1071 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم. ونوح وعبدالخالق وموسى الصوماليين.
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا)
——‘——-
الصحيح المسند (ج2/ رقم 1071):
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى في [(مسنده) (4/ 232)]:
حدثنا يزيد بن عبد ربه قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا الأوزاعي عن عبد الله بن فيروز الديلمي عن أبيه رضي الله عنه انهم أسلموا وكان فيمن أسلم، فبعثوا وفدهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيعتهم وإسلامهم، فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم، فقالوا: يا رسول الله، نحن من قد عرفت، وجئنا من حيث قد علمت، واسلمنا، فمن ولينا؟ قال: ((الله ورسوله)) قالوا: حسبنا رضينا.
قال الوادعي رحمه الله تعالى: هذا حديث صحيح
* وقد أخرجه أبو يعلى، فقال رحمه الله: حدثنا الحكم بن موسى، حدثنا هقل بن زياد، حدثنا الأوزاعي، قال: حدثني يحيى بن أبي عمرو السيباني، قال: حدثني ابن الديلمي، قال:
حدثني أبي فيروز أنه أتى النبي – صلى الله عليه و سلم -، فقال: يا رسول الله إنا من قد علمت، وجئنا من بين ظهراني من قد علمت، فمن ولينا؟ قال: ((الله ورسوله)) قال: حسبنا.
وقال الإمام أحمد رحمه الله: ثنا هيثم بن خارجة، ثنا ضمرة، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني .. ، فذكره.
==============
سيكون الحديث في عدة أمور على النحو التالي:
ش
الأمر الأول:
والحديث أورده الوادعي رحمه الله في ((الجامع الصحيح)) (4/ 115)، تحت باب: ” فضل فيروز الديلمي ورفقته رضي الله عنهم”.
فرع: في السنة العاشرة قال الواقدي في هذه السنة – أي العاشرة – قدم جرير بن عبدالله البجلي على رسول الله صلى الله عليه و سلم مسلما في رمضان، فبعثه رسول الله إلى ذي الخلصة فهدمها. قال: وفيها قدم “وبر بن يحنس” على الأبناء باليمن يدعوهم إلى الإسلام فنزل على بنات النعمان بن بزرج فأسلمن وبعث إلى فيروز الديلمي فأسلم وإلى مركبود وعطاء ابنه ووهب بن منبه” وغيرهم [تاريخ الأمم والملوك- للطبري (2/ 209) – الشاملة].
الأمر الثاني: المسائل المتعلقة بالحديث:
الحديث يدور حول الوفود وإسلام القبائل، ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم لهذه القبيلة، ورسالة الرسول صلى الله عليه وسلم إليهم.
أولاً: فضل أهل اليمن، وإسلامهم:
أ – فضل أهل اليمن:
روى البخاري (4388) ومسلم (52) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا، الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ)) وفي رواية لمسلم (52) ِ: ((جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً، الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ)).
وروى أحمد (13212) عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ وَهُمْ أَرَقُّ قُلُوبًا مِنْكُمْ)) وصححه الألباني في “الصحيحة” (527).
وقال البخاري رحمه الله: ” سُمِّيَتْ الْيَمَنَ؛ لِأَنَّهَا عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ وَالشَّامَ لِأَنَّهَا عَنْ يَسَارِ الْكَعْبَةِ “.
والمقصود بأهل اليمن في هذا الحديث أهل الإيمان والصلاح والتقوى من أهل اليمن، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ” وَاخْتُلِفَ فِي الْمُرَاد بِهِ: فَقِيلَ مَعْنَاهُ: نِسْبَة الْإِيمَان إِلَى مَكَّة لِأَنَّ مَبْدَأَهُ مِنْهَا , وَمَكَّة يَمَانِيَّة بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَدِينَة،
وَقِيلَ: الْمُرَاد نِسْبَة الْإِيمَان إِلَى مَكَّة وَالْمَدِينَة وَهُمَا يَمَانِيَّتَانِ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّامِ، بِنَاء عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمَقَالَة صَدَرَتْ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حِينَئِذٍ بِتَبُوك, وَيُؤَيِّده قَوْله فِي حَدِيث جَابِر عِنْد مُسْلِم ” وَالْإِيمَان فِي أَهْل الْحِجَاز “.
وَقِيلَ الْمُرَاد: بِذَلِكَ الْأَنْصَار؛ لِأَنَّ أَصْلهمْ مِنْ الْيَمَن، وَنُسِبَ الْإِيمَان إِلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا الْأَصْل فِي نَصْر الَّذِي جَاءَ بِهِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَى جَمِيع ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدَة فِي ” غَرِيب الْحَدِيث ” لَهُ.
وَتَعَقَّبَهُ اِبْن الصَّلَاح بِأَنَّهُ لَا مَانِع مِنْ إِجْرَاء الْكَلَام عَلَى ظَاهِره , وَأَنَّ الْمُرَاد تَفْضِيل أَهْل الْيَمَن عَلَى غَيْرهمْ مِنْ أَهْل الْمَشْرِق, وَالسَّبَب فِي ذَلِكَ إِذْعَانهمْ إِلَى الْإِيمَان مِنْ غَيْر كَبِير مَشَقَّة عَلَى الْمُسْلِمِينَ, بِخِلَافِ أَهْل الْمَشْرِق وَغَيْرهمْ, وَمَنْ اِتَّصَفَ بِشَيْءٍ وَقَوِيَ قِيَامه بِهِ نُسِبَ إِلَيْهِ، إِشْعَارًا بِكَمَالِ حَاله فِيهِ, وَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ نَفْي الْإِيمَان عَنْ غَيْرهمْ.
وَفِي أَلْفَاظه أَيْضًا مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَقْوَامًا بِأَعْيَانِهِمْ فَأَشَارَ إِلَى مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ لَا إِلَى بَلَد مُعَيَّن؛ لِقَوْلِهِ فِي بَعْض طُرُقه فِي الصَّحِيح: ((أَتَاكُمْ أَهْل الْيَمَن , هُمْ أَلْيَن قُلُوبًا وَأَرَقّ أَفْئِدَة الْإِيمَان يَمَان وَالْحِكْمَة يَمَانِيَة , وَرَاس الْكُفْر قِبَل الْمَشْرِق)) وَلَا مَانِع مِنْ إِجْرَاء الْكَلَام عَلَى ظَاهِره وَحَمْل أَهْل الْيَمَن عَلَى حَقِيقَته.
ثُمَّ الْمُرَاد بِذَلِكَ: الْمَوْجُود مِنْهُمْ حِينَئِذٍ لَا كُلّ أَهْل الْيَمَن فِي كُلّ زَمَان , فَإِنَّ اللَّفْظ لَا يَقْتَضِيه.
قَالَ: وَالْمُرَاد بِالْفِقْهِ: الْفَهْم فِي الدِّين , وَالْمُرَاد بِالْحِكْمَةِ: الْعِلْم الْمُشْتَمِل عَلَى الْمَعْرِفَة بِاَللَّهِ “.
انتهى من ” فتح الباري ” (6/ 532).
وقد قال ابن حجر بعدما ذكر بعض الأقوال التي تُضيّق مفهوم (أهل اليمن) الوارد في الحديث: ” وَلَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (الْإِيمَانُ يَمَانٍ) مَا هُوَ أَعَمُّ مِمَّا ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَمَا ذكره ابن الصَّلَاحِ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّ قَوْلَهُ (يَمَانٍ): يَشْمَلُ مَنْ يُنْسَبُ إِلَى الْيَمَنِ بِالسُّكْنَى وَبِالْقَبِيلَةِ، لَكِنْ كَوْنُ الْمُرَادِ بِهِ مَنْ يُنْسَبُ بِالسُّكْنَى أَظْهَرُ، بَلْ هُوَ الْمُشَاهَدُ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ أَحْوَالِ سُكَّانِ جِهَةِ الْيَمَنِ، وَجِهَةِ الشِّمَالِ؛ فَغَالِبُ مَنْ يُوجَدُ مِنْ جِهَةِ الْيَمَنِ رِقَاقُ الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ” انتهى من “فتح الباري” (8/ 99).
وقال النووي رحمه الله:
” الْحِكْمَة عِبَارَة عَنْ الْعِلْم الْمُتَّصِف بِالْأَحْكَامِ , الْمُشْتَمِل عَلَى الْمَعْرِفَة بِاَللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى , الْمَصْحُوب بِنَفَاذِ الْبَصِيرَة وَتَهْذِيب النَّفْس , وَتَحْقِيق الْحَقّ , وَالْعَمَل بِهِ , وَالصَّدّ عَنْ اِتِّبَاع الْهَوَى وَالْبَاطِل. وَالْحَكِيمُ مَنْ لَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن دُرَيْدٍ: كُلُّ كَلِمَة وَعَظَتْك , وَزَجَرَتْك , أَوْ دَعَتْك إِلَى مَكْرُمَة , أَوْ نَهَتْك عَنْ قَبِيح , فَهِيَ حِكْمَة وَحُكْم ” انتهى من ” شرح صحيح مسلم ” (2/ 33).
ب – وِفَادَاتُ أَهْلِ الْيَمَنِ، وإسلامهم:
قال ابن سعد في الطبقات: “وفادات أهل اليمن الى النبي” فذكرهم، وذكر ما ورد عنهم، وهذه الوفود هي: وَفْدُ طَيِّئٍ، وَفْدُ تُجِيبَ، وَفْدُ خَوْلاَنَ، وَفْدُ جُعْفيٍّ، وَفْدُ صُدَاءٍ، وَفْدُ مُرَادٍ، وَفْدُ زُبَيْدٍ، وَفْدُ كِنْدَةَ، وَفْدُ الصَّدِفِ، وَفْدُ خُشَيْنٍ، وَفْدُ سَعْدِ هُذَيْمٍ، وَفْدُ بَلِيٍّ، وَفْدُ بَهْرَاءَ، وَفْدُ عُذْرَةَ، وَفْدُ سَلاَمَانَ، وَفْدُ جُهَيْنَةَ، وَفْدُ كَلْبٍ، وَفْدُ جَرْمٍ، وَفْدُ الأَزْدِ، وَفْدُ غَسَّانَ، وَفْدُ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ، وَفْدُ هَمْدَانَ، وَفْدُ سَعْدِ الْعَشِيرَةِ، وَفْدُ عَنْسٍ، وَفْدُ الدَّارِيِّينَ، وَفْدُ الرَّهَاوِيِّينَ حى من مذحج، وَفْدُ غَامِدٍ، وَفْدُ النَّخَعِ، وَفْدُ بَجِيلَةَ، وَفْدُ خَثْعَمَ، وَفْدُ الأَشْعَرِينَ، وَفْدُ حَضْرَمَوْتَ، وَفْدُ أَزْدِ عُمَانَ، وَفْدُ غَافِقٍ، وَفْدُ بَارِقٍ، وَفْدُ دَوْسٍ، وَفْدُ ثُمَالَةَ وَالْحُدَّانِ، وَفْدُ أَسْلَمَ، وَفْدُ جُذَامَ، وَفْدُ مَهْرَةَ، وَفْدُ حِمْيَرَ، وَفْدُ نَجْرَانَ، وَفْدُ جَيْشَانَ، وَفْدُ السِّبَاعِ. [الطبقات لابن سعد (ج/277 – 309)]
قال الحافظ ابن كثير في (البداية والنهاية): ” وفادات أهل اليمن:
1 – وفد تجيب.
ذكر الواقدي: أنهم قدموا سنة تسع، وأنهم كانوا ثلاثة عشر رجلاً، فأجازهم أكثر ما أجاز غيرهم، وأن غلاماً منهم قال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما حاجتك؟)). فقال: يا رسول الله أدع الله يغفر لي ويرحمني ويجعل غنائي في قلبي. فقال: ((اللهم اغفر له وارحمه، واجعل غناه في قلبه)). فكان بعد ذلك من أزهد النَّاس.
2 – وفد خولان.
ذكر أنهم كانوا عشرة، وأنهم قدموا في شعبان سنة عشر، وسألهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن صنمهم الذي كان يقال له: عم أنس.
فقالوا: أبدلناه خيراً منه، ولو قد رجعنا لهدمناه، وتعلموا القرآن والسنن، فلمَّا رجعوا هدموا الصنم، وأحلوا ما أحل الله وحرَّموا ما حرَّم الله.
3 – وفد جعفيّ.
4 – فصل في قدوم الأزد على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
ذكر أبو نعيم في كتاب (معرفة الصحابة) والحافظ أبو موسى المديني من حديث أحمد ابن أبي الحواري، قال: سمعت أبا سليمان الدَّاراني، قال: حدَّثني علقمة بن مرثد بن سويد الأزديّ قال: حدَّثني أبي عن جدي، عن سويد بن الحارث قال: وفدت سابع سبعة من قومي على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم …..
ثم قال: ((وأنا أريدكم خمساً فيتم لكم عشرون خصلة إن كنتم كما تقولون، فلا تجمعوا ما لا تأكلون، ولا تبنوا مالاً تسكنون، ولا تنافسوا في شيء أنتم عنه غداً تزولون، واتقوا الله الذي إليه ترجعون وعليه تعرضون، وارغبوا فيما عليه تقدمون وفيه تخلدون)).
فانصرف القوم من عند رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وحفظوا وصيته، وعملوا بها.
قلت سيف بن دورة: منكر قاله الألباني 2614
وراجع تخريج أحياء علوم الدين
ثم ذكر:
5 – وفد كندة.
وأنهم كانوا بضعة عشر راكباً عليهم الأشعث بن قيس، وأنه أجازهم بعشر أواق، وأجاز الأشعث اثنتي عشرة أوقية، وقد تقدم.
6 – وفد الصدف
قدموا في بضعة عشر راكباً فصادفوا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يخطب على المنبر، فجلسوا ولم يسلموا فقال: ((أمسلمون أنتم؟)).
قالوا: نعم!
قال: ((فهلا سلَّمتم)).
فقاموا قياماً فقالوا: السلام عليك أيها النَّبيّ ورحمة الله وبركاته.
فقال: ((وعليكم السلام اجلسوا)).
فجلسوا وسألوا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن أوقات الصلوات.
قلت سيف بن دورة: لم أجده إلا في الطبقات لابن سعد من طريق الواقدي بسنده وفيه رواه لم أجد لهم ترجمه
7 – وفد خشين.
قال: وقدم أبو ثعلبة الخشنيّ، ورسول الله يجهِّز إلى خيبر فشهد معه خيبر، ثم قدم بعد ذلك بضعة عشر رجلاً منهم فأسلموا.
8 – وفد بني سعد
ثم ذكر: وفد بني سعد هذيم، وبلي وبهراء، وبني عذرة، وسلامان، وجهينة، وبني كلب، والجرميين.
وقد تقدم حديث عمرو بن سلمة الجرمي في صحيح البخاري.
وذكر: وفد الأزد، وغسان، والحارث بن كعب، وهمدان، وسعد العشيرة، وقيس، ووفد الداريين [نسبة إلى الدار بطن من لخم]، والرهاويين، وبني عامر، والمسجع، وبجيلة، وخثعم، وحضرموت.
وذكر فيهم: وائل بن حجر، وذكر فيهم الملوك الأربعة: حميداً، ومخوساً، ومشرجاً، وأبضعه.
وقد ورد في مسند أحمد: لعنهم مع أختهم العمّردة.
وتكلم الواقدي كلاماً فيه طول.
قلت سيف بن دورة: اخرج قضية لعن الملوك الأربعة أحمد 19446 وعبدالرحمن بن عائذ يرسل كثيرا وقيل لقي علي ويبعد لقيه عمرو بن عبسه. واستغربه الحاكم. ثم لفظ ابن أبي عاصم من طريق عبد الرحمن بن عائذ عن عمرو بن عبسه فيه خير الرجال رجال من أهل اليمن والإيمان يمان إلى لخم وجذام وعاملة ومأكول حمير خير من اكلها وأكثر القبائل في الجنة مذحج. ثم ذكره عن جبير بن نفير عن عمرو بن عبسه عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. انتهى فإن كان لا بد من اختيار حديث على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند فنقبل لفظ ابن أبي عاصم.
وله طريق أخرى وأبو حمزة الحمصي لا يتحمل الجمع بين الرواة خاصة أن أحدهم مجهول.
وذكر: وفد أزد عمان، وغافق، وبارق، وثمالة، والحدار، وأسلم، وجذام، ومهرة، وحمير، ونجران، وحيسان، وبسط الكلام على هذه القبائل بطول جداً.
وقد قدمنا بعض ما يتعلق بذلك وفيما أوردناه كفاية، والله أعلم.
ثم قال الواقدي:
– وفد السباع
حدثني: شعيب بن عُبادة عن عبد المطلب بن عبد الله بن حنظب قال: بينا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم جالس بالمدينة في أصحابه أقبل ذئب، فوقف بين يديه فعوى.
فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((هذا وافد السِّباع إليكم، فإن أحببتم أن تفرضوا له شيئاً لا يعدوه إلى غيره، وإن أحببتم تركتموه وتحذَّرتم منه، فما أخذ فهو رزقه)). قالوا: يا رسول الله ما تطيب أنفسنا له بشيء، فأومأ إليه النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم بأصابعه الثلاث أي: خالسهم فولى وله عسلان. وهذا مرسل من هذا الوجه.
أخرجه ابن سعد من طريق الواقدي. و أخرجه أبو نعيم كما في البداية والنهاية من طريق الأعمش عن شمر بن عطية عن رجل من مزينة أو جهينه. ان جهينة قال أتت وفود الذئاب …. وتكلم القاضي عياض على حديث الذئب فذكر عن أبي هريرة وأبي سعيد وعن إهبان بن أوس. أنتهى من البداية
وشمر من السادسة. وفي الإكمال قال ابوعبدالله: الأعمش لم يسمع منه شمر بن عطية. … كذا ولعل الصواب (من)
وهناك ذئب تكلم، وهو الذئب الذي ذكر في الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدَّثنا يزيد بن هارون، أنبانا القاسم بن الفضل الحدَّاني عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدريّ قال: عدا الذئب على شاة فأخذها، فطلبها الراعي فانتزعها منه، فأقعى الذئب على ذنبه.
فقال: ألا تتقي الله تنزع مني رزقاً ساقه الله إليّ.
فقال: يا عجباً، ذئب مقعٍ على ذنبه يكلمني كلام الإنس.
فقال الذئب: ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ محمد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بيثرب يخبر النَّاس بأنباء ما قد سبق.
قال: فأقبل الراعي يسوق غنمه حتَّى دخل المدينة، فزاواها إلى زاوية من زواياها، ثم أتى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فأخبره، فأمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فنودي: الصلاة جامعة، ثم خرج، فقال للأعرابي: ((أخبرهم))، فأخبرهم.
فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((صدق والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتَّى تكلِّم السباع الإنس، وتكلم الرجل عذبة سوطه، وشراك نعله، وتخبره فخذه بما أحدث أهله بعده)).
وقد رواه التِّرمذي: عن سفيان بن وكيع بن الجراح، عن أبيه، عن القاسم بن الفضل به. وقال: حسن غريب صحيح، لا نعرفه إلا من حديث القاسم بن الفضل به، وهو ثقة مأمون عند أهل الحديث. وثَّقه يحيى وابن مهدي.
قلت: وقد رواه الإمام أحمد أيضاً: حدَّثنا أبو اليمان، أنبأنا شعيب – هو ابن أبي حمزة – حدثني عبد الله ابن أبي الحسين، حدَّثني مهران، أنبأنا أبو سعيد الخدريّ حدَّثه، فذكر هذه القصة بطولها بأبسط من هذا السياق.
ثم رواه أحمد: حدَّثنا أبو النضر، ثنا عبد الحميد بن بهرام، ثنا شهر قال: وحدَّث أبو سعيد فذكره. وهذا السِّياق أشبه، والله أعلم.
وهو إسناد على شرط أهل السُّنن، ولم يخرِّجوه “. انتهى كلام ابن كثير رحمه الله تعالى.
قلت سيف بن دورة: حديث أبي سعيد في الصحيح المسند 412
ثانيًا: رسالة ملوك اليمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم:
وقد استجاب لأمر الله ورسوله وانصاع لشرع الله وتوحيده أهل اليمن الذين مدحهم النبي -صلى الله عليه وسلم- وأثنى عليهم أيما ثناء، فقال فيما قال من أمرهم مخاطباً أصحابه المهاجرين والأنصار: ((أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا، الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ، وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي أَصْحَابِ الْإِبِلِ، وَالسَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ)) [واه البخاري ومسلم، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-].
لقد قدم وفد ملوك اليمن على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في المدينة المشرفة سنة تسع من الهجرة في شهر رمضان. كما ذكر الواقدي.
قال ابن إسحاق: وقدم على رسول الله كتاب ملوك حمير ورسلهم بإسلامهم مقدمه من تبوك وهم: الحارث بن عبد كلال، ونعيم بن عبد كلال، والنعمان قيل [وقيل: لقب، وهو الملك الذي دون الملك الأكبر، والجمع أقيال] ذي رعين، ومعافر، وهمدان، وبعث إليه زرعة ذو يزن مالك بن مرة الرهاوي بإسلامهم ومفارقتهم الشرك وأهله، فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله النبي إلى الحارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال والنعمان، قيل ذي رعين ومعافر وهمدان، أما بعد ذلكم: فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، فإنه قد وقع نبأ رسولكم منقلبنا من أرض الروم، فلقينا بالمدينة، فبلغ ما أرسلتم به، وخبرنا ما قبلكم، وأنبأنا بإسلامكم وقتلكم المشركين، وأن الله قد هداكم بهداه، إن أصلحتم وأطعتم الله ورسوله وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، وأعطيتم من المغانم خمس الله، وسهم النبي صلى الله عليه وسلم وصفيه، وما كتب على المؤمنين في الصدقة من العقار عشر ما سقت العين وسقت السماء، وعلى ما سقى الغرب [أي الدلاء، جمع دلو] نصف العشر، وأن في الإبل في الأربعين ابنة لبون، وفي ثلاثين من الإبل ابن لبون ذكر، وفي كل خمس من الإبل شاة، وفي كل عشر من الإبل شاتان، وفي كل أربعين من البقر بقرة، وفي كل ثلاثين تبيع، جذع أو جذعة.
وفي كل أربعين من الغنم سائمة وحدها شاة، وإنها فريضة الله التي فرض على المؤمنين في الصدقة، فمن زاد خيرا فهو خير له، ومن أدى ذلك، وأشهد على إسلامه وظاهر المؤمنين على المشركين فإنه من المؤمنين، له ما لهم وعليه ما عليهم، وله ذمة الله وذمة رسوله، وإنه من أسلم من يهودي أو نصراني فإنه من المؤمنين له ما لهم، وعليه ما عليهم، ومن كان على يهوديته أو نصرانيته، فإنه لا يرد عنها، وعليه الجزية على كل حالم ذكر وأنثى، حر أو عبد دينار واف، من قيمة المعافري أو عوضه ثياباً.
فمن أدى ذلك إلى رسول الله فإن له ذمة الله وذمة رسوله، ومن منعه فإنه عدو لله ولرسوله وللمؤمنين جميعاً”.
وقد روى الحافظ البيهقي في دلائل النبوة حديث كتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى عمرو بن حزم: عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: هذا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا الذي كتبه لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن يفقه أهلها ويعلمهم السنة، ويأخذ صدقاتهم فكتب له كتابا وعهدا وأمره فيه أمره، فكتب: “بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من الله ورسوله “يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود” عهدا من رسول الله لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن أمره: بتقوى الله في أمره كله، فإن الله مع الذين اتقوه والذين هم محسنون، وأمره أن يأخذ بالحق، كما أمره الله، وأن يبشر الناس بالخير ويأمرهم به، ويعلم الناس القرآن ويفقههم في الدين، وأن ينهى الناس فلا يمس أحد القرآن إلا وهو طاهر، وأن يخبر الناس بالذي لهم والذي عليهم، ويلين لهم في الحق ويشتد عليهم في الظلم، فإن الله حرم الظلم ونهى عنه فقال: (ألا لعنة الله على الظالمين * الذين يصدون عن سبيل الله)، وأن يبشر الناس بالجنة وبعملها، وينذر الناس النار وعملها، ويستأنف الناس حتى يتفقهوا في الدين، ويعلم الناس معالم الحج، وسننه وفرائضه، وما أمره الله به والحج الأكبر الحج، والحج الأصغر العمرة: وأن ينهى الناس أن يصلي الرجل في ثوب واحد صغير إلا أن يكون واسعاً فيخالف بين طرفيه على عاتقيه، وينهى أن يحتبي الرجل في ثوب واحد ويفضي بفرجه إلى السماء، ولا ينقض شعر رأسه إذا عفى في قفاه، وينهى الناس إن كان بينهم هيج أن يدعو إلى القبائل والعشائر، وليكن دعاؤهم إلى الله وحده لا شريك له، فمن لم يدع إلى الله ودعا إلى العشائر والقبائل فليعطفوا فيه بالسيف حتى يكون دعاؤهم إلى الله وحده لا شريك له، ويأمر الناس بإسباغ الوضوء وجوههم وأيديهم إلى المرافق،
وأرجلهم إلى الكعبين، وأن يمسحوا رؤوسهم كما أمرهم الله عز وجل، وأمروا بالصلاة لوقتها وإتمام الركوع والسجود، وأن يغلس بالصبح، وأن يهجر بالهاجرة حتى تميل الشمس، وصلاة العصر والشمس في الأرض مبدرة، والمغرب حين يقبل الليل لا تؤخر حتى تبدو النجوم في السماء، والعشاء أول الليل، وأمره بالسعي إلى الجمعة إذا نودي بها، والغسل عند الرواح إليه وأمره أن يأخذ من المغانم خمس الله وما كتب على المؤمنين من الصدقة من العقار فيما سقى المغل وفيما سقت السماء العشر، وما سقى الغرب فنصف العشر، وفي كل عشر من الإبل شاتان، وفي عشرين أربع شياه وفي أربعين من البقر بقرة وفي كل ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة جذع أو جذعة وفي كل أربعين من الغنم سائمة وحدها شاة، فإنها فريضة الله التي افترض على المؤمنين في الصدقة، فمن زاد فهو خير له، ومن أسلم من يهودي أو نصراني إسلاما خالصا من نفسه فدان دين الإسلام فإنه من المؤمنين له ما لهم وعليه ما عليهم، ومن كان على يهوديته أو نصرانيته، فإنه لا يغير عنها وعلى كل حالم ذكر وأنثى حر أو عبد دينار واف أو عوضه من الثياب، فمن أدى ذلك فإن له ذمة الله ورسوله، ومن منع ذلك فإنه عدو الله ورسوله والمؤمنين جميعا، صلوات الله على محمد، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته”. [البداية والنهاية لابن كثير، (5/ 88 وما بعدها)]
هذا ما جاء في وفد أهل اليمن ورسالة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إليهم يعلمهم فيها أحكام الدين.
وقد عرف هذا الكتاب الذي كتبه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أهل اليمن بكتاب عمرو بن حزم. وفيه مسائل عظيمة وجليلة في فرائض الإسلام وسننه، ولهذا اعتمد عليه العلماء في بناء كثير من الأحكام القواعد الشرعية، وخاصة في جانب الديات والصدقات.
ثالثا: وقفات في سيرة الصحابي فيروز الديلمي رضي الله عنه:
الإصابة:
ويقال له: الحميري؛ لنزوله بحمير.
ومحالفته إياهم وروى عنه أحاديث
• اسمه ونسبه:
فيروز الديلمي، يكنى أبا عبد الله، وقيل: أبو عبد الرحمن. ويقال: أبا الضحاك. [أسد الغابة، والإصابة] يماني كناني من أبناء الأساورة من فارس كان كسرى بعثهم إلى قتال الحبشة، [الإصابة]، وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رجع إلى اليمن فأعان على قتل الأسود العنسي.
وقال أبو عمر: يقال له: الحميري؛ لنزوله في حمير وهو من أبناء فارس من فرس صنعاء.
• حال فيروز الديلمي في الجاهلية:
كان فيروز الديلمي من “الأبناء” وهو اسم يطلق على جماعة من الناس آباؤهم من الفرس الذين نزحوا من بلادهم إلى اليمن، وأمهاتهم من العرب.
وقد كان كبيرهم “باذان” عند ظهور الإسلام ملكًا على اليمن، من قبل كسرى عظيم الفرس، فلما استبان له صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وسُمُوّ دعوته خلع طاعة كسرى، ودخل هو وقومه -ومنهم فيروز الديلمي- في دين الله، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ملكه، وظل فيه إلى أن مات قبل ظهور الأسود العنسي بزمن يسير.
• بعض مواقف فيروز الديلمي مع الصحابة:
كتب عمر بن الخطاب إلى فيروز الديلمي أما بعد: فقد بلغني أنه قد شغلك أكل الألباب بالعسل فإذا أتاك كتابي هذا فاقدم على بركة الله فاغز في سبيل الله فقدم فيروز فاستأذن على عمر فأذن له فزاحمه قوم من قريش فرفع فيروز يده فلطم أنف القرشي فدخل القرشي على عمر مستدمي فقال له عمر: من بك قال: فيروز وهو على الباب, فأذن لفيروز بالدخول فدخل فقال: ما هذا يا فيروز قال: يا أمير المؤمنين إنا كنا حديث عهد بملك وإنك كتبت إلي ولم تكتب إليه وأذنت لي بالدخول ولم تأذن له فأراد أن يدخل في إذني قبلي فكان مني ما قد أخبرك قال عمر: القصاص قال فيروز: لا بد قال: لا بد قال: فجثا فيروز على ركبتيه وقام الفتى ليقتص منه فقال له عمر: على رسلك أيها الفتى حتى أخبرك بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة يقول قتل الظيلمة الأسود العنسي الكذاب قتله العبد الصالح فيروز الديلمي، أفتراك مقتصًا منه بعد إذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الفتى: قد عفوت عنه بعد إذ أخبرتني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا, فقال فيروز لعمر: فترى هذا مخرجي مما صنعت إقراري له وعفوه غير مستكره قال: نعم قال فيروز: فأشهدك أن سيفي وفرسي وثلاثين ألف من مالي هبة له قال: عفوت مأجورًا يا أخا قريش وأخذت مالاً. [تاريخ مدينة دمشق (49/ 22) – الشاملة]
قلت سيف بن دورة:
من طريق أبي جعفر بن خالد بن يزيد البردعي عن الخصيب حدثنا عمر بن سهل بالمصيصة حدثنا الحرمازي قال كتب عمر بن الخطاب. …..
وهل صح أنه قتل الأسود سيأتي النقل عن النووي. ومرسلا لعبيدالله
• تلاميذه: روى عنه أولاده الثلاثة الضحاك وعبد الله وسعيد. وروى عنه أبو الخير اليزني, وأبو خراش الرعيني وبشر المؤذن وغيرهم.
• صفاته: كان من أجلاء الصحابة , بطلا مغوارا, من الشجعان. وأهم ملامح شخصيتة الإقدام؛ فهو أحد الثلاثة الذين دخلوا على الأسود العنسي الكذاب بصنعاء فقتلوه وهم: فيروز الديلمي وقيس بن مكشوح وداذويه.
• فضائله: ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم عندما علم بقتله رضي الله عنه للأسود العنسي
• وفاته:
قال ابن سعد وأبو حاتم وغيرهما: مات في خلافة عثمان، وقيل: في خلافة معاوية، باليمن، سنة ثلاث وخمسين. [الإصابة]
• صور من حياته رضي الله عنه:
الأولى: فيما أجاب عنه النبي صلى الله عليه وسلم من أسئلة الصحابي فيروز الديلمي رضي الله عنه:
فيما ورد عن الخمر، وسألَهُ – صلى الله عليه وسلم – قومٌ، فقَالُوا: إنَّا ننتبذُ نبيذاً نشربُهُ على غدائِنا وعشائِنا، وفي روايةٍ: على طعامِنا، فقالَ: ((اشربُوا واجتنبُوا كلَّ مُسكرٍ))، فأعادُوا عليه، فقالَ: ((إنَّ الله ينهاكُم عن قليلِ ما أسكرَ وكثيرِهِ)). [صححه الألبانيٌّ، انظر: «صحيح سُنَن النَّسائيِّ» برقم (5181)]، وسألَهُ – صلى الله عليه وسلم – عبدُ الله بن فيروز الديلميٌّ- رضي الله عنهما-، فقالَ: إنَّا أصحابُ أعنابٍ, وكَرمٍ، وقد نزل تحريمُ الخمرِ، فما نصنعُ بها؟، قال: ((تتخذونه زبيباً))، قال: نصنعُ بالزَّبيبِ ماذا؟، قال: ((تنقعونه على غدائِكم وتشربونه على عشائِكم، وتنقعونه على عشائِكم وتشربونه على غدائِكم))، قالَ: قلتُ: يا رَسُولَ اللهِ، نحن ممن قد علمتَ، ونحن بين ظهراني مَن قد علمتَ، فمَن وليٌّنا؟!، فقالَ: (اللهُ ورسولُهُ)، قال: حسبي يا رَسُولَ اللهِ. رواه أحمدُ في «المسند» (4/ 232)، وأورده الشَّيخُ مُقبل الوادعيٌّ في كتابه «الصَّحيح المسند مما ليس في الصَّحيحين» رقم (1075)
وفي حديث: وسأله- صلى الله عليه وسلم – رجلٌ من اليمنِ عن شرابٍ, بأرضِهم يُقال له المِزرُ، قال: (أمسكرٌ هو؟) قال: نعم، فَقَالَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: ((كُلٌّ مسكرٍ, حرامٌ، وإنَّ على اللهِ عهداً لمَن شربَ المسكرَ أن يسقيَهُ من طينةِ الخَبَالِ))، قَالُوا: يا رَسُولَ اللهِ، وما طينةُ الخبالِ؟، قالَ: ((عَرَقُ أهلِ النَّار))، أو قال: ((عُصارةُ أهلِ النَّار)). [رواه مُسلمٌ (3/ 1587) رقم (2002)].
الثانية: مما ذكر في قتله رضي الله عنه للكذاب (الأسودِ العنسي).
من الدلائل العظيمة على نبوته صلى الله عليه وسلم إخباره بالغيوب المستقبلة
وقال ابن حجر رحمه الله تعالى: “وقد ظهر مصداق ذلك في آخر زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج مسيلمة باليمامة, والأسود العنسي باليمن, ثم خرج في خلافة أبي بكر طليحةُ بن خويلد في بني أسد بن خزيمة, وسجاح التميمية في بني تميم .. “. [فتح الباري (6/ 714)].
فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في رؤياه أن في يديه سِوارين من ذهب، يقول صلى الله عليه وسلم: ((بينما أنا نائمٌ، رأيتُ في يدِي سِوَارَيْنِ مِن ذهبٍ، فأَهَمَّنِي شأنُهما، فأُوحِيَ إليَّ في المنامِ: أن انِفُخْهما، فنَفَخْتُهما فطارَا، فأَوَّلْتُهما كذابَيْنِ يَخْرُجَانِ مِن بعدي)). [رواه البخاري]
وقد تحققت رؤياه، فكان مسيلمة أول الكذابَين، فقد قدم المدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يقول: إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبِعتُه، فأقبل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده قطعة جريد فقال: ((لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتُكَها، ولن تعدوَ أمر الله فيك، ولئن أدبرت ليعقِرَنك الله، وإني لأراك الذي أُريتُ فيك ما رأيت)). قال أبو هريرة: “فكان أحدهما العنسي، والآخر مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة”. [رواه البخاري ح (3351)، ومسلم ح (4218)].
قال النووي: “قوله: ((ولئن أدبرت ليعقرِنك الله)) أي إن أدبرت عن طاعتي ليقتلنك الله .. ، وقتله الله تعالى يوم اليمامة، وهذا من معجزات النبوة “.
فقد خرج الصحابة لقتاله، وقتله الله بأيديهم، فأطفأ كيده، وأطاش سهمه.
ومثله رد الله كيد أخيه في الضلالة، الأسودِ العنسي ثانيَ الكذابَيْن، وذلك لما ادعى النبوة قبيل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم, وتابعه قوم من أعراب اليمن, فقوي، واشتد بهم ساعِدُه, فقتله الله على يد فيروزٍ الديلمي وبعضِ المسلمين من أهل اليمن، بمساعدة زوجة الدعي الكذاب، فتحقق فيه ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم في رؤياه، فصارت ضلالته هباء تذروه الرياح صلى الله عليه وسلم، {فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال} (الرعد: 17).
مسألة: ” قصة مقتل الأسود العنسي على يد فيروز الديلمي رضي الله عنه ومن معه، وردت في صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب قصة الأسود العنسي، (5/ 120)
ففي صحيح البخاري
4118 – حدثنا سعيد بن محمد الجرمي: حدثنا يعقوب بن ابراهيم: حدثني ابي، عن صالح، عن ابن عبيدة بن نشيط، وكان في موضع اخر اسمه عبد الله: ان عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: بلغنا ان مسيلمة الكذاب قدم المدينة، فنزل في دار بنت الحارث، وكان تحته بنت الحارث بن كريز، وهي ام عبد الله بن عامر، فاتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه ثابت بن قيس بن شماس، وهو الذي يقال له: خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قضيب، فوقف عليه فكلمه، فقال له مسيلمة: ان شئت خلينا بينك وبين الامر، ثم جعلته لنا بعدك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو سالتني هذا القضيب ما اعطيتكه، واني لاراك الذي اريت فيه ما رايت، وهذا ثابت بن قيس، وسيجيبك عني). فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم. قال عبيد الله بن عبد الله: سالت عن عبد الله بن عباس، عن رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ذكر، فقال ابن عباس: ذكر لي ان رسول الله عليه وسلم قال: (بينا انا نائم، اريت انه وضع في يدي سواران من ذهب، ففظعتهما وكرهتهما، فاذن لي فنفختهما فطارا، فاولتهما كذابين يخرجان). فقال عبيد الله: احدهما العنسي الذي قتله فيروز باليمن، والاخر مسيلمة الكذاب.
و وقع خلاف في تحديد زمان القتل، هل كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعد وفاته؟
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (8/ 37)، بعد أن ساق قصة قتله: “قَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ أُصِيبَ الْأَسْوَدُ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَأَتَاهُ الْوَحْيُ فَأَخْبَرَ بِهِ أَصْحَابَهُ ثُمَّ جَاءَ الْخَبَرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقِيلَ: وَصَلَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ صَبِيحَةَ دفن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم”. وساق في الإصابة (3/ 205) في ترجمة: فيروز، مفاده أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر بقتل الأسود قبل أن يموت. وقد عزاه الحافظ رحمه الله إلى سيف بن عمر التميمي في الفتوح من طريق ابن عمر رضي الله عنهما، وقد أخرجه ابن جرير رحمه الله تعالى في تاريخه (3/ 236) بسنده عن سيف بن عمر، عن أبي القاسم الشنوي، عن العلاء بن زياد، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أتى الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم من السماء الليلة التي قتل فيها الأسود العنسي يبشرنا، فقال: ((قتل العنسي البارحة، قتله رجل مبارك من أهل بيت مباركين)). قيل: ومن؟ قال: ((فيروز فاز فيروز)). وساقها ابن كثير في قصة طويلة في تاريخه (6/ 310)، وساق ابن عبد البر هذا الخبر في الاستيعاب بالسند الذي ذكره ابن كثير، وبنفس اللفظ ” [قاله محقق الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (ج1/ 326)].
قال الإمام النووي في (تهذيب الأسماء 1/ 567): ” وفد فيروز على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأسلم، وهو قاتل الأسود العنسى الكذاب الذى كان ادعى النبوة باليمن، قتله فى آخر حياة النبى – صلى الله عليه وسلم -، ووصل خبر قتله إياه فى مرض رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذى توفى فيه، فقال – صلى الله عليه وسلم -: “قتله الرجل الصالح فيروز الديلمى”. وفى رواية: “قتله رجل مبارك من أهل بيت مباركين”. هذا قول كثيرين أو الأكثرين أن فيروز قتل الأسود فى حياة رسول الله – صلى الله عليه وسلم -. وقال خليفة بن الخياط، والواقدى وآخرون من أهل المغازى، إنما قتله فى خلافة أبى بكر، رضى الله عنه، سنة إحدى عشرة.
وروى أنه قتل فى زمن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وحمل إليه رأسه، وأنكر الحاكم أبو أحمد هذا، وأطنب فى إنكاره والاستدلال على بطلانه، وقال: الصواب قول خليفة أنه قُتل فى زمن أبى بكر … )
تنبيه: حديث كون فيروز أسلم وتحته اختين: أعله البخاري.
؛ فقد رواه علي بن عبد الرحمان، قال: حدثنا يحيى بن معين، قال: حدثنا وهب بن جرير , عن أبيه , عن يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب , عن أبي وهب الجيشاني , عن الضحاك بن فيروز الديلمي , عن أبيه قال: أسلمت وعندي أختان , فأتيت النبي j , فسألته فقال طلق أيتهما شئت …
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله هذا الحديث يرويه أبو وهب الجيشاني عن الضحاك بن فيروز عن أبيه
قال البخاري في إسناد هذا الحديث نظر
ووجه قوله أن أبا وهب والضحاك مجهول حالهما وفيه يحيى بن أيوب ضعيف.
وقال الصنعاني في السلام: (وأعله البخاري بأنه رواه الضحاك عن أبيه ورواه عنه أبو وهب الجيشاني و قال البخاري لا نعرف سماع بعضهم من بعض).
—–
تنبيه:
قال ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في منهاج السنة: وكثير من الناس لا يحتج بروايته المفردة إما لسوء حفظه وإما لتهمة في تحسين الحديث، وإن كان له علم ومعرفة بأنواع من العلوم، ولكن يصلحون للاعتضاد والمتابعة كمقاتل بن سليمان ومحمد بن عمر الواقدي وأمثالهما، فإن كثرة الشهادات والأخبار قد توجب العلم، وإن لم يكن كل من المخبرين ثقة حافظا حتى يحصل العلم بمخبر الأخبار المتواترة وإن كان المخبرون من أهل الفسوق إذا لم يحصل بينهم تشاعر وتواطؤ، والقول الحق الذي يقوم عليه الدليل يقبل من كل من قاله وإن لم يقبل بمجرد إخبار المخبر به. انتهى.
وقال أيضا في مجموع الفتاوى: وَمَعْلُومٌ أَنَّ الواقدي نَفْسَهُ خَيْرٌ عِنْدَ النَّاسِ مِنْ مِثْلِ هِشَامِ بْنِ الْكَلْبِيِّ وَأَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ وَأَمْثَالِهِمَا، وَقَدْ عُلِمَ كَلَامُ النَّاسِ فِي الواقدي، فَإِنَّ مَا يَذْكُرُهُ هُوَ وَأَمْثَالُهُ إنَّمَا يُعْتَضَدُ بِهِ وَيُسْتَانَسُ بِهِ، وَأَمَّا الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِهِ فِي الْعِلْمِ، فَهَذَا لَا يَصْلُحُ. انتهى.
وقال ابن كثير في البداية والنهاية: وَالْوَاقِدِيُّ عِنْدَهُ زِيَادَاتٌ حَسَنَةٌ وَتَارِيخٌ مُحَرَّرٌ غَالِبًا، فَإِنَّهُ مِنْ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّانِ الْكِبَارِ، وَهُوَ صَدُوقٌ فِي نَفْسِهِ مِكْثَارٌ. انتهى.
وقال الذهبي ـ رحمه الله ـ في سير أعلام النبلاء: قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الوَاقِدِيَّ ضَعِيْفٌ، يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الغَزَوَاتِ وَالتَّارِيْخِ، وَنُوْرِدُ آثَارَهُ مِنْ غَيْرِ احْتِجَاجٍ، أَمَّا فِي الفَرَائِضِ فَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ، فَهَذِهِ الكُتُبُ السِّتَّةُ، وَمُسْنَدُ أَحْمَدَ، وَعَامَّةُ مَنْ جَمَعَ فِي الأَحْكَامِ، نَرَاهُم يَتَرَخَّصُوْنَ فِي إِخْرَاجِ أَحَادِيْثِ أُنَاسٍ ضُعَفَاءَ، بَلْ وَمَتْرُوْكِيْنَ، وَمَعَ هَذَا لاَ يُخَرِّجُوْنَ لِمُحَمَّدِ بنِ عُمَرَ شَيْئاً، مَعَ أَنَّ وَزنَهُ عِنْدِي أَنَّهُ ـ مَعَ ضَعْفِهِ ـ يُكْتَبُ حَدِيْثُهُ وَيُرْوَى، لأَنِّي لاَ أَتَّهِمُهُ بِالوَضْعِ، وَقَوْلُ مَنْ أَهدَرَهُ، فِيْهِ مُجَازَفَةٌ مِنْ بَعْضِ الوُجُوْهِ، كَمَا أَنَّهُ لاَ عِبْرَةَ بِتَوْثِيقِ مَنْ وَثَّقَهُ: كَيَزِيْدَ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَالصَّاغَانِيِّ، وَالحَرْبِيِّ، وَمَعْنٍ، وَتَمَّامِ عَشْرَةِ مُحَدِّثِيْنَ، إِذْ قَدِ انْعَقَدَ الإِجْمَاعُ اليَوْمَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَأَنَّ حَدِيْثَهَ فِي عِدَادِ الوَاهِي رَحِمَهُ اللهُ. انتهى.
وقال ابن حجر في تقريب التهذيب: سيف بن عمر التميمي صاحب كتاب الردة، ويقال له الضبي، ويقال غير ذلك الكوفي ضعيف في الحديث عمدة في التاريخ، أفحش ابن حبان القول فيه. انتهى.