1274 – 1273 – 1272 – 1271 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي وناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات حاكم الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم)
———‘——-‘——-
رياح المسك العطرة:
صحيح البخاري
23 – باب الكفن بغير قميص؛؛؛
1271 – حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن هشام عن عروة عن عائشة – رضى الله عنها – قالت كفن النبى – صلى الله عليه وسلم – فى ثلاثة أثواب سحول كرسف، ليس فيها قميص ولا عمامة.
1272 – حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن هشام حدثنى أبى عن عائشة – رضى الله عنها – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كفن فى ثلاثة أثواب، ليس فيها قميص ولا عمامة.
24 – باب الكفن بلا عمامة
1273 – حدثنا إسماعيل قال حدثنى مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة – رضى الله عنها – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كفن فى ثلاثة أثواب بيض سحولية، ليس فيها قميص ولا عمامة.
باب: الكفن من جميع المال
وبه قال: عطاء، والزهـري، وعمرو بن دينار، وقتادة وقال عمرو بن دينار: «الحنوط من جميع المال» وقال إبراهـيم: «يبدأ بالكفن، ثم بالدين، ثم بالوصية» وقال سفيان: «أجر القبر والغسل هـو من الكفن»
1274 – حدثنا أحمد بن محمد المكي، حدثنا إبراهـيم بن سعد، عن سعد، عن أبيه، قال: أتي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يوما بطعامه، فقال: «قتل مصعب بن عمير وكان خيرا مني، فلم يوجد له ما يكفن فيه إ? بردة، وقتل حمزة – أو رجل آخر – خير مني، فلم يوجد له ما يكفن فيه إ? بردة، لقد خشيت أن يكون قد عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا ثم جعل يبكي
——-‘——
سبق الكلام على حديث عائشة رضي الله عنها: كفن فى ثلاثة أثواب بيض سحولية، ليس فيها قميص ولا عمامة.
وقد بوب البيهقي في السنن الكبرى:
باب “جواز التكفين في القميص وإن كنّا نختار ما اختير لرسول الله صلى الله عليه وسلم”
باب الكفن من جميع المال
فوائد الباب:
1 – قوله (الكفن من جميع المال) قال اكثر اهل العلم يخرج من جميع المال (منهم) مالك وسفيان الثوري والشافعي واحمد واسحاق قاله ابن المنذر في الأوسط وأضاف وبهذا نقول لان في خبر مصعب بن عمير دليل علي ذلك وهو قوله “لم يترك الا نمره كفن فيها” انتهى.
2 – قال ابن عبد البر في الاستذكار: وجمهور الفقهاء على أن الكفن من رأس المال ومن قال إنه من الثلث فليس بشيء لأن مصعب بن عمير لم يترك إلا نمرة قصيرة كفنه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلتفت إلى غريم ولا وارث
3 – وهو قول عامة العلماء والسلف وأئمة الفتوى، إلا ما حكى عن طاوس أنه من الثلث، إن كان المال قليلا، ولبعض السلف أنه من الثلث على الإطلاق، ولم يتابعا على هاتين المقالتين قاله القاضي عياض كما في إكمال المعلم بفوائد مسلم.
4 – سبق استدلال الإمام أحمد بحديث ابن عباس في الرجل الذي وقصته دابته بأن الكفن من جميع المال.
5 – قال الإمام أبو جعفر الطحاوي كما في شرح مشكل الآثار أكفان الموتى من تركاتهم مبداة على ديونهم وعلى وصاياهم وعلى ما يجب لوارثيهم من تركاتهم بمورثهم عنهم وهذا قول فقهاء الأمصار جميعا الذين تدور الفتيا عليهم ويرجع فيها إلى أقوالهم.
6 – قال المهلب: والحجة الواضحة للجماعة أن مصعب بن عمير، وحمزة لم يوجد لكل واحد منهما ما يكفن فيه، إلا بردة قصيرة، كفنه فيها رسول الله، ولم يلتفت إلى غريم ولا إلى وصية، ولا وارث، وبداه على ذلك كله، فدل أنه من رأس المال.
7 – واختلفوا في المرأة تموت ولها زوج فقالت طائفه الكفن من مالها هكذا قال الشعبي وبه قال احمد بن حنبل وقال مالك كفنها على زوجها إذا لم يكن لها مال وقال عبد الملك الماجشون انا اراه على الزوج وان كان لها مال لان النفقه تلزمه لها وان كانت ذات مال فكذلك الكفن قاله ابن المنذر في الأوسط.
8 – قال القاضي عياض:” فإن لم يكن له مال فعلى بيت المال أو جماعة المسلمين قال واختلف أصحابنا- أي الشافعية-، هل يلزم ذلك من كان تلزمه نفقته فى حياته أم لا؟
9 – قلت أما أثر الشعبي فأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه والدارمي في سننه واللفظ له عَنْ الشَّعْبِيِّ، فِي الْمَرْأَةِ تَمُوتُ، قَالَ: «تُكَفَّنُ مِنْ مَالِهَا، لَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ شَيْءٌ» وإسناده صحيح.
10 – قوله (الكفن من جميع المال) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط مرفوعا من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه ونحوه البيهقي في السنن الكبرى وفيه حسين بن عبد الله بن ضميرة قال البخاري منكر الحديث. قلت وله ترجمة سيئة في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم. وقَالَ ابن حبَان روى عَن أَبِيه عَن جده نُسْخَة مَوْضُوعَة قلت وهذا من روايته عن أبيه عن جده.
11 – وهذِه الترجمة أيضا رواها ابن أبي حاتم قال سألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رَوَاهُ ثُمامَة البصري عن أبِي الزُّبَير، عَنْ جَابِرٍ؛ قَالَ: الكَفَنُ مِنْ جَمِيعِ المَالِ؟ قَالَ أَبِي: هَذَا حديثٌ مُنكَرٌ كما في العلل له.
12 – … قوله (وبه قال عطاء) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه والدارمي في سننه واللفظ له من طريق ابن جريج عنه قَالَ: «الْحَنُوطُ، وَالْكَفَنُ مِنْ رَاسِ الْمَالِ» إسناده صحيح ولفظ الآخر «الْكَفَنُ وَالْحَنُوطُ دَيْنٌ» وزاد وَقَالَهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ.
13 – قوله (والزهري … وقتادة) أخرجه عبد الرزاق في مصنفه من طريق مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَتَادَةَ، قَالَا «الْكَفَنُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ».
14 – قوله (وقال إبراهيم يبدأ بالكفن ثم بالدين ثم بالوصية) أخرج الدارمي في سننه من طريق سُفْيَانُ، عَمَّنْ، سَمِعَ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «يُبْدَأُ بِالْكَفَنِ، ثُمَّ الدَّيْنِ، ثُمَّ الْوَصِيَّةِ» فيه إبهام السامع له من إبراهيم ووصله عبد الرزاق في مصنفه من طريق الثَّوْرِيِّ، عَنْ عبيدة عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: «يُبْدَأُ بِالْكَفَنِ، ثُمَّ الدَّيْنِ، ثُمَّ الْوَصِيَّةِ»، قُلْتُ: فَأَجْرُ الْقَبْرِ وَغَسْلُ الْكَفَنِ؟ قَالَ: «هُوَ مِنَ الْكَفَنِ» انتهى
15 – وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه والدارمي في سننه من طريق الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «الْكَفَنُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ» إسناده صحيح. وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه من طريق عبيدة عن إبراهيم به.
——–
16 – حديث عبد الرحمن بن عوف ذكر الحميدي في الجمع بين الصحيحين أنه من أفراد البخاري قلت وقد انفرد البخاري بإخرجه دون بقية الستة.
17 – يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّ كَفَنَ الْمَيِّتِ وَمَئُونَتَهُ مِنْ رَاسِ الْمَالِ بِالْمَعْرُوفِ قاله البيهقي في السنن الكبرى.
18 – قوله (وقتل حمزة أو رجل آخر) بين الحميدي في الجمع بين الصحيحن أن الشاك هو إبراهيم وكذا ورد عند البيهقي في الدلائل، والظاهر أنه يقصد إبراهيم بن سعد كما ورد صريحا كما في جزء من نسخة إبراهيم بن سعد من طريق أبي الحسن محمد بن عبد السلام بن أبي السوار السراج حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ به وفيه ” شَكَّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ فِي اسْمِهِ”.
19 – قوله (حدثنا أحمد بن محمد المكي) تابعه أبو مروان العثماني كما أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 1189 وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 1362 وتابعه بشر بن عمر الزهراني أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار 4048 وتابعه مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيُّ كما في مسند عبد الرحمن بن عوف لأبي العباس البرتي
20 – قوله (حدثنا إبراهيم بن سعد) تابعه شعبة كما عند البخاري 1275 و4045
21 – قوله (أتي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يوما بطعامه) زاد من طريق شعبة (وكان صائما) رواه البخاري 1275 و 4045
22 – قوله (إلا بردة) زاد من طريق شعبة المذكورة (إن غطي رأسه بدت رجلاه وإن غطي رجلاه بدا رأسه)
23 – قوله (لقد خشيت أن يكون قد عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا) ومن طريق شعبة المذكورة سابقا (ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط أو قال أعطينا من الدنيا ما أعطينا وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا)
24 – قوله (ثم جعل يبكي) زاد شعبة (حتى ترك الطعام).
25 – فيه هضم النفس وعدم الاغترار بالعمل الصالح فقد كان عبد الرحمن من العشرة المبشرين بالجنة وكان صائما ومع ذلك كان حذرا خائفا أن تخطفه الدنيا.
26 – فيه الحذر من الدنيا وعدم الركون إليها. و الترغيب في الزهد في فيها.
27 – فيه ما كان عليه المسلمون من خشونة العيش أول الهجرة خاصة المهاجرين.
28 – فيه فضيلة مصعب بن عمير وحمزة بن عبد المطلب.
29 – فضيلة شهداء أحد
30 – الغنى إنما هُوَ غِنَى الْقَلْبِ فَمَنْ وَضَعَ اللَّهُ الْغِنَى فِي قَلْبِهِ فَقَدْ أَغْنَاهُ.
31 – إن الفاضل في الدين ينبغي له أن يمتنع من التوسع في الدنيا لئلا تنقص حسناته قاله الحافظ في الفتح.
32 – قال بن بطال في شرحه وفيه من الفقه أن العالم ينبغى له أن يذكر بسير الصالحين، وتقللهم من الدنيا لتقل رغبته فيها.
33 – قال ابن بطال أيضا وفيه: أنه ينبغى للمرء أيضا أن يذكر نعم الله عنده، ويعترف بالتقصير عن أداء شكرها، ويتخوف أن يقاص بها فى الآخرة، ويذهب سعيه فيها
34 – كان الصحابة مشفقين خائفين من طول الحساب والوقوف له، مستصغرين لأنفسهم، راغبين فى إعلاء الدرجات، وإن كانت الجنة قد ضمنت لهم
——–
باب الكفن بغير قميص
1. أحاديث الباب متفق عليها.
- قال صاحب فيض الباري: وروى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب نجرانية: ثوبان وقميصه الذي مات فيه» اهـ. ثم قال ولنا أن نقول: إنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أعطى قميصه ابن أبي. وعند النسائي: أنه أعطى قميصه رجلا من الشهداء. وحينئذ ساغ لنا أن نقول: إن نفي القميص محمول على عدم كونه مخيطا، وإنما عبر الفقهاء عن هذا الرداء بالقميص لأنه يقمص. وقد علمت من قبل أن القميص عندنا في الحقيقة رداء يقمص به فقط، لا يكون فيها الكمان ولا الدخاريص ولا الخياطة، فلم تبق حقيقته إلا رداء يلبس كما يلبس القميص.
3. فمن نظر إلى الأثواب التي جيء بها للكفن عدها سبعا، كما في «الكنز». ومن نظر إلى الأثواب التي كفن النبي صلى الله عليه وسلم فيها عدها ثلاثا، كما في البخاري، وتلك أنظار تصح كلها. فيض الباريقلت سيف: لكن حديث ابن عباس ضعفه الألباني. وذكره ابن عدي في كامله فيما أنكر على يزيد بن أبي زياد. وكذلك ضعفه ابن الملقن لحال يزيد كما في البدر المنير.
4. يجوز التقميص عند الشافعي من غير استحباب، لأن ابن عمر كفن ابنًا له في خمسة أثواب: قميص، وعمامة، وثلاثة لفائف. رواه البيهقي
قلت سيف: نقل البيهقي بسنده عن عبدالله بن عمرو أن الميت يقمص ويؤزر ويلف بالثوب الثالث. فإن لم يكن إلا ثوب واحد كفن فيه وهذا موقوف. وروينا عن ابن عمر فذكر أثر ابن عمر في تكفينه ابنه في خمسة أثواب …. انتهى من السنن الكبرى 6937والسند إلى عبدالله بن عمرو صحيح. ولم يذكر إسناد عبدالله بن عمر رضي الله عنهما
والبيهقي ذكر هذه الآثار في باب جواز التكفين في القميص وإن كنا نختار ما اختير لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
والثلاثة أثواب:
نسبها الترمذي للجمهور تحت حديث رقم 997
وسبق الكلام على استحبابها قبل أبواب
——-
باب الكفن بلا عمامة
5. حديث عائشة في هذا الباب متفق عليه - فيه أن الكفن بغير قميص ولا عمامة هو الأولى وهو المستحب، فكفن النبي صلى الله عليه وسلم مختار من قبل الله عز وجل، وما يختار الله له إلا الأفضل عليه الصلاة والسلام.
___________باب: الكفن من جميع المال
7. وجه استدلال البخاري بهذا الحديث: أنه لو كان يجوز أن نكفنه من مال غيره لتدافع الصحابة إلى تكفينه من مالهم، لكن الأولى أن يكفن الميت من ماله، فكفن مصعب ما وارى إلا جزءاً يسيراً من بدنه، واكتفى الصحابة بهذا الجزء ولم يأتوا بكفن آخر، ففهم من هذا أنه لابد أن يكفن من جميع ماله.
8. إبراهيم وهو النخعي، وسفيان أي الثوري.
9. قوله أجر القبر أي أجر حفر القبر وأجر الغسل من جنس الكفن أو من بعض الكفن والغرض أن حكمه حكم الكفن في أنه من رأس المال لا من الثلث
10. وكفن رسول الله مصعب بن عمير في بردته وحمزة ابن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه في بردته ولم يلتفت إلى غريم ولا إلى وصية ولا إلى وارث وبدأ بالتكفين على ذلك كله فعلم أن التكفين مقدم وأنه من جميع المال لأن جميع ما لهما كان لكل منهما بردة11. وفيه إبراهيم يروي عن أبيه عن جده عن جد أبيه
12. قوله: (عجلت لنا طيباتنا) أعطينا حقنا من الطيبات في الدنيا فلم يبق لنا نصيب في لذائذ الآخرة.
13. فيه أن الكفن من جميع المال وهو قول جمهور العلماء
14. وفيه أنه كفن حمزة ومصعبا في برديهما وهو يدل على جواز التكفين في ثوب واحد عند عدم غيره والأصل ستر العورة وإنما استحب لهما التكفين في تلك الثياب التي ليست بسابغة لأنهما فيها قتلا وفيهما يبعثان إن شاء الله تعالى
قلت سيف: قال ابن حجر: وفيه نظر قال بل الظاهر أنه لم يجد لهم غيرها كما في ترجمة البخاري باب اذا لم يجد كفنا إلا ما يواري رأسه أو قدميه وسيأتي هذا الباب15. وفيه أن العالم يذكر سيرة الصالحين وتقللهم من الدنيا لتقل رغبته فيها ويبكي خوفا من تأخر لحاقه بالأخيار ويشفق من ذلك
- وفيه أنه ينبغي للمرء أن يتذكر نعم الله عنده ويعترف بالتقصير عن أداء شكرها ويتخوف أن يقاص بها في الآخرة ويذهب سعيه فيها
قال القسطلاني في إرشاد الساري:
• قال عبد الرحمن بن عوف: (لقد خشيت أن تكون قد عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا) يعني: أصبنا ما كتب لنا من الطيبات في دنيانا، فلم يبق لنا بعد استيفاء حظنا شيء منها. والمراد بالحظ الاستمتاع والتنعم الذي يشغل الالتذاذ به عن الدين وتكاليفه، حتى يعكف همته على استيفاء اللذات. أما من تمتع بنعم الله، ورزقه الذي خلقه تعالى لعباده، ليتقوى بذلك على دراية العلم والقيام بالعمل، وكان ناهضًا بالشكر فهو عن ذلك بمعزل.
• (ثم جعل) عبد الرحمن (يبكي) خوفًا من تخلفه عن اللحاق بالدرجات العلى. اهـ17. قوله (خير مني) فيه تواضع عبدالرحمن بن عوف فهو من العشرة المبشرة بالجنة.
قال ابن هبيرة في الإفصاح عن معاني الصحاح:
* في هذا الحديث من الفقه أن مصعب بن عمير، وحمزة بن عبد المطلب أعوزهما كفن سابغ يكفون فيه، فليس إذن سعة الدنيا مما يدل على خير على الإطلاق.
* وفيه أن المؤمن يستحب له إذا بسط له من الدنيا أن يذكر شدة عيش الأفاضل من المؤمنين قبله.
* وفيه أن المؤمن ينبغي أن يكون خوفه من الفتنة في الغني أكثر، وأن يكون عند حصول الطيبات أحذر، فأما بكاء عبد الرحمن حتى ترك الطعام فلا أحاسبه في ذلك الوقت الأخ كان وحده، إذ لو كان معه غيره أوقد أتفق له ضيف لم يحسن به أن يبكي حتى يترك الطعام فيكدر على ضيفه. اهـ
قال الكرماني في الكواكب الدراري:
قوله (خير مني) فإن قلت عبد الرحمن من العشرة المبشرة فكيف يكون مصعب خيراً منه قلت قاله تواضعاً وهضماً لنفسه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم (لا تفضلوني على يونس ابن متي). اهـوقال الحافظ ابن حجر في الفتح:
أن الذين أذهبوا طيباتهم في حياتهم الدنيا طائفتان:
الأولى: الكفار والمشركون.
والثانية: العصاة الذين وقعوا في المعاصي مما له نظير في الجنة، ولم يطهروا من آثارها بحد، أو توبة، أو مغفرة من الله تعالى.
ولا يدخل في هؤلاء من تنعم بالمباحات والطيبات وأدى شكرها، لكن لا ينبغي أن يعود الإنسان نفسه الترف والتنعم، لما يخشى عليه من الوقوع في الشبهة أو الحرام، أو الانشغال بها عما هو أولى، وتبرم نفسه إذا فقدها. اهـ
——
باب الكفن بغير قميص
قال النووي:
• وقولها (ليس فيها قميص ولا عمامة) معناه لم يكفن في قميص ولاعمامة وإنما كفن في ثلاثة أثواب غيرهما ولم يكن مع الثلاثة شيء آخر هكذا فسره الشافعي وجمهور العلماء وهو الصواب الذي يقتضيه ظاهر الحديث قالوا ويستحب أن لا يكون في الكفن قميص ولا عمامة.
• وهذا الحديث يتضمن أن القميص الذي غسل فيه النبي صلى الله عليه وسلم نزع عنه عند تكفينه وهذا هو الصواب الذي لا يتجه غيره لأنه لو بقي مع رطوبته لأفسد الأكفان.
قال البسام في تيسير العلام:
• وفيه جواز الزيادة في الكفن، على اللفافة الواحدة، ولو وجد من يعارض في ذلك من وارثٍ أو غَرِيمٍ. اهـ
قال الصنعاني في سبل السلام:
واعلم أنه يجب من الكفن ما يستر جميع جسد الميت فإن قصر عن ستر الجميع قدم ستر العورة فما زاد عليها ستر به من جانب الرأس وجعل على الرجلين حشيش كما فعل النبي – صلى الله عليه وسلم – في عمه حمزة ومصعب بن عمير فإن أريد الزيادة على الواحد فالمندوب أن يكون وترا ويجوز الاقتصار على الاثنين كما مر في حديث المحرم الذي مات، وقد عرفت من رواية الشعبي كيفية الثلاثة. اهـ
قال القسطلاني في إرشاد الساري:
(ليس فيها قميص ولا عمامة) يحتمل نفي وجودهما بالكلية، ويحتمل أن يكون المراد نفي المعدود، أي: الثلاثة خارجة عن: القميص والعمامة. والأول أظهر، وبه قال الشافعي وبالثاني قال المالكية.
نعم، يجوز التقميص عند الشافعي من غير استحباب، لأن ابن عمر كفن ابنًا له في خمسة أثواب: قميص، وعمامة، وثلاثة لفائف. رواه البيهقي.
قال في المهذّب وشرحه: والأفضل أن لا يكون في الكفن قميص ولا عمامة، فإن كان لم يكره، لكنه خلاف الأولى لخبر عائشة السابق اهـ.
قال العثيمين في شرح رياض الصالحين:
فيه دليل على أن الأفضل أن يكفن الأموات في الثياب البيض وهذا إن تيسر لكن لو فرض أنه لم يتيسر فيكفن الميت في مثل ما يلبسه الحي من أي لون كان إلا الأحمر الخالص. اهـ
قال العيني في عمدة القاري:
مطابقته للترجمة في قوله: فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة وكفن رسول الله مصعب بن عمير في بردته وحمزة ابن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه في بردته ولم يلتفت إلى غريم ولا إلى وصية ولا إلى وارث وبدأ بالتكفين على ذلك كله فعلم أن التكفين مقدم وأنه من جميع المال لأن جميع ما لهما كان لكل منهما بردة. اهـ
قلت سيف: وبوب البيهقي باب ما يستدل به على أن كفن الميت ومؤنته من رأس المال بالمعروف.
ثم ذكر حديث أبي هريرة رضي الله عنه من طريق الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يسرني أن لي مثل أحد ذهبا أنفقه في سبيل الله أموت حين أموت وأخلف عشرة أواق إلا ثمن كفن أو قضاء دين.
لكن الحكم بن عبدالملك ذكر الأئمة انه منكر الحديث.
ثم ذكر حديث خباب في شأن كفن مصعب. ثم ذكر حديث عبدالرحمن بن عوف في كفن مصعب وحمزة
ثم ذكر حديث (الكفن من رأس المال). وسبق بيان علته