1297.1298.1296 … رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي وناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم ووالدينا)
———–‘———–‘
باب ما ينهى من الحلق عند المصيبة
1296 – وَقَالَ الحَكَمُ بْنُ مُوسَى: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ: أَنَّ [ص:82] القَاسِمَ بْنَ مُخَيْمِرَةَ حَدَّثَهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: وَجِعَ أَبُو مُوسَى وَجَعًا شَدِيدًا، فَغُشِيَ عَلَيْهِ وَرَاسُهُ فِي حَجْرِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِهِ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئًا، فَلَمَّا أَفَاقَ، قَالَ: أَنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرِئَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ وَالحَالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ»
باب ليس منا من ضرب الخدود
1297 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ»
باب ما ينهى من الويل ودعوى الجاهلية عند المصيبة
1298 – حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ، وَشَقَّ الجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ»
—————-
فوائد الأبواب:
1 – حديث أبي موسى رضي الله عنه أخرجه الستة إلا الترمذي.
2 – قال أبو القاسم البغوي بلغني أن أبا موسى توفي سنة ثنتين أو سنة أربع وأربعين وهو ابن نيف وستين سنة.
3 – وزوجه ابْنَةُ الدُّومِيِّ أُمُّ أَبِي بُرْدَةَ راوي الحديث وهي صحابية رضي الله عنها.
4 – قوله (وقال الحكم بن موسى) لم يخرج له في الصحيح غير هذا الحديث في ظني، وصورته صورة التعليق لذا قال غير واحد أخرج له البخاري تعليقا،” واعتذر ابن التين عن البخاري كونه لم يسنده بأنه لا يخرج للقاسم بن مخيمرة، وزعم بعضهم أنه لا يخرج للحكم أيضًا إلا هذا غير محتج بهما” قاله ابن الملقن في التوضيح.
5 – وقد وصله مسلم وغيره، تابعه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ الصُّورِيُّ أخرجه أبو عوانة في مستخرجه.
6 – قال ابن مندة في كتاب الإيمان له وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِر
قلت سيف بن دورة: لعله يقصد
حديث أبي أمامة عند ابن ماجه وصححه ابن حبان (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الخامشة وجهها والشاقة جيبها والداعية بالويل والثبور) فهو من طريق أبي أسامة عن عبدالرحمن ابن يزيد بن جابر عن مكحول والقاسم عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن …. أخرجه ابن ماجه 1585. وابن حبان 737. وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة 2147
لكن قال ابن معين وسأل عن حديث مكحول: ملنا مع مكحول إلى أبي أمامه.؟ قال: ليس يثبتونه في رواية أبي أمامه
قال البخاري: عبدالرحمن بن يزيد بن تميم السلمي الشامي عن مكحول عنده مناكير ويقال: هو الذي روى عنه أهل الكوفة؛ أبو أسامة وحسين فقالوا: عبدالرحمن بن يزيد بن جابر. التاريخ الكبير 5/ 365
وقال ابوحاتم: عبدالرحمن بن يزيد بن جابر لا أعلم أحدا من أهل العراق يحدث عنه وإن الذي عندي أن الذي يروي عنه أبو اسامه وحسين الجعفي واحد وهو عبدالرحمن بن يزيد بن تميم لأن أبا أسامة روى عن عبدالرحمن بن يزيد.
انتهى من المسند المعلل
7 – والحالقة: التي تحلق شعرها، قاله البغوي في شرح السنة، وزاد ابن الجوزي في كشف مشكل الصحيحين وابن الأثير في جامع الأصول “عند المصيبة”، وزاد العيني في عمدته “إذا حلت به”.
8 – فيه تعليم الرجل أهله، وإنكاره عليهم.
9 – قوله (ورأسه في حجر امرأة من أهله) زاد مسلم (فصاحت) وفي رواية عنده أيضا (برنة).
10 – قوله (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ) وفي رواية عند مسلم (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنا بريء)، وفي رواية عند مسلم (ليس منا)، وقد سبق شرحها في الباب السابق.
11 – مسألة قال عيسى: قيل له: فما شق الورثة من الثياب على الميت؟ قال: يضمنون، قيل: فإن خلى بينهم وبين ذلك الوصي، قال: يضمن إن كانوا صغارا، وإن كانوا كبارا فهو عليهم. قاله ابن رشد في البيان والتحصيل.
12 – قوله (وجع أبو موسى وجعا فغشي عليه) أي إن المرض يصيب المؤمن كما يصيب غيره لكن المؤمن يصبر ويحتسب فيؤجر.
13 – يتحرى المؤمن نصيحة غيره رغم ما هو فيه من البلاء.
14 – قوله (ورأسه في حجر امرأة من أهله) فيه أن المرأة المسلمة سكن لزوجها، ومن المودة بينهما أن وجد راحته في حجرها أكثر من الوسادة.
15 – قوله (فلم يستطع أن يرد عليها شيئا) بعد أن صاحت ألما لما أصابه.
16 – وفي رواية عند أبي داود والنسائي (أما سمعت ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالت بلى. قال فسكتت) أي تذكرت فامتثلت رضي الله عنها.
17 – قوله (فلما أفاق) أي من الغشي قام بما أوجب الله عليه من إنكار المنكر والتحذير منه.
18 – قوله (قال أنا بريء ممن برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم) فيه شدة اتباع أبي موسى رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم وهو في تلك الحال، فيستفاد منه الثبات على الصراط المستقيم حتى الممات.
19 – قوله (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة)، الصالقة: هي الرافعة صوتها بالبكاء والنوح، ويجوز بالسين، ومنه قوله سبحانه وتعالى: {سلقوكم بألسنة حداد} [الأحزاب: 19] أي جهروا فيكم بالسوء من القول، والصلق: الصوت الشديد، ويجوز أن تكون التي تلطم وجهها، يقال: سلقه بالسوط، أي: نزع جلده. قاله البغوي في شرح السنة.
20 – قوله (والشاقة): التي تشق ثوبها قاله البغوي في شرح السنة
21 – فائدة زائدة: (أما حلق الشارب فمنهي عنه، وإنما قلنا ذلك لقوله (صلى الله عليه وسلم): “ليس منا من حلق”). قاله أبو محمد المالكي في المعونة. والاستدلال بهذا الخبر في هذه المسألة في غير ما ورد فيه، وذلك لأنه وارد في النياحة كما نبه إليه الحافظ ابن حجر في الفتح
22 – حديث ابن مسعود رضي الله عنه وفيه ” ليس منا من ضرب الخدود” سبق قبل باب وضرب الخدود دليل تسخط العبد.
23 – … قوله (ما ينهى من الويل) يشير إلى حديث امرأة من المبايعات قالت كان فيما أخذ علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فى المعروف الذى أخذ علينا أن لا نعصيه فيه أن لا نخمش وجها ولا ندعو ويلا ولا نشق جيبا وأن لا ننشر شعرا. رواه أبو داود وصححه الألباني
24 – ثم أورد حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه من طريق آخر وقد سبق شرحه.
===== === ====
بَابُ مَا يُنْهَى مِنَ الحَلْقِ عِنْدَ المُصِيبَةِ
فوائد الباب:
– قال ابن الملقن في التوضيح فالحلق عند المصيبة حرام، كالندب والنياحة، ولطم الخدود، وشق الجيب، وخمش الوجه، ونشر الشعر، والدعاء بالويل والثبور، ومن وقع في لفظ الكراهة فالمراد بها التحريم.
– في قوله (وقال الحكم) روى البخاري الحديث بصيغة التعليق ولكن قالوا جاء التصريح بالتحديث في رواية أبي الوقت، وقالوا أن رواية التحديث وهم والصواب رواية التعليق، وعللوا ذلك بأن الذين جمعوا رجال البخاري في صحيحه أطبقوا على ترك ذكره في شيوخه، أيضاً وصله مسلم في صحيحه فقال: “حدثنا الحكم بن موسى القنطري”.
– و «من» ههنا تبعيضية أيضا. فلو احتاج عند المصيبة إلى الحلق جاز.
– هذا الحديث أصل عظيم في النهي عن المنكر، والخروج من تبعة الوقوع فيه
———-‘——-
بَابٌ: لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُود
فوائد الباب:
– قوله: (ودعا بدعوى الجاهلية) أي يقول بقول عرف في أهل الجاهلية في مثل هذا الموضع.
– قال الشيخ ابن باز رحمه الله كما في الحلل الإبريزية: قوله ليس منا للتحذير وليس المعنى بأنه كافر، وهذه اللفظة عند جمع من أهل العلم دالة على الكبيرة. ومثله: «من غشنا فليس منا».
——–
بَابُ مَا يُنْهَى مِنَ الوَيْلِ وَدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ المُصِيبَةِ
– الويل أن يقول عند المصيبة وا ويلاه
– ترجم البخاري بقوله: (باب ما ينهى من الويل)، ولم يأتي ذكر النهي عن الويل في الحديث ليس في الحديث ذكر النهي من الويل قال العيني في العمدة: قال الكرماني دعوى الجاهلية مستلزمه للويل ولفظ ليس منا للنهي
قلت سيف بن دورة: ذكر ابن حجر احتمال أنه أشار في بعض طرقه ففي حديث أبي أمامة عند ابن ماجه وصححه ابن حبان (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الخامشة وجهها والشاقة جيبها والداعية بالويل والثبور)
وسبق تعليل هذا الحديث.
– في هذا الحديث المتن هو المتن، لكن اللطيفة في السند، فشيخ البخاري في هذا الحديث يختلف عن شيخه في الحديث السابق، والسند في هذا الحديث يختلف عن السند في الحديث السابق، فتعددت طرق الحديث عند البخاري رحمه الله تعالى، وهذا من فقهه.
====
====
====
بَابُ مَا يُنْهَى مِنَ الحَلْقِ عِنْدَ المُصِيبَةِ
بَابٌ: لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ
بَابُ مَا يُنْهَى مِنَ الوَيْلِ وَدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ المُصِيبَةِ
قال العثيمين:
– هذه الأفعال عنوان على عدم الصبر، والواجب على المرء أن يصبر نفسه على قضاء الله لأنه مربوب، عبد يفعل به سيده عز وجل ما يشاء، فليصبر وليحتسب، أما كونه يفعل هذه الأمور المنكرة التي تعبر تعبيرا ظاهرا عن السخط فهذا يجب البراءة منه.
– البراءة منه هنا براءة ناقصة لأن البراءة الكاملة هي البراءة من الكفار، كما قال الله تعالى ” قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله”. أما من ليس بكافر فالبراءة منه براءة ناقصة بمعنى أننا نبرأ منه في هذا العمل الذي عمله، ولكن لا نبرأ منه بكونه مؤمنا، وهذا هو العدل، أن يعطى كل إنسان ما يستحقه من أوصاف وأعمال. اهـ
قال العيني في عمدة القاري:
مطابقته للترجمة في قوله والحالقة وإنما خص الحلق بالذكر وإن كان حديث الباب مشتملا على ثلاثة أشياء لكونه أبشعها في حق النساء. اهـ
قال البسام في عمدة الأحكام:
1 – الصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة، بالنَّوْح والعويل.
2 – الحالقة: التي تحلق شعرها، أو تنتفه من شدة الجزع والهلع.
3 – الشاقة: التي تشق جيبها أو ثوبها تَسَخُّطاً في قضاء الله.
4 – دعوى الجاهلية: وذلك بالتفجع كل الميت والنياحة عليه بأنه قاتل النفوس وكهف العشيرة وكافل الأيتام .. إلى غير ذلك من المناقب التي كانوا يعددونها، ومثله الندبة كـ” ياسنداه ” و ” انقطاع ظهراه ” وكل قول ينبيء عن السخط والجزع من قدر الله تعالى وحكمته.
5 – ضرب الخدود لطمها، وقد جاء بالجمع مناسبة لما بعده.
6 – الجيب: ما شق من الثوب لإدخال الرأس.
ما يؤخذ من الحديث:
1 – تحريم التسخط من أقدار الله المؤلمة، وإظهار ذلك بالنياحة أو الندب أو الحلق أو الشق أو غير ذلك كَحَثي التراب على الرأس.
2 – تحريم تقليد الجاهلية بأمورهم التي لم يقرهم الشارع عليها، ومن جملتها دعاويهم الباطلة عند المصائب.
3 – أن هذا الفعل وهذا القول من الكبائر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم تَبَرَّأ ممن عمل ذلك، ولا يتبرأ إلا من فعل كبيرة.
4 – لا بأس من الحزن والبكاء، فهو لا ينافي الصبر على قضاء الله. وإنما هو رحمة جعلها الله في قلوب الأقارب والأحِبَّاء.
فائدتان:
الأولى: الإيمان بالله تعالى، وحسن رجاء العبد بره ومثوبته، ظل ظليل يأوي إليه كل من لفحته سمائم الحياة المحرقة …
الثانية: مذهب أهل السنة والجماعة، أن المسلم لا يخرج من دائرة الإسلام بمجرد فعل المعاصي وإن كبرت، كقتل النفس بغير حق.
=====
قال ابن القيم بعد أن رجح جواز البكاء على الميت ورد شبه المانعين:
فصل: وأما الندب والنياحة فنص أحمد على تحريمها قال في رواية حنبل النياحة معصية وقال أصحاب الشافعى وغيرهم النوح حرام وقال ابن عبد البر أجمع العلماء على أن النياحة لا تجوز للرجال ولا للنساء وقال بعض المتأخرين من أصحاب أحمد يكره تنزيها وهذا لفظ أبى الخطاب في الهداية قال ويكره الندب والنياحة وخمش الوجوه وشق الجيوب والتحفي والصواب القول بالتحريم لما في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود أن النبي قال: “ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعى بدعوى الجاهلية ” وفي الصحيحين أيضا عن أبى بردة قال وجع أبو موسى وجعا فغشى عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله فصاحت امرأة من أهله فلم يستطع أن يرد عليها شيئا فلما أفاق قال أنا بريء مما بريء منه رسول الله فان رسول الله برئ من الصالقة والحالقة والشاقة وفي الصحيحين أيضا عن المغيرة بن شعبة قال سمعت رسول الله يقول: ” إن من ينح عليه يعذب بما نيح عليه ” وفي الصحيحين أيضا أم عطية قالت أخذ علينا رسول الله في البيعة ألا ننوح فما وفت منا امرأة الا خمس نسوة
وفي صحيح البخارى عن ابن عمر أن النبي قال: “الميت يعذب في قبره بما ينح عليه ” وفي صحيح مسلم عن أبى مالك الأشعرى أن النبي قال أربع في أمتى من أمر الجاهلية لا يتركونهن “الفخر بالاحساب والطعن في الانساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة” وقال “النائحة اذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب”
وفي سنن ابى داود عن أسيد بن أبي أسيد عن امرأة من المبايعات قالت كان فيما أخذ علينا رسول الله في المعروف الذى أخذ علينا أن لا نعصيه فيه أن لا نخمش وجها ولا ندعو ويلا ولا نشق جيبا ولا ننفش شعرا. (صححه الالباني في ” احكام الجنائز “) وفي المسند عن انس قال: “أخذ النبي على النساء حين بايعهن أن لا ينحن فقلن يا رسول الله ان نساء أسعدتنا في الجاهلية أفنسعدهن في الاسلام فقال لا إسعاد في الاسلام” _ صحيح النسائي 1852، أحاديث معلة 14) وقد تقدم قوله: “ما كان من اليد واللسان فمن الشيطان ” وقوله “نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين صوت عند مصيبة خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان”
وفي مسند الامام أحمد من حديث أبى موسى أن رسول الله قال: “الميت يعذب ببكاء الحى اذا قالت النائحة واعضداه واناصراه واكاسياه جبذ الميت وقيل له أنت عضدها أنت ناصرها أنت كاسيها ” (الضعيفة 3151) وفي صحيح البخارى عن النعمان ابن بشير قال أغمى على عبد الله بن رواحة فجعلت أخته عمرة تبكى وتقول واجبلاه واكذا واكذا تعدد عليه فقال حين أفاق ما قلت لى شيئا إلا قيل لى أنت كذا فلما مات لم تبك عليه.
وكيف لا تكون هذه الخصال محرمة وهى مشتملة على التسخط على الرب وفعل ما يناقض الصبر والاضرار بالنفس من لطم الوجه وحلق الشعر ونتفه والدعاء عليها بالويل والثبور والتظلم من الله سبحانه وإتلاف المال بشق الثياب وتمزيقها وذكر الميت بما ليس فيه ولا ريب أن التحريم الشديد يثبت ببعض هذا
وقال المبيحون لمجرد الندب والنياحة مع كراهتهم له قد روى حرب عن وائلة بن الأسقع وأبى وائل أنهما كانا يسمعان النوح ويسكتان
قالوا وفي الصحيحين عن أم عطية قالت لما نزلت هذه الآية {يا أيها النبي اذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا} إلى قوله {ولا يعصينك في معروف} كان منه النياحة فقلت:
يا رسول الله “الا آل فلان” فإنهم كانوا أسعدونى في الجاهلية فلا بد لى من أن أسعدهم فقال الا آل فلان وفي رواية لهما أنها قالت بايعنا رسول الله فقرأ علينا {أن لا يشركن بالله شيئا} ونهانا عن النياحة فقبضت منا امرأة يدها فقالت فلانة أسعدتنى فأنا أريد أن أجزيها قالت فما قال لها شيئا فذهبت فانطلقت ثم رجعت فبايعها قالوا وهذا الاذن لبعضهن في فعله يدل على أن النهى عنه تنزيه لا تحريم ويتعين حمله على المجرد من تلك المفاسد جمعا بين الأدلة
قال المحرمون لا تعارض سنة رسول الله بأحد من الناس كائنا من كان ولا نضرب سننه بعضها ببعض وما ذكرنا من النصوص صحيحة صريحة لا تحتمل تأويلا وقد انعقد عليها الإجماع وأما المرأة التى قال لها الا آل فلان والمرأة التى سكت عنها فذلك خاص بهما لوجهين
أحدهما: أنه قال لغيرهما لما سألته ذلك لا إسعاد في الإسلام
والثانى: أنه أطلق لهما ذلك وهما حديثا عهد بالاسلام وهما لم يميزا بين الجائز من ذلك وبين المحرم وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز فعلم أن الحكم لا يعدوهما إلى غيرهما وأما الكلمة اليسيرة اذا كانت صدقا لا على وجه النوح والتسخط فلا تحرم ولا تنافي الصبر الواجب نص عليه أحمد في مسنده من حديث أنس أن أبا بكر رضى الله عنه دخل على النبي بعد وفاته فوضع فمه بين عينيه ووضع يده على صدغيه وقال وانبياه واخليلاه واصفياه
وفي صحيح البخارى عن أنس أيضا قال: لما ثقل على النبي جعل يتغشاه الكرب فقالت فاطمة: واكرب أبتاه فقال ليس على أبيك كرب بعد اليوم فلما مات قالت يا أبتاه أجاب ربا دعاه يا أبتاه جنة الفردوس مأواه يا أبتاه إلى جبريل أنعاه فلما دفن قالت فاطمة يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله التراب وقال النبي: “وانا بك يا ابراهيم لمحزنون ” وهذا ونحوه من القول الذى ليس فيه تظلم للمقدور ولا تسخط على الرب ولا اسخاط له فهو كمجرد البكاء.
تنبيه: الحديث الذي في سنن ابى داود عن أسيد بن أبي أسيد عن امرأة من المبايعات
ذكره المزي في ترجمة أسيد بن أبي أسيد وذكر احتمال انقطاع.
تنبيه: ما يحصل من الأمراض النفسية نتيجة مصيبة أو التخوف من فقر أو موت إنما هو نتيجة ضعف الإيمان والعلم.