7.رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
——-‘——-‘——-‘
كتاب الوحي
قال البخاري رحمه الله تعالى
(7) – حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا تُجَّارًا بِالشَّامِ فِي المُدَّةِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ، فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ، فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ، وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا، فَقَالَ: أَدْنُوهُ مِنِّي، وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ. فَوَاللَّهِ لَوْلاَ الحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَاثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ. ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ: كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ، قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا القَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قُلْتُ: لاَ قَالَ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَقُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ. قَالَ: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ. قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قُلْتُ: لاَ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لاَ نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا، قَالَ: وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الكَلِمَةِ، قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟ قُلْتُ: الحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ، يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ. قَالَ: مَاذَا يَامُرُكُمْ؟ قُلْتُ: يَقُولُ: اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ، وَيَامُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ وَالصِّلَةِ. فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ: قُلْ لَهُ: سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا. وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا القَوْلَ، فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا القَوْلَ قَبْلَهُ، لَقُلْتُ رَجُلٌ يَاتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ، فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، قُلْتُ فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ، قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ، وَسَأَلْتُكَ، هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ، فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ. وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ، فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ.
وَسَأَلْتُكَ أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ. وَسَأَلْتُكَ أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ القُلُوبَ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ، فَذَكَرْتَ أَنْ لاَ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ تَغْدِرُ. وَسَأَلْتُكَ بِمَا يَامُرُكُمْ، فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَامُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ، وَيَامُرُكُمْ بِالصَّلاَةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ، فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ.
ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ، فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ ” بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ: سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ ” وَ {يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} قَالَ أَبُو سُفْيَانَ [ص:10]: فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ، وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الكِتَابِ، كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ وَأُخْرِجْنَا، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ. فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الإِسْلاَمَ.
وَكَانَ ابْنُ النَّاظُورِ، صَاحِبُ إِيلِيَاءَ وَهِرَقْلَ، سُقُفًّا عَلَى نَصَارَى الشَّامِ يُحَدِّثُ أَنَّ هِرَقْلَ حِينَ قَدِمَ إِيلِيَاءَ، أَصْبَحَ يَوْمًا خَبِيثَ النَّفْسِ، فَقَالَ بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ: قَدِ اسْتَنْكَرْنَا هَيْئَتَكَ، قَالَ ابْنُ النَّاظُورِ: وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ: إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِي النُّجُومِ مَلِكَ الخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ، فَمَنْ يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ؟ قَالُوا: لَيْسَ يَخْتَتِنُ إِلَّا اليَهُودُ، فَلاَ يُهِمَّنَّكَ شَانُهُمْ، وَاكْتُبْ إِلَى مَدَايِنِ مُلْكِكَ، فَيَقْتُلُوا مَنْ فِيهِمْ مِنَ اليَهُودِ. فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ، أُتِيَ هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ قَالَ: اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لاَ، فَنَظَرُوا إِلَيْهِ، فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مُخْتَتِنٌ، وَسَأَلَهُ عَنِ العَرَبِ، فَقَالَ: هُمْ يَخْتَتِنُونَ، فَقَالَ هِرَقْلُ: هَذَا مُلْكُ هَذِهِ الأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ.
ثُمَّ كَتَبَ هِرَقْلُ إِلَى صَاحِبٍ لَهُ بِرُومِيَةَ، وَكَانَ نَظِيرَهُ فِي العِلْمِ، وَسَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ، فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ حَتَّى أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَايَ هِرَقْلَ عَلَى خُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ نَبِيٌّ، فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَلْ لَكُمْ فِي الفَلاَحِ وَالرُّشْدِ، وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ، فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِيَّ؟ فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ، وَأَيِسَ مِنَ الإِيمَانِ، قَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَيَّ، وَقَالَ: إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتِي آنِفًا أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ، فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَانِ هِرَقْلَ رَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، وَيُونُسُ، وَمَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ
——-‘——‘——”
الأريسين: الفلاح وقيل الأمراء أي أمراء الأقانيم.
أَمِر أمر ابن أبي كبشة: أي عظم. ونسبه لجد غامض تحقيرا للنبي صلى الله عليه وسلم
قال ابن حجر رحمه الله: وكلام هرقل – وإن كان لا يحتج به في مثل هذه المسائل العظيمة من أصول الديانات التي وقع الاضطراب فيها – فإن ابن عباس روى هذا الكلام مقررا له مستحسنا وتلقاه عنه التابعون، وعن التابعين أتباعهم كالزهري. فالاستدلال إنما بتداول الصحابة ومن بعدهم لهذا الكلام وروايته واستحسانه، والله سبحانه وتعالى أعلم.
قال ابن كثير في “البداية والنهاية” (6/ 468) في ذكره للأحداث التي حدثت سنة ثمان من الهجرة: ” كِتَابُ بَعْثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُلُوكِ الْآفَاقِ وَكَتْبِهِ إِلَيْهِمْ يَدْعُوهُمْ، إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ …
وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّ بَدْءَ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَبَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ، لِقَوْلِ أَبِي سُفْيَانَ لِهِرَقْلَ حِينَ سَأَلَهُ: هَلْ يَغْدِرُ؟ فَقَالَ: لَا، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لَا نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا.
وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: وَذَلِكَ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي مَادَّ فِيهَا أَبُو سُفْيَانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فوائد الحديث:
1 – حديث أبي سفيان رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود والترمذي مختصرا جدا، والنسائي في السنن الكبرى.
2 – هذا من الأحاديث الطوال، وصنف فيها الطبراني وأورده هناك.
3 – وجه مناسبته للباب عدم اتهامه بالكذب، وأنه لم يكن ليذر الكذب عَلَى الناس ويكذب عَلَى الله تعالى. قاله ابن الملقن في التوضيح.
4 – وأيضًا فهو مشتمل على ذكر آيات أنزلت عَلَى من تقدم من الأنبياء، وعلى ذكر جملة من أوصاف من يوحى إليه. قاله ابن الملقن في التوضيح.
5 – منها قول هرقل (فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَث فِي نَسَبِ قَوْمِهَا) وهذا من العلم الذي لديه من الكتاب الأول. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” رحمة الله على لوط إن كان ليأوي إلى ركن شديد، إذ قال لقومه (لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد)، فما بعث الله بعده من نبي إلا في ثروة من قومه ” أخرجه الإمام أحمد والترمذي والبخاري في الأدب المفرد وحسنه الألباني كما في الصحيحة 1617 قال محمد بن عمرو الراوي لهذا الحديث: الثَّرْوَةُ: الْكَثْرَةُ وَالْمَنَعَة.
6 – وتعلقه بكتاب الوحي ظاهر أيضا لمناسبة الآية التي صدر بها الإمام البخاري كتاب الوحي وهي قوله تعالى (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده).
7 – الحديث غريب من طريق الزهري به، لم أجده من غير طريقه وأورده العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة رقم 3607 وذكر تخريجه وقال من طرق عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس به وتتبعت مصادر التخريج التي ذكرها رحمه الله فوجدتها من طرق عن الزهري عن عبيد الله به فكأن الطابع ذهل فأسقط قوله “عن الزهري” والله أعلم.
8 – قوله (أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ أَخْبَرَهُ) فيه رواية صحابي عن صحابي، ابن عباس عن أبي سفيان. وعند البخاري من طريق معمر ” مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ”.
9 – فيه طلب ابن عباس للعلم وحرصه عليه، فأخذ الحديث من أبي سفيان وحفظه مع طوله.
10 – لا يضر الراوي روايته إذا لم يكن مسلما وقت التحمل، وإنما الشأن وقت الأداء.
11 – قوله (وَكَانُوا تُجَّارًا بِالشَّامِ فِي المُدَّةِ) والتجارة كانت حرفة أهل مكة، والمدة هي الفترة التي اتفق عليها في صلح الحديبية. وأسلم أبو سفيان يوم فتح مكة.
12 – قَوْله: (ماد فِيهَا) أَي جعل الْحَرْب فِيهَا مَعَهم إِلَى مُدَّة. قاله البغوي في شرح السنة.
13 – فيه وضوح دعوة النبي صلى الله عليه وسلم للمخالف والموافق، ففيه عبادة الله وحده لا شريك له، ونبذ الشرك، وأداء ما افترض الله على عباده كالصلاة والزكاة، وحسن الخلق كالعفاف، والصدق، والصلة، وأداء الأمانة، والوفاء بالعهد.
14 – قول هرقل (فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَقُلْتُ بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ) ثم قال هرقل (وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ) فإن الرياسة والجاه والغنى صوارف قد تصرف صاحبها عن اتباع الحق، فليحذر العبد من ذلك ويشكر الله على نعمه فلا يجحدها.
والمراد بذوي الشرف أهل النخوة والكبر لا كل شريف حتى لا يرد مثل أبي بكر وعمر وأمثالهما.
أو محمول على الأكثر الأغلب. الفتح لابن حجر باختصار
15 – قَوْله: (إِلَى عَظِيم الرّوم) أَي: مِن يعظمه الرّوم أَخذ بأدب اللَّه فِي تليين القَوْل لمن يبتدئه بالدعوة إِلَى دين الْحق. قاله البغوي في شرح السنة.
16 – وَفِي الحَدِيث دَلِيل عَلَى جَوَاز الْكتاب إِلَى الْكفَّار، وَأَن نكتب إِلَيْهِم آيَة أَو آيَتَيْنِ مِن الْقُرْآن مِمَّا تقع بِهِ الدعْوَة، وَلَا يدْخل ذَلِكَ تَحت النَّهْي عَن المسافرة بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرض الْعَدو، بل النَّهْي رَاجع إِلَى حمل الْمُصحف إِلَيْهِم. قاله البغوي في شرح السنة.
17 – فِيه تَقْدِيم اسْم الْكَاتِب عَلَى اسْم الْمَكْتُوب إِلَيْهِ. قاله البغوي في شرح السنة.
قال ابن حجر: وهو قول الجمهور بل حكى النحاس إجماع الصحابة. والحق إثبات الخلاف. الفتح
زيد بن ثابت لما ارسل الى معاوية بدأ به لأنه ملك.
فيمكن أن يقال اذا أرسلت إلى من هو أعلى منك فتبدأ به.
18 – الكذب من الصفات الذميمة عند ذوي المروءة وإن لم يكونوا مسلمين.
19 – فيه صِلَةِ المَرْأَةِ أُمَّهَا وَلَهَا زَوْجٌ قاله البخاري، قلت وأباها.
20 – من أسلم من أهل الكتاب يؤته الله أجره مرتين.
21 – وضوح النقد لعقيدة المخالف مع التلطف في التبليغ.
22 – فيه كتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان قاله النسائي في السنن الكبرى.
23 – فيه الكتاب إلى أهل الحرب قاله النسائي في السنن الكبرى.
24 – فيه إباحة ابتداء الكتاب للمشركين بالبسملة قاله الطحاوي في شرح مشكل الآثار.
25 – فيه فصل الخطاب بقوله ” أما بعد”
26 – قول أبي سفيان (حتى أدخل الله عليَّ الإسلام) في رواية (وأنا كاره). وورد في حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل أَسْلِم. قال أجدني كارها. قال: وإن كنت كارها. وهذا يدل على صحة الإسلام مع نفور القلب عنه وكراهته له، لكن إذا دخل في الإسلام واعتاده وألفه. دخل حبه قلبه ووجد حلاوته. الفتح لابن رجب 1/ 95:
27 – فيه من مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ، وَخَرْقِ اللَّهِ الْعَادَةَ الْجَارِيَةَ؛ لِوُضُوحِ دَلَالَتِهِ وَإِثْبَاتِ نُبُوَّتِهِ، وَنَفْيِ الشَّكِّ وَالِارْتِيَابِ فِي أَمْرِهِ قاله اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة.
28 – بَابُ تَرْجَمَةِ الحُكَّامِ، وَهَلْ يَجُوزُ تَرْجُمَانٌ وَاحِدٌ؟ قاله البخاري و الحديث دليل حجية خبر الواحد في العقائد والعبادات والمعاملات وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل الصحابي دحية الكلبي رضي الله عنه بالكتاب المشتمل على ذلك كله.
29 – بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ تَفْسِيرِ التَّوْرَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ، بِالعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهَا قاله البخاري
30 – قوله (ركب) جمع “راكب” كصحب وصاحب، وهم أولو الإبل العشرة فما فوقها، وكانوا ثلاثين رجلًا كما رواه الحاكم في “الإكليل”، وسمي منهم المغيرة بن شعبة في “مصنَّف ابن أبي شيبة” بسند مرسل. قاله السيوطي في التوشيح شرح الجامع الصحيح.
وذكر ابن حجر كون المغيرة معهم فيه نظر لأنه كان إذ ذاك كان مسلما. ويحتمل أن يكون رجع حينئذ إلى قيصر ثم قدم المدينة مسلما. ثم ذكر كذلك من مراسيل ابن المسيب أن المغيرة كان في الركب.
31 – قوله (فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ) أي أتوا هرقل وقد دعاهم وهم في بيت المقدس.
وفي الجهاد من صحيح البخاري أن هرقل لما كشف الله عنه جنود فارس مشى من حمص إلى إيلياء شكرا لله.
وذكر ابن حجر انه ورد من طرق متعاضده أن كسرى لما أبطأ عليه أميره أراد قتله وتولية غيره فاطلع أميره على ذلك فباطن هرقل واصطلح معه على كسرى وانهزم عنه بجنود فارس.
قال ابن كثير بعد أن ذكر ذلك: واغربها مرسل عكرمة.
32 – قول أبي سفيان (لاَ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لاَ نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا، قَالَ: وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الكَلِمَةِ)، والواقع بعدها أثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى بالعهد وأن الكفار هم الذين نقضوا العهد كما هو مشهور في سبب فتح مكة.
33 – قوله (فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا)، وعند البخاري من طريق صالح بن كيسان “وَلَيْسَ فِي الرَّكْبِ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ غَيْرِي”، فهو يلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في عبد مناف.
– (بماذا يأمركم) فيه أن الرسول من شأنه أن يأمر قومه.
34 – قول هرقل (فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ) كما قال تعالى. وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56)] سورة النور [
35 – قول هرقل (وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ) فيه أن أهل الكتاب كان عندهم علم بقرب بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه نصوص من الكتاب ومن السنة أيضا كما في قصة سلمان الفارسي وغيرها.
36 – قول هرقل (فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ) ولا يرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلو فيه، وكان سيأمره بالإيمان بالله وسيقول له لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم وقولوا عبد الله ورسوله.
37 – قوله (َذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ القُلُوبَ) فيه أن الناس تتفاضل في الإيمان.
38 – قوله (ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ) وهذه الرسائل إلى ملوك الأرض لأن رسول الله أرسل للناس كافة رحمة لهم. كما قال تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28))] سورة سبأ [.
39 – قول أبي سفيان (إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ) وترجم عليه البخاري فقال بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ» وَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ} [آل عمران: 151]
40 – قوله (وَكَانَ ابْنُ النَّاظُورِ، صَاحِبُ إِيلِيَاءَ وَهِرَقْلَ، سُقُفًّا عَلَى نَصَارَى الشَّامِ يُحَدِّثُ أَنَّ هِرَقْلَ حِينَ قَدِمَ إِيلِيَاءَ) هذا من قول الزهري، قال الحافظ ابن حجر وقد بين أبو نعيم في دلائل النبوة أن الزهري قال لقيته بدمشق زمن عبد الملك بن مروان وأظنه لم يتحمل عنه ذلك إلا بعد أن أسلم.
تنبيه: ابن الناطور أو الناظور:
عند الجمهور الناطور … وعند الحموي الناظور
و في ضبطه خلاف رجح الحافظ ابن حجر الطاء المهملة ورجح ابن عساكر الظاء المشالة المعجمة
41 – قوله (وكان هرقل حزاء ينظر في النجوم) فخلط بين ما عنده من علم الكتاب وما يقوله الكهان في تعاملهم مع الجن فهو من الضالين الرهبان كما أن أحبار اليهود الكافرين من المغضوب عليهم.
42 – قول أبي سفيان (فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الإِسْلاَمَ) وزاد في رواية وأنا كاره.
43 – أما عدم اسلام هرقل فذكر ابن حجر مراسيل يقوي بعضها بعضا أنه لم يسلم وأنه حارب المسلمين في مؤته ودفع احتمال أنه في الباطن مسلم برواية في مسند أحمد حيث ارسل كتابا ادعى أنه مسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذب بل هو على نصرانيته. ويقويه مرسل بكر بن عبد الله المزني.
44 – {قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين} مناسبة هذه الآية لقول هرقل “وكذلك الرسل تبتلي”، ثم تكون لهم العاقبة ‘.
فبهذا يتحقق أنهم على إحدى الحسنيين: إن انتصروا فلهم العاجلة، وإن انتصر عدّوهم، فللرسل العاقبة. والعاقبة خير من العاجلة، وأحسن.
المتواري على أبواب البخاري “منقول بتصرف” ج 1 ص 150
45 – وَإِنْ كَتَبَ إلَى كَافِرٍ كِتَابًا وَأَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ فيه سَلَامًا قال أَيْ كَتَبَ نَدْبًا ما كَتَبَهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَى هِرَقْلَ السَّلَامُ على من اتَّبَعَ الْهُدَى
أسنى المطالب في شرح روض الطالب ج 4 ص 185
46 – التزم الأنبياء والرسل بأعظم الأخلاق.
47 – دعوة الرسل لمكارم الإخلاق
يتجلى في قول أبي سفيان “وكان يأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف … ”
48 – الصدق صفة من صفات الرسل
49 – الحكمة من جعل أصحاب أبي سفيان خلفه:
قال بعض العلماء إنما فعل هرقل ذلك ليكون أهون عليهم في تكذيبه أن كذب! لأن مقابلته بالكذب في وجهه صعبة بخلاف ما إذا لم يستقبله
شرح النووي على صحيح مسلم ج 12 ص 104
50 – تبويبات الأئمة
بوب عليه البخاري عدة تبويبات من ذلك:
كيف يكتب الكتاب إلى أهل الكتاب
بوب أبو داود: باب كيف يكتب إلى الذمي
بوب الترمذي: باب ما جاء كيف يكتب إلى أهل الشرك.
بوب النووي: باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام.
بوب ابن حبان في صحيحه: ذكر وصف كتب النبي صلى الله عليه وسلم.
51 – قال ابن بطال في شرح البخاري:
– فى سؤال هرقل: أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل؟ – دليل أن أقارب الإنسان أولى بالسؤال عنه من غيرهم من أجل أنه لا ينسب إلى قريبه ما يلحقه به عار فى نسبه عند العداوة كما يفعل غير القريب.
52 – قال ابن حجر: وهم – يعني أقرباء الرجل – أولى بالإطلاع على أموره ظاهرا وباطنا أكثر من غيره.
53 – وفيه: أن العدو لا يؤمن عليه الكذب على عدوه، وكذلك لا يجوز شهادته على عدوه.
54 – وفيه: أن الرسل لا ترسل إلا من أكرم الأنساب، لأن من شرف نسبه كان أبعد له من الانتحال لغير الحقائق.
55 – وفيه: أن من أخبر بحديث وهو معروف بالصدق أنه يصدق فيه، وإن كان معروفا بالكذب أنه لا يقبل حديثه.
56 – من طلب الرئاسة والدنيا خاصة لم يسأل عن أى طريق وصل إليها، ومن طلب شرف الآخرة والدنيا لم يدخل فيما يعاب ولا فيما يأثم فيه
انتهى من فوائد ابن حجر
57 دعاء الكفار إلى الإسلام قبل قتالهم وهذا الدعاء واجب والقتال قبله حرام إن لم تكن بلغتهم دعوة الإسلام وإن كانت بلغتهم فالدعاء مستحب.
58 – أن قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم المراد بالحمد لله ذكر الله تعالى وقد جاء في رواية بذكر الله تعالى وهذا الكتاب كان ذا بال بل من المهمات العظام وبدأ فيه بالبسملة دون الحمد
59 – أنه يجوز للمحدث والكافر مس آية أو آيات يسيرة مع غير القرآن
60 – التوقي في المكاتبة واستعمال الورع فيها فلا يفرط ولا يفرط ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم فلم يقل ملك الروم لأنه لا ملك له ولا لغيره إلا بحكم دين الإسلام ولا سلطان لأحد إلا لمن ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ولاه من أذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرط وإنما ينفذ من تصرفات الكفار ما تنفذه الضرورة ولم يقل إلى هرقل فقط بل أتى بنوع من الملاطفة فقال عظيم الروم أي الذي يعظمونه ويقدمونه.
61 – استحباب البلاغة والإيجاز وتحري الألفاظ الجزلة في المكاتبة فإن قوله صلى الله عليه وسلم أسلم تسلم في نهاية من الاختصار وغاية من الإيجاز والبلاغة وجمع المعاني مع ما فيه من بديع التجنيس وشموله لسلامته من خزي الدنيا بالحرب والسبي والقتل وأخذ الديار والأموال ومن عذاب الآخرة.
قال ابن حجر: اشتملت على الترغيب والترهيب …… الفتح
62 – قوله (بدعاية الإسلام … ) ولمسلم (بداعية الإسلام) أي بالكلمة الداعية إلى الإسلام وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. الفتح
63 – تنبيه: سقط من مختصر الألباني: أسلم تسلم.
64 – البيان الواضح أن من كان سببا لضلالة أو سبب منع من هداية كان آثما لقوله صلى الله عليه وسلم وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين ومن هذا المعنى قول الله تعالى وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم.
قال العثيمين:
65 – فيه صفة النبي وأصحابه.
66 – فيه بيان هذا الملك الذكي، ولكن ذكاءه لم ينفعه.
67 – وفيه صدق توقع هذا الملك حيث قال: إن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين.
ولكن النبي ملكه شرعا ولم يملكه حسا، أي أن شرعه وصل هذا المكان وأن خلفاءه ملكوا هذا المكان.
68 – لا يحقر الإنسان نفسه فيكتب لملك بلاده أو الملوك الآخرين بما يراه أنه الحق.
69 – فيه ضرر رفقاء السوء.
—-
70 – قال ابن رجب في شرحه لحديث هرقل عند قوله لأبي سفيان رضي الله عنه: (وهكذا الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب) قال: البشاشة: الفرح والاستبشار ثم قال: ومنه حديث وذكر حديث أبي هريرة.
وقال أبو يعلى: معنى البشبشة يقارب معنى الفرح.
وكذلك قال الشيخ العباد: والتبشبش نوع من أنواع الفرح, ثم قال: وهو كقوله تعالى-: {ذو القوة المتين} فالمتين: معناه صاحب القوة الشديدة.
حديث أبي هريرة المقصود ما في الصحيح المسند:
1253 – قال الإمام أبو عبدالله بن ماجه رحمه الله ((262) / (1)): حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا شبابة حدثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن سعيد بن يسار عن أبي هـريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((ما توطَّن رجلٌ مسلمٌ المساجدَ للص ة والذكر إ تبشبشَ اللهُ له كما يتبشبشُ أهـلُ الغائبِ بغائبهم إذا قدم عليهم)).
وصفة البشبشه أثبتها ابن قتيبة والدارمي وابن بطة وابن تيمية والعباد وغيرهم … من أهل العلم.
71 – قال ابن حجر: استنبط منه شيخنا شيخ الإسلام أن كل من دان بدين أهل الكتاب كان في حكمهم في المناكحة والذبائح. لأن هرقل وقومه ليسوا من بني إسرائيل والنبي صلى الله عليه وسلم خاطبهم بأهل الكتاب. خلافا لمن خص ذلك بالاسرائيلين أو بمن علم أن سلفه ممن دخل في اليهودية أو النصرانية قبل التبديل.
72 – الفرار من الكفار خير من البقاء على الكفر لتثبيت الملك
73 – العداوة بين اليهود والنصارى
74 – من النصارى من يريد الحق حيث نقل أن قرين هرقل في العلم ارسل بإسلامه. نقل إسلامه ابن حجر في الفتح
75 – فتنة الدنيا والرئاسات
76 – قوله (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) تابعه صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ كما عند البخاري ومسلم والنسائي في السنن الكبرى، تابعه يُونُسُ بن يزيد كما عند البخاري والترمذي، تابعه مَعْمَرٌ كما عند البخاري ومسلم وأبي داود، تابعه عُقَيْلٍ كما عند البخاري، تابعه مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ كما عند الطبراني في المعجم الكبير والبيهقي في دلائل النبوة، تابعه ابن أخي ابن شهاب وهو محمد بن عبد الله بن مسلم الزهري كما عند أحمد في مسنده، تابعه سفيان بن عيينة و الوليد بن محمد الموقري كما عند ابن عساكر في تاريخ دمشق
77 – جعله النسائي وأبو داود في رواية من مسند ابن عباس وأسقط أبا سفيان من الإسناد
78 – قال الترمذي حسن صحيح، ولم أجده إلا من طريق الزهري عن عبيد الله به