245 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمعية نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————‘———–‘———
مسند أحمد
6546 حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يزيد أنا همام عن قتادة عن يزيد بن عبد الله بن الشخير عن عبد الله بن عمرو قال قلت: يا رسول في كم اقرأ القرآن قال: أقرأه في كل شهر. قال: قلت: إني أقوى على أكثر من ذلك. قال أقرأه في خمس وعشرين. قلت: أني أقوى على أكثر من ذلك قال أقرأه في عشرين. قال: قلت: إني أقوى على أكثر من ذلك قال أقرأه في خمس عشرة. قال: قلت: إني أقوى على أكثر من ذلك. قال: أقرأه في سبع. قال: قلت: إني أقوى على أكثر من ذلك قال: لا يفقه من يقرؤه في أقل من ثلاث
قلت سيف: هو على شرط المتمم على الذيل.
ويضاف لرواية رقم 6841، 6775 حيث أنه متمم لها
وأشار البخاري لرواية من قرأ القرآن في ثلاث وفي خمس. قال: وأكثرهم على سبع.
كأنه يعلل ما دون السبع.
فانزلناه على شرط المتمم لاحتمال التعليل.
———-‘———–‘——–
يفهم من الحديث أن لقاريء القرآن أن يختم كل ثلاثين يوما وهذا أكثره و اقله ثلاثة ايام و جعل عدم الفقه دون الثلاث، ولكن جاء عن السلف يفيد اكثره اربعين يوما، بل نص فقهاء الحنابلة على أنه ” (يكره تأخير الختم فوق أربعين بلا عذر) قال أحمد: أكثر ما سمعت أن يختم القرآن في أربعين، ولأنه يفضي إلى نسيانه والتهاون به ” ” كشاف القناع ” (1/ 430).
وفي مسائل الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه (9/ 4820):
قال إسحاق: وأما قارئ القرآن حفظاً أو نظراً فإنه يستحب له أن لا يجاوز أربعين يوماً حتى يكون خاتماً فيه مرة، لما أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – أن يقرأه في أربعين حين سأله: أني جمعت القرآن ففي كم أقرؤه؟ فبدأه: “اقرأه في أربعين”.
وقال الزركشي في البرهان في علوم القرآن (1/ 471) ونحوه في الإتقان: [ويكره تأخير ختمه أكثر من أربعين يوما رواه أبو داود.
قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (13/ 407): فالصحيح عندهم في حديث عبد الله بن عمرو أنه انتهى به النبي صلى الله عليه وسلم إلى سبع كما أنه أمره ابتداء بقراءته في الشهر فجعل الحد ما بين الشهر إلى الأسبوع وقد روي أنه أمره ابتداء أن يقرأه في أربعين وهذا في طرف السعة يناظر التثليث في طرف الاجتهاد. وأما رواية من روى: ” {من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقه} ” فلا تنافي رواية التسبيع فإن هذا ليس أمرا لعبد الله بن عمرو ولا فيه أنه جعل قراءته في ثلاث دائما سنة مشروعة وإنما فيه الإخبار بأن من قرأه في أقل من ثلاث لم يفقه ومفهومه مفهوم العدد وهو مفهوم صحيح أن من قرأه في ثلاث فصاعدا فحكمه نقيض ذلك والتناقض يكون بالمخالفة ولو من بعض الوجوه. فإذا كان من يقرؤه في ثلاث أحيانا قد يفقهه حصل مقصود الحديث ولا يلزم إذا شرع فعل ذلك أحيانا لبعض الناس أن يكون المداومة على ذلك مستحبة؛ ولهذا لم يعلم في الصحابة على عهده من داوم على ذلك أعني على قراءته دائما فيما دون السبع ولهذا كان الإمام أحمد – رحمه الله – يقرؤه في كل سبع.
[الراويات التي تفيد بعدم الفقه في أقل من ثلاث]
ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح [9/ 96 – 97]: وعند أبي داود والترمذي مصححا من طريق يزيد بن عبد الله بن الشخير عن عبد الله بن عمرو مرفوعا لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث وشاهده عند سعيد بن منصور بإسناد صحيح من وجه آخر عن بن مسعود أقرءوا القرآن في سبع ولا تقرءوه في أقل من ثلاث ولأبي عبيد من طريق الطيب بن سلمان عن عمرة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم كان لا يختم القرآن في أقل من ثلاث وهذا اختيار أحمد وأبي عبيد وإسحاق بن راهويه وغيرهم.
[التعقيب من الحافظ]
وثبت عن كثير من السلف إنهم قرؤوا القرآن في دون ذلك قال النووي والاختيار أن ذلك يختلف بالاشخاص فمن كان من أهل الفهم وتدقيق الفكر استحب له أن يقتصر على القدر الذي لا يختل به المقصود من التدبر واستخراج المعاني وكذا من كان له شغل بالعلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة يستحب له أن يقتصر منه على القدر الذي لا يخل بما هو فيه ومن لم يكن كذلك فالأولى له الاستكثار ما أمكنه من غير خروج إلى الملل ولا يقرؤه هذرمة والله أعلم.
قال العلامة ابن باز رحمه الله في المجموع (24/ 417): ووصيتي لجميع قراء القرآن الإكثار من قراءته بالتدبر والتعقل، والإخلاص لله مع قصد الفائدة والعلم، وأن يختمه في كل شهر فإن تيسر أقل من ذلك فذلك خير عظيم، وله أن يختمه في أقل من سبع، والأفضل ألا يختمه في أقل من ثلاث؛ لأن ذلك هو أقل ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو بن العاص، ولأن قراءته في أقل من ثلاث قد تفضي إلى العجلة وعدم التدبر.
قال العلامة الألباني في السلسلة الصحيحة (465): لكن يشهد للحديث نهيه صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو أن يقرأ
القرآن في أقل من ثلاث، و قوله صلى الله عليه وسلم: ” من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقهه “. و هو ثابت صحيح عنه صلى الله عليه وسلم، و هو مخرج في ” صفة الصلاة ” (ص 118 – 119 الطبعة السابعة). و انظر الحديث (1512 و 1513) و ما ذكر تحتهما. و لا يشكل على هذا ما ثبت عن بعض السلف مما هو خلاف هذه السنة الصحيحة، فإن الظاهر أنها لم تبلغهم. و ما أحسن ما قال الإمام الذهبي رحمه الله تعالى في ترجمة الحافظ وكيع بن الجراح، في كتابه العظيم ” سير أعلام
النبلاء ” (7/ 39 / 2) و قد روى عنه أنه كان يصوم الدهر و يختم القرآن كل ليلة: ” قلت: هذه عبادة يخضع لها، و لكنها من مثل إمام من الأئمة الأثرية مفضولة، فقد صح نهيه عليه السلام عن صوم الدهر، و صح أنه نهى أن يقرأ القرآن
في أقل من ثلاث، و الدين يسر و متابعة السنة أولى، فرضي الله عن وكيع، و أين مثل وكيع؟ و مع هذا فكان ملازما لشرب نبيذ الكوفة الذي يسكر الإكثار منه، و كان متأولا في شربه، و لو تركه تورعا لكان أولى به، فإن من توقى الشبهات فقد
استبرأ لدينه و عرضه. و قد صح النهي و التحريم للنبيذ المذكور، و ليس هذا موضع هذه الأمور، و كل أحد يؤخذ من قوله و يترك، فلا قدوة في خطإ العالم، نعم، و لا يوبخ بما فعله باجتهاد، نسأل الله المسامحة “.
و قال الألباني في سلسلة الهدى و النور المفرغة: فإن علمت أن عبد الله بن عمرو بن العاص طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يسمح له بذلك وقال: (من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقهه)، والرسول صلى الله عليه وسلم من عمله أنه لم يقرأ القرآن في ليلة واحدة كما قالت السيدة عائشة وفي صحيح مسلم، فإذا عرفت هذا فما يهمك بعد ذلك تلك الآثار التي تقرأنيها في كتاب أو أكثر من كتاب وهي تخالف هذا المنهج النبوي الذي وضعه لابن عمرو، فتلك الآثار تدور إما أن لا تصح عن أصحابها، وإما أنها تصح ولكنها تخالف هدي الرسول صلى الله عليه وسلم والنهج الذي وضعه لصاحبه هذا، فحينئذ ندع تلك الآثار لأصحابها، ونكل أمرهم إلى الله تبارك وتعالى، أما نحن فنتمسك بقاعدة خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، اتفضلي.
الوقت المستحب للختم
قال أبو داود: قلت لأحمد: قال ابن المبارك: إذا كان الشتاء فاختم في أول الليل، وإذا كان الصيف فاختمه في أول النهار؟ فرأيت كأنه أعجبه.
“مسائل أبي داود” ((455)).
قلت (نورس): فالتقصير في القرآءة اكثر من اربعين يوما قد يكون من باب هجر القرآن، ولا يمكن لاحد حريص على الأجر والثواب ان يترك القرآءة وتدبره، ومعلوم فضل تلاوة القرآن و ما سطرته الكتب في ذلك، و تجد التقصير من طلاب العلم لا يقرأ الا في أوقات ومناسبات وليس له ورد، قل لي بربك ماذا تتمير به عن العامي وهو لا يترك يوم واحد التلاوة! فيالطالب العلم اكثر من تلاوة القرآن وتدبره وفهمه واجعل لك ورد ثابت لا تتركه، وايضا بالنسبة للحافظ ان يكثر من التلاوة ويتعاهده حتى لا يتفلت منه، اسال الله أن يجعلنا من أهل القرآن وخاصته، وأن يجعله حجة لنا لا علينا ..
قال ابن رجب رحمه الله في” جامع العلوم والحكم ” (ص/364):
” ومن أعظم ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى من النوافل: كثرة تلاوة القرآن وسماعه بتفكر وتدبر وتفهم.
قال خباب بن الأرت لرجل: تقرب إلى الله ما استطعت، واعلم أنك لن تتقرب إليه بشيء هو أحب إليه من كلامه.
وفي ” الترمذي ” عن أبي أمامة مرفوعا: (ما تقرب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه) يعني القرآن – رواه الترمذي (2911) وقال: حديث غريب، وضعفه الألباني -.
لا شيء عند المحبين أحلى من كلام محبوبهم، فهو لذة قلوبهم، وغاية مطلوبهم.
قال عثمان: لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم.
وقال ابن مسعود: من أحب القرآن فهو يحب الله ورسوله.
قال بعض العارفين لمريد: أتحفظ القرآن؟ قال: لا، فقال: واغوثاه بالله! مريد لا يحفظ القرآن!! فبم يتنعم؟! فبم يترنم؟! فبم يناجي ربه عز وجل “.
[مرور اكثر من الشهر ولم يختم القرآن فهذا جفاء]
قال العلامة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان ـ حفظه الله ـ:
” الله سبحانه و تعالى أنزل هذا القرآن ليقرأ و يعمل به .. لم ينزله ليجعل في كتب و مصاحف و يحفظ في الرفوف و في الدواليب .. و إنما يتلى ليلا و نهارا، في كل الأحوال المتيسرة، يتلوه المسلم. و قد ذكر العلماء، و قد كان الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يحزبون القرآن، يحزبونه على الليالي لقيام الليل. فمنهم من يقرئه في ثلاث ليال و منهم من يقرئه في سبع ليال و منهم من يقرئه في عشر ليال و آخر حد لتحزيب القرآن في ثلاثين يوما .. كل يوم يقرأ جزء من القرآن .. لا يمر عليه اليوم و الليلة إلا و قد قرأ جزءا من القرآن .. هذا آخر حد .. و إذا قرأ أكثر من ذلك فهذا أفضل .. في عشر، في ثلاث، في سبع .. هذا أفضل .. لكن إذا مر عليه شهر و لم يختم القرآن فهذا جفاء .. هذا جفاء و هجر للقرآن. هجر القرآن أنواع منها هجر التلاوة و منها هجر العمل بالقرآن .. ”
من محاضرة “تلاوة القرآن و أحكامه”
درس الحرم المكي بتاريخ 3 – 2 – 1420ه