136 جامع الأجوبة الفقهية ص 175
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله. ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين أجمعين)
“””””””””””””””””””””””
——-‘——”——-‘
43. وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ. فمسح بناصيته، وعلى العمامة والخفين. (أخرجه مسلم)
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
مسألة: هل هناك توقيت في المسح عليها؟
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
كما ذكرنا في البحث السابق أن العلماء اختلفوا في حكم المسح على العمامة، فمنهم من منع ومنهم من أجاز، وأن المجيزون اختلفوا في شروطها، ومن هذه الشروط التوقيت، بمعنى هل لها وقت معين أم تلبس بدون توقيت؟
على قولين:
-القول الأول: أنه يمسح يوماً وليلة للمقيم، والمسافر ثلاثة أيام بلياليها، وهذا قول أبي ثور والمشهور من مذهب الحنابلة وأفتت به اللجنة الدائمة للإفتاء.
-القول الثاني: يمسح عليها بلا توقيت، هو مذهب الظاهرية، واختاره شيخ الاسلام ابن تيمية والشيخ ابن عثيمين رحمهم الله.
المرجع: المغني (1/ 221) الإنصاف (1/ 162)، مسائل أحمد رواية ابن هانئ (1/ 21)، المحلى (1/ 309)،
نيل الأوطار (1/ 204)
-ادلة أصحاب القول الأول: الذين اشترطوا التوقيت في المسح على العمامة.
-الدليل الأول:
روى الطبراني في الكبير:
من حديث أبي أمامة رضي الله تعالى عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يمسح على الخفين والعمامة ثلاثاً في السفر ويوماً وليلة في الحضر.
(8/ 122)
•اعتراض:
بأن الحديث لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم سنداً فهو ضعيف
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: وأما ما رواه في توقيت المسح على العمامة ففي إسناده شهر بن حوشب الأشعري الشامي مولى أسماء بنت يزيد بن السكن صدوق كثير الإرسال والأوهام كذا في التقريب وقد أخرجه الطبراني أيضا وفي إسناده مروان أبو سلمة وقد عرفت أن البخاري قال إنه منكر الحديث وقال بن أبي حاتم ليس بالقوي وقد عرفت أيضا أنه سئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال ليس بصحيح. انتهى
-الدليل الثاني:
القياس على الخف، بجامع أن كلا منهما ممسوح، والمسح عليه من قبيل الرخصة.
وأجيب:
بأن القياس على الخف فيه نظر؛ لأن طهارة القدم هي الغسل وطهارة الرأس هو المسح فافترقا، فطهارة الرأس أخف من طهارة الخف، ثم إن العمامة تمسح كلها، والخف يمسح ظاهره على الصحيح، وفرق آخر عندكم: هو أن ظهور شيء من القدم يبطل المسح، وظهور شيء من الرأس كالناصية، وجوانب الرأس لا يبطل المسح على العمامة، ثم إن القياس في مثل هذه الأمور من أضعف الأقيسة.
-قال ابن قدامة في المغني:
فصل: والتوقيت في مسح العمامة كالتوقيت في مسح الخف؛ لما روى أبو أمامة أن النبي -صلى الله عليه وسلم – قال: يمسح على الخفين والعمامة ثلاثا في السفر، ويوما وليلة للمقيم». رواه الخلال بإسناده، إلا أنه من رواية شهر بن حوشب؛ ولأنه ممسوح على وجه الرخصة، فيوقت بذلك، كالخف. انتهى
-جاء في فتاوى اللجنة الدائمة
السؤال الثاني من الفتوى رقم 6252
س 2: هل يجوز المسح على العمامة إذا لم يكن هناك عذر لا مرض ولا خلافه ولكن لا يريد أن يخلع عمامته ويحب أن يمسح عليها؟
جـ 2: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه. . وبعد:
للمتوضئ أن يمسح على ما ظهر من رأسه وشعره ويكمل المسح على عمامته إذا كان لبسها على طهارة يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر كالخفين لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
نائب الرئيس … عبد الرزاق عفيفي
الرئيس .. عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
-قلت: (سعيد) وهو رواية عن احمد،
جاء في مسائل أحمد رواية أبي داود ((49)): سمعت أحمد سئل: كم يمسح على العمامة؟ قال: مثل الخف سواء، وانظر مسائل أحمد رواية ابن هانئ ((1) / (21))
-ادلة أصحاب القول الثاني وهو أن يمسح بلا توقيت.
-الدليل الأول:
عدم الدليل على كون المسح مؤقتاً. والأصل أن التوقيت يحتاج إلى توقيف؛ فلا يقال به إلا بدليل؛ لأنه ليس معقول المعنى، ولا دليل على التوقيت.
-الدليل الثاني:
أن أحاديث المسح على العمامة ليس فيها إلا أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – مسح على العمامة، ولم يوقت في ذلك وقتاً كالمسح على الخف، فنقف عند حدود النص، ولا نقيد أو نخصص إلا بدليل.
-قال ابن حزم في المحلى بالآثار: ويمسح على كل ذلك أبدا بلا توقيت ولا تحديد، وقد جاء عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – التوقيت في ذلك ثابتا عنه، كالمسح على الخفين وبه قال أبو ثور، وقال أصحابنا كما قلنا. ولا حجة في قول أحد دون رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، والقياس باطل، وقول القائل: لما كان المسح على الخفين موقتا بوقت محدود في السفر ووقت في الحضر وجب أن يكون المسح على العمامة كذلك، دعوى بلا برهان على صحتها وقول لا دليل على وجوبه، ويقال له ما دليلك على صحة ما تذكر من أن يحكم للمسح على العمامة بمثل الوقتين المنصوصين في المسح على الخفين؟ وهذا لا سبيل إلى وجوده بأكثر من الدعوى، وقد «مسح رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على العمامة والخمار، ولم يوقت في ذلك وقتا ووقت في المسح على الخفين»، فيلزمنا أن نقول ما قال – عليه السلام – وأن لا نقول في الدين ما لم يقله – عليه السلام -، قال الله تعالى: {تلك حدود الله فلا تعتدوها} [البقرة: 229].
-قال الشوكاني في نيل الأوطار (1/ 204): وكذلك اختلفوا في التوقيت فقال أبو ثور أيضا: إن وقته كوقت المسح على الخفين [ص 206] وروي مثل ذلك عن عمر، والباقون لم يوقتوا
قال ابن حزم: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مسح على العمامة والخمار ولم يوقت ذلك بوقت. وفيه أن الطبراني قد روى من حديث أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (كان يمسح على الخفين والعمامة ثلاثا في السفر ويوما وليلة في الحضر) لكن في إسناده مروان أبو سلمة قال ابن أبي حاتم: ليس بالقوي وقال البخاري: منكر الحديث وقال الأزدي: ليس بشيء وسئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال: ليس بصحيح
-قال شيخ ابن عثيمين في فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام:
المبحث الخامس: هل لها مدة، أو نقول: ما دام الإنسان معتما فليمسح على العمامة وإذا أزالها فليمسح الرأس؟ قولان:
القول الأول: لابد لها من مدة قياسا على الخفين.
والقول الثاني: أنها لا مدة لها لعدم الدليل على ذلك، ولو كانت المدة من شريعة الله لبينها النبي صلى الله عليه وسلم، والقياس على الخفين صحيح أو لا؟ غير صحيح كما علمتم، وعلى هذا فنقول: ما دمت لابسا للعمامة فامسح عليها، وإذا خلعتها فامسح على الرأس، وليس هناك توقيت.
وقال في موضع أخر من نفس الكتاب:
هل يشترط أن تكون المدة يوما وليلة، أم يجوز ما دام لابسا على العمامة فإنه يمسح عليها؟ المذهب أنه لابد أن تكون يوما وليلة للمقيم، وثلاثة أيام للمسافر قياسا على الخف، وقد علمتم أن هذا القياس لا يصح؛ لأنه لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث لا صحيح ولا ضعيف أنه وقت لمسح العمامة يوما وليلة أو ثلاثة أيام، ثم إن القياس أيضا غير تام لاختلاف الأصل والفرع، على هذا نقول: البس العمامة متى شئت وامسح عليها متى شئت. انتهى
-وذكر صاحب كتاب صحيح فقه السنة وأدلته … ولا توقيت ولا تحديد لمدة المسح على أغطية الرأس: لعدم صحة القياس على مسح الخفين، وقد مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على العمامة والخمار ولم يوقت في ذلك وقتًا وهذا مروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
-قلت: فاشتراط التوقيت لا يقوى؛ لدلالة الإطلاق على الجواز، ولاحتياج التوقيت إلى دليل القياس على المسح على الخفين، وهو ضعيف، والحديث المذكور في ذلك لا يصح.
(شرح الإلمام بأحاديث الأحكام)
قلت: لم يذكر في هذه المسألة المذاهب الأخرى في التوقيت؛ لأنها لا ترى المسح على العمامة.
انظر (المحلى ((1) / (309))
-تنبه:
وأما قول ابن حزم والشوكاني وغيره: أن عمر بن الخطاب رضي الله، يعني: التوقيت في المسح على العمامة .. ، ولكن لم أقف على إسناده عن عمر في مصنف عبد الرزاق وابن أبي شيبة، وسنن البيهقي والدارقطني، والأوسط لابن المنذر وشرح معاني الآثار وغيرها من الكتب التي تعنى بالآثار، وفعل عمر يصلح للاستدلال بثلاثة شروط:
الأول: ألا يخالف المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: ألا يعارضه قول صحابي مثله.
الثالث: أن يصح عنه هذا القول.
وإثبات هذه الأمور فيما ذكره ابن حزم لم أقدر عليه، وإذا كان عمر رضي الله عنه نقل عنه عدم التوقيت في المسح على الخفين، فكيف ينقل عنه التوقيت في المسح على العمامة الذي لم يأت نص باشتراط التوقيت، والله أعلم.
(راجع موسوعة أحكام الطهارة)