1555 التعليق على الصحيح المسند
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيين بالتعاون مع إخوانهم من دول شتى)
مجموعة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————‘——-”——
1555 – قال الإمام أبو محمد عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي رحمه الله: حدثنا زيد بن يحيى حدثنا محمد بن راشد عن أبي وهب الكلاعي عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أول ما يكفأ قال زيد يعني الإسلام كما يكفأ الإناء كفي الخمر فقيل فكيف يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بين الله فيها ما بين؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمونها بغير اسمها فيستحلونها.
هذا حديث صحيح.
…………………
وحسنه الالباني في الصحيحة (89) وذكر له شواهد (90): ((ليستحلن طائفة من أمتي الخمر باسم يسمونها إياه، (و في رواية): يسمونها بغير اسمها)).
وبرقم (91): ((ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر و الحرير و الخمر و المعازف، و لينزلن أقوام إلى جنب علم، يروح عليهم بسارحة لهم، يأتيهم لحاجة، فيقولون: ارجع
إلينا غدا، فيبيتهم الله، و يضع العلم، و يمسخ آخرين قردة و خنازير إلى يوم القيامة))
وبرقم (414) ((إن أناسا من أمتي يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها)) رواه أحمد من حديث رجل من أصحابي النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الشيخ الالباني رحمه الله:
يستفاد من الأحاديث المتقدمة فوائد هامة نذكر بعضها:
أولا: تحريم الخمر، و هذا أمر مجمع عليه بين المسلمين و الحمد لله، غير أن
طائفة منهم – و فيهم بعض المتبوعين – خصوا التحريم بما كان من عصير العنب خاصة
! و أما ما سوى ذلك من المشروبات المسكرة، مثل (السكر) و هو نقيع التمر إذا
غلى بغير طبخ، و (الجعة) و هو نبيذ الشعير، و (السكركة) و هو خمر الحبشة
من الذرة، فذلك كله حلال عندهم إلا المقدار الذي يسكر منه، و أما القليل منه
فحلال! بخلاف خمر العنب فقليله ككثيره في التحريم.
و هذا التفريق مع مصادمته للنصوص القاطعة في تحريم كل مسكر، كقول عمر رضي الله
عنه: ” نزل تحريم الخمر يوم نزل و هي من خمسة أشياء من العنب و التمر و العسل
و الحنطة و الشعير. و الخمر ما خامر العقل ” و كقوله صلى الله عليه وسلم:
” كل مسكر خمر، و كل خمر حرام ” و قوله: ” ما أسكر كثيره فقليله حرام “.
أقول: هذا التفريق مع مصادمته لهذه النصوص و غيرها، فهو مخالف للقياس الصحيح
و النظر الرجيح، إن أي فرق بين تحريم القليل الذي لا يسكر من خمر العنب المسكر
كثيره، و بين تحليل القليل الذي لا يسكر من خمر الذرة المسكر؟! و هل حرم
القليل إلا لأنه ذريعة إلى الكثير المسكر، فكيف يحلل هذا و يحرم ذاك و العلة
واحدة؟! تالله إن هذا من الغرائب التي لا تكاد تصدق نسبتها إلى أحد من أهل
العلم لولا صحة ذلك عنهم، و أعجب منه الذي تبنى القول به هو من المشهورين بأنه
من أهل القياس و الرأي!! قال ابن القيم في ” تهذيب السنن ” (5/ 263) بعد
أن ساق بعض النصوص المذكورة:
” فهذه النصوص الصحيحة الصريحة في دخول هذه الأشربة المتخذة من غير العنب في
اسم الخمر في اللغة التي نزل بها القرآن و خوطب بها الصحابة مغنية عن التكلف في
إثبات تسميتها خمرا بالقياس، مع كثرة النزاع فيه. فإذ قد ثبت تسميتها خمرا
نصا فتناول لفظ النصوص لها كتناوله لشراب العنب سواء تناولا واحدا. فهذه طريقة
منصوصة سهلة تريح من كلمة القياس في الاسم، و القياس في الحكم. ثم إن محض
القياس الجلي يقتضي التسوية بينها، لأن تحريم قليل شراب العنب مجمع عليه،
و إن لم يسكر، و هذا لأن النفوس لا تقتصر على الحد الذي لا يسكر منه، و قليله
يدعو إلى كثيره. و هذا المعنى بعينه في سائر الأشربة المسكرة، فالتفريق بينها
في ذلك تفريق بين المتماثلات و هو باطل، فلو لم يكن في المسألة إلا القياس
لكان كافيا في التحريم، فكيف و فيها ما ذكرناه من النصوص التي لا مطعن في
سندها، و لا اشتباه في معناها، بل هي صحيحة. و بالله التوفيق “.
و أيضا فإن إباحة القليل الذي لا يسكر من الكثير الذي يسكر غير عملي، لأنه لا
يمكن معرفته إذ أن ذلك يختلف باختلاف نسبة كمية المادة المسكرة (الكحول) في
الشراب، فرب شراب قليل، كمية الكحول فيه كثيرة و هو يسكر، و رب شراب أكثر
منه كمية، الكحول فيه أقل لا يسكر و كما أن ذلك يختلف باختلاف بنية الشاربين
و صحتهم، كما هو ظاهر بين، و حكمة الشريعة تنافي القول بإباحة مثل هذا الشراب
و هي التي تقول: ” دع ما يريبك إلى ما لا يريبك “، ” و من حام حول الحمى يوشك
أن يقع فيه “.
و بالإضافة إلى ذلك فإنا نعتقد أن من قال بهذا القول من العلماء المشار إليهم
فهو مأجور على خطئه، للحديث المعروف، لأنهم قصدوا الحق فأخطؤوه، و أما من
وقف من أتباعهم على هذه الاحاديث التي ذكرنا، ثم أصر على تقليدهم على خطأهم،
و أعرض عن اتباع الأحاديث المذكورة فهو – و لا شك – على ضلال مبين، و هو داخل
في وعيد هذه الأحاديث التي خرجناها و لا يفيده شيئا تسميته لما يشرب بغير اسمه
مثل الطلاء، و النبيذ، أو (الويسكى) أو (الكونياك) و غير ذلك من الأسماء
التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث الكريمة.
و صدق الله العظيم إذ يقول: (إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم و آبائكم ما أنزل
الله بها من سلطان).اهـ
قال الشيخ عبد المحسن العباد: أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب في الداذي، والداذي قيل: إنها حبوب توضع على النبيذ فيشتد، يعني فتكون سبباً في كونه يكون مسكراً. وأورد أبو داود حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها) يعني: أن الخمر هي كل مسكر (وكل مسكر حرام)، فالحكم يناط بالإسكار ولو سمي المسكر بأي شيء يسمى به، فإن العبرة بالحقائق لا بالألفاظ، فإذا سميت الخمر باسم لا تعرف به، وقد يكون اسماً ظاهره الطيب وظاهره الحسن فإن الأسماء لا تغير من الحقائق شيئاً، فالحرمة حاصلة والتحريم موجود ولو سميت بغير ذلك، وهذا إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يأتي أناس يشربون الخمر ويسمونها بغير اسمها فيقولون مثلاً: ماء العنب أو ماء الشعير أو ما إلى ذلك، فأي شراب وصل إلى حد الإسكار فهو محرم، وإن كان لم يصل إلى حد الإسكار فهو حلال، وإن وصل إلى حد الإسكار فالقليل والكثير حرام.
(شرح سنن ابي داود)
جاء في الدرر السنية (1/ 568):
وقد دخل كثير من هذه الأمة في الشرك بالله، والتعلق على من سواه، ويسمون ذلك توسلا وتشفعا; وتغيير الأسماء لا اعتبار به، ولا تزول حقيقة الشيء ولا حكمه بزوال اسمه، وانتقاله في عرف الناس باسم آخر.
ولما علم الشيطان أن النفوس تنفر من تسمية ما يفعله المشركون تألها، أخرجه في قالب آخر تقبله النفوس; وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ” ليشربن أناس من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها “، وكذلك من زنى وسمى ما فعله: نكاحا; فتغيير الأسماء، لا يزيل الحقائق; وكذا من ارتكب شيئا من الأمور الشركية، فهو مشرك، وإن سمى ذلك توسلا وتشفعا. اهـ