1579 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم ووالدينا)
———-‘———–‘———
الصحيح المسند:
1579 – قال الإمام النسائي رحمه الله: أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم قال حدثنا أبي أنبأنا الحسن وهو ابن صالح عن أبي إسحق ح و حدثنا عمرو بن علي قال حدثنا عبد الرحمن قال حدثنا شريك عن أبي إسحق عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها قالت
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ بعد الغسل.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم.
…………………………….
قال الامام الترمذي: وهذا قول غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين أن لا يتوضأ بعد الغسل.
قال الاثيوبي في شرح سنن النسائي:
شرح الحديث
(عن عائشة رضي الله عنها) أنها (قالت: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لا يتوضأ بعد الغسل) أي يصلي بعد الاغتسال وقبل الحدث بلا وضوء جديد اكتفاء بالوضوء الأول الذي كان قبل الاغتسال، أو بما كان في ضمن الاغتسال. والأول أولى.
وفي الباب عن ابن عمر مرفوعًا، وعنه موقوفًا: “أنه لما سئل عن الوضوء بعد الغسل: وأيّ وضوء أعم من الغسل؟ ” رواه ابن أبي شيبة. وروي عنه أنه قال لرجل قال له: “إني أتوضأ بعد الغسل، فقال: لقد تعمقت”. وروي عن حذيفة أنه قال: “أما يكفي أحدكم أن يغتسل من قرنه إلى قدمه حتى يتوضأ”، وقد روي نحو ذلك عن جماعة من الصحابة ومن بعدهم، حتى قال أبو بكر بن العربي: إنه لم يختلف العلماء أن الوضوء داخلٌ تحت الغسل، وأن نية طهارة الجنابة تأتي على طهارة الحدث، وتقضي عليها؛ لأن موانع الجنابة أكثر من موانع الحدث، فدخل الأقل في نية الأكثر، وأجزأت نية الأكبر عنه. اهـ نيل ج 1 ص 270.
قال الجامع (الاثيوبي): دعوى عدم اختلاف العلماء في دخول الوضوء تحت الغسل غير مسلمة، لما تقدم أن مذهب داود، وأبي ثور، وطائفة أن الغسل لا ينوب عن الوضوء. فالخلاف موجود، وإن كان الراجح خلافه. وكذا في الفتح أطلق أنهم يقولون: إن الغسل لا ينوب عن الوضوء للمحدث في ج 1 ص 429، والذي في المجموع للنووي ج 2 ص 186 بعد أن حكى عن أبي ثور، وداود، أنهما شرطا الوضوء في الغسل: ما نصه كذا حكاه أصحابنا عنهما، ونقل ابن جرير الإجماع على أنه لا يجب. اهـ. ففي ثبوت ذلك عنهم توقف، وقد تقدم ترجيح قول الجمهور بدليله.
قال الالباني في تمام المنة: قوله: ” إذا اغتسل من الجنابة ولم يكن قد توضأ يقوم الغسل عن الوضوء قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يتوضأ بعد الغسل
وعن ابن عمر أنه قال لرجل قال له: إني أتوضأ بعد الغسل؟ فقال له: لقد تعمقت ”
قلت (الالباني): في هذا الاستدلال نظر أما الأثر عن ابن عمر فموقوف ولا حجة فيه إن صح ثم الظاهر أن المراد منه ما يراد من الحديث وهو أن السنة الوضوء قبل الغسل لا بعده بدليل حديثها الآخر قالت: ” كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه وتوضأ وضوءه للصلاة ثم اغتسل. . الحديث ”
أخرجه الشيخان وغيرهما
ولا شك أن من توضأ قبل الغسل ثم بعده فهو تعمق ومن اقتصر على الوضوء بعده فهو مخالف للسنة فليس إذن في حديث عائشة أنه صلى الله عليه و سلم كان لا يتوضأ في الغسل مطلقا ولو كان كذلك لصح الاستدلال به وإذ لا فلا
فالأولى الاستدلال بحديث جابر بن عبد الله: أن أهل الطائف قالوا: يا رسول الله إن أرضنا أرض باردة فما يجزئنا من غسل الجنابة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: أما أنا فأفرغ على رأسي ثلاثا
رواه مسلم وغيره
وبه استدل البيهقي للمسألة فقال في ” سننه ” (1/ 177): ” باب: الدليل على دخول الوضوء في الغسل. . ” وهذا ظاهر من الحديث فإذا ضم إليه حديث عائشة الذي أورده المؤلف – وهو صحيح كما بينته في ” صحيح سنن أبي داود ” برقم (244) – ينتج منهما أنه صلى الله عليه و سلم كان يصلي بالغسل الذي لم يتوضأ فيه ولا بعده، والله أعلم.
قال العباد في شرح سنن أبي داود: أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: [باب في الوضوء بعد الغسل]، يعني: أنه لا يشرع، وليس للإنسان أن يتوضأ بعد الغسل إذا كان توضأ قبله، أو نوى بالاغتسال رفع الحدث الأكبر والأصغر، ولم يمس ذكره في أثناء اغتساله، أما إذا اغتسل ولم ينو رفع الحدث الأصغر وإنما نوى رفع الحدث الأكبر فقط، أو أنه اغتسل ونوى رفع الحدث الأكبر والأصغر ولكنه مس ذكره في أثناء اغتساله، فإن عليه أن يتوضأ بعد ذلك، والأصل أن الإنسان لا يحتاج إلى وضوء بعد الاغتسال، مادام أنه توضأ قبل الاغتسال، أو نوى بالاغتسال رفع الحدث الأكبر والأصغر، لكن إذا لم ينو رفع الحدث الأصغر عند اغتساله أو نواه ولكنه مس ذكره وهو يغتسل؛ فإنه عليه أن يتوضأ؛ لأن مس الذكر ناقض للوضوء؛ وعلى هذا فالوضوء بعد الغسل لا يشرع إلا إذا لم ينو المغتسل رفع الحدث الأصغر عند الاغتسال، أو أنه نوى رفع الحدث الأكبر والأصغر ولكنه مس ذكره، فإنه في هذه الحالة عليه أن يتوضأ بعد ذلك، وإلا فإنه لا يحتاج إلى وضوء.
قلت سيف بن دورة:
سؤال يجيب عنه بعض أهل الفتوى:
السؤال: هل الغُسل المسْتَحب كغُسل الجمعة يُغني عن الوضوء كغسل الجنابة؟
الإجابة: الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإنَّ القُرآن قد دلَّ علَىَ أن المُحْدِثَ حدثًا أكبر إنما يَجِبُ عليه الاغتسالُ فقط؛ قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]، فإذا فَعَلَهُ، شُرِعت له الصلاةُ؛ لذلك لا يجب عليه – على الراجح – أن ينويَ الوضوء مع الغسل؛ وهذا هو ما عناه جماهيرُ أهل العلم من أن الوضوء يندرج تحت غسل الجنابة، فتدبره فإنه يجلي لك المسألة، ويُثْبِت أن ليس كلُّ غسل آخر مستحبٍّ يندرج تحته الغسلُ، أو يُجزِئُ عنه.
قال شيخ الإسلام في “مجموع الفتاوى” (21/ 396، 397): وهو سبحانه أمرنا بالطهارتين؛ الصغرى، والكبرى، وبالتيمم عن كل منهما، فقال: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} [المائدة: 6]، فأمر بالوضوء، ثم قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]، فأمر بالتطهُّر من الجنابة؛ كما قال في المحيض: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَاتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ} [البقرة: 222]، وقال في سورة النساء: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43]؛ وهذا يُبينُ أن التطهُّر هُو الاغتسال، والقُرآنُ يدُل على أنهُ لا يجبُ على الجُنُب إلا الاغتسالُ، وأنهُ إذا اغتسل جاز لهُ أن يقرب الصلاة، والمُغتسلُ من الجنابة ليس عليه نيةُ رفع الحدث الأصغر؛ كما قال جُمهُورُ العُلماء.
والمشهُورُ في مذهب أحمد: أنَّ عليه نية رفع الحدث الأصغر، وكذلك ليس عليه فعلُ الوُضُوء، ولا ترتيبٌ ولا مُوالاةٌ عند الجُمهُور؛ وهُو ظاهرُ مذهب أحمد، وقيل: لا يرتفعُ الحدثُ الأصغرُ إلا بهما، وقيل: لا يرتفعُ حتى يتوضأ؛ رُوي ذلك عن أحمد.
والقُرآنُ يقتضي أن الاغتسال كافٍ، وأنهُ ليس عليه بعد الغُسل من الجنابة حدثٌ آخرُ، بل صار الأصغرُ جُزءًا من الأكبر؛ كما أن الواجب في الأصغر جُزءٌ من الواجب في الأكبر؛ فإن الأكبر يتضمنُ غسل الأعضاء الأربعة؛ ويدُل على ذلك قولُ النبي صلى اللهُ عليه وسلم لأُم عطية واللواتي غسلن ابنته: “اغسلنها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك إن رأيتُن ذلك، بماء وسدرٍ، وابدأن بميامنها، ومواضع الوُضُوء منها”، فجعل غسل مواضع الوُضُوء جُزءًا من الغُسل، لكنهُ يُقدمُ كما تُقدم الميامنُ، وكذلك الذين نقلُوا صفة غُسله كعائشة رضي اللهُ عنها ذكرتْ “أنهُ كان يتوضأُ ثُم يُفيضُ الماء على شعره ثُم على سائر بدنه”، ولا يقصدُ غسل مواضع الوُضُوء مرتين، وكان لا يتوضأُ بعد الغُسل؛ فقد دل الكتابُ والسنةُ على أن الجُنُب والحائض لا يغسلان أعضاء الوُضُوء، ولا ينويان وُضُوءًا بل يتطهران ويغتسلان؛ كما أمر اللهُ تعالى وقولُهُ: {فَاطَّهَرُوا}: أراد به الاغتسال؛ فدلَّ على أن قولهُ في الحيض: {حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} أراد به الاغتسال كما قالهُ الجُمهُورُ؛ مالكٌ، والشافعي، وأحمد، وأن من قال: هُو غسلُ الفرج – كما قالهُ داوُد – فهُو ضعيفٌ”.
أما الأغسال المشروعةُ الأخرى كغسل الجمعة؛ سواءٌ قلنا بوجوبه، أو باستحبابه، أو بوجوبه على من يخرج منه العرق، فلا تجزئ عن الوضوء؛ لأنها ليس فيها رفعُ حدثِ الغُسل، ولا يجزئ الغسل عن الوضوء إذا لم يكن غسلًا واجبًا، فإذا اغتَسَلَ المكلفُ غسلًا مباحًا أو مسنونًا، لم يرتفع حدثُهُ الأصغرُ بذلك؛ ففي “حاشية الصاوي على الشرح الصغير” (1/ 173، 174): “غُسْلُ الجنابةِ يجزئ عن الوضوء، وأما لو كان غيرَ واجبٍ – كغسل الجمعة والعيدين – فلا يجزئ عن الوضوء، ولا بد من الوُضوءِ إذا أَرَادَ الصَّلاةَ ” انتهى.
وقال العلامة ابن باز في “فتاوى نور على الدرب” (5/ 299): “غُسلُ الجُمُعة لا يكفي، بل لا بُدَّ من الوُضوء الشرعي، لكن لو كان غُسل الجنابة، وَنَوَى الحدثين أَجْزَأَ، وأما الغُسلُ المستحبُّ؛ غسل الجُمُعة، فهذا لا يكفي، بل عليه أن يُعيدَ الصلاة ظهرًا، لأن الجُمُعة لا تُقْضَى إلا ظهرًا، والغُسلُ المستحبُّ لا يجزِئ عن الوضوء، حتى ولو نَوَى، إلَّا إذا رَتَّبَ؛ غَسَلَ وَجْهَهُ ثم يديه، ثم مَسَحَ رأسهُ وأُذُنيه، ثم غَسَلَ رجليه في أثناء الغسل، فلا بأسَ، يكفي؛ يعني تَوَضَّأَ وهو يَغتسِلُ بالترتيبِ والنيَّةِ”.
-‘——-
وسُئل ابن عثيمين رحمه الله – أيضاً -: هل الاستحمام يكفي عن الوضوء؟
فأجاب:
” الاستحمام إن كان عن جنابة: فإنه يكفي عن الوضوء؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) فإذا كان على الإنسان جنابة وانغمس في بركة أو في نهر أو ما أشبه ذلك، ونوى بذلك رفع الجنابة وتمضمض واستنشق: فإنه يرتفع الحدث عنه الأصغر والأكبر؛ لأن الله تعالى لم يوجب عند الجنابة سوى أن نطَّهَّر، أي: أن نَعُمَّ جميع البدن بالماء غسلاً، وإن كان الأفضل أن المغتسل من الجنابة يتوضأ أولاً؛ حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يغسل فرجه بعد أن يغسل كفيه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يفيض الماء على رأسه، فإذا ظن أنه أروى بشرته أفاض عليه ثلاث مرات، ثم يغسل باقي جسده.
أما إذا كان الاستحمام لتنظيف أو لتبرد: فإنه لا يكفى عن الوضوء؛ لأن ذلك ليس من العبادة، وإنما هو من الأمور العادية، وإن كان الشرع يأمر بالنظافة، لكن لا على هذا الوجه، بل النظافة مطلقا في أي شيء يحصل فيه التنظيف.
وعلى كل حال: إذا كان الاستحمام للتبرد أو النظافة: فإنه لا يجزئ عن الوضوء ” انتهى.
” مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين ” (11 / السؤال رقم 182)
جاء في “شرح مختصر خليل” للخرشي (1/ 175):
” فإن اقتصر المتطهر على الغسل دون الوضوء أجزأه، وهذا في الغسل الواجب، أما غيره فلا يجزئ عن الوضوء، ولا بد من الوضوء إذا أراد الصلاة ” انتهى.
وجاء في “حاشية الصاوي على الشرح الصغير” (1/ 173 – 174):
” غسل الجنابة يجزئ عن الوضوء .. وأما لو كان غير واجب – كغسل الجمعة والعيدين فلا يجزئ عن الوضوء، ولا بد من الوضوء إذا أراد الصلاة ” انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في “لقاء الباب المفتوح” (رقم109/سؤال14):
” إذا اغتسل بنية الوضوء ولم يتوضأ فإنه لا يجزئه عن الوضوء إلا إذا كان عن جنابة , فإن كان عن جنابة فإن الغسل يكفي عن الوضوء، لقول الله تبارك وتعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) المائدة/6، ولم يذكر وضوءاً.
أما إذا كان اغتسل للتبرد أو لغسل الجمعة أو لغسل مستحب فإنه لا يجزئه؛ لأن غسله ليس عن حدث.
والقاعدة إذاً: إذا كان الغسل عن حدث – أي: عن جنابة – أو امرأة عن حيض أجزأ عن الوضوء، وإلا فإنه لا يجزئ ” انتهى بتصرف يسير.
وهناك قول بأجزاء غسل الجمعة أو الاغسال المستحبة لأنها عبادة:
يجزئ: [موقع العلامة عبدالكريم الخضير]
السؤال: من اغتسل غسلاً مباحاً أو مسنوناً كغسل الجمعة أو التبريد مثلاً غسل مجزئ فهل يكفي عن الوضوء؟
الجواب:
من اغتسل غسلاً مباحاً فإنه لا يجزئه عن الوضوء بل لا بد أن يتوضأ كأن اغتسل للتبرد مثلاً فإنه لا بد أن يتوضأ كغيره.
وإن اغتسل غسلاً مسنوناً كغسل الجمعة فالغسل المسنون طهارة شرعية يدخل فيها الوضوء كما لو توضأ لقراءة القرآن مثلاً فإنه يصلي به فالغسل المسنون يرفع الحدث؛ لأن الغسل المسنون يجزئ عن الغسل الواجب وإذا جزأ عن الغسل الواجب دخل فيه الوضوء.
الشيخ العثيمين في الشرح الممتع:
وإِن نوى غُسْلاً مَسْنُوناً أجْزَأَ عن واجب، ………..
قوله: «وإن نوى غُسْلاً مسنوناً أجْزَأَ عن واجبٍ»، مثاله: أن يغتسلَ من تغسيل الميِّت، أو يغتسل للإِحرام، أو للوقوف بعرفة، فهذه أغسال مسنونةٌ، وكذلك غُسْلَ الجمعة عند جمهور العلماء، والصَّحيح: أنه واجبٌ.
وظاهر كلام المؤلِّف ـ وهو المذهب ـ: ولو ذكر أن عليه غسْلاً واجباً وقيَّده بعض الأصحاب بما إِذا كان ناسياً حدثه (1)، أي: ناسياً الجنابة، فإِن لم يكن ناسياً فإِنَّه لا يرتفع؛ لأن الغُسْل المسنون ليس عن حدث، وإذا لم يكن عن حدث، فقد قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال بالنيَّات» (2). وهذا الرَّجلُ لم ينوِ إِلا الغُسْل المسنون، وهو يعلمُ أن عليه جنابة، ويذكر ذلك، فكيف يرتفع الحدث؟
وهذا القول ـ وهو تقييده بأن يكون ناسياً ـ له وجهةٌ من النَّظر.
وتعليلُ المذهب: أنه لما كان الغُسْل المسنونُ طهارةً شرعيَّة كان رافعاً للحدث، وهذا التَّعليل فيه شيء من العِلَّة، لأنَّه لا شَكَّ بأنَّه غُسْلٌ مشروع، ولكنه أدنى من الغُسْل الواجب من الجنابة، فكيف يقوى المسنونُ حتى يجزئ عن الواجب الأعلى؟
لكن إن كان ناسياً فهو معذور.
مثاله: لو اغتسل للجمعة ـ على القول بأنه سُنَّة ـ وهو عليه جنابة لكنه لم يذكرها، أو لم يعلم بالجنابة إِلا بعد الصلاة، كما لو احتلم ولم يعلم إلا بعد الصلاة، فإن صلاة الجمعة تكون صحيحة لارتفاع الجنابة.
أما إذا علم ونوى هذا الغسل المسنون فقط، فإن القول بالإجزاء في النفس منه شيء.
__________
(1) انظر: «الإِنصاف» (1/ 311، 315).
قال الفوزان في جواب له: الاحابة
نص السؤال هل الحمام يجزئ عن الوضوء؟ نص الإجابة إذا تحمم الشخص – أي اغتسل – بقصد التبرد أو التنظف؛ فهذا الاغتسال من المباحات لا يدخل في العبادة ولا يكفي عن الوضوء؛ لأن هذا الاغتسال ليس بقصد العبادة وإنما بقصد التبرد والتنظف، أما إذا اغتسل بنية العبادة؛ كأن يكون اغتسل عن الجنابة لإزالة الحدث أو اغتسل غسلًا مستحبًّا كغسل يوم الجمعة ونوى معه الوضوء فإن الوضوء يدخل في الاغتسال؛ لأن الطهارة الصغرى تدخل في الطهارة الكبرى إذا نواها
قلت سيف بن دورة: الأقرب في الأغسال المستحبة عدم الاجزاء عن الوضوء.