270 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——-‘——-‘——–
مسند أحمد:
7243 قال الامام أحمد: حدثنا الوليد حدثنا الأوزاعي حدثني حسان بن عطية حدثني محمد بن أبي عائشة عن أبي هريرة أنه حدثهم أن أبا ذر قال … يَا رَسُولَ اللهِ، ذَهَبَ أَصْحَابُ الدُّثُورِ بِالْأُجُورِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَلَهُمْ فُضُولُ أَمْوَالٍ يَتَصَدَّقُونَ بِهَا، وَلَيْسَ لَنَا مَا نَتَصَدَّقُ بِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَاتٍ، إِذَا عَمِلْتَ بِهِنَّ أَدْرَكْتَ مَنْ سَبَقَكَ، وَلَا يَلْحَقُكَ إِلَّا مَنْ أَخَذَ بِمِثْلِ عَمَلِكَ؟ ” قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: ” تُكَبِّرُ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتُسَبِّحُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَحْمَدُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتَخْتِمُهَا بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ”
أخرجه الامام أحمد 7243، وأبو داود في سننه، والدارمي في سننه، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي في السنن الصغير وفي شعب الايمان، وابن عساكر في تاريخ دمشق من طرق عن الأوزاعي به
قلت أصله في الصحيحين، قال الحافظ في الفتح، قوله (جاء الفقراء) سمى منهم في رواية محمد بن أبي عائشة عن أبي هريرة أبا ذر الغفاري.
هذه هي الزيادة ولا أدري إن كانت تصلح كزيادة فيها إضافة.
قلت سيف: على شرط الذيل على الصحيح المسند (قسم الزيادات على الصحيحين)
وأشار الألباني أن لفظ (غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر) مدرجه حيث قال في الصحيحة (100): لكني في شك من صحة هذه الزيادة في الحديث بهذا الإسناد. وأن بعض الرواة دمجها من حديث آخر. بمعناه.
تنبيه: في رواية (الوليد التي أخرجها أبوداود قال محمد بن أبي عائشة حدثني ابوهريرة) فصرح بالتحديث أخرجها أبوداود 1506.
———‘———‘———
قوله: [(يا رسول الله! ذهب أصحاب الدثور بالأجور)] يعني: ذهب أصحاب الأموال وأصحاب الغنى والثروة بالأجور؛ لأنهم يتصدقون وينفقون ويحسنون، وغيرهم ممن لا يملكون الأموال لا يتمكنون من ذلك؛ بسبب فقرهم وقلة ذات أيديهم. ” شرح سَنَن ابي دَاوُدَ ”
ش- الدثور: جمع دثر- بفتح الدال- وهو المال الكثير، يُقال: مال دثر، ومالان دثر، وأموال دثر , لا يُثنى ولا يجمعُ.
قوله: ” بالأجور ” متعلق بقوله: ” ذهب “.
قوله: ” يصلون ” خبر مبتدأ ” محذوف، أي: هم يصلون.
قوله: ” كما نصلي ” أي: كصلاتنا بشرائطها مع الجماعة؛ والمعنى: أنهم شاركونا فيما نعمل من الصلاة والصوم، ولهم مزية علينا بأموالهم
حيث يتصدقون بها. ومنه استدل بعض الناس على تفضيل الغني الشاكر على الفقير الصابر، وفي ذلك اختلاف بين السلف والخلف , والصحيح: أن الفقير الصابر أفضل , لقوله- عليه السلام-: ” اللهم أحيني مسكينا، [وأمتني مسكينا]، واحشرني في زمرة المساكين “.
قوله: ” ألا أعلمك ” ” ألا ” كلمة تنبيه يُنبه بها المخاطبُ على أمر عظيم الشأن.
قوله: ” منْ سبقك ” في محل النصب على المفعولية، ويحتمل أن يراد به السبق المعنوي في الفضيلة.
قوله: ” من خلفك ” أي: من بعدك في الفضيلة ممن لا يعمل هذا العمل.
قوله: ” دبُر كل صلاة ” أي: عقيب كل صلاة، والأعداد تصيرُ مائة
بلا إله إلا الله وحده إلى آخره.
قوله: ” كفرت له ذنوبه ” يعنى: من قالها غفرت له ذنوبه.
قوله: ” ولو كانت مثل زبد البحر ” أي: وإن كانت , وهو عطف على محذوف , والتقدير: إن لم تكنْ مثل زبد البحر وإن كانت، وهذا على تقدير أن تفرض أنها أجْسام وأعيان، وقد مر مثل هذا غير مرة. ” شرح سن ابي دَاوُدَ للعيني”.
قال ابن عثيمين: قوله: “أَنَ أُنَاسَاً” هؤلاء هم الفقراء قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم “ذَهَبَ أَهلُ الدثورِ” أي الأموال الكثيرة “بِالأُجورِ” أي الثواب عليها، وليس قصدهم بذلك الحسد، ولا الاعتراض على قدر الله، لكن قصدهم لعلهم يجدون أعمالاً يستطيعونها يقومون بها تقابل ما يفعله أهل الدثور.
قَالَ بن بَطَّالٍ عَنِ الْمُهَلَّب: ِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلُ الْغَنِيِّ نَصًّا لَا تَاوِيلًا إِذَا اسْتَوَتْ أَعْمَالُ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا فَلِلْغَنِيِّ حِينَئِذٍ فَضْلُ عَمَلِ الْبِرِّ مِنَ الصَّدَقَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا سَبِيلَ لِلْفَقِيرِ إِلَيْهِ. ذكره ابن حجر في الفتح.
قال ابن حجر في الفتح: فَإِنَّ الْفُقَرَاءَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ كَانُوا السَّبَبَ فِي تَعَلُّمِ الْأَغْنِيَاءِ الذِّكْرَ الْمَذْكُورَ فَإِذَا اسْتَوَوْا مَعَهُمْ فِي قَوْلِهِ امْتَازَ الْفُقَرَاءُ بِأَجْرِ السَّبَبِ مُضَافًا إِلَى التَّمَنِّي فَلَعَلَّ ذَلِكَ يُقَاوِمُ التَّقَرُّبَ بِالْمَالِ وَتَبْقَى الْمُقَايَسَةُ بَيْنَ صَبْرِ الْفَقِيرِ عَلَى شَظَفِ الْعَيْشِ وَشُكْرِ الْغَنِيِّ عَلَى التَّنَعُّمِ بِالْمَالِ وَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ التَّرَدُّدُ فِي تَفْضِيلِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَسَيَكُونُ لَنَا عَوْدَةٌ إِلَى ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ مِثْلُ الصَّائِمِ الصَّابِرِ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْعَالِمَ إِذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ يَقَعُ فِيهَا الْخِلَافُ أَنْ يُجِيبَ بِمَا يَلْحَقُ بِهِ الْمَفْضُولُ دَرَجَةَ الْفَاضِلِ وَلَا يُجِيبُ بِنَفْسِ الْفَاضِلِ لِئَلَّا يَقَعَ الْخِلَافُ كَذَا قَالَ بن بَطَّالٍ: وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَابَ بِقَوْلِهِ (أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ تُسَاوُونَهُمْ فِيهِ) وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِهِ: نَعَمْ هُمْ أَفْضَلُ مِنْكُمْ بِذَلِكَ، وَفِيهِ التَّوْسِعَةُ فِي الْغِبْطَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهَا فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْحَسَدِ الْمَذْمُومِ، وَفِيهِ الْمُسَابَقَةُ إِلَى الْأَعْمَالِ الْمُحَصِّلَةِ لِلدَّرَجَاتِ الْعَالِيَةِ لِمُبَادَرَةِ الْأَغْنِيَاءِ إِلَى الْعَمَلِ بِمَا بَلَغَهُمْ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ (إِلَّا مَنْ عَمِلَ) عَامٌّ لِلْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ خِلَافًا لِمَنْ أَوَّلَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَفِيهِ أَنَّ الْعَمَلَ السَّهْلَ قَدْ يُدْرِكُ بِهِ صَاحِبُهُ فَضْلَ الْعَمَلِ الشَّاقِّ، وَفِيهِ فَضْلُ الذِّكْرِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ، وَاسْتَدَلَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ عَلَى فَضْلِ الدُّعَاءِ عُقَيْبَ الصَّلَاةِ كَمَا سَيَاتِي فِي الدَّعَوَاتِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهَا وَلِأَنَّهَا أَوْقَاتٌ فَاضِلَةٌ يُرْتَجَى فِيهَا إِجَابَةُ الدُّعَاءِ، وَفِيهِ أَنَّ الْعَمَلَ الْقَاصِرَ قَدْ يُسَاوِي الْمُتَعَدِّيَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إِنَّ الْمُتَعَدِّيَ أَفْضَلُ مُطْلَقًا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.
تنبيه:
قال صاحبنا أبو صالح:
قوله (والصحيح أن الفقير الصابر أفضل … إلى قوله زمرة المساكين):
فيه نظر.
فليتأمل أولا من حيث درجة الحديث ثم مقارنته بالأحاديث الأقوى سندا وتخالفه في الظاهر.
كما أن هذا الحديث ليس نصا في الفقر وإنما قد يؤخذ منه بعض أوجه المسكنة كالتواضع