315 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمعه نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله. ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا)
——‘——–‘——-”
——‘——-‘——-‘
مسند أحمد 12236 حدثنا يزيد أخبرنا حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين: من قتل رجلا فله سلبه. فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا فأخذ أسلابهم.
قلت سيف بن دورة: على شرط الذيل على الصحيح المسند (قسم الزيادات على الصحيحين)
فالحديث في مسلم 1809 بقصة أم سليم؛ لما اتخذت خنجر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا الخنجر؟ قالت: اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين. …. ) وفي مسند أحمد (من قتل قتيلا فله سلبه فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا فأخذ أسلابهم) وذكره أبوداود كاملا 2715
——-‘——
السلب
سلبه: والمراد بالسلب: هو ما أجلب به المقتول من ملبوس ومركوب وسلاح، لا ما كان باقيا في بيته. ” نيل الأوطار للشوكاني” (7/ 315).
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة هل يستحق السلب مطلقاً أم لا بد أن يقول ذلك أمير الجيش على قولين:
القول الأول: أنه يستحق ذلك ولو لم يقله القائد.
القول الثاني: لا يستحق القاتل السلب، بل هو لجميع الغانمين إلا إن شرط له الإمام ذلك.
قال الحافظ في الفتح (6/ 245 – 246): ذهب الجمهور وهو أن القاتل يستحق السلب سواء قال أمير الجيش قبل ذلك من قتل قتيلا فله سلبه أو لم يقل ذلك وهو ظاهر حديث أبي قتادة ثاني حديثي الباب وقال إنه فتوى من النبي صلى الله عليه و سلم وإخبار عن الحكم الشرعي وعن المالكية والحنفية لا يستحقه القاتل إلا إن شرط له الإمام ذلك وعن مالك يخير الإمام بين أن يعطي القاتل السلب أو يخمسه واختاره إسماعيل القاضي وعن إسحاق إذا كثرت الاسلاب خمست ومكحول والثوري يخمس مطلقا وقد حكى عن الشافعي أيضا وتمسكوا بعموم قوله (واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه) ولم يستثن شيئا واحتج الجمهور بقوله صلى الله عليه وسلم من قتل قتيلا فله سلبه فإنه خصص ذلك العموم وتعقب بأنه صلى الله عليه و سلم لم يقل من قتل قتيلا فله سلبه إلا يوم حنين قال مالك لم يبلغني ذلك في غير حنين وأجاب الشافعي وغيره بأن ذلك حفظ عن النبي صلى الله عليه و سلم في عدة مواطن منها يوم بدر كما في أول حديثي الباب ومنها حديث حاطب بن أبي بلتعة أنه قتل رجلا يوم أحد فسلم له رسول الله صلى الله عليه و سلم سلبه أخرجه البيهقي ومنها حديث جابر أن عقيل بن أبي طالب قتل يوم مؤتة رجلا فنفله النبي صلى الله عليه و سلم درعه ثم كان ذلك مقررا عند الصحابة كما روى مسلم من حديث عوف بن مالك في قصته مع خالد بن الوليد وإنكاره عليه أخذه السلب من القاتل الحديث بطوله وكما روى الحاكم والبيهقي بإسناد صحيح عن سعد بن أبي وقاص أن عبد الله بن جحش قال يوم أحد تعال بنا ندعو فدعا سعد فقال اللهم ارزقني رجلا شديدا بأسه فأقاتله ويقاتلني ثم ارزقني عليه الظفر حتى أقتله وآخذ سلبه الحديث ….
و قال الحافظ النووي: وحملوا الحديث على هذا وجعلوا هذا إطلاقا من النبي صلى الله عليه و سلم وليس بفتوى وإخبار عام وهذا الذي قالوه ضعيف لأنه صرح في هذا الحديث بأن النبي صلى الله عليه و سلم قال هذا بعد الفراغ من القتال واجتماع الغنائم والله أعلم. ” شرح مسلم على النووي” (12/ 95).
و قال العلامة العباد حفظه الله: أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان في غزوة حنين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [(من قتل كافراً فله سلبه)] فقتل أبو طلحة رضي الله عنه عشرين شخصاً وأخذ أسلابهم، أي: أخذ الأشياء التي كانت معهم بناءً على هذا القول الذي قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على أن السلب يكون للقاتل ولو تعدد المقتولون ولو كثروا؛ لأن أبا طلحة رضي الله عنه قتل عشرين وأخذ أسلابهم. وهذا يدل على قوة بعض الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ونشاطهم وبلائهم في الجهاد في سبيل الله، فإن أبا طلحة قتل هؤلاء العشرين من الكفار وأخذ أسلابهم. ثم رأى أم سليم -وهي زوجته، وهي أم أنس بن مالك – ومعها خنجر فقال لها: ما هذا يا أم سليم؟ قالت: أردت إن دنا أحد مني أن أبعج بطنه. أي: أشق بطنه بهذا الخنجر. تعني أنه إذا دنا أحد من الكفار إليها فإنها تستعمله للدفاع عن نفسها وتشق بطنه بهذا الخنجر، فأخبر بذلك أبو طلحة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ” شرح سنن أبي داود”.
والذي اميل اليه هو القول الاول و هو قول الجمهور:
قال الصنعاني في ” سبل السلام” (2/ 276 – 277): (وعن عوف بن مالك «أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قضى بالسلب للقاتل»: رواه أبو داود وأصله عند مسلم) فيه دليل على أن السلب الذي يؤخذ من العدو الكافر يستحقه قاتله سواء قال الإمام قبل القتال: من قتل قتيلا فله سلبه. أو لا، وسواء كان القاتل مقبلا أو منهزما، وسواء كان ممن يستحق السهم في المغنم أو لا إذ قوله «قضى بالسلب للقاتل» حكم مطلق غير مقيد بشيء من الأشياء؛ قال الشافعي: وقد حفظ هذا الحكم عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في مواطن كثيرة منها «يوم بدر فإنه – صلى الله عليه وسلم – حكم بسلب أبي جهل لمعاذ بن الجموح لما كان هو المؤثر في قتل أبي جهل؛ وكذا في قتل حاطب بن أبي بلتعة لرجل يوم أحد أعطاه النبي – صلى الله عليه وسلم – سلبه». رواه الحاكم.
والأحاديث في هذا الحكم كثيرة وقوله – صلى الله عليه وسلم – في يوم حنين «من قتل قتيلا فله سلبه» بعد القتال لا ينافي هذا بل هو مقرر للحكم السابق فإن هذا كان معلوما عند الصحابة من قبل حنين ولذا قال عبد الله بن جحش: اللهم ارزقني رجلا شديدا – إلى قوله – أقتله وآخذ سلبه كما قدمناه قريبا، وأما قول أبي حنيفة والهادوية إنه لا يكون السلب للقاتل إلا إذا قال الإمام قبل القتال مثلا: من قتل قتيلا فله سلبه وإلا كان السلب من جملة الغنيمة بين الغانمين فإنه قول لا توافقه الأدلة وقال الطحاوي: ذلك موكول إلى رأي الإمام «فإنه – صلى الله عليه وسلم – أعطى سلب أبي جهل لمعاذ بن الجموح بعد قوله له ولمشاركه في قتله كلاكما قتله لما أرياه سيفيهما».
وأجيب عنه بأنه – صلى الله عليه وسلم – إنما أعطاه معاذا لأنه الذي أثر في قتله لما رأى عمق الجناية في سيفه؛ وأما قوله: كلاكما قتله فإنه قاله تطييبا لنفس صاحبه.
وأما تخميس السلب الذي يعطاه القاتل فعموم الأدلة من الأحاديث قاضية بعدم تخميسه.
وبه قال أحمد وابن المنذر وابن جرير وآخرون كأنهم يخصصون عموم الآية فإنه أخرج حديث عوف بن مالك أبو داود وابن حبان بزيادة «ولم يخمس السلب» وكذلك أخرجه الطبراني.
واختلفوا هل تلزم القاتل البينة على أنه قتل من يريد أخذ سلبه فقال الليث والشافعي وجماعة من المالكية إنه لا يقبل قوله إلا بالبينة لورود ذلك في بعض الروايات بلفظ «من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه» وقال مالك والأوزاعي: يقبل قوله بلا بينة، قالوا لأنه – صلى الله عليه وسلم – قد قبل قول واحد ولم يحلفه بل اكتفى بقوله؛ وذلك في قصة معاذ بن الجموح وغيرها فيكون مخصصا لحديث الدعوى والبينة.
و ترجم أبو داود في سننه، باب: [باب في السلب لا يخمس].
قال العظيم آبادي في ” عون المعبود” (7/ 279): والمعنى أنه دفع السلب كله إلى القاتل ولم يقسمه خمسة أقسام بخلاف الغنيمة، وفيه دليل لمن قال إنه لا خمس السلب.
قال أبو عمر في ” الإستذكار” (5/ 61): وقال أبو ثور ومحمد بن جرير الطبري في السلب السلب لكل قاتل في معركة كان أو غير معركة مقبلا كان أو مدبرا أو على أي حال كان على ظاهر الحديث.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ولهذا قلنا: إن الإنسان إذا قتل قتيلاً في الحرب فله سلبه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل قتيلاً فله سلبه» يعني: ما عليه من الثياب وما أشبهها. ” فتح ذي الجلال و الإكرام ” (4/ 264).
تنبيه: بعض العلماء قالوا من باب الأحوط أن السلب يرجع للإمام، فإذا أذن الإمام فله أخذ السلب، و ممن قال بهذا القول العلامة [الشيخ الشنقيطي في اضواء البيان، الشيخ ابن عثيمين في فتح ذي الجلال والإكرام، الشيخ العباد في شرح سنن ابي داود].
فائدة: قال العلامة الشنقيطي في ” اضواء البيان” (9/ 60): ولا يستحق القاتل سلب المقتول، إلا أن يكون المقتول من المقاتلة الذين يجوز قتالهم.
فأما إن قتل امرأة، أو صبياً، أو شيخاً فانياً، أو ضعيفاً مهيناً، أو مثخناً بالجراح لم تبق فيه منفعة، فليس له سلبه.
ولا خلاف بين العلماء: في أن من قتل صبياً، أو امرأة، أو شيخاً فانياً، لا يستحق سلبهم، إلا قولاً ضعيفاً جداً يروى عن أبي ثور، وابن المنذر: في استحقاق سلب المرأة.
و هناك قاعدة جميلة:
قال ابن دقيق العيد: وهذا يتعلق بقاعدة وهو أن تصرفات الرسول صلى الله عليه وسلم في أمثال هذا إذا ترددت بين التشريع والحكم الذي يتصرف به ولاة الأمور هل يحمل على التشريع أو على الثاني؟ والأغلب حمله على التشريع. [إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (494)].
قال ابن عثيمين رحمه الله: على كل حال: القاعدة الأصلية: أن الأصل في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم هو التشريع. (فتح ذي الجلال الإكرام).
هل يحتاج أخذ السلب إلى إذن الإمام؟ لا، بل هو قضاء النبي – صلى الله عليه وسلم -، وعلى ولي الأمر أن ينفذه. [الحلل الابريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري].
و من هنا يتبين: فمن قال الاصل في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم هو التشريع رجح أن للقاتل السلب وله أخذ ما سلبه من ملابس وسلاح وغير ذلك، ومن قال يرجع ذلك الى ولي الامر فلا يجوز أخذ السلب الا بإذن الإمام اعتبر كلام الرسول صلى الله عليه وسلم من باب الحكم.