138 جامع الأجوبة الفقهية ص 176
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم ووالدينا
———–‘———–‘———-‘
وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ.
فمسح بناصيته، وعلى العمامة والخفين. أخرجه مسلم
-مسألة: اذا نزع العمامة بعد المسح عليها فهل ينتقض وضوؤه.
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
-سبق وأن ذكرنا اختلاف الفقهاء في مسألة جواز المسح على العمامة، بين مجيز ومانع للمسح عليها، والمجيزون للمسح اختلفوا في ما إذا نزع العمامة التي مسح عليها هل ينتقض وضوؤه أم لا؟ على قولين:
-الأول: أنه ينتقض. وهذا مذهب الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله.
-قال ابن قدامة في المغني (1/ 340): وإن نزع العمامة بعد المسح عليها بطلت طهارته نص عليه أحمد، وكذلك إذا انكشف رأسه إلا أن يكون يسيرا مثل أن حك رأسه أو رفعها لأجل الوضوء فلا بأس. قال أحمد: إذا زالت العمامة عن هامته لا بأس ما لم ينقضها أو يفحش ذلك. وذلك لأن هذا مما جرت العادة به فيشق التحرز عنه وإن انتقضت العمامة بعد مسحها بطلت طهارته؛ لأن ذلك بمنزلة نزعها.
-وإن انتقض بعضها ففيه روايتان ذكرهما ابن عقيل؛ إحداهما: لا تبطل طهارته لأنه زال بعض الممسوح عليه مع بقاء العضو مستورا، فلم تبطل الطهارة ككشط الخف مع بقاء البطانة.
-والثانية: تبطل.
قال القاضي: لو انتقض منها كور واحد بطلت لأنه زال الممسوح عليه فأشبه نزع الخف.
-وقال أيضاً في موضع آخر في المغني (1/ 211): وإن نزع العمامة بعد مسحها، بطلت طهارته أيضا. وعلى الرواية الأخرى، يلزمه مسح رأسه، وغسل قدميه؛ ليحصل الترتيب. ولو نزع الجبيرة بعد مسحها، فهو كنزع العمامة، إلا أنه إن كان مسح عليها في غسل يعم البدن، لم يحتج إلى إعادة غسل ولا وضوء؛ لأن الترتيب والموالاة ساقطان فيه. انتهى
-وقال في الجامع لعلوم الإمام أحمد في الفقه (21/ 40):
قال حرب: وسألت أحمد مرة أخرى، قلت: الرجل يمسح على عمامته ثم يخلع العمامة؟ قال: يعيد الوضوء.
قال حرب: جعله مثل الخف”.
-القول الثاني في المسألة: أنه لا ينتقض. وهذا قول ابن حزم واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ورجحه ابن عثيمين رحمهم الله جميعا.
-قال ابن حزم في المحلى بالآثار (1/ 337): لو مسح على عمامة أو خمار ثم نزعهما فليس عليه إعادة وضوء ولا مسح رأسه بل هو طاهر كما كان، ويصلي كذلك”. انتهى
-وقال شيخ الاسلام ابن تيمية في الاختيارات الفقهية (ص: 391):
ولا ينتقض وضوء الماسح على الخف والعمامة بنزعهما، ولا يجب عليه مسح رأسه ولا غسل قدميه، وهو مذهب الحسن البصري، كإزالة الشعر الممسوح على الصحيح من مذهب أحمد وقول الجمهور” انتهى
-وقد استدل أصحاب القول الأول بالقياس على الخف:
– قال ابن قدامة عن العمامة: وحكمها في التوقيت، واشتراط تقديم الطهارة، وبطلان الطهارة بخلعها، كحكم الخف؛ لأنها أحد الممسوحين على سبيل البدل. انتهى.
(الكافي (1/ 39).
وقال المرداوي: وَمَتَى ظَهَرَ قَدَمُ الْمَاسِحِ، وَرَاسُهُ، أو انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ، اسْتَانَفَ الطَّهَارَةَ. انتهى (الإنصاف) (1/ 190).
-واما أصحاب القول الثاني الذين يرون عدم انتقاض الوضوء؛ فاستدلوا بعدم وجود الدليل الشرعي على ذلك، وأن الأصل بقاء الطهارة لأن نواقض الوضوء توقيفية.
-قال الشيخ ابن عثيمين جواباً على سؤال في فتاوى نور على الدرب:
السؤال: ما هي الأشياء التي تبطل مدة المسح على الخفين أو على العمامة غير انتهاء المدة؟
-الجواب
الشيخ: يبطل المسح أيضاً خلع الخف إذا خلع الخف بطل المسح في أي وقتٍ كان لكن الطهارة باقية ودليل كون خلع الخف يبطل المسح حديث صفوان بن غسان أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن لا ننزع خفافنا. فدل هذا على أن النزع يبطل المسح فإذا نزع الإنسان خفه بعد مسحه بطل المسح عليه بمعنى أنه لا يعيد لبسه فيمسح عليه إلا بعد أن يتوضأ وضوءً كاملاً يغسل فيه الرجلين. وأما طهارته إذا خلعه فإنها باقية فالطهارة لا تنتقض بخلع الممسوح وذلك لأن الماسح إذا مسح تمت طهارته بمقتضى الدليل الشرعي فلا تنتقض هذه الطهارة إلا بمقتضى دليلٍ شرعي وليس هناك دليل شرعي على أنه إذا خلع الممسوح بطل الوضوء وإنما الدليل على أنه خلع الممسوح بطل المسح ولا يعاد المسح مرة أخرى إلا بعد غسل الرجل في وضوء كامل وعليه فنقول أن الأصل بقاء هذه الطهارة الثابتة بدليل شرعي حتى يوجد الدليل، وإذا لم يكن دليل فإن الوضوء يبقى غير منتقض وهذا هو القول الراجح عندنا.
والله أعلم …
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
سبق ذكر الخلاف:
– واختيار ابن حزم، و ابن تيمية عدم البطلان الفتاوى الكبرى، ((5) / (305))،. هو الصحيح.
-وقيل: يجب عليه مسح رأسه مباشرة وغسل قدميه، هو رواية عن أحمد،
قال ابن قدامة ((1) / (178)): وعلى الرواية الأخرى: يلزمه مسح رأسه، وغسل قدميه؛ ليحصل الترتيب.
-وقيل: بل يجب عليه مسح رأسه، ولو لم يكن مباشرة، وهو قول آخر في مذهب الحنابلة مذكور في (الإنصاف ((1) / (190)) وانظر الأقوال في مسألة لو نزع الخف قبل تمام المدة.
-قال أحمد في مسائله رواية ابنه عبد الله ((1) / (123)): سألت أبي عن الرجل يمسح على عمامته، ثم يخلع العمامة؟ قال: يعيد الوضوء.
وفيه أيضاً: إن خلعها، وهو في الصلاة؟ قال: يعيد الوضوء والصلاة اهـ.
-وقال حرب: وسألت أحمد مرة أخرى، قلت: فإن مسح على عمامته ومسح ناصيته أو بعض رأسه ثم نزع العمامة، أيعيد الوضوء؟ قال: إنما المسح على الرأس كله، كذلك جاء الحديث أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم- مسح الرأس كله. وكأنه ذهب إلى أن بعض الرأس لا يجزئ.
-قيل: فإن رفع العمامة قليلًا عن رأسه وحك رأسه؟ فسهل فيه، إلا أن ينقضها.
مسائل حرب/ مخطوط ((495) – (496)).
(المرجع: مدونة الحنابلة الجامع لعلوم الإمام أحمد.
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
قال ابن المنذر أيضا في (1) / (472) (فإن مسح على عمامته، ثم نزعها، ففي قول الأوزاعي: يمسح على رأسه، وقال أحمد: يعيد الوضوء، وقياس قول من يقول إذا خلع خفيه فهو على طهارته، وكذلك من نزع عمامته على طهارته، وقال مكحول: المسح على الخف والعمامة سواء، إذا مسح عليهما، ثم نزعهما بعد، إن عليه الوضوء).
وقال ابن حزم في المحلى (1) / (316) في بيان مذهب الظاهرية في عدم وجوب المسح أصلا على الجبائر فضلا عن نزعها فقال (ومن كان على ذراعيه أو أصابعه أو رجليه جبائر أو دواء ملصق لضرورة فليس عليه أن يمسح على شيء من ذلك، وقد سقط حكم ذلك المكان، فإن سقط شيء من ذلك بعد تمام الوضوء فليس عليه إمساس ذلك المكان بالماء، وهو على طهارته ما لم يحدث …
فالوضوء إذا تم وجازت به الصلاة فلا ينقضه إلا حدث أو نص جلي وارد بانتقاضه، وليس سقوط اللصقة أو الجبيرة أو الرباط حدثا، ولا جاء نص بإيجاب الوضوء من ذلك، والشرائع لا تؤخذ إلا عن الله تعالى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وممن رأى المسح على الجبائر أبو حنيفة ومالك والشافعي ولم ير ذلك داود وأصحابنا).