1389 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي وناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——–”——-“——–‘
——–‘——–‘——–‘
——–‘——–‘——–‘
——–‘——–‘——–‘
———‘——-‘——–
صحيح البخاري
بَابُ مَا جَاءَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21]: أَقْبَرْتُ الرَّجُلَ أُقْبِرُهُ إِذَا جَعَلْتَ لَهُ قَبْرًا، وَقَبَرْتُهُ: دَفَنْتُهُ {كِفَاتًا} [المرسلات: 25]: يَكُونُونَ فِيهَا أَحْيَاءً، وَيُدْفَنُونَ فِيهَا أَمْوَاتا
فوائد الباب:
1 – قوله (مَا جَاءَ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) أي بيان صفة تلك القبور وهيآتها، وغير ذلك مما يتعلق بعضه ببعض مثل مكان القبر.
2 – فيه فَضْلَ أبي بكر وعُمَر رضي الله عنهما بما لا يشاركهما فيه أحد، وذلك أنهما كانا وزيريه في حال حياته، وصارا ضجيعيه بعد مماته، فضيلة خصهما الله بها، وكرامة حباهما بها لم تحصل لأحد. قاله ابن الملقن في التوضيح لشرح الجامع الصحيح.
3 – قوله (قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَقْبَرَهُ}) يشير إلى قوله تعالى (ثم أماته فأقبره)} عبس:21 {.
4 – قوله (أَقْبَرْتُ الرَّجُلَ أُقْبِرُهُ إِذَا جَعَلْت لَهُ قَبْرًا، وَقَبَرْتُهُ: دَفَنْتُهُ) قال الفراء كما في معاني القرآن” جعله مقبورا، ولم يجعله ممن يُلْقَى للسباع والطير، ولا ممن يلقى فِي النواويس، كأن القبر مما أكرم المسلم بِهِ، ولم يقل: فقبره لأنّ القابر هُوَ الدافن بيده، والمُقبِر: اللَّه تبارك وتعالى لأنه صيره ذا قبر”.
5 – قوله ({كِفَاتًا} يشير إلى قوله تعالى (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (26) [المرسلات: 25و26]
6 – قوله (يَكُونُونَ فِيهَا أَحْيَاءً، وَيُدْفَنُونَ فِيهَا أَمْوَاتا)، قال الفراء في معاني القرآن تكفتهم أحياء عَلَى ظهرها فِي بيوتهم ومنازلهم، وتكفتهم أمواتًا فِي بَطنها، أي: تحفظهم وتحرزهم.
7 – وعن قتادة (أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا) قال: أحياء فوقها على ظهرها، وأمواتا يُقبرون فيها. أخرجه ابن جرير في تفسيره.
8 – وعن مجاهد (أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا) قال: أحياء يكونون فيها، – وفي رواية – يغيبون فيها ما أرادوا، وقوله: (أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا) قال: يدفنون فيها. أخرجه ابن جرير في تفسيره بإسناد صحيح.
—
1389 – حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ هِشَامٍ، ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَكَرِيَّاءَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَتَعَذَّرُ فِي مَرَضِهِ: «أَيْنَ أَنَا اليَوْمَ، أَيْنَ أَنَا غَدًا» اسْتِبْطَاءً لِيَوْمِ عَائِشَةَ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي، قَبَضَهُ اللَّهُ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي وَدُفِنَ فِي بَيْتِي
1390 – حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ هِلاَلٍ هُوَ الوَزَّانُ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: «لَعَنَ اللَّهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»، لَوْلاَ ذَلِكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ [ص:103] غَيْرَ أَنَّهُ خَشِيَ – أَوْ خُشِيَ – أَنَّ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا وَعَنْ هِلاَلٍ، قَالَ: «كَنَّانِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَلَمْ يُولَدْ لِي»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ: «أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسَنَّمًا»
حَدَّثَنَا فَرْوَةُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، لَمَّا سَقَطَ عَلَيْهِمُ الحَائِطُ فِي زَمَانِ الوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ، أَخَذُوا فِي بِنَائِهِ فَبَدَتْ لَهُمْ قَدَمٌ، فَفَزِعُوا وَظَنُّوا أَنَّهَا قَدَمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا وَجَدُوا أَحَدًا يَعْلَمُ ذَلِكَ حَتَّى قَالَ لَهُمْ عُرْوَةُ: «لاَ وَاللَّهِ مَا هِيَ قَدَمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا هِيَ إِلَّا قَدَمُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ»
1391 – وَعَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا أَوْصَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا «لاَ تَدْفِنِّي مَعَهُمْ وَادْفِنِّي مَعَ صَوَاحِبِي بِالْبَقِيعِ لاَ أُزَكَّى بِهِ أَبَدًا»
——-‘——
فوائد الباب:
1 – حديث عائشة الأول أخرجه البخارى ومسلم والترمذي والنسائي.
2 – قوله (لَيَتَعَذَّرُ) أي يتمنع، وورد في رواية القابسي (ليتقدَّر) أي يسأل عن قدر ما بقي إلى يومها. قاله الحافظ في الفتح.
3 – قال الخطابيّ: معناه يتعسّر، ويتمِنع، وأنشد: وًيوْمًا عَلَى ظَهْرِ الْكَثِيبِ تَعَذَّرَتْ، وأكثر الرواة يرويه: “ليتقدر” بالقاف من التقدير، وفي كتاب مسلم:”ليتفقد” من التفقّد.
4 – المقصود من إيراد البخاري لهذا الحديث والذي بعده هنا بيان أنه صلى الله عليه وسلم دفن في بيت عائشة رضي الله عنها قاله الحافظ ابن حجر في الفتح.
5 – قوله (اسْتِبْطَاءً لِيَوْمِ عَائِشَةَ) أي لأنه يجد راحته عندها أكثر من غيرها، يوضحه كما عند البخاري من طريق أبي أسامة (قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي سَكَنَ) أي فلم يعد يسأل أين أنا غدا.
6 – ” لم يكن القسم واجبا عليه – صلى الله عليه وسلم -، ولكن لحسن عشرته التزمه تطييبا لنفوس أزواجه، وليقتدي به من يجب عليه، واختلف في ذي الزوجات يمرض ولا يقدر أن يدور، فقيل يختار، وقيل يقرع” قاله في الإكمال.
7 – يجد المريض عند بعض أهله من الأنس ما لا يجد عند بعض.
8 – قولها (فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي، قَبَضَهُ اللَّهُ بَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي وَدُفِنَ فِي بَيْتِي) هذا من الخصائص التي من الله تبارك وتعالى بها على عائشة لم يشركها فيها أحد.
9 – قولها (َدُفِنَ فِي بَيْتِي) هذا هو موضع الشاهد
10 – قوله (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) هو ابن أبي أويس.
11 – قوله (حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ) هو ابن بلال صرح به البخاري في موضع آخر من الصحيح 5217 تابعه أَبُو مَرْوَانَ يَحْيَى بْنُ أَبِي زَكَرِيَّاءَ كما في إسناد الباب أيضا تابعه أبو أسامة كما عند البخاري في رواية 3774 ومسلم 84
12 – قوله (عن عروة) وعند البخاري 5217 من طريق سليمان بن بلال المذكورة في الإسناد الأول (هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ).
13 – حديث أم المؤمنين عائشة الثاني تقدم في باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور وعلقه البخاري في باب هَلْ تُنْبَشُ قُبُورُ مُشْرِكِي الجَاهِلِيَّةِ، وَيُتَّخَذُ مَكَانُهَا مَسَاجِدَ
14 – موضع الشاهد منه قوله (لَوْلاَ ذَلِكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ) أي لم يبرز وبقي مسنما.
15 – قوله (وعن هلال قال كناني) أي بالإسناد المذكور
16 – وفيه جواز التكنية لمن لم يولد له وفيها أحاديث مرفوعة عديدة.
17 – حديث سفيان التمار أخرجه البخاري وقال الحافظ ابن كثير تفرد به البخاري.
18 – قوله (مسنما) أي مرتفعا قاله الحافظ في الفتح.
19 – وعن عمرو بن عثمان بن هانئ عن القاسم قال دخلت على عائشة فقلت يا أمه اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء. رواه أبو داود في سننه وقال الحافظ ابن كثير تفرد به أبو داود. قلت فيه عمرو بن عثمان بن هانئ المدني مولى عثمان قال الحافظ في التقريب مستور.
20 – قال البيهقي في السنن الكبرى ” استحب بَعْض أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِنَا – يقصد الشافعية – التَّسْنِيمَ فِي هَذَا الزَّمَانِ لِكَوْنِهِ جَائِزًا بِالْإِجْمَاعِ، وَأَنَّ التَّسْطِيحَ صَارَ شِعَارًا لِأَهْلِ الْبِدَعِ”. مع أن البيهقي رجح التسطيح من حيث الأصح لحديث عائشة الذي أخرجه أبو داود وسبقت الإشارة إليه.
26 – قوله (أخبرنا أبو بكر بن عياش) تابعه عيسى بن يونس أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه 11856 وزاد ” وَقَبْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مُسَنَّمَة”.
27 – قوله (عن سفيان التمار) وعند البيهقي من طريق أحمد بن يونس ” حدثنا سفيان التمار”
28 – عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ قُبُورَ شُهَدَاءِ أَحَدٍ جُثًا مُسَنَّمَة أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 11858 صحح ابن التركماني سنده كما في الجوهر النقي
29 – حديث عروة في قدم عمر انفرد بإخراجه البخاري
30 – فيه فضيلة ظاهرة لعمر رضي الله عنه كون قدمه لا زالت على هيئة تعرف بعد مضي عشرات السنين.
21 – قال ابن القيم هذه الآثار لا تضاد بينها والأمر بتسوية القبور إنما هو تسويتها بالأرض وأن لا ترفع مشرفة عالية وهذا لا يناقض تسنيمها شيئا يسيرا عن الأرض ولو قدر تعارضها فحديث سفيان بن دينار التمار أصح من حديث القاسم
22 – قال الحافظ ابن كثير كما في البداية والنهاية 5/ 272:” قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ قُبُورَهُمْ مُسَطَّحَةٌ لِأَنَّ الْحَصْبَاءَ لَا تَثْبُتُ إِلَّا عَلَى الْمُسَطَّحِ. وَهَذَا عَجِيبٌ مِنَ الْبَيْهَقِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الرِّوَايَةِ ذِكْرُ الْحَصْبَاءِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَبِتَقْدِيرِ ذَلِكَ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُسَنَّمًا وَعَلَيْهِ الْحَصْبَاءُ مَغْرُوزَةً بِالطِّينِ وَنَحْوِهُ” قلت وجزم الألباني في أحكام الجنائز بذلك وأن الحصباء لا تمنع التسنيم وليس في الحديث لفظ التسطيح.
23 – وقال أبو اليمن ابن عساكر كما في إتحاف الزائر وإطراف المقيم ” وقد روينا التسنيم أيضاً من حديث القاسم بن محمد مسنداً عنه، وحديث سفيان التمار قد رواه البخاري في ((مسنده))، فلا تعارض إذاً بين روايته ورواية القاسم في ذلك ولا ترجيح.
24 – قوله في حديث سفيان التمار (حدثنا محمد بن مقاتل) تابعه حبان أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6761.
25 – قوله (أخبرنا عبد الله) هو ابن المبارك تابعه أحمد بن يونس كما عند البيهقي في السنن الكبرى 6760.
36 – حديث عمرو بن ميمون الأودي قالت عائشة رضي الله عنها ” كنت أريده لنفسي” أي الموضع بعد وفاتي.
37 – وكأنها استحضرت رؤياها في الأقمار الثلاثة فقالت كنت أريده لنفسي فآثرت عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما أفقهها رضي الله عنها ..
38 – … وقصة عمر فيها فوائد جمة تذكر في موضعها إن شاء الله وموضع الشاهد أن عمر دفن مع صاحبيه وفيه فضيلة ظاهرة لهما رضي الله عنهما.
31 – قوله (وعن هشام) هو بالإسناد المذكور في قدم عمر رضي الله عنه. وقد أخرجه البخاري أيضا 7327 من طريق أبي أسامة عن هشام به أعني الشطر الثاني.
32 – قولها (لاَ أُزَكَّى بِهِ أَبَدًا) وفي رواية عند البخاري ” فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُزَكَّى”
33 – وصية عائشة إلى ابن الزبير أن لا يدفنها معهم خشية أن تزكى بذلك، وهذا من تواضعها. قاله ابن الملقن في التوضيح.
34 – فيه الحرص على مجاورة الموتى الصالحين في القبور، طمعًا أن ينزل عليهم رحمة تصيب جيرانهم، أو رغبة أن ينالهم دعاء من يزور قبورهم من الصالحين. قاله ابن الملقن في التوضيح.
قلت سيف: سبق ذكر هذه الفائدة ابن حجر في أبواب سابقة وانظر تعليق ابن باز.
وبعضهم قال توجه البركة: رغبة أن ينالهم دعاء من يزور قبورهم من الصالحين.
35 – عن يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يُحَدِّثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَالَتْ عَائِشَةُ: رَأَيْتُ كَأَنَّ ثَلاَثَةَ أَقْمَارٍ سَقَطَتْ فِى حِجْرِى. فَسَأَلْتُ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ يُدْفَنْ فِى بَيْتِكِ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ ثَلاَثَةٌ. فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدُفِنَ قَالَ لِى أَبُو بَكْرٍ: يَا عَائِشَةُ، هَذَا خَيْرُ أَقْمَارِكِ وَهُوَ أَحَدُهَا. أخرجه الحميدي في مسنده 1358 والطبراني في الكبير 126 وفي الأوسط 6373 والحاكم في المستدرك 4400 وقال صحيح على شرط الشيخين وأخرجه الإمام مالك في الموطأ لكن يإسقاط ابن المسيب من الإسناد ووصله محمد ين المظفر كما في غرائب حديث مالك3، وصحح الألباني المتن.
=====
رياح المسك العطرة
باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما
فوائد الباب:
– قوله: (كناني: عروة) أي: ابن الزبير بن العوام الذي روى عنه هذا الحديث، قال بدر الدين العيني في العمدة: ولعل غرض البخاري بإيراد هذا الكلام التنبيه على لقاء هلال عروة.
– فيه: جواز التكنية سواء جاء للمكني ولد أو لا، وقد كنى الشارع عائشة بابن أختها، عبد الله بن الزبير.
– قال ابن بطال: فيه معنى التواضع، كرهت عائشة أن يقال: إنها مدفونة مع النبي صلى الله عليه وسلم فيكون في ذلك تعظيما لها.
——‘——‘
رياح المسك
باب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما
قال ابن رجب في فتح الباري 3/ 248:
قال القرطبي: بالغ المسلمون في سد الذريعة في قبر النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأعلوا حيطان تربته، وسدوا الداخل إليها، وجعلوها محدقة بقبره – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم خافوا أن يتخذ موضع قبره قبلة إذ كان مستقبل المصلين فتتصور إليه الصلاة بصورة العبادة، فبنوا جدارين من ركني القبر الشماليين، وحرفوهما حتى التقيا على زاوية مثلث من ناحية الشمال، حتى لا يتمكن أحد من استقبال قبره. ولهذا المعنى قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره. اهـ
قال العثيمين في التعليق على البخاري 1389 وذكر فضائل لعائشة سبقت وزاد:
-: أن آخر ما طعمه النبي صلى الله عليه وسلم هو ريقها رضي الله عنها، فإن أخاها عبدالرحمن دخل وفي يده سواك مجعل النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليه، فعرفت أنه يحبه، فأخذت السواك وكسرت أعلاه ثم عركته بأسنانها وطيبته حتى صار مهيئا أن يتسوك به، فأعطته فجعل يتسوك به، قالت: ما رأيت استن استنانا أحسن منه ثم مات، فكان آخر ما طعم من الدنيا ريق عائشة رضي الله عنها.
1392 الإيثار بالقرب لا يكره إذا كان فيه مصلحة.
الإيثار في القرب ثلاثة أقسام:
1 قسم لا يجوز الإيثار به وذلك إذا كان يترتب عليه ترك واجب، كإنسان معه ماء يكفيه لوضوئه إن آثر به لم يجد ماء، فهنا يحرم أن يؤثر به، لأنه يستلزم إسقاط واجب.
2 قسم يكون إيثار بقربة مستحبة لغير حاجة ولغير مصلحة فهذا كرهه أهل العلم وقالوا إن ذلك ينبئ عن عدم رغبة في الخير.
3 قسم أن يكون الإيثار بالمستحب لمصلحة: كبر والد وصلة قريب وإكرام عالم وما أشبه ذلك فهذا سنة. اهـ
——-
ذكر العيني الجمع بين كون عائشة آثرت بالقبر عمر بن الخطاب وبين كونها قالت لا أزكى بعده بأن إيثارها لأنها ظنت أنه لا يكفي غير قبر واحد. …. وذكر توجيهات أخرى.
وراجع مشكل الحديث رقم 29 حيث ذكرنا كلام أهل العلم حول النصوص التي تمنع الصلاة في المقابر وبين دفنه صلى الله عليه وسلم في بيته ومما نقلنا:
قال ابن تيمية كما في المجموع ((27) / (399)): مع أن قبره من حين دفن لم يمَكَّن أحد من الدخول إليه لا لزيارة ولا لصلاة ولا لدعاء ولا غير ذلك. ولكن كانت عائشة فيه لأنه بيتها. وكانت ناحية عن القبور؛ لأن القبور في مقدم الحجرة وكانت هي في مؤخر الحجرة. ولم يكن الصحابة يدخلون إلى هناك. وكانت الحجرة على عهد الصحابة خارجة عن المسجد متصلة به وإنما أدخلت فيه في خلافة الوليد بن عبد الملك بن مروان بعد موت العبادلة: ابن عمر وابن عباس وابن الزبير وابن عمرو بل بعد موت جميع الصحابة الذين كانوا بالمدينة فإن آخر من مات بها جابر بن عبد الله
قال ابن قدامة المقدسي في “المغني” ((2) / (388)): “والدفن في مقابر المسلمين أعجب إلى أبي عبد الله من الدفن في البيوت؛ لأنه أقل ضررا على الأحياء من ورثته، وأشبه بمساكن الآخرة، وأكثر للدعاء له والترحم عليه، ولم يزل الصحابة والتابعون ومن بعدهم يقبرون في الصحارى.
فإن قيل: فالنبي – صلى الله عليه وسلم – قبر في بيته وقبر صاحباه معه؟ قلنا: قالت عائشة: إنما فعل ذلك لئلا يتخذ قبره مسجدا: رواه البخاري. ولأن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يدفن أصحابه بالبقيع، وفعله أولى من فعل غيره، وإنما رأوا تخصيصه بذلك، ولأنه روي: “يدفن الأنبياء حيث يموتون”، وصيانة لهم عن كثرة الطراق، وتمييزا له عن غيره”.
قال الذهبي في سيرأعلام النبلاء 8/ 29 (وقد أوردته هنا لِتَعُمَّ الفائدة):
قال قتيبة حدثنا ابن لَهيعه , عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تجعلوها عليكم قبوراً , كما اتخذت اليهود والنصارى في بيوتهم قبوراً وإن البيت ليتلى فيه القرآن فيتراءى لأهل السماء كما تتراءى النجوم لأهل الأرض).
– قال الذهبي – هذا حديث نظيف الإسناد , حسن المتن , فيه النهي عن الدفن في البيوت وله شاهد من طريق آخر , وقد نهى عليه السلام أن يُبنى على القبور ولو اندفن الناس في بيوتهم , لصارت المقبرة و البيوت شيئاً واحداً , والصلاة في المقبرة منهيٌّ عنها نهي كراهية أو نهي تحريم , وقد قال عليه السلام (أفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبه) فناسب ذلك ألا تتخذ المساكن قبوراً.
وأما دفنه في بيت عائشة صلوات الله عليه وسلامه فمختص به ,كما خص ببسط قطيفة تحته في لحده , وكما خُصَّ بأن صلوا عليه فرادى بلا إمام , فكان إمامهم حياً و ميتاً في الدنيا والآخرة , وكما خص بتأخير دفنه يومين , ويكره تأخير أمته , لأنه هو أُمِنَ عليه التَّغَيُّر بخلافنا , ثم إنهم أخروه حتى صلَّوا كلُّهم عليه داخل بيته , فطال لذلك الأمر , ولأنهم ترددوا شطر اليوم الأول في موته حتى قدم أبو بكر من السُّنح , فهذا كان سبب التأخير. اهـ