1098 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ونوح وعبدالخالق، وموسى الصوماليين.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——–”——-“——–‘
——–‘——–‘——–‘
——–‘——–‘——–‘
——-”——–”——–
الصحيح المسند (ج2/ رقم 1098):
1098 قال البخاري رحمه الله تعالى في ” خلق أفعال العباد”، ص (99):
وَحَدَّثَنَا عَلِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزَّعْرَاءِ: سَمِعَهُ مِنْ عَمِّهِ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ، فَصَعَّدَ فِيَّ النَّظَرَ وَصَوَّبَ، قُلْتُ: إِلَامَ تَدْعُو وَعمَّ تَنْهَى؟ قَالَ: «لَا شَيْءَ إِلَّا اللَّهَ وَالرَّحِمَ»، قَالَ: «أَتَتْنِي رِسَالَةٌ مِنْ رَبِّي فَضِقْتُ بِهَا ذَرْعًا، وَرَأَيْتُ أَنَّ النَّاسَ سَيُكَذِّبُونِي، فَقِيلَ لِي: لتَفْعَلَنَّ أَوْ لَيُفْعَلَنَّ بِكَ». قال أبو عبدالرحمن: هذا حديث صحيح، وعلي هو ابن المديني، وسفيان هو ابن عيينة، وأبوالزعراء هو عمرو بن مالك الجشمي، وعمه أبو الأحوص هو عوف بن مالك بن نضلة، وصحابي الحديث مالك بن نضلة والد أبي الأحوص.
===================
الكلام عليه من وجوه:
الوجه الأول: في السند. (ترجمة الرواي، تخريجه).
أ – ترجمة الراوي ب – التخريج:
أورد الحديث الإمام البخاري في ” خلق أفعال العباد “.
أورده الوادعي في الصحيح الجامع، في (ج1/ص220) في كتاب الإيمان، من شعب الإيمان، وأورد الحديث في موضعين آخرين.
الوجه الثاني: شرح وفقه الحديث. وباقي الروايات: عن مالك بن نَضْلَة رضي الله عنه، أنه (قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ، فَصَعَّدَ فِيَّ النَّظَرَ وَصَوَّبَ)، قال النووي رحمه الله:” أَمَّا صَعَّدَ: فَبِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ أَيْ: رَفَعَ، وَأَمَّا صَوَّبَ: فَبِتَشْدِيدِ الْوَاوِ أَيْ: خَفَضَ” انتهى.
قوله: (قُلْتُ: إِلَامَ تَدْعُو وَعمَّ تَنْهَى؟ قَالَ: «لَا شَيْءَ إِلَّا اللَّهَ وَالرَّحِمَ»)، وفي رواية للبخاري: فقال الله تعالى: «من وصلك، وصلته، ومن قطعك، قطعته».
في هذا الحديث: تعظيم شأن الرحم، وفضل واصلها، وعظيم إثم قاطعها.
فصلة الرحم واجبة وقطعها معصية كبيرة وهي درجات بعضها أرفع من بعض.
والرحم: قرابات الرجل من جهة والديه وإن علوا، وأولاده وإن نزلوا، وما يتصل بالطرفين من الأعمام والأخوال وأولادهم. [تطريز رياض الصالحين].
قوله: (قَالَ: «أَتَتْنِي رِسَالَةٌ مِنْ رَبِّي فَضِقْتُ بِهَا ذَرْعًا، وَرَأَيْتُ أَنَّ النَّاسَ سَيُكَذِّبُونِي، فَقِيلَ لِي: لتَفْعَلَنَّ أَوْ لَيُفْعَلَنَّ بِكَ»). “إما أن تبلغ وإما أن يفعل بك، لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لنبي من الأنبياء بدٌ من أن يبلغ كل ما آتاه الله عز وجل وكل ما جاء عن الله: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة:67] “، قال الحافظ ابن حجر: “قوله: باب قول الله عز وجل: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالاته} كذا للجميع …
وقوله: وقال الله تعالى: {ليعلم ان قد أبلغوا رسالات ربهم} وقال: {أبلغكم رسالات ربي} قال البخاري في كتاب: “خلق أفعال العباد” بعد أن ساق قوله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ .. } الآية. قال: فذكر تبليغ ما أنزل إليه، ثم وصف فعل تبليغ الرسالة، فقال: {وإن لم تفعل فما بلغت} قال: فسمى تبليغه الرسالة، وتركه فعلا، ولا يمكن أحدا أن يقول إن الرسول لم يفعل ما أمر به من تبليغ الرسالة، يعني فإذا بلغ فقد فعل ما أمر به، وتلاوته ما أنزل إليه هو التبليغ، وهو فعله، وذكر حديث أبي الأحوص عوف بن مالك الجشمي عن أبيه، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكر القصة، وفيها: قال: ((أتتني رسالة من ربي فضقت بها ذرعا، ورأيت أن الناس سيكذبونني، فقيل لي: لتفعلن أو ليفعلن بك)). وأصله في السنن، وصححه ابن حبان والحاكم، وحديث سمرة بن جندب في قصة الكسوف، وفيه: فقال النبي صلى الله عليه و سلم في خطبته: إنما أنا بشر رسول، فأذكركم بالله، إن كنتم تعلمون أني قصرت عن تبليغ شيء من رسالات ربي يعني فقولوا فقالوا نشهد إنك بلغت رسالات ربك وقضيت الذي عليك)) وأصله في السنن، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وقال في الكتاب المذكور أيضا قوله تعالى: {بلغ ما أنزل إليك من ربك} هو مما أمر به، وكذلك: {أقيموا الصلاة} والصلاة بجملتها طاعة الله وقراءة القرآن من جملة الصلاة، فالصلاة طاعة والأمر بها قرآن …
إلى أن قال الحافظ: ومناسبته للترجمة من جهة التفويض والانقياد والتسليم، ولا ينبغي لأحد أن يزكي عمله بل يفوض إلى الله سبحانه وتعالى قلت ومراد البخاري تسمية ذلك عملا كما تقدم من كلامه في الذي قبله “. [كتاب التوحيد، الفتح، بتصرف يسير].
“وثبت من حديث الحارث الأشعري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله أوحى إلى يحيى بن زكريا أن يأمر قومه بخمس كلمات فأبطأ عليهم فأتاه عيسى فقال: إما أن تبلغهم وإما أن أبلغهم، قال: إني أخشى أن أبلغهم أن يخسف بي أو أعذب}، الحديث، فنعم، هذا أمر قد يحتاج إلى مشقة، تبليغ العلم ليس بالأمر اليسير لا بد من صبر عليه: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر:1 – 3]، فقد يحمل الإنسان ضعف إيمانه على كتمان العلم فيهلك كما هلكت تلك الأمم الذين أخبرنا الله عنهم، ولقمان عليه السلام يوصي ولده بوصايا عظيمة، ومن تلك الوصايا: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَامُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [لقمان:17]،
وفي الصحيحين عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: «بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره على أثرة علينا، وعلى أن نقول الحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم}، وثبت عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمنعن أحدكم هيبة الناس أن يقول حقاً رآه أو سمعه أو شهده}،الصحيح المسند 414.
كل هذا يدل على تبليغ العلم وأن كتمان العلم ليس من هذه الأمة، وإنما هو تأثر بالأمم الماضية الذين ذمهم الله على ما صنعوا”.
الوجه الثالث: ما يستفاد من الحديث:
1 – أن النبي صلى الله عليه وسلم أدى الأمانة، وحرص على ذلك إلى وفاته.
2 – لم يكتم النبي صلى الله عليه وسلم شيء مما أمر بتبليغه بخلاف ما يدعيه بعض الفِرق.
3 – أن الله تعالى بين في كتابه أن النبي صلى الله عليه وسلم أكمل له الدين قبل وفاته صلى الله عليه وسلم.
4 – أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحذر من الشرك قبل وفاته صلى الله عليه وسلم.
الوجه الرابع: المسائل الملحقة:
المسألة الأولى: عقوبة ومعنى كتمان العلم
قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ [159] إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [160]} [البقرة: 159 – 160].و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «من سئل عن علم ثمَّ كتمه ألجم من نار يوم القيامة» [رواه أحمد ((7782))، وأبو داود ((3660))، والترمذيُّ ((2861)). وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» ((6284))].
قلت سيف: والإمام أحمد قال: لا يصح في الباب حديث. وصحح بعض طرقه العقيلي.
كلام الإمام أحمد في العلل المتناهية ص96 – 107 باب إثم من سئل عن علم فكتمه.
والدارقطني في العلل رجح طريق عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة كما في العلل 3278، وقال العقيلي في ترجمة إسماعيل بن إبراهيم الكرابيسي: وهذا الحديث رواه عمار بن زاذان الصيدلاني، عن علي بن الحكم عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، بإسناد صالح.
وللحاكم مناظرة مع شيخه حول هذا الحديث سلم له فيها وشكره.
ويشهد له حديث عبدالله بن عمرو وهو في الصحيح المسند 789
والإمام أحمد إمام هذه الصنعة فإن كان الحق معه، وأنه لا يثبت شئ في الباب. ممكن أن نستدل بقول أبي هريرة لولا آيتان في كتاب الله ما حدثت حديثا ثم يتلو (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)،إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم … ) أخرجه البخاري 118
وكذلك في معناه قوله تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) البقرة 140
وقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَاكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) البقرة 174
قال الشاطبي – رحمه الله – في الموافقات (4/ 189): (فصل: ومن هذا يعلم أنه ليس كل ما يعلم مما هو حق يطلب نشره وإن كان من علم الشريعة ومما يفيد علما بالأحكام بل ذلك ينقسم:
فمنه: ما هو مطلوب النشر وهو غالب علم الشريعة. ومنه: ما لا يطلب نشره بإطلاق أو لا يطلب نشره بالنسبة إلى حال أو وقت أو شخص:- ومن ذلك: تعيين هذه الفرق فإنه وإن كان حقا فقد يثير فتنة كما تبين تقريره فيكون من تلك الجهة ممنوعا بثه.
ومن ذلك: علم المتشابهات والكلام فيها فإن الله ذم من اتبعها فإذا ذكرت وعرضت للكلام فيها فربما أدى ذلك إلى ما هو مستغنى عنه وقد جاء فى الحديث عن علي: ” حدثوا الناس بما يفهمون أتريدون أن يكذب الله ورسوله ” وفى الصحيح عن معاذ أنه عليه الصلاة والسلام قال: ” يا معاذ تدرى ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله ” الحديث إلى أن قال: قلت: يا رسول أفلا أبشر الناس قال: لا تبشرهم فيتكلوا ” وفى حديث آخر عن معاذ فى مثله قال: يا رسول الله أفلا أخبر بها فيستبشروا فقال إذا يتكلوا قال أنس فأخبر بها معاذ عند موته تأثما ” ونحو من هذا عن عمر بن الخطاب مع أبى هريرة أنظره فى كتاب مسلم والبخاري فإنه قال فيه عمر: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أبعثت أبا هريرة بنعليك من لقي يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا به قلبه بشره بالجنة قال: نعم قال: فلا تفعل فإني أخشى أن يتكل الناس عليها فخلهم يعملون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فخلهم ”
وحديث ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف قال:” لو شهدت أمير المؤمنين أتاه رجل فقال:
إن فلانا يقول لو مات أمير المؤمنين لبايعنا فلانا فقال عمر: لأقومن العشية فأحذر هؤلاء الرهط الذين يريدون يغضبونهم قلت: لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس ويغلبون على مجلسك فأخاف أن لا ينزلها على وجهها فيطيروا بها كل مطير وأمهل حتى تقدم المدينة دار الهجرة ودار السنة فتلخص بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار ويحفظوا مقالتك وينزلوها على وجهها فقال: والله لأقومن فى أول مقام أقومه بالمدينة الحديث.
ومنه حديث سلمان مع حذيفة لما أنكر سلمان على حذيفة تحديثه بكل ما سمع.
– ومنه: أن لا يذكر للمبتدئ من العلم ما هو حظ المنتهى، بل يربي بصغار العلم قبل كباره وقد فرض العلماء مسائل مما لا يجوز الفتيا بها وإن كانت صحيحة فى نظر الفقه كما ذكر عز الدين بن عبد السلام فى مسألة الدور فى الطلاق لما يؤدى إليه من رفع حكم الطلاق بإطلاق وهو مفسدة.
– من ذلك: سؤال العوام عن علل مسائل الفقه وحكم التشريعات، وإن كان لها علل صحيحة وحكم مستقيمة؛ ولذلك أنكرت عائشة على من قالت: لم تقضى الحائض الصوم ولا تقضى الصلاة وقالت لها: أحروية أنت؟ ”
وقد ضرب عمر بن الخطاب صبيغا لما كان كثير السؤال عن أشياء من علوم القرآن لا يتعلق بها عمل وربما أوقع خيالا وفتنة وإن كان صحيحا وتلا قوله تعالى: وفاكهة وأبا فقال: هذه الفاكهة فما الأب؟ ثم قال: ما أمرنا بهذا إلى غير ذلك مما يدل على أنه ليس كل علم يبث وينشر وإن كان حقا وقد أخبر مالك عن نفسه أن عنده أحاديث وعلما ما تكلم فيها ولا حدث بها وكان يكره الكلام فيما ليس تحته عمل وأخبر عمن تقدمه أنهم كانوا يكرهون ذلك فتنبه لهذا المعنى.
وضابطه: أنك تعرض مسألتك على الشريعة فإن صحت فى ميزانها فانظر فى مآلها بالنسبة إلى حال الزمان وأهله فإن لم يؤد ذكرها إلى مفسدة فاعرضها فى ذهنك على العقول فإن قبلتها فلك أن تتكلم فيها إما على العموم ان كانت مما تقبلها العقول على العموم وإما على الخصوص إن كانت غير لائقة بالعموم وإن لم يكن لمسألتك هذا المساغ فالسكوت عنها هو الجاري على وفق المصلحة الشرعية والعقلية).
قال القرطبي رحمه الله: “قيل: المراد كل من كتم الحق، فهي عامة في كل من كتم علما من دين الله، يُحتاج إلى بثه، وذلك مفسر في قوله صلى الله عليه وسلم: (من سئل عن علم [يعلمه] فكتمه، ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار). رواه أبو هريرة وعمرو بن العاص وهو في الصحيح المسند 789، أخرجه ابن ماجه.
ويعارضه قول عبد الله بن مسعود: ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة. وقال علي بن أبي طالب: (حدث الناس بما يفهمون أتحبون أن يكذب الله ورسوله).
وهذا محمول على بعض العلوم، كعلم الكلام، أو ما لا يستوي في فهمه جميع العوام، فحكم العالم أن يحدث بما يُفهم عنه، وينزل كل إنسان منزلته، والله تعالى أعلم …
وجاء في تحفة الأحوذي عند حديث من سئل عن علم فكتمه: هذا في العلم اللازم التعليم كاستعلام كافر عن الاسلام ما هو وحديث عهد به، وعن تعليم صلاة حضر وقتها، وكالمستفتي في الحلال والحرام فإنه يلزم في هذه الأمور الجواب؛ لا نوافل العلوم الغير الضررية وقيل العلم هنا علم الشهادة.
كذلك في الشهادة نص عليه بعض أهل العلم أما
1 – الأمور المشتبهة أو التي تفهم على غير مرادها فيجوز كتمانها
قال ابن حجر في شرح حديث أبي هريرة حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم جرابين
:وفيه دليل على أن المتشابه لا ينبغي أن يذكر عند العامة ومثله قول بن مسعود ما أنت محدثا قوما حديثا لا تبلغه عقولهم الا كان لبعضهم فتنة رواه مسلم
وممن كره التحديث ببعض دون بعض أحمد في الأحاديث التي ظاهرها الخروج على السلطان ومالك في أحاديث الصفات وأبو يوسف في الغرائب ومن قبلهم أبو هريرة كما تقدم عنه في الجرابين وأن المراد ما يقع من الفتن ونحوه عن حذيفة وعن الحسن أنه أنكر تحديث أنس للحجاج بقصة العرنيين؛ لأنه اتخذها وسيلة إلى ما كان يعتمده من المبالغة في سفك الدماء بتأويله الواهي وضابط ذلك أن يكون ظاهر الحديث يقوي البدعة وظاهره في الأصل غير مراد فالإمساك عنه عند من يخشى عليه الأخذ بظاهره مطلوب
وقال شيخ الإسلام في حديث أبي هريرة: كان فى ذلك الجراب أحاديث الفتن التى تكون بين المسلمين فإن النبى أخبرهم بما سيكون من الفتن التى تكون بين المسلمين ومن الملاحم التى تكون بينهم وبين الكفار، ولهذا لما كان مقتل عثمان وفتنة ابن الزبير ونحو ذلك قال ابن عمر لو أخبركم أبو هريرة انكم تقتلون خليفتكم وتهدمون البيت وغير ذلك لقلتم كذب أبو هريرة فكان أبو هريرة يمتنع من التحديث بأحاديث الفتن قبل وقوعها لأن ذلك مما لا يحتمله رؤوس الناس وعوامهم.
وكذلك في حديث من شهد أن لا إله إلا الله .. قال معاذ للنبي صلى الله عليه وسلم أفلا أخبر الناس: قال لا تخبرهم فيتكلوا.
ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله في “الفتح” (1/ 216):
” حَمَلَ الْعُلَمَاء الْوِعَاء الَّذِي لَمْ يَبُثّهُ عَلَى الْأَحَادِيث الَّتِي فِيهَا تَبْيِين أَسَامِي أُمَرَاء السُّوء، وَأَحْوَالهمْ وَزَمَنهمْ , وَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يَكُنِّي عَنْ بَعْضه وَلَا يُصَرِّح بِهِ، خَوْفًا عَلَى نَفْسه مِنْهُمْ , كَقَوْلِهِ: أَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ رَاس السِّتِّينَ وَإِمَارَة الصِّبْيَان؛ يُشِير إِلَى خِلَافَة يَزِيد بْن مُعَاوِيَة لِأَنَّهَا كَانَتْ سَنَة سِتِّينَ مِنْ الْهِجْرَة. وَاسْتَجَابَ اللَّه دُعَاء أَبِي هُرَيْرَة فَمَاتَ قَبْلهَا بِسَنَةٍ.
ومثل ذلك نقل عن القرطبي وابن بطال وابن الجوزي وغيرهم وراجع أقوالهم في كتابنا مختلف الحديث رقم 13
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “العالم تارة يأمر، وتارة ينهى، وتارة يبيح، وتارة يسكت عن الأمر أو النهي أو الإباحة، كالأمر بالصلاح الخالص أو الراجح أو النهي عن الفساد الخالص أو الراجح، وعند التعارض يرجح الراجح كما تقدم بحسب الإمكان. فأما إذا كان المأمور والمنهي لا يتقيد بالممكن إما لجهله وإما لظلمه ولا يمكن إزالة جهله وظلمه فربما كان الأصلح الكف والإمساك عن أمره ونهيه، كما قيل إن من المسائل مسائل جوابها السكوت، كما سكت الشارع في أول الأمر عن الأمر بأشياء والنهي عن أشياء حتى علا الإسلام وظهر .. فالعالم في البيان والبلاغ كذلك قد يؤخر البيان والبلاغ لأشياء إلى وقت التمكن، كما أخر الله سبحانه إنزال آيات وبيان أحكام إلى وقت تمكن رسول الله تسليماً إلى بيانها” انتهى كلامه.
قال ابن عثيمين:
إذا علمت أنه يحصل من الفتوى مفسدة كبيرة فلا بأس أن ترجئ الإفتاء لا تكتم لكن لا بأس أن ترجئ الإفتاء إلى وقت يكون فيه المصلحة لأنه أحيانا تكون الفتوى لو أفتيت بها سببا للشر والفساد فأنت إذا رأيت أنها سبب للشر والفساد وأجلت الإجابة فلا حرج عليك في ذلك والله الموفق
“””””””
وبها [أي بالآية السابقة]: استدل العلماء على وجوب تبليغ العلم الحق، وتبيان العلم على الجملة، دون أخذ الأجرة عليه؛ إذ لا يستحق الأجرة على ما عليه فعله، كما لا يستحق الأجرة على الإسلام. وقد مضى القول في هذا.
وتحقيق الآية هو: أن العالم إذا قصد كتمان العلم عصى، وإذا لم يقصده، لم يلزمه التبليغ إذا عرف أنه مع غيره. وأما من سئل فقد وجب عليه التبليغ لهذه الآية وللحديث.
أمَا إنه لا يجوز تعليم الكافر القرآن والعلم حتى يسلم، وكذلك لا يجوز تعليم المبتدع الجدال والحجاج ليجادل به أهل الحق، ولا يُعلم الخصم على خصمه حجة يقطع بها ماله، ولا السلطان تأويلا يتطرق به إلى مكاره الرعية، ولا ينشر الرخص في السفهاء فيجعلوا ذلك طريقا إلى ارتكاب المحظورات، وترك الواجبات ونحو ذلك” انتهى من “تفسير القرطبي” (2/ 184).
وقال ابن كثير في تفسيره (1/ 201)
{إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون}
يعنى دواب الأرض ورواه ابن ماجه عن محمد بن الصباح عن عامر بن محمد به وقال عطاء بن أبى رباح كل دابة والجن والإنس وقال مجاهد إذا أجدبت الأرض قال البهائم هذا من أجل عصاة بني آدم لعن الله عصاة بني آدم وقال أبو العالية والربيع بن أنس وقتادة ويلعنهم اللاعنون يعنى تلعنهم ملائكة الله والمؤمنون وقد جاء في الحديث أن العالم يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر وجاء في هذه الآية أن كاتم العلم يلعنه الله والملائكة والناس أجمعون واللاعنون أيضا وهم كل فصيح وأعجمي إما بلسان المقال أو الحال. انتهى
قال الشيخ السعدي _ رحمه الله _ في تفسيرها:
(هذه الآية وإن كانت نازلة في أهل الكتاب, وما كتموا من شأن الرسول صلى الله عليه وسلم وصفاته, فإن حكمها عام لكل من اتصف بكتمان ما أنزل الله (مِنَ الْبَيِّنَاتِ) الدالات على الحق المظهرات له، (وَالْهُدَى) وهو العلم الذي تحصل به الهداية إلى الصراط المستقيم, ويتبين به طريق أهل النعيم, من طريق أهل الجحيم، فإن الله أخذ الميثاق على أهل العلم, بأن يبينوا الناس ما منّ الله به عليهم من علم الكتاب ولا يكتموه، فمن نبذ ذلك وجمع بين المفسدتين, كتم ما أنزل الله, والغش لعباد الله، فأولئك (يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ) أي: يبعدهم ويطردهم عن قربه ورحمته.
(وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) وهم جميع الخليقة, فتقع عليهم اللعنة من جميع الخليقة, لسعيهم في غش الخلق وفساد أديانهم, وإبعادهم من رحمة الله, فجوزوا من جنس عملهم، كما أن معلم الناس الخير, يصلي الله عليه وملائكته, حتى الحوت في جوف الماء, لسعيه في مصلحة الخلق, وإصلاح أديانهم, وقربهم من رحمة الله, فجوزي من جنس عمله، فالكاتم لما أنزل الله, مضاد لأمر الله, مشاق لله, يبين الله الآيات للناس ويوضحها، وهذا يطمسها فهذا عليه هذا الوعيد الشديد.
(إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا) أي رجعوا عما هم عليه من الذنوب, ندما وإقلاعا, وعزما على عدم المعاودة (وَأَصْلَحُوا) ما فسد من أعمالهم، فلا يكفي ترك القبيح حتى يحصل فعل الحسن.
ولا يكفي ذلك في الكاتم أيضا, حتى يبين ما كتمه, ويبدي ضد ما أخفى، فهذا يتوب الله عليه, لأن توبة الله غير محجوب عنها،-
——-
صلة الرحم:
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «لا يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا، فيشتريه فيعتقه». رواه مسلم. وفيه: تعظيم حق الوالدين، وأن الولد لو فعل من البر ما فعل لا يكافئه إلا بعتقه.
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيرا أو ليصمت». متفق عليه. صلة الرحم واجبة وقطعها معصية كبيرة وهي درجات بعضها أرفع من بعض.
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم، فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى، قال: فذلك لك، ثم قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «اقرؤوا إن شئتم: … {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} [محمد (22، 23)] متفق عليه.
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: جاء رجل إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟ قال: «أمك»، قال: ثم من؟ قال: «أمك»، قال: ثم من؟ قال: … «أبوك». متفق عليه.
وفي رواية: يا رسول الله! من أحق بحسن الصحبة؟ قال: «أمك، ثم أمك، ثم أمك، ثم أباك، ثم أدناك أدناك». «والصحابة» بمعنى: الصحبة. وقوله: «ثم أباك» هكذا هو منصوب بفعل محذوف، أي: ثم بر أباك. وفي رواية: «ثم أبوك»، وهذا واضح. في هذا الحديث: تأكيد حق الأم، ويشهد له قوله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير} [لقمان (8)].
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر، أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة». رواه مسلم.
فيه: البشارة لمن بر بوالديه بدخول الجنة، خصوصا عند كبرهما وضعفهما.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها». رواه البخاري. و «قطعت» بفتح القاف والطاء. و «رحمه» مرفوع.
فالناس ثلاثة: واصل، ومكافئ، وقاطع. فالواصل: من يبدأ بالفضل. والمكافئ: من يرد مثله. والقاطع: من لا يتفضل ولا يكافئ، فالكامل من يصل من قطعه. [انظر: تطريز رياض الصالحين].
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى في شرح رياض الصالحين: ” فهذه الأحاديث مع الآيات الكريمة كلها تتعلق ببرِّ الوالدين وصلة الرحم، والواجب على كل مؤمنٍ وعلى كل مؤمنةٍ بِرُّ الوالدين وصلة الرحم، كما أمر الله بذلك، وأمر به رسولُه عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) [الإسراء:23]، وقال جلَّ وعلا: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [لقمان:14]، وقال سبحانه: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ) [النساء:36] الآية.
فالواجب على كل مؤمنٍ وعلى كل مؤمنةٍ أن يتَّقي ربَّه في والديه وفي أرحامه، وأن يصل الجميع؛ طاعةً لله ورسوله، وحذرًا من غضب الله.
وقال ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه: قلتُ: يا رسول الله، أيُّ العمل أفضل؟ وفي لفظٍ: أحبُّ إلى الله؟ قال: الصلاةُ على وقتها، قلتُ: ثم أي؟ قال: بِرُّ الوالدين، قال: قلتُ: ثم أيّ؟ قال: الجهاد في سبيل الله، فجعل بِرَّ الوالدين يَلِي الصلاةَ، وقبل الجهاد؛ لعظم حقِّهما.
وجاءه رجلٌ فقال: يا رسول الله، ائذن لي في الجهاد؟ قال: أحيٌّ والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد، وفي اللفظ آخر: ارجع فاستأذنهما، فإن أذنا لك وإلا فبِرّهما.
فبِرّ الوالدين له شأنٌ عظيمٌ، ومنزلةٌ كبيرةٌ، فالواجب على كل مؤمنٍ أن يحرص على بِرِّ والديه والإحسان إليهما، والحذر من عقوقهما.
وهكذا من أهم المهمات: صلة الرحم والإحسان إلى الأقارب، يقول : مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فَلْيُكْرِمْ جاره، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُكْرِمْ ضيفَه، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فَلْيَصِلْ رَحِمَه، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو لِيَصْمُتْ، فالمؤمن إمَّا أن يحفظ لسانَه، وإمَّا أن يقول خيرًا، ومن الواجبات أن: يصل الرحم، ويُكرم الضيف، ويُكرم الجار. ويقول : لا يجزي ولدٌ والدَه إلا أن يجده مملوكًا فيشتريه فيعتقه، إذا وجد أباه أو أمه مملوكين فاشتراهما فأعتقهما فهذا من أعظم برّهما. وبكل حالٍ، فالواجب على كل مؤمنٍ ومؤمنةٍ العناية بالوالدين، والسمع والطاعة لهما بالمعروف، وعدم رفع الصوت عليهما، والحرص على الإحسان إليهما، وعلى كفِّ الأذى عنهما، يقول لما خطب الناس: ألا أُنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، كرَّرها ثلاثًا، ثم قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان مُتَّكِئًا فجلس فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فبين أنَّ عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، ويلي الشرك. وفَّق الله الجميع.” انتهى.
المسألة الثالثة (3): الفتاوى الواردة:
1 – حكم من كتم علماً السؤال: يسأل أيضاً ويقول: شخص سئل عن شيء يعرفه فحلف بالله العظيم أنه لا يدري عن ذلكم الشيء، وهو الآن نادم أشد الندم على ما فعل، ما كفارة ذلك؟ وما الشيء الذي يجب عليه فعله؟ جزاكم الله خيرا.
ج: الجواب: عليه التوبة إلى الله من .. عليه التوبة من كتمانه العلم قد قال النبي : ((من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار))، إلا إذا كان ذلك الشيء يخشى من الإخبار به فتنة وشراً عظيماً هو معذور، فإن كتم العلم إذا كان في كتمه مصلحة أكبر من إظهاره فلا بأس، مثلما قال النبي لمعاذ لما أخبره بحق الله على العباد وحق العباد على الله، قال معاذ: ((أفلا أبشر الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتكلوا)) ثم بشر بها معاذ والنبي بشر بذلك وأخبر الأمة بذلك إبلاغاً للحجة وإقامة للحجة. فالمقصود: إذا كان إخبارك بما سئلت عنه يترتب عليه شر تراه عظيماً وخطيراً فأنت معذور. [نور على الدرب- عبد العزيز ابن باز رحمه الله تعالى الموقع الرسمي].
2 – هل يجوز كتم العلم لمصلحةٍ؟
ج: يكتم العلمَ الذي ما يليق بالمجلس، كأن يخاف أنهم يتَّكلوا أو ما أشبه ذلك، لكن إذا وضَّح لهم أحسن، يُوضِّح لهم الأسبابَ التي تمنعهم من الاتكال. وقد أخبر معاذ خوفًا من الكتم؟
وكان ترك الإبلاغ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تُبَشِّرهم فيتَّكلوا يعني: قد يجهلون ويحسبون مجرد التوحيد ولو فعلوا المعاصي سببًا لدخول الجنة وعدم العذاب، وهذا غلط؛ لأنَّ الله جلَّ وعلا يقول: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، فمَن مات على المعاصي فهو على خطرٍ، قد يُعفى عنه وقد يُعذَّب. [فتاوى الدروس- عبد العزيز ابن باز رحمه الله تعالى الموقع الرسمي