24 فتح المنان في شرح أصول الإيمان
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين جميعا).
——-‘——‘——-‘
———‘——–‘——-
الفصل الثالث: الإيمان بالرسل ويحتوي على أحد عشر مبحثًا:
المبحث الأول حكم الإيمان بالرسل وأدلته
المبحث الثاني: تعريف النبي والرسول والفرق بينهما.
المبحث الثالث: كيفية الإيمان بالرسل.
المبحث الرابع: ما يجب علينا نحو الرسل.
المبحث الخامس: أولو العزم من الرسل.
المبحث السادس:
أ. خصائص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
ب. حقوقه صلى الله عليه وسلم على أمته
ج. بيان أن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام حق.
المبحث السابع: ختم الرسالة وبيان أنه لا نبي بعده.
المبحث الثامن:
الإسراء بالرسول صلى الله عليه وسلم حقيقته وأدلته.
المعراج وحقيقته
المبحث التاسع: القول الحق في حياة الأنبياء عليهم السلام.
المبحث العاشر: معجزات الأنبياء والفرق بينها وبين كرامات الأولياء.
التعريف بالمعجزة
أمثلة لبعض معجزات الأنبياء
التعريف بالكرامة
الفرق بين المعجزة والكرامة
المبحث الحادي عشر: الولي والولاية في الإسلام.
تعريف الولي والولاية
تفاضل الأولياء
أقسام أولياء الله
لا يختص أولياء الله بلباس ولا هيئة
بطلان ما قد يعتقد فيهم من الغلو
——–‘——‘——-‘
سنأخذ خمسة مباحث. والباقي نرجيه إلى أن ييسر الله.
المبحث الأول:
حكم الإيمان بالرسل و أدلته
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
” والمسلمون آمنوا بالأنبياء كلهم، ولم يفرقوا بين أحد منهم، فإن الإيمان بجميع النبيين فرض واجب، ومن كفر بواحد منهم فقد كفر بهم كلهم، ومن سب نبياً من الأنبياء فهو كافر يجب قتله باتفاق العلماء “.
” الصفدية ” (2/ 311).
أدلته كثيرة من الكتاب والسنة، منها قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ}، قوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ}.
وقوله تعالى: {كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}.وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «آمنت بالله ورسله».
رواه البخاري (1354، 6173)، ومسلم (الفتن95).
وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في التهجد عند قيام الليل أنه كان يقول: (اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض. …. أنت الحق ووعدك الحق، وقولك الحق، ولقاؤك الحق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق والساعة حق …. ) أخرجه مسلم
قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (12/ 12): ” الإيمان بالرسل ” يجب أن يكون جامعا عاما مؤتلفا لا تفريق فيه ولا تبعيض ولا اختلاف؛ بأن يؤمن بجميع الرسل وبجميع ما أنزل إليهم. فمن آمن ببعض الرسل وكفر ببعض أو آمن ببعض ما أنزل الله وكفر ببعض فهو كافر وهذا حال من بدل وكفر من اليهود والنصارى والصابئين؛ فإن هؤلاء في أصلهم قد يؤمنون بالله واليوم الآخر ويعملون صالحا؛ فأولئك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. كما قال تعالى: {إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} ونحوه في المائدة.
قال الشيخ صالح ال الشيخ: (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) خلافاً لكل أهل الملل والديانات.
ويجوز أن نقول ديانات؛ لأنَّ لكل أمَّةٍ دين، لكن ما نضيفها إلى السماء؛ يعني ما نقول ديانات سماوية، الديانات اليهودية والنصرانية إلى آخره باعتبار ما هي عليه.
هذه جميعا فَرَّقَتْ بين الرسل.
ولهذا في الحقيقة من فَرَّقَ بين الرسل فليس له حَظٌ في الإيمان بالرسل، حتى إنَّ رسولهم الذي أُرْسِلَ إليهم ما دام أنهم فرَّقُوا فليس لهم حظ في الإيمان به.
فإذاً نقول: حقيقةً النصارى لم يؤمنوا بعيسى، حقيقةً اليهود -بعد تحريف الدين- لم يؤمنوا بموسى عليه السلام، وإنما أحبّوا وآمنوا بشيء وضعوه في أذهانهم سَمَّوهُ عيسى وسموه موسى وسموه داوود وسموه سليمان، وإلا فالرسل مُتَبَرِّئون ممن عبدهم أو ممن لم يؤمن بكل رسول. ” شرح الطحاوية” (435).
كيفية الإيمان بالرسل
جـ: هو التصديق الجازم بأن الله تعالى بعث في كل أمة رسولا منهم يدعوهم إلى عبادة الله وحده والكفر بما يعبد من دونه، وأن جميعهم صادقون مصدقون بارون راشدون كرام بررة أتقياء أمناء هداة مهتدون، وبالبراهين الظاهرة والآيات الباهرة من ربهم مؤيدون، وأنهم بلغوا جميع ما أرسلهم الله به، لم يكتموا، ولم يغيروا، ولم يزيدوا فيه من عند أنفسهم حرفا ولم ينقصوه، {فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}، وأنهم كلهم على الحق المبين، وأن الله تعالى اتخذ إبراهيم خليلا، واتخذ محمدا صلى الله عليه وسلم خليلا وكلم موسى تكليما، ورفع إدريس مكانا عليا، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الله فضل بعضهم على بعض ورفع بعضهم درجات. ” إعلام السنة المنشورة” ص 112.
فمن عقيدة أهل السنة والجماعة في الإيمان بالله ورسوله: أن نؤمن بهؤلاء الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأنهم أدوا الرسالة وبلغوها، وأدوا أمانة الله وصبروا، فمنهم من قتل، ومنهم من سلم، وهم متفاوتون، فمنهم من تبعه جمع غفير، ومنهم من لم يتبعه إلا قليل، حتى قال صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس: (منهم من لم يتبعه إلا الرهيط -الثلاثة والأربعة والخمسة- ومنهم من لم يتبعه إلا الرجل والرجلان، ومن الرسل من لم يتبعه أحد) خالفه قومه كلهم والعياذ بالله!. دروس للشيخ ابن باز رحمه الله من الشاملة.
المبحث الثاني: تعريف النبي والرسول والفرق بينهما.
في تعريف النبي.
النَّبِيُّ في القرآن جاء فيه قراءتان {النّبي} والقراءة الأخرى {النبيء} بالهمز {يا أيها النبيّ}، والقراءة الثانية {يا أيها النبيء} كما هي قراءة نافع وغيره.
وفرق ما بين النبي والنبيء.
فالنبيء: هو مَنْ نُبِّئَ.
والنبي: من صار في نَبْوَةٍ؛ يعني في ارتفاع عن غيره.
فإذاً نقول: (النبي) و (النبيء) هو من اختصه الله – عز وجل – بالإنباء والوحي، فصار مرتفعاً عن غيره في المقام لأجل ما أوحى الله – عز وجل – إليه.
هذا ليس تعريف -يعني حد- ليس حداً ولكن هذا تقريب.
أما الرُّسُلْ، الرسول، فظاهرٌ من اللفظ أنَّهُ أُرْسِلْ.
فلفظ نبيء ونبي من جهة اللغة واللفظ الذي جاء في القرآن هذا فيه الإنباء وفيه الرفعة، والرسول فيه الإرسال. شرح الطحاوية لصالح ال الشيخ
الفرق بين النبي والرسول
سؤال: هل هناك فرق بين الرسول والنبي، وما هو؟
الجواب: الله تعالى يقول: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [الحج: 52]، فذكر الرسول والنبي، والعطف يقتضي المغايرة، وأنهما نوعان، وقد عرف العلماء الرسول بأنه: من أوحي إليه بشريعة وأمر بتبليغها، وإلزام الناس بما فيها والجهاد عليها، هذا الرسول.
وأما النبي فهو: من أوحي إليه بشرع، ولم يؤمر بتبليغه، مثل أنبياء بني إسرائيل من بعد موسى عليه السلام. ” مجموع فتاوى فضيلة الشيخ الفوزان حفظه الله ” (1/ 50 – 51).
***
قال الشيخ صالح آل الشيخ: وقالت طائفة أخرى، وهو قولٌ أيضا مشهور عند عدد من المحققين وهو الذي اختاره ابن تيمية رحمه الله في أول كتاب النبوات أنَّ الرسول والنبي يشتركان في وقوع الإرسال عليهما.
الرسول مُرْسَلْ والنبي مُرْسَلْ لظاهر قوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ}، فالرسول مُرْسَلْ والنبي أيضا مُرْسَلْ لكن جهة الإرسال مختلفة، قال:
الرسول: يُرْسَلْ إلى قوم يخالفونه في أصل الدين فيأمرهم بالتوحيد وينهاهم عن الشرك.
وأما النبي: فإنه يُرْسَلْ إلى قوم موافقين يُجَدِّدُ بإرساله شِرْعَةَ الرسول الذي أُمروا باتباعه.
مثل أنبياء بني إسرائيل كلما مات نبي خلفه نبي وكُلُّهُم تَبَعْ لموسى عليه السلام.
وهذا التعريف أو هذا التقريب لتعريف الرسول والنبي هذا أقرب للدليل وأوضح في فهم الأدلة الشرعية.” شرح الطحاوية” (311 – 312).
فالراجح أن النبي هو من نبأه الله بأمره ونهيه ليخاطب المؤمنين ويأمرهم بذلك ولا يخاطب الكفار ولا يرسل إليهم وأما الرسول فهو من أرسل إلى الكفار والمؤمنين ليبلغهم رسالة الله ويدعوهم إلى عبادته.
وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة فقد كان يوسف على ملة إبراهيم، وداود وسليمان كانا على شريعة التوراة وكلهم رسل. (أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة)
قال ابن تيمية:
فقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ}: دليلٌ على أن النبيّ مرسل، ولا يسمى رسولاً عند الإطلاق؛ لأنّه لم يرسل إلى قوم بما لا يعرفونه، بل كان يأمر المؤمنين بما يعرفونه أنّه حقّ؛ كالعالِم، ولهذا قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: “العلماء ورثة الأنبياء”.
ليس من شروط الرسول أن يأتي بشرع جديد
وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة؛ فإنّ يوسف كان على ملة إبراهيم، وداود وسليمان كانا رسولين، وكانا على شريعة التوراة. انتهى (من كتاب النبوات)
والإيمان بالرسل يتضمن أمور:
الأول: الإيمان بأن رسالتهم حق من الله تعالى، فمن كفر برسالة واحد منهم فقد كفر بالجميع. كما قال الله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [سورة الشعراء، الآية: 105] فجعلهم الله مكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يكن رسول غيره حين كذبوه، وعلى هذا فالنصارى الذين كذبوا محمداً صلى الله عليه وسلم ولم يتبعوه هم مكذبون للمسيح بن مريم غير متبعين له أيضاً، لا سيما وأنه قد بشرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ولا معنى لبشارتهم به إلا أنه رسول إليهم ينقذهم الله به من الضلالة، ويهديهم إلى صراط مستقيم.
الثاني: الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه مثل: محمد وإبراهيم، وموسى، وعيسى ونوح عليهم الصلاة والسلام، وهؤلاء الخمسة هم أولو العزم من الرسل، وقد ذكرهم الله تعالى في موضعين من القرآن في سورة الأحزاب في قوله: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [سورة الأحزاب، الآية: 7]. وفي سورة الشورى في قوله {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [سورة الشورى، الآية: 13].
وأما من لم نعلم أسمه منهم فنؤمن به إجمالاً قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} [سورة غافر، الآية: 78].
الثالث: تصديق ما صح عنهم من أخبارهم.
الرابع: العمل بشريعة من أرسل إلينا منهم، وهو خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم المرسل إلى جميع الناس قال الله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [سورة النساء، الآية: 65]. شرح ثلاثة الأصول للعلامة ابن عثيمين
الخامس: الإيمان بأن أصل دعوتهم التوحيد وأما شرائعهم فمختلفة.
السادس: الإيمان بأن الرسل بشر ليس لهم من خصائص الربوبية شيء. إنما هم عباد اكرمهم الله بالرسالة.
السابع: أنهم منصورون مؤيدون من الله
الثامن:
أنهم بلغوا ما أرسلوا به. وأن خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم.
[ما يجب علينا نحو الرسل]
مولاتهم والحذر من بغضهم
وأعتقاد فضلهم على غيرهم من الناس قال تعالى (وكلا فضلنا على العالمين)
– اعتقاد تفاضلهم فيما بينهم قال تعالى: (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات)
– الصلاة والسلام عليهم؛ لأنه الذي أبقاه الله.
أولو العزم من الرسل
قال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [سورة الشورى آية: 13]، وهؤلاء الخمسة هم أولو العزم من الرسل، ثم قال: {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} الآيات [سورة الشورى آية: 15].
قال العلامة الشنقيطي “اختلف العلماء في المراد بأولي العزم من الرسل في هذه الآية الكريمة اختلافاً كثيراً، وأشهر الأقوال في ذلك أنهم خمسة، وهم الذين قدمنا ذكرهم في الأحزاب، والشورى؛ وهم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد عليهم الصلاة والسلام. وعلى هذا القول فالرسل الذين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصبر كما صبروا أربعة، فصار هو صلى الله عليه وسلم خامسهم. واعلم أن القول بأن المراد بأولي العزم جميع الرسل عليهم الصلاة والسلام، وأن لفظة “من” في قوله: {مِنَ الرُّسُلِ} بيانية يظهر أنه خلاف التحقيق، كما دل على ذلك بعض الآيات القرآنية: كقوله تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} الآية4، فأمر الله جل وعلا نبيه في آية القلم هذه بالصبر، ونهاه عن أن يكون مثل يونس؛ لأنه هو صاحب الحوت. وكقوله: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} 1. فآية القلم، وآية طه المذكورتان، كلتاهما تدل على أن أولي العزم من الرسل الذين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يصبر كصبرهم ليسوا جميع الرسل، والعلم عند الله تعالى”. أضواء البيان 7/ 408.
قال [العلامة السعدي] رحمه الله “أفضل أنبياء الله المرسلون منهم، وأفضل المرسلين أولوا العزم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المتقين وسيد ولد آدم”. الشيخ عبدالرحمن السعدي و جهوده في العقيدة (204).