1086 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم، ونوح وعبدالخالق، وموسى الصوماليين.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله. ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا)
——‘——-‘——-‘
——‘——-‘——-‘
الصحيح المسند (ج2/ رقم 1086):
أخرج أبو يعلى عن قيس بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو كان الإيمان معلقا بالثريا لناله رجال من أبناء فارس.
===================
الكلام عليه من وجوه:
الوجه الأول: في السند. (ترجمة الرواي، تخريجه).
أ – ترجمة الراوي (سبق)
ب – التخريج:
روي الحديث بألفاظ أخرى، وللشيخ الألباني تعليق عليها:
1017 – ((لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء. يعني سلمان الفارسي)).
قال الألباني في ” السلسلة الصحيحة ” 3/ 13: أخرجه البخاري (8/ 521) و مسلم (6/ 191 – 192) من طريق أبي الغيث عن أبي هريرة قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نزلت عليه سورة (الجمعة) فلما قرأ: {و آخرين منهم لم يلحقوا بهم}، قال رجل: من هؤلاء يا رسول الله؟ فلم يراجعه النبي صلى الله عليه وسلم حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثا قال: -وفينا سلمان الفارسي-، قال: فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على سلمان، ثم قال: الحديث.
قلت: وقد صح بلفظ آخر، و هو: ((لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس أو قال: من أبناء فارس حتى يتناوله)). أخرجه مسلم (6/ 191) و أحمد (2/ 308 – 309) من طريق زيد بن الأصم عن أبي هريرة مرفوعا.
قلت: وله طريق أخرى عن أبي هريرة وفيه سبب وروده، و هو ما أخرجه بن أبي حاتم و ابن جرير من طريق مسلم بن خالد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: ” إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية: {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} قالوا: يا رسول الله، من هؤلاء الذين إن تولينا استبدل بنا، ثم لا يكونوا أمثالنا؟ قال: فضرب بيده على كتف سلمان الفارسي رضي الله عنه ثم قال: ((هذا و قومه، لو كان الدين .. )).
قال الحافظ بن كثير: ” تفرد به مسلم بن خالد الزنجي و قد تكلم فيه بعض الأئمة “.
قلت: وهو ضعيف من قبل حفظه و السبب الذي ساقه للحديث يخالف ما رواه أبو الغيث عن أبي هريرة في اللفظ الأول. (انظر الاستدراك رقم 14/ 1) انتهى
وروي بلفظ: ((لو كان العلم … )) ويأتي في ” الضعيفة ” (2054). وله شاهد من حديث ابن عمر مرفوعا بلفظ: “رأيت غنما كثيرة سوداء، دخلت فيها غنم كثيرة بيض، قالوا فما أولته يا رسول الله؟ قال: ((العجم، يشركونكم في دينكم و أنسابكم)). قالوا: العجم يا رسول الله؟ قال: ((لو كان الإيمان معلقا بالثريا لناله رجال من العجم، و أسعدهم به الناس)). سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها … للألباني المجلد الثالث: رقم الحديث (1017).
1018 – ((رأيت غنما كثيرة سوداء، دخلت فيها غنم كثيرة بيض، قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: العجم، يشركونكم في دينكم و أنسابكم. قالوا: العجم يا رسول الله؟ قال: لو كان الإيمان معلقا بالثريا لناله رجال من العجم، و أسعدهم به الناس))
تنبيه: في الحاشية: كذا الأصل، و هو غير مفهوم، ولعل الصواب: ((و أسعد بهم الناس)). اهـ.
قال الألباني في ” السلسلة الصحيحة ” 3/ 15: أخرجه الحاكم (4/ 395) من طريق هاشم بن القاسم: حدثنا عبد الرحمن ابن (الأصل: عن) عبد الله بن دينار عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذكره. وقال: ” صحيح على شرط البخاري ” ووافقه الذهبي.
قلت: وهو كما قالا لولا أن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار تكلم فيه غير واحد من قبل حفظه، وقد أورده الذهبي في ” الضعفاء “، وقال: ” ثقة، قال ابن معين و غيره: في حديثه ضعف “. و قال في الميزان: “صالح الحديث، و قد وثق “. و قال الحافظ في ” التقريب “: ” صدوق يخطاء “.
قلت: فحسب مثله أن يحسن حديثه، أما الصحة فلا.
نعم للحديث شواهد يتقوى بها. فقد أخرجه أبو نعيم في ” أخبار أصبهان ” (1/ 9) من طريق عمرو بن شرحبيل عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا به، دون الشطر الثاني، و لفظه: “رأيت الليلة غنما سودا تتبعني، ثم أردفتها غنم عفر، فقال أبو بكر: تلك العرب اتبعتك، ثم أردفتها الأعاجم، فقال صلى الله عليه وسلم: ((كذلك عبرها الملك بسحر)).
ثم أخرجه من طريق أخرى عن عمرو بن شرحبيل عن حذيفة به. و من طريق سوار بن مصعب عن عبد الحميد أبي غياث عن الشعبي عن النعمان بن بشير به. أخرجه أبو نعيم (1/ 209 / 267) <1>. ثم أخرجه (1/ 10) عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي بكر مرفوعا. و من طريق سفيان: حدثنا حصين بن عبد الرحمن السلمي عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى مرفوعا.
وخالفه محمد بن فضيل فرواه عن حصين بن عبد الرحمن عن ابن أبي ليلى عن أبي أيوب رضي الله عنه مرفوعا به. أخرجه الحاكم و سكت عليه هو و الذهبي، وكأنه لهذا الاختلاف، وإلا فرجاله كلهم ثقات. ثم أخرج له أبو نعيم (1/ 10) شاهدا من طريق أبي عاصم قيس بن نصير الأسدي: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا به. و هذا إسناد على شرط الشيخين غير قيس هذا فلم أجد له ترجمة. لكن له طريق أخرى عنده (1/ 8) من طريق المغيرة بن مسلم عن مطر الوراق و هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة به. قلت: و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات، وفي الوراق كلام من قبل حفظه، لكنه هنا متابع، فهو قوة للحديث كما لا يخفى. و أما الشطر الثاني من الحديث فهو في ” الصحيحين ” و غيرهما من طرق أخرى عن أبي هريرة نحوه كما تقدم تخريجه قبل هذا.
[1] قلت: و في متن هذا الطريق زيادة منكرة بلفظ “ومن دخل في هذا الدين فهو عربي”. وإسنادها ضعيف جدا، ولذلك أوردتها في الضعيفة (2052). اهـ. سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها … للألباني المجلد الثالث: رقم الحديث (1018).
قلت سيف بن دورة: بينا في شرحنا لمسلم كتاب الرؤيا عدم صحة الحديث فقلنا:
قلت: عبدالرحمن بن عبدالله بن دينار لا يحتمل الإختلاف عليه في الوصل والإرسال أما عن شاهده من حديث عبدالرحمن بن أبي ليلى عن أبي بكر، رجح الدارقطني في العلل 80 فيه الإرسال.
أما عن حديث أبي هريرة فهو في فضائل الصحابة من زوائد عبدالله من طريق زائدة عن هشام عن الحسن قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رأيت كأني انزع على غنم سود فخالطها غنم عفر فأولت السود العرب والعفر من خالطهم من إخوانهم من العجم قال فبينما أنا كذلك إذ جاء أبوبكر فأخذ الدلو فنزع ذنوباً أو ذنوبين وهو ضعيف والله يغفر له ثم جاء عمر …. ) ومراسيل الحسن من أضعف المراسيل، وهذا المرسل يعلل الحديث المتصل عن أبي هريرة، ثم حديث أبي هريرة رضي الله عنه ورد في الصحيحين من طرق عن أبي هريرة رضي الله عنه بغير هذه الزيادة، وهو كذلك في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، ففي ثبوتها عندي نظر. انتهى من شرحنا لصحيح مسلم.
أما نزول الآية: (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم. .. ) وأنها سبب الثناء على فارس قال الذهبي في للسير 1/ 541: إسناده وسط.
لكن عندي أن ما في الصحيح أصح لأن العلماء وإن كان صدوقا فقد أنكر عليه بعض الأحاديث وهنا خالف ما في الصحيحين.
وإن صححناه فسيأتي توجيهه وأنه لا حجة فيه لمن يقول قصر الصحابة في نصرة نبيهم.
الوجه الثاني: شرح وفقه الحديث. وباقي الروايات
جاء في تراجم صحيح مسلم: ” بَابُ فَضْلِ فَارِسَ” في “كتاب فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ”.
الفرس:
قيل: إنهم من ولد هدرام بن أرفخشد بن سام بن نوح، وأنه ولد بضعة عشر رجلا، كلهم كان فارسا شجاعا، فسموا الفرس، للفروسية.
وقيل: في نسبهم أقوال أخرى.
وفي الطبقات: كان أولهم على دين نوح، ثم دخلوا في دين الصابئة، في زمن طمهورث، فداموا على ذلك أكثر من ألف سنة، ثم تمجسوا على يد زرادشت.
واشتهر من مسلميهم سلمان الفارسي.
قال القرطبي: وقع ما قاله صلى الله عليه وسلم عيانا، فإنه وجد منهم من اشتهر ذكره من حفاظ الآثار، والعناية بها، ما لم يشاركهم فيه كثير من غيرهم. [انظر: فتح المنعم] بتصرف يسير.
وورد في صحيح مسلم:
– من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَوْ كَانَ الدِّينُ عِنْدَ الثُّرَيَّا، لَذَهَبَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ فَارِسَ – أَوْ قَالَ – مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسَ حَتَّى يَتَنَاوَلَهُ)).
– وفي الرواية الأخرى: قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ، فَلَمَّا قَرَأَ: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} قَالَ رَجُلٌ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَأَلَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ: وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ قَالَ: فَوَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ، ثُمَّ قَالَ: ((لَوْ كَانَ الْإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا، لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلَاءِ)).
(سورة الجمعة): “أي: وفيها هذه الآية {وآخرين منهم} فلما قرأها قلت من هم؟. {لما يلحقوا بهم} في الفضل الجمعة 3 /. (فلم يراجعه) لم يجبه على سؤاله.
و (الثريا): مجموعة من النجوم البعيدة عن الأرض، وبها يضرب المثل في البعد.
والكلام كناية عن وصول أهل فارس إلى الدين والعلم والإيمان مهما كلفهم هذا الوصول، زاد في بعض الروايات: برقة قلوبهم.
” (لناله) لسعى إليه وحصله. (من هؤلاء) أي الفرس بدلالة وضع يده على سلمان رضي الله عنه”
يعني: “لو كان الإيمانُ في بُعدِ نجْمِ الثُّريَّا لَسَعَى إليه وحصَّلَه رجالٌ مِن قومِ سلْمانَ رضِي اللهُ عنه، وهمْ أهلُ فارسَ، وهذا إشارةٌ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ المقصودَ بقولِه تعالى: {وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} أهلُ فارسَ، ويُحتملُ أنْ يُرادَ بهم غيرُ العربِ عُمومًا، وقدْ ظهرَ ذلك عِيانًا، فإنَّه ظهرَ فيهمُ الدِّينُ وكثُرَ العلماءُ”.
فلما قرأ: {وءاخرين منهم لما يلحقوا بهم} [الجمعة: 3] قال رجل: من هؤلاء يا رسول الله. وفي رواية: من هؤلاء الذين لما يلحقوا بنا؟ والتعبير بـ لما يفيد أنهم سيلحقون. [انظر: فتح المنعم].
و”لا فضْلَ لِعربيٍّ على عَجَميٍّ إلَّا بِالتَّقوى)، فلا العربيُّ يَدخلُ الجنَّةَ بِنَسبِه ولا غيرُ العربيِّ يُحرَمُها بِنَسبِه، بلْ كلُّ مَن حقَّقَ أَسبابَ الدَّرجاتِ العلى نَالها، أيًّا كان جنسُه ولونُه”.
الوجه الثالث: ما يستفاد من الحديث، فوق ما تقدم:
1 – “في الحديث فضيلة ظاهرة لأبناء فارس”.
2 – أن العلم والإيمان مما يرفع قدر العبد.
3 – فيه ” الفضل الحقيقي: هو اتباع ما بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم من الإيمان والعلم باطنا وظاهرا، فكل من كان فيه أمكن: كان أفضل.
والفضل إنما هو بالأسماء المحمودة في الكتاب والسنة مثل: الإسلام، والإيمان، والبر، والتقوى، والعلم، والعمل الصالح، والإحسان، ونحو ذلك، لا بمجرد كون الإنسان عربيا، أو عجميا، أو أسود، أو أبيض، ولا بكونه قرويا، أو بدويا”. [اقتضاء الصراط المستقيم]
و”لا فضْلَ لِعربيٍّ على عَجَميٍّ إلَّا بِالتَّقوى، فلا العربيُّ يَدخلُ الجنَّةَ بِنَسبِه ولا غيرُ العربيِّ يُحرَمُها بِنَسبِه، بلْ كلُّ مَن حقَّقَ أَسبابَ الدَّرجاتِ العلى نَالها، أيًّا كان جنسُه ولونُه”.
4 – “وجواز استعمال المجاز والكناية والمبالغة إذا كانت في مواضعها”.
5 – فيه التخويف من ترك الدين
هذا على فرض صحة الحديث الذي فيه: ” إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية: {وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} .. الحديث.
تنبيهان هنا:
– وإن ذكر هذا التخويف ولم يقع ذلك من الصحابة رضي الله عنهم، كما تدعي الشيعة.
– وهذا “لا أن في الوجود من هو خير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم”، وإن كانوا بهذا الوصف.
قال القرطبي رحمه الله: “قوله تعالى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ} هو إخبار عن القدرة، وتخويف لهم، لا أن في الوجود من هو خير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم” انتهى. ” تفسير القرطبي ” (18/ 194).
6 – وعلى فرض أن الآية {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ} الآية في الردة، وأن المقصود بهم العرب، وأن القوم الذين سيحلون مكانهم هم “الفرس”: فإنها تحوي علماً غيبيّاً فيها بشارة للمسلمين من أهل الفرس أنه لا يحدث فيهم ردة عن الدِّين، وفيه إشارة لاحتمال وقوعها من غيرهم، وهو ما حصل بالفعل.
قال الطاهر بن عاشور رحمه الله:
“وأقول: هو يدل على أن ” فارس ” إذا آمنوا: لا يرتدون، وهو من دلائل نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإن العرب ارتد منهم بعض القبائل بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وارتدّ البربر بعد فتح بلادهم وإيمانهم ثنتي عشرة مرة، فيما حكاه الشيخ أبو محمد بن أبي زيد، ولم يرتد أهل فارس بعد إيمانهم” انتهى. ” التحرير والتنوير ” (26/ 139).
فإما أن يقال: لم يحصل تولي عموماً لا عن الطاعة، ولا عن النفقة، فلم يحصل استبدال، أو يقال: حصل التولي من بعض العرب فجاء الله تعالى بالبديل من مسلمي الفرس، فخدموا دين الله تعالى، وساهموا في نشره، وبذلوا أنفسهم وأموالهم في ذلك.
7 – فيه دلالة من دلالات النبوة، وهو وقع ما قاله صلى الله عليه وسلم عيانا.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله
“قال القرطبي: وقع ما قاله صلى الله عليه وسلم عِياناً، فإنه وُجد منهم – أي: من الفرس – من اشتُهر ذِكرُه من حفَّاظ الآثار، والعناية بها، ما لم يشاركهم فيه كثيرٌ من أحدٍ غيرهم” انتهى. ” فتح الباري ” (8/ 643).
وقال أبو العباس رحمه الله:
” ومصداق ذلك ما وجد في التابعين ومن بعدهم، من أبناء فارس الأحرار والموالي، مثل الحسن، وابن سيرين وعكرمة مولى ابن عباس، وغيرهم، إلى من وجد بعد ذلك فيهم من المبرزين في الإيمان والدين والعلم، حتى صار هؤلاء المبرزون أفضل من أكثر العرب”. [اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم].
الوجه الرابع: المسائل الملحقة:
1) تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ} الآية.
قال الماوردي رحمه الله: ” (يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ) فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنهم أهل اليمن، وهم الأنصار، قاله شريح بن عبيد.
الثاني: أنهم الفرس – وذكر حديث أبي هريرة -.
الثالث: أنهم مَن شاء مِن سائر الناس، قاله مجاهد” انتهى. ” النكت والعيون ” (5/ 307، 308).