وَبِكَ هَدَانَا اللَّهُ؟
قَالَ: تَبْغَضُ العَرَبَ فَتَبْغَضُنِي).
هذا الحديث رواه الترمذي (رقم/3927)، والبزار في “مسنده” (2513) والطبراني في “المعجم الكبير” (6/ 238)، والحاكم في “المستدرك” (4/ 86) وغيرهم من طريق أبو بدر شجاع بن الوليد، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن سلمان.
وهذا إسناد ضعيف، فيه علتان:
1 – قابوس بن أبي ظبيان: قال ابن معين: ضعيف الحديث. وقال أبو حاتم: لا يحتج به. وضعفه الدارقطني وغيره. انظر “تهذيب التهذيب” (8/ 306)
2 – الانقطاع بين أبي ظبيان – وهو حصين بن جندب – وبين سلمان الفارسي رضي الله عنه. قال الترمذي بعد روايته الحديث: ” وسمعت محمد بن إسماعيل [يعني: البخاري] يقول: أبو ظبيان لم يدرك سلمان، مات سلمان قبل علي ” انتهى. وقال ابن أبي حاتم في “المراسيل” (50): لا أظن حصين بن جندب سمع من سلمان. وانظر: “تهذيب التهذيب” (2/ 380).
والحديث أخرجه أبو نعيم في “حلية الأولياء” (7/ 270) من طريق خالد بن عبد الرحمن، عن مسعر، عن أبي هاشم الرماني، عن زاذان، عن سلمان.
وهذه متابعة ضعيفة جدا بسبب خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن سلمة المخزومي المكي: وهو ذاهب الحديث، ورماه عمرو بن علي الفلاس بالوضع.
ولذلك قال الحافظ المنذري في “أجوبة على أسئلة في الجرح والتعديل” (ص/84): ” حديث منكر ” انتهى. وقال الشيخ الألباني رحمه الله: ” ضعيف الإسناد ” انتهى. “السلسلة الضعيفة” (رقم/2029)
ثانيا:
ضعف هذا الحديث لا يعني عدم ثبوت أي فضل لجنس العرب، فقد وردت أحاديث كثيرة في هذا الباب، القليل منها صحيح، والكثير منها ضعيف أو موضوع.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
” وفي المسألة آثار غير ما ذكرته، في بعضها نظر، وبعضها موضوع ” انتهى.
“اقتضاء الصراط المستقيم” (ص/159)
ويقول أيضا رحمه الله معلقا على هذا الحديث:
” فقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم بغض العرب سببا لفراق الدين، وجعل بغضهم مقتضيا لبغضه”.
=====
(2) ترجمة الصحابي أبي يحيى صهيب بن سنان بن مالك رضي الله عنه
(النَّمْرِي نسبة إلى النَّمْرِ بن قاسط، فخذٍ من ربيعة بن نزار)
اسمه ونسبه:
هو صهيب بن سنان بن مالك ويقال: خالد بن عبد عمرو بن عقيل، ويقال: طفيل بن عامر بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب بن سعد بن أسلم بن أوس بن زيد مناة بن النمر بن قاسط النمري، أبو يحيى.
وصهيب بن سنان رضي الله عنه: من العرب، من النمر بن قاسط، كان أبوه سنان بن مالك عاملا لكسرى على الأيلة،
أُمُّهُ: سَلْمَى بِنْتُ قُعَيْدٍ. وأمه: من بني مالك بن عمرو بن تميم.
وهو الرومي. قيل له ذلك لأن الروم سبوه صغيراً. قال بن سعد: وكان أبوه وعمه على الأيلة من جهة كسرى، وكانت منازلهم على دجلة من جهة الموصل، فنشأ صهيب بالروم.
إسلامه رضي الله عنه:
قَالَ مُجَاهِدٌ: أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ الإِسْلاَمَ سَبْعَةٌ: رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَبِلاَلٌ، وَخَبَّابٌ، وَصُهَيْبٌ … إلخ.
ورد مرفوعا لكن رجح الدارقطني في العلل 5/ 63 الإرسال … فقال في رواية الرفع تفرد بها يحيى بن أبي بكر: وهم وإنما رواه زائدة عن منصور عن مجاهد قوله. انتهى
رواية يحيى بن أبي بكير هي من طريق زائدة عن عاصم عن زر عن ابن مسعود
وتابعه حسين الجعفي عند الحاكم فرواه عن زائدة مرفوعا … وهي التي ذكرها الشيخ مقبل في الصحيح المسند.
لكن:
أعله الدارقطني كما سبق وابن معين والبزار والدوري، ورجحوا رواية الوقف عن مجاهد من قوله؛ فرواه سفيان وجرير بن عبدالحميد وشيبان موقوفاً ورفعه يحيى بن أبي بكير والحسين بن علي الجعفي.
حتى قال ابن معين: هذا عن منصور عن مجاهد، هكذا حدث به الناس
وذكر ابن أبي عاصم رواية الوقف بعد الرواية
كانت منازلهم بأرض الموصل، في قرية على شط الفرات، فأغارت الروم على تلك الناحية، فسبت صهيبا، وهو غلام صغير، فنشأ صهيب بالروم، فصار ألكن، فاشترته منهم قبيلة كلب، ثم قدمت به مكة، فاشتراه عبد الله بن جدعان، فأعتقه، فأقام معه بمكة، حتى هلك عبد الله بن جدعان، وبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلم هو وعمار في يوم واحد، بعد بضعة وثلاثين رجلا، يروى عن عمار بن ياسر أنه قال: لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، فقلت له، ما تريد؟ فقال لي: ما تريد أنت؟ فقلت: أردت الدخول إلى محمد صلى الله عليه وسلم، فأسمع كلامه، قال: فأنا أريد ذلك، قال: فدخلنا عليه، فعرض علينا الإسلام، فأسلمنا، ثم مكثنا يومنا، حتى أمسينا، ثم خرجنا مستخفين.
قلت سيف: أخرجه الحاكم وابن سعد وكلها تدور على الواقدي
ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لحقه صهيب، فتبعه نفر من قريش: ليردوه فقال: يا معشر قريش إني من أرماكم، ولا تصلون إلي حتى أرميكم بكل سهم معي، ثم أضربكم بسيفي، قالوا: لا تفجعنا بنفسك ومالك.
قال: إن كنتم تريدون مالي دللتكم عليه، فرضوا، وتعاهدوا، فدلهم، فرجعوا، فأخذوا ماله، فلما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو ما زال بقباء، أخبره الخبر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ربح البيع أبا يحيى.
فأصبح يكنى أبا يحيى، وأنزل الله تعالى في أمره {{ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله}} [البقرة: 207]
قلت سيف: أخرجه الحاكم وهو في الصحيح المسند 126
وراجع الصحيح المسند من أسباب النزول.
وقال صلى الله عليه وسلم: صهيب سابق الروم، وسلمان سابق فارس، وبلال سابق الحبشة.
قلت سيف بن دورة: روى الحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
السُّبَّاق أربعة: أنا سابق العرب، وسلمان سابق الفرس، وبلال سابق الحبشة، وصهيب سابق الروم.
المستدرك 3/ 285 وقال: “صحيح” ووافقه الذهبي.
قال أبو زرعة وأبو حاتم: حديث باطل لا أصل له بهذا الإسناد. … العلل 2577. وراجع الضعيفة 2953
وكان معروفا بالصناعة، وكان يصنع السلاح، ولربما صنع لبعض كبراء المشركين.
وكان عمر رضي الله عنه يحبه، ويداعبه، ولما مات عمر أوصى أن يصلي عليه صهيب، وأن يصلي بالناس، حتى يجتمع الناس على إمام بعده.
صلاته بالناس وردت من عدة طرق … في قصة مقتل عمر بن الخطاب مصنف عبدالرزاق 9775، 9776
قصة خروجه رضي الله عنه من مكة:
وكان صهيب من السابقين الأولين المستضعفين بمكة المعذبين في الله عز وجل.
مشاهده رضي الله عنه: وشهد بدراً والمشاهد كلها. وروي عن صهيب أنه قال: لم يشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهدا قط إلا كنت حاضره، ولم يبايع بيعة قط إلا كنت حاضره، ولم يسر سرية قط إلا كنت حاضرها، ولا غزا غزوة إلا كنت فيها عن يمينه أو شماله، وما جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين العدو قط، حتى توفي.
أخرجه الطبراني في الكبير 7309 وفيه محمد بن الحسن المخزومي زبالة كذبوه
من صفاته رضي الله عنه:
وَكَانَ رَجُلاً أَحْمَرَ، شَدِيْدَ الحُمْرَةِ، لَيْسَ بِالطَّوِيْلِ. كَانَ مَوْصُوْفاً بِالكَرَمِ وَالسَّمَاحَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
من مواقف صهيب الرومي مع الصحابة:
موقف صهيب مع عمر بن الخطاب:
روى البغوي من طريق زيد بن أسلم، عن أبيه خرجت مع عمر حتى دخلت على صهيب بالعالية فلما رآه صهيب قال: يا ناس يا ناس. فقال عمر: ما له يدعو الناس؟ قلت: إنما يدعو غلامه يحنس، فقال له: يا صهيب ما فيك شيء أعيبه إلا ثلاث خصال؛ أراك تنتسب عربيًّا ولسانك أعجمي، وتكنى باسم نبي وتبذر مالك. قال: أما تبذيري مالي, فما أنفقه إلا في الحق، وأما كنيتي فكنانيها النبي صلى الله عليه وسلم.، وأما انتمائي إلى العرب فإن الروم سبتني صغيرًا، فأخذت لسانهم، ولما مات عمر أوصى أن يصلي عليه صهيب، وأن يصلي بالناس إلى أن يجتمع المسلمون على إمام.
قلت سيف: فصل المقدسي في اسانيدها وذكر أنها روية مع احتمال انقطاع وضعف لكن قال ابن حجر يقوي بعضها بعضا
وذكر صاحب أنيس الساري أن سند محمد بن عمرو حسنه
و قصة الانتساب ذكرها البخاري في صحيحه قال عبدالرحمن بن عوف لصهيب اتق الله ولا تدعي إلى غير أبيك فقال: ما يسرني أن لي كذى وكذى وأني قلت ذلك ولكني سُرِقت وأنا صبي. انتهى من المختارة
بعض ما روى صهيب الرومي عن النبي صلى الله عليه وسلم:
فعن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال: “إذا دخل أهل الجنة الجنة, قال: يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئًا أزيدكم, فيقولون: ألم تبيض وجوهنا, ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار, قال: فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم “.
وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “عجبًا لأمر المؤمن, إن أمره كله خير, وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له, وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له”.
وعن ابن عمر عن صهيب قال: مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فرد إلي إشارة وقال: لا أعلم إلا أنه قال إشارة بإصبعه
قال وفي الباب عن بلال وأبي هريرة وأنس وعائشة.
وعن صهيب في قصة الغلام الذي كان يتعلم عند الراهب والساحر …..
من فضائله رضي الله عنه:
أحد النفر الذين عاتب الله فيهم نبيه صلى الله عليه وسلم.
قلت سيف: سبق بيان ضعف الروايات في ذلك في ترجمة سعد بن أبي وقاص
حيث استغربه ابن كثير لأن الأقرع وعيينة إسلما في المدينة والآية مكية
لكن الثابت عن سعد قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ستة نفر فقال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم: اطرد هؤلاء لا يجترؤن علينا قال: وكنت أنا، وابن مسعود ورجل من هذيل وبلال ورجلان لست اسميهما فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقع فحدث نفسه فأنزل الله (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه). أخرجه مسلم 7/ 127 وانظر الصحيحة 3297
وأورد ابن تيمية في فصل الخوف والرجاء وأنها راجعة للمحبة قول عمر: نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه أي هو لم يعصه ولو لم يخفه فكيف إذا خافه مجموع الفتاوى 10/ 64
وهاجر إلى المدينة مع علي بن أبي طالب في آخر من هاجر في تلك السنة، فقدما في نصف ربيع الأول، وشهد بدراً، والمشاهد بعدها.
وعنه قال صحبت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قبل أن يبعث.
قلت سيف: قال الحافظ في الإصابة رواه ابن عدي من طريق يوسف بن محمد بن يزيد بن صيفي عن آبائه عن صهيب به
ويوسف فيه ضعف وآباؤه غير مبينين.
وهو من الصحابة الذين لم يشتركوا في الفتنة والقتال الذي وقع بين أصحاب النبي ، حتى إن عليًّا رضي الله عنه دعاه ليكون معه في جيشه.
علمه رضي الله عنه:
له في صحيح مسلم ثلاثة أحاديث وخرّج عنه الأربعة.
روى عنه: بنوه حمزة، وزيادة، وصيفي، وسعيد بن المسيب. [الرياض المستطابة]
وفاته رضي الله عنه:
وقد مات بالمدينة ودفن بالبقيع، في شوال سنة ثمانٍ (أو تسع) وثلاثين عن ثلاث وسبعين سنة رضي الله عنه ورحمه. [الرياض المستطابة].
قَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ صُهَيْبٌ بِالمَدِيْنَةِ، فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلاَثِيْنَ، عَنْ سَبْعِيْنَ سَنَةً.
مزاحه:
عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ صَيْفِيٍّ مِنْ وَلَدِ صُهَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ صُهَيْبٍ قَالَ
قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ خُبْزٌ وَتَمْرٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادْنُ فَكُلْ فَأَخَذْتُ آكُلُ مِنْ التَّمْرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَاكُلُ تَمْرًا وَبِكَ رَمَدٌ قَالَ فَقُلْتُ إِنِّي أَمْضُغُ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أخرجه بن ماجه:
وهذا خبر ضعيف، إسناده ((منقطع))
وقال البخاري: لا يعرف سماع بعضهم من بعض
كان صهيب كالوزير لعمر:
ابن تيمية في الحسبة 1/ 159
و عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِالشَّامِ فَأَتَاهُ نَبَطِىٌّ مَضْرُوبٌ مُشَجَّجٌ مُسْتَعْدِى فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا فَقَالَ لِصُهَيْبٍ: انْظُرْ مَنْ صَاحِبُ هَذَا فَانْطَلَقَ صُهَيْبٌ فَإِذَا هُوَ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الأَشْجَعِىُّ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ غَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا
فَلَوْ أَتَيْتَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فَمَشَى مَعَكَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنِّى أَخَافُ عَلَيْكَ بَادِرَتَهُ فَجَاءَ مَعَهُ مُعَاذٌ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ عُمَرُ مِنَ الصَّلاَةِ قَالَ: أَيْنَ صُهَيْبٌ؟ فَقَالَ: أَنَا هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: أَجِئْتَ بِالرَّجُلِ الَّذِى ضَرَبَهُ قَالَ: نَعَمْ فَقَامَ إِلَيْهِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ فَاسْمَعْ مِنْهُ وَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا لَكَ وَلِهَذَا. قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رَأَيْتُهُ يَسُوقُ بِامْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ فَنَخَسَ الْحِمَارَ لِيَصْرَعَهَا فَلَمْ تُصْرَعْ ثُمَّ دَفَعَهَا فَخَرَّتْ عَنِ الْحِمَارِ فَغَشِيَهَا فَفَعَلْتُ مَا تَرَى قَالَ: ائْتِنِى بِالْمَرْأَةِ لِتُصَدِّقَكَ فَأَتَى عَوْفٌ الْمَرْأَةَ فَذَكَرَ الَّذِى قَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَبُوهَا وَزَوْجُهَا: مَا أَرَدْتَ بِصَاحِبَتِنَا فَضَحْتَهَا فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: وَاللَّهِ لأَذْهَبَنَّ مَعَهُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمَّا أَجْمَعَتْ عَلَى ذَلِكَ قَالَ أَبُوهَا وَزَوْجُهَا: نَحْنُ نُبَلِّغُ عَنْكِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَتَيَا فَصَدَّقَا عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ بِمَا قَالَ، قَالَ فَقَالَ عُمَرُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ لِلْيَهُودِىِّ: وَاللَّهِ مَا عَلَى هَذَا عَاهَدْنَاكُمْ فَأَمَرَ بِهِ فَصُلِبَ ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ فُوَا بِذِمَّةِ مُحَمَّدٍ – صلى الله عليه وسلم – فَمَنْ فَعَلَ مِنْهُمْ هَذَا فَلاَ ذِمَّةَ لَهُ. قَالَ سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَصْلُوبٍ رَأَيْتُهُ … (1).
فهذا عوف بن مالك – وهو صحابي جليل – رأى منكراً فغيره بيده، ولم يكن المنكر ليندفع إلا بالضرب، فضرب عوف بن مالك صاحب المنكر، فشجَّ رأسه فلما بلغ ذلك عمر رضي الله عنه وعرف حقيقة الأمر، ما عنَّفَهُ بل أقام حُكم الله في هذا الذمي وهو أن يُقتل. … انتهى كلام ابن تيمية
أخرجه البيهقي 9/ 201 وابوعبيد في الأموال 485 وحسنه الألباني الإرواء 5/ 119
قال الألباني: مجالد بن سعيد ضعيف لكن قال البيهقي تابعه ابن اشوع عن الشعبي عن عوف بن مالك.
قلت سيف: متابعة ابن اشوع أخرجها الطبراني في الكبير 64 من طريق وهب بن بقية انا خالد عن خالد الحذاء عن ابن اشوع عن الشعبي عن عوف بن مالك أنه أبصر نصرانيا يسوق بامرأة فنخس بها فصرعت فتحللها فضربته بخشبة معي فشججته فانطلقت إلى معاذ بن جبل فقلت آجرني من عمر وخشيت عجمته فأتى عمر فأخبره فجمع بيننا ولم يزل بالنصراني حتى اعترف فأمر له بخشبه فنحتت ثم قال: لهؤلاء عهد ففوا بعهدهم وما وفوا لكم فإذا بدلوا فلا عهد لهم وأمر به فصلب.
وتابعه محمد بن إسماعيل الخشوعي نا إسماعيل بن علية عن خالد الحذاء عن ابن اشوع عن الشعبي عن عوف بن مالك الأشجعي وربما قال حدثنا عوف بن مالك. ….. وفيه فتحللها
قال ابن عساكر: الشعبي لم يسمعه من عوف إنما رواه عن سويد بن غفلة عن عوف … ثم ذكر طريق مجالد عن الشعبي وقال الوراق عن الشعبي عن سويد بن غفلة قال كنا مع عمر بن الخطاب
فلعله يتقوى بهذه المتابعة ويكون مجالد حفظه خاصه أن الضعف الذي أخذ عليه رفع الكلام
والوراق في الغالب هو مطر الوراق مختلف فيه لكن قال الذهبي لا ينزل حديثه عن الحسن.
====
====
====
3 – ترجمة بلال رضي الله عنه وشيء من فضائله
أما بلال: فسبق ذكر ترجمته وفضائله في صحيح مسلم:
باب من فضائل أم سليم، أم أنس بن مالك، وبلال، رضي الله عنهما