1363، 1364، 1365 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين جميعا).
——-‘——–‘—–‘
——-‘——‘——-‘
باب ما جاء في قاتل النفس
1363 – حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا خالد عن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حلف بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا فهو كما قال ومن قتل نفسه بحديدة عذب به في نار جهنم.
——–‘———‘——-
فوائد الباب:
1 – قوله (ما جاء في قاتل النفس) ترجم النسائي فقال” تَرْكُ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ”. أي ولا يصلي عليه الإمام وذووا الهيئات.
2 – عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال “أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه” رواه مسلم والترمذي، والنسائي وفيه (أَمَّا أَنَا فَلَا أُصَلِّي عَلَيْهِ)، وابن ماجة وفيه (قَالَ: وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ أَدَبا) قال عبد الله بن الإمام أحمد عقبه كما في مسند أحمد (ولا أحسب هذه الزيادة إلا من قول شريك قوله ذلك أدب منه) “. أي تأديبا لمن يفعل بنفسه مثل ذلك قاله الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي.
3 – وَإنَّما تَرَكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم الصَّلاةَ عَلَيْهِ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ عُقُوبَةً لِئَلا يَعُودَ غَيْرُهُ فَيَصْنَعَ مِثْلَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ. قاله البزار في مسنده، وقال البيهقي في السنن الكبرى رُوِّينَا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِىِّ: أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِيُحَذِّرَ النَّاسَ بِتَرْكِ الصَّلاَةِ عَلَيْهِ فَلاَ يَرْتَكِبُوا كَمَا ارْتَكَبَ.
4 – قال الترمذي (اختلف أهل العلم في هذا فقال بعضهم يصلى على كل من صلى إلى القبلة وعلى قاتل النفس وهو قول الثوري وإسحق و قال أحمد لا يصلي الإمام على قاتل النفس ويصلي عليه غير الإمام).
5 – قال ابن بطال في شرحه على البخاري: “: أجمع الفقهاء وأهل السنة أن من قتل نفسه لا يخرج بذلك من الإسلام، وأنه يصلى عليه وإثمه عليه ويدفن في مقابر المسلمين، ولم يكره الصلاة عليه إلا عمر بن عبد العزيز والأوزاعي في خاصة أنفسهما”
والصواب قول الجماعة، لأن الرسول سن الصلاة على المسلمين، ولم يستثن منهم أحدا، فيصلى على جميعهم الأخيار والأشرار إلا الشهداء الذين أكرمهم الله بالشهادة.
6 – حديث ثابت بن الضحاك أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي. وأخرج ابن ماجة الشطر الأول فقط وليس فيه موضع الشاهد.
7 – كان ثابت رضي الله عنه من أصحاب الشجرة.
8 – قوله (من حلف) وزاد في رواية عند مسلم “على يمين” وقوله (بملة غير الإسلام كاذبا متعمدا فهو كما قال).
9 – قال الترمذي رحمه الله تعالى (اخْتَلَفَ أَهْلُ العِلْمِ فِي هَذَا إِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ بِمِلَّةٍ سِوَى الإِسْلاَمِ، فَقَالَ: هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إِنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا فَفَعَلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ أَتَى عَظِيمًا وَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَبِهِ يَقُولُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَإِلَى هَذَا القَوْلِ ذَهَبَ أَبُو عُبَيْدٍ وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الكَفَّارَةُ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ). قلت أي لم يخرج من الإسلام.
10 – قوله (ومن قتل نفسه بحديدة) وفي رواية عند البخاري ومسلم (بشيء)
11 – قوله (عذب به في نار جهنم) وفي رواية عند البخاري ومسلم “يوم القيامة”.
12 – فيه التَّشْدِيدِ عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ قاله الدارمي في سننه.
13 – وزاد البخاري ومسلم من طريق يحيى بن أبي كثير في رواية (وليس على رجل نذر في شيء لا يملكه). “كأن يقول: إن شفى الله مريضي فعبد فلان حر” قاله الشيخ عبد المحسن العباد.
14 – وزاد البخاري ومسلم في رواية (ولعن المؤمن كقتله) وزاد مسلم في رواية (ومن ادعى دعوى كاذبة ليتكثر بها لم يزده الله إلا قلة)، وفي رواية عند البخاري (ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقتله)
15 – قوله (يزيد بن زريع) تابعه الثوري كما عند مسلم 110تابعه ابْنُ أَبِي عَدِي مختصرا كما عند ابن ماجة 2098
16 – قوله (حدثنا خالد) هو الحذاء تابعه يحيى بن أبي كثير كما عند مسلم 110تابعه أيوب كما عند مسلم 110
17 – قوله (عن أبي قلابة) وعند مسلم في رواية عن يحيى بن أبي كثير أن أبا قلابة أخبره.
18 – قوله (عن ثابت بن الضحاك) وعند البخاري في رواية “أن ثابت بن الضحاك أخبره”
=======
=======
1364 – وقال حجاج بن منهال حدثنا جرير بن حازم عن الحسن حدثنا جندب رضي الله عنه في هذا المسجد فما نسينا وما نخاف أن يكذب جندب على النبي صلى الله عليه وسلم قال كان برجل جراح فقتل نفسه فقال الله بدرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة.
فوائد الحديث:
1 – قال البخاري (وقال حجاج بن منهال …. ) علقه البخاري وحجاج شيخه ووصله في ذكر بني إسرائيل عن محمد عن حجاج. تابعه عبد الله بن أَحْمد الدورقي عن حجاج أخرجه الحسن بن سفيان في مسنده والإسماعيلي في مستخرجه وأبو عوانة في صحيحه، تابعه أبو قلَابَة الرقاشِي عن حجاج أخرجه الإسماعيلي في مستخرجه كما قال الحافظ في التغليق وأبو عوانة في مستخرجه.
2 – تابعه عَلّي بن عبد الْعَزِيز الْبَغَوِي به أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ومن طريقه أبو نعيم في مستخرجه تابعه مُحَمَّد بن عَليّ بن مُحرز قال حدثنا حجاج به أخرجه أبو علي الغساني في تقييد المهمل
3 – شيخ البخاري في الموضع الذي وصله أبهمه فقال (حدثنا محمد) قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم “مُحَمَّد” فِي هَذَا الْإِسْنَاد هُوَ مُحَمَّد بن يحيى الذهلي، وَنسبه أَبُو عَليّ بن السكن عَن الْفربرِي فَقَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر قَالَ حَدثنَا حجاج بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور … وَمُحَمّد بن معمر هَذَا مَشْهُور بالرواية عَن حجاج بن منهال قاله أبو علي الغساني في تقييد المهمل.
4 – حديث جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه متفق عليه.
5 – قوله (وما نخاف أن يكذب جندب) فيه إشارة إلى أن الصحابة عدول، وأن الكذب مأمون من قبلهم، خصوصًا على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قاله القسطلاني في إرشاد الساري
6 – ذكر تحريم الله جل وَعَلَا الْجَنَّةَ عَلَى الْقَاتِلِ نَفْسَهُ فِي حَالَةٍ مِنَ الْأَحْوَالِ قاله ابن حبان في صحيحه.
7 – في الحديث تحريم قتل النفس سواء كانت نفس القاتل أم غيره، وقتل الغير يؤخذ
تحريمه من هذا الحديث بطريق الأولى قاله الحافظ في الفتح.
8 – وفيه الوقوف عند حقوق الله ورحمته بخلقه حيث حرم عليهم قتل نفوسهم، وأن الأنفس ملك الله قاله الحافظ في الفتح.
9 – فيه التحديث عن الأمم الماضية قاله الحافظ في الفتح. وتجنب مسلكهم الخاطئ.
10 – فيه فضيلة الصبر على البلاء قاله الحافظ في الفتح.
11 – ترك التضجر من الآلآم لئلا يفضي الى أشد منها. قاله الحافظ في الفتح.
12 – فيه تحريم تعاطي الأسباب المفضية إلى قتل النفس قاله الحافظ في الفتح.
13 – فيه الاحتياط في التحديث، وكيفية الضبط له، والتحفظ فيه بذكر المكان والإشارة إلى ضبط المحدث وتوثيقه إن حدثه ليركن السامع لذلك قاله الحافظ في الفتح.
14 – هذا من الأحاديث القدسية – أو الإلهية-.
15 – قال وهب – أي ابن جرير- والقدرية يحتجون بهذا الحديث وليس لهم فيه حجة. ذكره أبو يعلى في المفاريد عقب الحديث.
16 – قوله (حجاج بن منهال) تابعه وهب بن جرير عند مسلم تابعه تابعه محمد بن عبد الله الخزاعي أخرجه البيهقي في السنن الكبرى
17 – وَهَذَا من الْمَوَاضِع الَّتِي يسْتَدلّ بهَا على أَنه قد يعلق عَن بعض شُيُوخه مَا لم يسمعهُ مِنْهُم.
18 – قوله (حدثنا جرير بن حازم) تابعه شيبان- هو ابن عبد الرحمن- سمعت الحسن أخرجه مسلم في صحيحه تابعه عمران القطان سمعت الحسن أخرجه الإمام أحمد في مسنده 18800بنحوه.
19 – في هذا الإسناد فائدة هامة لم أر من نبّه عليها، بل وقع في بعض الكتب ما ينافيها، …. قال أبو حاتم -الرازي-:”ولم يصح له السماع من جندب “. وحكاه الحافظ عنه في “التهذيب ” وأقره! بينما تعقبه المزي في أصله “تهذيب الكمال ” بتصريحه بالتحديث في هذا الإسناد قاله الألباني في الصحيحة.
=====
=====
1365 – حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم الذي يخنق نفسه يخنقها في النار والذي يطعنها يطعنها في النار
فوائد الحديث:
1 – حديث أبي هريرة أخرجه الستة في الجملة من طريق أبي صالح عنه، وأخرجه بلفظ الباب البخاري وحده.
2 – فيه وعيد من قتل نفسه قاله البغوي في شرح السنة.
3 – يعني ذلك جزاؤه إلا أن يعفو الله تعالى عنه، فقد قَالَ الله تعالى {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] قاله ابن الملقن في التوضيح.
4 – وأما طريق أبي صالح عن أبي هريرة المشار إليها وفيها (ولفظه فهو في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا).
5 – “وقد تمسك به المعتزله وغيرهم ممن قال بتخليد أصحاب المعاصي في النار وأجاب أهل السنة عن ذلك بأجوبة منها:
توهيم هذه الزيادة، قال الترمذي بعد أن أخرجه رواه محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة فلم يذكر خالدا مخلدا، وكذا رواه أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يشير إلى رواية الباب قال وهو أصح لأن الروايات قد صحت أن أهل التوحيد يعذبون ثم يخرجون منها ولا يخلدون، وأجاب غيره بحمل ذلك على من استحله فإنه يصير باستحلاله كافرا والكافر مخلد بلا ريب، وقيل ورد مورد الزجر والتغليظ وحقيقته غير مرادة، وقيل المعنى أن هذا جزاؤه لكن قد تكرم الله على الموحدين فأخرجهم من النار بتوحيدهم (قلت وهو الذي أميل إليه)،وقيل التقدير مخلدا فيها إلى أن يشاء الله، وقيل المراد بالخلود طول المدة لا حقيقة الدوام كأنه يقول يخلد مدة معينة وهذا ابعدها” قالها الحافظ في الفتح عدا ما بين القوسين.
6 – فيه الجزاء من جنس العمل
—–‘—–
=====
=====
– قال المهلب: وقوله (صلى الله عليه وسلم): (بدرنى عبدى بنفسه، حرمت عليه الجنة) وسائر الأحاديث، فحملها عند العلماء فى وقت دون وقت إن أراد الله أن ينفذ عليه الوعيد، لأن الله فى وعيده للمذنبين بالخيار عند أهل السنة، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه، فإن عذبه فإنما يعذبه مدة ما ثم يخرجه بإيمانه إلى الجنة
– وقوله: (من حلف بملة غير الإسلام كاذبا فهو كما قال) كاذب لا كافر … انتهى كلام ابن بطال.
– وقوله: “ومن قتل نفسه بحديدة .. ” إلى آخره. يعني ذلك جزاؤه إلا أن يعفو الله تعالى عنه، فقد قال (الله) تعالى {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: 48].
– ولعل هذا هو الداعي للبخاري على التبويب هنا. نعم يكره للإمام وأهل الفضل أن يصلوا عليه، وكذا كل كبيرة لا تخرج من الإيمان ردعا لهم وزجرا، فلم يصل الشارع على قاتل نفسه بمشاقص، والمقتول في الفئة الباغية يغسل ويصلى عليه خلافا لأبي حنيفة.
– وقال ابن عبد الحكم: الإمام إن شاء صلى على من رجمه في حد، فإنه – صلى الله عليه وسلم – صلى على ماعز والغامدية.
– وروي أنه لم يصل على ماعز ولم ينه عن الصلاة عليه. اهـ
1365 قال العثيمين رحمه الله:
فيه التحذير مما يفعله بعض المتهورين الآن وهو ما يسمى بالانتحار، تجده يحمل العبوات الناسفة ويدخل في صف العدو ويكون هو أول من يموت بهذا. فهذا الذي يفعله ذلك يعذب بما قتل نفسه في جهنم، فإذا قال قائل إن هذا الرجل إنما فعل ذلك ليقتل عدو الله، قلنا لكن قتله لعدو الله من أجل استقامة دينه ـ أي دين القاتل ـ فكيف يقتل نفسه؟!
فإن قال قائل أليس ورد عن البراء بن مالك رضي الله عنه في حصارهم لحديقة مسيلمة الكذاب، حاصروها وعجزوا أن يدخلوا فيها لأنها محكمة البناء والباب مغلق، فطلب من العسكر أن يرموه من فوق الجدار حتى يفتح لهم الباب، ومن المعلوم أن الباب عنده حراس يحرسونه، فهذا يدل على جواز الانتحار؟
فالجواب: أنه لا دلالة في هذا الأثر، لأنه رضي الله عنه لم يمت، صحيح أنه خاطر لكنه إذا فعل ذلك ليس بالضرورة أن يموت على كل حال.
وكلامنا على من يموت على كل حال.
فإن قال قائل ما تقولون في الغلام الذي كان يدعو إلى التوحيد في قصة أصحاب الأخدود؟
فالجواب عن هذا أن في هذا القتل فائدة عظيمة كبيرة وهي أن جميع أهل القرية أسلموا، فإذا حصل مثل هذا فلا بأس، لكن المنتحرين اليوم يقتلون أنفسهم ويقتلون بعضا من العدو ثم ينتقم العدو من أصحاب هذا المنتحر ويقتلون أكثر مما قتل منهم، ولا ينتفع الناس بهذا.
انتهى كلام العثيمين
قلت (أحمد): أضف على ذلك أن الذي ينغمس في العدو إنما يقتل بيد العدو وكذلك الغلام إنما قتل بيد الملك لا بيده هو، ففرق بين من يقلته العدو ومن يقتل نفسه بيده. اه
فيه من الفوائد:
* ضعف إيمان قاتل نفسه.
* فيه آية من آيات النبي عليه الصلاة والسلام حيث أخبر في رواية عن الرجل الذي قتل نفسه بمشاقص أنه من أهل النار فتتبعه أحد الصحابة حتى رآه قتل نفسه.
* قتل النفس من أكبر الكبائر.
* فيه خطورة الحلف بملة غير الإسلام.
———-”——-‘——-‘
=============
=============
في أحاديث الباب:
-ذكر الزجر عن أن يحلف المرء بسائر الملل سوى الإسلام قاله ابن حبان في صحيحه.
– وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ –
– قال:”مَنْ حلَف على يمينٍ فهو كما حلَف؛ إنْ قال: هو يهوديٌّ؛ فهو يهَوديٌّ، وإنْ قال: هو نَصرانيٌّ؛ فهو نَصرانيٌّ، وإن قال: هو بريءٌ مِنَ الإسْلامِ؛ فهو بريءٌ مِنَ الإسْلامِ، ومَنْ دَعى دعاءَ الجاهِلِيَّةِ، فإنَّه مِنْ جُثا جهنَّم”.
قالوا: يا رسولَ الله! وإنْ صامَ وصلَّى؟ قال: “وإنْ صامَ وصلّى”.رواه أبو يعلى والحاكم -واللفظ له- وقال:
“صحيح الإسناد”. وهو في صَحِيحُ التَّرْغِيب وَالتَّرْهِيب:2956
– وعنه قال: قال رسولُ الله – -:
“مَنْ حلفَ فقال: إنِّي بَريءٌ مِنَ الإسلام، فإنْ كان كاذِباً فهو كما قال، وإنْ صادقاً فلَنْ يرجعَ إلى الإسْلامِ سالماً”.
رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم وقال:
“صحيح على شرطهما”.
صَحِيحُ التَّرْغِيب وَالتَّرْهِيب:2955
وقد ذكره الترمذي في باب الترهيب مِنَ الحلفِ بغير الله سِيَّما بالأمانَةِ، ومِنْ قولِه: “أنا بريء من الإسلام” أو “كافر”، ونحو ذلك.
وسيأتي إن شاء الله نقل خلاف العلماء هل تجب كفارة أم لا لمن حلف بغير ملة الإسلام في كتاب الأيمان.
– من قتل نفسه لا يخرج بذلك من الإسلام، ويصلّى عليه عند الجمهور، خلافًا لأبي يوسف، حيث قال: لا يصلّى على قاتل نفسه.
قاله القسطلاني في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري.
– ذكر في الفتاوى الخانية: المسلم إذا قتل نفسه في قول أبي حنيفة ومحمد يغسل ويصلى عليه.
وهذا صريح في أن قاتل نفسه لا يخرج عن الإسلام، كما وصفه الزيلعي وابن عابدين بأنه فاسق كسائر فساق المسلمين كذلك نصوص الشافعية تدل على عدم كفر المنتحر.
ويقول ابن عابدين في قبول توبته: القول بأنه لا توبة له مشكل على قواعد أهل السنة والجماعة، لإطلاق النصوص في قبول توبة العاصي، بل التوبة من الكافر مقبولة قطعا، وهو أعظم وزرا.
ولعل المراد ما إذا تاب حالة اليأس، كما إذا فعل بنفسه ما لا يعيش معه عادة، كجرح مزهق في ساعته، وإلقائه نفسه في بحر أو نار فتاب.
أما لو جرح نفسه فبقي حيا أياما مثلا ثم تاب ومات، فينبغي الجزم بقبول توبته.
ثانيا: جزاء المنتحر:
– لا خلاف بين الفقهاء في أنه إذا لم يمت من حاول الانتحار عوقب على محاولته الانتحار، لأنه أقدم على قتل النفس الذي يعتبر من الكبائر.
كذلك لا دية عليه سواء أكان الانتحار عمدا أم خطأ عند جمهور الفقهاء (الحنفية والمالكية والشافعية، ورواية عن الحنابلة) لأن العقوبة تسقط بالموت، ولأن عامر بن الأكوع بارز مرحبا يوم خيبر، فرجع سيفه على نفسه فمات ولم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى فيه بدية ولا غيرها، ولو وجبت لبينه النبي ولأنه جنى على نفسه فلم يضمنه غيره، ولأن وجوب الدية على العاقلة في الخطأ إنما كان مواساة للجاني وتخفيفا عنه، وليس على الجاني هاهنا شيء يحتاج إلى الإعانة والمواساة، فلا وجه لإيجابه
وفي رواية عند الحنابلة أن على عاقلة المنتحر خطأ ديته لورثته، وبه قال الأوزاعي وإسحاق، لأنها جناية خطأ، فكان عقلها (ديتها) على عاقلته كما لو قتل غيره …..
– اختلفوا في وجوب الكفارة، فقال الشافعية في وجه – وهو رأي الحنابلة في قتل الخطأ – تلزم الكفارة من سوى الحربي مميزا كان أم لا، بقتل كل آدمي من مسلم – ولو في دار الحرب – وذمي وجنين وعبدونفسه عمدا أو خطأ.
هكذا عمموا في وجوب الكفارة، وتخرج من تركة المنتحر في العمد والخطأ.
واستدلوا بعموم قوله تعالى: {ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله} ولأنه آدمي مقتول خطأ، فوجبت الكفارة على قاتله كما لو قتله غيره.
وقال الحنفية والمالكية وهو وجه عند الشافعية: لا كفارة على قاتل نفسه خطأ أو عمدا. وهذا هو قول الحنابلة في العمد، لسقوط صلاحيته للخطاب بموته، كما تسقط ديته عن العاقلة لورثته. قال ابن قدامة: هذا أقرب إلى الصواب إن شاء الله، فإن عامر بن الأكوع قتل نفسه خطأ ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم فيه بكفارة.
وقوله تعالى: {ومن قتل مؤمنا خطأ} إنما أريد به إذا قتل غيره، بدليل قوله تعالى: {ودية مسلمة إلى أهله} وقاتل نفسه لا تجب فيه دية.
كذلك رد المالكية وجوب الكفارة بدليل أن قوله تعالى: {فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين} مخرج قاتل نفسه، لامتناع تصور هذا الجزء من الكفارة، وإذا بطل الجزء بطل الكل.
– سئل الشيخ ابن باز … عن من قتل في حوادث المرور بسرعة متهورة؟
فقال يخشى عليه أن يكون قتل نفسه.
وسئل عن تحديد السرعة؟ فقال: يرجع لأهل الخبرة، المرور وغيرهم، فيلزم، ويجب عدم التجاوز.
من يفجر من حوله ونفسه في العدو؟ لا، ما يجوز.
الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري.
—–
قال أبو حفص بن شاهين – رحمه الله -: ” وهذه الأحاديث التي ذُكر فيها امتناع النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة على هؤلاء ليس أنه لا تجوز الصلاة عليهم، وإنما هو تغليظ من النبي صلى الله عليه وسلم ليُري الأحياء عِظَم الجنايات، والدليل على ما قلناه: قول النبي صلى الله عليه وسلم (صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُم) فلو لم يجز الصلاة عليه لما أمرهم بالصلاة عليه، … وقال أحمد بن حنبل: لا يصلي الإمامُ على قاتل نفسه ولا على غالٍّ، ويصلِّي الناس عليه، وكذا قال مالك بن أنس: المقتول في القوَد يصلِّي عليه أهله، غير أن الإمام لا يصلِّي عليه “. انتهى من ” ناسخ الحديث ومنسوخه ” (ص 315).
وقد ترجم عليه الإمام النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم: (باب الدليل على أن قاتل نفسه لا يكفر)، ثم قال في شرحه:
” فيه حجة لقاعدة عظيمة لأهل السنة: أن من قتل نفسه، أو ارتكب معصية غيرها، ومات من غير توبة: فليس بكافر، ولا يقطع له بالنار؛ بل هو في حكم المشيئة. وقد تقدم بيان
القاعدة وتقريرها، وهذا الحديث شرح للأحاديث التي قبله الموهم ظاهرها تخليد قاتل النفس وغيره من أصحاب الكبائر في النار.
وفيه إثبات عقوبة بعض أصحاب المعاصي، فان هذا عوقب في يديه. ففيه رد على
المرجئة القائلين بأن المعاصي لا تضر. والله أعلم ” انتهى
قال ابن خزيمة – رحمه الله -: ” كلُّ وعيد في الكتاب والسنَّة لأهل التوحيد: فإنما هو على شريطة، أي: إلا أن يشاء الله أن يغفر ويصفح ويتكرم ويتفضل فلا يعذب على ارتكاب تلك الخطيئة؛ إذ الله عز وجل قد خبر في محكم كتابه أنه قد يشاء أن يغفر ما دون الشرك من الذنوب في قوله (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء) “. انتهى من ” كتاب التوحيد ” (2/ 869).
وقال ابن حبَّان – رحمه الله -: ” هذه الأخبار كلها معناها: لا يدخل الجنَّة، يريد: جنَّة دون جنَّة، القصد منه: الجنة التي هي أعلى وأرفع، يريد: مَن فعل هذه الخصال أو ارتكب شيئاً منها: حرَّم الله عليه الجنَّة أو لا يدخل الجنة التي هي أرفع، التي يدخلها مَن لم يرتكب تلك الخصال؛ لأن الدرجات في الجنان ينالها المرء بالطاعات وحطّه عنها يكون بالمعاصي التي ارتكبها “. انتهى من ” صحيح ابن حبان ” (11/ 240).
وقال ابن دقيق العيد – رحمه الله -: ” قوله (حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الجَنَّةً) فيتعلق به مَن يرى بوعيد الأبد، وهو مؤول عند غيرهم على تحريم الجنة بحالة مخصوصة، كالتخصيص بزمن، كما يقال: إنه لا يدخلها مع السابقين، أو يحملونه على فِعل ذلك مستحلاًّ فيكفر به ويكون مخلداً بكفره لا بقتله نفسه “. انتهى من ” إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام ” (ص 437).
أما بالنسبة للفظة التخليد في النار فسبق نقل توجيهات ابن حجر:
ومن ذلك القول بشذوذ رواية (خالد مخلدا ابدا) وإذا سلمنا بشذوذ الرواية فالوهم يقع على الأعمش أو على أبي صالح ذكوان.
فالبخاري ذكر هذه الرواية في كتاب الطب 5442، 5778، ومسلم 172 روى عن شعبة من طرق عن الأعمش. وشعبة تابعه أبو معاوية كما عند أحمد 12/ 416 وكذلك تابعهما معمر فكأن الشذوذ من الأعمش أو أبي صالح ذكوان الراوي عن أبي هريرة. وإن أبينا القول بالشذوذ فسبق توجيهات ابن حجر.
وقال ابن حجر في موضع آخر: وأولى ما يحمل عليه أن هذا جزاؤه إلا أن يتجاوز الله عنه.
ورجح العباد في شرح سنن أبي داود أن المراد بالخلود طول المدة لا حقيقة الدوام فقال: هذا الخلود نسبي.
– ذكر ابن حجر أن حديث (الذي يطعن نفسه يطعنها في النار) يستدل به على أن القصاص من القاتل يكون بما قتل به اقتداء بعقاب الله تعالى لقاتل نفسه؛ وهو استدلال ضعيف. انتهى
قال ابن باز: هذا من ابن حجر غريب والصواب أنه استدلال جيد ويدل عليه قوله تعالى (وجزاء سيئة سيئة مثلها) وقوله تعالى (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به. وما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من رض رأس اليهودي الذي رض رأس الجارية والأدلة في ذلك كثيرة.