1244 – 1241: رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي وناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——”——-‘——–
صحيح البخاري:
باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في كفنه
1241 – 1242 – حدثنا بشر بن محمد أخبرنا عبد الله قال أخبرني معمر ويونس عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته قالت أقبل أبو بكر رضي الله عنه على فرسه من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة رضي الله عنها فتيمم النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ببرد حبرة فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله ثم بكى فقال بأبي أنت يا نبي الله لا يجمع الله عليك موتتين أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها قال أبو سلمة فأخبرني ابن عباس رضي الله عنهما أن أبا بكر رضي الله عنه خرج وعمر رضي الله عنه يكلم الناس فقال اجلس فأبى فقال
اجلس فأبى فتشهد أبو بكر رضي الله عنه فمال إليه الناس وتركوا عمر فقال أما بعد فمن كان منكم يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم فإن محمدا صلى الله عليه وسلم قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت قال الله تعالى {وما محمد إلا رسول} إلى الشاكرين والله لكأن الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزل حتى تلاها أبو بكر رضي الله عنه فتلقاها منه الناس فما يسمع بشر إلا يتلوها
—
فوئد الحديث:
1 – حديث عائشة أخرجه البخاري والنسائي وبعضهم يجعل بعضه من مسند أبي بكر، وجاء في أثنائه حديث ابن عباس لم يذكره النسائي.
2 – موضع الشاهد منه قول عائشة (دخل على عائشة رضي الله عنها فتيمم النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ببرد حبرة فكشف عن وجهه) ففيه الدخول على الميت بعد موته، وكأن البخاري قاس كشف وجه الميت بعد تغطيته ككشفه بعد تكفينه.
3 – قولها (أقبل أبو بكر رضي الله عنه على فرسه) لعل استخدام الفرس ليكون أسرع في الوصول بعد علمه بالخبر.
4 – قولها (بالسنح) قال إسماعيل بن عبد الله شيخ البخاري يعني بالعالية كما في صحيح البخاري في موضع آخر، وعند ابن ماجة من طريق ابن أبي مليكة عن عائشة (وأبو بكر عند امرأته ابنة خارجة بالعوالي) وصححه الألباني.
5 – قولها (فدخل المسجد فلم يكلم الناس) فيه البداءة بالأهم فأراد التثبت من الأمر قبل مخاطبة الناس.
6 – قولها (مسجى) فيه فيه استحباب تسجية الميت قاله النووي وأضاف وهو مجمع عليه. وهذا الجزء من تسجيته ببرد حبرة أخرجه مسلم أيضا 942
7 – قولها (مسجى ببرد حبرة) معناه غطي جميع بدنه والحبرة بكسر الحاء وفتح الباء الموحدة وهي ضرب من برود اليمن، قاله النووي في شرح صحيح مسلم.
8 – قالوا تكون التسجية بعد نزع ثيابه التي توفي فيها لئلا يتغير بدنه بسببها قاله النووي في شرح صحيح مسلم.
9 – قولها (ثم أكب عليه فقبله) وعند النسائي 1839 من طريق عروة عن عائشة («قَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وصححه الألباني وترجم عليه النسائي فقال تَقْبِيلُ الْمَيِّتِ، وَأَيْنَ يُقَبَّلُ مِنْهُ؟، وكذا عند ابن ماجة من طريق ابن أبي مليكة عن عائشة (فقبل بين عينيه) وصححه الألباني. وعند أحمد من طريق يزيد بن بابنوس عن عائشة ما يفيد أنه قبله ثلاثا. ويزيد هذا قال فيه الدارقطني لا بأس به.
10 – قال الشوكاني كما في نيل الأوطار: لأنه لم ينقل أنه أنكر أحد من الصحابة على أبي بكر فكان إجماعا.
11 – فيه جواز البكاء على الميت من غير نوح، قاله العيني في عمدته.
12 – قوله (فقال بأبي أنت يا نبي الله) و عند البخاري أيضا من طريق عقيل عن الزهري (بأبي أنت وأمي) أي أفديك بأبي وأمي.
قلت سيف: وفي البخاري هنا من طريق معمر ويونس (بأبي أنت وأمي)
13 – قوله (لا يجمع الله عليك موتتين أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها) يقصد هذه الموتة التي يراها الصديق أمامه.
14 – قوله (قال أبو سلمة فأخبرني ابن عباس) أي بالإسناد المتصل.
15 – فيه: أن الصديق أعلم من عمر قاله العيني في عمدة القارئ.
16 – فيه مناقب أبي بكر الصديق.
17 – فيه اهتمام عائشة رضي الله تعالى عنها بأمر الشريعة وإنها لم يشغلها ذلك عن حفظها ما كان من أمر الناس في ذلك اليوم قاله العيني.
18 – فيه: جواز التفدية بالآباء والأمهات.
19 – فيه الحذر من التنازع، والوقوف مع الأعلم عند الاختلاف.
20 – قوله (أخبرنا عبد الله) هو ابن المبارك
—–
فوائد حديث: عائشة رضي الله عنها
1. فيه أن شيخ البخاري من أفراده
2. فيه رواية تابعي عن تابعي
3. في الترجمة جواز الدخول على الميت إذا أدرج في الكفن ومتن الحديث وهو مسجى، ووجه التطابق بين الحديث والترجمة أن يقال أن حاله بعد التسجية مثل حاله بعد التكفين.
4. جواز تقبيل الميت تعظيما وتبركا
قلت سيف: كذا أطلق ابن حجر وتعقبه ابن باز وذكر أن هذا من خصوصيات الرسول صلى الله عليه وسلم وأن الصحابة ما كانوا يفعلونه مع غيره صلى الله عليه وسلم.
5. وفيه حجة مالك في قوله في الصحابة مخطاء ومصيب في التأويل.
6. وفيه الدخول على الميت بغير استئذان ويجوز أن يكون عند عائشة غيرها فصار كالمحفل لا يحتاج الداخل إلى إذن وروي أنه استأذن فلما دخل أذن للناس
7. وفيه ترك تقليد المفضول مع وجود الفاضل.
8. وفيه أن أكثر الصحابة كانوا في صدمة من خبر موته صلى الله عليه وسلم
——‘
– شدة مصاب الصحابة بموت النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا يقولون: مات النبي صلى الله عليه وسلم فيضربهم عمر وينهاهم، ويقول: إنه سيقوم ويعذب أناسا، فكثر اللغط حوله.
وقال فاطمة لانس: اطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه التراب
قال شيخ الإسلام -:
الناس تغيب عنهم معاني القرآن عند الحوادث، فإذا ذكّروا بها عرفوها.
مجموع الفتاوى (27/ 363)
قال الحافظ في الفتح
وفي الحديث قوة جأش أبي بكر وكثرة علمه , وقد وافقه على ذلك العباس كما ذكرنا , والمغيرة كما رواه ابن سعد وابن أم مكتوم كما في المغازي لأبي الأسود عن عروة قال: ” إنه كان يتلو قوله تعالى: (إنك ميت وإنهم ميتون) والناس لا يلتفتون إليه , وكان أكثر الصحابة على خلاف ذلك ” فيؤخذ منه أن الأقل عددا في الاجتهاد قد يصيب ويخطئ الأكثر فلا يتعين الترجيح بالأكثر , ولا سيما إن ظهر أن بعضهم قلد بعضا.
– فيه معنى قوله تعالى:
في قوله: لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى أي: موتتهم في الدنيا.
– فيه معنى قوله تعالى (فذكر إن نفعت الذكرى)
– فيه أن الله عزوجل يحب من عبده أن يصل لدرجة الشاكرين في المصيبة فيشكر الله أنها لم تكن أشد. ولم تكن فتنة في دينه.
– اجتماع الناس في المسجد عند الأمر المهم والجلل.
– لبيت عائشة باب من المسجد
– الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث دخل على عثمان بن مظعون وهو ميت، فأكب عليه وقبله، ثم بكى حتى سالت دموعه على وجنتيه، رواه الترمذي.
وتراجع الألباني عن تصحيح حديث تقبل عثمان بن مظعون كما في الضعيفة 6010
– الاختصار بالحذف إن كان الكلام مفهوما … فقوله: بأبي أنت. حذف (أنت مفدى)
– قوله (لن يجمع الله عليك موتتين) أشار به إلى الرد على من زعم أنه: يحيا فيقطع أيدي رجال.
لأنه لو صح ذلك لزم أن يموت موتة أخرى، فأخبر أنه أكرم على الله من أن يجمع عليه موتتين، كما جمعهما على غيره، كالذي مرّ على قرية، أو لأنه يحيا في قبره ثم لا يموت.
– التشهد عند الكلام المهم فتشهد أبو بكر، رضي الله عنه
– ورواة هذا الحديث ما بين: مروزي وبصري وأيلي ومدني، وفيه: رواية تابعي عن تابعي عن تابعي عن صحابية، والتحديث والإخبار والقول، وأخرجه أيضًا في: المغازي، وفي: فضل أبي بكر، النسائي في: الجنائز، وكذا ابن ماجة.
– قال الإمام النووي في “المجموع شرح المهذب” (5/ 127): [يَجُوزُ لِأَهْلِ الْمَيِّتِ وَأَصْدِقَائِهِ تَقْبِيلُ وَجْهِهِ، ثَبَتَتْ فِيهِ الْأَحَادِيثُ، وَصَرَّحَ به الدارمي في الاستذكار وَالسَّرَخْسِيُّ فِي الْأَمَالِي]. وقال الشيخ زكريا الأنصاري في “أسنى المطالب” (3/ 114): [لَا بَاسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهِ الْمَيِّتِ الصَّالِحِ
– تقبيل المؤمن الصالح فيه معنى قوله تعالى (الإخلاء بعضهم لبعض عدو إلا المتقين)
وبعضهم قال باستحباب ذلك وبعضهم جعله من باب الجواز:
فنص الفقهاء على جوازه دفعا لقول المانعين، ولم يجعلوه من قبيل المندوبات أو المأمورات.
قال ابن قدامة: ” (وإن أحب أهله أن يروه لم يمنعوا)
وذلك لما روي عن جابر قال: لما قتل أبي جعلت أكشف الثوب عن وجهه وأبكي، والنبي صلى الله عليه وسلم لا ينهاني، وقالت عائشة: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل عثمان بن مظعون وهو ميت، حتى رأيت الدموع تسيل)، وقالت: (أقبل أبو بكر فتيمم [أي: قصد] النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ببرد حبرة فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه فقبله، ثم بكى، فقال: بأبي أنت يا نبي الله، لا يجمع الله عليك موتتين)، وهذه أحاديث صحاح ” انتهى من “المغني” (2/ 350).
– قلت سيف: ولو قلنا بالاستحباب للخاصة ومن لهم منزله فليس ببعيد لكن يمنع ضعف حديث تقبيل عثمان بن مظعون:
قال شمس الدين بن شهاب الدين الرملي رحمه الله في “نهاية المحتاج” (ج3/ 10):
[ويجوز لأهل الميت ونحوهم كأصدقائه تقبيل وجهه لخبر أنه صلى الله عليه وسلم قبل وجه عثمان بن مظعون بعد موته. ولما في البخاري: أن أبا بكر رضي الله عنه قبل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته، وينبغي ندبه لأهله ونحوهم كما قال السبكي، وجوازه لغيرهم، ولا يقتصر جوازه عليهم، وفي زوائد الروضة في أوائل النكاح: ولا بأس بتقبيل وجه الميت الصالح، فقيده بالصالح، وأما غيره فينبغي أن يكره. وفي الحاشية عليه قال (قوله: كأصدقائه ومنهم الزوجة والزوج فيما يظهر.] اهـ
– قال ابن حجر رحمه الله تعالى: ” الدخول الثابت في الأحاديث الثلاثة: كان في حالة الإدراج أو في حالة تقوم مقامها. قال ابن رشيد: المعنى الذي في الحديثين من كشف الميت بعد تسجيته، مساو لحاله بعد تكفينه ” انتهى من ” فتح الباري ” (4/ 266).
– قال ابن حجر معلقا على ترجمة البخاري في صحيحه ” باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في أكفانه “، قال:” الموت لما كان سبب تغيير محاسن الحي التي عهد عليها – ولذلك أمر بتغميضه وتغطيته – كان ذلك مظنة للمنع من كشفه حتى قال النخعي: ينبغي أن لا يطلع عليه إلا الغاسل له ومن يليه، فترجم البخاري على جواز ذلك “.
– دفع عقيدة الرجعة فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكتب له رجعه فغيره من باب أولى.
من فتاوى اللجنة الدائمة:
ترك وجه الميت مكشوفًا يومًا أو أيامًا يستعرضه الناس، وينظرون إليه مخالف لسنة الإسلام، وما أجمع عليه المسلمون. أما إن أحب أهله أن يكشفوا وجهه، ويروه دون تأخير تجهيزه ودفنه فلا بأس؛ لما ثبت عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنه قال: لما قتل أبي جعلت أكشف الثوب عن وجهه وأبكي، والنبي صلى الله عليه وسلم لا ينهاني، وقالت عائشة رضي الله عنها: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل عثمان بن مظعون وهو ميت، حتى رأيت الدموع تسيل، وقالت: أقبل أبو بكر فتيمم النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ببرد حبرة فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه، فقبله ثم بكى، فقال: بأبي أنت يا نبي الله، لا يجمع الله عليك موتتين
– ذكر ابن كثير قصة وفاته صلى الله عليه وسلم وذكر هذا الحديث وذكر زيادات في كلام للعباس وأنه قال هل عندكم عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفاته قالوا: لا فقال فإنه قد مات ثم ذكر قدوم أبي بكر … وزاد:
وقد قال الله تعالى لمحمد : {إنك ميت وإنهم ميتون} [الزمر: 30].
وقال الله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون}. [القصص: 88].
وقال تعالى: {كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}. [الرحمن: 26 – 27].
وقال: {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة} [آل عمران: 185].
وقال: إن الله عمر محمدا وأبقاه حتى أقام دين الله …… وإن الله ناصر من نصره ومعز دينه، وإن كتاب الله بين أظهرنا وهو النور والشفاء، وبه هدى الله محمدا وفيه حلال الله وحرامه، والله لا نبالي من أجلب علينا من خلق الله، إن سيوف الله لمسلولة ما وضعناها بعد، ولنجاهدن من خالفنا كما جاهدنا مع رسول الله فلا يبغين أحد إلا على نفسه.
ثم انصرف معه المهاجرون إلى رسول الله ، فذكر الحديث في غسله، وتكفينه، والصلاة عليه، ودفنه.
قلت: كما سنذكره مفصلا بدلائله وشواهده، إن شاء الله تعالى. انتهى كلام ابن كثير مع حذف بعضه
قلت سيف: لكن فيه ابن لهيعة وهو من مراسيل عروة
وورد كذلك عند سعد في الطبقات ان العباس اخبرهم بموت نبيهم وكذلك فيه ضعف.
– الرواية عن بيته في السنح لم تنف أن له بيوت أخرى:
كون وجود بيت له في السنح لا ينفي وجود مسكن في المدينه له ملاصق للمسجد
لأبي بكر ثلاثة دور
الأول: التي في السنح:
الدار الثانية:
وكانت في الجهة الشرقية من المسجد قرب باب النساء تطل على زقاق البقيع وتقابل دار عثمان بن عفان ررر الصغرى كما ذكر ابن شبة في تاريخ المدينة (1/ 232) وكان بين داره ودار عثمان ررر قدر خمسة أذرع أي ما يقارب مترين ونصف، وكانت هذه الدار واسعة، وهذه الدار هي التي توفي فيها أبو بكر كما ذكرت ذلك عائشة رضي الله عنها فيما رواه ابن سعد في الطبقات (3/ 150).
الدار الثالثة:
وكانت في الجهة الغربية من المسجد وكانت ملاصقة للمسجد لها باب من الخارج وخوخة إلى الداخل وهي التي قال عنها النبي صصص: ” سدوا عني كل خوخة في هذا المسجد إلا خوخة أبي بكر ” رواه البخاري وينظر تاريخ المدينة لابن شبة (1/ 232).
وقد أدخل هذه الدار عمر عندما وسع المسجد من الجهة الغربية. ينظر: أخبار مدينة الرسول صصص لابن النجار (ص 83) وفاء الوفاء للسمهودي (2/ 494
وقال ابن حجر: ادعى بعضهم أن الباب كناية عن الخلافة، والأمر بالسد، كناية عن طلبها، كأنه قال: لا يطلبن أحد الخلافة إلا أبا بكر، فإنه لا حرج عليه في طلبها. وقوى بعضهم ذلك، بأن منزل أبي بكر كان بالسنح من عوالي المدينة، فلا يكون له خوخة إلى المسجد. وهذا ضعيف، لأنه لا يلزم من كون منزله كان بالسنح، أن لا يكون له دار مجاورة للمسجد، ومنزله الذي كان بالسنح هو منزل أصهاره من الأنصار، وقد كان له إذ ذاك زوجة أخرى، وهي أسماء بنت عميس بالاتفاق، وأم رومان، على القول بأنها كانت باقية يومئذ.
– العدل بين الزوجات في المبيت. فمع أن أبا بكر كان يحب قرب النبي صلى الله عليه وسلم لكن ذهب لداره البعيدة.
وورد في تاريخ الطبري بسند ضعيف أن أبا بكر قال (يا رسول الله أراك بخير والليلة ليلة بنت خارجة. … )
– فيه معنى (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كَنتَ مِنْهُ تَحِيدُ)
– القرآن مدرسة في أشد المواقف:
يعالج القلب بالوحي. فالناس تلهث إلا من رحم ربي مع مدارس الغرب ونماذج مفكريهم ومقولاتهم ليجعلوهم قدوة. تاركين القرآن الذي دائما النبي صلى الله عليه وسلم يتلوه ليخرج الناس من الظلمات إلى النور.
وهنا أبوبكر يتلوه في هذا الموقف العصيب.
فنزل على قلوب الصحابة بردا وسلاما.
– خطاب أبي بكر للنبي صلى الله عليه وسلم
ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم يسمعه والمسألة فيها خلاف حيث صحح ابن عبدالهادي أن الميت يسمع سلام من كان قريبا من قبره. كما في الصارم المنكي في رده على مسألة أن النبي صلى الله عليه وسلم يسمع البعيد فقرر أن النبي صلى الله عليه وسلم يسمع القريب كغيره أما البعيد فهناك ملائكة تبلغه.
ورد الحديث الذي استدل به السبكي أن النبي صلى الله عليه وسلم يسمع البعيد.
– قال علي بن خشرم: حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله البهي أن أبا بكر الصديق جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته فأكب عليه فقبله وقال: بأبي وأمي ما أطيب حياتك وميتتك ثم قال البهي: وكان ترك يوماً وليلة حتى ربا بطنه وانثنت خنصراه قال ابن خشرم: فلما حدث وكيع بهذا بمكة اجتمعت قريش وأرادوا صلب وكيع ونصبوا خشبة لصلبه فجاء سفيان بن عيينه فقال لهم: الله الله هذا فقيه أهل العراق وابن فقيهه وهذا حديث معروف قال سفيان: ولم أكن سمعته إلا أني أردت تخليص وكيع.
وكان وكيع يحتج به فيقول: عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: لم يمت رسول الله.
فأراد الله أن يريهم آية الموت.
وقال الذهبي: فهذه زلة عالم. … فما لوكيع ولرواية هذا الخبر المنكر المنقطع الاسناد.
كادت نفسه أن تذهب غلطا والقائمون عليه معذرون. بل مأجورون فإنهم تخيلوا من إشاعة هذا الخبر المردود. غضا ما لمنصب النبوة وهو بادئ الرأي يوهم ذلك. ولكن إذا تاملته فلا بأس من ذلك فإن الحي قد يربو جوفه. وتسترخي مفاصله وذلك تفرع من الأمراض. وأشد الناس بلاء الأنبياء. وإنما المحذور أن تجوز عليه تغير سائر موتى الآدميين. ورائحتهم. وأكل الأرض لاجسادهم. والنبي صلى الله عليه وسلم فمفارق لسائر أمته في ذلك. فلا يبلى ولا تأكل الأرض جسده. ولا يتغير ريحه …
سير أعلام النبلاء للذهبي 9/ 160
وورد كذلك من مراسيل الحسن كما عند ابن سعد في الطبقات:
أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرني عوف عن الحسن قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتمر أصحابه فقالوا تربصوا بنبيكم صلى الله عليه وسلم لعله عرج به قال فتربصوا حتى ربا بطنه فقال أبو بكر من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.
قلت سيف: فلا أدري من أين تلقفوه فإن مراسيل الحسن كالريح.
وعلى فرض صحته فسبق توجيه الإمام الذهبي له
– روايات من طبقات ابن سعد:
واخترت بعض الروايات التي رأيتها صحيحه وحذفت المراسيل والروايات التي من طريق الواقدي. وكذلك حذفت الروايات التي في الصحيحين.
ذكر تقبيل أبي بكر الصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته
أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن أبي سلمة عن أبي عمران الجوني عن يزيد بن بابنوس عن عائشة قالت لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء أبو بكر فدخل عليه فرفعت الحجاب فكشف الثوب عن وجهه فاسترجع فقال مات والله رسول الله ثم تحول قبل رأسه فقال وانبياه ثم حدر فمه فقبل وجهه ثم رفع رأسه فقال واخليلاه ثم حدر فمه فقبل جبهته ثم رفع رأسه فقال واصفياه ثم حدر فمه فقبل جبهته ثم سجاه بالثوب ثم خرج.
قلت سيف: على شرط كتابنا الذيل على الصحيح المسند.
أخرجه أحمد 24029.
حدثنا مرحوم بن عبدالعزيز قال حدثني أبو عمران الجوني به ولفظه أن أبا بكر دخل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته فوضع فمه بين عينيه، وضع يديه على صدغيه وقال: وانبياه، واخليلاه، واصفياه.
ذكر كلام الناس حين شكوا في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري عن أبيه عن صالح بن كيسان عن بن شهاب أخبرني أنس بن مالك قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى الناس فقام عمر بن الخطاب في المسجد خطيبا فقال لا أسمعن أحدا يقول إن محمدا قد مات ولكنه أرسل إليه كما أرسل إلى موسى بن عمران فلبث عن قومه أربعين ليلة والله إني لأرجو أن يقطع أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه مات.
قلت: هو في البخاري ومسلم لكن لم يذكرا قول عمر فهو على شرط الذيل على الصحيح المسند قسم الزيادات على الصحيحين. قاله صاحبنا أبو صالح في تخريج مسند أحمد حيث أخرجه أحمد 1163 ثنا عبدالرزاق انا معمر عن الزهري به وفيه قول عمر.
أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني عن يزيد بن بابنوس عن عائشة قالت لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن عمر والمغيرة بن شعبة فدخلا عليه فكشفا الثوب عن وجهه فقال عمر واغشيا ما أشد غشي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قاما فلما انتهيا إلى الباب قال المغيرة يا عمر مات والله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر كذبت ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنك رجل تحوشك فتنة ولن يموت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يفني المنافقين ثم جاء أبو بكر وعمر يخطب الناس فقال له أبو بكر اسكت فسكت فصعد أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قرأ (إنك ميت وإنهم ميتون) ثم قرأ (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل إنقلبتم على أعقابكم) حتى فرغ من الآية ثم قال من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت قال فقال عمر هذا في كتاب الله قال نعم فقال أيها الناس هذا أبو بكر وذو شيبة المسلمين فبايعوه فبايعه الناس
أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس حدثني سليمان بن بلال عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم مات وأبو بكر بالسنح فقام عمر فجعل يقول والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت قال عمر والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم فجاء أبو بكر فكشف عن وجه النبي صلى الله عليه وسلم فقبله وقال بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدا ثم خرج فقال أيها الحالف على رسلك فلم يكلم أبا بكر وجلس عمر فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه ثم قال ألا من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وقال (إنك ميت وإنهم ميتون) وقال (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل إنقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) فنشج الناس يبكون واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا منا أمير ومنكم أمير فذهب إليهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر فكان عمر يقول والله ما أردت بذلك إلا أني قد هيأت كلاما قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبو بكر ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس فقال في كلامه نحن الأمراء وأنتم الوزراء فقال الحباب بن المنذر السلمي لا والله لا نفعل أبدا من أمير ومنكم أمير قال فقال أبو بكر لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء هم أوسط العرب دارا وأكرمهم أحسابا يعني قريشا فبايعوا عمر وأبا عبيدة فقال عمر بل نبايعك أنت فأنت سيدنا وأنت خيرنا وأحبنا إلى نبينا صلى الله عليه وسلم فأخذ عمر بيده فبايعه فبايعه الناس فقال قائل قتلتم سعد بن عبادة فقال عمر قتله الله
قال جامع تفسير ابن سعد المنسق: صحيح الإسناد. وأخرجه البخاري 3667، 3668 من طريق إسماعيل بن أبي أويس عن سليمان بن بلال به. وأخرجه البخاري 1241. والنسائي 1840 وابن ماجه 1627 وغيرهم من طريق أبي سلمة عن عائشة بنحوه
قلت سيف: في نسختي من البخاري هو برقم 3467 وزاد البخاري بعد ذكره ما سبق: وقال عبدالله بن سالم عن الزبيدي قال عبدالرحمن بن القاسم أخبرني القاسم أن عائشة رضي الله عنها قالت: شخص بصر النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: (في الرفيق الأعلى) ثلاثا وقص الحديث قالت: فما كانت من خطبتهما من خطبة إلا نفع الله بها. لقد خوف عمر الناس وإن فيهم لنفاقا فردهم الله بذلك. ثم لقد بصر أبوبكر الناس الهدى وعرفهم الحق الذي عليهم وخرجوا به يتلون (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل – إلى – الشاكرين)
أخبرنا أحمد بن الحجاج أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرني معمر ويونس عن الزهري أخبرني أنس بن مالك أنه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر في الناس خطيبا فقال ألا لا أسمعن أحدا يقول إن محمدا مات فإن محمدا لم يمت ولكنه أرسل إليه كما أرسل إلى موسى فلبث عن قومه أربعين ليلة قال الزهري وأخبرني سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال في خطبته تلك إني لأرجو أن يقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه قد مات قال الزهري وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن أبا بكر أقبل على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ……
قال الزهري أخبرني أنس بن مالك أنه سمع عمر بن الخطاب الغد حين بويع أبو بكر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم واستوى أبو بكر على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تشهد قبل أبي بكر ثم قال أما بعد فإني قلت لكم أمس مقالة لم تكن كما قلت وإني والله ما وجدتها في كتاب أنزله الله ولا في عهد عهده إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكني كنت أرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كلمة يريد حتى يكون آخرنا فاختار الله لرسوله الذي عنده على الذي عندكم وهذا الكتاب الذي هدى الله به رسولكم فخذوا به تهتدوا لما هدي له رسول الله
قلت سيف: قول عمر:
قلت لكم أمس مقالة لم تكن كما قلت وإني والله ما وجدتها في كتاب أنزله الله ولا في عهد عهده إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكني كنت أرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كلمة يريد حتى يكون آخرنا ….
إسناده هنا صحيح
وورد كذلك من طريق محمد بن إسحاق حدثني الزهري حدثني أنس بن مالك لما بويع أبوبكر في السقيفة وكانت الغد جلس أبوبكر وقام عمر فتكلم قبل أبي بكر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أيها الناس إني قد كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت إلا عن رأيي وما وجدتها في كتاب الله ولا كانت عهدا عهدها إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكني كنت أرى رسول الله سيدبر أمرنا – يقول يكون آخرنا وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي هدى به رسول الله فإن اعتصمتم به هداكم الله لما هداه الله له وإن الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وثاني اثنين إذ هما في الغار. ….
ذكره ابن كثير في البداية والنهاية مطولا. وهو على شرط كتابنا الذيل على الصحيح المسند
وذكره أصحاب المسند الجامع لفظ ابن حبان
وبنحوه في البخاري 7219 لكن فيه كنت أرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يدبرنا يريد بذلك أن يكون آخرهم فإن يكن محمد قد مات فإن الله قد جعل لكم نورا …. .
=========
1241:قال الشيخ العثيمين رحمه الله:
• لا يقال أن عمر رضي الله عنه عصى صاحبه تمردا بل يقال تأويلا، لأنه خاف أن يتكلم أبو بكر بشيء يخالف ما قاله عمر، وهو يحب أن يتكلم أبو بكر بمثل ما قال، ولكن أبا بكر رضي الله عنه عند الشدائد أقوى من عمر، فإن له مواطن متعددة تدل على ذلك، كما في صلح الحديبية وكما في موت الرسول عليه الصلاة والسلام، وكما في تنفيذ جيش أسامة بن زيد، وكما في قتال المرتدين، كل هذه المواقف كان أبو بكر أشجع من عمر فيها.
• فيه دليل على أن الناس يكبرون أبا بكر أكثر من عمر لأنه لما تكلم مال الناس إليه وتركوا عمر.
• فيه مقاطعة المتكلم إذا كان في ذلك مصلحة.
• في قول أبي بكر (من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات): فيه قطع التعليق بالأشخاص مهما كانت منزلتهم عند الله عز وجل، وأن أحدا من الناس ليس أهلا أن يعبد من دون الله ولا أن يعبد مع الله ولو كان أشرف الخلق عند الله عز وجل.
========
صحيح البخاري:
1243 – حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني خارجة بن زيد بن ثابت، أن أم الع ء، امرأة من ا نصار بايعت النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته: أنه اقتسم المهاجرون قرعة فطار لنا عثمان بن مظعون، فأنزلناه في أبياتنا، فوجع وجعه الذي توفي فيه، فلما توفي وغسل وكفن في أثوابه، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك: لقد أكرمك الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وما يدريك أن الله قد أكرمه؟» فقلت: بأبي أنت يا رسول الله، فمن يكرمه الله؟ فقال: «أما هـو فقد جاءه اليقين، والله إني رجو له الخير، والله ما أدري، وأنا رسول الله، ما يفعل بي» قالت: فوالله أزكي أحدا بعده أبدا حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا الليث مثله. وقال نافع بن يزيد، عن عقيل ما يفعل به. وتابعه شعيب، وعمرو بن دينار، ومعمر
—-
فوائد حديث أم العلاء:
1 – الحديث انفرد بإخراجه البخاري من أصحاب الكتب الستة، وأخرجه أيضا النسائي في السنن الكبرى.
2 – قوله (امرأة من الأنصار بايعت النبي صلى الله عليه وسلم) فيه بيعة النساء
3 – موضع الشاهد منه (فلما توفي وغسل وكفن في أثوابه دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم) وهو واضح لما ترجم له.
4 – قوله صلى الله عليه وسلم (والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي)،
ويذكر عن الليث بن سعد أنه قال هذا القول قبل أن ينزل عليه {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} قاله البخاري، قلت وموضع الشاهد هو الآية التي تليها وهي قوله تعالى (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا) وقال ابن عبد البر في الاستيعاب: “”قال ابْن إِسْحَاق، وسالم أَبُو النَّضْر: كَانَ عُثْمَان بْن مظعون أول رجل مات بالمدينة من المهاجرين بعد ما رجع من بدر”. انتهى وهو يؤيد ما نقله البخاري.
5 – فيه تأويل «العين الجارية» في المنام كما رواه البخاري من طريق معمر عن الزهري وفيه قالت ورأيت لعثمان في النوم عينا تجري فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال ذاك عمله يجري له.
6 – جواز القرعة وفيه نصوص عديدة من القرآن والسنة.
7 – المؤاخاة كانت في العموم بين المهاجرين والأنصار، وقد يتآخا مهاجريان، ولم أعلم بتآخي أنصاريين.
8 – قولها (فطار لنا) وقولها (فأنزلناه في أبياتنا) فيه إيثار الأنصار وحبهم لمقاسمة المهاجرين العيش.
9 – موضع الشاهد منه قوله (فلما توفي وغسل وكفن في أثوابه دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي دخل عليه وهو مدرج في كفنه.
10 – قوله (وما يدريك أن الله قد أكرمه) دليل على ترك الحكم لأشخاص بجنة ولا نار من غير نص عن معصوم، وإنما نقول نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا فهو سبحانه يعلم السر وأخفى.
11 – من أجل ذلك قالت أم العلاء (قالت فوالله لا أزكي أحدا بعده أبدا).
12 – قوله صلى الله عليه وسلم (والله إني لأرجو له الخير) فيه نوع بشرى لهذا الصحابي رضي الله عنه وأكدته الرؤيا التي رأتها أم العلاء رضي الله عنها وهي العين الجارية كما سبق وأشرنا.
13 – قوله (تابعه شعيب) أي تابع عقيلا وقد وصله البخاري في الصحيح 2687 من طريق أبي اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري به.
14 – قوله (تابعه معمر) وقد وصله البخاري 7018 في موضع آخر من الصحيح من طريق ابن المبارك عن معمر عن الزهري به.
(15) – قوله (تابعه عمرو بن دينار) وصله الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق.
—–
فوائد حديث: أم العلاء رضي الله عنها
1. وفيه رواية التابعي عن التابعي
2. وفيه الدعاء للميت
3. وفيه جواز الثناء على الميت بالخير
—–
– (خارجة بن زيد بن ثابت) أحد الفقهاء السبعة بالمدينة (أن أم العلاء) بنت الحارث بن ثابت (امرأة من الأنصار)
– قوله (فطار لنا عثمان بن مظعون) بالظاء المعجمة والعين المهملة، الجمحي القرشي، أي: وقع في سهمنا
– إذا بلغ صلاحك وعباداتك للناس من غير قصد منك للمراءاة فلا يضرك.
– التكني
– اليقين بمعنى الموت
– (والله ما أدري -وأنا رسول الله ما يفعل بي) ولا بكم، هو موافق لما في سورة الأحقاف.
وكان ذلك قبل نزول آية الفتح {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] لأن الأحقاف مكية، والفتح مدنية بلا خلاف فيهما، وكان أولاً لا يدري لأن الله لم يعلمه، ثم درى بأن أعلمه الله بعد ذلك.
وهناك توجيهات أخرى هذا احسنها واختاره ابن حجر
– قال أبو عمر النمري أسلم أبو السائب بعد ثلاثة عشر رجلا وهاجر الهجرتين وتوفي بعد بدر وكان عابدا مجتهدا وكان هو وعلي وأبو ذر هموا أن يختصوا. وروى من مراسيل عبيد الله بن أبي رافع قال أول من دفن ببقيع الغرقد عثمان بن مظعون فوضع رسول الله عند رأسه حجرا وقال هذا قبر فرطنا. وكان ممن حرم الخمر في الجاهلية
– استدل أعضاء اللجنة الدائمة بآيات وأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب ومما ذكروا هذا الحديث فقالوا: وفي رواية له: ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل به، وقد ثبت في أحاديث كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعلمه الله بعواقب بعض أصحابه فبشرهم بالجنة، وفي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عند البخاري ومسلم: أن جبريل سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الساعة، فقال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل!، ثم لم يزد على أن أخبره بأماراتها، فدل على أنه علم من الغيب ما أعلمه الله به دونما سواه من المغيبات وأخبر به عند الحاجة.
– وأخرجه البخاري أيضًا في: الجنائز، والشهادات، والتفسير، والهجرة، والتعبير، والنسائي في الرؤيا.
=======
1243:أنكر الرسول عليه الصلاة والسلام عليها أن تشهد له، لأنه لا يشهد لأحد بعينه بإكرام الله له أو عذابه أبدا إلا من شهد له الرسول عليه الصلاة والسلام.
قال ما يدريك أن الله أكرمه، إذا كنت لا تدرين فلماذا تشهدين، فقالت: فمن يكرمه الله؟ أي إذا لم يكرم الله مثل هذا فمن الذي يكرم؟
ولكنه عليه الصلاة والسلام أجابها: أما هو فقد جاءه اليقين، والله إني لأرجو له الخير، ولم يشهد له مع أن النبي لو شاء لقال إنه من أهل الجنة كما شهد لغيره ممن شهد له، لكن قطعا للغير أن يشهد، لأنه يكلم امرأة شهدت له بالكرامة فأراد أن يقطع هذا، فلا يجوز أن تزكي أحدا في أمر الآخرة لكن في أمر الدنيا لا بأس أن تزكي.
لو طلب منك تزكية شاهد من الشهود وأنت تعلم حالهُ تزكيه، لكن في أمر الآخرة تقول هذا مغفور له، هذا من أهل الجنة فلا، ولكن أرجو له الخير، ولهذا ذكر أهل السنة في عقائدهم: لا نشهد لأحد بجنة ولا نار إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم ولكننا نرجوا للمحسن ونخاف على المسيء.
وإذا كان هذا في مثل هذا الصحابي رضي الله عنه فكيف بغيره من الناس، يتصارع بعض الناس مع الأسف على فلان وفلان، هذا فيه كذا وهذا فيه كذا.
فنقول ليس لكم الحق في هذا، هؤلاء ماتوا وحسابهم على الله ولا بدرى ما فعل الله بهم، لكن عليكم بشؤونكم فإن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. اهـ
قال العثيمين في شرح بلوغ المرام:
• جواز تقبيل الميت بعد موته لفعل أبي بكر … بشرط أن يكون ممن يحل له تقبيله حال حياته مع الرجل، والمرأة مع المرأة، والزوج مع زوجته، والزوجة مع زوجها.
• يستفاد منه طهارة بدن الميت. اهـ
في شرح السنة للإمام البغوي أتى بحديث أم العلاء مثل رواية البخاري وزاد:
قالت: فوالله لا أزكي بعده أحدا أبدا، قالت: ثم رأيت لعثمان بعد في النوم عينا تجري، فقصصتها على
رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال: ” ذاك عمله “.
هذا حديث صحيح أخرجه محمد عن عبدان، عن عبد الله بن المبارك
عن معمر، وقال معمر: فسمعت غير الزهري يقول: كره المسلمون
ما قال النبي (صلى الله عليه وسلم) لعثمان حتى توفيت ابنة النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال: الحقي
بفرطنا عثمان بن مظعون “. اهـ
أما زيادة (قالت: ثم رأيت لعثمان بعد في النوم عينا تجري، فقصصتها على
رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال: ” ذاك عمله “.) فهي في البخاري أوردها في ثمانية مواضع، أما الزيادة الأخرى فتحتاج بحث.
======
صحيح البخاري:
1244 – حدثنا محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة قال سمعت محمد بن المنكدر قال سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال لما قتل أبي جعلت أكشف الثوب عن وجهه أبكي وينهوني عنه والنبي صلى الله عليه وسلم لا ينهاني فجعلت عمتي فاطمة تبكي فقال النبي صلى الله عليه وسلم تبكين أو لا تبكين ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه * تابعه ابن جريج أخبرني محمد بن المنكدر سمع جابرا رضي الله عنه
فوائد حديث جابر:
1 – حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أخرجه البخاري ومسلم والنسائي
2 – قوله (لما قتل أبي) أي عبد الله بن حرام والد جابر.
3 – وفي الصحيحين من طريق ابن عيينة عن ابن المنكدر (جيء بأبي يوم أحد قد مثل به) وعند مسلم من طريق عبد الكريم الجزري (جيء بأبي يوم أحد مجدعا).
4 – قوله (جعلت أكشف الثوب عن وجهه أبكي) ومن طريق ابن عيينة عن ابن المنكدر عند الشيخين (أردت أن أرفع الثوب فنهاني قومي) فيه جواز كشف الوجه بعد تسجيته، وسبب نهيهم رحمة بابنه وأخته كونه قد مثل به رضي الله عنه.
5 – قوله (فرفع) قال سفيان: كأنهم ردوا إلى مصارعهم كا ورد عند أبي داود الطيالسي في مسنده.
6 – قوله (فجعلت عمتي فاطمة تبكي) أخت الشهيد عبد الله وفيه إثبات صحبتها. ومن طريق ابن عيينة عن ابن المنكدر عند الشيخين (فسمع صوت صائحة) وبكت بعدما رأت وجه أخاها وقد مثل به.
7 – فيه جواز البكاء على الميت قاله ابن الملقن.
8 – فيه نهي أهل الميت بعضهم بعضًا عن البكاء للرفق بالباكي، وسكوت الشارع لما يجد الباكي من الراحة.
9 – وقوله: (“تبكين .. “) إلى آخره، يعزيها بذلك ويخبرها بما صار إليه من الفضل. قاله ابن الملقن.
10 – فيه فضائل عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر رضي الله تعالى عنهما).
11 – فيه أن عبد الله (والد جابر) مكرم عند الملائكة وإظلاله بأجنحتها؛ لاجتماعهم عليه ومبادرتهم بصعود روحه مبشرة بما أعد الله له من الكرامة، أو أنهم أظلوه من الحر لئلا يتغير، أو لأنه من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لاظل إلا ظله. قاله ابن الملقن في التوضيح والأول هو الظاهر.
12 – فيه ظل الملائكة على الشهيد قاله البخاري.
13 – ما يكره من النياحة على الميت قاله البخاري.
14 – قوله (تابعه ابن جريج أخبرني محمد بن المنكدر) وصله مسلم في صحيحه من طريق روح بن عبادة عنه.
15 – قوله (حدثنا شعبة) تابعه ابن عيينة عند الشيخين والنسائي، وتابعهما ابن جريج ومعمر وعبد الكريم الجزري أخرجهما مسلم في صحيح
=======
– فيه معنى قوله صلى الله عليه وسلم: العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وقال: إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا. وأشار إلى لسانه، أو يرحم.
– (تبكين أو لا تبكين، ما) ولأبوي: ذر والوقت، والأصيلي: فما (زالت الملائكة تظله بأجنحتها) مجتمعين عليه، متزاحمين على المبادرة لصعودهم بروحه، وتبشيره بما أعد الله له من الكرامة، أو: أظلوه من الحر لئلا يتغير، أو: لأنه من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: و: أو، ليست للشك، بل من كلامه عليه الصلاة والسلام، للتسوية بين البكاء وعدمه.
أي: فوالله إن الملائكة تظله، سواء تبكين أم لا.
(حتى رفعتموه) من مقتله، وهذا قاله عليه الصلاة والسلام بطريق الوحي، فلا يعارضه ما في حديث أم العلاء السابق، لأنه أنكر عليها قطعها، إذ لم تعلم هي من أمره شيئًا.
قوله: اجعلت أكشف الثوب عن وجهه، لأن الثوب أعم من أن يكون الذي سجوه به ومن الكفن.
(تابعه) أي تابع شعبة (ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز، قال: (أخبرني) بالإفراد (ابن المنكدر) ولأبوي: ذر، والوقت، وابن عساكر في نسخة: أخبرني محمد بن المنكدر أنه (سمع جابرًا، رضي الله عنه).
وهذا وصله مسلم من طريق عبد الرزاق عنه، وأوله: جاء قومي بأبي قتيلاً يوم أحد … وذكر المؤلّف هذه المتابعة لينفي ما وقع في ابن ماهان، من صحيح مسلم، عن عبد الكريم، عن محمد بن علي بن حسين، عن جابر: فجعل محمد بن علي، بدل: محمد بن المنكدر، فبين البخاري أن الصواب: محمد بن المنكدر، كما رواه شعبة.
========
=======
– الدخول على البنت بغير استئذان وقيل انه استأذن. (ابن الملقن)
– سأل العباد: هل يجوز للنساء الدخول على الميت؟
فأجاب: … النساء فيهن ضعف وليست كالرجال وإذا خيف من النياحة تمنع.