1394 تعليق على الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين؛ (من المجلد الثاني)
بإشراف ومراجعة سيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع الإخوة بمجموعات السلام1،2،3 والمدارسة، والاستفادة، وأهل الحديث همو أهل النبي صلى الله عليه وسلم
(من لديه فائدة أو تعقيب فليفدنا)
مشاركة مجموعة عبدالحميد وعبدالله الديني.
———-
1394 الصحيح المسند
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا سبق إلا في خف أو في حافر، أو نصل)
———-
قلت سيف بن دورة الكعبي:
راجع تخريجنا لسنن أبي داود 2574 حيث ذكرنا أن العقيلي رجح رواية من رواه عن نافع بن أبي نافع عن أبي هريرة. كما في ترجمة فرج بن يحيى.
ونقلنا تحت باب في المحلل ضعف الحديث الذي أورده أبوداود (من أدخل فرسا بين فرسين – يعني وهو لا يؤمن أن يسبق – فليس بقمار، ومن أدخل فرسا بين فرسين وقد أمن أن يسبق فهو قمار) بل أبوداود نفسه ذكر علته، وكذلك أبوحاتم كما في العلل 2249 رجح أنه من قول سعيد بن المسيب، ونقل محققو العلل ط الجريسي كلام ابن تيمية في ضعف الحديث وأن المحلل لا يوجد عليه دليل من الشرع بل هو ظلم وراجع الفتاوى الكبرى 1/ 495، 3/ 90.
وكذلك نقلوا كلام ابن القيم في ضعف الحديث كما في تهذيب السنن، وأطال في إعلاله سندا ومتنا في الفروسية ص229 – 235
وبوب أبوداود باب في الجلب على الخيل في السباق وأورد حديث (لا جلب ولا جنب في الرهان) لكنه منكر أعله الأئمة وله شواهد كلها معلة وللتوسع راجع تحقيقنا على سنن أبي داود.
—-
قال ابن منظور: [(( سبق إ في خف أو نصل أو حافر))
، فالخف ا بل هـاهـنا، والحافر الخيل، والنصل السهم الذي يرمى به، و بد من حذف مضاف، أي سبق إ في ذي خف أو ذي حافر أو ذي نصل. ” لسان العرب ” (9/ 81)
قال شيخ الاسلام:
فزاد بعض الناس فيه: ” أو جناح ” لما رأى بعض ا مراء عنده حمام، فعلموا أنه كذب تقربا إلى ذلك ا مير.
” الجواب الصحيح ” 6/ 471
معنى (سبق):
ورد في ضبط سبق روايتان:
1 / بفتح الباء (سبَق) والمراد: ما يجعل من المال رهناً على المسابقة.
2 / بسكون الباء (سبْق) والمراد: المصدر لسبق فهو بمعنى المسابقة.
وقد رجح الخطابي في معالم السنن الرواية الأولى رواية الفتح، وينظر المصادر السابقة.
روى ابن عمر: أن النبي سابق بين الخيل وجعل بينهما سبقا وجعل بينهما محللا وقال:” لا سبق إلا في حافر أو نصل ” أخرجه ابن حبان (10/ 543) والطبراني في الأوسط (8/ 51) لكن إسناده ضعيف فيه عاصم بن عمر:
والحديث ضعفه عبد الحق الأشبيلي وابن القيم وذكره ابن عدي في منكرات عاصم في الكامل.
مسألة: حكم السبق في غير هذه الأمور المذكورة في الحديث:
لا بد من ذكر بعض المسائل المتفق عليها في هذا الباب قبل ذكر الخلاف فأقول:
أولا: اتفقوا على جواز السبق في هذه الأمور الثلاثة بدون عوض أو بعوض من غير المتسابقين أي أن يكون هناك محلل وهو يدفع العوض وقد نقل الاتفاق على ذلك كثير من أهل العلم كابن حزم في مراتب الإجماع (ص 183) وابن عبد البر في التمهيد (14/ 88) والنووي في شرح مسلم (13/ 14) وابن حجر في فتح الباري (6/ 73) الفروسية (ص 179)
ثانيا: اتفقوا على جواز المسابقة بدون عوض في كل أمر نافع كالسباحة والمصارعة وسباق الأقدام وغير ذلك. ينظر: المغني لابن قدامة (11/ 129) شرح النووي على مسلم (12/ 183) مجموع الفتاوى (32/ 227) الفروسية (ص 98)
ثالثا: اتفقوا على تحريم المسابقة في كل شيء أفضى إلى فعل محرم أو ترك واجب كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية: مجموع الفتاوى (32/ 250) وابن القيم في الفروسية (ص 179)
رابعا: اختلفوا بعد ذلك في أمور:
الأول: السبق في الأمور الثلاثة المذكورة في الحديث بعوض من أحد المتسابقين أو من كليهما.
الثاني: السبق بعوض مما هو في معنى الثلاثة المذكورة في الحديث.
الثالث: السبق بعوض في غير الأمور الثلاثة المذكورة وليس في معناها أيضا.
أما المسألة الأولى فإن كان العوض من أحد المتسابقين فاختلف فيها على أقوال:
القول الأول: جواز السبق في الأمور الثلاثة المذكورة في الحديث وإن كان العوض من أحد المتسابقين وهو قول الجمهور وهو أحد قولي مالك رحمه الله واختاره ابن تيمية وابن القيم.
القول الثاني: جواز ذلك بشرط أن لا يرجع العوض لمن يدفعه في حال كان هو الذي سبق وهو قول لمالك.
القول الثالث: المنع مطلقا وهو قول القاسم بن محمد.
وإن كان العوض من المتسابقين فاختلف فيه على ثلاثة أقوال:
القول الأول: المنع مطلقا حتى لو دخل معهما محلل وهو قول لمالك واختاره ابن الصباغ وابن خيران.
القول الثاني: أن ذلك يجوز إذا دخل معما محلل لا يبذل شيئا إن سُبِق ويأخذ سبقهما إن سَبَق.
القول الثالث: الجواز مطلقا وإن لم يدخل محلل وهو اختيار ابن تيمية وابن القيم.
وحجة الجمهور: حديث: ” من أدخل فرسا بين فرسين وقد أمن أن يسبقهما فهو قمار وإن لم يؤمن أن يسبقهما فليس بقمار ” أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة والحاكم والبيهقي وابن حزم وصححه من حديث أبي هريرة.
قال أبو حاتم: (أحسن أحواله أن يكون موقوفا على سعيد بن المسيب فقد رواه يحيى بن سعيد عن سعيد قوله) وكذا قال ابن تيمية وابن القيم.
وكذا هو في الموطأ عن الزهري عن سعيد قوله.
وقال ابن أبي خيثمة سألت ابن معين عنه فقال: هذا باطل وضرب على أبي هريرة.
وقد تفرد به سفيان بن حسين عن الزهري وهو ليس بذاك في روايته عن الزهري كما قال أحمد وابن معين.
وحجة ابن تيمية وابن القيم عموم الحديث حيث لم يفرق ولم يشترط محللا.
أما المسألة الثانية وهي: السبق بعوض مما هو في معنى الثلاثة المذكورة في الحديث فالجمهور من المالكية ووقول عند الشافعية والحنابلة وابن حزم يرون المنع وقصر الجواز في الأمور المذكورة في الحديث فقط، وذهب الحنفية والشافعية وابن تيمية وابن القيم إلى الجواز.
وحجة الجمهور الاقتصار على النص لأنها وردت بصيغة الحصر.
واستدل أصحاب القول الثاني بالقياس على ما ورد به النص فكل ما كان فيه تقوية للدين وحفظ للشريعة وإعلاء لكلمة الله فهو داخل في المعنى.
أما المسألة الثالثة وهي: السبق بعوض في غير الأمور الثلاثة المذكورة وليس في معناها أيضا فالجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية يمنعونه خلافا لبعض المالكية. وحجة الجمهور عموم الحديث السابق.
وقد أطال الكلام على المسألة ابن القيم في كتابه المشهور الفروسية وينظر للفائدة:
بدائع الصنائع (6/ 206) البحر الرائق (8/ 554) التمهيد لابن عبد البر (14/ 88) الذخيرة (3/ 466) مواهب الجليل (3/ 390) روضة الطالبين (10/ 351) فتح الباري (6/ 73) معالم السنن للخطابي (3/ 398) المغني (11/ 129) مجموع فتاوى ابن تيمية (32/ 223) ومابعدها المحلى (7/ 354) شرح السنة للبغوي (10/ 394
قلت سيف بن دورة الكعبي:
تنبيه: هناك بعض الألعاب الرياضية، فيها احتمال أن يكون المقصود منها تقوية المسلمين والإعانه على الدفاع عن البلاد الإسلامية، وما يقع فيها من ضرر يمكن تجنبه أو تخفيفه.
وسبق تكلمنا على بعض مسائل هذا الحديث، تحت حديث 1361: في مسألة أخذ مال الكافر بالربا والمعاملات المحرمة وكان مما قلنا:
قال الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه: ” الفروسية” (المسألة الحادية عشرة: المسابقة على حفظ القرآن والحديث والفقه وغيره من العلوم النافعة، والإصابة في المسائل، هل تجوز بعوض؟ منعه أصحاب مالك وأحمد والشافعي، وجوزه أصحاب أبي حنيفة وشيخنا، وحكاه ابن عبد البر عن الشافعي، وهو أولى من الشباك والصراع والسباحة، فمن جوز المسابقة عليها بعوض فالمسابقة على العلم أولى بالجواز، وهي صورة مراهنة الصِديق لكفار قريش على صحة ما أخبرهم به وثبوته، وقد تقدم أنه لم يقم دليل شرعي على نسخه، وأن الصديق أخذ رهنهم بعد تحريم القمار، وأن الدين قيامه بالحجة والجهاد …
وفي الإنصاف من كتب الحنابلة: (والصراع، والسبق بالأقدام ونحوهما طاعة إذا قصد بهما نصر الإسلام، وأخذ العوض عليه أخذ بالحق. فالمغالبة الجائزة تحل بالعوض إذا كانت مما يعين على الدين، كما في مراهنة أبي بكر الصديق رضي الله عنه. واختار هذا كله الشيخ تقي الدين -رحمه الله- وذكر أنه أحد الوجهين عندنا، معتمداً على ما ذكره ابن البنا، قال (ابن مفلح) في الفروع (فظاهره جواز المراهنة بعوض في باب العلم، لقيام الدين بالجهاد والعلم. وهذا ظاهر اختيار صاحب الفروع وهو حسن) انتهى. الإنصاف للمرداوي.
وفي تبيين الحقائق من كتب الحنفية (وعلى هذا: الفقهاء إذا تنازعوا في المسائل وشرط للمصيب منهم جعل جاز ذلك إذا لم يكن من الجانبين على ما ذكرنا في الخيل، لأن المعنى يجمع الكل، إذ التعليم في البابين يرجع إلى تقوية الدين وإعلاء كلمة الله.)
وفي بعض الفتاوى:
وقد ذهب بعض العلماء إلى جواز المراهنة في مسابقات حفظ القرآن الكريم والعلوم الشرعية، قياساً على الثلاثة التي جاء بها الحديث السابق عن النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الإسلام انتصر وينتصر بالعلم الشرعي وبالجهاد في سبيل الله، فلما جازت المسابقات التي تعين على الجهاد في سبيل الله، فكذلك المسابقات التي تعين على طلب العلم الشرعي.
وقد اختار القول بالجواز شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله، واختاره من علمائنا المعاصرين الشيخ ابن عثيمين وعلماء اللجنة الدائمة للإفتاء.
قال ابن القيم رحمه الله:
” المسابقة على حفظ القرآن والحديث والفقه وغيره من العلوم النافعة والإصابة في المسائل هل تجوز بعِوَض؟ منعه أصحاب مالك وأحمد والشافعي، وجوزه أصحاب أبي حنيفة وشيخنا وحكاه ابن عبد البر عن الشافعي، وهو أولى من الشباك والصراع والسباحة، فمن جوز المسابقة عليها بعوض فالمسابقة على العلم أولى بالجواز، وهي صورة مراهنة الصّدّيق لكفار قريش على صحة ما أخبرهم به وثبوته، وقد تقدم أنه لم يقم دليل شرعي على نسخه، وأن الصديق أخذ رهنهم بعد تحريم القمار، وأن الدين قيامه بالحجة والجهاد، فإذا جازت المراهنة على آلات الجهاد فهي في العلم أولى بالجواز، وهذا القول هو الراجح ” انتهى.
“الفروسية” (ص 318).
وقال المرداوي رحمه الله في “الإنصاف” (6/ 91) عن هذا القول:
“وَهَذَا ظَاهِرُ اخْتِيَارِ صَاحِبِ الْفُرُوعِ. وَهُوَ حَسَنٌ” انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
بعض الطلاب في مذاكرة العلم الشرعي يجعلون من يخطئ في مسألة مطالباً بشراء كتاب مثلاً لمن أصاب فيها، فهل هذا حلال؟
فأجاب:
“هذه مسابقة، ويرى شيخ الإسلام أنه لا بأس بالمسابقة الشرعية، وقد علل ذلك رحمه الله موضحاً أن الجهاد يكون إما بالعلم، وإما بالسلاح، واستدل كذلك بما ذكر عن أبي بكر رضي الله عنه لما نزل قوله تعالى: (الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ) فالفرس هم الذين غلبوا الروم، والروم نصارى من أهل الكتاب، والفرس مجوس ليس لهم كتاب، قال الله تعالى: (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ) لأن المؤمنين يحبون انتصار النصارى على الفرس، لأن النصارى أهل كتاب فهم أقرب إى الإسلام من المجوس، وقريش تحب أن ينتصر المجوس على الروم، فقالت قريش: لا يمكن للروم أن تغلب الفرس، لأن الفرس أقوى منهم، وهم لا يؤمنون بالقرآن، فراهنهم أبو بكر على شيء من الإبل مدة سبع سنين، فمضت السنون السبع ولم يحدث شيء، فذهب أبو بكر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (زِدْ في الأجل سنتين وزد في الرهان) ففعل أبو بكر، فما مضت السنتان حتى جاءت الركبان بظهور الروم على فارس. ومن هذه المسألة استدل شيخ الإسلام على جواز الرهان في مسائل العلم الشرعي” انتهى باختصار.
“الباب المفتوح” (59/ 26).
وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
” لا يجوز أخذ الجوائز على المسابقات إلا إذا كانت على وفق ما حدده الرسول صلى الله عليه وسلم بأن تكون على الرماية أو ركوب الخيل أو الإبل؛ لأن هذه من وسائل الجهاد في سبيل الله، ويلحق بها المسابقات في المسائل العلمية، التي هي من الأحكام الشرعية؛ لأن طلب العلم من الجهاد في سبيل الله ” انتهى.
“فتاوى اللجنة الدائمة” (15/ 179).
وسئلت اللجنة أيضاً: هل يجوز أخذ جوائز مسابقات القرآن الكريم؟
فأجابت:
“لا حرج في أخذ الجوائز التي ترصدها الجماعات الخيرية ونحوهم ممن يعنون بتحفيظ كتاب الله” انتهى.
“فتاوى اللجنة الدائمة” (15/ 189)
تنبيه: ورد قصة مصارعة ركانة، واشترطوا فيها قطيع من الغنم للغالب، ولها طرق ضعيفه لا تتقوى بها حيث الرهان يخالف نصوص التحريم فلا تتقوى قصة مصارعة ركانة بهذه الطرق الضعيفة على هذه الجزئية أو نقول ان هذا قبل التحريم.
———
مباريات كرة القدم التي على مال أو نحوه من جوائز حرام؛ لكون ذلك قمارا.
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: ما حكم مشاهدة المباراة الرياضية، المتمثلة في مباراة كأس العالم وغيره؟
فأجابت: “مباريات كرة القدم التي على مال أو نحوه من جوائز حرام؛ لكون ذلك قمارا؛ لأنه لا يجوز أخذ السبق وهو العوض إلا فيما أذن فيه الشرع، وهو المسابقة على الخيل والإبل والرماية، وعلى هذا فحضور المباريات حرام، ومشاهدتها كذلك، لمن علم أنها على عوض؛ لأن في حضوره لها إقرارا لها.
أما إذا كانت المباراة على غير عوض ولم تشغل عما أوجب الله من الصلاة وغيرها، ولم تشتمل على محظور: ككشف العورات، أو اختلاط النساء بالرجال، أو وجود آلات لهو – فلا حرج فيها ولا في مشاهدتها. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم” انتهى.
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز … الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ … الشيخ صالح بن فوزان الفوزان … الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد.
“فتاوى اللجنة الدائمة” (15/ 238).
ويشترط لصحة المسابقة خمسة شروط:
الشرط الأول: تعيين المركوبين في المسابقة بالرؤية.
الشرط الثاني: اتحاد المركوبين في النوع، وتعيين الرماة؛ لأن القصد معرفة حذقهم ومهارتهم في الرمي.
الشرط الثالث: تحديد المسافة؛ ليعلم السابق والمصيب، وذلك بأن يكون لابتدائها ونهايتها حد لا يختلفان فيه؛ لأن الغرض الأسبق، ولا يحصل إلا بالتساوي في الغاية.
والشرط الرابع: أن يكون العوض معلوما مباحا.
والشرط الخامس: الخروج عن شبه القمار؛ بأن يكون العوض من غير المتسابقين، أو من أحدهما فقط.
الملخص الفقهي (ج (2) / (158))
—–
ورد سؤال عن كرة القدم لبعض لجان الفتوى:
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فذكروا نحو ما سبق في جواب اللجنة الدائمة وقالوا:
ولكون المسابقة بغير عوض في غير هذه الثلاثة جائزة بالإجماع، فيحمل المراد من الحديث على أنه لا يجوز الجُعْل إلا في هذه الثلاثة .. أو لا تجوز المسابقة بعوض إلا في هذه الثلاثة.
وألحق بعض العلماء بهذه الثلاثة ما كان في معناها مما به إقامة الجهاد وإعلاء شأن الدين ونشره، ولعبة كرة القدم ليست من هذا القبيل.
والله أعلم.
والمعني الثاني للرهان: هو المخاطرة، وهو بهذا المعنى محرم شرعا، ولو كان دفع المال من طرف واحد عند عامة العلماء.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: يأتي الرهان على معان منها: المخاطرة: جاء في لسان العرب: الرهان والمراهنة: المخاطرة، يقال: راهنه في كذا، وهم يتراهنون، وأرهنوا بينهم خطرا، وصورة هذا المعنى من معاني الرهان: أن يتراهن شخصان أو حزبان على شيء يمكن حصوله، كما يمكن عدم حصوله بدونه، كأن يقولا مثلا: إن لم تمطر السماء غدا فلك علي كذا من المال، وإلا فلي عليك مثله من المال، والرهان بهذا المعنى حرام باتفاق الفقهاء … ؛ لأن كلا منهم متردد بين أن يغنم أو يغرم، وهو صورة القمار المحرم. انتهى المراد من الفتوى.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: ما حكم المراهنة والتي تسمى بأنها حق، وما حكمها إذا كانت من طرف واحد، كأن يقول الشخص: إن تم هذا الموضوع فلكم علي حق أن أعزمكم مثلاً؟ وجزاكم الله خيرًا.
ج: لا تجوز المراهنة بالمال إلا فيما استثناه الشارع، وهو: السباق على الخيل، أو الإبل، أو الرماية، وما عدا ذلك من أنواع المراهنات لا يجوز أخذ المال فيه، لأنه من أكل المال بالباطل، ومن الميسر الذي حرمه الله ورسوله، وأما قول الشخص: إن تم لي هذا الأمر فلكم علي كذا، فهذا من باب الوعد، والوفاء به مشروع إذا تيسر ذلك. اهـ.
وسئل الشيخ ابن عثيمين: إذا كان الرهن من طرف واحد, مثلا: زيد وعمرو, قال زيد: إذا وقع هذا الشيء لك ألف ريال, لكن عمرو لم يقل هذا الشيء، لأنه طرف آخر؟
الشيخ: لماذا استحقها عمرو؟! هل عمل عملا؟ إذا لم يعمل عملا وليس فيه مقابلة فهو من أكل المال بالباطل. اهـ.
والصورة الجائز في مثل هذا هي الوعد بالهبة عند حصول هذا الأمر المعين ـ كما تقدمت الإشارة إليه في فتوى اللجنة الدائمة ـ فيعد الباذل الطرف الآخر أنه إن حصل هذا الأمر فسيعطيه كذا، لكن الوعد غير ملزم، فيكون الواعد بالخيار إن شاء وفى، وإن شاء لم يف.
تنبيه سيف: ذكرنا في بعض المباحث أن بعض الأئمة أوجب الوفاء بالوعد.
وقرر ابن عثيمين مرة: …. وهناك مسابقة ثالثة؛ وهي المسابقة على المحرم، كالنرد والشطرنج ونحوها؛ فإنها حرام بعوض أو بغير عوض.
——–
مما ألف في السبق كتاب (أحكام الجوائز والمسابقات)
ذكَر المؤلِّف أنَّ السَّبَق جائز بالكتاب والسُّنة والإجماع في الجملة, أمَّا المسابقات في الشريعة، فإنَّها تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأوَّل: المسابقات المشروعة:
وعرَّفها بأنها التي نصَّ عليها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في حديث أبي هُرَيرَة رضي الله عنه بقوله: ((لا سَبَق إلَّا في نَصل, أو خُفٍّ، أو حافِر)) , وبيَّن أنها يجوز أخْذُ العوض فيها مطلقًا، سواء كانت من الحاكم، أو من أحدهما، أو من أجنبي، أو من كلٍّ منهما, ويكون هذا من الرِّهان الذي جاءت الشَّريعة بالرُّخصة فيه.
القسم الثاني: المسابقات المحرَّمة:
وضبطها المؤلِّف بأنها كلُّ مسابقة ترتَّب عليها ضررٌ في الدِّين, إمَّا بترك واجب، أو فِعل محرَّم, أو ضرر في الدُّنيا، سواء كان في الأبدان, أو الأموال, أو الأعراض، وبيَّن أنَّها محرَّمة لا يجوز أخْذُ العوض عليها مطلقًا, سواء كان من كلٍّ منهما، أو من أحدهما، أو كان من أجنبي.
القسم الثالث: المسابقات المباحة:
وضبَطها المؤلِّف بأنها: كلُّ مسابقة ترتَّبت عليها مصلحةٌ، وانتفت عنها المضرَّة, وذكر لها ثلاثة ضوابط لحِلِّها:
الضابط الأوَّل: ألَّا يترتب عليها مضرَّةٌ في الدِّين بتَرْك واجب، أو فِعل محرَّم.
الضابط الثاني: ألَّا يترتَّب عليها مضرَّةٌ في الدُّنيا، سواء كانت للأموال, أو الأعراض, والأبدان.
الضابط الثالث: ألَّا يُكثِر منها المكلَّف.
أمَّا عن حُكم أخْذ العوض على هذا القسم، فبيَّن أنه يجوز أخْذُ العوض عليها إذا كان من الإمام، أو من أجنبي, ولا يجوز أخذُه إذا كان من المتسابقين، أو من أحدهما.
وختَم المؤلِّف الكتاب بالحديث عن مسألة المسابقات العلميَّة, وبيَّن أنَّ حُكم أخْذ العوض عليها فيه خلاف, ورجَّح أنه يجوز أخْذُ العوض عليها, وألحقها بالمسابقات الشرعيَّة, فيجوز بذلُ العوض من كلٍّ من المتسابقين, وإذا كان بذل العوض من الإمام، جاز كذلك, وإذا كان من أحدهما، جاز أيضًا, وإذا كان من أجنبي، جاز كذلك, إلَّا أنَّ المؤلِّف وضع ثلاثة شروط لجواز أخْذ العوض على المسابقات العلميَّة:
الأول: أن تكون المسابقاتُ في المسائل العلميَّة الشرعيَّة, ولا تكون في المسائل العلميَّة المباحة, فإنَّه لا يصحُّ بذلُ العوض فيها.
الثاني: ألَّا يقصِد مَن أقام هذه المسابقة الكسبَ والتجارة، وإنما يقصِد تعليمَ الناس وإرشادهم.
الثالث: أن يُحذر من الميسر بعد إقامة المسابقة.
والكتاب مع صِغر حَجمه إلَّا أنَّه قدِ احتوى على مسائل مهمَّة، انتشر التعامُل بها في الناس، مع الجَهل بأحكامها الشرعية.
——
قال الشيخ (عبد المحسن العباد) شرح سنن أبي داود [305]-:
المسابقة جائزة في الإسلام فيما يعين على الحرب ولو على جُعل يجعله أحد المتسابقين أو أجنبي عنهما، ولا يجوز أن يجعل السبق كالقمار، وللسبق أحكام بينها العلماء وفصلوها.
والنبي صلى الله عليه وسلم سابق لأجل الغزو والجهاد، فهذه هي الغاية التي كان يسابق من أجلها وليست موجودة الآن، وأما المسابقة فموجودة. ولا شك أن إبقاء الخيل والعناية بها شيء طيب، حتى لا تندرس وتهمل، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) والناس سيقاتلون عليها، وقد يكون قتالهم عليها لأن الآلات الحديثة ستنتهي، أو أنها موجودة لكن غالباً أنه لا يحتاج إليها.
وعن عائشة رضي الله عنها: (أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر قالت: فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقال: هذه بتلك السبقة)].أورد أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة، وهي: باب في السبق على الرجل. أي: المسابقة على الأقدام، والمسابقة على الأقدام سائغة ولا بأس بها، ولكنها بدون جعل.
و عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أدخل فرساً بين فرسين -يعني: وهو لا يؤمن أن يسبق- فليس بقمار، ومن أدخل فرساً بين فرسين وقد أمن أن يسبق فهو قمار)].أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في المحلل، والمحلل هو الثالث الذي ذكره المصنف في هذا الحديث، فالمتسابقان يكون معهما شخص ثالث، وهذا الشخص الثالث يكون فيما إذا كان الجعل من كل واحد منهما، فيقول: إن سبقت فأنت تعطيني كذا .. وهذا يقول: إن سبقت تعطيني كذا .. فكل واحد منهما يلتزم للآخر بأنه إذا كان مسبوقاً يعطيه، وهذا الثالث الذي يأتي بينهما قيل له: محلل، من أجل أنه يحلل لكل واحد منهما ما يستحق من الآخر بمعنى: أنه لا يكون السباق بين طرفين فقط فيكون شبيهاً بالقمار، وإنما يكون من ثلاثة أطراف، والثالث يكون محللاً، وهذا المحلل له ثلاث حالات:
الأولى: إن كان متيقناً بأنه سيسبق، فهذا لا يجوز؛ لأن دخوله بينهما يُعلم منه مقدماً أنه سيأخذ العوض، فدخوله لا حاجة إليه.
الثانية: أن يكون معروفاً بأنه لا يسبق؛ لأن فرسه أو جواده فيه إعياء، فمعلوم أنه سيكون وجوده مثل عدمه، فلا يجوز.
الثالثة: إذا كان لا يغلب على ظنه أنه يسبق ولا أنه يتأخر، وإنما يحتمل أن يسبق ويحتمل ألا يسبق بأن يكون فرسه متقارباً مع الفرسين، فهذا يجوز، وهذا يكون محللاً وسائغاً على ما جاء في الحديث (إذا كان لا يؤمن أن يسبق)
و أبو داود أورد حديث أبي هريرة، وهو حديث ضعيف لا يحتج به، وعلى هذا فالمحلل ما ثبت في هذا الحديث؛ ولهذا أورده الحافظ ابن حجر في البلوغ وقال: سنده ضعيف،
مسألة: من أدخل فرساً بين فرسين ليس خاصاً بسباق الفرس بل يعم جميع المسابقات، فإذا كانت المسابقة على إبل فسيكون هناك بعير ثالث بينهما، لكن لا يكون شيء من نوع آخر أو من جنس آخر، وإنما تكون المسابقة من جنس واحد. وفي المراماة قالوا: إذا كان كل منهما دفع الجعل فإنه يكون شبيهاً بالقمار، وإما إذا كان الجعل من واحد منهما أو من واحد خارج المسابقة فهذا لا بأس به.
حكم المسابقة في العلم
السؤال: ما حكم المسابقة في العلم والبحوث العلمية؟ الجواب: لا بأس بذلك، فالجعل في مسائل العلم وما إلى ذلك لا بأس به.
حكم السبق على الأقدام
السؤال: ما حكم السبق على الأقدام؟ الجواب: لا يكون فيه سبق، والسبق جاء في الأمور الثلاثة التي في نص الحديث، وأما المسابقة على الأقدام فليس فيها شيء؛ لأنها ليست من وسائل الحرب.
حكم السبق في الحمام
السؤال: ما حكم السبق في الحمام؟ الجواب: جاء ذلك في بعض زيادات الحديث، فهذا يمكن أنه يتوسع فيه فيدخل فيه الأشياء التي هي عبث ولا تصلح؛ كالمسابقة في الحمام والأشياء التي صار بعض الناس يضيفها ويلحقها بالحديث، فالأشياء التي فيها قوة في الحرب هي التي يكون فيها الجعل، والأشياء التي لا قوة فيها في الحرب لا جعل فيها، لكن فيما يتعلق بالعلم ووسائل العلم، يعني: من ألف كتاباً يتعلق بكذا وكذا فله كذا، أو من حفظ القرآن فله كذا وكذا .. فهذا لا شك أنه شيء سائغ، وفيه منافسة ومسابقة في الخير.
جواز المسابقة في كل شيء لا السبق
السؤال: في عون المعبود قال القرطبي: لا خلاف في جواز المسابقة على الخيل وغيرها من الدواب وعلى الأقدام وكذا الترامي بالسهام، واستعمال الأسلحة لما في ذلك من التدريب في الحرب؟ الجواب: لكنه بدون سبق، والمقصود هنا المسابقة، فهذا لا بأس لكن الكلام على السبق. فالكلام هنا على الجعل وأخذه، فالمسابقة على الأقدام ما ورد فيها شيء؛ لأنه قال: لا سبق إلا في كذا وكذا