1640 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري وعبدالله المشجري وخميس العميمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3
والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——–”——-“——–‘
——–‘——–‘——–‘
——–‘——–‘——–‘
مسند لبابة بنت الحارث رضي الله عنها
1640 – قال الإمام أبو داود رحمه الله: حدثنا مسدد بن مسرهد والربيع بن نافع أبو توبة المعنى قالا حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن قابوس عن لبابة بنت الحارث قالت
كان الحسين بن علي رضي الله عنه في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبال عليه فقلت البس ثوبا وأعطني إزارك حتى أغسله قال إنما يغسل من بول الأنثى وينضح من بول الذكر.
هذا حديث حسن.
…………………………..
لبابة بنت الحارث: هي أم الفضل بن العباس بن عبد المطلب
سبق بمعناه في مسند علي برقم 960، ومن مسند أبي السمح 1230
قال ابن عثيمين:
(إنما يغسل من بول الأنثى وينضح من بول الذكر) يعني: الجارية يغسل بولها دائماً وأبداً، وأما الصبي الذكر فإنه ما لم يطعم الطعام فإنه ينضح بوله نضحاً ويرش رشاً ولا يغسل، وهذا فيه تخفيف للتطهير ولإزالة النجاسة من بول الغلام، وهذا فيه التنصيص على التفريق بين الذكر والأنثى؛ لأن الذكر ما لم يطعم الطعام يرش من بوله، وأما الأنثى فإنها دائماً وأبداً أكلت الطعام أو لم تأكل يغسل بولها. (شرح سنن أبي داود للعباد)
والنَّضح: أن تُتْبِعَهُ الماء دون فَرْكٍ، أو عَصْرٍ حتى يشمله كلَّه، والدَّليل على ذلك: حديث عائشة وأُمِّ قيس بنت محصن الأسديَّة أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم أُتِيَ بغلامٍ، فبال على ثوبه، فدعا بماءٍ فأتْبَعَهُ بَولَه؛ ولم يغسِلْه.
فإِن قيل: ما الحكمة أنَّ بَول الغلام الذي لم يَطْعَمْ يُنضح، ولا يُغسل كَبَول الجارية؟
أُجيب: أنَّ الحكمة أن السُّنَّة جاءت بذلك، وكفى بها حكمة، ولهذا لما سُئِلَت عائشة رضي الله عنها: ما بَالُ الحائض تقضي الصَّوم، ولا تقضي الصَّلاة؟ فقالت: «كان يُصيبنا ذلك على عهد الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم فنُؤْمَر بقضاء الصَّوم، ولا نُؤْمَر بقضاء الصَّلاة».
ومع ذلك التمس بعض العلماء الحكمة في ذلك:
فقال بعضهم: الحكمة في ذلك التيسير على المكلَّف، لأن العادة أن الذَّكر يُحْمَل كثيراً، ويُفرح به، ويُحَبُّ أكثر من الأُنثى، وبوله يخرج من ثقب ضيِّق، فإِذا بال انتشر، فمع كثرة حمله، ورشاش بوله يكون فيه مشقَّة؛ فخُفِّفَ فيه.
وقالوا أيضاً: غذاؤه الذي هو اللبَن لطيف، ولهذا إذا كان يأكل الطَّعام فلا بُدَّ من غسل بوله، وقوَّته على تلطيف الغذاء أكبر من قوَّة الجارية.
وظاهر كلام أصحابنا أن التفريق بين بول الغلام والجارية أَمْرٌ تعبُّدي.
وغائط هذا الصبي كغيره لا بُدَّ فيه من الغَسْل.
وبَول الجارية والغلام الذي يأكل الطَّعام كغيرهما، لا بُدَّ فيهما من الغَسْل. الشرح الممتع 1/ 437
—–
*بوب البخاري -رحمه الله – في كتاب الوضوء من صحيحه، باب بول الصبيان، وأورد تحته حديثين:*
# عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ: أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَبِيٍّ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إِيَّاهُ.
# عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ، أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ، لَمْ يَاكُلِ الطَّعَامَ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجْرِهِ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ، فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ.
___________
*وفي المنتقى للمجد ابن تيمية -رحمه الله-:*
باب نضح بول الغلام إذا لم يطعم
30 – (عن أم قيس بنت محصن «أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فبال على ثوبه فدعا بماء فنضحه عليه ولم يغسله». رواه الجماعة)
31 – (وعن علي بن أبي طالب أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: «بول الغلام الرضيع ينضح وبول الجارية يغسل» قال قتادة: وهذا ما لم يطعما فإذا طعما غسلا جميعًا. رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن).
32 – (وعن عائشة قالت: «أتي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بصبي يحنكه فبال عليه فأتبعه الماء» رواه البخاري وكذلك أحمد وابن ماجه وزاد: ولم يغسله. ولمسلم «كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم فأتي بصبي فبال عليه، فدعا بماء فأتبعه بوله ولم يغسله»).
33 – (وعن أبي السمح خادم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام». رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه).
34 – (وعن أم كرز الخزاعية قالت: «أتي النبي – صلى الله عليه وسلم – بغلام فبال عليه فأمر به فنضح، وأتي بجارية فبالت عليه فأمر به فغسل». رواه أحمد).
35 – (وعن أم كرز أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «بول الغلام ينضح وبول الجارية يغسل». رواه ابن ماجه).
36 – (وعن أم الفضل لبابة بنت الحارث قالت: «بال الحسين بن علي في حجر النبي – صلى الله عليه وسلم – فقلت: يا رسول الله أعطني ثوبك والبس ثوبًا غيره حتى أغسله فقال: إنما ينضح من بول الذكر ويغسل من بول الأنثى». رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه).
____________
*قال الشوكاني -رحمه الله- في نيل الأوطار: بعد أن ذكر تخريج الأحاديث:
قوله: (يأكل الطعام) المراد بالطعام ما عدا اللبن الذي يرضعه والتمر الذي يحنك به، والعسل الذي يلعقه للمداواة، وغير ذلك. وقيل: المراد بالطعام ما عدا اللبن فقط ذكر الأول النووي في شرح مسلم وشرح المهذب وأطلق في الروضة تبعًا لأصلها الثاني، وقال في نكت التنبيه: إن لم يأكل غير اللبن وغير ما يحنك به وما أشبهه، وقيل: لم يأكل: أي لم يستقل بجعل الطعام في فيه، ذكره الموفق الحموي في شرح التنبيه.
قال الحافظ ابن حجر: والأول أظهر وبه جزم الموفق ابن قدامة وغيره
قوله: (على ثوبه) أي ثوب النبي – صلى الله عليه وسلم -،
قوله: (فنضحه) في صحيح مسلم من طريق الليث عن ابن شهاب، ” فلم يزد على أن نضح بالماء “. وله من طريق ابن عيينة عن ابن شهاب ” فرشه ” زاد أبو عوانة في صحيحه ” عليه “.
قال الحافظ: ولا تخالف بين الروايتين أي بين نضح ورش، لأن المراد به أن الابتداء كان بالرش وهو تنفيض الماء فانتهى إلى النضح وهو صب الماء. ويؤيده رواية مسلم في حديث عائشة من طريق جرير عن هشام ” فدعا بماء فصبه عليه “، ولأبي عوانة ” فصبه على البول يتبعه إياه ” انتهى. ”
و الذي في النهاية والكشاف والقاموس أن النضح: الرش.
وقد شذ ابن حزم فقال: إنه يرش من بول الذكر أي ذكر كان، وهو إهمال للقيد الذي يجب حمل المطلق عليه كما تقرر في الأصول،
وقد استدل بأحاديث الباب على أن بول الصبي يخالف بول الصبية في كيفية استعمال الماء، وأن مجرد النضح يكفي في تطهير بول الغلام، وقد اختلف الناس في ذلك على ثلاثة مذاهب.
الأول: الاكتفاء بالنضح في بول الصبي لا الجارية، وهو قول علي – عليه السلام – وعطاء والزهري وأحمد وإسحاق وابن وهب وغيرهم.
وروي عن مالك وقال أصحابه: هي رواية شاذة، ورواه ابن حزم أيضًا عن أم سلمة والثوري والأوزاعي والنخعي وداود وابن وهب.
والثاني: يكفي النضح فيهما وهو مذهب الأوزاعي وحكي عن مالك والشافعي.
والثالث: هما سواء في وجوب الغسل وهو مذهب العترة والحنفية وسائر الكوفيين والمالكية، وأحاديث الباب ترد المذهب الثاني والثالث، وقد استدل في البحر لأهل المذهب الثالث بحديث عمار المشهور وفيه «إنما تغسل ثوبك من البول». . . إلخ، وهو مع اتفاق الحفاظ على ضعفه لا يعارض أحاديث الباب لأنها خاصة وهو عام، وبناء العام على الخاص واجب، ولكن جماعة من أهل الأصول منهم مؤلف البحر لا يبنون العام على الخاص إلا مع المقارنة، أو تأخر الخاص.
وأما مع الالتباس كمثل ما نحن بصدده فقد حكى بعض أئمة الأصول أنه يبنى العام على الخاص اتفاقًا، وصرح صاحب البحر أن الواجب الترجيح مع الالتباس،
ولا يشك من له أدنى إلمام بعلم الحديث أن أحاديث الباب أرجح وأصح من حديث عمار، وترجيحه لحديث عمار بالظهور غير ظاهر،
وقد جزم صاحب البحر في المعيار وشرحه بأن الواجب مع الالتباس الاطراح فتخالف كلامه.
وجزم صاحب المنار بأن العام متقدم والخاص متأخر، ولم يذكر بذلك دليلًا يشفي.
وأما الحنفية والمالكية فاستدلوا لما ذهبوا إليه بالقياس، فقالوا: المراد بقوله: ولم يغسله: أي غسلًا مبالغًا فيه،
وهو خلاف الظاهر، ويبعده ما ورد في الأحاديث من التفرقة بين بول الغلام والجارية فإنهم لا يفرقون بينهما.
والحاصل أنه لم يعارض أحاديث الباب شيء يوجب الاشتغال به
قال العباد في شرحه لسنن ابي داود:
الجارية يغسل بولها دائماً وأبداً، وأما الصبي الذكر فإنه ما لم يطعم الطعام فإنه ينضح بوله نضحاً ويرش رشاً ولا يغسل، وهذا فيه تخفيف للتطهير ولإزالة النجاسة من بول الغلام، وهذا فيه التنصيص على التفريق بين الذكر والأنثى؛ لأن الذكر ما لم يطعم الطعام يرش من بوله، وأما الأنثى فإنها دائماً وأبداً أكلت الطعام أو لم تأكل يغسل بولها.
أنا قول الحسن البصري: (الأبوال كلها سواء)، إن كان المقصود به النجاسة فنعم كلها سواء، وإلا فإن أبوال الحيوانات منها ما يكون طاهراً ومنها ما يكون نجساً؛ لأن ما يؤكل لحمه بوله طاهر
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: مجيبا عن استدلال الأحناف بأن النضح والرش يطلقان ويراد بهما الغسل::
أنه لا شك في أنه قد يذكر النضح ويراد به الغسل، وكذلك الرش لكن هذا إذا لم يكن مانع يمنع منه بل يكون هناك دليل يدل على أن يراد بالنضح أو الرش الغسل كما في حديث علي وحديث أسماء المذكورين وأما فيما نحن فيه فليس هاهنا دليل يدل على أن يراد بالرش أو النضح الغسل بل هاهنا دليل يدل على عدم إرادة الغسل ففي حديث أم قيس بنت محصن عند البخاري فنضحه ولم يغسله وفي حديث عائشة عند مسلم فدعا بماء فأتبعه إياه ولم يغسله، فقوله ولم يغسله دليل صريح على أنه ليس المراد بالنضح أو الرش في أحاديث الباب الغسل، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث لبابة بنت الحارث إنما يغسل من بول الأنثى وينضح من بول الذكر في جواب لبابة حين قالت البس ثوبا وأعطني إزارك حتى أغسله أيضا دليل واضح على أنه لم يرد بالنضح أو الرش في أحاديث الباب الغسل، وأيضا قوله صلى الله عليه وسلم في حديث علي ينضح بول الغلام ويغسل بول الجارية دليل على أنه ليس المراد بالنضح الغسل وإلا لكان المعنى يغسل بول الغلام ويغسل بول الجارية وهو كما ترى فجوابهم بأن ما جاء في هذا الباب من النضح والرش محمول على الغسل غير صحيح.
فإن قيل قال العيني وغيره من العلماء الحنفية المراد بالنضح والرش في أحاديث الباب الغسل من غير عرك وبالغسل الغسل بعرك أو المراد بهما الغسل من غير مبالغة فيه وبالغسل الغسل بالمبالغة فيه.
قلنا: قولهم هذا لا دليل عليه بل ظاهر أحاديث الباب يبطله.
فإن قيل: المراد بالرش والنضح في أحاديث الباب الصب وإتباع الماء توفيقا بين الأحاديث فقد وقع في حديث عائشة عند مسلم من طريق جرير عن هشام فدعا بماء فصبه عليه ولأبي عوانة فصبه على البول يتبعه إياه ورواه الطحاوي في شرح الآثار بلفظ إن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بصبي فبال عليه فأتبعه الماء ولم يغسله وفي حديث أم الفضل عند الطحاوي إنما يصب على بول الغلام ويغسل بول الجارية، ووقع في حديث أبي ليلى عند الطحاوي فصب عليه الماء وإتباع الماء والصب نوع من الغسل وحكمه حكم الغسل ألا ترى أن رجلا لو أصاب ثوبه عذرة فأتبعها الماء حتى ذهب بها أن ثوبه قد طهر انتهى، فثبت أن بول الغلام وبول الجارية هما سواء في وجوب الغسل وهو مذهب الحنفية والمالكية.
قلنا: سلمنا أن المراد بالنضح والرش في أحاديث الباب إتباع الماء والصب لكن لا نسلم أن مطلق الصب وإتباع الماء نوع من الغسل وحكمه حكم الغسل ألا ترى أن رجلا لو أصاب ثوبه عذرة فأتبعها الماء وصب عليه لكن لم يذهب بها لا يطهر ثوبه وقد وجد إتباع الماء والصب.
واعلم أنه لم يرد في حديث من أحاديث الباب النضح أو الرش أو الصب أو إتباع الماء مقيدا بالذهاب بالبول أو بأثر البول أعني لم يرد في حديث فصب عليه الماء حتى ذهب به أو حتى ذهب بأثره أو فنضحه أو رشه حتى ذهب به أو بأثره بل وقعت هذه الألفاظ مطلقة وأيضا لم يرد في حديث صحيح من أحاديث الباب بيان مقدار الماء إلا في حديث ابن عباس ففيه فصب عليه من الماء بقدر ما كان من البول وهو حديث ضعيف كما عرفت ثم الظاهر من صب الماء على البول بقدره أنه لا يذهب به بالكلية فتأمل. هذا ما عندي والله تعالى أعلم.
فإن قيل: بول الغلام نجس فنجاسته هي موجبة لحمل النضح والرش وصب الماء وإتباع الماء على الغسل فإن الثوب أو البدن إذا أصابته نجاسة أية نجاسة كانت لا يطهر إلا بالغسل.
قلنا: نجاسة بول الغلام لا توجب حمل النضح والرش وغيرهما على الغسل، وقولكم إن الثوب أو البدن إذا أصابته نجاسة أية نجاسة كانت لا يطهر إلا بالغسل ممنوع ألا ترون أن الثوب إذا أصابه المني ويبس كفى لطهارته الفرك ولا يجب الغسل مع أن المني اليابس نجس كما أن المني الرطب نجس، فنقول بول الغلام إذا أصاب البدن أو الثوب كفى لطهارته النضح والرش ولا يجب الغسل، وأما بول الجارية إذا أصاب الثوب فلا يطهر إلا بالغسل مع أن بول الغلام نجس كما أن بول الجارية نجس فتفكر.
فإن قيل: إن بين المني الرطب واليابس فرقا بالرطوبة واليبوسة ولا فرق بين بول الجارية وبول الغلام بوجه.
قلنا: لا نسلم أن لا فرق بين بول الغلام وبول الجارية بوجه.
قال الحافظ ابن القيم في إعلام الموقعين
وأما غسل الثوب من بول الصبية ونضحه من بول الصبي إذا لم يطعما فهذا للفقهاء فيه ثلاثة أقوال
أحدها أنهما يغسلان جميعا،
والثاني ينضحان،
والثالث التفرقة، وهو الذي جاءت به السنة وهذا من محاسن الشريعة وتمام حكمتها ومصلحتها،
والفرق بين الصبي والصبية من ثلاثة أوجه:
أحدها كثرة حمل الرجال والنساء للذكر فتعم البلوى ببوله فيشق عليه غسله.
والثاني أن بوله لا ينزل في مكان واحد بل ينزل متفرقا هاهنا وهاهنا فيشق غسل ما أصابه كله بخلاف بول الأنثى.
الثالث أن بول الأنثى أخبث وأنتن من بول الذكر وسببه حرارة الذكر ورطوبة الأنثى فالحرارة تخفف من نتن البول وتذيب منها ما يحصل من رطوبة وهذه معان مؤثرة يحسن اعتبارها في الفرق انتهى كلامه. فحاصل الكلام أن أصح المذاهب وأقواها في هذا الباب مذهب من قال بالاكتفاء بالنضح في بول الغلام وبوجوب الغسل في بول الجارية والله تعالى أعلم.
وكل ما ذكر من اتفاق واختلاف بين الفقهاء في بول الصغير والصغيرة؛ ينطبق تماما على قيء الصغير والصغيرة.
فتاوى:
السؤال 36877
متى يصبح بول الرضيع نجساً؟ وهل يختلف الأمر بين الصبي والفتاة؟.
نص الجواب
الحمد لله
بول الإنسان نجس، يجب التطهر منه، سواء كان صغيراً أو كبيراً، غلاماً أو جاريةً، إلا أنه خفف في بول الغلام الذي لم يأكل الطعام، فاكتفي في تطهيره بالنضح (أي: الرش)، لما روى البخاري (223) ومسلم (287) عَنْ أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ رضي الله عنها (أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَاكُلْ الطَّعَامَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَجْلَسَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجْرِهِ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ).
وروى الترمذي (610) وابن ماجه (525) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي بَوْلِ الْغُلَامِ الرَّضِيعِ: (يُنْضَحُ بَوْلُ الْغُلامِ، وَيُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ). قَالَ قَتَادَةُ: وَهَذَا مَا لَمْ يَطْعَمَا، فَإِذَا طَعِمَا غُسِلا جَمِيعًا. صححه الألباني في صحيح الترمذي.
وهذا الحديث دليل عل التفريق بين بول الغلام الجارية، فبول الغلام يكفي فيه الرش، وبول الجارية لا بد من غسله.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ” والنضح: أن تُتبعه الماء دون فرك، أو عصر حتى يشمله كله. . .
فإن قيل: ما الحكمة أن بول الغلام الذي لم يطعم يُنضح، ولا يغسل كبول الجارية؟
أجيب: أن الحكمة أن السنة جاءت بذلك، وكفى بها حكمة، ولهذا لما سئلت عائشة رضي الله عنها: ما بال الحائض تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: (كان يصيبنا ذلك على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة).
ومع ذلك التمس بعض العلماء الحكمة في ذلك:
فقال بعضهم: الحكمة في ذلك التيسير على المكلف، لأن العادة أن الذكر يحمل كثيرا، ويفرح به، ويحب أكثر من الأنثى، وبوله يخرج من ثقب ضيق، فإذا بال انتشر، فمع كثرة حمله، ورشاش بوله يكون فيه مشقة؛ فخفف فيه.
وقالوا أيضا: غذاؤه الذي هو اللبن لطيف، ولهذا إذا كان يأكل الطعام فلا بد من غسل بوله، وقوته على تلطيف الغذاء أكبر من قوة الجارية.
وظاهر كلام أصحابنا (الحنابلة) أن التفريق بين بول الغلام والجارية أمر تعبدي.
وغائط هذا الصبي كغيره لا بد فيه من الغسل.
وبول الجارية والغلام الذي يأكل الطعام كغيرهما، لا بد فيهما من الغسل ” انتهى من “الشرح الممتع” (1/ 372).
وأما سن الغلام الذي يكتفى فيه بالرش، فقد سبق قول قتادة: وَهَذَا مَا لَمْ يَطْعَمَا، فَإِذَا طَعِمَا غُسِلا جَمِيعًا. والمراد بذلك أنه يشتهي الطعام ويتغذى به ويطلبه، وليس المراد أنه يأكل ما يوضع في فمه.
قال ابن القيم رحمه الله: ” إنما يزول حكم النضح إذا أكل الطعام وأراده واشتهاه تغذياً به ” انتهى من “تحفة المودود بأحكام المولود” (ص 190).
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: ” ليس المراد امتصاصه ما يوضع في فمه وابتلاعه، بل إذا كان يريد الطعام ويتناوله ويشرئب إليه (أي: يتطلع إليه ويطلبه)، أو يصيح أو يشير إليه، فهذا هو الذي يطلق عليه أنه يأكل الطعام) انتهى من مجموع فتاويه (2/ 95).