24 (ب) فتح المنان في شرح أصول الإيمان
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين جميعا).
——-‘——‘——-‘
——-‘——‘——-‘
الفصل الثالث: الإيمان بالرسل ويحتوي على أحد عشر مبحثًا:
سبق الكلام على المباحث الستة والآن:
المبحث السابع: ختم الرسالة وبيان أنه لا نبي بعده.
المبحث الثامن:
الإسراء بالرسول صلى الله عليه وسلم حقيقته وأدلته.
المعراج وحقيقته
المبحث التاسع: القول الحق في حياة الأنبياء عليهم السلام.
المبحث العاشر: معجزات الأنبياء والفرق بينها وبين كرامات الأولياء.
التعريف بالمعجزة
أمثلة لبعض معجزات الأنبياء
التعريف بالكرامة
الفرق بين المعجزة والكرامة
المبحث الحادي عشر: الولي والولاية في الإسلام.
تعريف الولي والولاية
تفاضل الأولياء
أقسام أولياء الله
لا يختص أولياء الله بلباس ولا هيئة
بطلان ما قد يعتقد فيهم من الغلو
——–‘——‘——-‘
سبق أخذنا ستة مباحث. والباقي نتطرق إليه في هذه المباحث.
——-
المبحث السابع: ختم الرسالة وبيان أنه لا نبي بعده:
تواترت النصوص من الكتاب والسنة على أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ولا نبي بعده خلافاً لتاويلات اهل البدع …
الأدلة من الكتاب و السنة:
قال الله سبحانه وتعالى: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}.
ففي حديث ثوبان (وأنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي) أخرجه أبو داود والترمذي وصححه بن حبان.
و جاء عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها فإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها وأعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض فإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم فإن ربي قال: يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد وإني أعطيك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من أقطارها ـ أو قال: من بين أقطارها ـ حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا)
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إنما أخاف على أمتي من الأئمة المضلين وإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة ولا تقوم الساعة حتى يلحق قبائل من أمتي بالمشركين وحتى تعبد الأوثان وإنه سيكون في أمتي ثلاثون كذابون كلهم يزعم أنه نبي وإني خاتم النبيين لا نبي بعدي ولن تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من يخذلهم حتى يأتي أمر الله) رواه ابن حبان وصححه الالباني.
(والخاتم): من ختمت الشيء إذا أتممته وبلغت آخره، وخاتمة الشيء وختامه آخره، ومنه ختم القرآن. سمى صلى الله عليه وسلم (خاتم النبيين) لأنه آخرهم في البعثة إلى الخلق وإن كان في الفضل أولا. ” شرح المشكاة” للطيبي.
قال الإمام البخاري في صحيحه: باب خَاتِمِ النَّبِيِّينَ – صلى الله عليه وسلم –
قال النووي على شرح مسلم (15/ 51): فيه فضيلته صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم النبيين.
قال العلامة المباركفوري: وقد ذكر (الحافظ ابن حجر) هنا عدة من الكذابين الدجالين وذكر أسماءهم وشيئا من أحوالهم (كلهم يزعم أنه رسول الله) هذا ظاهر في أن كلا منهم يدعي النبوة وهذا هو السر في قوله في آخر الحديث الآتي وإني خاتم النبيين لانبي بعدي
ويحتمل أن يكون الذين يدعون النبوة منهم ما ذكر من الثلاثين أو نحوها وأن من زاد على العدد المذكور يكون كذابا فقط لكن يدعو إلى الضلالة كغلاة الرافضة والباطنية وأهل الوحدة والحلولية وسائر للفرق الدعاة إلى ما يعلم بالضرورة أنه خلاف ما جاء به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويؤيده أن في حديث علي عند أحمد فقال علي لعبد الله بن الكواء وإنك لمتهم وبن الكواء لم يدع النبوة وإنما كان يغلو في الرفض. ” تحفة الأحوذي” (6/ 386).
قال العلامة ربيع بن هادي حفظه الله في ” مناقشة الهادي المختار”: فهؤلاء أصحاب رسول الله يعتقدون اعتقاداً جازماً أن الوحي قد انقطع من السماء لأن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين كما جاء بذلك الكتاب والسنة وقام عليه الإجماع فمن اعتقد أن الله يوحي بعد موت محمد صلى الله عليه وسلم إلى أحد فقد كذب الكتاب والسنة والإجماع.
و قال العباد حفظه الله: والذين أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بأن الساعة لا تقوم حتى يزعم كل واحد من هؤلاء الدجالين أنه رسول الله، ومحمد عليه الصلاة والسلام هو خاتم النبيين لا نبي بعده صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
[حكم من لم يعتقد ختم الرسالة]
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: فمن ادعى النبوة بعده فهو كافر، يجب أن يقص عنقه إلا أن يتوب ويرجع. ” تفسير القرآن”.
قال العلامة الفوزان حفظه الله: فهو آخر الرسل عليهم الصّلاة والسَّلام وآخر الأنبياء لأن كل رسول نبي فلا يبعث بعده لا رسول ولا نبي فمن اعتقد أنه يبعث بعده رسول أو نبي فهو كافر قال – صلى الله عليه وسلم -: «وسيخرج بعدي كذابون ثلاثون كل منهم يدعي أنه نبي وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي» فمن لم يعتقد ختم الرسالة بمحمد – صلى الله عليه وسلم – وأجاز أن يبعث بعده نبي فهو كافر بالله عز وجل مكذب لله ولرسوله ولإجماع المسلمين. ” شرح كشف الشبهات” ص 13.
====
المبحث الثامن:الإسراء بالرسول صلى الله عليه وسلم حقيقته وأدلته.
المعراج وحقيقته
—
[وحديث المعراج فيه ما هو في الصحيح و الضعيف و غير ذلك]
قال ابن تيمية: وحديث المعراج فيه ما هو في الصحيح، وفيه ما هو في السنن والمسانيد، وفيه ما هو ضعيف، وفيه ما هو من الموضوعات المختلقات، مثل ما يرويه بعضهم فيه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له جبريل: هذا قبر أبيك إبراهيم، انزل فصل فيه، وهذا بيت لحم، مولد أخيك عيسى، انزل فصل فيه». ” اقتضاء الصراط المستقيم” (2/ 352).
[ليلة الإسراء و المعراج لم تعرف في أي ليلة]
قال العلامة ابن باز: أما ليلة الإسراء والمعراج فالصحيح من أهل العلم أنها لا تعرف، وما ورد في تعيينها من الأحاديث فكلها أحاديث ضعيفة لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن قال: إنها ليلة 27 من رجب فقد غلط؛ لأنه ليس معه حجة شرعية تؤيد ذلك، ولو فرضنا أنها معلومة فالاحتفال بها بدعة؛ لأنه زيادة في الدين لم يأذن الله بها، ولو كان ذلك مشروعا لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أسبق إليه وأحرص عليه ممن بعدهم، وهكذا زمن الهجرة، لو كان الاحتفال به مشروعا لفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولو فعلوه لنقل، فلما لم ينقل دل ذلك على أنه بدعة. ” مجموع فتاوى ابن باز” (4/ 282).
و قال العلامة ابن عثيمين: إن ليلة المعراج لم يثبت من حيث التاريخ في أي ليلة هي بل إن أقرب الأقوال في ذلك على ما في هذا من النظر أنها في ربيع الأول وليست في رجب كما هو مشهور عند الناس اليوم فإذن لم تصح ليلة المعراج التي يزعمها الناس أنها ليلة المعراج وهي ليلة السابع والعشرين من شهر رجب لم تصح تاريخياً كما أنها لم تصح شرعاً والمؤمن ينبغي أن يبني أموره على الحقائق دون الأوهام. ” فتاوى نور على الدرب”.
[من البدع في العبادات الإحتفال بليلة الإسراء و المعراج]
فمن البدع في العبادات: إحداث أعياد واحتفالات لم يشرعها الله ولا رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إنما فعلتها الأمم الأخرى كاليهود والنصارى، أو فارس والروم، ونحوهم، كالاحتفال بيوم عاشوراء، وبالمولد النبوي، وبليلة الإسراء والمعراج، وليلة النصف من شعبان، وإحداث صلوات لم يشرعها الله، كصلاة الرغائب، وتخصيص ليالٍ وأيام بعينها بعبادة معتادة، كأول خميس من رجب، وليلة أول جمعة وليلة النصف منه، وكالرهبنة، والسياحة لغير قصد مشروع أو مباح، والغلو في الدين. ” اقتضاء الصراط المستقيم” (1/ 40).
و قال العلامة ابن عثيمين: والاحتفال بليلة المعراج من البدع التي لم تكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباع سنتهم وعلى هذا فالواجب على المسلمين أن يبتعدوا عنها وأن يعتنوا باللب دون القشور إذا كانوا حقيقة معظمين لرسول صلى الله عليه وسلم فإن تعظيمه بالتزام شرعه وبالأدب معه حيث لا حيث لا يتقربون إلى الله تبارك وتعالى من طريق غير طريقه صلى الله عليه وسلم فإن من كمال الأدب وكمال الإتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلتزم المؤمن شريعته وأن لا يتقرب إلى الله بشيء لم يثبت في شريعته صلى الله عليه وسلم وعلى هذا فنقول إن الاحتفال بدعة يجب التحذير منها والابتعاد عنها. ” فتاوى نور على الدرب”.
هل عُرِج بالنبيّ صلى الله عليه وسلم يقظة أو منامًا؟
فالجواب: أنّ الذي عليه جماهير السلف والخلف أنه كان يقظة، ويدلُّ على ذلك قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: 1]، وقوله: {وَلَقَدْ رَأَىهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَاوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 13 – 18].
ومعلوم أنّ قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} تعظيم لهذه الآية وتسبيح الربِّ الذي فعلها، والتسبيح يكون عند الأمور العجيبة العظيمة الخارجة عن العادة. ومعلوم أنّ عامة الخلق يرى أحدهم في منامه الذهاب من مكة إلى الشام، وليس هذا مما يُذكر على هذا الوجه من التعظيم، وهو سبحانه ذكر في تلك السورة ما يتمكّن الرسول من ذكر الشواهد ودلائله، فإنهم لماّ أنكروا الإسراء، وقد علموا أنه لم يكن رأى بيتَ المقدس، فسألوه عن صفته لِيَبِين لهم هل هو صادق، فأخبرهم عن صفته خبرَ من عاينه، وأخبرهم عن عِير كانت لهم بالطريق، ولو كان منامًا لما اشتدَّ إنكارهم له، ولا سألوه عن صفته، فإنَّ الرائي قد يرى الشيء في المنام على خلاف صفته.
{وَلَقَدْ رَأَىهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَاوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 13 – 18] صريح في أنَّ بصره رأى ما رآه في الملأ الأعلى، وأنه ما زاغ بصره وما طغى. وقد ثبت أنّ جنة المأوى وسدرة المنتهى في السماء لا في الأرض، فإذا رأى بعينه ما هنالك امتنع أن يكون ذلك منامًا، ودلّ ذلك على أنّ جسده كان هنالك، ولكنه سبحانه ذكر في سورة {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} لأنه مما ذكر له دلائله وشواهده [و] ذلك تمهيدًا لما أخبر به عن رؤية ما رآه عند سدرة المنتهى، والقرآن يدلُّ على ذلك حيث قال: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى} [النجم: 5 – 7]، كما قال في الآية الأخرى: {وَلَقَدْ رَأَىهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} [التكوير: 23]، ثم قال في النجم: {وَلَقَدْ رَأَىهُ} أي رأى الذي رآه بالأفق الأعلى مرةً أخرى {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَاوَى}.
وهذا قول أكثر السلف كابن مسعود وعائشة وغيرهما. وقالت طائفة منهم ابن عباس: إن محمدًا رأى ربه بفؤاده مرتين. ولم يقل أحدٌ من الصحابة ولا من الأئمة المعروفين كأحمد بن حنبل وغيره: إنه رآه بعينه، ولا في أحاديث المعراج الثابتة شيء من ذلك، وقد نقل بعضهم ذلك عن ابن عباس، وقد نقلوه روايةً عن أحمد بن حنبل، وهو غلط على ابن عباس وعلى أحمد، كما بُسِطَ الكلامُ على هذا في غير هذا الموضع، ولكن جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث أنه رأى ربَّه في المنام بالمدينة، ولم يكن ذلك ليلة المعراج؛ فإنَّ المعراج كان بمكة.
جامع المسائل لابن تيمية (45 – 48) المجموعة السابعة.
و قال العلامة ابن عثيمين: الإسراء والمعراج كان ببدنه يقظة لا مناماً، لأن الله قال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً} [الإسراء:1] ولم يقل: بروح عبده، ثم أن قريشاً لما أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم صباح ليلة الإسراء أنكروا ذلك، وقالوا: كيف يمكن أنت في مكة وتصل إلى بيت المقدس وترجع في نفس الليلة، هذا لا يمكن، ولو كان مناماً ما أنكروه، لأنهم يعرفون أن النائم يرى أشياء لا تحصل في اليقظة، وليست تنقض المنامات بل تعترف بها، وكذلك لو قال في المعراج فقد قال الله تعالى في سورة النجم: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم:1 – 10] يعني الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا يعبر هذا التعبير إلا إذا كان بالروح والجسد. لقاء الباب المفتوح (203/ 27) من الشاملة.
[رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل يقظة]
قال العلامة ابن باز: الصواب أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم لم ير ربه ليلة الإسراء والمعراج، وإنما رأى جبرائيل، هذا هو الصواب، كما قال الله سبحانه: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} (5) {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} (6) {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (7) {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (8) {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} (9) هذا جبرائيل عليه السلام: {ذُو مِرَّةٍ} (10) يعني: ذا قوة {ثُمَّ دَنَا} (11) يعني: جبرائيل، {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} (1) {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} (2) يعني: من محمد عليه الصلاة والسلام، {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ} (3) يعني: أوحى جبرائيل إلى عبد الله، هو محمد عليه الصلاة والسلام يعني معروفا من السياق، {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} (4) {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} (5) {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى} (6) {وَلَقَدْ رَأَىهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (7) {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} (8) كل هذا في جبرائيل هذا هو الصواب، إنه السياق كله في جبرائيل لا في حق الله عز وجل، هذا هو الحق، وقد وقع في رواية شريك بن عبد الله بعض الأغلاط، وذكر ما يدل على أنه الله سبحانه وتعالى، ولكن أهل الحق من أئمة الحديث غلطوا شريكا في ذلك، فالصواب أن الآية في جبرائيل، {وَلَقَدْ رَأَىهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (9) {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} (10) هذا جبرائيل عليه الصلاة والسلام، وكان رآه مرتين في صورته التي خلقه الله عليها، رآه في مكة ورآه عند السدرة، وله ستمائة جناح، كل جناح منها مد البصر، وهذا من آيات الله العظيمة سبحانه وتعالى. ” فتاوى نور على الدرب بعناية الشويعر (1/ 163 – 164).
[صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت القدس ركعتين]
وقد ثبت في الصحيح: «أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتى بيت المقدس ليلة الإسراء صلى فيه ركعتين». رواه مسلم.
[ليلة القدر وليلة الإسراء أيهما أفضل]
وسئل – رحمه الله تعالى – عن ” ليلة القدر “. ” وليلة الإسراء بالنبي – صلى الله عليه وسلم – ” أيهما أفضل؟
فأجاب: بأن ليلة الإسراء أفضل في حق النبي – صلى الله عليه وسلم – وليلة القدر أفضل بالنسبة إلى الأمة، فحظ النبي – صلى الله عليه وسلم – الذي اختص به ليلة المعراج منها أكمل من حظه من ليلة القدر.
وحظ الأمة من ليلة القدر أكمل من حظهم من ليلة المعراج. وإن كان لهم فيها أعظم حظ. لكن الفضل والشرف والرتبة العليا إنما حصلت فيها، لمن أسري به – صلى الله عليه وسلم -. ” الفتاوى الكبرى لابن تيمية ” (2/ 477).
======
المبحث التاسع: القول الحق في حياة الأنبياء عليهم السلام.
حياة الأنبياء في قبورهم
قال ابن رجب في ” التفسير” (269): فإن حياةَ الأنبياءِ أكملُ من حياةِ الشهداءِ، بلا ريبٍ، فيشملُهم حكمُ الأحياءِ أيضًا، ويصعقونَ مع الأحياءِ حينئذ، لكن صعقةُ غشي لا صعقةَ موتٍ، إلا موسى فإنه تردَّدَ فيه هل صُعِقُ أم كان ممن استثْنى اللَّهُ، فلم يُصعقْ لمجازاةِ اللَّه له، بصعقةِ الطورِ؛ ولكنْ على هذا التقدير فموسى مبعوثٌ قبل مَحمدٍ – صلى الله عليه وسلم -، لا محالةَ، فكيفَ تردَّد النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – في ذلك
في كونِ الشهداءِ لا يُصعقونَ والأنبياءُ يُصعقُونَ، إشكالٌ أيضًا، واللَّه أعلمُ. انتهى
[قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم -]:
«الأنبياء – صلوات الله عليهم – أحياء في قبورهم يصلون».
قال العلامة الالباني: اعلم أن الحياة التي أثبتها هذا الحديث للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، إنما هي حياة برزخية، ليست من حياة الدنيا في شيء، ولذلك وجب الإيمان بها دون ضرب الأمثال لها ومحاولة تكييفها وتشبيهها بما هو المعروف عندنا في حياة الدنيا. هذا هو الموقف الذي يجب أن يتخذه المؤمن في هذا الصدد: الإيمان بما جاء في الحديث دون الزيادة عليه بالأقيسة والآراء كما يفعل أهل البدع الذين وصل الأمر ببعضهم إلى ادعاء أن حياته – صلى الله عليه وآله وسلم – في قبره حياة حقيقية! قال: يأكل ويشرب ويجامع نساءه!!. وإنما هي حياة برزخية لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى.
“الصحيحة” (2/ 190،178).
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: فالحاصل: أن حياة الأنبياء في قبورهم وحياة الرسل في قبورهم أكمل من الشهداء بلا شك لأنهم أفضل عند الله، ولكن هل هذه الحياة حياةٌ دنيوية أو برزخية لا نعلمها؟
الثاني هو المتعين،
وإلا لوجب علينا أن نأتي بالطعام والشراب إلى النبي عليه الصلاة والسلام كل يوم. ” شرح العقيد السفارينية” (1/ 469).
قال العلامة العباد: الكلام في أمور الغيب لا يقبل إلا بدليل، والمؤمنون ينعمون في القبور، ويأتيهم من نعيم الجنة، كما أن المعذبين يأتيهم من عذاب النار، وأما حياة الأنبياء في قبورهم فهي حياة برزخية، وكونهم يتعبدون لا يثبت منه إلا في حدود ما ورد، وقد جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به مر بقبر موسى عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره. ” شرح سنن ابي داود”.
=====
المبحث العاشر: معجزات الأنبياء والفرق بينها وبين كرامات الأولياء.
التعريف بالمعجزة
أمثلة لبعض معجزات الأنبياء
التعريف بالكرامة
الفرق بين المعجزة والكرامة
—-
المعجزة، وهي اسم فاعل من العجز المقابل للقدرة.
وفي “القاموس”: معجزة النبي ما أعجز به الخصم عند التحدي، والهاء فيها للمبالغة، وهي أمر خارق للعادة، يجريه الله على يد من يختاره لنبوته؛ ليدل على صدقه وصحة رسالته.
ومعجزات الرسل عليهم الصلاة والسلام كثيرة؛ منها الناقة التي أوتيها صالح عليه السلام حجة على قومه، وقلب العصا حية آية لموسى عليه السلام، وإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى آية لعيسى عليه السلام، ومنها معجزات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهي كثيرة، أعظمها القرآن الكريم، وهي المعجزة الخالدة، التي تحدى الله بها الجن والإنس، ومنها الإسراء والمعراج، وانشقاق القمر، وتسبيح الحصا في كفه عليه الصلاة والسلام، وحنين الجذع إليه، وإخباره عن حوادث المستقبل والماضي.
ودلائل النبوة ليست محصورة في المعجزة كما يقوله المتكلمون، بل هي كثيرة متنوعة. ” الارشاد الى صحيح الإعتقاد” (181).
كرامات الأولياء: واعتقاد الإمام أحمد أنه:
كَانَ يذهب إِلَى جَوَاز الكرامات للأولياء وَيفرق بَينهَا وَبَين المعجزة وَذَلِكَ أَن المعجزة توجب التَّحَرِّي إِلَى صدق من جرت على يَده فَإِن جرت على يَدي ولي كتمها وأسرها وَهَذِه الْكَرَامَة وَتلك المعجزة وينكر على من رد الكرامات ويضلله. ” العقيدة رواية أبي بكر الخلال” (125 – 126).
كرامات الأولياء لا تجعلهم معصومين
؛ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ما نصه: (وكرامات الصالحين تدل على صحة الدين الذي جاء به الرسول، ولا تدل على أن الولي معصوم، ولا على أنه يجب طاعته في كل ما يقوله.
ومن هنا، ضل كثير من الناس من النصارى وغيرهم؛ فإن الحواريين -مثلاً- كانت لهم كرامات، كما تكون الكرامات لصالحي هذه الأمة فظنوا أن ذلك يستلزم عصمتهم، كما يستلزم عصمة الأنبياء فصاروا يوجبون موافقتهم في كل ما يقولون وهذا غلط). ” النبوات” (143).
مراتب الخوارق
فيقال المراتب ثلاثة: آيات الأنبياء، ثمّ كرامات الصالحين، ثمّ خوارق الكفار والفجار؛ كالسحرة والكهان، وما يحصل لبعض المشركين، وأهل الكتاب، والضلاّل من المسلمين.
الكرامات سببها اتباع الأنبياء
أمّا الصالحون الذين يدعون إلى طريق الأنبياء لا يخرجون عنها، فتلك خوارقهم من معجزات الأنبياء؛ فإنّهم يقولون: نحن إنّما حصل لنا هذا باتّباع الأنبياء، ولو لم نتّبعهم لم يحصل لنا هذا.
فهؤلاء إذا قُدّر أنه جرى على يد أحدهم ما هو من جنس ما جرى للأنبياء؛ كما صارت النار برداً وسلاماً على أبي مسلم، كما صارت على إبراهيم؛ وكما يكثّر الله الطعام والشراب لكثيرٍ من الصّالحين؛ كما جرى في بعض المواطن للنبيّ، أو إحياء الله ميتاً لبعض الصالحين كما أحياه للأنبياء. ” النبوات” (142).
قال ابن تيمية في امراض القلوب (ص 49): وأن الكرامة لزوم الاستقامة وأن الله لم يكرم عبده بكرامة أعظم من موافقته فيما يحبه ويرضاه وهو طاعته وطاعة رسوله وموالاة أوليائه ومعاداة أعدائه وهؤلاء هم أولياء الله الذين قال الله فيهم (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) فإن كانوا موافقين له فيما أوجبه عليهم فهم من المقتصدين وإن كانوا موافقين فيما أوجبه وأحبه فهم من المقربين مع أن كل واجب محبوب وليس كل محبوب واجبا وأما ما يبتلى الله به عبده من الشر بخرق العادة أو بغيرها أو بالضراء فليس ذلك لأجل كرامة العبد على ربه ولا هوانه عليه.
و قال أيضا: والصواب ما تقدم من إثبات الكرامة لأولياء الله – تعالى-دون غيرهم، أما ما يكون للسحرة، والكهان، فليس من ذلك في شيء، فإنه يوجد ((بين كرامات الأولياء، وما يشبهها من الأحوال الشيطانية فروق متعددة:
منها أن كرامات الأولياء سببها الإيمان، والتقوى، والأحوال الشيطانية سببها ما نهى الله عنه، ورسوله)). الفرقان (171)
قال العلامة محمد الجامي: والكرامة التي تحصل للأولياء؛ لأنهم اتبعوا هدي أنبيائهم فلو أنهم خالفوا هديهم ما يحصل لهم لا يعتبر كرامة. إذن الكرامة ضمناً معجزة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام. والكرامة لا تنقطع طالما يوجد الإيمان والتقوى في هذه الأمة وأتباع النبي فالأولياء موجودون , إذن وجود الأولياء يستلزم وجود الكرامات , كل ذلك تفضلاً من رب العالمين. شرح الواسطية
قال العثيمين: الكرامات؛ قلنا: إنَّها تكون تأييدًا أو تثبيتًا أو إعانة للشخص أو نصرًا للحق، ولهذا كانت الكرامات في التّابعين أكثر منها في الصّحابة؛ لأنَّ الصّحابة عندهم من التثبيت والتأييد والنصر ما يستغنون به عن الكرامات؛ فإن الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان بين أظهرهم، وأمَّا التابعون؛ فإنهم دون ذلك، ولذلك كثرت الكرامات في زمنهم تأييدًا لهم وتثبيتًا ونصرًا للحق الذي هم عليه. شرح الواسطية (2/ 302 – 303).
* وهذه الكرامات لها أربع دلالات:
أولًا: بيان كمال قدرة الله عزَّ وجلَّ؛ حيث حصل هذا الخارق للعادة بأمر الله.
ثانيًا: تكذيب القائلين بأن الطبيعة هي التي تفعل؛ لأنَّه لو كانت الطبيعة هي التي تفعل؛ لكانت الطبيعة على نسق واحد لا يتغير؛ فإذا تغيرت العادات والطبيعة؛ دل على أن للكون مدبرًا وخالقًا.
ثالثًا: أنها آية للنبي المتبوع كما أسلفنا قريبًا.
رابعًا: أن فيها تثبيتًا وكرامة لهذا الولي.
[الفرق بين المعجزة و الكرامة]
قال العلامة الجامي رحمه الله:
هذه الأمور إن حصلت على يدي الأنبياء تسمى معجزة وتسمى آية في لغة القرآن (آيات الأنبياء) , وفي لغة أهل الكلام التي اصطلح عليها من أدرك المتكلمين وتأثر باصطلاحهم يسمى معجزة , ولا غضاضة في تسمية ذلك معجزة؛ لأنه مجرد اصطلاح. أهل السنة والجماعة لا يحاربون كل اصطلاح , وإنما الاصطلاحات الضارة هي التي تُحارب وتُرد ككثير من اصطلاحات علماء الكلام , أما إذا كان مجرد اصطلاح كتسمية آيات الأنبياء بالمعجزات لا يردون ذلك ولا ينكرون.
وإذا حصل أمرٌ خارقٌ للعادة على أيدي الصالحين من عباد الله من الصحابة والتابعين وعلماء المسلمين إلى يوم القيامة هذه التي تعتبر كرامة , يُظهر الشيء ويجري على أيديهم إكراماً لهم وعوناً لهم على طاعته سبحانه وتعالى بأن يجعلهم مجابو الدعوة ليأثروا على أعدائهم بدعوتهم ويرزقهم الإلهام -الإلهام شيء غير الوحي- كل هذا حصل بالفعل ويقع كثيراً. وما قد يحصل من الأمور الخارقة للعادة على أيدي الفساق والكفار والكهان والعرافين والرمالين وأصحاب الحصى وأصحاب الفناجين والكفوف , هذا استدراج من الله تعالى لهم؛ ليزدادوا إثماً ويزدادوا بذلك عذاباً
إذن ليست الأمور الخارقة دائماً معجزة ولا هي دائماً كرامة ولا هي دائماً استدراج , يُنظر إلى صاحب هذا الشيء الخارق للعادة (ما حصل لعيسى (من ولادته بدون أب كرامة وذلك قبل النبوة , وما حصل له بعد النبوة فهو معجزة). شرح الواسطية
وَأَنْكَرَتِ الْفَلَاسِفَةُ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ كَمَا أَنْكَرُوا مُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَنَكْرَتِ الْكَرَامَاتِ أَيْضًا الْمُعْتَزِلَةُ، وَبَعْضُ الْأَشَاعِرَةِ؛ بِدَعْوَى الْتِبَاسِهَا بِالْمُعْجِزَةِ، وَهِيَ دَعْوَى بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْكَرَامَةَ كَمَا قُلْنَا لَا تَقْتَرِنُ بِدَعْوَى الرِّسَالَةِ. الواسطية للهراس ص 352
الخلاصة:
قال الشيخ صالح ال الشيخ: فإن كان الخارق للعادة أوتي نبيا فيُسمى آية وبرهانا.
وإن كان الخارق للعادة أوتي عبدا صالحا تبعا لنبي فيسمى كرامة للوليِّ.
وإن كان الخارق للعادة أوتي مستكبرا على الأنبياء أو مبتدعا أو فاجرا أو كافرا فإنّه يُسمى مخاريق شيطانية أو من مساعدة الشياطين. [التعليقات الحسان على الفرقان]
فإذن ليس العبرة في خرق العادة. ولهذا تعرّف الكرامة التي تكون للأولياء بأن الكرامة أمر خارق للعادة يرى على يدي ولي، وآية النبي أمر خارق لعادة الجن والإنس، يرى على يدي نبي، والعادة التي تُخرق لفظها غير منضبط؛ لأنهم قالوا خارق للعادة. العادة هذه عادة من؟ هذا الوصف غير منضبط لأنه خارق للعادة، لهذا عند التحقيق يكون ثَم تفصيل:
فالعادة التي تُخرق للرسل والأنبياء آية وبرهان، فتكون العادة هي عادة الجن والإنس عادة الثقلين، قد دل على هذا قوله تعالى (قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَاتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَاتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) [الإسراء:88].
وأما الكرامة فهي خارق لعادة الإنس الذين فيهم ذلك الولي، قد يكون في مكان آخر لا تخرق العادة، لكنه يكرم بهذا مثل طعام يؤتاه في فصل الصيف وهو من طعام الشتاء، في مكان آهر من الأرض يكون ثَم شتاء في وقت هذا الصيف فيكون طعامهم طعام الشتاء، فيكون إذن العادة في حق الولي عادة الإنس الذين فيهم ذلك الولي، وقد يكون الإنس بعامة مثل المشي على الماء، أو الطيران في الهواء أو إلى آخره، لكن هذا يختلف باختلاف الأزمنة، فمثلا إذا مشى على الماء؛ الماء صار له يابسا ومشى عليه، اليوم ممكن أنه يقوم ببعض المعالجات الماء يكون يابس ويُمشي عليه، كذلك الطيران في الهواء كرامة، اليوم اختلف الوضع صار البر والفاجر يطير في الهواء بوسائل أحدثت، فإذن خرق العادة بالنسبة للولي قيده أن تكون عادة الناس في زمنه، أو عادة جنسه الذين يعيش فيهم.
أما خرق العادة بالنسبة الشياطين: الكهنة والسحرة فهم يأتون بأمور خارقة للعادة ولكنها عادة من ليس منهم، فالساحر يخرِق عادة من ليس بساحر، والكاهن يخرق عادة من ليس بكاهن.
المقصود من هذا بيان التفصيل في هذه الكلمة المجملة وهي خرق العادة، وأنّ ما آتاه الله جل وعلا للأنبياء والرسل خوارق للعادات، ولكن عادة كذا وكذا، وما آتاه الله جل وعلا الأولياء خارق للعادة من الكرامات ولكن عادة كذا وكذا، وأما مخاريق السحرة والكهنة فهي خارق للعادة من ليس من السحرة والكهنة، ولهذا لما أتى الله جل وعلا بآية موسى بطَلَت مكايد السحرة وما فعلوا؛ لأن ذلك الذي أعطاه جل وعلا موسى فوق ما تخرق الشياطين وتخبر به الجن أو يفعله السحرة والكهنة.
كل هذا لأجل تقرير الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، إذن كون الشيء يحصل خارقا للعادة المعتادة لا يدلّ على أن من حصل له وليا، يخبر بما في نفسه أو يخبر بأمر غائب، أو يأتيه شيء غريب في وقت غريب، أو يحصل له نوع أشياء وانتقالات، أو يسّر له أمور ونحو ذلك لا يدل على أنه ولي حتى يكون مؤمنا تقيا، لأن الخوارق قد تحصل من جهة الشياطين وحزبه. في هذا القدْر كفاية وصلى الله وسلم على نبينا محمد. [التعليقات الحسان على الفرقان]
=====
المبحث الحادي عشر: الولي والولاية في الإسلام.
تعريف الولي والولاية
تفاضل الأولياء
أقسام أولياء الله
لا يختص أولياء الله بلباس ولا هيئة
بطلان ما قد يعتقد فيهم من الغلو
—
: الولي و الولاية
الولاية – بفتح الواو-: المحبة والنصرة، وبالكسر: الملك والإمارة.
الولي:
عرّف جماعة من أهل العلم الولي: بأنّه كل مؤمن تقي وليس بنبي؛ (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) [يونس: 63] هم الأولياء، والإيمان والتقوى تتفاضل؛ الإيمان يتفاضل يزيد وينقص، ويتفاضل أهله فيه، وكذلك التقوى يتفاضل أهلُها فيها، فيكون إذن وصف الوَلاية يتفاضل أهله فيه، فالأولياء إذن ليسوا على مرتبة واحدة، لكن صار غالبا في الاصطلاح أنّ الولي هو المؤمن الذي كمَّل التقوى بحسب استطاعته، وليس مَن عنده شيء من الإيمان وشيء من التقوى وليا، وإنْ كان كل مؤمن تقي له وَلاية بحسَب ذلك، ففرق بين الاسم؛ اسم الولي وبين الوَلاية؛ الولاية التي هي محبة الله لعبده ونصرتُه له هذه تكون عنده بقدر ما عنده من الإيمان والتقوى، وأمّا اسم الولي فالآية دلت على أنّ من عنده إيمان وتقوى فهو من الأولياء، لكن في الإصطلاح إذا قيل الأولياء فهم العُبّاد الصالحون الذين كمّلوا التقوى بحسب استطاعتهم، أو بحسب حالهم، فلا يدخل فيه من خلط عملا صالحا وآخر سيئا.
” التعليقات الحسان على الفرقان” للشيخ صالح ال الشيخ (2)
وإذا عرف أن الناس فيهم أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، فيجب أن يفرق بين هؤلاء وهؤلاء، كما فرق الله ورسوله بينهما، فأولياء الله هم المؤمنون المتقون، كما قال تعالى: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون * الذين آمنوا وكانوا يتقون}. ” الفرقان بين أولياء الرحمن و أولياء الشيطان” (7).
أفضل أولياء الله
وأفضل أولياء الله هم أنبياؤه، وأفضل أنبيائه هم المرسلون منهم، وأفضل المرسلين أولو العزم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} وقال تعالى: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا * ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما}. ” الفرقان بين أولياء الرحمن و أولياء الشيطان” (10).
تفاضل أولياء الله
قال الطحاوي رحمه الله (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلُّهُمْ أَوْلِيَاءُ الرَّحْمَنِ، وَأَكْرَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَطْوَعُهُمْ وَأَتْبَعُهُمْ لِلْقُرْآنِ.)
يقرّر الطحاوي مُعْتَقَدْ أهل السنة في أنّ وَلَايَةْ الرحمن متعلقة بكل مؤمن.
فأولياء الرحمن هم المؤمنون، وكلُّ مؤمن له نصيبٌ من وَلَايَةِ الله – عز وجل – التي وَعَدَ بها عباده المؤمنين المتقين.
وكذلك يُقَرِّرْ أنَّ التفاضل فيما بينهم يعني فيما بين المؤمنين إنما هو باتِّبَاعِهِم للقرآن وتقواهم وكثرة طاعتهم لله – عز وجل -، فمن كان أكْثَرَ طاعةً لله – عز وجل – وأحسَنَ طاعة وأتْبَعَ للقرآن فإنه أحقُّ بتفضيلٍ في ولاية الرحمن – عز وجل – له.
وهذا الأصل الذي قَرَّرَهُ الأئمة في عقائدهم في أنّ كل مؤمن وليٌ للرحمن – عز وجل -، ويتفاضلون في الوَلاية بحسب تفاضلهم في الإيمان والتقوى هذا الأصل مُقَرَّرٌ في القرآن وفي السنة:
ففي كتاب الله – عز وجل – قال ربنا سبحانه وتعالى {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [يونس:62 – 64]، قال {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ}، قوله {الَّذِينَ آمَنُوا} الأظهر فيها أنها نعت للأولياء؛ يعني منصوبة على أنها نعت للأولياء، {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ} …. المؤمنين المتقين، أو أنها بدل منه والأمر قريب.
فأولياء الله هم المؤمنون المتقون.
وكذلك قال الله – عز وجل – {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنْ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة:257]، فبيَّنَ الله – عز وجل – في الآية هذه أنَّ الله سبحانه هو ولي المؤمنين.
وكذلك قوله – عز وجل – {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد:11].
وكذلك قوله – عز وجل – {إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْغَالِبُونَ} [المائدة:55 – 56].
ونحو ذلك من الآيات الكثيرة في هذا المعنى، وهي أنَّ وَلَايَةَ الله – عز وجل – للعبد إنما هي بسبب إيمانه، وكل مؤمن له نصيبٌ من التقوى بحسب إيمانه، فإنه ما آمَنَ إلا طلباً للأمن، والأمن تقوى وخوف وخشية، يعني طلب الأمن تقوى وخوف وخشية. ” شرح الطحاوية لصالح ال الشيخ” (415).
كيف تكتسب الولاية؟
الولاية أيها الإخوة أمر مكتسب ليست كالنبوة. النبوة بالاصطفاء الله هو الذي يصطفي من شاء من عباده ليكون نبيا رسولا واسطة بينه و بين عباده في التبليغ و التعليم و الهداية أما الولاية فأمر مكتسب.
يقول الله سبحانه و تعالى في هذا الحديث القدسي: (ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي من أداء ما افترضته عليه). أول ما تبدأ أول خطوة لتسير إلى الله و لتكون ولي الله تؤدي ما افترضه الله عليك. ما افترضه الله عليك أمران اثنان: فعل و ترك. فعل ما أوجبه الله عليك جميع ألوانه و ترك ما حرمه الله عليك هذا أول السلم تمتثل جميع المأمورات و تجتنب جميع المنهيات. بعد ذلك، تبدأ في الإكثار من النوافل و إذا أكثر العبد من النوافل أحبه الله. النوافل أيضا تشمل نوافل الصلاة، نوافل الصيام، نوافل الإنفاق و الحج و العمرة و جميع ما يحبه الله و يرضاه و ليس من الواجبات، تؤدي جميع هذه النوافل و تقوم بها فإذا فعل ذلك أحبه الله. من أدى الفرائض بامتثال المأمورات و اجتناب المنهيات و أكثر من النوافل أحبه الله. هذا هو الأمر المطلوب أن تكون محبوبا عند الله أي صرت وليا من أولياء الله تعالى.
(و لئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ ني لأعيذ نه) إذا وصل إلى هذه الدرجة صار لا يطلب من الله طلبا إلا و يعطى و لا يستعيذ إلا و يعاذ (و لئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ ني لأعيذ نه). عند ذلك يقول الله سبحانه و تعالى إذا أكثر من النوافل (كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و يده التي يبطش بها و رجله التي يمشي بها). كيف ذلك؟
يأتي تفسير ذلك في آخر الحديث فبه يسمع و به يبصر و به يبطش و به يمشي، أي يوفقه الله توفيقا خاصا بحيث لا يسمع إلا ما يرضي رب العالمين، لا يسمع إلى ما حرمه الله: تأنف نفسه أن يسمع إلا ما يحبه رب العالمين ولا يبصر إلا في مرضاة الله تعالى لا ينظر و لا يطلق عينيه إلا في مرضاة الله فيغض بصره عما يبغضه الله فبه يسمع و به يبصر و به يبطش لا يمد يده إلا في مرضاة الله تعالى يبطش و يصرع و يجاهد و يقاتل و لا يمشي إلا في مرضاة الله تعالى أي يكون موفقا في جميع حركاته وسكناته لشدة المراقبة و لشدة المحبة. يحب الله محبة صادقة و محبة الله تعالى روح الإيمان من رزقه الله محبته فأحبه و أحب شرعه و أحب نبيه و أحب ما جاء به نبيه عليه الصلاة و السلام محبة صادقة و راقب الله سرا و علنا و خشي الله في الخلوة و الجلوة، صار وليا صادقا من أولياء الله تعالى. ” من الولي” للعلامة الجامي رحمه الله (3).
فروق بين كرامات الأولياء والأحوال الشيطانية
وبين كرامات الأولياء، وبين ما يشبهها من الأحوال الشيطانية فروق متعددة: منها، أن كرامات الأولياء سببها الايمان والتقوى، والأحوال الشيطانية، سببها ما نهى الله عنه ورسوله. ” الفرقان بين أولياء الرحمن و أولياء الشيطان” (171).
[وليس من شرط ولي الله أن يكون معصوما لا يغلط ولا يخطاء]
قال الشيخ صالح ال الشيخ حفظه الله في” التعليقات الحسان على الفرقان” (50):
هذا التفصيل أصل في مسألة الوَلاية؛ وهو أنّه ليس من شرط ولي الله جل وعلا أنه لا يخطئ البتة، أو لا يغلط أبدا، أو لا يكون عنده إلتباس في بعض المسائل المهمة في العقيدة أو في الشريعة، أو لا يكون عنده نقص في العمل في بعض الأشياء، هذا ليس مِنْ شرط ولي الله جل وعلا أنْ يكون كاملا، إذْ لو شرط هذا لقيل إن الولي في مرتبة النبي؛ لأن النبي هو الذي لا يغلَط وهو الذي لا ينقص عن الكمال في مسألة الطاعة، ولا يلتبس عليه شيء، أمّا أولياء الله جل وعلا في هذه الأمة وفي الأمم فَهُم أكمل أقوامهم وأكمل أتباع الأنبياء، فقد يحصل لهم غلط والتباس واشتباه وبعض قصور في العمل، ولا ينفي ذلك أن يكونوا أولياء الله جل وعلا؛ لكن من كان أتم في العلم والعمل كان أكثر وأعظم ولاية؛ لأن الولاية تتبعض -كما ذكرنا في دروس ماضية-.
الولاية ليست بادعاء الكرامة
[علق الإمام الألباني على قول صاحب الطحاوية: «والمؤمنون كلهم أولياء الرحمن» قائلاً]:
وهم الموصوفون في قوله تعالى: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين آمنوا وكانوا يتقون} (يونس: 62 – 63) وليست الكرامة بادعاء الكرامات وخوارق العادات كما يتوهم كثير من الناس، بل ذلك من الإهانات التي تُشَوِّه جمال الإسلام.
“التعليق على متن الطحاوية” (ص70).
الأولياء قسمان فيما دَلَّتْ عليه الأدلة:
– مقتصدون.
– وسابقون مُقَرَّبون.
وذلك أنَّ الله – عز وجل – جَمَعَ في آية سورة فاطر أنواعَ الذين أُورِثُوا القرآن فجعلهم ثلاثة أصناف في قوله {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [فاطر:32] فجعلهم ثلاثة أصناف:
– الظالم لنفسه.
– والمقتصد.
– والسابق بالخيرات.
والظالم لنفسه لا يستحق اسم الإيمان المطلق ولا التقوى المطلقة، فخَرَجَ من قوله {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} فبقي أنَّ الأولياء المؤمنين المتقين صنفان:
– المقتصد.
– والسابق بالخيرات.
والسابق بالخيرات أطوَعُ وأتبَعُ للقرآن مِنَ المقتصد، فنصيبه من الولاية وهي محبة الله – عز وجل – له ونُصْرَتُهُ له أعظم من نصيب المقتصد.
وهؤلاء هم الذين جاء فيهم الحديث المشهور المسمى بحديث الولي وهو قوله صلى الله عليه وسلم «قال الله تعالى: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته -هذا سابق بالخيرات- كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولابد له من ذلك». رواه البخاري وغيره، وهو حديث صحيح لا مَطْعَنَ فيه، فدَلَّ الحديث على أنَّ السابق بالخيرات أحَقْ وأعظم وَلاية لله – عز وجل – من الذي يتقرب إلى الله بالفرائض.
قال «وما تقرّب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه»، وما افْتَرَضَهُ الله – عز وجل – على العباد أوامِرْ يمتثلها ونواهٍ يجتنبها، فيتقرب إلى الله بفعل المأمور، ويتقرب إلى الله – عز وجل – بترك المنهي المُحَرَّمْ، وهذا هو حال المقتصد، ثم ذَكَرَ الفئة الثانية وهم السابقون بالخيرات. ” شرح الطحاوية لصالح ال الشيخ” (419).