1067 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم. ونوح وعبدالخالق وموسى الصوماليين
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا).
——–‘——-‘——–
الصحيح المسند (ج2/رقم 1067):
قال الإمام أحمد رحمه الله: ثنا عفان ثنا شعبة أخبرني مشاش عن عطاء بن أبى رباح عن بن عباس عن الفضل بن عباس، قال صلى الله عليه وسلم: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعفة بنى هاشم أمرهم أن يتعجلوا من جمع بليل.
هذا حديث صحيح.
===================
سيكون الحديث في عدة أمور على النحو التالي:
الأمر الأول: الحديث أورده الوادعي رحمه الله في ((الجامع الصحيح)) (2/ 327)، تحت باب: “جواز التقدم من مزدلفة للضعفة والرمي قبل الفجر، ثم الإفاضة بعده، ثم قال: هذا حديث صحيح، رجاله رجال الصحيح، إلا مشاشا وقد وثقه أبو حاتم كما في تهذيب التهذيب”.
وأورد قبل هذا الحديث، الحديث الذي رواه أبو داود في السنن، من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: “أرْسَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأمِّ سَلَمةَ ليلةَ النَّحْرِ، فرَمَتِ الجَمْرةَ قبلَ الفَجْرِ، ثم مَضَتْ فأفاضَتْ، وكان ذلك اليوم؛ اليوم الذي يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، تعني عندها”. ثم قال الوادعي رحمه الله: هذا حديث حسن على شرط مسلم.
وأورد رحمه الله بعد هذا الباب، باب: “من قال: لا يرمي الضعفة حتى تطلع الشمس” وأورد تحته حديث الذي رواه أبو داود رحمه الله تعالى، عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم ضعفاء أهله بغلس ويأمرهم، يعني: لا يرمون الجمرة حتى تطلع الشمس.
قال الوادعي رحمه الله تعالى: هذا حديث حسن.
قلت سيف بن دورة: ضعفه البخاري في التاريخ الأوسط.
الأمر الثاني: المسائل المتعلقة بالحديث:
أولاً: مسألة: تعجيل الدفع من مزدلفة.
أجمع أهل العلم على مشروعية مبيت الحاج بالمزدلفة ليلة العاشر من ذي الحجة، والوقوف بها بعد طلوع الفجر من يوم النحر، وأن ذلك من أنساك الحج [بداية المجتهد 1/ 405، المجموع 8/ 134، هداية السالك لابن جماعة 3/ 1047].
أما هديه صلى الله عليه وسلم في ذلك، فصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه أفاض من عرفة بعد غروب الشمس متوجهاً إلى المزدلفة، فبات بها تلك الليلة – ليلة العاشر من ذي الحجة – حتى طلع الفجر، فقام فصلى الفجر، ثم وقف عند المشعر الحرام حتى أسفر جداً، وبعد الإسفار، وقبيل طلوع الشمس دفع من المزدلفة متوجهاً إلى منى، ومما يدل على ذلك؛ قول جابر – رضي الله عنه – في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم: ((فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان وإقامتين، ولم يُسبِّح بينهما شيئاً، ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء، حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعاه، وكبره، وهلله، ووحده، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً فدفع قبل أن تطلع الشمس)). [أخرجه مسلم في صحيحه].
أما هديه صلى الله عليه وسلم في الدفع من المزدلفة، فقد ثبت أن دفعه منها كان بعد الإسفار وقُبيل طلوع الشمس، كما في حديث جابر السابق، وحديث ابن عباس: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم أفاض قبل طلوع الشمس)) [رواه الترمذي في سننه، وقال حديث حسن صحيح، كتاب الحج، باب ما جاء في الإفاضة من جمع قبل طلوع الشمس 3/ 222، حديث رقم 896]، وقد رخص صلى الله عليه وسلم للضعفة كالنساء، ومن في حكمهن في تعجيل الدفع من المزدلفة ليلاً، يدل على ذلك:
1 – ما روته أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – قالت: «نزلنا المزدلفة فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم سودة أن تدفع قبل حطمة الناس وكانت امرأة بطيئة، فأذن لها، فدفعت قبل حطمة الناس». [رواه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب من قدَّم ضعفه أهله بليل 1/ 514، حديث رقم 1681، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن … 2/ 939، حديث رقم 1290].
معنى حطمة الناس: [أي: قبل أن يزدحموا ويحطم بعضهم بعضاً. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير 1/ 403]
2 – ما رواه عبد الله مولى أسماء [هو: أبو عمر عبد الله بن كيسان التيمي، مولى أسماء بنت أبي بكر الصديق – رضي الله عنهما – روى عن عائشة، وابن عمر. قال أبو داود: ثبت. وقال الحاكم: من أجلة التابعين. وذكره ابن حبان في الثقات. قال ابن حجر: ثقة من الثالثة. انظر: الثقات 5/ 35، تهذيب التهذيب 5/ 328، 329، تقريب التهذيب ص 319، ترجمة رقم 3557] «أن أسماء – رضي الله عنها – نزلت ليلة جمع عند دار المزدلفة، فقامت تصلي، فصلت ساعة، ثم قالت: يا بُني هل غاب القمر؟ قلت: لا، فصلت ساعةً، ثم قالت: هل غاب القمر؟ قلت: نعم. قالت: فارتحلوا، فارتحلنا ومضينا حتى رمت جمرة العقبة، ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها، فقلت لها يا هنتاه، ما أرانا إلا قد غلسنا، قالت: يا بُني إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظُّعن.
[رواه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن … ، 2/ 940، حديث رقم 1291].
معنى: يا هنتاه: أي يا هذه. وهو بفتح الهاء وإسكان النون وفتحها، وإسكانها أشهر، وتضم الهاء الآخرة وتسكن. النهاية في غريب الحديث 5/ 279، 280، شرح النووي لصحيح مسلم 9/ 57]،
– الظُعْن” بضم الظاء والعين، وبإسكان العين كذلك: النساء، والواحدة ظعينة، وأصل الظعينة الهودك الذي تكون فيه المرأة على البعير، فسُمّيت المرأة به مجازاً، واشتهر هذا المجاز في تغلب وخفيت الحقيقة. انظر شرح النووي لصحيح مسلم 9/ 57 – 58]»
3 – حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال: «أنا ممن قدَّم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة في ضعفة أهله» [رواه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب من قدم ضعفة أهله بليل 1/ 513، حديث رقم 1678، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج باب استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن من المزدلفة … ، 2/ 941، حديث رقم 1293].
4 – أن ابن عمر – رضي الله عنهما – كان يقدم ضعفة أهله، ويقول: «أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم» [رواه البخاري في صحيحه، كتاب الحج، باب من قدم ضعفة أهله بليل 1/ 513، حديث رقم 1676، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب استحباب تقديم الضعفة من النساء وغيرهن من المزدلفة … ، 2/ 941، حديث رقم 1295].
لهذه النصوص اتفق أهل العلم على جواز تعجيل الدفع من المزدلفة بليل للضعفة كالنساء ومن في حكمهن. واختلفوا في الوقت الذي يصح لهم فيه التعجيل، وفي شمول الرخصة في التعجيل لغيرهم.
ويمكن إيضاح آراء أهل العلم في ذلك من خلال الأقوال التالية:
القول الأول: يجوز لجميع الحجاج من الضعفة وغيرهم تعجيل الدفع من المزدلفة في أي وقت من الليل، سواء في أوله أو وسطه أو آخره، وهو مذهب المالكية، وقول في مذهب الشافعية، ورواية عن الإمام أحمد. [التفريع 1/ 342، الاستذكار 13/ 37، الذخيرة 3/ 263، والمهذب 1/ 303، روضة الطالبين 2/ 379، المجموع 8/ 134، والمبدع 3/ 236، الإنصاف 4/ 32].
ومستند المالكية من أصحاب هذا القول: أن المبيت بالمزدلفة واجب، لكنه يجزئ عندهم لأداء هذا الواجب النزول بها، فيرون أن من نزل بالمزدلفة في أي وقت من الليل أنه قد أتى بواجب المبيت، وعليه فيجوز للحاج الدفع منها بعد ذلك في أي وقت من الليل. [الاستذكار 13/ 37].
أما قول الشافعية وما روي عن الإمام أحمد فمستنده: أن المبيت بمزدلفة في حق كل الحجيج من الضعفة، وغيرهم سنة لا يجب شيء على تاركه، وعليه فيجوز عندهم ترك المبيت، أو التعجل في الدفع من المزدلفة في أي وقت من الليل. [المهذب 1/ 303، المبدع 3/ 237].
القول الثاني: يحوز للضعفة كالنساء ومن في حكمهن تعجيل الدفع من المزدلفة في أي وقت من الليل، أما غيرهم فلا يجوز لهم الدفع إلا بعد طلوع الفجر الثاني من يوم النحر، وهو مذهب الحنفية. [المبسوط 4/ 63، بدائع الصنائع 2/ 136، تبيين الحقائق 2/ 29، حاشية رد المحتار 3/ 529].
ومستند هذا القول: أن الواجب بالمزدلفة هو الوقوف بعد طلوع الفجر، أما المبيت فهو سنة عندهم، فقالوا: يجوز للضعفة كالنساء ومن في حكمهن تعجيل الدفع من المزدلفة في أي جزء من الليل؛ لأن المبيت سنة، أما تركهم للواجب وهو الوقوف بعد الفجر فلأن الرسول صلى الله عليه وسلم رخص لهم في تركه، كما يدل على ذلك أحاديث عائشة، وأسماء، وابن عباس، وابن عمر – رضي الله عنهم – السابق ذكرها، أما غيرهم فلا يجوز لهم تعجيل الدفع من المزدلفة قبل الفجر؛ لأن الوقوف بعد الفجر بالمزدلفة واجب في حقهم، فلا يجوز تركه والتعجُل بالدفع قبل الفجر. فمن تعجَّل من هؤلاء بالدفع من المزدلفة قبل الفجر، وترك الوقوف بها بعد الفجر فقد ترك واجباً، ويلزمه دم لتركه إياه. [المصادر السابقة].
القول الثالث: لا يجوز لأحد من الحجاج سواء كانوا من الضعفة أو من غيرهم تعجيل الدفع من المزدلفة قبل منتصف الليل، ومن فعل ذلك ولم يعد قبل طلوع الشمس لزمه دم، أما بعد منتصف الليل فيجوز الدفع للجميع، وهو أصح القولين في مذهب الشافعية، ومذهب الحنابلة. [الأم 2/ 329، الحاوي 4/ 177، المهذب 2/ 303، المجموع 8/ 134، والمحرر 1/ 244، المغني 5/ 285، الإنصاف 4/ 32، كشاف القناع 2/ 496].
ومستند هذا القول: أن المبيت بالمزدلفة واجب يلزم جميع الحجاج الإتيان به سواء في ذلك الضعفة وغيرهم، غير أنه يجوز للحاج تعجيل الدفع بعد منتصف الليل، ويستوي في ذلك الضعفة وغيرهم، لورود الرخصة في ذلك، كما في حديث عائشة، وأسماء، وابن عباس، وابن عمر – رضي الله عنهم-. [الأم 2/ 329، الحاوي 4/ 177، المهذب 2/ 303، المجموع 8/ 134، المحرر 1/ 244، المغني 5/ 285، الإنصاف 4/ 32، كشاف القناع 2/ 496].
والذي يترجح لي في ذلك: أن مبيت الحاج بالمزدلفة متصل به الوقوف بها بعد الفجر إلى الإسفار وقُبيل طلوع الشمس، واجب من واجبات الحج؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم بات بها ووقف في ذلك الوقت، وقد قال: ((خذوا عني مناسككم)) [أخرجه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه]، وترخيصه للضعفة بالدفع من المزدلفة قبل وقت الدفع، يدل على وجوب هذا المبيت والوقوف؛ لأن الرخصة لا تكون إلا في ترك واجب، وفي ذلك رد على من قال: إن المبيت سنة، كما أن فيه رداً على من قال: إن المبيت والوقوف ركن من أركان الحج، إذ لو كان ركناً لما رخص النبي صلى الله عليه وسلم لأحد في الدفع قبل دفعه صلى الله عليه وسلم، كما لم يأذن في الدفع من عرفة قبل الوقت الذي دفع فيه صلى الله عليه وسلم.
فإذا ثبت أن المبيت بالمزدلفة والوقوف بها واجب من واجبات الحج؛ فإن وقت هذا الواجب يبدأ بوصول الحاج إلى المزدلفة بعد الإفاضة من عرفة، وينتهي بعد الإسفار وقُبيل طلوع الشمس؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، وعليه فيجب على الحاج الإتيان بهذا الواجب في وقته الذي وقته صلى الله عليه وسلم بفعله، فمن ترك هذا الواجب، أو انصرف منه قبل انتهاء وقته بالإسفار وقُبيل طلوع الشمس وجب عليه فدية لتركه الواجب أو لعدم إتمامه، ويستثنى من ذلك الضعفة كالنساء ومن في حكمهن كالمريض، والمسن، والطفل، ومن هو تابع لهؤلاء كمحرم المرأة والقائم على شؤونهم كالخادم، والسائق، فيجوز لهم تعجيل الدفع من المزدلفة بعد غياب القمر، ولا شيء عليهم، ومعلوم أن غياب القمر في تلك الليلة يكون مع بداية الثلث الأخير من الليل. [فتح الباري 3/ 581].
يدل على الترخيص لهؤلاء في التعجيل تلك الأحاديث الواردة في رخصة التعجيل، التي سبق ذكرها، أما تحديد وقت جواز التعجيل بغياب القمر فيدل عليه حديث أسماء؛ لأنها إنما كررت السؤال عن مغيب القمر؛ لأنه الوقت الذي أذن النبي صلى الله عليه وسلم فيه للضعفة بالدفع من المزدلفة، ولذلك لما أُخبرت بغياب القمر، قالت: ارتحلوا، ويؤيد ذلك ما رواه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، عن عطاء: «أن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: بعث بي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسحر من جمع في ثقل النبي صلى الله عليه وسلم، قلت: أبلغك أن ابن عباس قال: بعث بي بليل طويل؟ قال: لا، إلا كذلك» [رواه مسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب استحباب تقديم الضعفة من النساء وغيرهن من المزدلفة إلى منى أواخر الليالي قبل زحمة الناس 2/ 941، حديث رقم 1294]. والسائل هو ابن جريج والمجيب هو عطاء، ووقت السحر يكون في الثلث الأخير من الليل، أما من حد جواز التعجيل بنصف الليل فليس له مستند على ذلك، يقول ابن القيم: “والذي دلت عليه السنة إنما هو التعجيل بعد غيبوبة القمر لا نصف الليل، وليس لمن حده بنصف الليل دليل”. [زاد المعاد 3/ 252]. والله أعلم. [انظر: مسائل التعجيل في الحج، د. سعد بن سعيد آل ماطر].
ثانياً: الفتاوى:
أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الثاني/ 388 – 389، قرار هيئة كبار العلماء، رقم (3) وتاريخ 13/ 8/1392هـ، بشأن حكم رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس يوم العيد.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمداً وعلى آله وصحبه. وبعد:
بناءً على خطاب المقام السامي رقم (22310) تاريخ 4/ 11/1391هـ المتضمن الموافقة على اقتراح سماحة رئيس إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بحث موضوع (حكم رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس يوم العيد ورميها في ليلة اليوم الأول من أيام التشريق، وكذا حكم تقديم الرمي أيام التشريق قبل الزوال، وحكم الرمي ليالي أيام التشريق) من قبل هيئة كبار العلماء- عرض على مجلس هيئة كبار العلماء في دورتها الثانية، المنعقدة في شهر شعبان عام 1392هـ ما أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في موضوع الرمي المشتمل على المسائل الآتية:
أ- حكم رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس يوم العيد.
ب- حكم رمي جمرة العقبة ليلة القر.
ج- حكم رمي الجمار أيام التشريق قبل الزوال.
د- حكم رمي الجمار ليلتي اليوم الثاني والثالث من أيام التشريق.
وبعد دراسة المجلس للمسائل المذكورة واطلاعه على أقوال أهل العلم وتداوله الرأي فيها قرر- ما يلي:
1 – جواز رمي جمرة العقبة بعد نصف ليلة يوم النحر للضعفة من النساء وكبار السن والعاجزين ومن يلازمهم للقيام بشؤونهم؛ لما ورد من الأحاديث والآثار الدالة على جواز ذلك.
2 – عدم جواز رمي الجمار أيام التشريق قبل الزوال؛ لفعله صلى الله عليه وسلم، وقوله: ((خذوا عني مناسككم))، ولقول ابن عمر أيام التشريق: كنا نتحين الرمي فإذا زالت الشمس رمينا.
ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس وأنصح الناس وأرحمهم، فلو كان ذلك جائزاً قبل الزوال لبينه صلى الله عليه وسلم.
3 – أما ما عدا ذلك من المسائل الخلافية من أعمال المناسك المشار إليها أعلاه، فإن الخلاف فيها معروف بين العلماء، ومدون في كتب المناسك وغيرها، وما زال عمل الناس جارياً على ذلك، وينبغي للحاج أن يحرص على التأسي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أقواله وأفعاله ما استطاع إلى ذلك سبيلاً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((خذوا عني مناسككم)).
ويرى المجلس في هذه المسائل الخلافية أن يستفتي العامي من يثق بدينه وأمانته وعلمه في تلك المسائل، ومذهب العامي مذهب من يفتيه. وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
هيئة كبار العلماء، رئيس الدورة: (1) عبد الرزاق عفيفي (2) محمد الأمين الشنقيطي (3) عبد العزيز بن باز (4) محمد الحركان (5) صالح بن غصون (6) محمد بن جبير (7) صالح بن لحيدان (8) عبد الله بن حميد (9) عبد المجيد حسن (10) إبراهيم بن محمد آل الشيخ (11) عبد الله بن غديان (12) عبد الله بن منيع (13) محضار عقيل (14) عبد الله خياط (15) عبد العزيز بن صالح (16) سليمان بن عبيد (17) راشد بن خنين.
ثالثاً: زَمَنُ الرَّمْيِ يومَ النَّحْرِ [من الموسوعة الفقهية – الدرر السنية].
يبدأُ وَقْتُ رَمْيِ جَمْرةِ العَقَبةِ مِن مُنتصَفِ ليلةِ النَّحْرِ، ويُسَنُّ أن يكون بعد طُلوعِ الشَّمسِ، وهذا مذهَبُ الشَّافعيَّة، والحَنابِلة، وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ،، واختاره ابنُ باز.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1 – عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((رمى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ النَّحْرِ ضُحًى، ورمى بعد ذلكِ بعدَ الزَّوالِ)).
2 – عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((أَرْسَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأمِّ سَلَمةَ ليلةَ النَّحْرِ، فرَمَتِ الجَمْرةَ قبلَ الفَجْرِ، ثم مَضَتْ فأفاضَتْ))
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ هذا لا يكونُ إلَّا وقد رَمَت قبل الفَجْرِ بساعةٍ.
3 – عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((نَزَلْنا المُزْدَلِفةَ، فاستأذَنَتِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَوْدةُ …. .
4 – عن أسماءَ (( …. هل غاب القَمَرُ؟ قلتُ: نعَم. قالت: فارتَحِلوا. فارتحَلْنا، ومَضَيْنا حتى رَمَت الجمرةَ، ثم رجَعَت فصلَّت الصُّبحَ في منزِلِها. فقلت لها: يا هنتاه، ما أرانا إلَّا قد غَلَّسْنا. قالت: يا بنيَّ، إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أذِنَ للظُّعُنِ))
5 – عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّه كان يقدِّمُ ضَعَفةَ أهلِه ….
ثانيًا: أنَّ النُّصوصَ عَلَّقَتِ الرَّمْيَ بما قَبْلَ الفَجرِ، وهو تعبيرٌ صالحٌ لجميعِ اللَّيلِ، فجُعِلَ النِّصْفُ ضابطًا له؛ لأنَّه أقرَبُ إلى الحقيقةِ مِمَّا قبلَ النِّصْفِ.
ثالثًا: أنَّ ما بعد نِصْفِ اللَّيلِ مِن توابِعِ النَّهارِ المستقبَلِ، فوَجَبَ أن يكون حُكْمُه في الرَّميِ حُكْمَ النَّهارِ المستقبَلِ.
رابعًا: أنَّه وَقْتٌ للدَّفْعِ من مُزْدَلِفة، فكان وقتًا للرَّميِ، كبَعْدَ طُلوعِ الشَّمسِ.
تنبيه: وسبق الإشارة له: ما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابن عباس حين أرسله مع الثقل: لا ترموا حتى تطلع الشمس. … أعله البخاري كما في التاريخ الأوسط. فليراجع فإنه بين وجه التعليل.