1300.1299 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي وناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم ووالدينا)
=====”====”====”
صحيح البخاري
باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن
1299 – حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب قال سمعت يحيى قال أخبرتني عمرة قالت سمعت عائشة رضي الله عنها قالت لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قتل ابن حارثة وجعفر وابن رواحة جلس يعرف فيه الحزن وأنا أنظر من صائر الباب شق الباب فأتاه رجل فقال إن نساء جعفر وذكر بكاءهن فأمره أن ينهاهن فذهب ثم أتاه الثانية لم يطعنه فقال انههن فأتاه الثالثة قال والله لقد غلبننا يا رسول الله فزعمت أنه قال فاحث في أفواههن التراب فقلت أرغم الله أنفك لم تفعل ما أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من العناء
1300 – حدثنا عمرو بن علي حدثنا محمد بن فضيل حدثنا عاصم الأحول عن أنس رضي الله عنه قال قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا حين قتل القراء فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حزن حزنا قط أشد منه.
=======””======”
فوائد الحديث 1299:
1 – قول البخاري (من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن) يشير إلى فعل النبي صلى الله عليه وسلم الوارد في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أول حديثي الباب.
2 – حديث أم المؤمنين عائشة أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
3 – فيه ما ينهى من النوح والبكاء والزجر عن ذلك قاله البخاري وقد سبق ذلك.
4 – فيه إثبات غزوة مؤتة من أرض الشأم قاله البخاري.
5 – عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة مؤتة زيد بن حارثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة» قال عبد الله: كنت فيهم في تلك الغزوة، فالتمسنا جعفر بن أبي طالب، فوجدناه في القتلى، ووجدنا ما في جسده بضعا وتسعين، من طعنة ورمية ” رواه البخاري 4261.
6 – فيه تكرار النهى عن المنكر مرات قاله القاضي عياض في إكمال المعلم بفوائد مسلم.
7 – فيه: أنه من نهى عما لا ينبغى له فعله ولم ينته، أنه يجب أن يؤدب على ذلك ويزجر قاله ابن بطال في شرح البخاري.
8 – فيه إن كان العقاب لا يمكن إلا بعناء ومشقة لم يلزم، وكانت الملاطفة فيه أولى قاله القاضي عياض في إكمال المعلم.
9 – وَقَوْلها: (أرْغم الله أَنْفك): أَي ألصقه بالرغام: وَهُوَ التُّرَاب. والعناء: الْمَشَقَّة والكلفة. قاله ابن الجوزي في كشف مشكل الصحيحين.
10 – وكان هؤلاء الثلاثة من أحب الناس إليه. قَالَ لجعفر: “أشبهت خلقي وخلقي” وقال أخرى: “لا أدري أفرح بقدوم جعفر أو بفتح خيبر”.وقال لزيد: “أنت أخونا ومولانا” “وإنه لمن أحب الناس إليَّ ولقد كان خليقًا للإمارة”، وكان ابن رواحة أحد النقباء وأحد شعراء رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذين يدافعون عنه. وقال فيه: “أن أخًا لكم لا يقول الرفث” قاله ابن الملقن في التوضيح.
11 – قوله: (جلس يعرف فيه الحزن)، إنما هو لما جعل الله تعالى فيه من الرحمة بأمته وحزن عليهم؛ لأنهم أئمة المسلمين. قاله ابن الملقن في التوضيح، قلت زاد أبو داود (جلس في المسجد).
12 – قوله: ((يعرف فيه الحزن)) حال، أي جلس حزينًا، وعدل إلى قوله: ((يعرف)) ليدل على أنه صلى الله عليه وسلم كظم الحزن كظما، وكان ذلك القدر الذي ظهر فيه من جِبلَّة البشرية قاله الطيبي في شرح المشكاة.
13 – فيه مناقب جعفر بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة رضي الله عنه.
14 – فيه جواز الحلف على غلبة الظن فقد حلفت أم المؤمنين أن الرجل ليس بفاعل. قالت عائشة: “عَرَفْتُ انَّهُ لا يَقْدِرُ عَلَى انْ يَحْثُوَ في افْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ” أخرجه ابن إسحق في السيرة ومن طريقه رواه الإمام أحمد في مسنده 26363 والحاكم في المستدرك وإسناده حسن.
15 – “ربما ضر التكلف أهله” قالته أم المؤمنين في حق الرجل الذي كان ينهى النساء عن النياحة فلا ينتهين.
16 – ينبغي مراعاة حال المصاب نعم ينكر المنكر بقدر استطاعته.
17 – قوله (حدثنا عبد الوهاب) أي ابن عطاء الخفاف تابعه عبد الله بن نمير عند مسلم 935 تابعه معاوية بن صالح عند مسلم … 935 والنسائي 1847، تابعه عبد العزيز يعني بن مسلم عند مسلم 935 تابعه سليمانُ بن كثير عند أبي داود 3122.
18 – قوله (سمعت يحيى) هو ابن سعيد الأنصاري و (عمرة) هي بنت عبد الرحمن.
======
فوائد الحديث 1300:
1 – حديث أنس متفق عليه ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجه باختصار.
2 – قوله (فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حزن حزنا قط أشد منه) هذا هو موضع الشاهد.
3 – وكان عدد القراء الذين أرسلهم نبي الله صلى الله عليه وسلم قريبا من سبعين.
4 – وفي رواية لمسلم (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد على سرية ما وجد على السبعين الذين أصيبوا يوم بئر معونة).
5 – فيه جواز إظهار الحزن إذا لم يصحبه تسخط.
(6) – مشروعية القنوت عند حدوث الأمور العظام.
(7) – كان هذا القنوت بعد الرفع من الركوع.
(8) – إرسال معلمين لمن أسلم حديثا لتعليمهم وتوجيههم.
(9) – فيه الدعاء على المشركين.
(10) – دعاء الإمام على من نكث عهدا
=======
=======
باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن
قال الأثيوبي في ذخيرة العقبى في معرض ذكر فوائد الحديث:
– ومنها: جواز الجلوس للعزاء بسكينة ووقار.
– ومنها: جواز نظر النساء المحتجبات إلى الرجال الأجانب .. اهـ
قال ابن بطال في شرح البخاري:
– فالذى يكون فى طبعه الجزع، ويملك نفسه، ويستشعر الصبر أعظم أجرا من الذى الجلد طبعه.
– والمحمود من الصبر هو ما أمر الله به، وليس فيما أمر به تغيير جبلة عما خلقت عليه، والذى أمر به عند نزول البلاء الرضا بقضائه، والتسليم لحكمه، وترك شكوى ربه، وكذلك فعل السلف.
-‘——-
قال بعضهم: هذا لا بد ان يكون فيه نياحة؛ لأنه لو كان بكاء عاديًا ما أنكر عليهم، ولو كان مجرد دمع العين ما نهاهن.
وقال بعضهم: يحتمل أنهن لم يطعن الناهي لكونه لم يصرح لهن أن هذا من النبي عليه الصلاة والسلام
وقيل: إن ذلك بسبب غلبة المصيبة.
وقولها (يعرف فيه الحزن) هذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر، وأنه يعتري ما يعتري البشر، ولكنه كان صابرًا مطمئنًا، يعرف فيه الحزن يدل على اعتدال حاله صلى الله عليه وسلم، وأن من أصيب بمصيبة لا يفرط في الحزن حتى يقع في المحذور مثل النياحة، واللطم، وشق الثياب، ولا يفرط في التجلد، ولا كأنه صارت مصيبة حتى لا يؤدي ذلك إلى القسوة، والاستخفاف بالمصاب.
وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لأم سليم لما تزينت لزوجها ودعائه لهما في ليلتهما. حيث فعلت المناسب لحال زوجها الذي ارهقه الغياب. وقد يكون في شدة جوع. واختارت إظهار الصبر ليعوضها الله فنالت بركة دعاء النبي صلي الله عليه وسلم فرزقت بعبدالله الذي من ذريته سبعة أو تسعة حفظوا القرآن. وادخر لها فرطا يوم القيامة.
بينما ابن حجر أن إظهار النبي صلى الله عليه وسلم للحزن ليس لأنه الأفضل لكن من أجل التشريع. وما ذكرناه أولى.
وعن أسماء بنت عميس قالت: “لما أصيب جعفر وأصحابه دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم” قالت: “وقد دبغت أربعين منيئة جلد -أربعين قطعة جلد “وعجنت عجيني، وغسلت بني” أولاد جعفر الصغار، ودهنتهم ونظفتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائتيني ببني جعفر قالت: فأتيته بهم فشمهم، وذرفت عيناه، فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي ما يبكيك؟ أبلغك عن جعفر وأصحابه شيء؟ فقال عليه الصلاة والسلام: نعم أصيبوا هذا اليوم قالت: فقمت أصيح واجتمع إليّ النساء” – وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال: لا تغفلوا آل جعفر من أن تصنعوا لهم طعامًا، فإنهم قد شغلوا بأمر صاحبهم والحديث [رواه أحمد: 27131].
وقال في مجمع الزوائد: “رواه أحمد، وفيه امرأتان لم أجد من وثقهما ولا جرحهما، وبقية رجاله ثقات” [مجمع الزوائد:6/ 236].
وفي معناه ما رواه ابن ماجه عن أسماء بنت عميس قالت: لما أصيب جعفر رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال: إن آل جعفر قد شغلوا بشأن ميتهم، فاصنعوا لهم طعامًا [رواه ابن ماجه: 1611، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة: 1307].
كذلك حزن النبي صلى الله عليه وسلم قبلها حزنًا شديدًا لما أصيب عمه حمزة،
— كان النبي صلى الله عليه وسلم يحزن كغيره من البشر، وقد قال الله سبحانه وتعالى: (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ) [الأنعام: 33].
وحزن النبي صلى الله عليه وسلم حين فتر الوحي.
وقد مرت بالنبي صلى الله عليه وسلم أحزان كثيرة.
– الحزن لأهل الإيمان في الدنيا لرفع منزلتهم في الآخرة وإزلة الحزن عنهم: قال الله تعالى عن أهل الجنة: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) [فاطر: 34
– نبينا صلى الله عليه وسلم من بشريته كانت له أحوال: سروره، وحزنه، وفي فرحه، ورضاه، وفي بغضه، وسخطه، وكذلك في ضحكه، وبكائه، وفي همه وفكره، وفي صمته، وكلامه.
====
قصة ضحك الفضيل بن عياض لما مات ابنه. وكلام شيخ الإسلام عليها:
في (قصص لا تثبت) الجزء الرابع اعداد يوسف العتيق ذكر اسناد هذه القصة
قال ابن أبي الدنيا: حدثني قاسم بن هاشم قال حدثنا اسحاق بن عباد بن موسى عن أبي علي الرازي قال صحبت الفضيل بن عياض ثلاثين سنة ما رأيته ضاحكا ولا مبتسما إلا يوم مات علي ابنه فقلت له في ذلك فقال إن الله عز وجل أحب أمرا فأحببت ما أحب الله.
ومن طريق ابن أبي الدنيا أخرج هذه القصة الأصبهاني في حلية الأولياء.
ثم قال يوسف العتيق
اسحاق بن عباد الراوي عن الرازي لم أجد له ترجمة فيما بين يدي من مصادر الا في تاريخ بغداد ولم يذكر فيه الخطيب جرحا ولا تعديلا بل ذكر بعض من روى عنه اسحاق وذكر راويا واحد ممن روى عنه فأقل أحوال هذا الراوي جهالة الحال فمن خلال ذلك تبين لك ضعف اسناد هذه القصة وأنها لاتثبت عن الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى. انتهى.
قال ابن مفلح في الأداب الشرعية (وذكر الشيخ تقي الدين في التحفة العراقية أن البكاء على الميت على وجه الرحمة مستحب وذلك لا ينافي الرضا بقضاء الله بخلاف البكاء عليه لفوات حضه منه وبهذا يعرف معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم لما بكى على الميت وقال (هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده) وأن هذا ليس كبكاء من يبكي لحظة لا لرحمة الميت, وأن الفضيل لما مات ابنه ضحك وقال رأيت أن الله قد قضى فأحببت أن أرضى بما قضى الله به حاله حال حسن بالنسبة الى أهل الجزع ,فأما رحمة الميت والرضاء بالقضاء وحمد الله كحال النبي صلى الله عليه وسلم فهذا أكمل
: (هُدِي نَبِيِّنَا أَكْمَل، لِأَن نَبِيَّنَا- صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- أَدَّى الْعُبُوْدِيَّة عَلَى وَجْهِهَا، فَهُنَاك عُبُوْدِيَّة الْرَّافَة وَالْرَّحْمَة وَهُنَاك عُبُوْدِيَّة الْرِّضَا، فَأَدَّى عُبُوْدِيَّة الْرَّافَة وَالْرَّحْمَة فَبَكَى عَلَى ابْنِه، وَأَدى عُبُوْدِيَّة الْرِّضَا فَقَال:” وَلَا نَقُوُل مَا يُغْضِب الْرَّب “، لَكِن ضَاق قَلْب الْفُضِيل بْن عِيَاض عَن اسْتِيْعَاب الْعُبُوْدِيَتَين جَمِيْعاً فَقَدِم عُبُوْدِيَّة الْرِّضَا عَلَى عُبُوْدِيَّة الْرَّافَة وَالْرَّحْمَة)
فَهَدَي نَبِيِّنَا أَكْمَل، وَالْبُكَاء لَا يُعَد مِن عَدَم الْرِّضَا، إِنَّمَا الْبُكَاء رَحِمَه وَلِذَلِك قَال- صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم-:” إِن الْلَّه لَا يُعَذِّب بِدَمْع الْعَيْن”
ذكر ابن القيم في فوائد حديث تسريه بمارية:
الخامسة عشر: جواز البكاء على الميت بالعين. وقد ذكر في فضائل الفضيل بن عياض أنه ضحك يوم مات ابنه علي فسئل عن ذلك فقال: إن الله قضى قضاء فأحببت أن أرضى بقضائه وهدي رسول الله أكمل وأفضل فإنه جمع بين الرضا بقضاء الله ورحمة الطفل. تحفة الودود في أحكام المولود.
====
أحزان الشيعة المبتدعة:
قال ابن كثير: كان مقتل الحسين رضي الله عنه يوم الجمعة، يوم عاشوراء من المحرم سنة إحدى وستين.
وقد بالغ الشيعة في يوم عاشوراء، فوضعوا أحاديث كثيرة كذبا فاحشا، من كون الشمس كسفت يومئذ حتى بدت النجوم وما رفع يومئذ حجر إلا وجد تحته دم …
سئل شيخ الإسلام عما يفعله بعض الناس في يوم عاشوراء من الكحل والاغتسال والحناء والمصافحة وإظهار السرور وغير ذلك هل هو من البدعة أم لا؟
وما تفعله الطائفة الأخرى من المأتم والحزن والعطش وغير ذلك من الندب والنياحة وقراءة المصروع وشق الجيوب. هل لذلك أصل؟ أم لا؟
فأجاب: لم يرد في شيء من ذلك حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ولااستحب ذلك أحد من أئمة المسلمين لا الأئمة الأربعة ولاغيرهم
ولا روى أهل الكتب المعتمدة في ذلك شيئا لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا التابعين لا صحيحا ولا ضعيفا لا في كتب الصحيح ولا غيرها
وأهل الكوفة كان فيهم طائفتان: طائفة رافضة يظهرون حب أهل البيت وهم في الباطن إما زنادقة وإما جهال وأصحاب هوى. وطائفة ناصبة تبغض عليا وأصحابه
وكان في الكوفة بين هؤلاء وهؤلاء فتن وقتال فلما قتل الحسين رضي الله عنهما يوم عاشوراء قتلته الطائفة الظالمة الباغية وأكرمه الله بالشهادة
ولم يعرف طوائف الإسلام أكثر كذبا وفتنا ومعاونة للكفار على أهل الإسلام من هذه الطائفة الضالة الغاوية الذين يعاونون اليهود والنصارى والمشركين
وينصرونهم على أهل الإسلام، كماأعانوا المشركين من الترك والتترعلى مافعلوه ببغداد وغيرهابأهل بيت النبوة والمؤمنين من القتل والسبي وخراب الديار
وعارض هؤلاء قوم إما من النواصب المتعصبين على الحسين وأهل بيته أومن الجهال الذين قابلواالفاسد بالفاسد والكذب بالكذب والشربالشر والبدعةبالبدعة
فأقاموا شعائرالفرح والسرور يوم عاشوراء كالاكتحال وتوسيع النفقات على العيال وطبخ الأطعمة الخارجة عن العادة ونحوذلك ممايفعل في الأعياد والمواسم
ما يفعله الشيعة في عاشوراء من ضرب الصدور ولطم الخدود وضرب السلاسل على الأكتاف وشج الرؤوس بالسيوف وإراقة الدماء محدث لا أصل له في الإسلام
فإن هذه أمور منكرة نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يشرع لأمته أن تصنع شيئا من ذلك أو قريبا منه لموت عظيم أو فقد شهيد مهما كان قدره
وقد استشهد في حياته عدد من كبار أصحابه الذين حزن لفقدهم كحمزة وجعفر وزيد بن حارثة وابن رواحة، فلم يفعل شيئا من ذلك، ولو كان خيرا لسبقنا إليه
قال ابن كثير:
فكل مسلم ينبغي له أن يحزنه قتل الحسين رضي الله عنه فإنه من سادات المسلمين وعلماء الصحابة وابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقد كان عابدا شجاعا سخيا، ولكن لا يجوز ما يفعله هؤلاء الشيعة، وقد كان أبوه أفضل منه فقُتل، ومع ذلك فهم لايتخذون مقتله مأتما كيوم مقتل الحسين …. والنبي صلى الله عليه وسلم سيدولد آدم في الدنيا والآخرة مات كما مات الأنبياء قبله ولم يتخذأحد يوم موتهم مأتما يفعلون فيه مايفعله هؤلاء الجهلة
وقال أيضا: وقد أسرف الرافضة في دولة بني بويه فكانت الطبول تضرب ببغداد ونحوهامن البلاد في يوم عاشوراء ويُذر الرماد والتبن في الطرقات والأسواق
ويُظهر الناس الحزن والبكاء وكثيرمنهم لايشرب الماء تلك الليلة لأن الحسين قُتل عطشان ثم تخرج النساء حاسرات عن وجوههن ينحن ويلطمن وجوههن وصدورهن
=====
====
مسألة الجلوس للتعزية: انقل هذا البحث الذي خلص إلى جواز الجلوس للعزاء لأنه تمس الحاجة إليه حيث كثر الناس بشرط أن لا يكون فيه إسراف:
حكم جلوس أهل الميت واجتماعهم في مكان معين لاستقبال المعزين؟
الحمد لله
المقصود من الاجتماع للتعزية: أن يجلس أهل الميت ويجتمعوا في مكان معين، بحيث يقصدهم فيه من أراد العزاء، سواء اجتمعوا في بيت أهل الميت، أو في تلك السرادقات التي يقيمونها لهذا الشأن وغيره.
وهذه المسألة من مسائل الخلاف المعتبر بين أهل العلم، وللعلماء فيها اتجاهان:
الاتجاه الأول:
لا يرى الاجتماع لأجل العزاء، وأن هذا الاجتماع مكروه، وهو مذهب الشافعية والحنابلة وكثير من المالكية، وصرح بعضهم بالتحريم.
وأقوى ما استدلوا به القائلون بالكراهة أمران:
1 – أثر جرير بن عبد الله قَالَ: (كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ، وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ: مِنْ النِّيَاحَةِ). رواه أحمد (6866)، وابن ماجه (1612).
2 – أن هذا الأمر لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أصحابه، فهو من المحدثات، وفيه مخالفة لهدي السلف الصالح، الذين لم يجلسوا ويجتمعوا للعزاء.
قال الإمام الشافعي: ” وَأَكْرَهُ الْمَاتَمَ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُكَاءٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُجَدِّدُ الْحُزْنَ، وَيُكَلِّفُ الْمُؤْنَةَ مَعَ مَا مَضَى فِيهِ مِنْ الْأَثَرِ”.
انتهى من “الأم” (1/ 318).
قال النووي: ” أَمَّا الْجُلُوسُ لِلتَّعْزِيَةِ، فَنَصَّ الشَّافِعِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَسَائِرُ الْأَصْحَابِ عَلَى كَرَاهَتِهِ … قَالُوا: بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَنْصَرِفُوا فِي حَوَائِجِهِمْ، فَمَنْ صَادَفَهُمْ عَزَّاهُمْ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي كَرَاهَةِ الجلوس لها … “.
انتهى من “المجموع شرح المهذب” (5/ 306).
وقال المرداوي: “وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ لَهَا، هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ “، انتهى من ” الإنصاف” (2/ 565).
وقال أبو بكر الطُرطوشي: ” قال علماؤنَا المالكيون: التصدي للعزاء بدعةٌ ومكروه، فأَما إن قعد في بيته أَو في المسجد محزوناً من غير أن يتصدى للعزاء؛ فلا بأس به، فإنه لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم نعيُّ جعفر؛ جلس في المسجد محزوناً، وعزاه الناس”. انتهى من “الحوادث والبدع” (ص:170).
وبهذا القول يفتي الشيخ ابن عثيمين رحمه الله حيث يقول: ” بالنسبة لأهل الميت لا يشرع لهم الاجتماع في البيت وتلقي المعزين؛ لأن هذا عدَّه بعض السلف من النياحة، وإنما يغلقون البيت، ومَن صادفهم في السوق أو في المسجد عزَّاهم ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (17/ 103).
وأما الاتجاه الآخر:
فلا يرى حرجاً من الاجتماع والجلوس للتعزية إذا خلا المجلس من المنكرات والبدع، ومن تجديد الحزن وإدامته، ومن تكلفة المؤنة على أهل الميت، وهو قول بعض الحنفية وبعض المالكية وبعض الحنابلة، ينظر: “البحر الرائق” (2/ 207)، “مواهب الجليل” (2/ 230).
قال ابن نُجيم الحنفي: ” وَلَا بَاسَ بِالْجُلُوسِ إلَيْهَا ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ ارْتِكَابِ مَحْظُورٍ مِنْ فَرْشِ الْبُسُطِ وَالْأَطْعِمَةِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ “. انتهى من ” البحر الرائق” (2/ 207).
وهذا القول رواية عن الإمام أحمد، نقلها حنبل والخلال.
قال المرداوي: ” وَعَنْهُ: الرُّخْصَةُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ عَزَّى وَجَلَسَ، قَالَ الْخَلَّالُ: سَهَّلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْجُلُوسِ إلَيْهِمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ … ، وَعَنْهُ: الرُّخْصَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ، نَقَلَهُ حَنْبَلٌ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ [ابن تيمية].
وَعَنْهُ: الرُّخْصَةُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ وَلِغَيْرِهِمْ، خَوْفَ شِدَّةِ الْجَزَعِ”.
انتهى من “الإنصاف” (2/ 565).
وقال ابن عبد البر في “الكافي” (1/ 283): ” وأرجو أن يكون أمر المتجالسة في ذلك خفيفاً ” انتهى.
واختار هذا القول من العلماء المعاصرين: الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى كما في “مجموع الفتاوى” (13/ 373) –
وأقوى ما استدل به القائلون بالجواز:
1 – حديث عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إِلَّا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا، أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ فَصُبَّتْ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ: كُلْنَ مِنْهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ). رواه البخاري (5417)، ومسلم (3216). [التلبينة: هي حساء يعمل من دقيق ونخالة، وربما جعل معه عسل، وسميت به تشبيها باللبن، لبياضها ورقتها].
فهذا الحديث فيه الدلالة الواضحة على أنهم كانوا لا يرون في الاجتماع بأساً، سواء اجتماع أهل الميت، أو اجتماع غيرهم معهم.
2 – وعَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: ” لَمَّا مَاتَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ اجْتَمَعَنْ نِسْوَةُ بَنِي الْمُغِيرَةِ يَبْكِينَ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لِعُمَرَ: أَرْسِلْ إلَيْهِنَّ فَانْهَهُنَّ، لاَ يَبْلُغُك عَنْهُنَّ شَيْءٌ تَكْرَهُهُ.
فَقَالَ عُمَرُ: ” وَمَا عَلَيْهِنَّ أَنْ يُهْرِقْنَ مِنْ دُمُوعِهِنَّ عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ، مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ، أَوْ لَقْلَقَةٌ “. رواه ابن أبي شيبة في “المصنف” (3/ 290)، وعبد الرزاق الصنعاني (3/ 558) بسند صحيح.
وَالنَّقْعُ: التُّرَابُ عَلَى الرَّاسِ، وَاللَّقْلَقَةُ: الصَّوْتُ، أي ما لم يرفعن أصواتهن أو يضعن التراب على رؤوسهن.
وأجاب هؤلاء عن أثر جرير بن عبد الله بجوابين:
الأول:
أن الراجح فيه أنه ضعيف، فقد أعله الإمام أحمد، والدراقطني.
فهذا الاثر رواه أحمد بن منيع في “مسنده”، وابن ماجه في “السنن” (1612)، والطبراني في “المعجم الكبير” (2/ 307) من طريق هُشيم عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن جرير به.
وهذا سند ظاهره الصحة، فإن رواته أئمة حفاظ ثقات، لذلك صححه جماعة من أهل العلم كالنووي في “المجموع” (5/ 320)، وابن كثير في “إرشاد الفقيه” (1/ 241)، والبوصيري في “مصباح الزجاجة” (1/ 289)، والشوكاني في “نيل الأوطار” (4/ 148)، والشيخ أحمد شاكر في تحقيق المسند (11/ 126)، والألباني في “أحكام الجنائز” (ص/210)، وكذا محققو مسند أحمد (11/ 505) وغيرهم.
غير أن في الحديث علة خفية بينها الحفاظ والنقاد، هي تدليس هشيم بن بشير، فإنه على ثقته كان كثير التدليس والإرسال، وأحيانا عن الضعفاء والمجاهيل.
يقول الحافظ الذهبي في “تذكرة الحفاظ” (1/ 249): ” لا نزاع في أنه كان من الحفاظ الثقات، إلا أنه كثير التدليس، فقد روى عن جماعة لم يسمع منهم ” انتهى.
ولذلك أعل بعض الحفاظ المتقدمين حديث جرير هذا بتدليس هشيم فيه:
قال أبو داود: ” ذَكَرْتُ لِأَحْمَدَ حَدِيثَ هُشَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ: ” كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَيِّتِ وَصَنْعَةَ الطَّعَامِ لَهُمْ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ “.
قال: زعموا أنه سمعه من شريك، قَالَ أَحْمَدُ: وَمَا أُرَى لِهَذَا الْحَدِيثِ أَصْلاً”.
انتهى من “مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني” (ص: 388).
وجاء في “العلل” (13/ 462) للدارقطني ما يشعر باحتمال تدليس هشيم له.
فإن كان المدلَّس هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي فهي رواية ضعيفة، فإنه ضعيف الحديث عند عامة المحدثين، ومثله لا يقبل تفرده بحديث ينبني عليه حكم شرعي بالتحليل أو التحريم.
نعم، تابعه نصر بن باب كما في مسند أحمد (6905) غير أن نصراً هذا جاء في ترجمته في “تعجيل المنفعة” (ص/420): ” قال البخاري: يرمونه بالكذب، وقال ابن معين: ليس حديثه بشيء، وقال علي بن المديني: رميتُ حديثه، وقال أبو حاتم الرازي: متروك الحديث، وقال أبو خيثمة زهير بن حرب: كذاب “. انتهى.
فلا تقوى متابعته على تحسين رواية شريك، بل هناك احتمال قوي بأن المدلَّس في رواية هشيم هو نصر بن باب نفسه وليس شريكاً.
والخلاصة: أن قول جرير بن عبد الله البجلي لم يثبت من طريق صحيح، والرواية المشهورة معلة بالتدليس، وللاستزادة ينظر كتاب: ” التجلية لحكم الجلوس للتعزية”
الثاني:
على القول بصحته فالمقصود منه: الاجتماع الذي يكون فيه صنعٌ للطعام من أهل الميت لإكرام من يأتيهم ومن يجتمع عندهم.
ولذلك نص في الأثر على الأمرين: (كُنَّا نَعُدُّ الِاجْتِمَاعَ إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ، وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ: مِنْ النِّيَاحَةِ)، فاجتماع هذين الوصفين معاً، هو الذي يعد من النياحة.
قال الشوكاني: ” يَعْنِي أَنَّهُمْ كَانُوا يَعُدُّونَ الِاجْتِمَاعَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَيِّتِ بَعْدَ دَفْنِهِ وَأَكْلَ الطَّعَامِ عَنْدَهُمْ نَوْعًا مِنْ النِّيَاحَةِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّثْقِيلِ عَلَيْهِمْ وَشَغْلِهِمْ مَعَ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ شُغْلَةِ الْخَاطِرِ بِمَوْتِ الْمَيِّتِ وَمَا فِيهِ مِنْ مُخَالِفَةِ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ مَامُورُونَ بِأَنْ يَصْنَعُوا لِأَهْلِ الْمَيِّتِ طَعَامًا فَخَالَفُوا ذَلِكَ وَكَلَّفُوهُمْ صَنْعَةَ الطَّعَامِ لِغَيْرِهِمْ “.
انتهى من ” نيل الأوطار” (4/ 118).
وقال الشيخ ابن باز: ” المقصود أن كونهم يجمعونهم ليقرؤوا ويأكلوا هذا لا أصل له، بل هي من البدع، أما لو زارهم إنسان يسلم عليهم، ويدعو لهم ويعزيهم، وقرأ في المجلس قراءة عارضة ليست مقصودة، لأنهم مجتمعون فقرأ آية أو آيات لفائدة الجميع ونصيحة الجميع فلا بأس، أما أن أهل الميت يجمعون الناس أو يجمعون جماعة معنية ليقرؤوا أو يطعموهم أو يعطوهم فلوساً، فهذا بدعة لا أصل له”.
انتهى من ” فتاوى نور على الدرب ” (14/ 202).
وأما القول بأن الاجتماع للعزاء لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فهو من البدع المحدثة.
فيجاب عنه:
بأن الاجتماع للعزاء من العادات، وليس من العبادات، والبدع لا تكون في العادات، بل الأصل في العادات: الإباحة.
ثم إن التعزية أمر مقصود شرعاً، ولا وسيلة لتحصيلها في مثل هذه الأزمنة إلا باستقبال المعزين، والجلوس لذلك، فإن ذلك مما يعينهم على أداء السنة.
وقد سئل الشيخ ابن باز عن استقبال المعزين والجلوس للتعزية، فقال: ” لا أعلم بأساً فيمن نزلت به مصيبة بموت قريب، أو زوجة، ونحو ذلك، أن يستقبل المعزين في بيته في الوقت المناسب؛ لأن التعزية سنة، واستقبال المعزين مما يعينهم على أداء السنة؛ وإذا أكرمهم بالقهوة، أو الشاي، أو الطيب، فكل ذلك حسن ” انتهى من “مجموع فتاوى ومقالات متنوعة” (13/ 373).
وقال الشيخ صالح آل الشيخ: ” والذي رأيناه من علمائنا في هذا البلد وفي غيره حتى علماء الدعوة من قبل أنهم كانوا يجلسون؛ لأنه لا تكون المصلحة إلا بذلك، إذا فات ذلك فاتت سنة التعزية “. انتهى.
وحتى على القول بالكراهة، فإن الكراهة تزول عند وجود الحاجة كما هو معلوم عند العلماء، ولا شك أن الجلوس للتعزية تشتد لها الحاجة في هذا الزمن لما فيها من تيسير على المعزين ورفع للحرج عنهم.
فقد يكون أبناء الميت وأقاربه في أصقاع مختلفة أو في نواح متباعدة داخل المدينة الواحدة مما يصعب فيه على من أراد التعزية التنقل بينهم.
وقد علل بهذا التعليل الشيخ عبد العزيز بن باز حينما سئل عن حكم الجلوس للتعزية، فأجاب بالجواز قائلاً: ” إذا جلسوا حتى يعزيهم الناس فلا حرج إن شاء الله حتى لا يتعبوا الناس، لكن من دون أن يصنعوا للناس وليمة “.
انتهى من “مجموع الفتاوى” (13/ 382).
أن العصور المتقدمة كان الناس قليلين، ويمكنك أن ترى آل الميت في المسجد، وأن تراهم في الطريق
وكثير من العلماء إنما أنكر الاجتماع لما يحدث فيه غالباً من البدع والمنكرات، وأما مع الخلو من ذلك، فلا حرج فيه.
قال شمس الدين المنبجي الحنبلي: ” إن كان الاجتماع فيه موعظة للمعزَّى بالصبر والرضا وحصل له من الهيئة الاجتماعية تسلية بتذاكرهم آيات الصبر، وأحاديث الصبر والرضا، فلا بأس بالاجتماع على هذه الصفة، فإن التعزية سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن على غير الصفة التي تفعل في زماننا من الجلوس على الهيئة المعروفة اليوم، لقراءة القرآن، تارةً عند القبر في الغالب، وتارةً في بيت الميت، وتارة في المجامع الكبار، فهذا بدعة محدثة، كرهها السلف “.
انتهى من ” تسلية أهل المصائب ” (ص: 121).
فأدلة القول الثاني – وهو القول بالجواز – أصح إسناداً، وأظهر دلالةً، وأما أدلة المنع فهي آثار ضعيفة، ليس منها شيء صريح الرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كما أن دلالتها محتملة، إذ يبدو أن المنع فيها ليس عن الجلوس للتعزية المجردة، بل عن تكلف أهل الميت للناس بصنع الطعام وقد جاءهم ما يشغلهم بالمصيبة.