86.لطائف التفسير والمعاني
جمع عبدالحميد البلوشي
بإشراف الشيخ الدكتور سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله. ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا)
——‘——-‘——-‘
——‘——-‘——-
“””””””””””””””””””””
ما هي الآيات التي ذكر فيها البحر مفردا ومثنى وجمع
وما هي الآيات التي ذكر فيها النهر مفردا ومثنى وجمع
وهل هناك فارق بين آياتهما يعني من حيث دلالتهما على قدرة الله
—–‘——‘——
الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد …
الفرق بين البحر والنهر
يتضح لنا أن البحر في اللغة يطلق على الماء المجتمع الكثير ملحاً كان أو عذباً، نهراً أو بحراً، وأن الفرق بين البحار والأنهار هو أن مياه النهر جارية، أما مياه البحار فهي مياه
راكدة وكذا أن ماء البحر- على خلاف الماء العذب- لا يتجمد عند درجة الصفر المئوى، بل عند درجة أدنى بكثير من ذلك، لأن الأملاح الذائبة فى الماء تزيد من كثافته وتمنعه من التجمد عند درجة الصفر، والبحار لا تعرف تقلبات الفصول من صيف وخريف وشتاء وربيع، مثلما هى لا تعرف ضوء النهار ولا تصلها أشعة الشمس، فضلا عن أنها بحار باردة فى برودة الثلج، لا تتأثر بموقعها من خطوط العرض المختلفة بين القطبين وخط الاستواء
ورد لفظ البحر في القرآن في (33) موضعاً، وبلفظ التثنية في (5) مواضع، وبلفظ الجمع في (3) مواضع (3):
لفظة (البحر) جاءت بصيغة المفرد والمثنى والجمع فقد جاءت بصيغة المفرد المعرف بأل الذي يفيد أن هذا البحر هو المعهود بين المخاطبين في كل سورة (البقرة، المائدة، الأعراف، يونس، إبراهيم، النحل، الإسراء، والكهف، طه، الحج، الشعراء لقمان، الشورى، الدخان، الجاثية، الرحمن) وجاءت بصيغة المفرد النكرة في سورة النور (بحر) لأنه جاء في معرض ضرب المثل، وجاءت بصيغة المثنى المعرف بال في كل من سورة (الكهف، الفرقان، النمل، الرحمن) وفي صيغة الجمع المعرف بال في كل من سورة (التكوير، والإنفطار).
أما لفظة (النهر) فقد جاءت بألفاظ عدة منها بصيغة الجمع والمفرد وسوف نضعها في جدول لنرى هذه اللفظة وورودها في الآيات ومن ثم نتعرف على هذه اللفظ في السياق القرآني
و لفظة (الأنهار) جاءت بصيغة المفرد والجمع في (44) آية فجاءت بلفظ المفرد في موضعين في سورة (الكهف، والقمر) وجاءت بلفظ الجمع المنكر في موضع واحد من سورة محمد في الآية وقد تكررت اللفظ في هذه الآية أربع مرات. أما في بقية المواضع أي في (41) آية فقد جاءت بصيغة الجمع المعرف ضمن السياق القرآني.
نعمة البحر: فمنه اللحم الطري من السمك وغيره للطعام. وإلى جواره الحلية من اللؤلؤ ومن المرجان، وغيرهما من الأصداف والقواقع التي يتحلى بها أقوام ما يزالون حتى الآن … كذلك يوجهنا السياق- أمام مشهد البحر والفلك تشق عبابه- إلى ابتغاء فضل الله ورزقه والتجارات، وإلى شكره على ما سخر من الطعام والزينة والجمال في ذلك الملح الأجاج
كما سخرها للتمكين من منافع أخرى للابتغاء من فضله، مثل استخراج البترول من قاع البحار وتوليد الكهرباء وتحليته ليصبح عذب صالح للشرب وغير ذلك.
فصيد البحر وطعامه مباح للمحرم وغير المحرم. وسواء أخرج من الماء حيا أم ميتا. وكذلك ما قذفه البحر إلى الساحل.
نعمة الأنهار:
قال تعالى: (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا). .
فقد شق الله وسط هذه الجنتين نهرا
ثم بين في آية أخرى تفضله على عباده بأن جعل الأنهار وسخرها للإنسان فقال: (أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61).))
فهنا يذكر الله عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا فإن صاحب النعم ومن وهبا لهم أحق أن يعبد أمن اتخذوهم للعبادة مع أنهم لا يضرون ولا ينفعون فهو الذي جعل الأرض مستقرا للإنسان والدواب، وجعل فى أوسطها أنهارا ينتفعون بها فى شربهم وسقى أنعامهم ومزارعهم، وجعل فيها ثوابت الجبال حتى لا نميد بهم، وحتى ينتفعوا بما فيها من المعادن المختلفة، وقد أنزل الماء على شواهقها وجعل بين المياه العذبة والملحة حاجزا يمنعهما من الاختلاط حتى لا يفسد هذا بذاك، والحكمة تقضى ببقاء كل منهما على حاله، فالعذبة: لسقى الناس والحيوان والنبات والثمار، والملحة: تكون مصادر للأمطار التي تجرى منها، وكذلك هى وسيلة لإصلاح الهواء. (أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ؟) فى إبداع هذه الكائنات وإيجاد هذه الموجودات تعالى الله عما يشركون.
وقد جعل هذه الأنهار العذبة هي من ضمن جزاء الناس في الآخرة فجاء في آيات كثير تصف الجنة وما فيها من أنهار فقال: ((قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15).))
ولما كان هواء الجنة نقي ولا توجد فيها فضلات وقاذورات فهي لا تحتاج لمياه البحار لتنقية أرضها.
وقال: ((أُولَائِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)))
وغيرها من الآيات التي تصف الجنة التي أعدها الله لعباده المؤمنين بأنها تجري من تحتها الأنهار
ثم بين هذه الأنهار من أي نوع هل هي مجرد الماء الذي عهدوه في الدنيا فقال في آية أخر في سورة محمد: (مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15))
إنها أنهار جارية من مياه غير متغيرة الطعم والريح، لطول مكثها وركودها. وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ فلم يحمض، وأنهار من خمر لذيذة لهم، وليس فيها كراهة طعم وريح، ولا غائلة سكر كخمور الدنيا. وأنهار من عسل قد صفّى من القذى وما يكون فى عسل أهل الدنيا قبل التصفية من الشمع وفضالات النحل وغيرها.
دور الإعجاز العلمي في البحار والأنهار:
من منن الله التى منّ بها على عباده تسخيره البحار والمحيطات التى تجرى فيها الفلك وكالأعلام ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، رأفة منه بخلقه، ورحمة منه لعباده، وفى ذلك يقول الله وعز جل: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (65).الحج.
وإن الأرض على الرغم من مساحتها الواسعة التى يتخذ الناس منها معاشا، وسكنا، ومستقرا، يغلب عليها فى ساحاتها الواسعة عنصر الماء، بحيث أن هذا الماء يغطى نحو ثلاثة أرباع الأرض، وإن النعم التى تزخر بها البحار لمما يستعصى على الإنسان حتى اليوم إحصاؤه والتعرف عليه إلا أن العلم الحديث يمدنا ببعض الحقائق التى تلقى مزيدا من الضوء على معانى بعض الآيات في الإعجاز العلمي والتي تخص البحار ففي قوله تعالى: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ (40))) يخبرنا علماء البحار بأن درجة الحرارة فى الأعماق التى تزيد على الألف متر تتراوح بين 1 – 2 درجة مئوية، أى أعلى بدرجة أو درجتين فقط من درجة الصفر المئوى التى يتجمد عندها الماء العذب. إلا أن هذه الميزة لا تكون في ماء البحار المالحة والتي لا تتأثر بهذا القانون فإن ماء البحر لا يتجمد عند درجة الصفر المئوى، بل عند درجة أدنى بكثير من ذلك، لأن الأملاح الذائبة فى الماء تزيد من كثافته وتمنعه من التجمد عند درجة الصفر. وتتميز البيئة البحرية على هذه الأعماق البعيدة بأنها لا تعرف تقلبات الفصول من صيف وخريف وشتاء وربيع، مثلما هى لا تعرف ضوء النهار ولا تصلها أشعة الشمس، فضلا عن أنها بيئة باردة فى برودة الثلج، لا تتأثر بموقعها من خطوط العرض المختلفة بين القطبين وخط الاستواء، ومن ثمّ فهى بيئة متجانسة الخصائص إلى حد كبير. وأن في قاع البحار العميقة -كثيرة الماء- (البحر اللجي) ظلمات شديدة، حتى أن المخلوقات الحية تعيش في هذه الظلمات بدون آلات بصرية وإنما تعيش بواسطة السمع، ولا توجد هذه الظلمات الحالكة في ماء البحر الذي يحيط بالجزيرة العربية.
وهناك عدة عوامل تسبب اندفاع الماء فى أمواج داخلية بالبحر أهمها:
تغير الضغط الجوى، وحركة المد والجزر، واختلاف شدة الرياح من مكان لآخر. ومن الجدير بالذكر أن هذا النوع من الأمواج الداخلية يسود فى البحار والمحيطات العميقة، مثل المحيط الهادى الذى يعتبر أكثر محيطات العالم عمقا، وفيه أخدود «المارياناز» الذى يبلغ عمقه نحو أحد عشر كيلومترا. وهنا نتأمل دقة التعبير القرآنى الذى تحدث عن وجود هذه الظاهرة فى «بحر لجى» أى عميق كثير الماء كالمحيط الهادى وليس أى بحر. من ناحية أخرى، نعرف أن مناطق البحار والمحيطات العميقة يخيم عليها دائما سحب كثيفة معتمة بسبب عمليات التبخير المستمر، ومن يتتبع مسار الأشعة الضوئية القادمة من الشمس فى هذه المناطق يجد أن جزءا كبيرا منها يتم انعكاسه أو امتصاصه بواسطة السحاب، ثم ينعكس جزء آخر بواسطة موجات البحر السطحية التى تعمل بسبب ميلها كأنها مرايا عاكسة، ويتم امتصاص الجزء الباقى من الأشعة الضوئية بواسطة طبقات مياه البحر الداخلية على أبعاد معينة تحت السطح، حيث يبدأ امتصاص ألوان الطيف المرئى تباعا حسب أطوالها الموجية، فتمتص الأشعة الحمراء ذات الموجات الطويلة قريبا من سطح البحر لعدم قدرتها على اختراق الماء إلى أعماق كبيرة. ففي الآية فضلاً عن الوصف الخارجي إشارتان مهمتان: أولهما: الإشارة الشفافة إلى تراكب الأمواج. والثاني: هو الإشارة إلى الظلمات المتكاثفة في أعماق البحار، وهاتان العبارتان تستلزمان معرفة علمية بالظواهر الخاصة بقاع البحر، وهي معرفة لم تتح للبشرية، إلا بعد معرفة جغرافية المحيطات، ودراسة البصريات الطبيعية. وغني عن البيان أن نقول: … والأولون لم يعرفوا ظاهرة تراكب الأمواج، وظاهرة امتصاص الضوء واختفائه على عمق معين في الماء
لكنهم يؤمنون بما ذكر القرآن وإن لم يتوصلوا له وإن لم يروه.
و معجزة القرآن الخالدة تتجدد مع تقدم العلم.
ومن المنن الكبرى التى ضمنها الله- سبحانه وتعالى- كتابه العزيز قوله- سبحانه: (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا (53). فالله وحده هو “الذي جعل البحرين المتضادين متجاورين متلاصقين لا يمتزجان، هذا ماء زلال عذب شديد العذوبة، وهذا مالح شديد الملوحة، ولكن لا يختلط أحدهما بالآخر، قال تعالى: (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ). (21)))، وقال تعالى: (أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ). وهذه الحقيقة من آيات الله العظمى، ومننه الكبرى بحيث يتدفق الماء العذب الفرات، ويموج الملح الأجاج، ويخلق بينهما فاصلا قد لا يكون من الأرض، بل كثيرا ما يكون من الماء نفسه، وهذه الحقيقة تتبدى بوضوح عند مصبات الأنهار الكبرى، مثل نهر الأمازون فى أمريكا الجنوبية، الذى يندفع الماء العذب بين أحضان الماء المالح لمسافة تمتد لنحو ثلاثمائة كيلومتر فى قلب المحيط، يستطيع الإنسان فى أى موقع من هذه المسافة الطويلة أن يشرب ماء عذبا سائغا، دون أن يختلط به قطرة واحدة من الماء المالح وهذه الحقيقة تتضح فى لقاء البحر الأحمر ببحر العرب الذى هو جزء من المحيط الهندى، ذلك أن مياه البحر الأحمر أشد ملوحة، وأكثر حرارة من تلك التى فى بحر العرب، فلا يمتزج ماؤهما عند اللقاء، وإنما يجلف ماء البحر الأحمر- لطبيعته السالف ذكرها- إلى أسفل مياه بحر العرب، كما قرر العلماء المختصون بعلوم البحار.
والظاهرة نفسها تتكرر عند لقاء مياه البحر الأبيض المتوسط عند خليج جبل طارق بمياه المحيط الأطلنطى الكبير، وهذه من نعمة الله على عباده وهى عدم اختلاط مياه البحار المتجاورة بل جعل بينهما قانونا ثابتا يحكم فيهما العلاقة بينهما من حيث الكثافة والملوحة وما فيهما من أحياء مائية كأن بين كل بحر وآخر حاجزا غير ظاهر للعيان لم تقمه يد الانسان ولكن أقامته يد الرحمن وقدرته العظيمة، كما جعل ماء النهر لا يؤثر في ماء البحر فيغير ملوحته كما لا يؤثر ماء البحر في ماء النهر لان النهر الذى يصب في البحر يكون عادة في مستوى أعلى من مستوى سطح البحر.
ونرى في آيات أخرى يذكر الله حال البحار وما يحدث فيها في أنتهاء العالم فيقول: (وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ). أي: اشتعلت نارا، وقد أثبت العلم الحديث أن الماء يتألف من غازي الهيدروجين والأوكسجين يمكن فصلهما من الماء بالتحليل الكهربائي وهما غازان مشتعلان وهذا يدل على أنه يمكن أن يشتعل الماء وهي حقيقة علمية مثبتة في القرآن الكريم. وهو من المشاهد المهولة في يوم القيامة تغير البحار عن طبيعتها المعهودة لما يحصل لها من أمر الله تعالى وذلك بخرابها
،وقد ذكر المفسرون أقوالاً كثيرة لمعنى سجرت وكلها تعطي معنى للتغيرات العظيمة التي أرادها الله تعالى
قال قتادة في تفسير (سجرت): ملئت بأن صارت بحرا واحدا وكثر ماؤها
وقيل: أرسل عذبها على مالحها، ومالحها على عذبها حتى امتلأت. وقيل فجرت فصارت بحرا واحدا. وقيل: هو من سجرت التنور أسجره سجرا: إذا أحميته. وقيل معنى سجرت: أنها صارت حمراء كالدم.
وفي معنى (فجرت): أي فتح بعضها على بعض، عندما تسوى الأرض بعد زوال الجبال وتصبح قاعا صفصفا، يذهب البرزخ الحاجز، والحجر الذي كان يمنع الماء من الفيضان على الأرض، فتتدفق المياه على بعضها، وهي نار تضطرم فتوجف القلوب وتضطرب من هذا المشهد المروع”.
أما النظرة العلمية المعاصرة للبحر المسجور: فقال باحث “من المعاني اللغوية للبحر المسجور هو المملوء بالماء , والمكفوف عن اليابسة , وهو معنى صحيح من الناحية العلمية صحة كاملة، كما أثبتته الدراسات العلمية في القرن العشرين , ومن المعاني اللغوية لهذا القسم القرآني المُبهِر أيضا أن البحر قد أُوقد عليه حتى حمي قاعه فأصبح مسجورا ً, وهو كذلك من الحقائق العلمية التي اكتشفها الإنسان في العقود المُتأخِّرة من القرن العشرين , والتي لم يكن لبشر إلمام بها قبل ذلك أبدا