58 لطائف التفسير
وشارك محمد بن سعد وسيف بن دورة الكعبي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله. ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا)
——‘——‘——
لطائف التفسير:
(إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)
[سورة فاطر 6]
لطيفة: اتخاذ الشيطان عدوا أعظم من الهرب منه.
ما هي الآيات التي تبين موقف المؤمن من الشيطان
———‘——-‘—–
——-‘———‘——
عداوة الشيطان قديمة:
قال تعالى:
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى * فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى * إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى * فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى * فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى * قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَاتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى)
[سورة طه 116 – 127]
ويقال: وسوس فلان إلى فلان، أى: أوصلها إليه، ووسوس له، أى: من أجله. أى فأوصل الشيطان وسوسته إلى آدم، وأنهاها إليه، بأن قال له: يا آدم، هل أدلك على الشجرة التى من أكل منها عاش مخلدا لا يدركه الموت وصار صاحب ملك لا يفنى، ولا يصبح باليا ابدا.
وناداه باسمه، ليكون أكثر إقبالا عليه، وأمكن فى الاستماع إليه.
وعرض عليه ما عرض فى صورة الاستفهام الذى بمعنى الحث والحض، ليشعره بأنه ناصح له وحريض على مصلحته ومنفعته.
ثم أكد كل هذا التحريض بالقسم كما فى قوله – تعالى -: (وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ الناصحين) فكانت نتيجة مكره بآدم وخداعه له، أن أطاعه فى الأكل من الشجرة كما قال – تعالى -: (فَأَكَلاَ مِنْهَا).
قال ابن كثير: أوحى الله تعالى إلى آدم وزوجته أن يأكلا من كل الثمار، ولا يقربا هذه الشجرة المعينة في الجنة. فلم يزل بهما إبليس حتى أكلا منها، وكانت شجرة الخلد –
قال السعدي:
فأتاه بصورة ناصح، وتلطف له في الكلام، فاغتر به آدم، وأكلا من الشجرة فسقط في أيديهما، وسقطت كسوتهما، واتضحت معصيتهما، وبدا لكل منهما سوأة الآخر، بعد أن كانا مستورين، وجعلا يخصفان على أنفسهما من ورق أشجار الجنة ليستترا بذلك، وأصابهما من الخجل ما الله به عليم.
قال تعالى:
{فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [البقرة:
عواقب اتباع الشيطان:
قال تعالى:
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي) أي خالف أمري وما أنزلت على رسولي، أُعرِضُ عنه وأتناساه، وله معيشةٌ ضنكٌ في الدنيا؛ فلا طمأنينة له ولا انشراح لصدره، بل صدره ضيقٌ حرجٌ لضلاله، فإن قلبه ما يخلص إلى اليقين والهدى، فهو في قلق وحيرة وشك، فلا يزال في ريبه يتردد، فهذا من ضنك المعيشة … فعن ابن عباس (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً): الشقاء
أما الخسران الذي يجنيه الشيطان وأتباعه فيقرره تعالى في غير آية فيقول: ( … وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُبِيناً)، ويقول أيضاً: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ)، ويفسر البغوي هذا الخسران في الدنيا بأنه الذل حيث يقول: ” أي هم في جملة من يلحقهم الذل في الدنيا والآخرة “، وهذا الخسران ظاهر في دنياه وآخرته بسبب تولّي الشيطان بإتباع أوامره واتخاذه إماماً يُقتدى به
فإتباع الشيطان، والانخراط في جند إبليس، يؤول بالمتَّبع إلى حيرة تهوي به في غيابة الشك والتمزق النفسي، وهذا ما يصوّره كتاب الله – عز وجل – في قوله: (قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)
– اجتماعهم مع بعضهم البعض حول جهنم يوم القيامة، وهذا ما يقسم المولى سبحانه عليه في محكم آياته: قال تعالى:
(فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا * ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا * ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا * وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا)
سورة مريم 68 – 73]
ويتبرأ بعضهم من بعض:
كما في1 قوله تعالى: (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ) فعن السدي ” أما الذين اتُّبعوا فهم الشياطين، تبرأوا من الإنس “، وهنا تزداد حسرة المتّبِعين الضالين، فيطلبون من الله كرَّة أخرى لينتقموا فيها ممّن أغووهم ولكن هيهات (وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ)
قال تعالى (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُم وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
ويتلاومون، ويندمون حين لا ينفع الندم: (فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ * وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ * قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ * تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَمَا أَضَلَّنَا إِلا الْمُجْرِمُونَ * فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ * فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) سورة الشعراء، الآيات 94 – 102.
وكما اتّبع المجرمون الشيطان في الدنيا، وكما حشروا معه في الآخرة، ها هم الآن يرافقونه نفس المصير: خلودٌ في نار جهنم جزاءً بكفرهم الذي كان في الدنيا: (فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ) سورة الحشر، الآية 17.
—-
مكايد الشيطان .. وطرق الوقاية منها
قد بيَّن الله – تعالى – في كتابه الكريم مكايد الشيطان وطُرُق إغوائه للإنسان، فقال في محكم التنزيل حكاية عن إبليس: {قَالَ أَنظِرْنِي إلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ 14 قَالَ إنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ 15 قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ 16 ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف: 14 – 17].
إن هذه الآيات الجليلة تبيِّن لنا معالم حَربٍ مشتدةٍ بين الشيطان وجنده من جهة، وبين أولياء الله وعباده من جهة أخرى، وهذه الحربُ الشعواء لا عاصم للمؤمن منها، إلا استعانته بربه عز وجل.
والشرارةُ الأُولَى لهذه الحرب كانت منذ أن خلق الله سبحانه نبيَّه آدم – عليه السلام – {فَوَسْوَسَ إلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَى} [طه: 120]، ومن يومها والحرب سجالٌ بين الشيطان، وبين أولياء الله – تعالى –
مكايد الشيطان:
أولاً: الوسوسة: وهي حديث النفس، والصوت الخفي، وتطلَق أيضاً على صوت الحُلِي
والوسوسة من أعظم مكائد الشيطان؛ إذ لا يزال بالإنسان يوسوس له ويشككه حتى يخرجه من عقيدة الإسلام، كما جاء في (الصحيحين) من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يأتي الشيطان أحدَكم، فيقولُ: من خلق كذا؟ ومن خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا وجد أحدكم ذلك، فَلْيقل: آمنتُ بالله ورُسُله، فإن ذلك يُذهِب عنه».
وقال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة الذين رأوه مع زوجته صفيه وأراد أن يقلبها للمنزل وكان معتكفا فأسرعا: مهلا إنها صفية وقال الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا
ثانياً: النسيان: فينسي الإنسانَ ذكرَ ربه، ومجالسة الصالحين، والذب عن هذا الدين، والرد على المخالفين والمستهزئين. قال – تعالى -: {وَإمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 68].
ومنه قوله – تعالى -: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً} [طه: 115].
ثالثاً: التحريش وإيقاع العداوة بين المسلمين: قال – تعالى -: {إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المائدة: 91] فتقع الشحناء بين المسلمين، وبين الإخوةِ والأصدقاء فيتفرقوا أحزاباً.
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الشيطان قد أيسَ أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم».
رابعاً: التخويف: فيخوف الإنسانَ من طاعة ربه؛ فإذا أراد بذل مالٍ في سبيل الله خوفه بالفقرِ ووعده به. قال – تعالى -: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَامُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة: 268]. وإذا أراد أن يأمر بالمعروفِ، أو ينهى عن المنكر خوَّفه الشيطان من سوء العاقبة. قال – سبحانه وتعالى -: {إنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175].
خامساً: القول على الله بغير علمٍ: قال – عز وجل -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ 168 إنَّمَا يَامُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 168 – 169]،
سادساً: التزيين لفعل المعصية: بالنظر للمرأة الأجنبية، وهو بريد الزنا. ولأن النساء حبائل الشيطان؛ فيجب على الإنسان دحر كيده، بما ثبت من حديث جابر – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن المرأة تُقبِل في صورةِ شيطان، وتدبرُ في صورةِ شيطان، فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته، فَلْيأتِ أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه».
سابعاً: الغضب: فإذا غضب الإنسانُ لعب به الشيطانُ؛ فتنتفخ أوداجه، ويفقد صوابه،
والله سبحانه وتعالى يأمر بلزوم القول الحسن وإظهاره للناس درءاً لنزغ الشيطان ففي الأعراف يقول: (خُذِ الْعَفْوَ وَامُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّه … )، وفي فصلت يقول: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ … وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
ولا أدل على ذلك مما جاء في الصحيحين عن سليمان بن صُرَد – رضي الله عنه – قال: كنت جالساً مع النبي صلى الله عليه وسلم، ورجلان يستبَّان، فأحدهما احمرَّ وجهه وانتفخت أوداجه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إني لأعلم كلمةً لو قالها لذهب عنه ما يجد؛ لو قال: أعوذ بالله من الشيطان لذهب عنه ما يجد، فقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تعوذ بالله من الشيطان، فقال: وهل بي جنون؟» فعلى المسلم أن يملك نفسه عند الغضب، لما ثبت في «الصحيحين» أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس الشديد بالصُرعة؛ إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب».
—-‘”””””——“””””””
طُرُق الوقاية:
النصوص التي ذكرناها في مكايد الشيطان تحمل في مضمونها طرق الوقاية بأن تخالف ما يريد الشيطان أن يوقعك فيه
لكن لنزيد ذلك بيانا بنصوص أخرى:
أولاً: الاستعاذة بالله سبحانه: قال – تعالى -:
قال تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)،، وكذا في فصلت: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَمِيعٌ العَلِيمٌ)، وقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ)
وقال تعالى {فَإذَا قَرَاتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98].
والذي يفيد لزوم وقوع جواب الشرط لوقوع فعله، فمتى أحس الإنسان بنزغ الشيطان ومسه، لجأ إلى ربه يدفع تلك الوساوس والهمزات الحاملة لخطوات الشيطان، فيخنس الشيطان بهذه الاستعاذة، وتأتي آيات أخرى على هيئة أخرى تفيد تلك الاستمرارية أيضاً، يقول تعالى: (وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ)، ويقول: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)، ويقول: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)، ويقول: (وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)، فالاستعاذة في هذه الآيات تأتي على صيغة المضارعة التي تفيد الاستمرارية في حدوث الفعل،
قال تعالى {و إِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَليمٌ}
قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي
• – رحمه الله تبارك و تعالى -:
• – {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
• – ” بين في هذه الآية الكريمة ما ينبغي أن يعامل به الجهلة من شياطين الإنس والجن،
• – فبين أن شيطان الإنس يعامل باللين، وأخذ العفو، والإعراض عن جهله وإساءته،
• – وأن شيطان الجن لا منجى منه إلا بالاستعاذة بالله منه “.
أضواء البيان ((90) / (8))
وثبت في صحيح مسلم من حديث أبي العلاء أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله! إن الشيطان قعد بيني وبين صلاتي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذاك شيطان يقال له خِنزَب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه، واتفل على يسارك».
ثانياً: البسملة: فقد ثبت في صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَمَا إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ وَقَالَ: بِسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا فَرُزِقَا وَلَداً لَمْ يَضُرُّهُ الشَّيْطَانُ».
ثالثاً: الجماعة: لأن الجماعة منفرةٌ للشياطين،
فرب العزة يأمر عباده دوماً بلزوم تزكية هذا اللسان بقول الخير، ويحذرهم من قول الزور، يقول تعالى: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ … )
بل ابن كثير ذكر أدلة أن ذلك يشمل الفعل كأن يشير على أخيه بالسلاح.
و ثبت في السنن من حديث أَبِي الدَّرْدَاءِ – رضي الله عنه – قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ ثَلاَثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلاَ بَدْوٍ لاَ تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلاَةُ إِلاَّ قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ؛ فَعَلَيْكَم بِالْجَمَاعَةِ؛ فَإِنَّمَا يَاكُلُ الذئْبُ الْقَاصِيَةَ».
رابعاً: سجود التلاوة: فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ – وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ يَا وَيْلِي – أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ».
خامساً: قراءة القرآن: لأن قراءته منفرة للشياطين، لما ثبت في صحيح مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ؛ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِى تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ».
سادسا: ترك فضول الكلام: ففي الحديث (وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم).
وعن أبي هريرة قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ”
سابعا – اجتناب الإفك والإثم
يبيّن الحق سبحانه أن الشيطان ينجذب لأولاء الذين يتصفون بالإفك المبين والإثم الكبير؛ فيصبح لهم عوناً وسنداً، يقول تعالى: (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ)
ثامنا – اجتناب قرناء السوء:
يقول تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً) سورة الفرقان، الآيات 27 – 29.
تاسعا:
التبرؤ من الشيطان والإيمان بالرحمن
يعلن المولى سبحانه وتعالى أن هذه الوسيلة هي عروة الله الوثقى، وحبله المتين الذي لا ينقطع بمن تمسك به، فهو أقوى الأسلحة لمن أراد النجاة وطلب السلامة يقول تعالى: ( … فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ). – سورة البقرة، الآية 256.
قال تعالى: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) سورة الحجر، الآيتان 39، 40.
عاشرا: عدم التحاكم إلا لله:
قال تعالى:
وقوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا) النساء – الآية 60
الحادي عشر: مدافعة شياطين الجن والإنس:
وقوله تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)
النساء – الآية 76
الثاني عشر: ترك سوء الظن والإشاعات:
وقوله تعالى (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) النساء – الآية 83
الثالث عشر: عدم موالاة الشيطان وحزبه:
قال تعالى:
وقوله تعالى (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا) النساء – الآية 119
وقوله تعالى:
(يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا) النساء – الآية 120
الرابع عشر:
*عدم اتباع خطوات الشيطان*
قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}
الخامس عشر:
*الحذر من فتن الشيطان*
قال تعالى {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ}
السادس عشر: التسلح بالعلم النافع والعمل الصالح.