25 (ب) فتح المنان في شرح أصول الإيمان
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين جميعا).
——-‘——‘——-‘
——-‘——‘——-‘
المبحث الثالث: الإيمان بالبعث.
وفيه مطالب:
المطلب الأول: معنى البعث وحقيقته.
المطلب الثاني: أدلة البعث من الكتاب والسنة والنظر.
المطلب الثالث: الحشر.
المطلب الرابع: الحوض صفته وأدلته.
المطلب الخامس: الميزان صفته وأدلته.
المطلب السادس: الشفاعة تعريفها وأنواعها وأدلتها.
المطلب السابع: الصراط صفته وأدلته
المطلب الثامن: الجنة والنار صفتهما وكيفيه الإيمان بهما وأدلة ذلك
—–
الكلام عن البعث والحشر
—–
الايمان بالبعث
البعث: هو إحياء الله الموتى وإخراجهم من قبورهم يوم القيامة ويسمى يوم المعاد لإعادة الأرواح إلى الأبدان فتعود بهذا الحياة إلى الأبدان ويسمى أيضا يوم النشور لانتشار المخلوقات إلى الموقف ويسمى يوم الدين لأن الناس يدانون فيه بأعمالهم أي يجزون عليها وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على وجوب الإيمان ببعث الأبدان بعد نفخ الأرواح فيها كما جاءت شرائع الأنبياء السابقين بالأخبار عنه ووجوب الإيمان به. ” سيرة حياة الشيخ عبدالرزاق عفيفي.
قال تَعالى [التغابن: 7]: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}.
و قال تعالى: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} {أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ}.
و قال تعالى: ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا.
ومن السنة حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلِّم أنه قال: «لا تفضلوا بين أنبياء الله فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله قال: ثم ينفخ فيه مرة أخرى فأكون أول من بعث أو في أول من بعث فإذا موسى آخذ بالعرش». متفق عليه.
قال العلامة المفسر الشنقيطي: وقد بين في هذه الآية: أن هذا الإنسان الكافر يقول منكرا البعث: أئذا ما مت لسوف أخرج حيا زعما منه أنه إذا مات لا يمكن أن يحيا بعد الموت، وقد رد الله عليه مقالته هذه بقوله: أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا، يعني: أيقول الإنسان مقالته هذه في إنكار البعث، ولا يذكر أنا أوجدناه الإيجاد الأول ولم يك شيئا، بل كان عدما فأوجدناه، وإيجادنا له المرة الأولى دليل قاطع على قدرتنا على إيجاده بالبعث مرة أخرى. ” أضواء البيان” (3/ 473).
و قال العلامة ابن عثيمين: ومنه إنكار البعث فإن كثيراً من الكفار كذبوا بالبعث، وقالوا: لا يمكن أن يُبعث الناس بعد أن كانت عظامهم رميماً كما قال تعالى: {وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم} [يس: 78]. ولهذا قال: {من أي شيء خلقه} استفهام تقرير لما يأتي بعده في قوله: {من نطفة خلقه} يعني أنت أيها الإنسان كيف تكفر بالبعث؟ من أي شيء خلقت؟ ألم تخلق من العدم لم تكن شيئاً مذكوراً من قبل فوجدت وصرت إنساناً فكيف تكفر بالبعث؟ ” تفسير القرآن للعثيمين”.
[البعث الكوني والديني]
وَأَمَّا لَفْظُ ” الْبَعْثِ ” فَقَالَ تَعَالَى فِي الْبَعْثِ الْكَوْنِيِّ: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَاسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا}
وَقَالَ فِي الْبَعْثِ الدِّينِيِّ: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}. “الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان” لشيخ الاسلام ابن تيمية
حكم انكار البعث
—————–
قال ابنُ عبد البرِّ (أجمع المسلمون على أن من أنكر البعث فلا إيمانَ له ولا شهادة) التمهيد 9/ 116
و قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: إنكار البعث كفر مخرجٌ عن الملة لأنه تكذيبٌ لله ورسوله وإجماع المسلمين قال الله تبارك وتعالى (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير يوم يجمعكم) يعني تبعثون يوم يجمعكم (يوم الجمع ذلك يوم التغابن) فمن أنكر البعث فهو كافر خارجٌ عن الدين الإسلامي بإجماع المسلمين فيستتاب فإن تاب وأقر بالبعث إقراراً صادقاً يقر به ظاهراً وباطناً يعني ظاهراً مع الناس وباطناً فيما بينه وبين نفسه ومع أهله فهو من نعمة الله عليه ويكون رجوعاً للإسلام بعد الكفر وإن أبى وأصر على إنكاره وجب قتله وإذا قتل في هذه الحال فإنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين ولا يدعى له بالرحمة فهذا حكم من أنكر البعث ثم إن إنكار البعث مع كونه كفراً وتكذيباً لله ورسوله وإجماع المسلمين هو نقصٌ في العقل إذ كيف يخلق الله هذه الخليقة ويرسل إليها الرسل وينزل من أجلها الكتب ويأمر بالجهاد من عارض شرعه ثم تكون النتيجة أن تكون هذه الخليقة تراباً لا يبعثون ولا يحاسبون ولا يجازون لو وقع هذا لكان من أسفه السفه فكيف ينسب إلى رب العالمين الذي هو أحكم الحاكمين فالكتاب والسنة وإجماع المسلمين والعقل السليم كلها توجب أن يكون للناس بعثٌ يجازون فيه على أعمالهم ولهذا نقول من أنكر البعث فهو كافر وهو ضالٌ في دينه سفيهٌ في عقله والواجب على ولي الأمر أن يقتله إذا لم يتب ويقر بالبعث. ” فتاوى نور على الدرب” للعلامة ابن عثيمين رحمه الله.
و قال أبو عثمان الصابوني في كتابه عقيدة السلف أصحاب الحديث [ص (60)] حيث قال: (ويؤمن أهل الدين والسنة بالبعث بعد الموت يوم القيامة، وبكل ما أخبر الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم من أهوال ذلك اليوم الحق).
[الحشر]
معنى الحشر: وعرفه القرطبي بأنه الجمع. ” التذكرة”.
في صفته آيات كثيرة، منها قوله تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}. الآية، وقوله تعالى: {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا}. الآيات، وقوله تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا}. الآيات، وقوله تعالى: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً} {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} {وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ}.
س: كيف صفته من السنة؟
جـ: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين راهبين، واثنان على بعير، وثلاثة على بعير، وأربعة على بعير، وعشرة على بعير، وتحشر بقيتهم النار تقيل معهم حيث قالوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا، وتمسى معهم حيث أمسوا» رواه البخاري. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه «أن رجلا قال: يا نبي الله كيف يحشر الكافر على وجهه؟ قال: ” أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة» رواه البخاري. أنظر: ” أعلام السنة المنشورة”.
هل تبعث الحيوانات؟
[قال الإمام الألباني رحمه الله]:
إن مما يدل على غربة السنة في هذا الزمان وجهل أهل العلم والفتوى بها، جواب إحدى المجلات الإسلامية السيارة عن سؤال: “هل تبعث الحيوانات … ” ونصه:
” قال الإمام الآلوسي في تفسيره: ” ليس في هذا الباب – يعني بعض الحيوانات – نص من كتاب أو سنة يعول عليه يدل على حشر غير الثقلين من الوحوش والطيور “.
هذا كل ما أعتمده المجيب، وهو شيء عجيب يدلكم على مبلغ إهمال أهل العلم – فضلاً عن غيرهم- لعلم السنة، فقد ثبت فيها أكثر من حديث واحد يصرح بأن الحيوانات تحشر، ويقتص لبعضها من بعض، من ذلك حديث مسلم في “صحيحه”: “لتؤدون الحقوق إلى أهلها حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء”. وثبت عن ابن عمرو وغيره أن الكافر حين يرى هذا القصاص يقول:
{يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا}. “الحديث حجة بنفسه في العقائد والأحكام” (ص37).