316 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمعه نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة عبدالله البلوشي أبي عيسى
وعبدالله المشجري
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله. ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا)
——‘——–‘——-”
——‘——-‘——-‘
——‘——-‘——‘
مسند أحمد
9064 – حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يُدْخِلُهُ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ، وَلَا يُنَجِّيهِ مِنَ النَّارِ، إِلَّا بِرَحْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ “، قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَا أَنْتَ؟ قَالَ: ” وَلَا أَنَا، إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ “، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، يَقْبِضُهَا وَيَبْسُطُهَا
قلت سيف بن دورة:
على شرط الذيل على الصحيح المسند
(قسم الزيادات على الصحيحين)،
فهو في البخاري 5673، ومسلم 2816
وفي مسند أحمد زيادة
——”——-‘——‘
الأعمال الصالحة هي سبب دخول الجنة، ولكن لن يدخل أحد الجنة ولا ينجو أحد من النار إلا برحمة الله وفضله و عفوه و مغفرته.
قالت اللجنة الدائمة برئاسة العلامة ابن باز رحمه الله: ليس بمجرد العمل ينال الإنسان السعادة، بل العمل سبب، يدل على ذلك قوله تعالى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} فهذه باء السبب، وأما ما نفاه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله «لن يدخل أحد الجنة بعمله» الحديث، فهي باء المقابلة كما يقال اشتريت هذه بهذا، أي ليس العمل عوضا وثمنا كافيا في دخول الجنة، بل لا بد مع ذلك من عفو الله وفضله ورحمته، فبعفوه يمحو السيئات، وبرحمته يأتي بالخيرات، وبفضله يضاعف الحسنات. فتاوى اللجنة الدائمة ((3/ 465) المجموعة الأولى.
قال النووي رحمه الله: إعلم أن مذهب أهل السنة أنه لا يثبت بالعقل ثواب ولا عقاب ولا إيجاب ولا تحريم ولا غيرها من أنواع التكليف ولا تثبت هذه كلها ولا غيرها الا بالشرع.
وفي ظاهر هذه الأحاديث دلالة لأهل الحق أنه لا يستحق أحد الثواب والجنة بطاعته وأما قوله تعالى ((الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَا ى كَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [سورة النحل 32] و (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [سورة الزخرف 72] ونحوهما من الآيات الدالة على أن الأعمال يدخل بها الجنة فلا يعارض هذه الأحاديث بل معنى الآيات أن دخول الجنة بسبب الأعمال ثم التوفيق للأعمال والهداية للإخلاص فيها وقبولها برحمة الله تعالى وفضله فيصح أنه لم يدخل بمجرد العمل وهو مراد الأحاديث ويصح أنه دخل بالأعمال أي بسببها وهي من الرحمة والله أعلم. ” شرح مسلم على النووي” (17/ 160 – 161). بتصرف
قال القاضى: لا تعارض بين هذا وبين قوله: (ُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ)
[سورة النحل 32] وشبهه من الآيات؛ لأن الحديث يفسر ما أجمل هاهنا، وأن معنى ذلك: مع رحمة الله وبرحمة الله؛ إذ من رحمة الله توفيقه للعمل وهدايته للطاعات، وأنه لم يستحقها بعمله؛ إذ الكل بفضل من الله تعالى. ” إكمال المعلم” (8/ 353).
قال ابن الملقن: وقوله – صلى الله عليه وسلم -: “لن يدخل أحد الجنة بعمله”؟ فالجواب: أن دخول الجنة بسبب العمل، والعمل برحمة الله. ” التوضيح” (2/ 627).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (1/ 217): وقوله صلى الله عليه وسلم {لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله} لا يناقض قوله تعالى (أُو لَا ئكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَا ءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [سورة ا حقاف 14] فإن المنفي نفي بباء المقابلة والمعاوضة كما يقال بعت هذا بهذا وما أثبت أثبت بباء السبب فالعمل لا يقابل الجزاء وإن كان سببا للجزاء ولهذا من ظن أنه قام بما يجب عليه وأنه لا يحتاج إلى مغفرة الرب تعالى وعفوه فهو ضال كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {لن يدخل أحد الجنة بعمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل وروي بمغفرته} ومن هذا أيضا الحديث الذي في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إن الله لو عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم. ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيرا من أعمالهم} الحديث.
و قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
فكيف يُجمع بين هذا الحديث وبين النصوص الأخرى الدالة على أن الإنسان يدخل الجنة بعمله؟
أجاب العلماء – رحمهم الله، فقهاء الإسلام،، ممن علمهم الله ذلك – فقالوا: الباء لها معنيان: تارة تكون للسببية، وتارة تكون للعوض.
فإذا قلت: بعت عليك هذا الكتاب بدرهم، فهذه للعوض.
وإذا قلت: أكرمتك بإكرامك إياي، فهذه للسببية.
فالمنفي هو باء العوض، والمثبت باء السببية.
فقالوا: معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ الجَنَّةَ بِعَمَلِهِ” أي على أن ذلك معاوضة، لأنه لو أراد الله عزّ وجل أن يعاوض العباد بأعمالهم وجزائهم لكانت نعمة واحدة تقضي على كل ما عمل، وأضرب مثلاً بنعمة النَّفَس، نعمة النفس هذه نعمة عظيمة لايعرف قدرهاإلا من ابتلي بضيق النفس، واسأل من ابتلوا بضيق النفس ماذا يعانون من هذا، والرجل الصحيح الذي ليس مصاباً بضيق النفس لا يجد كلفة في التمتع بهذه النعمة، فتجده يتنفس وهو يتكلم، ويتنفس وهو يأكل ولا يحس بشيء.
هذه النعمة لو عملت أي عمل من الأعمال لا تقابلها، لأن هذه نعمة مستمرة دائماً، بل نقول: إذا وفقت للعمل الصالح فهذا نعمة قد أضل الله عزّ وجل عنها أمماً، وإذا كان نعمة احتاج إلى شكر، وإذا شكرت فهي نعمة تحتاج إلى شكر آخر، ولهذا قال الشاعر:
إذا كانَ شكري نعمةَ اللهِ نعمةً … عليَّ لهُ في مثلها يجب الشكرُ
فكيفَ بلوغُ الشُّكرِ إِلاَّ بفضلهِ … وإن طالت الأيام واتّصل العمرُ
” شرح الأربعين النووية” (297).