271 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———–‘———–‘———-‘
مسند أحمد:
14547 – حدثنا شاذان، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إذا رأى ما فسح له في قبره، يقول: دعوني أبشر أهلي، فيقال له: اسكن ”
قال محققو المسند: حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أبى بكر بن عياش، فهو – وإن كان من رجال الشيخين- صدوق حسن الحديث. شاذان: هو أسود بن عامر الشامي، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو سفيان: هو طلحة بن نافع.
وأخرجه بنحوه ابن أبي عاصم في “السنة” (866) عن يوسف بن يعقوب الصفار، وأبو يعلى (2316) عن محمد بن عبد الله بن نمير، كلاهما عن أبي بكر بن عياش، بهذا الإسناد.
وسيأتي ضمن حديث طويل برقم (14722) من طريق أبي الزبير، عن جابر.
وراجع في الصحيحة برقم 1344
قلت (سيف): على شرط الذيل على الصحيح المسند
وله شواهد راجع تحقيق المسند
———–‘——–‘——–
هذا الحديث يثبت أن المؤمن يتنعم في قبره و يفسح له مد بصره، سبعون ذراعا في سبعين وينوَّر له في قبره، و ينام كنومة العروس، وفيه إثبات عذاب القبر ونعيمه.
وهذه بعض صور مما ينعم به المؤمن في قبره:
1 – يفرش له من فراش الجنة.
2 – ويُلبس من لباس الجنة.
3 – ويفتح له باب إلى الجنة، لِيَاتِيَهُ مِنْ نَسِيمِهَا وَيَشَمُّ مِنْ طِيبِهَا وَتَقَرُّ عَيْنُهُ بِمَا يَرَى فِيهَا مِنْ النعيم.
4 – ويفسح له في قبره.
5 – ويبشر برضوان الله وجنته. ولذلك يشتاق إلى قيام الساعة.
و كل هذه النقاط جاء ذكرها في حديث طويل
و جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُبِرَ الْمَيِّتُ أَوْ قَالَ أَحَدُكُمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ يُقَالُ لأَحَدِهِمَا الْمُنْكَرُ وَالآخَرُ النَّكِيرُ فَيَقُولانِ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولُ مَا كَانَ يَقُولُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَيَقُولانِ قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ نَمْ فَيَقُولُ أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ فَيَقُولانِ نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الَّذِي لا يُوقِظُهُ إِلا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُنَافِقًا قَالَ سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ فَقُلْتُ مِثْلَهُ لا أَدْرِي فَيَقُولانِ قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ فَيُقَالُ لِلأَرْضِ الْتَئِمِي عَلَيْهِ فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ فَتَخْتَلِفُ فِيهَا أَضْلاعُهُ فَلا يَزَالُ فِيهَا مُعَذَّبًا حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ.
رواه الترمذي (1071). والحديث: صححه الشيخ الألباني في ” السلسلة الصحيحة ” (1391).
قال ابن عثيمين: ومما يدخل في الإيمان باليوم الآخر الإيمان بعذاب القبر ونعيم القبر ودليل ذلك قوله تعالى: {كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} ومحل الدلالة قوله: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ} حال توفّيهم: {سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ} وهم وإن كانوا لم يدخلوا الجنة التي عرضها السماوات والأرض لكن دخلوا القبر الذي فيه نعيم الجنة.
وقال تعالى أيضًا: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} وهذا يكون إذا بلغت الروح الحلقوم وهذا هو نعيم القبر بل إن الإنسان يبشر بالنعيم قبل أن تخرج روحه يقال لروحه: اخرجي أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان فتفرح الروح بذلك وتخرج خروجًا سهلًا ميسرًا.
وأما السنة فإن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أخبر في أحاديث كثيرة بما يدل على أن الإنسان ينعم في قبره، وقد أشرنا إلى شيء منها. ” (مجموع فتاوى ورسائل العثيمين) ((4) / (171)).
[استمرار نعيم القبر إلى قيام الساعة]
– هل نعيم القبر مستمر لصاحبه إلى أن يبعث؟
* من صار منعماً في قبره فالذي يظهر أن نعيمه مستمر وأما العذاب فإنه بالنسبة للكفار مستمر وبالنسبة لغيرهم لا يستمر، بل قد ينقطع، ولهذا جاء في الحديث: (لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا)، ومن الأسباب التي تكفر الذنوب ويكون فيها السلامة من آثار الذنوب كون الإنسان يحصل جزاؤه في القبر ويحصل له العذاب في القبر.
وأما ما يتعلق بالكفار فعذابهم دائم كما قال الله عز وجل: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر:46] ” شرح سَنَن ابي دَاوُدَ ” للعلامة العباد
—-
قال ابن باز: فدل ذلك على أن المعاصي قد يعذب أهلها في القبر بسببها، وبهذا تعلم أن القبر إما محل عذاب، وإما محل نعيم، ولكنه عذاب مقدم، ونموذج لعذاب النار، ونعيم القبر نموذج من نعيم الجنة فينبغي للمؤمن الحذر، والاستعداد للآخرة وأن يتأهب للقاء الله، وأن يحذر أسباب العذاب، وذلك بالاجتهاد في طاعة الله، والاستقامة على أمر الله، والبعد عن معاصي الله، والتواصي بالحق والصبر عليه، حتى تلقى ربك، وأنت على هذا الحال، تلقى ربك وأنت مجتهد في طاعة الله، مبتعد عن محارم الله، واقف عند حدود الله، تعين إخوانك على الخير، وتوجههم إلى الحق والصبر عليه، هكذا يكون المؤمن حتى يلقى ربه عز وجل، صابرا مصابرا، يتباعد عن كل ما حرم الله، ويسارع إلى مراضي الله، حتى يلقى ربه عز وجل، وبهذا يكون في قبره في نعيم، وخير عظيم، وفي روضة مستمرة من رياض الجنة، حتى يلقى ربه عز وجل، فيحصل له ما هو أكبر وأعظم من نعيم الجنة، والعكس بالعكس، الكافر بخلاف ذلك، إذا مات صار في عذاب ونكال وما بعده شر منه نسأل الله العافية. ” المجموع” (ج (5) / (324) – (325)).