1568 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم ووالدينا)
——‘——-‘——-
1568 – قال الإمام أبو داود رحمه الله: حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا الأشعث عن محمد بن سيرين عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصل في شعرنا أو في لحفنا.
قال عبيد الله شك أبي.
هذا حديث صحيح.
……………………….
قال ابن الامام أحمد عبد الله قال أبي: ما سمعتُ عن أشعث أنكرَ من هذا، وأنكره انكاراً شديداً.
” العلل ومعرفة الرجال ” (3/ 464)
قال الشيخ الالباني: (تنبيه): هكذا وقع الحديث في جميع المصادر المتقدمة بلفظ:
كان لا يصلي … إلخ؛ إلا في رواية لابن حبان (2324)؛ فهي بلفظ:
كان يصلي … !
بحذف (لا) النافية! وهي عنده من طريق أشعث بن سَوَّار عن ابن سيرين … به.
وأشعث هذا ضعيف، ودونه أحد المجهولين؛ كما بينته في “الصحيحة”
(3321) تحت حديث عائشة الصحيح هذا. اهـ ” صحيح أبي داود ”
قلت سيف بن دورة:
ذكر أبو داود الحديث في 135 – باب الصَّلاَةِ فِى شُعُرِ النِّسَاءِ. 367
وقلنا في تعليقنا عليه:
قال ابن رجب: وقد أنكره الإمام أحمد إنكاراً شديداً، وفي إسناده اختلاف على ابن سيرين.
وقد روي عنه أنه قال: سمعته منذ زمان ولا أدري ممن سمعته ولا أدري أسمعته من ثبت أو لا؟ فاسألوا عنه. [فتح الباري:1/ 462]
ـ وقال الدارقُطني بعد ذكر الخلاف:
والقول قول أشعث، عن ابن سِيرين. «العلل» (3720).
ومحققو المسند في المقدمة نقلوا تعليل الإمام أحمد لكنهم في تحقيق الحديث 227/ 41 قالوا: حسن لغيره. وفيه نبئت عن عائشة.
تنبيه: ذكر بعض الباحثين أن هناك تصحيف وقع لرواية عبدالله بن شقيق في صحيح ابن حبان حيث أورده بلفظ (يصلي في لحفنا) والصواب (لا يصلي). وكذا وقعت عند ابن حبان في موضع آخر (لا يصلي)
واشعث بينه المزي فقال في تحفة الإشراف: أشعث هو ابن عبدالملك، وقال الباحث: أن أشعث محتمل أن يكون ابن سوار الضعيف.
قلت: وقع التصريح انه ابن عبدالملك في سنن الترمذي 600، بينما وقع التصريح في صحيح ابن حبان أنه بن سوار 2330 لكن بلفظ (يصلي) وسبق انها مصحفه، فلعل بن سوار أيضا خطأ.
ووقع في النقل عن أحمد انه أشعث الحمراني، وكذلك في علل الدارقطني وقع أشعث بن عبدالملك الحمراني.
وكذلك في شرح السنة للبغوي وقع (أشعث بن عبدالملك).
المهم أن الأئمة خطؤوه وإن كان ثقه
—–
قال الشيخ عبد المحسن العباد: والشُعُر: جمع شعار، وهي الثياب التي تلي الجسد، والدثار هو الثوب الذي وراءه.
إذاً: الشعار يكون بين الجسد وبين الدثار، ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم لما توفيت ابنته زينب أعطى من يغسلنها شعاره وقال: (أشعرنها إياه) فأعطاهن ثوبه الذي كان يلي جسده ليجعلنه مما يلي جسدها.
وفي الحديث: (أن الأنصار رضي الله عنهم وأرضاهم في غزوة حنين لما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم ولم يعطهم شيئاً من الغنائم وجدوا في أنفسهم، فجمعهم النبي صلى الله عليه وسلم وتكلم فيهم وأثنى عليهم، وكان مما قاله عليه الصلاة والسلام: لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار، ولو سلك الناس وادياً لسلكت وادي الأنصار وشعبها، الأنصار شعار والناس دثار)
قوله: (الأنصار شعار) يعني: أنهم في قربهم منه كقرب الشعار من جسد الإنسان.
وقوله: (والناس دثار) يعني الثوب الذي وراء الشعار.
والحاصل أن شُعُر النساء جمع شعار، ككتب وكتاب، فالمفرد شعار والجمع شُعُر، كالكتاب والكتب، فالكتاب مفرد والكتب جمع.
والترجمة معقودة في عدم الصلاة في شعر النساء؛ لأن الأحاديث التي أوردها أنه لا يصلى فيها، حيث قالت عائشة: (كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي في شعرنا أو في لحفنا) والشك هو من معاذ والد عبيد الله في الإسناد، حيث قال: (شعرنا، أو لحفنا) واللحاف هو الذي يكون فوق الشعار غالباً، أي: ما يلتحف به ويكون فوق الشعار، وقد يلتحف الإنسان بالشعار الذي يلي جسده.
والجمع بين أحاديث النهي عن الصلاة في شعر النساء وأحاديث الجواز هو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي في شعر نسائه إذا كان فيها شيء من الأذى، بأن يكون فيها شيء من دم الحيض أو شيء من النجاسة، فعدم الصلاة فيها لما قد يكون فيها من أذى، أما إذا تحقق من أنها نظيفة وأنه ليس فيها شيء من النجاسات فإنه يصلى فيها؛ لأنه سيأتي في بعض الأحاديث في الترجمة التي بعدها ما يدل على جواز ذلك، وعلى هذا فيجمع بين الأحاديث التي فيها الصلاة في اللحف والشعر بأنه لم يكن فيها شيء من النجاسة، والنهي والامتناع من الصلاة فيها إذا كان فيها شيء من النجاسة. (شرح سنن أبي داود)
——
قلت سيف بن دورة:
قال ابن رجب:
قال أبو بكر الأثرم: أحاديث الرخصة أكثر وأشهر. قالَ: ولو فسد على الرجال الصلاة في شعر النساء لفسدت الصَّلاة فيها على النساء.
وهذا الكلام يدل على أن النساء لا يكره لهن الصلاة في ثياب الحيض بغير خلاف، إنما الخلاف في الرجال
والأحاديث التي أشار إليها في الرخصة متعددة:
ففي ((صحيح مسلم))، عَن عائشة، قالت: كانَ النبي – صلى الله عليه وسلم – يصلي مِن الليل وأنا إلى جنبه، وأنا حائض، على مرط، وعليه بعضه.
وخرج النسائي، عَن عائشة، قالت: كنت أنا ورسول الله – صلى الله عليه وسلم -[نبيت] في الشعار الواحد، وأنا حائض طامث، فإن أصابه مني شيء غسلت ما أصابه، لَم يعده إلى غيره، ثُمَّ صلى فيهِ.
وخرج أبو داود وابن ماجه، عَن ميمونة، قالت: إن النبي – صلى الله عليه وسلم – صلي وعليه مرط، وعلى بعض أزواجه منهُ، وهي حائض، وَهوَ يصلي، وَهوَ عليهِ.
وخرج الإمام أحمد مِن حديث حذيفة، قالَ: قام النبي – صلى الله عليه وسلم – يصلي، وعليه طرف لحاف، وعلى عائشة طرفه، وهي حائض لا تصلي.
قالَ أبو عبيد في ((غريبة)): الناس على هَذا -يعني: على عدم كراهته.
واعلم؛ أن الصَّلاة في ثوب الحائض ليست كراهته مِن أجل عرقها؛ [فإن] عرق الحائض طاهر، نص عليهِ أحمد وغيره مِن الأئمة، ولا يعرف فيهِ [خلاف]-: قاله أبو عبيد وابن المنذر وغيرهما، حتى قالَ حماد: إنما يغسل الثوب مِن عرق الحائض المجوس.
وروى محمد بنِ عبد الله الأنصاري، عَن هشام بنِ حسان، عَن حفصة بنت سيرين، قالت: سألت امرأة عائشة، قالت: يكون علي الثوب أعرق فيهِ أيام تحيُّضي، أصلي فيهِ؟ قالت: نعم. قالت: وربما أصابه مِن دم المحيض؟ قالت: فاغسليه. قالت: فإن لَم يذهب أثره؟ قالت: فلطخيه بشيء مِن زعفران.
وإنما كره مِن كره ذَلِكَ لاحتمال أن يكون أصابه شيء مِن دم الحيض لَم يطهر -: كذا قاله أبو عبيد وغيره.
والصواب: أنَّهُ لا تكره الصلاة فيهِ، وأنه يغسل ما رئي فيهِ مِن الدم وينضح، ما لَم ير فيهِ شيء، ثُمَّ تصلي فيهِ، كَما دلت عليهِ هَذهِ السنن والآثار.
قالَ سفيان الثوري: الحائض لا تغسل ثوبها الذي حاضت فيهِ، إلا أن ترى دماً فتغسله.
وأما نضح ما لَم تر فيهِ دماً ,، فَهوَ مبني على أن النضح تطهير لما شك في نجاسته، وهذا قول مالك وجماعة مِن أهل العلم، وفيه خلاف سبق ذكره مستوفى في ((أبواب الوضوء))
وراجع كتابنا مختلف الحديث.