1335 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله. ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين أجمعين)
—–‘——-‘——-‘——-‘
———-‘——-‘——‘
صحيح البخاري:
باب قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة وقال الحسن يقرأ على الطفل بفاتحة الكتاب ويقول اللهم اجعله لنا فرطا وسلفا وأجرا
1335 – حدثنا محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة عن سعد عن طلحة قال صليت خلف ابن عباس رضي الله عنهما * حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن سعد بن إبراهيم عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال صليت خلف ابن عباس رضي الله عنهما على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب قال ليعلموا أنها سنة
—————‘———-‘——
فوائد الباب:
1 – قوله (باب قراءة فاتحة الكتاب على الجنازة) أي مشروعيتها في الصلاة على الجنازة.
2 – قوله (وقال الحسن …. ) “أما أثر الحسن فذكره أبو نصر عبد الوهاب بن عطاء الخفاف في “الجنائز”، فقال: سئل شعبة عن الصلاة على الصبي والسقط، وأخبرنا عن قتادة، عن الحسن أنه كان يكبر، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب، ثم يقول: اللهم اجعله لنا سلفًا وفرطًا وأجرًا”.قاله ابن الملقن في التوضيح وأخرجه الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق من طريق عبد الوهاب بن عطاء به لكن ذكر في الإسناد سعيدا – أي ابن أبي عروبة -بدلا من شعبة والخطب فيه سهل، وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه 6588 من طريق يونس عن الحسن، والطبراني في “الدعاء ” 1203 من طريق حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ به نحوه، وفي جامع سفيان عن الحسن به نحوه قاله الحافظ في التلخيص دون موضع الشاهد عند الثلاثة الأخيرين وإسناده صحيح، والحسن هو البصري التابعي المعروف خلافا لابن الأثير في جامع الأصول فقال قال الحسن بن علي بن أبي طالب فذكره.
3 – حديث ابن عباس أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي
4 – “وأما أثر ابن عباس فهو مرفوع؛ لأنه كقول الصحابي: من السنة” قاله ابن الملقن في التوضيح. قلت هو موقوف من فعله وحين سئل رضي الله عنه أكد أنه سنة وحق أي لم يفعله من عند نفسه وإنما بسنة فله حكم الرفع.
5 – قول شعبة (عن سعد) وعند ابن الجارود في المنتقى “أَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيم” تابعه إبراهيم بن سعد قال حدثنا أبي أخرجه النسائي في الصغرى 1987 وأبو داود الطيالسي في مسنده 2864 لكن بإفراد التحديث.
6 – قوله (عن طلحة) وعند أبي داود الطيالسي في مسنده “حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْفٍ”،وعند ابن الجارود في المنتقى” سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ عَبْدِ الله”
7 – قوله (فقرأ بفاتحة الكتاب) وعند النسائي من طريق إبراهيم بن سعد” وجهر حتى أسمعنا” وفيه إشارة إلى الخلاف في ذلك الوقت والسنة الإسرار وإنما جهر ابن عباس رضي الله عنهما ليبين أن قراءة الفاتحة من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والبيان بالفعل أوقع في النفوس.
8 – قوله (قال ليعلموا أنها سنة) وعند أبي داود بنفس إسناد البخاري الثاني ” إنها من السُّنَّةِ” وفي رواية عند أبي داود من طريق ابن مهدي عن سفيان ” فقلت له فقال إِنَّهُ مِنَ السُّنَّةِ، أَوْ مِنْ تَمَامِ السُّنَّةِ” وعند النسائي من طريق إبراهيم بن سعد عن أبيه “فَلَمَّا فَرَغَ أَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: «سُنَّةٌ وَحَقٌّ» ” وعند النسائي من طريق شعبة “فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ” وعند البيهقي في السنن الصغرى من طريق محمد بن كثير شيخ البخاري فيه وعند أبي داود الطيالسي عن شعبة ” وأنا يومئذ شاب فسمعته يقرأ عليها بفاتحة الكتاب” والقائل هو طلحة فأفاد أن سبب سؤاله وعدم علمه بسنيتها حداثة سنه. وفي رواية عند النسائي “فَلَمَّا فَرَغَ أَخَذْتُ بِيَدِهِ” ففيه تلطف الطالب مع شيخه
ومن طريق زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ التَّيْمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ “إِنَّمَا جَهَرْتُ لِأُعْلِمَكُمْ أَنَّهَا سُنَّةٌ”أخرجه ابن الجارود في المنتقى
9 – “ذكر قراءه فاتحه الكتاب في الصلاه على الجنازة بعد التكبيرة الأولى” قاله ابن المنذر في الأوسط ثم ذكر الحديث.
10 – وليس في حديث الباب بيان محل القراءة، وقد وقع التصريح به عند أبي الشيخ في ذكر الأقران 327 من طريق محمد بن إسحق حدثني شعبة به بلفظ ” صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ فيها بأم القرأن في أول التكبير” وإسناده حسن، وفي أثر الحسن الذي أشار إليه البخاري وذكرناه في أوائل الفوائد فعن الحسن أنه كان يكبر، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب، وقال أبو أمامة بن سهل بن حنيف “السُّنَّةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ أَنْ يَقْرَأَ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى بِأُمِّ الْقُرْآنِ مُخَافَتَةً ” أخرجه النسائي في السنن الصغرى 1989 وهو في حكم المرسل صحيح الإسناد إلى أبي أمامة
قال الحافظ ابن حجر في أبي أمامة معدود في الصحابة له رؤية ولَم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم.
فهو صحابي صغير وحديثه مرسل صحابي والله أعلم
11 – تنبيه حديث جابر عند الشافعي في الأم ومن طريقه أبو نعيم في الحلية والبيهقي في سننه الكبرى 6958 بلفظ: وقرأ بأم القرآن بعد التكبيرة الأولى وفيه إبراهيم بن محمد متروك وكذبه بعضهم وفي الإسناد أيضا عبد الله بن محمد بن عقيل قلت قال العراقي سنده ضعيف.
12 – وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 6954 من طريق إبراهيم بن سعد عن أبيه به وزاد في رواية ” فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة” وقال البيهقي “وذكر السورة فيه غير محفوظ”.قلت لكن أخرج ابن الجارود في المنتقى من طريق سُفْيَانُ – هو الثوري-، عَنْ زَيْدِ بْنِ طَلْحَةَ التَّيْمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَرَأَ عَلَى جَنَازَةٍ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ وَجَهَر1َ بِالْقِرَاءَةِ وَقَالَ: «إِنَّمَا جَهَرْتُ لِأُعْلِمَكُمْ أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَالْإِمَامُ كَفَّهَا» وإسنادها صحيح صححها الألباني في صفة الصلاة.
13 – عن سعيد بن أبي سعيد، قال: سمعت ابن عباس: يجهر بفاتحة الكتاب على الجنازة ويقول: ” إنما فعلت لتعلموا أنها سنة ” أخرجه الحاكم في المستدرك 1323 من طريق ابن أبي عمر عن سفيان والبيهقي في السنن الصغرى 6957 من طريق الشافعي عن سفيان بن عيينة عن محمد بن عجلان به. وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم قلت فيه ابن عجلان أخرج له مسلم متابعة وهو حسن الحديث.
14 – عن عبيد بن السباق قال: صلى بنا سهل بن حنيف على جنازة فلما كبر التكبيرة الأولى قرأ بأم القرآن حتى أسمع من خلفه. أخرجه الدارقطني في سننه 1826 ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى 6961 بإسناد حسن فيه ابن إسحق وهو مدلس وقد صرح بالتحديث.
15 – وعن أبي أمامة بن سهل أنه أخبره رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ” أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرا في نفسه أخرجه الشافعي في الأم وابن أبي شيبة في المصنف 11497 والطحاوي في شرح معاني الآثار 2868 والبيهقي في السنن الكبرى 6959 و 6960 من طرق عن الزهري به، وأخرجه النسائي في الكبرى 2127 وابن المنذر في الأوسط وابن الجارود في المنتقى 540 والطبراني في مسند الشاميين 3000 من طرق عن الزهري عن أبي أمامة فلم يجاوزوا به أبا أمامة بن سهل بن حنيف وأورده الضياء في المختارة وقال إسناده صحيح. وزاد الطبراني ” قال الزهري فذكرت لمحمد بن سويد الفهري الذي أخبرني أبو أمامة عن ذلك فقال لي أنا سمعت الضحاك بن قيس يحدث عن حبيب بن مسلمة في الصلاة على الميت مثل حديث أبي أمامة ” وقال الألباني في صفة الصلاة وسنده صحيح أيضا قلت ورجح الألباني صحبة حبيب بن مسلمة.
16 – عن أُمِّ شَرِيكٍ قَالَتْ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَقْرَأَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ أخرجه ابن ماجة 1496 وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ يَسِير قاله الحافظ في التلخيص الحبير، قلت فيه حَمَّادُ بْنُ جَعْفَرٍ الْعَبْدِي، وشيخه شهر بن حوشب كلاهما ضعيف.
17 – عن قتاده عن رجل من همدان أن ابن مسعود قرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 11512 ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط وفيه الرجل الهمداني المبهم كما ترى.
18 – قال الترمذي في سننه وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ: يَخْتَارُونَ أَنْ يُقْرَأَ: بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الأُولَى، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وقَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ: لَا يُقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَازَةِ، إِنَّمَا هُوَ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الكُوفَة قلت الثوري روى حديث الباب ومع ذلك فقد عده الترمذي ممن قال لا يقرأ في الجنازة فالعبرة بما روى الراوي لا بما رأى.
19 – قَالَ الداودي: أحسب أن ابن عباس تأول قوله – صلى الله عليه وسلم -: “لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن” قال ابن الملقن وفي قول ابن عباس: (لتعلموا أنها سنة) رد على الداودي.
20 – قَالَ صَاحِبُ التَّعْلِيقِ الْمُمَجَّدِ _ أبو الحسنات اللكنوي- قَدْ صَنَّفَ حَسَنٌ الشُّرُنْبُلَالِيُّ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا يَعْنِي الْحَنَفِيَّةَ رِسَالَةً سَمَّاهَا بِالنَّظْمِ الْمُسْتَطَابِ بِحُكْمِ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِأُمِّ الْكِتَابِ وَرَدَّ فِيهَا عَلَى مَنْ ذَكَرَ الْكَرَاهَةَ بِدَلَائِلَ شَافِيَةٍ وَهَذَا هُوَ الْأَوْلَى لِثُبُوتِ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه انْتَهَى
21 – هل يستحب قراءة السورة عندنا أم لا؟ فيه وجهان: أصحهما: لا. ونقل الإمام فيه إجماع العلماء. والثاني: يستحب قراءة سورة قصيرة، وفيه حديث. قَالَ البيهقي: إنه غير محفوظ. قاله ابن الملقن في التوضيح. قلت يشير إلى طريق واحد وقد بينا أنه ثبت في حديث آخر وأما الإجماع ففيه نظر مع أن لقائل أن يقول إن قراءة سورة جائز فهذا لا يخالف الإجماع لأنه في الاستحباب والله أعلم.
22 – مشروعية الفاتحة على الجنازة وهي من أركانها، لعموم حديث: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. وبه قال الشافعي وأحمد: وقال مالك والكوفيون: ليس فيها قراءة، قال البدر الدماميني من المالكية: ولنا قول في المذهب باستحباب الفاتحة فيها، واختاره بعض الشيوخ. قاله القسطلاني في إرشاد الساري.
23 – ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَقْرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ عِنْدَ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ قاله ابن حبان في صحيحه قلت والنفس تميل إليه
24 – قوله (فرطا) اللهم اجعله لنا فرطا أي أجرا متقدما نرد عليه قاله القاسم بن سلام في غريب الحديث له. ونحوه الفراهيدي في العين له.
————————
قال الألباني بعد نقل كلام الترمذي:
وهذا الحديث وما في معناه حجة عليهم، لا يقال: ليس فيه التصريح بنسبة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأننا نقول: أن قول الصحابي من السنة كذا.
مسند مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم على أصح الاقوال حتى عند الحنفية، بل قال النووي في، ” المجموع ” (5/ 232): ” إنه المذهب الصحيح الذي قاله جمهور العلماء من أصحابنا في الاصول وغيرهم من الاصوليين والمحدثين “.
قلت وبهذا جزم المحقق ابن الهمام في ” التحرير “، وقال شارحه ابن أمير حاج (2/ 224): ” وهذا قول أصحابنا المتقدمين، وبه أخذ صاحب الميزان والشافعية وجمهور المحدثين “.
قلت: وعليه فمن العجائب أن لا يأخذ الحنفية بهذا الحديث مع صحته ومجيئه من غير ما وجه، ومع صلاحيته لاثبات السنة على طريقتهم وأصولهم! فقال الامام محمد في ” الموطأ ” (ص 175): ” لا قراءة على الجنازة، وهو قول أبي حنيفة “.
ومثله في ” المبسوط ” للسرخسي (2/ 64) … انتهى كلام الألباني.
وورد الأمر بقراءة الفاتحة كما في حديث أسماء بنت يزيد مرفوعا عند الطبراني: ” إذا صليتم على الجنازة فاقرءوا بفاتحة الكتاب ” لكنه حديث ضعيف. ضعفه في ضعيف الجامع576
قال ابن عبدالبر في الاستذكار:
– مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا يقرأ في الصلاة على الجنازة
واختلف العلماء في هذا المعنى
فروي عن بن عمر وأبي هريرة وفضالة بن عبيد أنهم كانوا لا يقرؤون في الصلاة على الجنازة
وروي عن بن عباس وعثمان بن حنيف وأبي أمامة بن سهل بن حنيف أنهم كانوا يقرؤون بفاتحة الكتاب على الجنازة
وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين بمكة والمدينة والبصرة كلهم كان يرى قراءة فاتحة الكتاب مرة واحدة في الصلاة على الجنازة في أول تكبيرة في الصلاة إلا ما رواه حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن أنه كان يقرأ في الصلاة على الميت في الثلاث تكبيرات بفاتحة الكتاب
وذكر بن أبي شيبة عن أزهر السمان عن بن عون قال كان الحسن يقرأ بفاتحة الكتاب في كل تكبيرة على الجنازة
وأما اختلاف أئمة الفتوى بالأمصار في ذلك فقال مالك في الصلاة على الجنازة إنما هو الدعاء وإنما فاتحة الكتاب ليس بمعمول بها في بلدنا
وقال الثوري يستحب أن يقول في أول تكبيرة سبحانك اللهم وبحمدك
وهو قول الحسن بن حي قال الحسن بن حي ثم يصلي على النبي – عليه السلام – ثم يكبر الثانية ثم يدعو للميت ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت ثم يكبر. الرابعة ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسلم عن يمينه ويساره
وقال أبو حنيفة وأصحابه يحمد الله ويثني عليه بعد التكبير ثم يكبر الثانية فيصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يكبر الثالثة فيشفع للميت ثم يكبر الرابعة ثم يسلم
وليس في الدعاء شيء موقت ولا يقرأ فيها
وقال الشافعي يكبر ثم يقرأ بفاتحة الكتاب ثم يكبر الثانية ثم يحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت ثم يكبر الرابعة ويسلم
وقول أحمد بن حنبل كقول الشافعي وهو قول داود في قراءة فاتحة الكتاب …
واحتج داود في هذا الباب بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب
وهي صلاة عند جميعهم لا تجوز إلى غير القبلة ولا بغير وضوء إلا الشعبي فإنه شذ فأجازها بغير وضوء وقال إنما هو دعاء ولم يتابع على ذلك
وممن رأى القراءة بفاتحة الكتاب في الصلاة على الجنازة الحسن بن علي وعبد الله بن مسعود ومكحول والضحاك بن مزاحم
ذكر ذلك كله أبو بكر بن أبي شيبة اهـ
قال في تحفة الأحوذي وذكر حديث أبي أمامة في قراءة الفاتحة:
قال الحافظ في الفتح إسناده صحيح انتهى
قلت روى النسائي في سننه قال أخبرنا قتيبة قال حدثنا الليث عن بن شهاب عن أبي أمامة قال السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة ثم تكبر ثلاثا والتسليم عند الآخرة
وقال النووي في الخلاصة إن إسناده على شرط الشيخين قاله العيني في شرح البخاري, اهـ
——
في مسألة قراءة الفاتحة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
” وتنازع العلماء في القراءة على الجنازة على ثلاثه أقوال: قيل: لا تستحب بحال , كما هو مذهب أبي حنيفة ومالك، وقيل: بل يجب فيها القراءة بالفاتحة، كما يقوله من يقوله من أصحاب الشافعي وأحمد، وقيل: بل قراءة الفاتحة فيها سنة , وإن لم يقرأ بل دعا بلا قراءة جاز , وهذا هو الصواب ” انتهى.
” الفتاوى الكبرى ” (2/ 121).
وانتصر له صاحب العرف الشذي بأن السلف بعضهم ما كانوا يقرؤون الفاتحة
ثم ذكر استدلال الشافعية بفعل ابن عباس وقوله سنه. وتعقب ذلك بأنه ورد عن ابن عباس أنه سأل عن الصلاة في الكعبة فقال: كما تصلي على الجنازة تسبح وتكبر
وما ثبت القراءة مرفوعا للنبي صلى الله عليه وسلم.
وقول الصحابي من السنة قال جمع من أهل العلم أنه مرفوع وقال الشافعي: ربما نجد لفظ من السنة ولا نجده مرفوعا أنه من الصحابي عن طريق الاستنباط أو الاجتهاد. انتهى بمعناه
قلت سيف بن دورة: أثر ابن عباس أنه سأل عن الصلاة في الكعبة فقال: كما تصلي على الجنازة تسبح وتكبر.
ذكره الزرقاني في شرحه على الموطأ في كتاب الحج في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة. وقال: أخرجه عمر بن شبه بسند صحيح عن حماد بن أبي حمزة قلت لابن عباس. وصححه ابن حجر أيضا وكتاب أخبار مكة لعمر بن شبة غير موجود في الشاملة.
والذي يظهر – والعلم عند الله تعالى – أن قراءة الفاتحة ركن في صلاة الجنازة، وهي داخلة في عموم قوله صلى الله عليه وسلم: (لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) رواه البخاري (714) ومسلم (595)، ولعله من أجل قول ابن عمر كان ابن عباس يجهر بها – أحياناً – مع أن السنة الإسرار بها، وقد سئل عن ذلك فقال: (ليعلموا أنها سنة) رواه البخاري (1249).
وليس المقصود بقوله ” سنة ” هو المستحب؛ وإنما المراد سنة النبي صلى الله عليه وسلم، يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأها.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
” والفاتحة في صلاة الجنازة ركن؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، وصلاة الجنازة صلاة؛ لقوله تعالى: (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً) فسماها الله صلاة؛ ولأن ابن عباس رضي الله عنهما قرأ الفاتحة على جنازة، وقال: (لتعلموا أنها سنة).
” الشرح الممتع ” (5/ 401).
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:
ما حكم قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة؟
فأجاب:
” واجبة، كما قال صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) متفق على صحته.
” مجموع فتاوى الشيخ ابن باز ” (13/ 143).
والله أعلم
وسأل أعضاء اللجنة الدائمة:
س: ما حكم قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة؟
ج: واجبة كما قال صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي، وقال عليه الصلاة والسلام: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب متفق على صحته.
قال ابن قدامة في المغني 3/ 412: ويسر القراءة والدعاء في صلاة الجنازة لا نعلم بين أهل العلم فيه خلافا، ولا يقرأ بعد أم القرآن شيئا، وقد روي عن ابن عباس أنه جهر بفاتحة الكتاب. قال أحمد: إنما جهر ليعلمهم. انتهى.