1616 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري وعبدالله المشجري وخميس العميمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين جميعا)
——–‘——-‘——-”
———‘——–‘——–
الصحيح المسند 1616
عن عائشة رضي الله عنها قالت: مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانية عشر شهرا فلم يصل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
———”——–”——–”
قلت سيف بن دورة: انكره الإمام أحمد وسيأتي نقل كلامه
*قال العباد -حفظه الله- في شرح السنن:*
قوله: [باب في الصلاة على الطفل]، الطفل يصلى عليه، وقد مر بنا الحديث الذي فيه: (والسقطُ يصلى عليه) وفي بعض ألفاظه: (والطفل يصلى عليه)، وقد جاء في الأدعية: (اللهم اغفر لحينا وميتنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا)، فالصلاة على الأطفال قد جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة في أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل على ابنه إبراهيم فقد توفي وعمره ثمانية عشر شهراً ومع ذلك لم يصل عليه، فأخذ بعض أهل العلم من هذا أن الصلاة على الأطفال لا تجب، وقد جاء أنه يصلى على الأطفال، فالمعروف والمشهور عند العلماء أن الطفل يصلى عليه، وهل يستدل بترك الصلاة على أن الصلاة على الأطفال مستحبة، وأنه يمكن أن تترك على بعض الأطفال، أم يقال: إن هذا حصل لأن إبراهيم من أهل الجنة، وله ظئر ترضعه في الجنة؟ هذا ليس بواضح، وقد جاء فيما يتعلق بالصلاة على إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم بعض الآثار المرسلة، وأما هذا الحديث الذي معنا فهو متصل ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يدل على أنه لم يصل على إبراهيم، ولكن الإشكال في كونه يتخذ دليلاً على أن الصلاة على الأطفال مستحبة وليست بواجبة، ويحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على ابنه إبراهيم كما لم يصل على الشهداء؛ لأنه حصل لهم ما حصل من الكرامة والمنزلة، فيكون ابنه إبراهيم كذلك، فالذي يظهر أن التعويل يكون على أن الصلاة على الأطفال ليست بواجبة وإنما هي مستحبة فقط، وقد استدل الشيخ الألباني رحمه الله بعدم الصلاة على إبراهيم على استحباب الصلاة على الأطفال، وأنها غير واجبة.
وأما قول بعضهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم انشغل بصلاة الخسوف عن الصلاة على ابنه إبراهيم فقول غير واضح؛ لأنه ليس هناك مشقة في أن يصلي عليه بعد صلاة الكسوف، وليس هناك ما يشغل عنها.
*وقال -حفظه الله- في موضع آخر (باختصار):*
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا هناد بن السري حدثنا محمد بن عبيد عن وائل بن داود سمعت البهي قال: (لما مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المقاعد).
قال أبو داود: قرأت على سعيد بن يعقوب الطالقاني قيل له: حدثكم ابن المبارك عن يعقوب بن القعقاع عن عطاء: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى على ابنه إبراهيم وهو ابن سبعين ليلة)].
أورد أبو داود هذين الحديثين المرسلين، وفيهما أنه صلى الله عليه وسلم صلى على ابنه إبراهيم، وهما مرسلان؛ لأن الذي يرفعهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم من التابعين، وهما البهي، وعطاء بن أبي رباح، ومعلوم أن المرسل: هو ما يضيفه التابعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ليس حجة عند المحدثين؛ لاحتمال أن يكون الساقط تابعياً، وذلك التابعي قد يكون ثقة وقد يكون ضعيفاً، فضعف المرسل لهذا الاحتمال.
وأورد أبو داود مرسلاً من طريق البهي وهو: (لما مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المقاعد).
والمقاعد مكان قريب من المسجد، وفي الأثر الذي بعده: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى عليه وهو ابن سبعين ليلة)، وهذا فيه مخالفة لما تقدم من أنه مات وهو ابن ثمانية عشر شهراً، فقال بعض أهل العلم: إن التعويل يكون على هذه المراسيل، ولكن المراسيل -كما عرفنا- غير حجة، والحديث المتصل ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والقول بأنه يستدل بالحديث المتصل السابق على أن الصلاة على الأطفال مستحبة وليست بواجبة فيه نظر؛ لاحتمال أن يكون ترك الصلاة عليه كما ترك الصلاة على بعض الشهداء، فابنه إبراهيم له منزلة، وكذلك الشهداء لهم منزلة، فلا يتخذ ذلك دليلاً على أن الأطفال أو بعضهم لا يصلى عليهم، أو أنها تكون مستحبة؛ لاحتمال أن يكون هذا الذي حصل له مثل الذي حصل للشهداء؛ لعلو منزلتهم ومكانتهم، ولعظيم ما أعده الله لهم من النعيم، ولا شك أن الصلاة فيها شفاعة وزيادة خير، فلعل العلة في ترْك الرسول صلى الله عليه وسلم الصلاة على الشهداء وعلى ابنه إبراهيم واحدة.
………………
وذكر في (عون المعبود) أن الزركشي قال: ذكروا في ذلك وجوهاً منها: أنه لا يصلي نبي على نبي، وقد جاء أنه لو عاش لكان نبياً.
أقول: ليس هذا التعليل بظاهر، ثم ما هو الدليل على أنه لا يصلي نبي على نبي؟! فالأنبياء السابقون لا نعرف ما الذي حصل في زمنهم، فلا يُثبت ولا يُنفى إلا بدليل، والرسول صلى الله عليه وسلم وهو سيد البشر صلى عليه أصحابه فرادى، فكان كل واحد منهم يصلي عليه على حدة، فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم موجودة، فهذا التعليل ليس بالمستقيم.
*قال العيني -رحمه الله- في نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار:*
ص: باب: الطفل يموت، أيصلى عليه أم لا؟
ش: أي هذا باب في بيان الطفل يموت، هل يصلى عليه أم لا؟ قال الجوهري: الطفل المولود، وولد كل وحشية أيضًا طفل، والجمع: أطفال، ويكون الطفل واحدًا وجمعًا مثل الجنب، قال تعالى: {الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا} (1).
ص: حدثنا ابن أبي عمران، قال: ثنا أبو خيثمة، قال: ثنا يعقوب بن إبراهيم ابن سعد، قال: ثنا أبي، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة – رضي الله عنها -: “أن رسول الله – عليه السلام – دفن ابنه إبراهيم ولم يصل عليه”.
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن يحيى النيسابوري، قال: ثنا يعقوب … فذكر بإسناده مثله.
ش: هذان طريقان رجالهما ثقات:
الأول: عن أحمد بن أبي عمران موسى الفقيه البغدادي نزيل مصر، عن أبي خيثمة زهير بن حرب بن شداد شيخ الشيخين وأبي داود وابن ماجه، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنهم – القرشي الزهري المدني روى له الجماعة، عن أبيه إبراهيم بن سعد روى له الجماعة، عن محمَّد بن إسحاق المدني روى له الجماعة البخاري مستشهدًا ومسلم في المتابعات عن عبد الله بن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني روى له الجماعة، عن عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية المدنية روى لها الجماعة، عن أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها -.
وأخرجه أبو داود (2): نا محمد بن يحيى بن فارس، ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، نا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: “مات إبراهيم ابن النبي عليهما السلام وهو ابن ثمانية عشر شهرًا، فلم يصل عليه رسول الله – عليه السلام -“.
الثاني: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن محمد بن يحيى النيسابوري شيخ البخاري والأربعة، عن يعقوب بن إبراهيم … إلى آخره.
وأخرجه أحمد، (3) والبزار، وأبو يعلى في مسانيدهم.
وقال حنبل: قال لنا أبو عبد الله: هذا حديث منكر جدًّا، وأجابوا عنه بوجوه: الأول: شغل النبي – عليه السلام – بصلاة الكسوف، وهذا ضعيف.
الثاني: أنه استغنى بفضيلة نبوة النبي – عليه السلام – عن الصلاة كما استغنى الشهداء بفضيلة الشهادة عن الغسل والصلاة عليه عند قوم.
الثالث: أنه لا يُصلي نبي على نبي، وقد جاء أنه لو عاش لكان نبيًّا.
الرابع: أنه لم يصلي عليه بنفسه وصلى عليه غيره.
الخامس: أن جماعة رووا عن النبي – عليه السلام – أنه صلى عليه على ما يجيء إن شاء الله تعالى، فخبر المثبت أولى، وهذا أولى الأجوبة وأحسنها على ما لا يخفى.
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: فذهب قوم إلى أنه لا يصلى على الطفل، واحتجوا في ذلك بهذا الحديث.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: سويد بن غفلة وسعيد بن جبير وعمرو بن مرة؛ فإنهم قالوا: لا يصلي على الطفل. واحتجوا بالحديث المذكور، ويروى ذلك عن الزبير بن العوام.
وقال ابن حزم في “المحلى” (4): وروي عن الزبير بن العوام أنه مات ابن له قد لعب مع الصبيان واشتد ولم يبلغ الحلم اسمه عمر؛ فلم يصل عليه.
وقال أيضًا (5): وتستحب الصلاة على المولود حيًّا ثم يموت، استهل أو لم يستهل، وليس الصلاة عليه فرضًا ما لم يبلغ، أما الصلاة فإنها فعل خير لم يأتي عنها نهي، وأما ترك الصلاة عليه فلما روينا من طريق أبي داود، وروى الحديث المذكور، ثم قال: هذا خبر صحيح، ولكن إنما فيه ترك الصلاة وليس فيه نهي عنها، وقد جاء أثران مرسلان بأنه – عليه السلام – صلى عليه، والمرسل لا حجة فيه.
ص: ورووا في ذلك أيضًا عن سمرة بن جندب، حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا أبو معمر، قال: ثنا عبد الوارث، قال: ثنا عقبة بن سيار، قال: حدثني عثمان بن جحاش، وكان ابن أخي سمرة بن جندب قال: “مات ابن لسمرة قد كان سقي ماء، فسمع بكاء فقال: ما هذا؟ فقالوا: على فلان مات، فنهى عن ذلك، ثم دعا بطست أو نقير فغسل بين يديه، وكفن بين يديه، ثم قال لمولاه فلان: انطلق به إلى حفرته، فإذا وضعته في لحده فقل: بسم الله وعلى سنة رسول الله، ثم أطلق عقد رأسه، وعقد رجليه، وقيل: اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده، قال: ولم يصل عليه”.
حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن جُلاس، عن ابن جحاش، عن سمرة بن جندب: “أن صبيًّا لهم مات، فقال: ادفنوه ولا تصلوا عليه؛ فإنه ليس عليه إثم، ثم ادعوا الله لأبويه أن يجعله لهما فرطًا وسلفًا”.
ش: أي روى هؤلاء القوم فيما ذهبوا إليه أيضًا عن سمرة بن جندب، وأخرج حديثه من طريقين:
الأول: عن أحمد بن داود المكي شيخ الطبراني أيضًا، عن أبي معمر عبد الله ابن عمرو بن أبي الحجاج المنقري المقعد البصري شيخ البخاري وأبي داود، عن عبد الوارث بن سعيد التميمي أبي عبيدة البصري روى له الجماعة، عن عقبة بن سيار أبي الجلاس الشامي نزيل البصرة وثقه يحيى وابن حبان وروى له أبو داود، عن عثمان بن جحاش ابن أخي سمرة بن جندب وثقه ابن حبان، عن سمرة بن جندب – رضي الله عنه -.
وأخرجه البيهقي (6): من حديث عبد الوارث، عن عقبة بن سيار، حدثني عثمان ابن أخي سمرة قال: “مات ابن لسمرة -وفيه- قال: انطلق به إلى حفرته، فإذا وضعته في لحده فقل: بسم الله وعلى سنة رسول الله – عليه السلام -، ثم أطلق عقد رأسه وعقد رجليه”.
الثاني: عن إبراهيم بن مرزوق، عن وهب بن جرير بن حازم، عن شعبة، عن جلاس -بضم الجيم وتخفيف اللام- وهو أبو الجلاس عقبة بن سيار، وقال شعبة في روايته: حدثني جلاس بدون ذكر أبي. وقال ابن ماكولا: أبو الجُلاس عقبة بن سيار، وقيل: ابن يسار بتقديم الياء آخر الحروف، ويقال: ابن شماس، يروي عن عثمان بن جحاش روى عنه شعبة فلم يضبط اسمه، فقال: حدثني الجُلاس، وروى عنه عبد الوارث فضبطه، وجُلاس أو أبو جُلاس يروي عن ابن جحاش وهو عثمان بن جحاش ابن أخي سمرة بن جندب ووقع في رواية ابن أبي شيبة: علي بن جحاش حيث قال: ثنا غندر، ثنا شعبة، قال: ثنا جُلاس السلمي، قال: سمعت علي بن جحاش قال: سمعت سمرة بن جندب ومات ابن له صغير فقال: “اذهبوا به فادفنوه، ولا تصلوا عليه؛ فإنه ليس عليه إثم، وادعوا الله لوالديه أن يجعله لهما فرطًا وأجرًا”.
قوله: “ثم دعا بطست” وهو التور، وهو إناء من صُفْر ويقال فيه بفتح الطاء وكسرها، ويقال: طس أيضًا بالفتح والكسر، ويقال: طَسَه أيضًا بالفتح والكسر، وأصل طست: طس، والتاء فيه بدل من السين بدليل جمعه على طسوس، وطساس والعامة يقولونه بالشين المعجمة. و”النقير” بفتح النون وكسر القاف أصله النخل ينقر وسطه وينبذ فيه التمر أيضًا.
قوله: “فلانٍ” بالجر لأنه بدل من قوله: “لمولاه” والمراد به مولاه الأسفل وهو الذي تحت رقه، أو أعتق منه.
قوله: “لا تحرمنا” من حَرَمَه الشيء يَحْرِمه حَرِمًا، من باب ضَرَبَ يَضْرِبُ، والحَرِم بكسر الراء نحو سَرَقَ سَرِقًا بكسر الراء، ونحوه حرمه حَرِيمة وحرمانًا، وأحرمه أيضًا إذا منعه إياه، وقد تقدم تفسير الفَرَط، والسَّلَف من سلف المال كأنه قد أسلفه وجعله ثمنًا للأجر والثواب الذي يجازى على الصبر عليه، وقيل: سلف الإنسان من تقدمه بالموت من آبائه وذوي قرابته، ولهذا سمي الصدر الأول من التابعين: السَّلَف الصالح.
ويستفاد منه أحكام:
النهي عن البكاء على الميت ولكن هذا فيما إذا كان بصوت. وأما إذا كان بدون صوت فلا بأس به.
وأن الطفل يغسل وأنه يكفن وأنه لا يصلى عليه.
وأن السنة لواضع الميت في قبره أن يقول: بسم الله وعلى سنة رسول الله، وأنه يحل العقد من رأسه ورجليه؛ لأنه إنما كان لخوف انتشار الكفن، وقد حصل الأمن عنه بعد وضعه في القبر.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: بل يصلى على الطفل.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: ابن أبي ليلى وابن المسيب وابن سيرين والزهري والنخعي والثوري وأبا حنيفة ومالكًا والشافعي وأحمد وإسحاق وأبا يوسف ومحمدًا رحمهم الله؛ فإنهم قالوا: يصلي على الطفل. وإليه ذهب جمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وقال أصحابنا: إذا استهل المولود ميتًا سمي وغسل وصُلي عليه، وكذا إذا استهل ثم مات لحينه، والاستهلال أن يكون منه ما يدل على حياته، فإن لم يستهل لا يغسل ولا يرث ولا يورث ولا يسمى، وعند الطحاوي أن الجنين الميت يغسل، ولم يحك خلافًا، وعن محمَّد: في سقط استبان خلقه: يغسل ويكفن ويحنط ولا يصلى عليه.
وقال أبو حنيفة: إذا خرج أكثر الولد وهو يتحرك صلي عليه، وإن خرج أقله لم يصل عليه.
وفي “شرح المهذب”: إذا استهل السقط صلي عليه؛ لحديث ابن عباس مرفوعًا: “إذا استهل السقط صلي عليه وورث” وهو حديث غريب، وإنما هو معروف من رواية جابر.
ومن رواية جابر بن عبد الله رواه الترمذي (7) وقال: كأن الموقوف أصح، وقال النسائي (8): الموقوف أولى بالصواب.
ونقل ابن المنذر الإجماع على وجوب الصلاة على السقط. وعن مالك: لا يصلى على الطفل إلا أن يختلج أو يتحرك. وعن ابن عمر أنه يصلى عليه وإن لم يستهل. وبه قال ابن سيرين وابن المسيب وأحمد وإسحاق.
قال العبدري: إن كان له دون اربعة أشهر لم يصل عليه بلا خلاف يعني بالإجماع، وإن كان له أربعة أشهر ولم يتحرك لم يصل عليه عند جمهور العلماء، وقال أحمد وداود: يصلى عليه.
وقال ابن قدامة: السقط الولد تضعه المرأة ميتًا أو لغير تمام، فأما إن خرج حيًّا واستهل فإنه يصلى عليه بعد غسله بلا خلاف، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الطفل إذا عرفت حياته واستهل صلي عليه، وإن لم يستهل قال أحمد: إذا أتى له أربعة أشهر غُسِّلَ وصلي عليه وهذا قول سعيد بن المسيب وابن سيرين وإسحاق، وصلى ابن عمر على ابن لابنه ولد ميتًا، وقال الحسن وإبراهيم والحكم وحماد ومالك والأوزاعي وأصحاب الرأي: لا يصلي عليه حتى يستهل، وللشافعي قولان كالمذهبين.
ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا يونس، قال: أنا سفيان، عن طلحة بن يحيى بن طلحة، عن عمته عائشة بنت طلحة، عن عائشة زوج النبي – عليه السلام – قالت: “جاءت الأنصار بصبي لهم إلى النبي – عليه السلام – ليصلي عليه، فقلت -أو قيل له-: هنيئًا له يا رسول الله لم يعمل سوءًا قط ولم يدركه، عصفور من عصافير الجنة، قال: أو غير ذلك، إن الله -عز وجل- لما خلق الجنة خلق لها أهلًا وهم في أصلاب آبائهم، وخلق النار وخلق لها أهلًا وهم في أصلاب آبائهم”.
ش: أي احتج هؤلاء الآخرون فيما ذهبوا إليه بحديث عائشة – رضي الله عنها -.
وأخرجه بإسناد صحيح على شرط مسلم ورجاله كلهم رجال مسلم، وسفيان هو ابن عيينة، وعائشة بنت طلحة بن عبيد الله القرشية المدنية، وأمها أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق – رضي الله عنه -.
وأخرجه مسلم في كتاب القدر (9): ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع، عن طلحة بن يحيى، عن عمته عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين قالت: “دعي رسول الله – عليه السلام – إلى جنازة صبي من الأنصار، فقلت: يا رسول الله، طوبى لهذا؛ عصفور من عصافير الجنة، لم يعمل السوء ولم يدركه، قال: أو غير ذلك يا عائشة، إن الله خلق للجنة أهلًا خلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلًا خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم”.
وأخرجه أبو داود، (10) والنسائي (11) أيضًا.
قوله: “أو قيل له” شك من الراوي، وفاعل قلت هو عائشة – رضي الله عنها -.
قوله: “هنيئًا له” أي للصبي المذكور، وانتصاب هنيئًا على أنه اسم جارٍ مجرى المصدر في انتصابه بعامل محذوف، والمعنى: هنؤ له هنيئًا، يقال: هنؤ الطعام يهنؤ هناءة أي صار هنيئًا، وكذلك هنيء الطعام مثل فَقِهَ وفَقُهَ، وكل أمر يأتيك من غير تعب فهو هنيء، وقد يجيء انتصابه على الحال، نحو قولك: هنيئًا لك المال، والتقدير: ثبت لك المال أو دام حال كونه هنيئًا، وعلى الصفة أيضًا كما في قوله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا} أي أكلًا هنيئًا وشربًا هنيئًا.
قوله: “عصفور” خبر مبتدأ محذوف، أي هو عصفور.
قوله: “أو غير ذلك” أي أو يكون غير ما ذكرت يا عائشة، وأراد – عليه السلام – بذلك أن أحدًا لا يجزم عليه بأنه من أهل الجنة وإن كان صغيرًا لم يعمل سوءًا قط إلا الأنبياء عليهم السلام؛ فإنهم مقطوع لهم بالجنة، وكذلك من شهد له النبي – عليه السلام – بالجنة.
ويستنبط منه أحكام:
الأول: أنه يدل على أن الطفل يصلى عليه.
فإن قيل: كيف يدل الحديث على ذلك وليس فيه أنه صلى عليه؟
قلت: إنما جاءت الأنصار بصبيهم إلى النبي – عليه السلام – علمًا منهم أنه – عليه السلام – كان يصلي على الأطفال، ولو كانوا علموا خلاف ذلك لما جاءوا به إليه، وأيضًا لو لم يصل عليه لبين ذلك في الحديث؛ فإنهم جاءوا لأجل الصلاة، فلو كان الطفل لا يصلى عليه لأعلمهم النبي – عليه السلام – بذلك.
____
قلت سيف بن دورة: حديث إذا استهل الصبي ورث صححه الألباني بطرقه كما في الإرواء 6/ 147. والصحيحة 152. 153
وقد أخرجه أبوداود 2920. من حديث أبي هريرة وبينا أن الدارقطني في العلل 3246 يرجح الإرسال. لكن هذه المراسيل تتقوى
وورد من حديث جابر وفيه الصبي اذا استهل وصلي عليه. رواه الترمذي فزاد الصلاة عليه
وحديث جابر رجح الدارقطني الموقوف في العلل 3271
وسبق ترجيح النسائي للموقوف نقله عنه ابن رجب في شرح علل الترمذي
وكذلك نقلنا ترجيح الترمذي للموقوف
فلفظة الصلاة عليه لا تصح مرفوعه.
– وكلام الإمام أحمد في إنكاره لحديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل على ابنه إبراهيم. الذي سبق ذكره.
نقله ابن الجوزي في العلل المتناهية قال أحمد بن حنبل: هذا حديث منكر جدًّا وهو من ابن إسحاق.
وكذلك نقله ابن القيم في الهدي قال أحمد في رواية حنبل هذا حديث منكر جدا وهى ابن إسحاق. ثم ذكر اختلاف العلماء فبعضهم رجح روايات الصلاة على إبراهيم وبعضهم رجح روايات عدم الصلاة وبعضهم قال لا تعارض فمعنى صلى عليه غيره ولم يباشر ذلك بنفسه لانشغاله بصلاة الكسوف. … انتهى
ولم يرجح
وراجع نصب الراية مع الحاشية 2/ 280 حيث نقل أحاديث الطرفين
وفي تعليقنا على سنن أبي داود كتاب الجنائز باب في الصلاة على الطفل وذكر حديث عائشة اول الباب في أنه لن يصل صلى الله عليه وسلم على إبراهيم ثم نقل مرسلين عن البهي وعن عطاء انه صلى. وانكرهما الألباني
ونقلنا عن بعض المتخصصين في علم الحديث تصحيح حديث عائشة في عدم الصلاة على إبراهيم وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كونه لم يصل لا يلزم انه لم يأمر غيره. لانشغاله بصلاة الكسوف.
بعض طلاب العلم يقول أن في نقل حنبل لكلام الإمام أحمد خلل.
لكن هذا ليس على إطلاقه.
تنبيه: صحح الألباني في صحيح ابن ماجه رواية فيها صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم … فإما أن يكون خطأ طباعي أو سهو.
المهم: الصلاة على الصغار احوط خروجا من الخلاف.
واختار وجوب الصلاة على الصغار أعضاء اللجنة الدائمة في مجموع فتاوى اللجنة.
——
(1) سورة النور، آية: [31].
(2) “سنن أبي داود” (2/ 244 رقم 3187).
(3) “مسند أحمد” (6/ 267 رقم 26348).
(4) “المحلى” (5/ 160).
(5) “المحلى” (5/ 158).
(6) “السنن الكبرى” (3/ 407 رقم 6506).
(7) جامع الترمذي” (3/ 350 رقم 1032).
(8) السنن الكبرى” (4/ 77 رقم 6357، 6358).
(9) “صحيح مسلم” (4/ 2050 رقم 2662).
(10) “سنن أبي داود” (2/ 641 رقم 4713).
(11) “المجتبى” (4/ 57 رقم 1947).
——-