1233 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي وناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———‘—-‘——
باب إذا كلم وهـو يصلي فأشار بيده واستمع
1233 – حدثنا يحيى بن سليمان، قال: حدثني ابن وهـب، قال: أخبرني عمرو، عن بكير، عن كريب، أن ابن عباس، والمسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن أزهـر رضي الله عنهم، أرسلوه إلى عائشة رضي الله عنها، فقالوا: اقرأ عليها الس م منا جميعا، وسلها عن الركعتين بعد ص ة العصر، وقل لها: إنا أخبرنا عنك أنك تصلينهما، وقد بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها، وقال ابن عباس وكنت أضرب الناس مع عمر بن الخطاب عنها، فقال كريب: فدخلت على عائشة رضي الله عنها، فبلغتها ما أرسلوني، فقالت: سل أم سلمة، فخرجت إليهم، فأخبرتهم بقولها، فردوني إلى أم سلمة بمثل ما أرسلوني به إلى عائشة، فقالت أم سلمة رضي الله عنها: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عنها، ثم رأيته يصليهما حين صلى العصر، ثم دخل علي وعندي نسوة من بني حرام من ا نصار، فأرسلت إليه الجارية، فقلت: قومي بجنبه فقولي له: تقول لك أم سلمة: يا رسول الله، سمعتك تنهى عن هـاتين، وأراك –
[70]
– تصليهما، فإن أشار بيده، فاستأخري عنه، ففعلت الجارية، فأشار بيده، فاستأخرت عنه، فلما انصرف قال: «يا بنت أبي أمية، سألت عن الركعتين بعد العصر، وإنه أتاني ناس من عبد القيس، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هـاتان»
—–
باب إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع
حديث رقم (1233)
فوائد الباب:
(1) – قوله (إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع) أي فليس عليه سجود السهو.
(2) – الإشارة فيما ينوبه في صلاته يريد بها إفهاما قاله البيهقي
(3) – البخاري ومسلم وأبو داود.
(4) – قال ابن الملقن كما في البدر المنير والذي أجمع عليه أكثر أهل العلم على كراهية الصلاة حينئذ إلا ما استثني من ذلك.
(5) – باب ما يصلي بعد العصر من الفوائت ونحوها قاله البخاري في صحيحه.
(6) – قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما
ولا يصليهما في المسجد مخافة أن يثقل على أمته وكان يحب ما يخفف عنهم رواه البخاري وغيره.
(7) – عن أبي سلمة انه سأل عائشة عن السجدتين اللتين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليهما بعد العصر فقالت كان يصليهما قبل العصر ثم انه شغل عنهما أو نسيهما فصلاهما بعد العصر
ثم أثبتهما وكان إذا صلى صلاة أثبتها قال إسماعيل- يعني ابن جعفر أحد الرواية- تعني داوم عليها رواه مسلم
(8) – كأن المداومة على الركعتين بعد العصر من الخصائص النبوية والصلاة لسبب لعامة الأمة.
(9) – قوله (حدثنا يحيى بن سليمان) تابعه حرملة بن يحيى التجيبي عند مسلم، وتابعهما أحمد بن صالح عند أبي داود في سننه.
(10) – قوله (حدثنا ابن وهب) هو عبد الله تابعه بكر بن مضر علقه البخاري في صحيحه ووصله الطحاوي في شرح معاني الآثار.
(11) – قوله (فقلت – أي قالت أم سلمة للجارية – قومي بجنبه – وقد كان يصلي- فقولي له تقول لك أم سلمة يا رسول الله سمعتك تنهى عن هاتين وأراك تصليهما فإن أشار بيده فاستأخري عنه ففعلت الجارية فأشار بيده فاستأخرت عنه) هذا وما تلاه هو موضع الشاهد.
(12) – قوله (أخبرني عمرو) هو ابن الحارث.
(13) – قوله (عن بكير) هو ابن الأشج.
(14) – قوله (عن كريب) هو مولى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وعند البخاري معلقا الطحاوي في شرح معاني الآثار موصولا أن كريبا حدثه.
——
فوائد باب إذا كُلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع:
1 – أي هذا باب يذكر فيه إذا كلم المصلي والحال أنه في الصلاة فأشار بيده يعلمه أنه في الصلاة وكلم بضم الكاف على صيغة المجهول
2 – من لطائف الاسناد أن رواته بين كوفي ومصري ومدني وفيه أربعة من الصحابة رجلان وامرأتان، والتحديث والإخبار، والعنعنة والقول، والإرسال والبلاغ
3 – الحديث متفق عليه.
4 – وفيه أن فوائت النوافل تقضي وقد جاء أنه صلى الله عليه وسلّم واظب عليها بعد ذلك لأنه كان من عادته إذا فعل شيئاً من الطاعات لم يقطعه أبداً
5 – فيه جواز استماع المصلي إلى كلام غيره وفهمه له ولا يضر ذلك صلاته
6 – وفيه أن إشارة المصلي بيده ونحوها من الأفعال الخفيفة لا تبطل الصلاة
7 – وفيه أنه يستحب للعالم إذا طلب له تحقيق أمر مهم وعلم أن غيره أعلم أو أعرف بأصله أن يرسل إليه إذا أمكنه
8 – وفيه الاعتراف لأهل الفضل بمزيتهم
9 – وفيه من أدب الرسول أن لا يستقل بتصرف شيء لم يؤذن له فيه فإن كريبا لم يستقل بالذهاب إلى أم سلمة حتى رجع إليهم
10 – وفيه قبول خبر الواحد والمرأة مع القدرة على اليقين بالسماع
11 – وفيه لا بأس للإنسان أن يذكر نفسه بالكنية إذا لم يعرف إلا بها
12 – وفيه ينبغي للتابع إذا رأى من المتبوع شيئا يخالف المعروف من طريقته والمعتاد من حاله أن يسأله بلطف عنه فإن كان ناسيا يرجع عنه وإن كان عامدا وله معنى مخصص عرفه للتابع واستفاده
13 – وفيه إثبات سنة الظهر بعدها
14 – وفيه إذا تعارضت المصالح والمهمات بدأ بأهمها ولهذا بدأ النبي بحديث القوم في الإسلام وترك سنة الظهر حتى فات وقتها لأن الاشتغال بإرشادهم وبهدايتهم إلى الإسلام أهم
15 – وفيه أن الأدب إذا سئل من المصلي شيئا أن يقوم إلى جنبه لا خلفه ولا أمامه لئلا يشوش عليه بأن لا تمكنه الإشارة إليه إلا بمشقة
16 – وفيه دلالة على فطنة أم سلمة وحسن تأتيها بملاطفة سؤالها واهتمامها بأمر الدين
17 – وفيه إكرام الضيف.
18 – وفيه زيارة النساء المرأة ولو كان زوجها عندها
19 – وفيه جواز التنفل في البيت
20 – وفيه كراهة القرب من المصلي لغير ضرورة
21 – وفيه المبادرة إلى معرفة الحكم المشكل فرارا من الوسوسة
22 – وفيه جواز النسيان على النبي صلى الله عليه وسلم.
23 – فيه أن النهي عن الصلاة بعد العصر إنما هو عن إنشائها تطوعاً دون ما كان لها سبب واجب أو مندوب
24 – استدل الشافعية بهذا الحديث على مشروعية قضاء السنن التي لها سبب في أوقات النهي
25 – وفيه البحث عن علة الحكم وعن دليله.
26 – وفيه الترغيب في علو الإسناد.
27 – وفيه الفحص عن الجمع بين المتعارضين.
28 – وفيه أن الصحابي إذا عمل بخلاف ما رواه لا يكون كافيًا في الحكم بنسخ مرويه.
29 – أن الحكم إذا ثبت لا يزيله إلَّا شيء مقطوع به.
30 – أن الأصل اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- في أفعاله.
31 – أن الجليل من الصحابة قد يخفى عليه ما اطلع عليه غيره.
32 – وأنه لا يُعْدَل إلى الفتوى بالرأي مع وجود النص.
33 – وان العالم لا نقص عليه إذا سئل عما لا يدري، فوكل الأمر إلى غيره.
34 – ترك تفويت طلب العلم، وإن طرأ ما يشغل عنه.
35 – وجواز الاستنابة في ذلك، وأن الوكيل لا يشترط أن يكون مثل موكله في الفضل، وتعليم الوكيل التصرف إذا كان ممن يجهل ذلك.
36 – فيه الاستفهام بعد التحقق، لقوله: “وأراك تصليهما”.
——
ذهب جماهير أهل العلم إلى كراهة الصلاة بعد العصر حتى غروب الشمس، وبعد الصبح حتى ترتفع الشمس، وحكى بعض أهل العلم الاتفاق على ذلك.
فروى البخاري ومسلم (827) عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لاَ صَلاَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَلاَ صَلاَةَ بَعْدَ العَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ).
قال النووي رحمه الله:
” فِي أَحَادِيث الْبَاب: نَهْيه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاة بَعْد الْعَصْر حَتَّى تَغْرُب الشَّمْس، وَبَعْد الصُّبْح حَتَّى تَطْلُع الشَّمْس، وَبَعْد طُلُوعهَا حَتَّى تَرْتَفِع، وَعِنْد اِسْتِوَائِهَا حَتَّى تَزُول، وَعِنْد اِصْفِرَارهَا حَتَّى تَغْرُب. وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّة عَلَى كَرَاهَة صَلَاة لَا سَبَب لَهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَات ” انتهى.
واختلف أهل العلم في الصلوات ذوات الأسباب كتحية المسجد وسنة الوضوء، فمنهم من جوز فعلها في أوقات النهي، ومنهم من منع ذلك، والراجح الأول، والله أعلم.
ثانيا:
ما ورد في الأحاديث من كون النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد العصر في بيته، ويداوم على ذلك: صحيح ثابت أيضا؛ فروى البخاري (591)، ومسلم (835) عن عَائِشَة رضي الله عنها قالت: (مَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ عِنْدِي قَطُّ).
وفي رواية لهما: (صَلَاتَانِ مَا تَرَكَهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي قَطُّ، سِرًّا وَلَا عَلَانِيَةً: رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ).
وفي رواية للبخاري (590) عنها رضي الله عنها قَالَتْ: (وَالَّذِي ذَهَبَ بِهِ، مَا تَرَكَهُمَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ، وَمَا لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى ثَقُلَ عَنِ الصَّلاَةِ، وَكَانَ يُصَلِّي كَثِيرًا مِنْ صَلاَتِهِ قَاعِدًا – تَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ – وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا، وَلاَ يُصَلِّيهِمَا فِي المَسْجِدِ، مَخَافَةَ أَنْ يُثَقِّلَ عَلَى أُمَّتِه ِ، وَكَانَ يُحِبُّ مَا يُخَفِّفُ عَنْهُمْ).
وهذا كله محمول على أنه كان من خصائصه صلى الله عليه وسلم؛ فقد فاتته الركعتان بعد الظهر، فصلاهما بعد العصر، ثم أثبتهما؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى صلاة أثبتها.
روى البخاري (1233)، ومسلم (834) عن أُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْهَا – يعني الركعتين بعد العصر – ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا …..
وروى مسلم (835) عن أبي سَلَمَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنِ السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، فَقَالَتْ: (كَانَ يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ الْعَصْرِ، ثُمَّ إِنَّهُ شُغِلَ عَنْهُمَا، أَوْ نَسِيَهُمَا، فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، ثُمَّ أَثْبَتَهُمَا، وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَثْبَتَهَا).
وعلى ذلك: فإنه يشرع لكل أحد قضاء راتبة الظهر ونحوها بعد العصر، إذا فاتت لعذر.
وأما الاستدامة على صلاة الركعتين في هذا الوقت: فهي من خصائصه، صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
” تَمَسَّكَ بِهَذِهِ الرِّوَايَات مَنْ أَجَازَ التَّنَفُّل بَعْدَ الْعَصْر مُطْلَقًا، مَا لَمْ يَقْصِد الصَّلَاة عِنْدَ غُرُوب الشَّمْس، وَأَجَابَ عَنْهُ مَنْ أَطْلَقَ الْكَرَاهَة: بِأَنَّ فِعْلَهُ هَذَا يَدُلّ عَلَى جَوَاز اِسْتِدْرَاكِ مَا فَاتَ مِنْ الرَّوَاتِب مِنْ غَيْر كَرَاهَة، وَأَمَّا مُوَاظَبَته صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ خَصَائِصه، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ رِوَايَة ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَة أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” كَانَ يُصَلِّي بَعْدَ الْعَصْر وَيَنْهَى عَنْهَا , وَيُوَاصِل وَيَنْهَى عَنْ الْوِصَال ” رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَرِوَايَة أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَة فِي نَحْو هَذِهِ الْقِصَّة وَفِي آخِرِهِ ” وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاة أَثْبَتَهَا ” رَوَاهُ مُسْلِم، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الَّذِي اِخْتَصَّ بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُدَاوَمَة عَلَى ذَلِكَ لَا أَصْلُ الْقَضَاء ” انتهى.
“فتح الباري” (2/ 64). وينظر: “عمدة القاري” (5/ 85).
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة عن هذه الأحاديث، فأجابوا:
” لا تجوز صلاة النافلة بعد العصر؛ لأنه وقت نهي، وما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم في الأحاديث المذكورة هو قضاء لراتبة الظهر التي فاتته -، وداوم عليها صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان إذا عمل عملا داوم عليه، وهذا خاص به صلى الله عليه وسلم، لكن تجوز الصلاة بعد العصر إذا كانت من ذوات الأسباب؛ كتحية المسجد، وصلاة الكسوف، وركعتي الطواف بعد العصر وبعد الصبح، وصلاة الجنازة؛ للأحاديث الواردة في ذلك ” انتهى.
“فتاوى اللجنة الدائمة” (6/ 173 – 174).
وروي أن طاوسًا كان يصلي ركعتين بعد العصر؛ فقال له ابن عباس: “اتركهما. فقال: إنما نهي عنهما أن تتخذا سنة. فقال ابن عباس: قد نهى رسول الله -صلى لله عليه وسلم- عن صلاة بعد العصر؛ فلا أدري أتعذب عليها أم تؤجر لأن الله قال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36] “.
قال ابن قدامة: النهي عن الصلاة بعد العصر مُتَعَلِّق بِفِعْل الصلاة، فمن لم يُصلِّ أبيح له التَّنَفُّل وإن صلى غيره، ومن صلى العصر فليس له التَّنَفُّل، وإن لم يصل أحد سواه، لا نعلم في هذا خلافا عند مَن يَمْنَع الصلاة بعد العصر. اهـ.
قال ابن رجب: وممن رخص في الصلاة بعد العصر والشمس مرتفعة: علي بن أبي طالب، والزبير، وتميم الداري، وأبو أيوب، وأبو موسى، وزيد بن خالد الجهني، وابن الزبير، والنعمان بن بشير، وأم سلمة – رضي الله عنهم.
ومن التابعين: الأسود، ومسروق، وشريح، وعمرو بن ميمون، وعبد الرحمن بن الأسود، وعبيدة، والأحنف بن قيس، وطاوس.
وحكاه ابن عبد البر، عن عطاء، وابن جريج، وعمرو بن دينار.
قال: وروي عن ابن مسعود نحوه.
ولم يعلم عن أحد منهم الرخصة بعد صلاة الصبح.
وهو قول داود، فيما حكاه ابن عبد البر.
وحكي رواية عن أحمد:
قال إسماعيل بن سعيد الشالنجي: سألت أحمد: هل ترى بأساً أن يصلي الرجل تطوعاً بعد العصر والشمس بيضاء مرتفعة؟ قال: لا نفعله، ولا نعيب فاعله.
قال: وبه قال أبو حنيفة.
وهذا لا يدل على أن أحمد رأى جوازه، بل رأى أن من فعله متأولاً، أو مقلداً لمن تأوله لا ينكر عليه، ولا يعاب قوله؛ لأن ذلك من موارد الاجتهاد السائغ.
ومما استدل به من ذهب إلى ذلك: ما رواه هلال بن يساف، عن وهب بن الأجدع، عن علي، عن النبي (، قال: (لا تصلوا بعد العصر، إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة).
خرجه الإمام أحمد وأبو داود.
والنسائي، وعنده: (إلا أن تكون الشمس بيضاء نقية مرتفعة).
وابن خزيمة وابن حبان في (صحيحهما). ” فتح الباري” (3/ 278 – 279).
قلت سيف: حديث لا تصلوا إلا أن تكوني الشمس بيضاء نقية. أخرجه أحمد 1076 من طريق عاصم بن ضمرة عن علي. أعله الدارقطني 476 فقال: ولم يتابع والصحيح حديث منصور عن هلال بن يساف عن وهب بن الأجدع عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر إلا والشمس مرتفعة.
ووهب بن الأجدع رد حديثه هذا البيهقي
فربما رده لمخالفته ما هو أرجح منه لكن وهب بن الأجدع روى عنه الشعبي أيضا حتى قال يعقوب بن شيبة اذا روى عن الرجل مثل ابن سيرين والشعبي وهؤلاء أهل العلم فهو غير مجهول. قاله ابن رجب في شرح العلل. نقله صاحبنا ابوصالح
وحسن الحديث محققو المسند 2/ 322
وبوب أبوداود عليه باب من رخص فيهما اذا كانت الشمس مرتفعة
وأورد كذلك في الباب حديث عائشة أنها قالت: ما من يوم يأتي على النبي صلى الله عليه وسلم إلا صلى بعد العصر ركعتين. أخرج البخاري ومسلم
وأورد حديث عائشة أنها حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العصر وينهى عنها. لكن الألباني حكم عليهم بالضعف الإرواء 441
ورجح الألباني جواز الصلاة ما دامت الشمس بيضاء نقية
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2/ 65): [تنبيه: روى عبد الرزاق من حديث زيد بن خالد سبب ضرب عمر الناس على ذلك فقال: عن زيد بن خالد أن عمر رآه وهو خليفة ركع بعد العصر فضربه فذكر الحديث وفيه فقال عمر: ((يا زيد لولا أني أخشى أن يتخذهما الناس سلماً إلى الصلاة حتى الليل لم أضرب فيهما))، فلعل عمر كان يرى أن النهى عن الصلاة بعد العصر إنما هو خشية إيقاع الصلاة عند غروب الشمس وهذا يوافق قول بن عمر الماضي وما نقلناه عن بن المنذر وغيره وقد روى يحيى بن بكير عن الليث عن أبي الأسود عن عروة عن تميم الداري نحو رواية زيد بن خالد وجواب عمر له وفيه: ((ولكني أخاف أن يأتي بعدكم قوم يصلون ما بين العصر إلى المغرب حتى يمروا بالساعة التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى فيها))، وهذا أيضا يدل لما قلناه والله أعلم]. انتهى.
——
قال الشيخ العباد: هذا الحديث ذكره في باب السهو ليس بواضح. إنما محله كتاب العمل في الصلاة.
بوب السيوطي في الخصائص باب اختصاصه صلى الله عليه وسلم بصلاة بعد العصر. وذكر أن في الروضة: واختصاصه صلى الله عليه وسلم بذلك وجهان اصحهما الاختصاص. قال ابن كثير: وذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم وجهين لاصحابنا اصحهما الاختصاص وقيل: لغيره إذا اتفق له ذلك.
وكذلك العراقي في السيرة ذكر أن ذاك من الخصائص.