1066 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم. ونوح وعبدالخالق وموسى الصوماليين
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——‘—–‘——
الصحيح المسند (ج2/رقم 1066):
مسند فضل بن عباس رضي الله عنه
قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا يونس بن محمد حدثنا حماد يعني ابن سلمة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس عن الفضل بن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في الكعبة، فسبح وكبر، ودعا الله عز وجل واستغفر، ولم يركع ولم يسجد.
قال الوادعي رحمه الله تعالى: هذا حديث صحيح على شرط مسلم.
* قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن عطاء بن أبي رباح أو عن مجاهد بن جبر عن عبد الله بن عباس حدثني أخي الفضل بن عباس وكان معه حين دخلها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل في الكعبة، ولكنه لما دخلها وقع ساجدا بين العمودين، ثم جلس يدعو.
هذا حديث حسن.
* قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا عبد الرزاق حدثنا بن جريج أخبرني عمرو بن دينار ان بن عباس كان يخبران الفضل بن عباس أخبره صلى الله عليه وسلم انه دخل مع النبي صلى الله عليه و سلم البيت، وان النبي صلى الله عليه و سلم لم يصل في البيت حين دخله، ولكنه لما خرج فنزل ركع ركعتين عند باب البيت.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
===================
الحديث في هذا سيكون على عدة أمور:
الأمر الأول: شرح الحديث وبيان ألفاظه:
قوله: (عن الفضل بن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في الكعبة، فسبح وكبر، ودعا الله عز وجل واستغفر، ولم يركع ولم يسجد).
وفي رواية لمسلم عن ابن عباس يقول: أخبرني أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل فيه … الحديث، قال النووي: “أجمع أهل الحديث على الأخذ برواية بلال؛ لأنه مثبت فمعه زيادة علم فوجب ترجيحه.
والمراد الصلاة المعهودة ذات الركوع والسجود؛ ولهذا قال ابن عمر: ونسيت أن أسأله كم صلى؟
وأما نفي أسامة فسببه: أنهم لما دخلوا الكعبة أغلقوا الباب، واشتغلوا بالدعاء، فرأى أسامة النبي صلى الله عليه وسلم يدعو، ثم اشتغل أسامة بالدعاء في ناحية من نواحي البيت والنبي صلى الله عليه وسلم في ناحية أخرى، وبلال قريب منه، ثم صلى النبي صلى الله عليه وسلم فرآه بلال؛ لقربه ولم يره أسامة لبعده واشتغاله مع خفة الصلاة وإغلاق الباب، وجاز له نفيها عملا بظنه، وأما بلال فحققها فأخبر بها”. انتهى كلام النووي. [تحفة الأحوذي]
الأمر الثاني: المسائل المتعلقة بالحديث:
مسألة: الجمع بين الروايات التي فيها نفي الصلاة في الكعبة مع التي فيها الإثبات:
” أحاديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- في صحيح مسلم- تثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في جوف الكعبة، لكن – في صحيح مسلم- رواية تنفي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في داخل الكعبة.
والعلماء على الأخذ بحديث عبد الله بن عمر،
أما نفي أسامة فقد أجاب عنه العلماء بأنه يحتمل أن يكون أسامة قد غاب عن النبي صلى الله عليه وسلم لحاجة بعد دخوله، فلم يشهد صلاته، ويدل عليه ما رواه ابن المنذر من حديث أسامة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صوراً في الكعبة، قال: فكنت آتيه بماء في الدلو يضرب به الصور فقد أخبر أسامة أنه كان يخرج لنقل الماء، وكان ذلك كله يوم الفتح.
وقال ابن حبان: الأشبه عندي أن يحمل الخبران على دخولين متغايرين، أحدهما يوم الفتح، وصلى فيه والآخر في حجة الوداع ولم يصل فيه، وليس بين الخبرين تضاد.
قال الحافظ ابن حجر: وهذا جمع حسن، لكن تعقبه النووي بأنه لا خلاف أنه صلى الله عليه وسلم دخل في يوم الفتح، لا في حجة الوداع، ويشهد له ما رواه الأزرقي في (كتاب مكة) عن سفيان عن غير واحد من أهل العلم أنه صلى الله عليه وسلم إنما دخل الكعبة مرة واحدة، عام الفتح، ثم حج فلم يدخلها قال الحافظ: وإذا كان الأمر كذلك فلا يمتنع أن يكون دخلها عام الفتح مرتين، وقد وقع عند الدارقطني من طريق ضعيفة ما يشهد لهذا الجمع.
وحمل بعضهم الصلاة المثبتة على اللغوية، والمنفية على الشرعية، وهذه طريقة من يكره الصلاة داخل الكعبة، فرضاً ونفلاً، ويؤيد هذا الجمع ما أخرجه عمر بن شبة في كتاب مكة عن ابن عباس حين قيل له: كيف أصلي في الكعبة؟ قال: كما تصلي في الجنازة، تسبح وتكبر ولا تركع ولا تسجد، ثم عند أركان البيت سبح وكبر وتضرع واستغفر، ولا تركع ولا تسجد ..
قال الحافظ: وسنده صحيح.
قلت سيف بن دورة: كتاب مكة لابن شبة غير موجود في الشاملة.
وقال القرطبي: يمكن حمل الإثبات على التطوع والنفي على الفرض.
قال الحافظ: وهذه طريقة المشهور من مذهب مالك.
وقال النووي وغيره: يجمع بين إثبات بلال ونفي أسامة بأنهم لما دخلوا الكعبة اشتغلوا بالدعاء، فرأى أسامة النبي صلى الله عليه وسلم يدعو فاشتغل أسامة بالدعاء في ناحية، والنبي صلى الله عليه وسلم في ناحية، ثم صلى النبي صلى الله عليه وسلم فرآه بلال لقربه منه، ولم يره أسامة لبعده عنه واشتغاله، ثم إنه بإغلاق الباب تكون الظلمة، مع احتمال أن يحجبه عنه بعض الأعمدة، فنفاها عملاً بظنه.
بقي الجمع بين نفي أسامة في رواية وبين ما جاء من إثباته صلاة النبي صلى الله عليه وسلم داخل الكعبة، فقد وقع عند أبي عوانة عن ابن عمر أنه سأل بلالاً وأسامة بن زيد حين خرجا: أين صلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقالا على وجهته، وكذا أخرج البزار نحوه، وفي رواية لأحمد والطبراني عن ابن عمر قال: أخبرني أسامة أنه صلى فيه ههنا.
قال العيني: وجه الجمع بينهما أن أسامة حين أثبتها اعتمد في ذلك على غيره وحيث نفاها أراد ما في علمه، لكونه لم ير النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم قال: ومما يرجح به إثبات صلاته صلى الله عليه وسلم في البيت على من نفاها كثرة الرواة لها، فالذين أثبتوها بلال وعمر بن الخطاب وعثمان بن طلحة وشيبة بن عثمان والذين نفوها أسامة والفضل بن عباس وعبد الله بن العباس.
أما الفضل فليس في الصحيح أنه دخل معهم، وأما ابن عباس فإنه أخبر عن أخيه الفضل، ولم يدخل مع النبي صلى الله عليه وسلم البيت ومن الأجوبة أن القاعدة تقديم المثبت على النافي. اهـ
قلت سيف بن دورة: الرواية التي في الصحيح المسند تثبت أن الفضل دخل معهم.
قال الحافظ ونرجح رواية بلال من جهة أنه لم يختلف عليه في الإثبات، واختلف على من نفى”. [فتح المنعم].
قال الأثيوبي بعد إن نقل ما مضى: أحسن الأجوبة عندي جواب من حمل نفي أسامة على نفي علمه، فلا ينافي إثبات بلال، وأما ابن عباس فنفيه مستند إلى غيره، فجوابه جواب مستنده وأما ما نقل من إثبات أسامه، فإن صح فجوابه ما أجاب به ابن حبان من تعدد الواقعة.
ورد في البخاري في أوائل الصلاة … أن ابن عمر سأل بلالا كم صلى فقال: ركعتين بين الساريتين اللتين على يساره، إذا دخلت ثم خرج، فصلى في وجه الكعبة ركعتين.
وقد نقل الأثيوبي استشكال الأئمة هذا الحديث مع ما ثبت أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نسيت أن أسأله – يعني بلالا – كم صلى.
وذكر أوجه الجمع وردها ثم رجح ما رجحه ابن حجر أن بلالا أشار إليه بالسبابة والوسطى يعني ركعتين كما في رواية
فيحمل إثباته على الإشارة، ويحمل نفيه على ندمه أنه لم يسأله لفظا
الأمر الثالث: فوائد جميع روايات الباب:
1 – استحباب الصلاة في الكعبة.
قال الحافظ ابن حجر: وهو ظاهر في النفل، ويلتحق به الفرض، إذ لا فرق بينهما في مسألة الاستقبال للمقيم.
وهو قول الجمهور، وعن ابن عباس: لا تصح الصلاة داخلها مطلقاً، وعلله بأنه يلزم من ذلك استدبار بعضها، وقد ورد الأمر باستقبالها، فيحمل على استقبال جميعها.
وبه قال بعض المالكية والظاهرية والطبري.
وقال المازري: المشهور في المذاهب منع صلاة الفرض داخلها ووجوب الإعادة وأطلق الترمذي عن مالك جواز النوافل، وقيده بعض أصحابه بغير الرواتب وما تشرع فيه الجماعة، ويلحق بهذه المسألة الصلاة في الحجر.
وقال النووي: اختلف العلماء في الصلاة في الكعبة إذا صلى متوجهاً إلى جدار منها، أو إلى الباب وهو مردود، فقال الشافعي والثوري وأبو حنيفة وأحمد والجمهور: تصح فيها صلاة النفل وصلاة الفرض ثم أشار إلى المذاهب الأخرى بنحو السابق.
2 – والحجة بخبر الواحد.
3 – واختصاص السابق بالبقعة الفاضلة.
4 – والسؤال عن العلم والحرص عليه.
5 – وفضيلة ابن عمر لشدة حرصه على تتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم ليعمل بها.
6 – وفيها أن الفاضل من الصحابة كان يغيب عن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض المشاهد الفاضلة، ويحضره من هو دونه، فيطلع على ما لم يطلع عليه، لأن أبا بكر وعمر وغيرهما ممن هو أفضل من بلال ومن ذكر معه لم يشاركوهم في ذلك.
7 – واستدل بها البخاري على أن الصلاة إلى المقام غير واجبة.
8 – وعلى جواز الصلاة بين السواري في غير الجماعة.
9 – وعلى مشروعية الأبواب والغلق للمساجد.
10 – وأن السترة إنما تشرع حيث يخشى المرور، فإنه صلى الله عليه وسلم صلى بين العمودين، ولم يصل إلى أحدهما، قال الحافظ: والذي يظهر أنه ترك ذلك للاكتفاء بالقرب من الجدار.
11 – ويستفاد منها أن قول العلماء: تحية المسجد الحرام الطواف مخصوص بغير داخل الكعبة، لكونه صلى الله عليه وسلم جاء فأناخ عند البيت، فدخله، فصلى فيه ركعتين، فكانت تلك الصلاة إما لكون الكعبة كالمسجد المستقل، أو هو تحية المسجد العام.
قلت سيف بن دورة: ولعلنا نبحث مسألة: تحية البيت الطواف في موضع آخر إن شاء الله.
12 – واستحباب دخول الكعبة، وقد روى ابن خزيمة والبيهقي من حديث ابن عباس مرفوعاً من دخل البيت دخل في حسنة وخرج مغفوراً له.
قلت سيف بن دورة: ضعفه الألباني في الضعيفة 1917
قال ابن حجر في الفتح: قال البيهقي: تفرد به عبدالله بن المؤمل وهو ضعيف.
وذكر الذهبي في الميزان هذا الحديث في منكراته.
وضعف الحديث أيضا الهيثمي بعبدالله بن المؤمل.
وذكر البزار أنه لا يروى عن ابن عباس إلا من هذا الوجه.
ورواه ابن أبي شيبة من طريق ليث عن مجاهد من قوله.
قال الحافظ: ومحل استحبابه ما لم يؤذ أحداً بدخوله.
وحكى القرطبي عن بعض العلماء أن دخول البيت من مناسك الحج، ورده بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما دخله عام الفتح، ولم يكن حينئذ محرماً.
13 – استحباب الدعاء في جميع نواحي الكعبة لمن دخلها.
14 – ومن الرواية أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل الكعبة في عمرة القضاء.
قال الحافظ: قال العلماء سبب ترك دخوله ما كان في البيت من الأصنام والصور، ولم يكن المشركون يتركونه ليغيرها، فلما كان في الفتح أمر بإزالة الصور، ثم دخلها. [فتح المنعم].