مختلف الحديث رقم: {(114)}
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي وهشام السوري، وعبدالله المشجري.
ومجموعة: طارق أبي تيسير، ومحمد البلوشي، وعبدالحميد البلوشي، وكديم. ونوح وعبدالخالق وموسى الصوماليين.
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ووالديهم ووالدينا)
———‘———‘——–
[ومن كتاب الصلاة]
مختلف الحديث رقم: {(114)}
كيف التوفيق بين حديثْْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ?ََ:” إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي ”
أخرجه البخاري باب متى يقوم الناس عند الإقامة. وأخرجه مسلم ((604))
وبين ما جاء في حديث أبي هُرَيْرَةَ يَقُولُ: أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَقُمْنَا، فَعَدَّلْنَا الصُّفُوفَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ?ََ، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ ?َ، حَتَّى إِذَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ ذَكَرَ، فَانْصَرَفَ، وَقَالَ لَنَا: ” مَكَانَكُمْ “، فَلَمْ نَزَلْ قِيَامًا نَنْتَظِرُهُ حَتَّى خَرَجَ إِلَيْنَا، وَقَدِ اغْتَسَلَ يَنْطُفُ رَاسُهُ مَاءً، فَكَبَّرَ، فَصَلَّى بِنَا.
أخرجه البخاري: ((613))، ومسلم: ((1367))، وأحمد في «مسنده»: ((8261))
ففي الحديث الأول فيه النهي عن القيام حتى يرونه
أما الحديث الثاني ففي أنهم عدلوا الصفوف قبل أن يخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
——‘——-‘——-‘
ترجم البخاري -رحمه الله- في كتاب الأذان من صحيحه،
في كتاب الأذان
بَابٌ: مَتَى يَقُومُ النَّاسُ، إِذَا رَأَوُا الْإِمَامَ عِنْدَ الْإِقَامَةِ
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (باختصار):
(قوله باب متى يقوم الناس إذا رأوا الإمام عند الإقامة)
قيل أورد الترجمة بلفظ الاستفهام لأن قوله في الحديث لا تقوموا نهي عن القيام وقوله حتى تروني تسويغ للقيام عند الرؤية وهو مطلق غير مقيد بشيء من ألفاظ الإقامة ومن ثم اختلف السلف في ذلك كما سيأتي
قوله إذا أقيمت أي إذا ذكرت ألفاظ الإقامة.
قوله حتى تروني أي خرجت وصرح به عبد الرزاق وغيره عن معمر عن يحيى أخرجه مسلم ولابن حبان من طريق عبد الرزاق وحده حتى تروني خرجت إليكم وفيه مع ذلك حذف تقديره فقوموا.
وقال مالك في الموطأ لم أسمع في قيام الناس حين تقام الصلاة بحد محدود إلا أني أرى ذلك على طاقة الناس فإن منهم الثقيل والخفيف وذهب الأكثرون إلى أنهم إذا كان الإمام معهم في المسجد لم يقوموا حتى تفرغ الإقامة وعن أنس أنه كان يقوم إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة رواه بن المنذر وغيره وكذا رواه سعيد بن منصور من طريق أبي إسحاق عن أصحاب عبد الله وعن سعيد بن المسيب قال إذا قال المؤذن الله أكبر وجب القيام وإذا قال حي على الصلاة عدلت الصفوف وإذا قال لا إله إلا الله كبر الإمام وعن أبي حنيفة يقومون إذا قال حي على الفلاح فإذا قال قد قامت الصلاة كبر الإمام.
وأما إذا لم يكن الإمام في المسجد فذهب الجمهور إلى أنهم لا يقومون حتى يروه وخالف من ذكرنا على التفصيل الذي شرحنا وحديث الباب حجة عليهم وفيه جواز الإقامة والإمام في منزله إذا كان يسمعها وتقدم إذنه في ذلك قال القرطبي ظاهر الحديث أن الصلاة كانت تقام قبل أن يخرج النبي صلى الله عليه وسلم من بيته وهو معارض لحديث جابر بن سمرة أن بلالا كان لا يقيم حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه مسلم ويجمع بينهما بأن بلالا كان يراقب خروج النبي صلى الله عليه وسلم فأول مايراه يشرع في الإقامة قبل أن يراه غالب الناس ثم إذا رأوه قاموا فلا يقوم في مقامه حتى تعتدل صفوفهم.
قلت ويشهد له ما رواه عبد الرزاق عن بن جريج عن بن شهاب أن الناس كانوا ساعة يقول المؤذن الله أكبر يقومون إلى الصلاة فلا يأتي النبي صلى الله عليه وسلم مقامه حتى تعتدل الصفوف.
وأما حديث أبي هريرة الآتي قريبا بلفظ أقيمت الصلاة فسوى الناس صفوفهم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ولفظه في مستخرج أبي نعيم فصف الناس صفوفهم ثم خرج علينا ولفظه عند مسلم أقيمت الصلاة فقمنا فعدلنا الصفوف قبل أن يخرج إلينا النبي صلى الله عليه وسلم فأتى فقام مقامه الحديث وعنه في رواية أبي داود إن الصلاة كانت تقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيأخذ الناس مقامهم قبل أن يجيء النبي صلى الله عليه وسلم فيجمع بينه وبين حديث أبي قتادة بأن ذلك ربما وقع لبيان الجواز وبأن صنيعهم في حديث أبي هريرة كان سبب النهي عن ذلك في حديث أبي قتادة وأنهم كانوا يقومون ساعة تقام الصلاة ولو لم يخرج النبي صلى الله عليه وسلم فنهاهم عن ذلك لاحتمال أن يقع له شغل يبطاء فيه عن الخروج فيشق عليهم انتظاره ولا يرد هذا حديث أنس الآتي أنه قام في مقامه طويلا في حاجة بعض القوم لاحتمال أن يكون ذلك وقع نادرا أو فعله لبيان الجواز.
____________
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في الفتح:
باب متى يقوم للناس إذا رأوا الإمام عند الإقامة
حدثنا مسلم بن إبراهيم: حدثنا هشام، قال: كتب إلي يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، قال: قال رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني)).
هذا رواه هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير مكاتبة، وقد رواه عن يحيى غير واحد: شيبان، وحجاج الصواف، وايوب، وأبان العطار، ومعمر، وغيرهم.
وخرجه البخاري من رواية شيبان، وخرجه مسلم من رواية حجاج ومعمر.
وفي رواية له من رواية شيبان ومعمر: ((حتى تروني قد خرجت)).
وقال أبو داود: لم يذكر: ((قد خرجت)) إلا معمر.
وذكر البيهقي: أنها قد رويت عن حجاج – أيضا.
وخرجها ابن حبان في ((صحيحه)) من رواية معمر، ولفظه: ((حتى تروني قد خرجت إليكم)).
وهذه اللفظة: يستدل بها على مراده – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – برؤيته: أن يخرج من بيته، فيراه من كان عند باب المسجد، ليس المراد: يراه كل من كان في المسجد.
وهذا كقوله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لا تصوموا حتى تروا الهلال))، ومعلوم أنه لو رآه واحد أو اثنان لاكتفي برؤيتهما، وصام الناس كلهم.
ويدل على هذا: ما خرجه مسلم من حديث الزهري، قال: اخبرني أبو سلمة، سمع ابا هريرة يقول: أقيمت الصلاة، فقمنا فعدلنا الصفوف قبل أن يخرج إلينا رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأتى رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – حتى إذا قام في مصلاه قبل أن يكبر ذكر فانصرف – وذكر تمام الحديث.
ويحمل ذلك على قيامهم قبل أن يطلع على أهل المسجد من المسجد، لما علموا خروجه من بيته وتحققوه.
وخرج – أيضا – بهذا الإسناد، عن أبي هريرة، قال: إن كانت الصلاة تقام لرسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيأخذ الناس مصافهم قبل أن يقوم النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مقامه.
فهذه الرواية تصرح بأن الصفوف كانت تعدل قبل أن يبلغ النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إلى مصلاه، ولكن كان قد خرج من بيته، ورآه من كان بقرب بيته.
وقد ذكر الدارقطني وغير واحد من الحفاظ أن هذا الحديث اختصره الوليد ابن مسلم من الحديث الذي قبله، فأتي به بهذا اللفظ.
فإن قيل: فقد خرج مسلم من حديث جابر بن سمرة، قال: كان بلال يؤذن إذا دحضت، فلا يقيم حتى يخرج النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإذا خرج اقام الصلاة حين يراه.
فلو اكتفي برؤية واحد للنبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لاكتفي برؤية بلال له، واكتفي بإقامة بلال في قيام الناس، فإنه كان لا يقيم حتى يرى النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قد خرج.
قيل: هذا إنما ورد في صلاة الظهر بالمدينة خاصة، وأما في غيرها من الصلوات، فقد كان بلال يجيء إلى النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إلى بيته، فيؤذنه بالصلاة، فكان يفعل ذلك في صلاة الفجر، كما في حديث عائشة وابن عباس، وكان احياناً يفعله في السفر في غير الفجر، كما روى أبو جحيفة، أنه رأى بلالا آذن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بصلاة الظهر.
فالظاهر: أن بلالاً كان إذا آذن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بالصلاة رجع، فأقام قبل خروج النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – من بيته، واكتفى بتأهبه للخروج [بإيذانه] له، فوقع النهي في قيام الناس إلى الصلاة قبل خروجه في مثل هذه الحالة.
والله اعلم.
وقد اختلف العلماء في الوقت الذي يقوم فيه الناس للصلاة.
فقال طائفة: يقومون إذا فرغ المؤذن من الاقامة، سواء خرج الإمام أو لم يخرج.
وحكى ذلك بعض الشافعية عن أبي حنيفة والشافعي.
ورجع بعض متأخري الشافعية أنهم لا يقومون حتى يروه؛ لحديث أبي قتادة.
وحكى ابن المنذر، عن أبي حنيفة، انه إذا لم يكن الإمام معهم كره ان يقوموا في الصف والإمام غائب عنهم.
وممن روي عنه، أنهم لا يقومون حتى يروا الامام: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب.
خرجه وكيع، عنهما.
واختلفت الرواية عن أحمد في هذه المسألة:
فروى عن جماعة من أصحابه، أنهم لا يقومون حتى يروه؛ لحديث أبي قتادة، ولو علموا به، مثل ان يكون الإمام هو المؤذن، وقد اقام الصلاة في المنارة وهو نازل.
وروى عنه الأثرم وغيره: انهم يقومون قبل ان يروه إذا اقيمت الصلاة؛ لحديث أبي هريرة الذي خرجه مسلم.
وروى عنه المروذي وغيره: انه وسع العمل بالحديثين جميعاً، فإن شاءوا قاموا قبل ان يروه، وأن شاءوا لم يقوموا حتى يروه.
ورجح بعض أصحابنا الرواية الأولى؛ لحديث أبي قتادة، وادعى انه ناسخ لحديث أبي هريرة؛ فإنه يدل على ان فعلهم لذلك كان سابقا، ثم نهي عنه.
وكذا ذكر البيهقي، لكن قال: إنما نهي عنه تخفيفاً عليهم، ورفقاً بهم، وهذا لا يمنع العمل به كالصائم في السفر ونحوه.
وروي عن أبي خالد الوالبي، قال: خرج الينا علي بن أبي طالب ونحن قيام، فقال: مالي أراكم سامدين – يعني: قياماً.
وسئل النخعي: أينتظرون الإمام قيأما نأو قعوداً؟ قال: قعوداً.
وقال ابن بريدة في انتظارهم قياماً: هو السمود.
وكذا روي عن النخعي، انه كرهه، وقال: هو السمود.
وحكي مثله عن أبي حنيفة وإسحاق.
قال بعض أصحابنا: وروي عن أبي حنيفة وأصحابه، والشافعي، وداود، انه ان كان الإمام خارجاً من المسجد فلا تقوموا حتى تروه، وإن كان في المسجد فهو كالمشاهد؛ حملا للرؤية في الحديث على العمل، وكذا قال ابن بطة من أصحابنا.
وإن كان الإمام في المسجد، فهو مرئي للمصلين أو بعضهم، لكن هل يكتفي برؤيته قاعداً، أو لا بد من رؤيته قائماً متهيأ للصلاة؟ هذا محل نظر.
والمنصوص عن أحمد، أنه إذا كان في المسجد فإن المأمومين يقومون إذا قال المؤذن: ((قد قامت الصلاة))، وإن لم يقم الإمام.
والقيام للصلاة عند الإقامة متفق على استحبابه للإمام، إذا كان حاضراً في المسجد، وللمأمومين معه.
واختلفوا في موضع القيام من الاقامة على اقوال:
أحدها: انهم يقومون في ابتداء الاقامة، روي عن كثير من التابعين، منهم: عمر بن عبد العزيز، وحكاه ابن المنذر عن أحمد وإسحاق، وهو غريب عن أحمد.
إذا قال: ((قد قامت الصلاة))، روي عن أنس بن مالك، والحسن بن علي، وعطاء، والحسن، وابن سيرين، والنخعي، وهو قول ابن المبارك، وزفر، وأحمد، وإسحاق.
والثالث: إذا قال: ((حي على الفلاح))، وحكي عن أبي حنيفة، ومحمد.
والرابع: إذا فرغت الاقامة، وحكي عن مالك، والشافعي.
وحكى ابن المنذر عن مالك، انه لم يوقت في ذلك شيئاً.
وقال الماوردي – من الشافعية -: إن كان شيخاً بطيء النهضة قام عند قوله: ((قد قامت الصلاة))، وإن كان سريع النهضة قام بعد الفراغ؛ ليستووا قيأمافي وقت واحد.
فإن تأخر قيام الإمام عن فراغ الإقامة لعذر كما كان النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – احيانا يناجي بعض أصحابه طويلا، فهل يتأخر قيام المأمومين إلى حين؟ الاظهر: نعم.
ويدل عليه ما خرجه البخاري – وسيأتي قريباً عن شاء الله -، عن أنس، قال: اقيمت الصلاة والنبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يناجي رجلا في جانب المسجد، فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم.
ونومهم يدل على انهم كانوا جلوسا؛ إذ لو كانوا قيأماينتظرون الصلاة كان ابعد لنومهم.
وروى حجاج بن فروخ، عن العوام بن حوشب، عن ابن أبي أوفى، قال: كان بلال إذا قال: قد قامت الصلاة، نهض النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
حجاج، واسطي، قال أحمد يحيى: لا نعرفه.
وقال يحيى – أيضا -: ليس بشيء.
وقال أبو حاتم: مجهول وضعفَهٌ النسائي، وقال الدارقطني: متروك.
وذكر هذا الحديث لأحمد فأنكره، وقال: العوام لم يلق ابن أبي اوفى.
هذا في القيام المبتدأ للصلاة ممن كان جالساً، فأمامن دخل المسجد امأماكان او مأموماً، والمؤذن يقيم الصلاة، فهل يجلس ليبتدئ القيام أمابعد الفراغ أو عند قوله: ((قد قامت الصلاة))، أم يستمر قائماً؟ فيه قولان:
أحدهما: انه يجلس ليقوم إلى الصلاة في موضع القيام المشروع، وكذلك كان الإمامأحمد يفعل -: نقله عنه ابن منصور، وقاله طائفة من الشافعية، منهم: أبو عاصم العبادي.
وفيه حديث مرسل، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، أن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – جاء وبلال في الإقامة، فقعد
خرجه الخلال.
والقول الثاني: انه يستمر قائما ولا يجلس -: قاله طائفة من الشافعية، منهم: البغوي وغيره؛ لئلا يدخل في النهي عن القيام للصلاة قبل رؤية الإمام؛ لان النهي إنما يتناول القيام المبتدأ، وهذا لم يبتدئ القيام، بل استمر عليه.
——
ويتخرج لأحمد مثل هذا؛ انه فرق بين القيام المبتدأ والمستمر في القيام للجنازة، فحمل النهي عن القيام المبتدأ لمن كان جالساً، فأمامن تبعها فإنه يستمر قائماً، ولا يجلس حتى توضع بالارض، ولم ير هذا القيام المستمر داخلاً في القيام للجنازة المنهي عنه، وجمع بذلك بين الحديثين.
وقد يفرق بينهما: بأن في الجنازة حديثين مختلفين، فجمع بينهما بالتفريق بين القيام المبتدأ والمستمر، وأمافي النهي عن القيام قبل رؤية الإمام فليس فيه حديث يعارضه، بل مرسل ابن أبي ليلى يوافقه، فلذلك سوى فيه بين القيام المبتدأ والمستمر.
والله أعلم.
وأما إن خرج الإمام إلى المسجد، ورآه المأمومون قبل إقامة الصلاة، فلا خلاف انهم لا يقومون للصلاة برؤيته.
وخرج البيهقي من رواية عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن ابن جريج: اخبرني موسى بن عقبة، عن سالم أبي النضر، أن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كان يخرج بعد النداء إلى المسجد، فإذا رأى أهل المجلس قليلا جلس حتى يرى منهم جماعة، ثم يصلي، وكان إذا خرج فرأى جماعة أقام الصلاة.
وقال: وحدثني موسى بن عقبة – أيضا -، عن نافع بن جبير، عن مسعود بن الحكم الزرقي، عن علي بن أبي طالب، عن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – –مثل هذا الحديث.
وخرجه أبو داود من رواية أبي عاصم، عن ابن جريج بالإسنادين – أيضا -، لكن لفظه: كان رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – حين تقام الصلاة في المسجد إذا رآهم قليلاً جلس، ثم صلى، وإذارآهم جماعة صلى.
وخرجه الإسماعيلي في ((مسند علي)) من طريق أبي عاصم، عن ابن جريج بالإسنادين – أيضا -، ولفظ حديثه: أن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كان إذا دخل المسجد فرأى جماعة أقام الصلاة، وإن رآهم قليلاً جلس.
وخرجه من طريق عبد المجيد – أيضا – بنحو رواية البيهقي، وفي آخره: يعني: أمر المؤذن، فأقام.
وأشار إلى أنه إنما يعرف بهذا الإسناد عن علي القيام للجنازة ثم الجلوس قال: ولعل هذا أن يكون [خبراً] آخر.
والله أعلم
وذكرنا بعض المسائل من كلام ابن رجب التي لا تعلق لها في مختلف الحديث تتميما للفائدة.
—–”—-‘—-
(مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز 10/ 367).
ليس في القيام للصلاة وقت الإقامة وقت محدد في الشرع المطهر، بل يجوز للمأموم أن يقوم إلى الصلاة في أول الإقامة، أو في أثنائها، أو في آخرها، الأمر واسع في ذلك، ولا أعلم دليلًا شرعيًا يقتضي تخصيص وقت لقيام المأمومين عند سماع الإقامة، ومن قال من الفقهاء أنه يشرع القيام عند قول المؤذن: (قد قامت الصلاة) لا أعلم له دليلًا في ذلك.
أما إن كان الإمام حين الإقامة غير حاضر فإن السنة للمأمومين ألا يقوموا حتى يروه؛ لقول النبي ?: إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني قد خرجت رواه مسلم. والله ولي التوفيق
قال النّووي (107 – 106/ 5):قال القاضي عياض: يجمع بين مختلف هذه الأحاديث بأنّ بلالا ـ رضي الله عنه ـ كان يراقب خروج النّي صلّي الله عليه و سلّم من حيث لا يراه غيره أو إلاّ القليل فعند أوّل خروج يقيم و لا يقوم النّاس حتّي يروه ثمّ لا يقوم مقامه حتّي يعدلوا الصّفوف. و قوله في رواية أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ فياخذ النّاس مصافّهم قبل خروجه.
لعلّه كان مرّة أو مرّتين و نحوهما لبيان الجواز أو لعذر و لعلّ قوله صلّي الله عليه و سلّم فلا تقوموا حتّي تروني كان بعد ذلك. قال العلماء: و النّهي عن القيام قبل أن يره لئلاّ يطول عليهم القيام و لأنّه قد يعرض له عارض فيتأخّر بسببه.
—-
متى يقوم المصلي إذا أقيمت الصلاة للشيخ الفقيه سليمان الرحيلي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين
وبعد:
متى يقوم المصلى الى الصلاة إذا سمع الإقامة.
قال الشيخ سليمان الرحيلي حفظه الله ورعاه ” (يقوم عند قد قامت الصلاة) قال به أحمد وهي رواية عن أنس رضي الله عنه (1) وأهل الحرمين كما حكاه ابن المنذر (2).
وأشير أن الامام أحمد اذا لم يجد دليلا من الكتاب والسنة ووجد فعلا للسلف يقول به، فما نقل عن أنس ونقل عن أهل الحرمين قال به أحمد، هذا من وجه، ومن وجه آخر بأنه الانسب في ألفاظ الاقامة، لأن “قد” للتحقيق قامت الصلاة وقيام الصلاة بقيام المصلين فيقولون يقوم عند قوله قد قامت الصلاة ليتحقق صدق المؤذن، فلو قال: قد قامت الصلاة والناس جلوس لا يتحقق صدق المؤذن في هذه الجملة، انا أذكر رأيهم حتى تفهموا.
والأئمة قد اختلفوا في وقت القيام فمنهم من قال: إذا شرع المؤذن للاقامة يقوم، قالوا مبادرة (3).
ومنهم من قال يقوم إذا قال حي على الصلاة لأنه دعاء اليها (4).
والصحيح الذي يظهر أن الأمر واسع لأنه لم يرد تحديد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيقوم في الحال التي يكون متهيئا فيها للصلاة وإدرك تكبيرة الاحرام (5).
ما يجلس حتى يكبر الامام تكبيرة الاحرام ثم يقوم ويتسوك حتى يشرع الامام في القراءة ثم يقول الله اكبر، بل يقوم في الوقت الذي يعلم انه يقوم ويسوي الصف ويدرك تكبيرة الاحرام مع الامام.
هذا هو الافضل والاكمل له وليس هناك حد محدود في الاقامة.
طيب يقلون لي: أنت قلت ليحقق صدق المؤذن؟ وتقولون هنا الأمر واسع؟، نقول نعم، لأن قول المؤذن قد قامت الصلاة خبر هذا هو الحال ولا يلزم أنه يقوم الناس “. انتهى كلامه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قال ابن رجب رحمه الله في الفتح: ” روي عن أنس بن مالك، والحسن بن علي، وعطاء، والحسن، وابن سيرين، والنخعي، وهو قول ابن المبارك، وزفر، وأحمد، وإسحاق “.
(2) ذكره صاحب المغني.
(3) وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ، وَسَالِمٌ، وَأَبُو قِلَابَةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَطَاءٌ، يَقُومُونَ فِي أَوَّلِ بَدْوَةٍ مِنْ الْإِقَامَةِ. ذكره ابن قدامة في المغني.
[(4) وهو قول أبو حنيفة واصحابه.
(5) قال مالك ” وقال لم أسمع فيه بحد وأرى أن ذلك على قدر طاقة الناس لاختلافهم في أحوالهم فمنهم الخفيف والثقيل “. ذكره ابن عبد البر في التمهيد.
وهو ما رجحه العلامة ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع، فقال رحمه الله ” فإذا كانت السُّنَّةُ غيرَ محدِّدة للقيام؛ كان القيامُ عند أوَّل الإِقامة، أو في أثنائها، أو عند انتهائها، كلُّ ذلك جائز. المهمُّ: أن تكون متهيِّئاً للدُّخول في الصلاة قبل تكبيرةِ الإمامِ؛ لئلا تفوتك تكبيرةُ الإِحرام “.
فائدة فيما يتعلق بالموضوع قال الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في كتابه تمام المنة في التعليق على فقه السنة قوله: “. . . وروى ابن المنذر عن أنس أنه كان يقوم إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة “.
قلت: ينبغي تقييد ذلك بما إذا كان الإمام في المسجد، وعلى هذا يحمل حديث أبي هريرة: إن الصلاة كانت تقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيأخذ الناس مصافهم قبل أن يقوم النبي صلى الله عليه وسلم مقامه. رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في ” صحيح ابي داود ” (553).
وأما إذا لم يكن في المسجد فلا يقومون حتى يروه قد خرج لقوله صلى الله عليه وسلم: ” إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني قد خرجت “. متفق عليه واللفظ لمسلم، وهو مخرج في ” صحيح أبى داود ” (550 – 552) انظر الشوكاني (3/ 162).
واعلم أنه لا علاقة لهذه المسألة بتكبيرة الإمام للإحرام، فإن عليه بعد قيام الناس أن يأمرهم بسد الفرج وتسوية الصفوف كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ثبت ذلك في أحاديث كثيرة عنه، وسيأتي في الكتاب بعضها، حتى إذا رأى الإمام أن الصفوف استوت كبر.
فما جاء في ” الآثار ” للإمام محمد (ص 13): ” عن إبراهيم قال: إذا قال المؤذن: (حي على الفلاح) فإنه ينبغي للقوم أن يقوموا فيصفوا، فإذا قال: (قد قامت الصلاة) كبر الإمام. قال محمد: وبه نأخذ، وهو قول أبي حنيفة “.
قلت: وعلى هذا كثير من مقلدة الحنفية، وبخاصة في البلاد الأعجمية. فإن في ذلك إضاعة للسنة المحمدية كما سبقت الإشارة إلى ذلك آنفا، وقريب منه اقتصار بعض الأئمة على قولهم: ” استووا، استووا ” فقط!! وهذه ذكرى، والذكرى تنفع المؤمنين.