1307 – 1308.1309 رياح المسك العطرةبمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي وناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ووالديهم ووالدينا)
——–‘——-‘——-
باب القيام للجنازة
1307 – حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا الزهري عن سالم عن أبيه عن عامر بن ربيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى تخلفكم
قال سفيان قال الزهري أخبرني سالم عن أبيه قال أخبرنا عامر بن ربيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم
زاد الحميدي “حتى تخلفكم أو توضع”
باب متى يقعد إذا قام للجنازة
1308 – حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا رأى أحدكم جنازة فإن لم يكن ماشيا معها فليقم حتى يخلفها أو تخلفه أو توضع من قبل أن تخلفه
1309 – حدثنا أحمد بن يونس حدثنا ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبيه قال كنا في جنازة فأخذ أبو هريرة رضي الله عنه بيد مروان فجلسا قبل أن توضع فجاء أبو سعيد رضي الله عنه فأخذ بيد مروان فقال قم فوالله لقد علم هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن ذلك فقال أبو هريرة صدق
”””——“””””——“””””””——
—–‘——‘——–‘——–‘—–
باب القيام للجنازة
فوائد الحديث:
1 – قوله (باب القيام للجنازة)
أي مشروعيتها استفدنا ذلك من الحديث الذي أورده المصنف في هذا الباب، ولَم يذكر غيره.
2 – حديث عامر بن ربيعة أخرجه الستة.
3 – قوله (إذا رأيتم الجنازة)
أي رؤية بصرية، وتتضمن الرؤية العلمية لفاقد البصر، وزاد البخاري (1308) ومسلم (958) من طريق نافع (فلم يكن ماشيا معها)، وعند مسلم من طريق نافع (إذا كان غير متبعها).
4 – قوله (فقوموا حتى تخلفكم) أي إذا كنتم قاعدين فقوموا حتى يجاوزكم حاملو الجنازة.
5 – قوله (وزاد الحميدي أو توضع)
أي الجنازة عن مناكب الرجال،
وهذه الزيادة وصلها مسلم في صحيحه. وعند البخاري (1308) ومسلم أيضا 958 من طريق نافع عن ابن عمر (أو توضع من قبل أن تخلفه)
6 – كانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا رَأَى جِنَازَةً قَامَ حَتَّى تُجَاوِزَهُ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا خَرَجَ فِي جِنَازَةٍ وَلَّى ظَهْرَهُ إِلَى الْمَقَابِرِ ” أخرجه الإمام احمد في مسنده 15674 وعبد بن حميد في مسنده 315.
7 – قوله (حدثنا علي بن عبد الله) هو ابن المديني تابعه أبو بكر بن أبي شيبة، وعمرو الناقد، وزهير بن حرب، وابن نمير، ويونس كما عند مسلم 958، و مُسدَّدٌ كما عند أبي داود 3172، تابعه الليث بن سعد كما عند مسلم 958 والترمذي طريق الليث بن سعد 1042والنسائي في الصغرى 1916 تابعه هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ أخرجه ابن ماجة في سننه 1542تابعه معمر كما عند ابن المنذر في الأوسط، تابعه الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ كما عند البيهقي في السنن الصغرى 1057.
8 – القيام عند رؤية الجنائز وإن لم يكن المرء متبعا لها
قاله ابن المنذر في الأوسط ونحوه ترجم البخاري باختصار هنا.
9 – قوله (عن سالم) وفي الطريق الأخرى المعلقة (أخبرني سالم) ووصلها الحميدي في مسنده، تابعه نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما أخرجه البخاري (1308) ومسلم في صحيحه958.
10 – قوله في الطريق المعلقة (أخبرنا عامر بن ربيعة) وصله عبد الرزاق في مصنفه 6305 من طريق معمر عن الزهري، وعند ابن ماجة من طريق هشام بن عمار بلفظ (عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -).
11 – قول عامر رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم) وعند مسلم من طريق يونس (أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول).
12 – عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَعَ الْجَنَائِزِ حَتَّى تُوضَعَ، وَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، ثُمَّ قَعَدَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَرَهُمْ بِالْقُعُودِ»
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 623 أبو يعلى في مسنده 273والطبري في تهذيب الآثار 825 والطحاوي في شرح معاني الآثار 2799 و 2800 و 2801 والبيهقي في السنن الصغرى 1065.
وأخرجه مسلم في صحيحه (962) بنحوه ولَم يذكر قوله (وأمرهم بالقعود).
13 – قال الشوكاني في نيل الأوطار:
واختلف العلماء في هذه المسألة، فذهب أحمد، وإسحاق، وابن حبيب، وابن الماجشون أن القيام للجنازة لم ينسخ، والقعود منه – صلى الله عليه وسلم – كما في حديث علي الآتي إنما هو لبيان الجواز،
فمن جلس فهو في سعة، ومن قام فله أجر. وكذا قال ابن حزم: إن قعوده – صلى الله عليه وسلم – بعد أمره بالقيام يدل على أن الأمر للندب، ولا يجوز أن يكون نسخا. قال النووي: والمختار أنه مستحب وبه قال المتولي وصاحب
المهذب من الشافعية، وممن ذهب إلى استحباب القيام ابن عمر، وابن مسعود (قلت ربما تحرفت والصواب أبو مسعود)، وقيس بن سعد، وسهل بن حنيف كما يدل على ذلك الروايات المذكورة في الباب. وقال مالك وأبو حنيفة والشافعإن القيام منسوخ بحديث علي الآتي. قال الشافعي: إما أن يكون القيام منسوخا أو يكون لعلة، وأيهما كان، فقد ثبت أنه تركه بعد فعله والحجة في الآخر من أمره والقعود أحب إلي.
14 – قال ابن المنذر في الأوسط: وقد اختلف أهل العلم في القيام للجنائز اذا مرت فقالت طائفه يقوم لها فعل ذلك أبو مسعود البدري، وأبو سعيد الخدري، وقيس بن سعد، وسهل بن حنيف، وسالم بن عبد الله ……. ورأت طائفه أن لا يقوم المرء للجنازه تمر به ….. قال مالك ليس على الرجل أن يقوم للجنازه إذا رآها ولا يقعد حتى تجاوزه مسلما كان أو كافرا، وقال الشافعي لا يقوم للجنازه من لا يشهدها والقيام لها منسوخ، وقال أحمد إن قام لم يقعد وإن قعد فلا بأس وكذلك قال إسحاق، وقال أحمد قوله (فليقم) إنما ذا على القاعد يقوم وقال أحمد من قام للجنازه فذاك ومن لم يقم ذهب إلى حديث علي قال أبو عبد الله أما أنا فلا أقوم، قام رسول الله فقمنا وقعد فقعدنا، قال أبو بكر – أي ابن المنذر- مذهب أحمد وإسحاق حسن في الوجهين جميعا
قلت قال محمد بن الحسن الشيباني بعد إيراده حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما في الموطأ له قال: “وبهذا لا نرى القيام للجنائز كان هذا شيئا فترك وهو قول أبي حنيفة رحمه الله “.
15 – قلت الجمع بين النصوص إن أمكن أولى من القول بالنسخ، وههنا يمكن القول أن الأمر بالقيام ليس على الوجوب وأن القعود لبيان الجواز والله أعلم.
—
باب متى يقعد إذا قام للجنازة
فوائد الباب:
1 – قوله (متى يقعد إذا قام للجنازة) أي إذا لم يتبعها.
2 – وحديثا الباب فيهما الجواب. وأخرج مسلم في صحيحه 960 من حديث جابر بن عبد الله (قام النبي صلى الله عليه وسلم لجنازة مرت به حتى توارت) فجعل الغاية هي تواري الجنازة عن الأنظار. وفي (رواية حتى تغيب عنه) أخرجها الإمام أحمد في مسنده 7593 من حديث أبي هريرة. وفيه محمد بن إسحق وقد عنعنه.
3 – حديث عامر سبق في الباب قبله.
4 – قوله (حتى يخلفها أو تخلفه) قال الحافظ ابن حجر الشك من البخاري أو من قتيبة حين حدثه به، وقد رواه النسائي عن قتيبة، ومسلم عن قتيبة ومحمد بن رمح كلاهما عن الليث فقالا (حتى تخلفه) من غير شك. قلت وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق عبيد الله عن نافع وفيه (حتى يخلفها) من غير شك فعكس.
5 – وقوله (أو توضع) كلمة أو هنا للتنويع لا للشك أي توضع الجنازة على الأرض من أعناق الرجال. قاله العيني في عمدة القارئ.
6 – جاء في رواية (حتى توضع بالأرض) علقها أبو داود في سننه من طريق سفيان الثوري ورجحها على رواية أبي معاوية (حتى توضع في اللحد) فقال وسفيانُ أحفظُ من أبي معاويةَ.
7 – حديث أبي سعيد الخدري وقصته مع أبي هريرة انفرد بها البخاري، وأما الجزء المرفوع من حديث أبي سعيد أخرجه الستة إلا ابن ماجة.
8 – أخرج البخاري 1309 والبيهقي في السنن الكبرى 6873 من طريق أحمد بن يونس، والإمام أحمد في مسنده 11927 من طريق وكيع، وعلي بن الجعد من طريقين آخرين، وابن عساكر في تاريخ دمشق 82 من طريق الوليد بن مسلم كلهم عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبيه به.
تابعه ابن أبي هلال عن سعيد به أخرجه الطبري كما في تهذيب الآثار 807
تابعه الْعَلَاءُ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ: شَهِدَ جَنَازَةً فذكره بنحوه.
أخرجه إسماعيل بن جعفر في حديثه كما في حديث علي بن حجر عن إسماعيل بن جعفر كما في حديثه 304 تابعه يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ حدثنا إسماعيل بن جعفر به أخرجه أبو يعلى في مسنده 6455 والحاكم في مستدركه 1319 تابعه محمد ين جعفر عن إسماعيل به أخرجه الطبري كما في تهذيب الآثار من مسند عمر 806 تابعه أبو مصعب أحمد بن أبي بكر أخرجه الحاكم في المستدرك 1319.
وأخرجه الحاكم في المستدرك 1319 من طريق أخرى وفيه قال مروان لأبي هريرة (فما منعك أن تخبرني؟ قال: كنت إماما فجلستَ فجلستُ) قال الحاكم صحيح على شرط مسلم. وعند الطبري في تهذيب الآثار 806 (كنت إماما فاقتديت بك قال فإذا رأيت شيئا فآذني). وفي رواية من طريق أخرى عند الطبري (كان ذا سلطان له علي طاعة فجلس فجلست).
9 – قوله (ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن.
10 – فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقرب العلماء من الأمراء ونصيحتهم بلطف.
11 – قوله (فأخذ أبو هريرة رضي الله عنه بيد مروان) فيه تلطف العلماء والأمراء مع بعضهم البعض.
12 – قوله (فجاء أبو سعيد رضي الله عنه فأخذ بيد مروان فقال قم) وعند الإمام أحمد في مسنده 11927 من طريق وكيع (قم أيها الأمير) فيه تلطف أيضا في الأخذ باليد.
13 – قوله (لقد علم هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن ذلك) فيه الرد على المخالف.
14 – قوله (فقال أبو هريرة صدق) فيه إقرار أبي هريرة للنهي الذي قاله أبو سعيد، ولو كان النهي منسوخا وعلمه أبو هريرة لاستدل به، كما أنه لا يرى الوجوب لأنه جلس.
15 – وقد علل النبي صلى الله عليه وسلم سبب القيام بقوله (إن الموت فزع فإذا رأيتم الجنازة فقوموا) أخرجه مسلم في صحيحه 960 من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وَقَالَ: إِنَّ الْمَوْت فَزَع) وأخرجه الإمام أحمد وابن ماجة 1543 من حديث أبي هريرة وصححه الألباني وحسنه الشيخ مقبل كما في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين 1312، وأخرجه أبو يعلى في مسنده 6455 من حديث أبي سعيد الخدري وصدقه أبو هريرة. وحين قيل للنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن قام للجنازة إنه يهودي فقال أليست نفسا أخرجه مسلم 961
—–
رياح المسك
باب القيام للجنازة
حديث عامر بن ربيعة فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وصحابيّ عن صحابيّ، وأخرجه غير البخاري مسلم وأبو داود والتِّرمذِي والنَّسائيّ وابن ماجة.
باب متى يقعد إذا قام للجنازة
فيه كراهية الجلوس قبل وضع الجنازة على الأرض وهو مذهب أبي حنيفة، خلافاً للشافعي ومالك حيث قالوا: إن هذه الأحاديث منسوخة.
—–
رياح المسك
باب القيام للجنازة
قال ابن الملقن في التوضيح:
إذا تقرر ذلك فمعنى القيام للجنازة -والله أعلم- على التعظيم لأمر الميت، والإجلال لأمر الله؛ لأن الموت فزع، فيستقبل بالقيام له والجد.
وقد روي هذا المعنى مرفوعا من حديث ابن عمر: “إنما تقومون إعظاما لمن يقبض النفوس”. رواه أحمد والحاكم. وقال: صحيح الإسناد.
وروي من حديث أبي سعيد مرفوعا: “الموت فزع، فإذا رأيتم الجنازة فقوموا” رواه ابن أبي الدنيا من هذا الوجه، وابن أبي شيبة من حديث أبي هريرة. اهـ
قال عياض في إكمال المعلم:
ذكر مسلم أحاديث الأمر بالقيام عند رؤية الجنازة حتى تخلف أو توضع … ثم ذكر نسخ ذلك، وأن النبى صلى الله عليه وسلم قام ثم قعد، اختلف الناس فى هذه الجملة، فقال جماعة منهم: إن هذا نسخ لمن مرت به، وهو قول مالك و الشافعى وأبى حنيفة، وقيل: بل هو على التوسعة والتخيير وليس بنسخ وهو قول أحمد وإسحاق، وقاله ابن حبيب وابن الماجشون من المالكية.
وذكر عن جماعة من الصحابة والسلف الأخذ بالأحاديث فى القيام لها، وقال جماعة من السلف: إن النسخ إنما هو فى القيام لمن مرت به، فأما من تبعها فلا يجلس حتى توضع، وهو قول الأوزاعى، وأحمد وإسحاق ومحمد بن الحسن. وقال قوم من أهل العلم: ما جاء فى القعود نسخ لكل قيام فى الجنازة لمن رآها ومرت به، ولقيام من تبعها حتى توضع، وللقيام على قبرها حتى تدفن. اهـ
باب متى يقعد إذا قام للجنازة
قال ابن بطال في شرح البخاري:
أخذ بظاهر هذا الحديث طائفة وكانوا يقومون للجنازة إذا مرت بهم، روى ذلك عن أبى مسعود البدرى، وأبى سعيد الخدرى، وقيس بن سعد، وسهل بن حنيف، وسالم بن عبد الله، وقال أحمد وإسحاق: إن قام فلم أعبه، وإن قعد فلا بأس، ذكره ابن المنذر، وقد تقدم فى الباب قبل هذا أن هذا منسوخ، فإن أئمة الفتوى على ترك القيام. اهـ
—–
—-
—-
– البخاري كأنه بتبويبه باب متى يقعد إذا قام للجنازة بعد باب القيام للجنازة كأنه لا يرى النسخ أما النووي فيرجح النسخ لأنه في تبويبه على صحيح مسلم أولا بوب باب القيام للجنازة وأورد الأحاديث الدالة على ذلك ثم بوب باب نسخ القيام للجنازة. وأورد فيه حديث علي بن أبي طالب
وأورد مسلم الأحاديث هكذا أولا الأحاديث الدالة على القيام ثم الأحاديث الدالة على عدم القيام فحمل النووي صنيع مسلم على أنها يرى النسخ. ولا نستطيع أن نجزم أن هذا هو اختيار مسلم. للاحتمالات التي تتطرق لحديث علي بن أبي طالب كما سنورده في البحث.
بينما أبو نعيم في مستخرجه لم يبوب إلا باب القيام للجنازة على كل الأحاديث
ولم أجد كتاب الجنائز في مستخرج أبي عوانة
—
أما بقية الأئمة فبوبوا على حديث علي بن أبي طالب:
أما النسائي فبوب في الكبرى باب الرخصة في ترك القيام ومثل ذلك تبويب الترمذي.
وبوب ابن أبي شيبة باب الرجل يكون مع الجنازة من قال: لا يجلس حتى توضع. ثم أورد باب من رخص أن يجلس قبل أن توضع.
وبوب ابن المنذر في الأوسط باب ذكر الخبر الدال على أن الجلوس بعد القيام وذكر حديث علي ثم قال وأكثر من نحفظ عنه يقول بحديث أبي سعيد ثم نقل المذاهب وقال: مذهب أحمد وإسحاق حسن في الوجهين.
وفي موطأ مالك رواية يحيى الليثي باب الوقوف للجنائز والجلوس على المقابر.
وأبو داود بوب باب القيام للجنازة وأورد أحاديث الجواز وختم الباب بحديث علي فالله أعلم.
ورجح الطحاوي النسخ في شرح معاني الآثار
وبوب ابن حبان باب قعود المصطفى صلى الله عليه وسلم عند رؤية الجنازة بعد قيامه لها. ثم بوب باب الأمر بالجلوس عند رؤية الجنائز بعد الأمر بالقيام
وبوب عبدالرزاق باب القيام حين ترى الجنازة وأورد أحاديث وآثار متعارضة لكنه ختمها بحديث أبي سعيد الخدري: فلا تجلس حتى توضع فالله أعلم
—
مسألة القيام للجنازة:
وسوف نعرض الأقوال وإن كان سبق لكن من باب ترتيب الأفكار وهو بحث لبعض الأخوة لكن حكمت على الأحاديث:
اختلف أهل العلم في هذا حكم القيام: أهو محكمٌ باقٍ على الوجوب، أم هو منسوخ، أم هو مندوب فقط؟
فكان للعلماء أقوال ثلاثة:
– القول الأوّل: أنّ القيام منسوخ.
قال القاضي عياض رحمه الله:” ذهب جمع من السّلف إلى أنّ الأمر بالقيام منسوخ بحديث عليّ رضي الله عنه “.
وهو مذهب الشّافعيّ رحمه الله
– القول الثّاني: أنّه محكم باق على الوجوب.
عزاه ابن حجر رحمه الله إلى بعض السّلف، وحجّتهم ما رواه النّسائي بسند حسن عن أبي هريرَةَ رضي الله عنه وأبي سعيدٍ رضي الله عنه قالا:
(مَا رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم شَهِدَ جَنَازَةً قَطُّ فَجَلَسَ حَتَّى تُوضَعَ).
هو من طريق ابن جريج عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة وأبي سعيد به
وأخرجه أحمد 11927 حدثنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبيه عن أبي هريرة أنه كان جالسا مع مروان فمرت جنازة فمر به أبو سعيد فقال: قم أيها الأمير فقد علم هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تبع جنازة لم يجلس حتى توضع.
فاللفظ الأول أما روي بالمعنى أو أنه حسب علمهما والا سيأتي في حديث علي بن أبي طالب أنه قام صلى الله عليه وسلم ثم قعد. انتهى كلامي
وقال الشّعبي والنّخعي: يكره القعودُ قبل أن توضع.
ولو حملنا معنى الكراهة على التّحريم لكان قولهما يفيد وجوب القيام.
– القول الثّالث: أنّ القيام مندوب.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:” أكثر الصّحابة والتّابعين باستحبابه، كما نقله ابن المنذر، وهو قول الأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، ومحمّد بن الحسن.
فقد روى البيهقي عن أبي حازم عن أبي هريرةَ وابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما وابن الزبير والحسن بن علي: (أَنَّ القَائِمَ مِثْلُ الحَامِلِ) يعني في الأجر.
قلت سيف بن دورة: وإسناده صحيح
وقال ابن حبيب وابن الماجشون رحمهما الله من المالكيّة:” كان قعوده صلّى الله عليه وسلّم لبيان الجواز، فمن جلس فهو في سعة، ومن قام فله أجر “.
وبالاستحباب قال النّووي رحمه الله، ونسبه إلى بعض الشّافعيّة، وأفاد بأنّ النّسخ لا يُصار إليه إلاّ إذا تعذّر الجمع.
وردّ ابن حزم رحمه الله على القائلين بالنّسخ قائلا:” قعوده صلّى الله عليه وسلّم بعد أمره بالقيام يدلّ على أنّ الأمر للنّدب، ولا يجوز أن يكون نسخا، لأنّ النّسخ لا يكون إلاّ بنهي أو بترك معه نهي ” اهـ.
وقال ابن القيّم رحمه الله في ” الزّاد “:” وهذا أولى من ادّعاء النسخ “.
وهو ظاهر كلام ابن تيمية رحمه الله في ” الفتاوى الكبرى ” (4/ 445).
التّرجيح:
إنّ كلام القائلين بالاستحباب قويٌّ غايةً، فإنّ النّسخ لا يثبت بمجرّد الفعل، وإنّما لا بدّ من أمر أو نهي إلى جانب الفعل.
ولكنّ الأمر قد ثبت بالجلوس،, وهو ما رواه أبو داود والتّرمذي وابن ماجه بسند حسنٍ عن عبادةَ بنِ الصّامِتِ رضي الله عنه قالَ:
كَانَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يَقُومُ فِي الجَنَازَةِ حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ، فَمَرَّ بِهِ حَبْرٌ مِنْ الْيَهُودِ، فَقالَ: هَكَذَا نَفْعَلُ.
فَجَلَسَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم وَقَالَ: ((اجْلِسُوا، خَالِفُوهُمْ)).
قلت سيف بن دورة: ضعفه الأثيوبي لأن في سنده بشر بن رافع. قال البخاري وأبو حاتم: منكر الحَدِيْث.
وكذلك حكم على لفظة في حديث علي (وأمرهم بالجلوس) بالشذوذ لمخالفة محمد بن عمرو ليحيى بن سعيد الأنصاري أخرجه مسلم وغيره لأنهم إنما رووها من فعله صلى الله عليه وسلم وقال: فلا يدل على النسخ وتابعه شعبة عن محمد بن المنكدر عن مسعود بن الحكم بلفظ الفعل.
وكذلك ضعف حديث علي بلفظ: إنما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة فكان يتشبه بأهل الكتاب فلما نهي انتهى. أخرجه أحمد وفيه ليث بن أبي سليم. وسياتي في البحث التالي تصحيح الباحث له
ثم الاثيوبي في ذخيرة العقبى رجح الاستحباب
قال باحث منتصرا للقول بالاستحباب:
أما أحاديث الأمر بالوقوف، فكثيرة، نذكر منها:
ما رَوَاه أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r مَرَّتْ بِهِ جَنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَامَ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا جَنَازَةُ يَهُودِيٍّ؟ فَقَالَ: «إِنَّ لِلْمَوْتِ فَزَعًا، فَإِذَا رَأَيْتُمْ جَنَازَةً فَقُومُوا».
وعِنْدَ مُسْلِمٍ بلفظ: «إِنَّ الْمَوْتَ فَزَعٌ فَإِذَا رَأَيْتُمُ الْجِنَازَةَ فَقُومُوا».
وله كذلك عَنْ جَابِرِ قَال: «قَامَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قال وَأَصْحَابُهُ لجِنَازَةِ يَهُودِيٍّ حَتىَّ تَوَارَتْ».
رواه أحمد عن أبي هريرة 3/ 345 وعن جابر3/ 343 والنسائي 1922 وابن حبان 3050 ورواية مسلم 960 وما بعدها.
وروى أحمد عَن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: «مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَلَمْ يَمْشِ مَعَهَا، فَلْيَقُمْ حَتىَّ تَغِيبَ عَنْه، وَمَنْ مَشَى مَعَهَا، فَلاَ يَجْلِسْ حَتىَّ تُوضَع».
رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِه 2/ 265 وصَحَّحَهُ أَحْمَد شَاكِر وهو صحيح لغيره.
وفي الصحيحين عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الجَنَازَةَ فَقُومُوا لَهَا حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ أَوْ تُوضَعَ».
وفي لفظ قَالَ: «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ جِنَازَةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاشِيَاً مَعَهَا فَلْيَقُمْ حَتىَّ يُخَلِّفَهَا أَوْ تُخَلِّفَهُ أَوْ تُوضَع».
متفق عليه رواه البُخَارِيُّ 1308 ومُسْلِمٌ 958.
وفي المسند عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: «إِذَا رَأَيْتَ جَنَازَةً: فَقُمْ حَتىَّ تُجَاوِزَك [أَوْ قَالَ: قِفْ حَتَّى تُجَاوِزَكَ]».
قَالَ [نافع]: «وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا رَأَى جَنَازَةً قَامَ حَتَّى تُجَاوِزَهُ، وَكَانَ إِذَا خَرَجَ مَعَ جَنَازَةٍ وَلَّى ظَهْرَهُ الْمَقَابِرَ».
وفيه بلفظ: «إِذَا رَأَيْتَ جَنَازَةً فَإِنْ لَمْ تَكُ مَاشِيًا مَعَهَا فَقُمْ لَهَا حَتَّى تُخَلِّفَكَ أَوْ تُوضَع، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رُبَّمَا تَقَدَّمَ الْجِنَازَةَ فَقَعَدَ حَتَّى إِذَا رَأَىهَا قَدْ أَشْرَفَتْ قَامَ حَتَّى تُوضَعَ وَرُبَّمَا سَتَرَتْهُ».
رواهما أحمد 3/ 445 بسندين صحيحين على شرط الشيخين، الأول حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا ابن عون عن نافع. والثاني حدثنا إسماعيل أخبرنا أيوب عن نافع.
وفي مسلم عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
«إِذَا اتَّبَعْتُمْ جِنَازَةً فَلاَ تجْلِسُوا حَتىَّ تُوضَع».
وفي لفظ: «إِذَا رَأَيْتُمِ الجِنَازَةَ فَقُومُوا، فَمَنْ تَبِعَهَا فَلاَ يجْلِسْ حَتىَّ تُوضَع».
رواه مُسْلِمٌ في الجَنَائِزِ959.
وروى أيضاً عَنْ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: «أَنَّهُمْ كَانُوا جُلُوسَاً مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَطَلَعَتْ جِنَازَة؛ فَقَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم ِ وَقَامَ مَنْ مَعَه، فَلَمْ يَزَالُوا قِيَامَاً حَتىَّ نَفَذَتْ».
رواهما النَّسَائِيِّ 1918 و 1920 وحسن الألباني سند الأول وصحح الثاني.
وروى أحمد عَنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَنَّاحٍ قَالَ رَأَى أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَنَازَةً فَقَامَ لَهَا وَقَالَ رَأَى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَنَازَةً فَقَامَ لَهَا ثُمَّ حَدَّثَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم رَأَى جَنَازَةً فَقَامَ لَهَا».
المسند 1/ 60 – 64 ومن زوائد عبد الله، وفيه موسى بن عمران بن مناح وهو مجهول، وقال الهيثمي: ولم أجد من ترجمه بما يشفي. ومن طريق عبد الله رواه الضياء في المختارة 311 – 312 وقال: إسناده لا بأس به. وحسنه شعيب لغيره.
وروى كذلك عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ:
«أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ».
رواه أحمد 4/ 164 والبزار 1272 وقال عقبه: وَلاَ نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ إِلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. اهـ قلت: يريد طريق جابر الجعفي الرافضي وهو مختلف فيه فوثقه قوم وكذبه آخرون، وهو إلى الضعف أقرب، والحديث صحيح بغير هذا الإسناد، فلم ينفرد الجعفي بروايته عن الشعبي، فقد تابعه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ وهو ثقة عند النسائي 1919 وكذلك زكريا بن أبي زائدة عند النسائي وابن أبي شيبة في المصنف 11911 فالحديث من طريقيهما صحيح.
ورواه أحمد عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم فِي أَصْحَابِهِ فَطَلَعَتْ جِنَازَةٌ فَلَمَّا رَأَىهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم ثَارَ وَثَارَ أَصْحَابُهُ مَعَهُ فَلَمْ يَزَالُوا قِيَامًا حَتَّى نَفَذَتْ. قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مِنْ تَأَذٍّ بِهَا؟ أَوْ مِنْ تَضَايُقِ الْمَكَانِ؟ وَلَا أَحْسِبُهَا إِلَّا يَهُودِيًّا أَوْ يَهُودِيَّةً وَمَا سَأَلْنَا عَنْ قِيَامِهِ صلى الله عليه وسلم.
رواه أحمد 4/ 388 وابن أبي شيبة 11908 والحاكم 6583 والطبراني 629 والنسائي في الكبرى 2058 وفي سماع خارجة بن زيد بن ثابت من عمه يزيد بن ثابت شكٌ أشار إليه البخاري وابن عبد البر. والله أعلم.
وروى البخاري عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا فِي جَنَازَةٍ، فَأَخَذَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِيَدِ مَرْوَانَ فَجَلَسَا قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ، فَجَاءَ أَبُو سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخَذَ بِيَدِ مَرْوَانَ، فَقَالَ: قُمْ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ هَذَا «أَنَّ النَّبِيَّ r نَهَانَا عَنْ ذَلِكَ» فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: صَدَقَ. رواه البخاري 1309 والبيهقي في الكبرى 3873.
وفيه عَنْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَ: كَانَ أَبُو مَسْعُودٍ، وَقَيْسٌ «يَقُومَانِ لِلْجَنَازَةِ».
رواه البخاري 1312 وعبد الرزاق في المصنف 6310.
فهذه الأحاديث، صحيحة صريحة في الأمر بالقيام للجنازة، والنهي عن الجلوس لمن مرت عليه حتى تغيب عنه، أو من شيعها حتى توضع، وفي هذه الأحاديث بعض الفوائد:
الفائدة الأولى: في قوله «إِنَّ لِلْمَوْتِ فَزَعًا». وقوله: «إِنَّ الْمَوْتَ فَزَعٌ».
ذكر الحافظ قول القرطبي: معناه أن الموت يفزع منه، إشارة إلى استعظامه، ومقصود الحديث أن لا يستمر الإنسان على الغفلة بعد رؤية الموت لما يشعر ذلك من التساهل بأمر الموت، فمن ثم استوي فيه كون الميت مسلماً أو غير مسلم.
وقال غيره: جعل نفس الموت فزعاً مبالغة، كما يقال: رجل عدل.
قال البيضاوي: هو مصدر جرى مجري الوصف للمبالغة، وفيه تقدير، أي: الموت ذو فزع. ويؤيد الثاني، رواية أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ ” أن للموت فزعاً”. انتهى.
وعن ابن عباس مثله، قال: وفيه تنبيه على أن تلك الحالة ينبغي لمن رآها أن يقلق من أجلها ويضطرب ولا يظهر منه عدم الاحتفال والمبالاة. اهـ من قول الحافظ.
الفائدة الثانية: في قَوْلُهُ «فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَقْعُدَن حَتَّى تُوضَعَ».
قِيلَ: أَرَادَ بِهِ وَضْعَهَا عَنِ الْأَعْنَاقِ، وَيُعَضِّدُهُ رِوَايَةُ الثَّوْرِيِّ: حَتَّى تُوضَعَ بِالْأَرْضِ.
وَقِيلَ: حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ، قَالَهُ الطِّيبِيُّ وقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ: الْمُرَادُ بِالْوَضْعِ الْوَضْعُ عَلَى الْأَرْضِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُبَادَةَ «حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ» وَيَرُدُّهُ مَا فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ الطَّوِيلِ «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم فِي جِنَازَةٍ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَبْرِ وَلَمَّا يُلْحَدُ فَجَلَسْنَا حَوْلَهُ» وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ اخْتِلَافٌ، فَقَالَ الثَّوْرِيُّ عَنْهُ «حَتَّى تُوضَعَ بِالْأَرْضِ» وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْهُ «حَتَّى تُوضَعَ بِاللَّحْدِ» حَكَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَوَهَّمَ رِوَايَةَ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَثْرَمُ. اهـ من قول الحافظ
قلت: قَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي السُنَنِ: «وَسُفْيَانُ أَحْفَظُ مِنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ».اهـ
وقد رجح البخاري أن الوضع المذكور لا يراد به الوضع في اللحد وإنما الوضع على الأرض من على أكتاف الرجال فبوب له بابا فقال: [باب: من تبع جنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال].
وقال ابن حجر في الفتح: كأنه أشار بهذا إلى ترجيح رواية من روى في حديث الباب حتى توضع بالأرض على رواية من روى حتى توضع في اللحد. اهـ
الفائدة الثالثة: في تعليل القيام للجنازة:
والمروي في الباب يبين أن تعليل القيام للجنازة لأسباب عدة:
الأول: لأنها نفس خلقها الله ويجب تقديرها.
ففي الصحيحين عَنْ سَهْلِ بْنَ حُنَيفٍ وَقَيْسِ بْنَ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا:
أَنَّهُمَا كَانَا بِالقَادِسِيَّة، فَمَرُّوا عَلَيْهِمَا بجِنَازَةٍ فَقَامَا، فَقِيلَ لَهُمَا: إِنَّهَا مِن أَهْلِ الأَرْض، أَيْ مِن أَهْلِ الذِّمَّة [أَيْ مَجُوسِيٌّ]، فَقَالاَ: إِنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ، فَقِيلَ لَه: إِنهَا جِنَازَةُ يَهُودِيّ؟ فَقَال صلى الله عليه وسلم: «[أَلَيْسَ مَيِّتًا؟] أَلَيْسَتْ نَفْسَاً؟».
رَوَاهُ البُخَارِيُّ 1313 ومُسْلِمٌ 961 وأحمد 6/ 6 والطحاوي في معاني الآثار 2786 وله الزيادتان.
الثاني: أن القيام كان إعظاما للذي يقبض النفوس.
فروى أحمد عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فَقَال: يَا رَسُولَ الله؛ تَمُرُّ بِنَا جَنَازَةُ الكَافِر؛ أَفَنَقُومُ لَهَا؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ: قُومُوا لَهَا؛ فَإِنَّكُمْ لَسْتُمْ تَقُومُونَ لَهَا، إِنَّمَا تَقُومُونَ إِعْظَامَاً لِلَّذِي يَقْبِضُ النُّفُوس».
وفي لفظ ابن حِبَّانَ: «إِعْظَامًا للَّذِي يَقْبِضُ الْأَرْوَاحَ».
الثالث: ما فِي حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا عِنْدَ النسائي فَقَالَ «إِنَّمَا قُمْنَا لِلْمَلَائِكَةِ».
رَوَاهُ أَحْمَدُ 2/ 168 وحَسَّنَهُ شَاكِر والنسائي 1929 وصححه الألباني وابن حبان 3053 والطبراني أوسط 8113.
قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: إِنَّهُ لَا تَنَافِي بَيْنَ هَذِهِ التَّعْلِيلَاتِ لِأَنَّ الْقِيَامَ لِلْفَزَعِ مِنَ الْمَوْتِ فِيهِ تَعْظِيمٌ لِأَمْرِ اللَّهِ وَتَعْظِيمٌ لِلْقَائِمِينَ بِأَمْرِهِ فِي ذَلِكَ وَهُمْ الْمَلَائِكَةُ. اهـ
قلت (سيف بن دورة)
حديث (إنما قمنا للملائكة) يحتمل التحسين بالشواهد، هو من حديث أنس من رواية حماد بن سلمة عن قتادة ونقل ابن رجب أن مسلماً في كتاب التمييز ذكر أنه يخطئ كثيرا في حديثه (نقل ذلك الشيخ مقبل في أحاديث معلة، وله شاهد من حديث أبي موسى وفيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف واضطرب في إسناده، وله شاهد من حديث عبدالله بن عمرو (إنما تقومون إعظاما للذي يقبض النفوس) وفيه ربيعة بن سيف. وهو محتمل من حيث المعنى أن المقصود الملَك. وحديث عبدالله بن عمرو ذكره البيهقي وذكر الأحاديث السابقة كشواهد (السنن الكبرى 4/ 27)
انتهى من تعليقنا على حديث 1312 في الصحيح المسند عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم مرت به جنازة يهودي فقام فقيل له يا رسول الله انها جنازة يهودي فقال ان للموت فزعا
الرابع: أن القائم للجنازة حتى توضع له مثل أجر حاملها:
كما روى البيهقي عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: مَشَيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ, وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أَمَامَ الْجِنَازَةِ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَقْبَرَةِ، فَقَامُوا حَتَّى وُضِعَتْ، ثُمَّ جَلَسُوا فَقُلْتُ لِبَعْضِهِمْ، فَقَالَ: «إِنَّ الْقَائِمَ مِثْلُ الْحَامِلِ». يعني في الأجر.
رواه البيهقي في السنن الكبرى 4/ 43 بسند صحيح رواته أئمة ثقات حفاظ.
الخامس والسادس: تعليلان ضعيفان المعنى لا يثبتان أمام هذه التعليلات الصريحة أعلاه.
فأما التعليل الأول منهما: فما رواه أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ:
«إِنَّمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم تَأَذِّيًا بِرِيحِ الْيَهُودِيِّ». رواه أحمد 1/ 200 – 201 بسند ضعيف.
وعند أبي نعيم مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيَاشٍ بلفظ: «فَأَذَاهُ رِيحُ بَخُورِهَا».
رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة 3935 وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: 3/ 28: رواه الطبراني في الكبير، وفيه أبو عمرو السدوسي، ولم يرو عنه غير أبى عامر العقدي، وبقية رجاله ثقات.
وفي معجم ابن الأعرابي عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «إِنَّمَا وَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم لِأَنَّهَا كَانَتْ جِنَازَةَ يَهُودِيٍّ لِنَتَنِ رِيحِهَا». وعند الطحاوي بلفظ: «آذَانِي رِيحُهَا».
رواه ابن الأعرابي 1725 من طريق معاوية بن يحيى الصدفي وقد ضعفوه، والطحاوي 2797 من رواية محمد بن عمر بن علي، وهو قليل الحديث، وشيخ الطحاوي عمرو بن مرزوق فيه شيء مع ثقته، فرفعه غريب.
والتعليل الآخر منهما: ما رواه النسائي عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ كَانَ جَالِسًا فَمُرَّ عَلَيْهِ بِجَنَازَةٍ، فَقَامَ النَّاسُ حَتَّى جَاوَزَتِ الْجَنَازَةُ، فَقَالَ الْحَسَنُ:
«إِنَّمَا مُرَّ بِجَنَازَةِ يَهُودِيٍّ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم عَلَى طَرِيقِهَا جَالِسًا، فَكَرِهَ أَنْ تَعْلُوَ رَاسَهُ جَنَازَةُ يَهُودِيٍّ، فَقَامَ».
رواه النسائي 1927 وفي الكبرى 2065 والدولابي في الذرية الطاهرة 120 وسنده صحيح.
قال ابن حجر عن هاتين الروايتين: إِنَّ ذَلِكَ لَا يُعَارِضُ الْأَخْبَارَ الْأُولَى الصَّحِيحَةَ، أَمَّا أَوَّلًا: فَلِأَنَّ أَسَانِيدَهَا لَا تُقَاوِمُ تِلْكَ فِي الصِّحَّةِ، وَأَمَّا ثَانِيًا: فَلِأَنَّ التَّعْلِيلَ بِذَلِكَ رَاجِعٌ إِلَى مَا فَهِمَهُ الرَّاوِي، وَالتَّعْلِيلُ الْمَاضِي صَرِيحٌ مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم. اهـ
قلت: تعليل الحسن نسب فيه الكراهة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه النسبة في حكم المرفوع، لا سيما وسندها صحيح إلى الحسن، نعم أسانيدها لا تضارع تلك، وفيها مخالفة.
الفائدة الرابعة: فيما ورد مما ظاهره نسخ القيام للجنازة: وسبق ذكر حديث علي بن أبي طالب:
أما رواية مَسْعُودٍ بْنِ الْحَكَمِ الزُّرَقِيِّ قَالَ: «شَهِدْتُ جِنَازَةً بِالْعِرَاقِ, فَرَأَيْتُ رِجَالًا قِيَامًا يَنْتَظِرُونَ أَنْ تُوضَعَ, وَرَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُشِيرُ إِلَيْهِمْ: أَنِ اجْلِسُوا، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم قَدْ أَمَرَنَا بِالْجُلُوسِ بَعْدَ الْقِيَامِ».
أخرجه أحمد 1/ 82 وأبو يعلى 308 وابن حبان 3056 والبيهقي 6675، من طريق محمد بن عمرو بن علقمة وهو صدوق له أوهام. وعند أبي يعلى متابعة يحيى بن سعيد وفيه نوع تدليس مع جلالته وثقته، ورواه ابن حبان 3054 – 3055 من طريق مالك والليث عن يحيى وليس فيه الزيادة، ورواه الطبري في تهذيب الآثار 268 والطحاوي في شرح معاني الآثار 2579 وابن عساكر في معجمه 1010 من رواية إسماعيل بن مسعود بن الحكم الزرقي عن أبيه، وإسماعيل مجهول وقد ذكره ابن حبان في الثقات على عادته في توثيق المجاهيل، وخلص الألباني رحمه الله، إلى أن الحديث حسن بمجموع طرقه.
وَفي رِوَايَةٍ للنسائي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّهُ قَال: «قَامَ لَهَا ثُمَّ قَعَد».
قلت سيف بن دورة: سبق النقل عن الأثيوبي في بيان شذوذ الأمر بالجلوس إنما الثابت الفعل.
الفائدة الخامسة: فيما ورد من تعليل الجلوس للجنازة:
وجاء في تعليل الجلوس بعد القيام، بأنه مخالفة لأهل الكتاب، وأن هذا كان من صنيعهم.
كما رُوِىَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَال:
كَانَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم إِذَا اتَّبَعَ جِنَازَةً لَمْ يَقْعُدْ حَتىَّ تُوضَعَ في اللَّحْد، فَعَرَضَ لَهُ حَبْرٌ فَقَال: هَكَذَا نَصْنَعُ يَا محَمَّد؛ فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم وَقَال: «خَالِفُوهُمْ».
رواه الترمذي 1020 وابن ماجة 1545 وفيه بشر بن رافع وليس بالقوي، وعبد الله بن سليمان بن جنادة عن أبيه، وهما ضعيفان، ورواه أبو داود 3176 من طريق أَبي الْأَسْبَاطِ الْحَارِثِيُّ وقد ضعف، وحسنه الألباني مع هذا.
وروى أحمد عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ عَلِيٍّ فَمَرَّ بِجِنَازَةٍ فَقَامَ لَهَا نَاسٌ، فَقَالَ عَلِيٌّ:
«مَنْ أَفْتَاكُمْ بِهَذَا؟» فَقَالُوا: أَبُو مُوسَى، فَقَالَ: «إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم مَرَّةً، فَكَانَ يَتَشَبَّهُ بِأَهْلِ الكِتَاب، فَلَمَّا نُهِيَ انْتَهَى».
وفي لفظ النسائي: «إِنَّمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم لِجَنَازَةِ يَهُودِيَّةٍ وَلَمْ يَعُدْ بَعْدَ ذَلِكَ».
رواه أحمد 1/ 141 وعبد الرزاق في المصنف 6311 والنسائي 1923 وهو حديث صحيح.
قلت سيف بن دورة:
وسبق أن الأثيوبي قال فيه ليث بن أبي سليم
لكن تابعه عبدالله بن أبي نجيح كما في المسند الجامع. لكن قال الحميدي كان سفيان ربما حدثنا به عن ابن أبي نجيح وليث عن مجاهد عن أبي معمر فإذا اوقفناه عليه يدخل في حديث ابن أبي نجيح أبا معمر وكان لا يقول حدثنا إلا أن يقول كل واحد منهما: حدثنا.
ومرة يرويه ليث ليس فيه أبا معمر. ومجاهد عن علي مرسل.
وعبدالله بن أبي نجيح قال البخاري فيه نظر. ووثقه النسائي
فلا ترتاح النفس لتحسين الحديث
وجاء عن عائشة في تعليل القيام للجنازة بأنه كان من أفعال الجاهلية: فروى البخاري عَن عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ، حَدَّثَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ كَانَ يَجْلِسُ قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ الْجِنَازَةُ, وَلَا يَقُومُ لَهَا، وَيُخْبِرُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُومُونَ لَهَا إِذَا رَأَوْهَا, وَيَقُولُونَ: كُنْتِ فِي أَهْلِكَ مَا أَنْتَ؟ كُنْتِ فِي أَهْلِكَ مَا أَنْتَ؟».
رواه البخاري 3837 عن يحيى بن سليمان والطحاوي 2810 في المعاني عن يونس كلاهما عن ابن وهب به.
الفائدة السادسة: في الترجيح بين القولين وفض الإشكال بين الفريقين:
أولاً: التعليق على روايات القائلين بالجلوس:
فهذه الأحاديث التي رويت في مشروعية الجلوس بعد القيام للجنازة، للعلماء فيها كلام، من حيث ثبوتها من عدمه، ومن حيث وجه دلالتها وحكمها.
فغالب المروي في الباب جاء عن علي وابن عباس وعبادة بن الصامت وعائشة.
فأما ما روي عن علي: فيقال أولاً: أن أمر عَلِيٍّ لهم بالجلوس كان لانتظارهم أن توضع الجنازة كما في رواية مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ قَيْسِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ شَهِدَ بِالْكُوفَةِ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ والنَّاسَ قِيَامًا يَنْتَظِرُونَ الْجَنَازَةَ أَنْ تُوضَعَ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِدِرَّةٍ مَعَهُ أَوْ سَوْطٍ أَنِ اجْلِسُوا. فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَدْ جَلَسَ بَعْدَ مَا كَانَ يَقُومُ.
فالأمر ليس فيه نهي القائم للجنازة إذا مرت عليه، بل غالب أحاديث علي في الباب مختصة بمن تبع جنازة، فله الجلوس قبل أن توضع.
وثانياً: أن حديث علي جاء بألفاظ كثيرة بغير زيادة «وَأَمَرَنَا بِالجُلُوس».
فمنها قوله: «قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم ثمَّ قَعَد». وقوله: «رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَامَ فَقُمْنَا، وَقَعَدَ فَقَعَدْنَا». وقوله: «كَانَ صَلَّى الله عليه وسلم يَقُومُ فِي الجَنَائِزِ، ثُمَّ جَلَسَ بَعْدُ».
وقوله: «قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم لِلْجَنَازَةِ فَقُمْنَا، ثُمَّ جَلَسَ فَجَلَسْنَا».
وهو المشهور الأكثر عنه من روايته.
أما ما جاء عنه بزيادة: «وَأَمَرَنَا بِالجُلُوس» فمن طريقين فيهما كلام أشرنا إليه في تخريجه، وقد جاء من طرق أصح عند مسلم ومالك والترمذي وأبو داود بغير هذه الزيادة.
فالحديث بالزيادة قد يدل على نسخ القيام لمن شيعها حتى توضع، والروايات الأصح على أنه قعد فقط ولم يذكر فيها الأمر بالجلوس، فاقتصار جمهور المخرجين لهذا الحديث على عدم ذكر الزيادة، يضعف القول بالنسخ وإن زادها ثقة.
فليس في حديث علي إلا أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم قعد للجنازة بعد أن كان يقوم لها، وهي حكاية فعل لا ترتقي لما جاء في الباب قولاً وفعلاً عن كثير من الصحابة بروايات أصح إسناداً وأظهر حكماً كما هو الظاهر من ألفاظها.
وأما حديث ابن عباس: فليس فيه إلا الحكاية على أنه قعد بعد أن كان يقوم للجنازة، ويقال فيه ما قيل في روايات علي رضي الله عنه.
وأما حديث عبادة فقد ضعف كما أشرنا في تخريجه سابقاً، ومع ذلك فلفظه: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم إِذَا اتَّبَعَ جِنَازَةً لَمْ يَقْعُدْ حَتىَّ تُوضَعَ فِي اللَّحْد» فخص من تبع الجنازة لا من مرت عليه كما هو ظاهر.
وأما مخالفة أهل الكتاب وقصة الحبر: ففي حديث الحبر مع ضعفه قد قيد بقوله: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم يَقُومُ لِلجَنَازَةً حَتىَّ تُوضَعَ فِي القَبرِ» ولم يشر إلى القيام للجنازة إذا مرت به
وأما حديث عائشة في أن القيام للجنازة كان من أفعال الجاهلية، فيقضي عليه تعليل النبي صلى الله عليه وسلم للقيام بأمور واضحة وصريحة لا يختلف فيها.
وأشار ابن حجر إلى أنَّ عائشة رضي الله عنها، لم يبلغها الأمر فقالت ما قالت، فقال:
” ظاهره أن عائشة لم يبلغها أمر الشارع بالقيام لها، فرأت أن ذلك من الأمور التي كانت في الجاهلية، وقد جاء الإسلام بمخالفتهم “.اهـ
قلت: بل قد بلغها، فقد روى البزار عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَت: «إِنَّمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه فِي جِنَازَةِ يَهُودِيٍّ مُرَّ بِهَا عَلَيْهِ».
رواه البزار كما في كشف الأستار 1/ 394 للهيثمي، وقال في المجمع: إِسْنَادُهُ حَسَنٌ. اهـ قلت: فيه ضعف ويحتمل.
واشتهر ذلك عن عروة وهو أحد أكبر الرواة عنها، فروى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ أَنَّ أَبَاهُ «كَانَ يَعِيبُ عَلَى مَنْ يَقُومُ إِذَا مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ».
رواه عبد الرزاق في المصنف 6320 بسند صحيح إن كان معمر سمع من هشام بن عروة.
وقد يكون قولها هنا وقع موقع الخبر، فأخذ منه القاسم الحكم باجتهاده.
والظاهر عندي: أن عائشة أرادت من سوق الخبر بيان خطأ الجاهليين في قولهم ” كنت في أهلك ما أنت؟ ” وهي كلمة تقال للتعظيم للميت غالباً، وقال ابن حجر: لأنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث بل كانوا يعتقدون أن الروح إذا خرجت تطير طيراً فإن كان ذلك من أهل الخير كان روحه من صالحي الطير، وإلا فبالعكس. اهـ
وقرأت في بعض كتب التاريخ أن لفظهم ” كنت في أهلك مائتاً” أي ميتاً، ولا أدري ما وجهه، ولا أراه صحيحا كما صح لفظ عائشة، وعلى كلٍ ففي فعلهم هذا مخالفة لشريعة التوحيد التي أمرتنا بالقيام للجنازة تصريحا أمراً وفعلاً، والاستغفار للميت والدعاء له، والاتعاظ بمنقلبه وأخذ العبرة من فواته، فسوق روايتها على أنها أرادت أن القيام فقط من أفعال الجاهلية لا يظهر من سياق هذا الحديث، بل ظاهره بيان جاهليتهم فيما يعتقدونه فيما يحصل للموتى.
وأما روايتها «إِنَّمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم فِي جِنَازَةِ يَهُودِيٍّ مُرَّ بِهَا عَلَيْهِ» فيقال فيها ما قيل في روايات عليٍّ، فهي إنما عللت ذلك بفهمها ولم ترفع لفظ العلة للنبي صلى الله عليه وسلم.
وعلى فرض أنه مما استدركته على الصحابة، فقد قال النووي كما ذكر الحافظ: هذا من جملة الأحكام التي استدركتها عائشة على الصحابة، لكن كان جانبهم فيها أرجح. اهـ
ثانيا: حقيقة القول بالنسخ ووجهه:
وبعد ظهور وجه ما روي في الباب، ظهر أن القول بالنسخ – كما ذهب له كثير من العلماء- يصعب تحققه لقوة روايات القائلين بالقيام، وضعف المراد من روايات القائلين بالجلوس.
قال البيضاوي: يحتمل قول على: ” ثم قعد ” أي بعد أن جاوزته وبعدت عنه، ويحتمل أن يريد كان يقوم في وقت ثم ترك القيام أصلاً، وعلى هذا يكون فعله الأخير قرينة في أن المراد بالأمر الوارد في ذلك الندب، ويحتمل أن يكون نسخا للوجوب المستفاد من ظاهر الأمر، والأول أرجح، لأن احتمال المجاز يعني في الأمر أولى من دعوى النسخ.
وقال ابن حزم: قعوده صلّى الله عليه وسلّم بعد أمره بالقيام، يدل على أن الأمر للندب، ولا يجوز أن يكون نسخاً، لأن النسخ لا يكون إلا بنهي أو بترك معه نهي. اهـ من الحافظ في الفتح.
وذكر الساعاتي في الفتح الرباني قول أبي بكر الهمداني عن حديث عبادة: لو صح لكان صريحا في النسخ، غير أن حديث أبي سعيد أصح وأثبت فلا يقاومه هذا الإسناد. اهـ
وقال ابن القيم في تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته:
وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْم فِي الْقِيَام لِلْجِنَازَةِ وَعَلَى الْقَبْر عَلَى أَرْبَعَة أَقْوَال وذكرها ثم قال:
وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَحَد أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُون كُلّ مِنْهُمَا جَائِزًا, وَالْأَمْر بِالْقِيَامِ لَيْسَ عَلَى الْوُجُوب, وَهَذَا أَوْلَى مِنْ النَّسْخ. قَالَ الْإِمَام أَحْمَد: إِنْ قَامَ لَمْ أَعِبْهُ, وَإِنْ قَعَدَ فَلَا بَاس. وَقَالَ الْقَاضِي وَابْن أَبِي مُوسَى: الْقِيَام مُسْتَحَبّ, وَلَمْ يَرَيَاهُ مَنْسُوخًا. وَقَالَ بِالتَّخْيِيرِ: إِسْحَاق وَعَبْد الْمَلِك بْن حَبِيب وَابْن الْمَاجِشُونِ. وَبِهِ تَاتَلِف الْأَدِلَّة. أَوْ يَدُلّ عَلَى نَسْخ قِيَام الْقَاعِد الَّذِي يُمَرّ عَلَيْهِ بِالْجِنَازَةِ, دُون اِسْتِمْرَار قِيَام مُشَيِّعهَا, كَمَا هُوَ الْمَعْرُوف مِنْ مَذْهَب أَحْمَد عِنْد أَصْحَابه, وَهُوَ مَذْهَب مَالِك وَأَبِي حَنِيفَة. الثَّالِث: أَنَّ أَحَادِيث الْقِيَام لَفْظ صَرِيح, وَأَحَادِيث التَّرْك إِنَّمَا هُوَ فِعْل مُحْتَمِل لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَمْرَيْنِ, فَدَعْوَى النَّسْخ غَيْر بَيِّنَة وَاَللَّه أَعْلَم. وَقَدْ عَمِلَ الصَّحَابَة بِالْأَمْرَيْنِ بَعْد النَّبِيّ r, فَقَعَدَ عَلِيّ وَأَبُو هُرَيْرَة وَمَرْوَان, وَقَامَ أَبُو سَعِيد, وَلَكِنْ هَذَا فِي قِيَام التَّابِع, وَاَللَّه أَعْلَم. اهـ
ثالثا: في الحكم أن القيام للجنازة مستحب ولم ينسخ إلا الوجوب لما فيه من مشقة:
تخرج مما ذكرناه أعلاه:
أولاً: أن أحاديث القيام كلها صحيحة، وأصح سنداً وأكثره مما ورد في القعود.
وثانياً: أن علة الجلوس التي هي مخالفة أهل الكتاب، فيها ضعف من جهة ثبوتها، فحديث عبادة من طريق بشر بن الحكم وقد ضعف، ولذلك ضعفه ابن القيم وغيره.
وحديث علي وقصره على أنه قام مرة واحدة لجنازة يهودية ثم قعد بعد ذلك، يرده قول جمع من الصحابة بلفظ العموم، مثل قوله: «إِنَّ لِلْمَوْتِ فَزَعًا، فَإِذَا رَأَيْتُمْ جَنَازَةً فَقُومُوا».
وقوله: «إِذَا رَأَيْتُمُ الجَنَازَةَ فَقُومُوا لَهَا حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ أَوْ تُوضَعَ».
وجاء عَن أَبي هُرَيْرَةَ وَأَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أَنَّهُمَا قَالاَ:
«مَا رَأَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم شَهِدَ جِنَازَةً قَطُّ فَجَلَسَ حَتىَّ تُوضَع». وهو على العموم كذلك.
وكذلك يشهد لها العموم في قوله في حديث ابن عمرو وقد سأله سائل: تَمُرُّ بِنَا جَنَازَةُ الكَافِر؛ أَفَنَقُومُ لَهَا؟ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ: قُومُوا لَهَا؛ فَإِنَّكُمْ لَسْتُمْ تَقُومُونَ لَهَا، إِنَّمَا تَقُومُونَ إِعْظَامَاً لِلَّذِي يَقْبِضُ النُّفُوس». وهذا عام لكل جنازة، فأنى له النسخ؟.
ففي هذه الروايات لم يجعلوها جنازة واحدة ليهودي أو يهودية كما قال علي، وقولهم أكثر وأثبت سنداً من قوله، والمثبت مقدم على النافي لأنه معه زيادة علم.
وفي قصة مروان وأبي سعيد وقوله «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم نَهَانَا عَنْ ذَلِكَ» أي الجلوس حتى توضع، ووافقه أبو هريرة، فيها أن النهي كان صريحا في هذه المسألة، فإذا جاء ما يخالفه فلا يقال هو ناسخ للأمر برمته وإنما ناسخ لوجوبه، فيكون القيام للندب والاستحباب.
وأما العلل المذكورة في الباب، فعلل الجلوس من فهم الرواة، ولم يرفع فيها لفظ للنبي r، غير ما في رواية عليٍّ أنه أمرهم بالجلوس، ورواية عبادة أنه من فعل أهل الكتاب، ورواية عائشة أنها من أفعال الجاهلية، وقد قدمنا ما في ذلك كله.
فلا تعارض إذا قلنا نُسخ الوجوب وبقي الاستحباب، وفي كل من القيام والجلوس سنة، غير أن من قام فله زيادة أجرٍ.
كما روى البيهقي عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: مَشَيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ, وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أَمَامَ الْجِنَازَةِ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْمَقْبَرَةِ، فَقَامُوا حَتَّى وُضِعَتْ، ثُمَّ جَلَسُوا فَقُلْتُ لِبَعْضِهِمْ، فَقَالَ: «إِنَّ الْقَائِمَ مِثْلُ الْحَامِلِ». يعني في الأجر.
رواه البيهقي في السنن الكبرى 4/ 43 بسند صحيح رواته أئمة ثقات حفاظ.
ويشهد ما جري بين الحسن وابن عباس، أن يكون حكما في جواز الأمرين.
قال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ ابْنَ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدٌ بنِ سِيرِينَ قَالَ:
نُبِّئْتُ! أَنَّ جِنَازَةً مَرَّتْ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَامَ الْحَسَنُ
وَقَعَدَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ الْحَسَنُ لِابْنِ عَبَّاسٍ:
أَلَمْ تَرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَلَى وَقَدْ جَلَسَ.
فَلَمْ يُنْكِرْ الْحَسَنُ مَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
رواه أحمد 1/ 200 وقال شعيب: حسن لغيره لجهالة من حدث ابن سيرين.
قلت: والنكتة أن نقول: وكذلك لم ينكر ابن عباس قيام الحسن أولاً، فدل على جواز فعل الأمرين، وهو يكاد أن يكون فيصلاً لأحاديث الباب، فقد يكون الجلوس شرع للقضاء على القول بالوجوب لما فيه من مشقة أحياناً على بعض الناس.
ويؤيده ما رواه البخاري: أنَّ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخَذَ بِيَدِ مَرْوَانَ، فَقَالَ: قُمْ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ هَذَا «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم نَهَانَا عَنْ ذَلِكَ» فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: صَدَقَ.
رواه البخاري 1309 والبيهقي في الكبرى 3873.
فأبو هريرة يعلم بالنهي عن الجلوس، وقد جلس أولاً، فكأنه رأى النهي للتنزيه لا للتحريم.
وقال ابن عثيمين: وإنما قعد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقم لبيان الجواز، وأن الأمر ليس للوجوب
وقد روى عَبْدُ الرَّزَّاقِ [في المصنف 6315 بسند صحيح]، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ فَشَهِدْتُ جِنَازَةَ أُمِّ عَمْرِو بِنْتِ الزُّبَيْرِ، فَلَمَّا صُلِّي عَلَيْهَا جَلَسَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ فَقُمْتُ، فَقَالَ لِي ابْنُ الْمُسَيِّبِ: «اجْلِسْ»، فَقُلْتُ: ” بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَكْرَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: «اجْلِسْ فَلَا بَاسَ عَلَيْكَ».
فلا بأس بالجلوس، والقيام فيه زيادة أجرٍ كما ذكرنا رواية الإمام البيهقي.
تعقيب من باحث آخر على حديث ((والحديث صحيح بغير هذا الإسناد، فلم ينفرد الجعفي بروايته عن الشعبي، فقد تابعه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ وهو ثقة عند النسائي 1919 وكذلك زكريا بن أبي زائدة عند النسائي وابن أبي شيبة في المصنف 11911 فالحديث من طريقيهما صحيح.))
قلت رحمك الله: بل إن الطريقين ضعيفين لأن مدارهم على الشعبي، ولم يسمع الشعبي من أبي سعيد الخدري بل لم يلقاه، كما قال ابن المديني وراجع التهذيب في ترجمة الشعبي.