1227 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي وناصر الريسي ونورس الهاشمي وأبي عيسى البلوشي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———‘——-‘——-
باب إذا سلم في ركعتين، أو في ث ث، فسجد سجدتين، مثل سجود الص ة أو أطول
1227 – حدثنا آدم، حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهـيم، عن أبي سلمة، عن أبي هـريرة رضي الله عنه، قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم الظهر – أو العصر – فسلم، فقال له ذو اليدين: الص ة يا رسول الله أنقصت؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم صحابه: «أحق ما يقول؟» قالوا: نعم، فصلى ركعتين أخريين، ثم سجد سجدتين قال سعد: ورأيت عروة بن الزبير صلى من المغرب ركعتين، فسلم وتكلم، ثم صلى ما بقي وسجد سجدتين، وقال: «هـكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم»
——-
من توضيح الأحكام:
مُفْرَدَاتُ الْحَدِيث من الروايات التي في بلوغ المرام:
العَشِيِّ: – بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَسْرِ الشِّينِ المُعْجَمَةِ، وَتَشْدِيدِ المُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ، قَالَ الأَزْهَرِيُّ: هِيَ مَا بَيْنَ زوالِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا، وَقَالَ الرَّاغِبُ: العَشِيُّ مِنْ زوالِ الشَّمْسِ إِلَى الصباحِ. وَالصَّلاةُ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا السَّهْوُ قِيلَ: الظُّهْرُ. وَقِيلَ: العَصْرُ. لَكِنْ جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهَا الظهرُ منْ غَيْرِ شَكٍّ.
هَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ: هَابَهُ يَهَابُهُ منْ بَابِ تَعِبَ يَتْعَبُ، قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: الهَيْبَةُ، الإِجْلالُ. فَهَابَا أَنْ يُكَلِّمَاهُ: أَجَلاهُ وَأَعْظَمَاهُ، قَالَ الصَّنْعَانِيُّ: وَوَجْهُهُ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ مُهِمٌّ لَيْسَ مِنَ الأُمُورِ الْعَادِيَّةِ.
سَرَعَانُ النَّاسِ: – بِفَتْحِ السينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الراءِ: وَهُمْ أَوَائِلُ النَّاسِ المُسْرِعُونَ إِلَى الخروجِ، وَيَلْزَمُ الإعرابُ نُونَهُ فِي كُلِّ وَجْهٍ مِنْ ضَبْطِهِ.
قَصُرَتِ الصَّلاةُ: رُوِيَ بِضَمِّ الْقَافِ مَبْنِيٌّ للمجهولِ، وَبِفَتْحِهَا وَضَمِّ الصادِ.
ذَا الْيَدَيْنِ: صَاحِبُ يَدَيْنِ فِيهِمَا طُولٌ، فَلُقِّبَ بِذَلِكَ، وَاسْمُهُ: الْخِرْبَاقُ بْنُ عَمْرٍو، قِيلَ: مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، وَقِيلَ: مِنْ خُزَاعَةَ.
أَنَسِيتَ أَمْ قَصُرَتِ الصَّلاةُ؟: الاسْتِفْهَامُ هُنَا عَلَى بَابِهِ، وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ مَوْضُوعِهِ؛ لأَنَّ الزمانَ زَمَانُ نَسْخٍ.
لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ: أَيْ: فِي ظَنِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ: هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ: ((كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ)). وَالْمَعْنَى: كُلٌّ مِنَ القصرِ والنسيانِ لَمْ يَكُنْ، عَلَى شمولِ النَّفْيِ وَعُمُومِهِ لِوَجْهَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّ السؤالَ عَنْ أَحَدِ الأَمْرَيْنِ بِـ (أَمْ)، وَذَلِكَ لِطَلَبِ التَّعْيِينِ، بَعْدَ ثبوتِ أَحَدِهِمَا عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ.
الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: ((كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ)). أَشْمَلُ مِنْ لَوْ قِيلَ: (لَمْ يَكُنْ كُلُّ ذَلِكَ)؛ لأَنَّهُ منْ بَابِ تَقَوِّي الْحُكْمِ، فَيُفِيدُ التَّأَكُّدَ فِي المُسْنَدِ، والمُسْنَدِ إِلَيْهِ، بِخِلافِ الثَّانِي، إِذْ لَيْسَ فِيهِ تَاكِيدٌ أَصْلاً، فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: لَمْ يَكُنْ كُلُّ ذَلِكَ، بَلْ كَانَ بَعْضُهُ، وَلا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ، بَلْ كَانَ بَعْضُهُ، ولذا قَالَ الْمُتَكَلِّمُ: (قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ). ومعلومٌ أَنَّ الثبوتَ للبعضِ إِنَّمَا يُنَافِي عَنْ كُلِّ فَرْدٍ، لا النفيُ عَن المجموعِ.
بَلَى: حَرْفُ جَوَابٍ، يَخْتَصُّ وقوعُهُ بَعْدَ النَّفْيِ، فَيَجْعَلُهُ إِثْبَاتاً، فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ: (لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تُقْصَرْ) أَجَابَهُ: بَلَى نَسِيتَ.
نَعَمْ: حَرْفُ جَوَابٍ، يَتْبَعُ مَا قَبْلَهُ فِي إِثْبَاتِهِ وَنَفْيِهِ، فقولُهُ: ((أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟)) أَثْبَتُوا صِدْقَهُ بِجَوَابِهِمْ بِـ (نَعَمْ).
حَتَّى يَقَّنَهُ: بِتَشْدِيدِ الْقَافِ، يَعْنِي: حَتَّى عَلِمَ عَنْ سَهْوِهِ عِلْمَ اليَقِينِ، بِالتحقيقِ وإخبارِ الثِّقَاتِ.
——-
باب إذا سلم في ركعتين أو في ثلاث فسجدتين مثل سجود الصلاة أو أطول
حديث أبي هُريرة رقم (1227)
فوائد حديث الباب:
1 – … قوله (باب إذا سلم في ركعتين أو في ثلاث فسجد سجدتين مثل سجود الصلاة أو أطول) أي فما الحكم؟ وفي نسخة ” سجد سجدتين” أي بغير فاء فتكون الترجمة إيضاحا للحكم.
2 – … قوله (مثل سجود الصلاة أو أطول) ورد عند البخاري من طريق ابن سيرين عن أبي هريرة (فسجد مثل سجوده أو أطول) في كل سجدة من سجدتي السهو.
3 – … قوله (أو في ثلاث) فيه رد على أهل الظاهر في قولهم: إنه لا يسجد أحد من السهو إلا في المواضع الخمسة التي سجد فيها الشارع قاله ابن الملقن في التوضيح.
4 – … وذكر السلام من الثلاث أخرجه مسلمٌ من حديث عمران في حديث ذي اليدين، فكأن البخاري أشار إليه في الترجمة.
5 – … قوله (صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم) فيه إشارة إلى حضور أبي هريرة رضي الله عنه القصة وعند مسلم وأحمد والنسائي في السنن الكبرى من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة (بينا أنا أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم) ففيه تصريح بذلك
6 – … قوله (الظهر أو العصر) وقد جزم في حديث عمران أنها العصر.
7 – … فيه تشبيك الأصابع في المسجد وغيره قاله البخاري حيث ورد عنده من طريق ابن سيرين عن أبي هريرة (فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان ووضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه). أي بعد الصلاة.
8 – … فيه أن الغضب يشوش الذهن.
9 – … فيه الحث على التأني وترك العجلة لقوله عند البخاري وغيره من طريق ابن سيرين عن أبي هريرة (وخرجت السرعان من أبواب المسجد فقالوا قصرت الصلاة)
10 – قوله (فقال له ذو اليدين) هو الخرباق رضي الله عنه صرح به مسلم،
فيه جواز ذكر الناس نحو قولهم الطويل والقصير، وما لا يراد به شين الرجل قاله البخاري. وعند البخاري وغيره من طريق ابن سيرين عن أبي هريرة (وفي القوم رجل في يديه طول) فعرف لم لقب بذي اليدين.
11 – قوله (الصلاة يا رسول الله أنقصت) ومن طريق ابن سيرين عن أبي هريرة (أنسيت أم قصرت الصلاة).
12 – قوله (أحق ما يقول) أراد التثبت
13 – قوله (فصلى ركعتين أخريين) دل على أنه صلى أولا ركعتين صرح به البخاري من طريق أبي الوليد عن شعبة به.
14 – فيه رجوعه بنية يجزئه عن ابتداء الإحرام كما فعل الشارع قاله الأصيلي.
15 – قوله (ثم سجد سجدتين) أي للسهو قال النسائي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا ذَكَرَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ غَيْرَ سَعْدٍ، قلت وثبت من غير طريق أبي سلمة أيضا.
16 – قوله (قال سعد ورأيت عروة بن الزبير) أي بالإسناد المذكور فهو موصول إلى سعد بن إبراهيم وتابعه محمد بن جعفر غندر عن شعبة به رواه ابن أبي شيبة في المصنف، وقد رواه عن سعد أيضا ابنه إبراهيم بن سعد كما في مجموع أجزاء حديثية
17 – وعروة بن الزبير بن العوام من فقهاء المدينة النبوية السبعة من التابعين.
18 – من فقه طالب العلم أن يطلب إزالة إشكال وقع في ذهنه بسبب قول العالم أو فعله ويطلبه بأدب ويحفظ للشيخ مكانته.
19 – اليقين لا يجب تركه بالشك حتى يأتي بيقين يزيله. قاله ابن الملقن في التوضيح
20 – وفيه أن من سلم ساهيًا في صلاته وتكلم وهو يظن أنه قد أتمها، فإنه لا يضره ذلك ويبني على صلاته.
21 – أخرج مسلم في صحيحه من طريق أبي المهلب عن عمران بن حصين (ثم سجد سجدتين ثم سلم) فأثبت السلام بعد سجود السهو.
22 – قوله (حدثنا آدم) تابعه أبو الوليد عند البخاري، وتابعه معاذ عند أبي داود، وبهز عند النسائي كلهم عن شعبة.
23 – قوله (عن سعد بن إبراهيم) تابعه (عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ) أخرجه النسائي في السنن الكبرى
24 – قوله (عن أبي سلمة) هو عم سعد بن إبراهيم المذكور، وعند أبي داود من طريق معاذ والنسائي من طريق بهز (، سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن)
25 – وهذا الحديث يدخل في باب الزيادة كونه زاد التشهد والتسليم.
======
باب إذا سلم في ركعتين، أو في ث ث، فسجد سجدتين، مثل سجود الص ة أو أطول
فوائد الباب:
1 – الحديث أخرجه الأئمة الستة
2 – فيه أن من تحول عن القبلة ساهياً لا إعادة عليه. كذا في الفتح
3 – ممن قال من السلف بمعنى حديث ذي اليدين ورأى البناء جائزا لمن تكلم في صلاته ساهيا عبد الله بن الزبير وابن عباس وعروة وعطاء والحسن وقتادة والشعبي وروي أيضا عن الزبير بن العوام وأبي الدرداء مثل ذلك، وقال بقول أبي حنيفة في هذا الباب إبراهيم النخعي وحماد بن أبي سليمان وروي عن قتادة أيضا مثله والحجة عندنا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي القاضية فيما اختلف فيه./ قاله ابن عبد البر في التمهيد
4 – وفي هذا الحديث أيضا إثبات حجة مالك وأصحابه في قولهم إذا نسي الحاكم حكمه فشهد عليه شاهدان نفذه وأمضاه وإن لم يذكره لأن النبي عليه السلام رجع إلى قول ذي اليدين ومن شهد معه إلى شيء لم يذكره
5 – فيه أن سجدتي السهو يسلم منهما ويكبر في كل خفض ورفع فيهما وهذا موجود في حديث أبي هريرة وعمران بن حصين في قصة ذي اليدين من وجوه ثابتة
6 – فيه أنه قد احتج به بعضهم على جواز الترجيح بكثرة العدد. قال القرطبي: لا حجة فيه؛ لأنه- عليه السلام- إنما استكشف لما وقع له من التوقف في خبره؛ حيث انفرد بالخبر عن ذلك الجمع الكثير وكلهم دواعيها متوفرة، وحاجتهم داعية إلى الاستكشاف عما وقع؛ فوقعت الريبَةُ في خبر المخبِر لهذا، وجوز أن يكون الغلط والسهو منه لا لأنها شهادة.
7 – أن الذي عليه السهو إذا ذهب من مقامه ثم عاد وقضى ما عليه هل تصح؟ فظاهر الحديث يدل على أنه تصح؛ لأنه قال: فرجع رسول الله إلى مقامه فصلى الركعتين الباقيتَيْن.
8 – فيه دليلٌ على أن سجود السَهْو سَجْدتان.
9 – فيه دليل على أنه في آخر الصلاة.
10 – فيه دليل على أن سجود السهو يتداخل؛ وهو مذهب الجمهور، وقيل: يتعدّدُ بتعَدُّد السَهْو.
11 – استدل به قوم على أن الكلام في الصلاة من المأمومين لإمامهم إذا كان على وجه إصلاح الصلاة لا يقطع الصلاة، وأن الكلام من الإمام والمأمومين فيها على السهو لا يقطع الصلاة، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وإسحاق
12 – فيه دليل على أن من قال ناسيا: لم أفعل كذا، وكان قد فعله، أنه غير كاذب.
======
(1227) قال العثيمين رحمه الله:
– هذا فيما إذا سلم الإنسان عن نقص، أي قبل أن يتم صلاته سواء سلم في ثلاث من رباعية أو من ركعتين في رباعية أو ثلاثية، فإنه إن ذكر قريبا ولم يحدث أتم ما بقي وسلم ثم سجد سجدتين وسلم، وإن طال الفصل أو أحدث فإنه يستأنف الصلاة.
– وهذا الحديث مختصر وفيه نقل الشيء بالمعنى مما يدل على أن الرواة رحمهم الله يروون الأحاديث في المعنى إذا لم يستطيعوا أن يرووها باللفظ.
– في قول عروة رحمه الله هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم: من المعلوم أن هذا مرسل لأن عروة بن الزبير لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله هكذا فعل: ليس في صلاة المغرب لكن في كونه أتم الصلاة وسجد للسهو.
ففيه إثبات القياس وهو إلحاق ما لم يرد به نص بما ورد به النص.
====
وفي فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة:
سجود السهو واجب في كل سهو يُبْطِل عَمْده الصلاة، ومَحلّه قبل السلام، لحديث أبي سعيد وعبد الله بن بحينة وغيرهما، إلاَّ ما كان عن نقص ركعة فأكثر فهو بعد السلام، أو بَنَى فيه الْمُصَلِّي على غالب الظن، لحديث أبي هريرة وعمران بن حصين الدَّالَّين على ذلك في قصة ذي اليدين، ولحديث ابن مسعود في البناء على غالب الظن.
وراجع المغني لابن قدامة
لكن يشكل حديث: لكل سهو سجدتان بعد السلام.
ثم تبين لي أنه زيادة (بعد السلام) وضعفها الألباني في الإرواء. لكن ذكر شواهد لأول الحديث.
بل ضعف ابن حجر الحديث بأكمله كما سيأتي في الباب التالي حيث استدل بالحديث على تعدد السجود بتعدد السهو وهذا المعنى لا شاهد له
====
حكم الكلام الأجنبي المتعمد لإصلاح الصلاة:
اختلف الفقهاء في حكم كلام من تكلم عمدا لمصلحة الصلاة – كأن يقوم الإمام إلى خامسة فيقول المأموم: قد صليت أربعا، ونحو ذلك – على قولين:
القول الأول: تبطل صلاته وعليه الإعادة. وبه قال جمهور الفقهاء: الحنفية والمالكية في قول، والشافعية والحنابلة في المذهب.
القول الثاني: لا تبطل صلاته. وبه قال المالكية في المشهور، والحنابلة في رواية، وبه قال الأوزاعي.
الأدلة:
أدلة الجمهور:
استدلوا بعموم الأحاديث الصحيحة الواردة في النهي عن الكلام في الصلاة، منها:
1 – حديث معاوية بن الحكم رضي الله عنه، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال:
إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن.
2 – حديث ابن مسعود رضي الله عنه: إن الله عز وجل قد أحدث من أمره أن لا تكلموا في الصلاة
3 – حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه، حيث قال بعد نزول قوله تعالى: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ أمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام.
وجه الدلالة:
دلت هذه الأحاديث بعمومها على تحريم جميع أنواع الكلام، سواء كان لحاجة أو غيرها، وسواء كان لمصلحة الصلاة أو غيرها.
اعترض عليه: أن النهي عن الكلام في هذه الأحاديث خاص بالكلام الأجنبي المتعمد إذا كان لغير مصلحة الصلاة، أما إذا كان لمصلحتها فلا يبطلها، وأخرجه من هذا العموم حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة ذي اليدين.
4 – حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
إنما التصفيق للنساء، من نابه شيء في صلاته فليقل سبحان الله.
وجه الدلالة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل التنبيه بالتسبيح دون الكلام، ولو كان الكلام جائزا لمصلحة الصلاة لكان أسهل وأبين.
5 – أنه خطاب آدمي في الصلاة على وجه العمد فوجب أن يبطلها، أصله ما ليس لمصلحة الصلاة.
أدلة أصحاب القول الثاني: استدلوا بما يأتي:
1 – حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة ذي اليدين، حيث قال أبو هريرة: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي إما الظهر وإما العصر فسلم في ركعتين ثم أتى جذعا في قبلة المسجد فاستند إليها مغضبا وفي القوم أبو بكر وعمر – فهابا أن يتكلما وخرج سرعان الناس: أقصرت الصلاة؟ فقام ذو اليدين فقال: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فنظر النبي صلى الله عليه وسلم يمينا وشمالا فقال: ما يقول ذو اليدين؟ قالوا: صدق، لم تصل إلا ركعتين، فصلى ركعتين وسلم ثم كبر ثم سجد. . . الحديث.
وجه الدلالة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه تكلموا في صلاتهم لإصلاحها، ثم بنوا على
صلاتهم؛ وهذا دليل أن الكلام المتعمد لإصلاح الصلاة لا يبطلها.
اعترض عليه: أن هذا خطاب وجواب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك غير مبطل للصلاة.
2 – أنهم تكلموا لعدم كونهم على يقين من البقاء في صلاة؛ لأنهم كانوا مجوزين لنسخ الصلاة من أربع إلى ركعتين.
3 – أنه كلام أتي به قصدا للتنبيه وإصلاح الصلاة، فلم تبطل به الصلاة قياسا على التسبيح.
4 – ولأنه كلام لم يقصد به التعمد الممنوع، فلا تبطل به صلاته، كالسهو.
الراجح: أن الكلام لمصلحة الصلاة لا يبطلها ويحاول أولا التسبيح فإن لم يفهم عنه تكلم بقدر الحاجة فقط.
ولننقل فتوى اللجنة الدائمة وكلام الصنعاني حول هذا الترجيح:
جواب للجنة الدائمة على سؤال رقم (17211):
ج: أولاً: إذا قام الإمام إلى ركعة خامسة ناسيًا ونبهه المأمومون
ولم يكن على يقين من نفسه وجب عليه الرجوع فإن استمر في الركعة الخامسة متعمدًا بطلت صلاته وصلاة من تابعه في ذلك إن كانوا عالمين بأنها خامسة.
ثانيًا: الكلام المتعمد في أثناء الصلاة يبطلها إلا في حق الجاهل والناسي فإنه لا يبطلها على القول الراجح لحديث معاوية بن الحكم أنه عطس عنده رجل فشمته وهو في الصلاة فأنكر عليه الصحابة رضي الله عنهم فلما فرغ من صلاته أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير، وقراءة القرآن، ولم يأمره بالإعادة فدل ذلك على أن الكلام في الصلاة لا يبطلها إذا كان المتكلم جاهلاً بالحكم الشرعي وكذا التكلم في الصلاة لمصلحتها لا يبطلها لحديث ذي اليدين.
ثالثًا: من كان مسبوقًا في الصلاة وزاد الإمام خامسة فإن المسبوق لا يعتد بالركعة الزائدة وعليه أن يقضي ما فاته. انتهى
قال الصنعاني:
هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ أَطَالَ الْعُلَمَاءُ الْكَلاَمَ عَلَيْهِ وَتَعَرَّضُوا لِمَبَاحِثَ أُصُولِيَّةٍ وَغَيْرِهَا، وَأَكْثَرُهُم اسْتِيفَاءً لِذَلِكَ الْقَاضِي عِيَاضٌ، ثُمَّ الْمُحَقِّقُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ، وَقَدْ وَفَّيْنَا الْمَقَامَ حَقَّهُ فِي حَوَاشِيهَا.
وَالْمُهِمُّ هُنَا الْحُكْمُ الْفَرْعِيُّ الْمَاخُوذُ مِنْهُ، وَهُوَ أَنَّ الْحَدِيثَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نِيَّةَ الْخُرُوجِ مِن الصَّلاَةِ وَقَطْعِهَا إذَا كَانَتْ بِنَاءً عَلَى ظَنِّ التَّمَامِ لاَ يُوجِبُ بُطْلاَنَهَا وَلَوْ سَلَّمَ التَّسْلِيمَتَيْنِ، وَأَنَّ كَلاَمَ النَّاسِي لاَ يُبْطِلُ الصَّلاَةَ، وَكَذَا كَلاَمُ مَنْ ظَنَّ التَّمَامَ، وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِن السَّلَفِ وَالْخَلَفِ،
وَأُجِيبَ بِأَنَّ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ كَانَ بِمَكَّةَ مُتَقَدِّماً عَلَى حَدِيثِ الْبَابِ بِأَعْوَامٍ، وَالْمُتَقَدِّمُ لاَ يَنْسَخُ الْمُتَأَخِّرَ؛ وَبِأَنَّ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَحَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْضاً عُمُومَانِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ خَاصٌّ بِمَنْ تَكَلَّمَ ظَانًّا لِتَمَامِ صَلاَتِهِ، فَيُخَصُّ بِهِ الْحَدِيثَانِ الْمَذْكُورَانِ، فَتَجْتَمِعُ الْأَدِلَّةُ مِنْ غَيْرِ إبْطَالٍ لِشَيْءٍ مِنْهَا.
وَيَدُلُّ الْحَدِيثُ أَيْضاً على أَنَّ الْكَلاَمَ عَمْداً لِإِصْلاَحِ الصَّلاَةِ لاَ يُبْطِلُهَا كَمَا فِي كَلاَمِ ذِي الْيَدَيْنِ،
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا تَكَلَّمَ بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن الِاسْتِفْسَارِ وَالسُّؤَالِ عِنْدَ الشَّكِّ، وَإِجَابَةِ الْمَامُومِ، أَنَّ الصَّلاَةَ لاَ تَفْسُدُ.
وَقَدْ أُجِيبَ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ مُعْتَقِداً لِلتَّمَامِ، وَتَكَلَّمَ الصَّحَابَةُ مُعْتَقِدِينَ لِلنَّسْخِ، وَظَنُّوا حِينَئِذٍ التَّمَامَ.
قُلْتُ: وَلاَ يَخْفَى أَنَّ الْجَزْمَ بِاعْتِقَادِهِم التَّمَامَ مَحَلُّ نَظَرٍ، بَلْ فِيهِمْ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الْقَصْرِ وَالنِّسْيَانِ، وَهُوَ ذُو الْيَدَيْنِ، نَعَمْ سَرَعَانُ النَّاسِ اعْتَقَدُوا الْقَصْرَ، وَلاَ يَلْزَمُ اعْتِقَادُ الْجَمِيعِ، وَلاَ يَخْفَى أَنَّهُ لاَ عُذْرَ عَن الْعَمَلِ بِالْحَدِيثِ لِمَنْ يَتَّفِقُ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ.
وَمَا أَحْسَنَ كَلاَمَ صَاحِبِ الْمَنَارِ؛ فَإِنَّهُ ذَكَرَ كَلاَمَ الْهَادَوِيَّةِ وَدَعْوَاهُم نَسْخَهُ كَمَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ رَدَّهُ بِمَا رَدَدْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: وَأَنَا أَقُولُ: أَرْجُو اللَّهَ لِلْعَبْدِ إذَا لَقِيَ اللَّهَ عَامِلاً لِذَلِكَ أَنْ يُثْبِتَهُ فِي الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ: صَحَّ لِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِك، وَلَمْ أَجِدْ مَا يَمْنَعُهُ، وَأَنْ يَنْجُوَ بِذَلِكَ، وَيُثَابَ عَلَى الْعَمَلِ بِهِ، وَأَخَافُ عَلَى الْمُتَكَلِّفِينَ وَعَلَى الْمُجْبِرِينَ عَلَى الْخُرُوجِ مِن الصَّلاَةِ لِلِاسْتِئْنَافِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِأَحْوَطَ كَمَا تَرَى؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ بِغَيْرِ دَلِيلٍ مَمْنُوعٌ وَإِبْطَالٌ لِلْعَمَلِ.
وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَفْعَالَ الْكَثِيرَةَ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الصَّلاَةِ إذَا وَقَعَتْ سَهْواً، أو معَ ظَنِّ التَّمَامِ لاَ تَفْسُدُ بِهَا الصَّلاَةُ؛ فَإِنَّ فِي رِوَايَةٍ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إلَى مَنْزِلِهِ، وَفِي أُخْرَى: يَجُرُّ رِدَاءَهُ مُغْضَباً. وَكَذَلِكَ خُرُوجُ سَرَعَانِ النَّاسِ؛ فَإِنَّهَا أَفْعَالٌ كَثِيرَةٌ قَطْعاً، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى هَذَا الشَّافِعِيُّ.
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الْبِنَاءِ عَلَى الصَّلاَةِ بَعْدَ السَّلاَمِ سهواً أو ظنًّا للتمامِ، والجمهورُ عليه.
وفيه دليلٌ على صحَّةِ البناءِ على الصلاةِ، وَإِنْ طَالَ زَمَنُ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ رَبِيعَةَ، وَنُسِبَ إلَى مَالِكٍ، وَلَيْسَ بِمَشْهُورٍ عَنْهُ.
وَمِن الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ: يَخْتَصُّ جَوَازُ الْبِنَاءِ إذَا كَانَ الْفَصْلُ بِزَمَنٍ قَرِيبٍ.
وقِيلَ: بمقدارِ رَكْعَةٍ.
وَقِيلَ: بِمِقْدَارِ الصَّلاَةِ.
وَيَدُلُّ أَيْضاً على أنَّ سجودَ السهْوِ بعدَ السلامِ خلافَ الحديثِ الأولِ، ويأتي فيه الكلامُ، ويَدُلُّ أَنَّهُ يُجِيزُ سُجُودَ السَّهْوِ وُجُوباً؛ لِحَدِيثِ: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)).
وَيَدُلُّ أَيْضاً عَلَى أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ لاَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ أَسْبَابِ السَّهْوِ
(وَلِأَبِي دَاوُدَ) أي: مِنْ حَدِيثِهِ أَيْضاً (فَقَالَ) أي: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَأَوْمَؤُوا، أي: نَعَمْ. وَهِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ لَكِنْ بِلَفْظِ: فَقَالُوا).
قُلْتُ: وَهِيَ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ: فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: إنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فَأَوْمَؤُوا إلاَّ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ.
قلت سيف: قال أبو داود: ولم يذكر فأمؤوا إلا حماد بن زيد.
قال أبوداود: وكل من روى هذا الحديث لم يقل فكبر ولا ذكر رجع. انتهى
لكن في البخاري من حديث ابن عون عن ابن سيرين بلفظ: (فتقدم)
تتمة كلام الصنعاني:
(وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ) أي: لِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: (وَلَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَقَّنَهُ اللَّهُ ذَلِكَ)، وَلَفْظُ أَبِي دَاوُدَ: وَلَمْ يَسْجُدْ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ حَتَّى يَقَّنَهُ اللَّهُ ذَلِكَ؛ أي: صَيَّرَ تَسْلِيمَهُ عَلَى ثِنْتَيْنِ يَقِيناً عِنْدَهُ؛ إمَّا بِوَحْيٍ، أَوْ تَذَكُّرٍ حَصَلَ لَهُ الْيَقِينُ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا مُسْتَنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا؟
قلت سيف: لفظة (حتى يقنه الله) ضعيفة جدا انفرد بها محمد بن كثير الصنعاني
– الْحِكَمُ والأسرارُ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى سَهْوِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيَانُ التشريعِ، والتخفيفُ عَن الأُمَّةِ، وَمَا يَعْتَرِيهَا مِمَّا يَقَعُ فِيهَا من السهوِ.
– قَالَ القاضِي عِيَاضٌ: لا خِلافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ بَعْدَ السَّلامِ، أَوْ قَبْلَهُ للزيادةِ، أَوْ للنقصِ ـ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ، وَلا تَفْسُدُ صَلاتُهُ، وَإِنَّمَا اخْتِلافُهُمْ فِي الأفضلِ. وسبقت هذه المسألة في أول أبواب سجود السهو.
– النَّفْسُ الكبيرةُ تَشْعُرُ بالنقصِ الَّذِي يَعْتَرِيهَا؛ لأَنَّهَا أَلِفَتِ الْكَمَالَ، فَلا تَقِفُ دُونَهُ.
– النيَّةُ ليستْ شرطًا في جواز الجمْع، بل يُجزئ الجمعُ ولو لم يَنْوِه في الصَّلاةِ الأولى ما دام سببُه باقيًا، وهو مذهبُ الحَنَفيَّة، وقولٌ للمالكيَّة، وبه قال طائفةٌ من الشافعيَّة، وقولٌ للحنابلة، اختارَه ابنُ تيميَّة، وذهَب إليه ابنُ حجرٍ، وابنُ باز، وابنُ عُثَيمين.
ودليل ذلك حديث ذي اليدين:
وجه الدلالة:
أنَّه لو كان لا يجوزُ قَصْرُ الصَّلاةِ إلَّا بنيَّة القَصرِ، لَمَا أوردَ الصحابةُ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كونَ الصَّلاةِ قَصُرتْ
ثم النبي لم يكن يبلغهم قبل الصلاة بذلك
– في رواية (فقام إلى خشبة معروضة في المسجد) فيه هيئة بناء مسجد الرسول وأن أحد أجزاء بناؤه من خشب.
– ذكر في الفوائد سابقا جواز تشبيك الأصابع:
ودليله قال صلى الله عليه وسلم: إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه، ثم خرج عامداً إلى المسجد، فلا يشبكن بين يديه، فإنه في صلاة. رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي.
وقال: إذا توضأ أحدكم في بيته، ثم أتى المسجد، كان في صلاة حتى يرجع، فلا يقل هكذا: وشبّك بين أصابعه. رواه ابن خزيمة.
وعن أبي ثمامة قال: لقيت كعب بن عجرة رضي الله عنه وأنا أريد الجمعة، وقد شبكت بين أصابعي، فلما دنوت ضرب يدي ففرّق بين أصابعي وقال: إنا نهينا أن يشبك أحد بين أصابعه في الصلاة. قلت: إني لست في صلاة. قال: أليس قد توضأت، وأنت تريد الجمعة؟ قلت: بلى. قال: فأنت في صلاة. رواه ابن خزيمة.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: واختلف في حكمة النهي عن التشبيك، فقيل: لكونه من الشيطان، وقيل: لأن التشبيك يجلب النوم وهو من مظانّ الحدث، وقيل: لأن صورة التشبيك تشبه صورة الاختلاف، فكره ذلك لمن هو في حكم الصلاة حتى لا يقع في المنهي عنه، وهو قوله صلى الله عليه وسلم للمصلين: ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم. اهـ.
الجمع بين أحاديث النهي عن تشبيك الأصابع وبين حديث الباب، وفيه: ” وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ “.
أن النهي لمن كان عامدا إلى الصلاة أو كان في صلاة، وفعله عليه الصلاة والسلام بعد انتهاء الصلاة.
فيُحمل النهي على ما قبل الصلاة وفي الصلاة وفي انتظار الصلاة.
ويُحمل فعله عليه الصلاة والسلام على جواز ذلك بعد انقضاء الصلاة، ولم يكن المسلم في انتظار صلاة.
وهو جواب للعثيمين، وقال الألباني:
وفيه دلالة على جواز التشبيك في المسجد فإما أن يقال: إن هذا خاص به عليه الصلاة و السلام لما تقرر في الأصول أن قوله عليه الصلاة و السلام مقدم على فعله عند التعارض وإما أن يكون فعله مبينا لنهيه أنه ليس للتحريم بل للكراهة ولعله الأقرب والله أعلم. وانظر (نيل الأوطار)
الثمر المستطاب – (ج 1 / ص 651)
وقال في الضعيفة:
(فائدة فقهية): اختلف العلماء في تشبيك الأصابع في المسجد، والذي
يقتضيه الجمع بين الأحاديث الصحيحة جوازه إلا في حالة انتظاره للصلاة
قلت سيف: وسيأتي في آخر الشرح تخريج أحاديث النهي عن تشبيك الأصابع.
– قوله: ” وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ” يدل على فضلهما، إذ هما من كبار أصحابه، بل هما أجل الصحابة
إن قيل: قد كلّمه ذو اليدين، وهاب أن يُكلِّمه أبو بكر وعُمر. فهل هذا نُقصان فضل؟
فقد قال ابن حجر: والمعنى: أنهما غلب عليهما احترامه وتعظيمه عن الاعتراض عليه، وأما ذو اليدين فغلب عليه حرصه على تعلّم العِلم. اهـ.
– وفيه أن للمفضول أن يتكلّم بحضرة الفاضل، ويكون ذلك بحسب المقام وبأدب يليق به.
– قوله: ” فربما سألوه ”
قال ابن حجر:
قوله: ” فربما سألوه ثم سلم ” أي ربما سألوا ابن سيرين: هل في الحديث ” ثم سَلَّم ” فيقول: نَبِّئتُ .. الخ، وهذا يدل على أنه لم يسمع ذلك من عمران، وقد بيّن أشعث في روايته عن ابن سيرين الواسطة بينه وبين عمران، فقال: قال ابن سيرين: حدثني خالد الحذاء عن أبي قلابة عن عمه أبي المهلب عن عمران بن حصين. أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي.
قال صاحبنا أبو صالح حازم:
أشعث بن عبد الملك الحمراني ثقة فَقِيه كما في تقريب ابن حجر
ويقصد الحافظ أن الحديث موصول وفيه إثبات التسليم
وإما إثبات التشهد فقد نفاه غير واحد ووهموا الأشعث أو الراوي عنه نقل ذلك ابن رجب في الفتح
تنبيه: (وَرَجُلٌ يَدْعُوهُ) أي: يُسَمِّيهِ (النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَا الْيَدَيْنِ). وَفِي رِوَايَةٍ: “رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: الْخِرْبَاقُ بْنُ عَمْرٍو” بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ، آخِرَهُ قَافٌ، لَقَبُ ذِي الْيَدَيْنِ؛ لِطُولٍ كَانَ فِي يَدَيْهِ، وَفِي الصَّحَابَةِ رَجُلٌ آخَرُ يُقَالُ لَهُ: ذُو الشِّمَالَيْنِ، وهُوَ غَيْرُ ذِي الْيَدَيْنِ، وَوَهِمَ الزُّهْرِيُّ فَجَعَلَ ذَا الْيَدَيْنِ وَذَا الشِّمَالَيْنِ وَاحِداً، وَقَدْ بَيَّنَ الْعُلَمَاءُ وَهْمَهُ. انتهى كلام الصنعاني
قلت سيف: قال الإمام مسلم في التمييز: صح بهذه الروايات المشهورة المستفيضة في سجود رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذي اليدين أن الزهري واهم في روايته؛ إذ نفى ذلك في خبره من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى
يقصد بنفي الزهري لسجود السهو؛ لأنه قال في روايته: ولم يسجد السجدتين اللتين تسجدان إذا شك الرجل في صلاته حتى لقاه الناس.
ونقل مسلم الروايات التي فيها إثبات سجود السهو من حديث أبي هريرة وابن عمر وعمران رضي الله عنهم
قال ابن خزيمة بعد أن ذكر خبر الزهري: قد أمليت خبر شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه. …. أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد يوم ذي اليدين سجدتي السهو.
ومرة قال: واعلم أن الزهري إنما قال: لم يسجد النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ … لا أنهم حدثوه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد يومئذ وقد تواترت الأخبار عن أبي هريرة رضي الله عنه من الطرق التي لا يدفعها عالم بالأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد سجدتي السهو يوم ذي اليدين. … اه
قال ابن حجر في الفتح: اتفق أئمة الحديث كما نقله ابن عبدالبر وغيره على أن الزهري وهم في ذلك وسببه أنه جعل القصة لذي الشمالين …..
وسيأتي كلام ابن حجر في الباب التالي إن شاء الله وهل رجح تعدد القصة أم لا.
لذا الزهري قال: وكان ذلك قبل بدر ثم استحكمت الأمور بعده. يريد سجود السهو. (سنن البيهقي الكبرى 2/ 341)
وهم آخر:
ووهم الليث حيث جعل كلام الزهري من قول أبي هريرة.
المهم أن الامام مسلم لا يرى تعدد القصة فلا يرى أن ذلك وقع لذي الشمالين إنما وقعت لذي اليدين وأبو هريرة حضر الصلاة كما أخبر هو بذلك واسلامه سبعه للهجرة وذو الشمالين استشهد ببدر.
وذهب لذلك الشافعي أيضا كما في اختلاف الحديث حيث قال: عمران يسميه الخرباق ويقول قصير اليدين أو مديد اليدين والمقتول ببدر ذو الشمالين ولو كان كلاهما ذا اليدين كان اسما يشبه أن يكون وافق اسما كما تتفق الأسماء.
وفرق بينهما ابن عبدالبر كما في الدرر في اختصار المغازي والسير وقال: ذو الشمالين بن عبد عمرو ابن نضلة الخزاعي حليف بني زهرة وهو غير ذي اليدين ذاك سُلَمِي اسمه الخرباق وهو صاحب حديث سجود السهو. ووهم فيه الزهري على جلالة قدره. لأنه بنى على أنه لقب. ويحقق ذلك أن ذا اليدين روى حديثه أبو هريرة وكان إسلام أبي هريرة بعد قتل ذي الشمالين بسنين عدة.
وذكر ذلك البيهقي في السنن الكبرى 2/ 366 وساق كلام الشافعي
وهناك وهم آخر في هذا الخبر وهو تثليث التكبير كما في العلل لعبدالله بن الإمام أحمد حدثني أبي قال: حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد قال حدثنا هشام عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث ذي اليدين أنه قال في سجدتي الوهم كبر ثم كبر ثم كبر. قال سمعت ايوب قال: كبر تكبيرة واحدة وسمعت يحيى بن عتيق وابن عون قال: كبر تكبيرة واحدة.
وراجع التمييز للإمام مسلم ط ابن الجوزي. وكذلك التمييز ط الآفاق والتوحيد
تنبيه: لا يتعقب الأئمة برواية غير الزهري في ذكر خبر ذي الشمالين لأنهم إذا وهمو الزهري فيقصدون أن غيره أولى بالوهم.
قلت سيف المنقول عن أحمد كبر ثم كبر ثم كبر ونقل عن أيوب قال: كبر تكبيرة واحدة …
لعل معناه عدم إثبات تكبيرة للاحرام. لمن سهى في صلاته فسلم من نقص ركعة أو أكثر. فإنه يدخل في صلاته من غير أن يحتاج إلى تكبيرة إحرام.
فربما الثلاث تكون تكبيرة للإحرام وتكبيرة للإنتقال من القيام للجلوس وتكبيرة لسجود السهو.
والصواب يجلس ويكبر تكبيرة واحدة لسجود السهو ثم للرفع منه ثم يكبر ويسجد ثم يكبر ويرفع ثم يسلم
لكن قال صاحبنا ابوصالح:
حاولت البحث فوجدت بعض النصوص تذكر أربع تكبيرات تكبيرة للسجود الأول وتكبيرة للقيام منه وتكبيرة للسجود الثاني وتكبيرة للقيام منه
فلم أفهم معنى ذلك الكلام نعم ورد في بعض الطرق ذكر تكبيرة واحدة فقلت في نفسي لعل الراوي اختصر الحديث
قلت سيف: وراجعة حاشية العلل لوصي الله عباسي فقال: والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 2:31 – 32 عن أبي خالد الأحمر عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سجد النبي صلى الله عليه وسلم سجدتي السهو بعد ما سلم وكبر وسجد وكبر وهو جالس، ثم رفع، وكبر ثم رفع وكبر.
========
كذلك من الفوائد:
المسارعة و تنبيه العالم او الشيخ إذا نسي أمر هام.
و كذلك للعالم او الشيخ له الاستعانة بطلابه المقربين لتأكيد شيء او تذكيره.
و كذلك ان المقربين للعالم او الشيخ ان يكونوا اصحاب علم و أمانة.
و فيه ان الطلاب متفاوتون في العلم
وًالله أعلم
فائدة: وانما ما جاء عن تشبيك الأصابع وتشبيهه بالمؤمن ليس في المسجد و إنما خارج المسجد
عن أبي موسى، عن النبي، قال: ((إن المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضا)) – وشبك أصابعه. رواه البخاري
قال ابن رجب في الفتح (2/ 584): وهذا التشبيك من النبي (في هذا الحديث كان لمصلحة وفائدة، لم يكن عبثا؛ فإنه لما شبه شد المؤمنين بعضهم بعضا بالبنيان، كان ذلك تشبيها بالقول، ثم أوضحه بالفعل، فشبك أصابعه بعضها في بعض؛ ليتأكد بذلك المثال الذي ضربه لهم بقوله، ويزداد بيانا وظهورا.
ويفهم من تشبيكه: أن تعاضد المؤمنين بينهم كتشبيك الأصابع بعضها في بعض، فكما أن أصابع اليدين متعددة فهي ترجع إلى اصل واحد ورجل واحد، فكذلك المؤمنون وإن تعددت أشخاصهم فهم يرجعون إلى اصل واحد، وتجمعهم أخوة النسب إلى آدم ونوح، وأخوة الإيمان.
قال المباركفوري: وَقَعَ لِقَصْدِ التَّشْبِيهِ لِتَعَاضُدِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ. (تحفة الأحوذي، 2/ 329).
إشكال باب: تشبيك الاصابع في الصلاة:
عن نافع قال: رأيت ابن عمر يشبك أصابعه في الصلاة.
حسن:
أخرجه ابن أبي شيبة (4829) حدثنا أبو داود الطيالسي عن خليفة بن غالب عن نافع به.
المصدر كتاب: ما صح من أثار الصحابة في الفقه
اذا صح هذا الأثر كيف التوجيه؟
هل يمكن ان نقول النهي قبل الصلاة و في حالة انتظاره و اما خارج الصلاة فيجوز و يحمل اثر ابن عمر على ذلك جواز التشبيك في المسجد و لكن خارج الصلاة.
قال صاحبنا ابوصالح: القاعدة إذا ثبت عن المعصوم فلا ينازع من أجل قول غيره أو فعله.
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن ذلك وثبت عنه فعله
فنقول الفعل بعد الصلاة والله أعلم وأما الآثار إذا كان يصعب توجيهها فلا يضرنا ذلك ونلتمس للصحابي عذرا.
هذا ما ظهر لي
وترجم ابن أبي شيبة قبله فقال من كره التشبيك ….
ثم أورد هذا الأثر تحت باب من رخص في ذلك
قال صاحبنا ابوصالح: أورد الألباني حديثا في الصحيحة (1294) بهذا المعنى فراجعه غير مأمور.
نعم قال بعض أهل العلم أن المسند منها غير ثابت كابن الملقن ومن قبله ابن بطال
وترجم البخاري في صحيحه فقال باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره وذكر أحاديث يفهم منها ميله إلى الإباحة.
وجمع الشيخ عبد المحسن العباد فقال النهي قبل الصلاة وفيها والإباحة بعدها في المسجد
– قال ابن قاسم في الإحكام شرح أصول الأحكام (1/ 250)
(ولأحمد النهي عن التشبيك) يعني تشبيك الأصابع وهو إدخال بعضها في بعض في الصلاة ولفظه عن أبي سعيد أن النبي – – صلى الله عليه وسلم – قال: “إذا كان أحدكم في المسجد فلا يشبكن فإن التشبيك من الشيطان” لما فيه من العبث أو لما فيه من التشبه بالشيطان “وإن أحدكم لا يزال في صلاة ما دام في المسجد حتى يخرج منه” قال في مجمع الزوائد إسناده حسن، وعن كعب بن عجرة مرفوعًا “إذا توضأ أحدكم ثم خرج عامدًا إلى الصلاة فلا يشبكن بين يديه فإنه في صلاة” رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهما.
واتفق الفقهاء على كراهته فيها، وما في قصة ذي اليدين وشبك بين أصابعه، وحديث أبي موسى “المؤمن للمؤمن كالبنيان وشبك بين أصابعه” فقيل في السهو لاشتباه الحال عليه.
وفي حديث أبي موسي لقصد التشبيه وما تقدم محمول علي التشبيك للعبث وهو منهي عنه في الصلاة. وللترمذي وغيره “أنه رأى رجلاً يعبث في صلاته بلحيته فقال لو خشع قلب هذا لخشعت “ولابن ماجه” رأى رجلاً قد شبك أصابعه في الصلاة ففرج بين أصابعه ” لما في ذلك من إذهاب الخشوع.
—————–
وعن إسماعيل بن أمية قال: «سألت نافعًا عن الرجل يصلي وهو مشبك يديه، قال: قال ابن عمر: تلك صلاة المغضوب عليهم»
أخرجه أبو داود (2/ 261)، وصححه الألباني في «الإرواء» (2/ 103).
*وأورد البخاري -رحمه الله- الحديث كذلك في:*
في باب من يكبر في سجدتي السهو
من طريق يزيد التستري عن ابن سيرين
وفي باب باب من لم يتشهد في سجدتي السهو
وكتاب الأذان – باب: هل يأخذ الإمام إذا شك بقول الناس؟
وكتاب الصلاة – باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره
وكتاب الأدب – باب ما يجوز من ذكر الناس، نحو قولهم: الطويل والقصير
وكتاب أخبار الآحاد
باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام
من طريق أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة
______
لعل النبي -صلى الله عليه وسلم- شبك بين أصابعه، ليستطيع أن يتكئ على الخشبة ويثبت عليها، فالصفة التي وردت تبين الكيفية:
فقام إلى خشبة معروضة في المسجد، فاتكأ عليها كأنه غضبان، ووضع يده اليمنى على اليسرى، وشبك بين أصابعه، ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى
______
*قال ابن رجب -رحمه الله- في فتح الباري:*
إنما المقصود في هذا الباب منه: أن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قام بعد سلامه من الصلاة إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها، ووضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى، وشبك بين أصابعه، فدل على جواز تشبيك أصابع اليدين في المسجد لغير حاجة إليه.
والظاهر: أنه إنما فعله لما غلبه من الهم؛ فإن ذلك يفعله المهموم كثيرا.
وقد رخص في التشبيك في المسجد جماعة:
قال وكيع: ثنا الربيع بن صبيح، قال رأيت الحسن في المسجد هكذا – وشبك وكيع بين أصابعه.
وقال حرب: رأيت إسحاق جالسا في المسجد يقرأ وشبك أصابعه.
وقد روي النهي عن التشبيك في المسجد من رواية مولى لأبي سعيد الخدري، أنه كان مع سعيد وهو مع رسول الله، قال: فدخل النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فرأى رجلا جالسا في وسط المسجد مشبكا أصابعه يحدث نفسه فأومأ إليه النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فلم يفطن، فالتفت إلى أبي سعيد، فقال: ((إذا صلى أحدكم فلا يشبكن بين أصابعه؛ فإن التشبيك من الشيطان؛ وإن أحدكم لا يزال في صلاة ما دام في المسجد حتى يخرج منه)).
خرجه الإمام أحمد.
وفي إسناده عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب، ضعفه ابن معين.
وروي – أيضا – النهي عن تشبيك الأصابع لمن هو ماش إلى المسجد للصلاة فيه، من حديث كعب بن عجرة، عن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال: ((إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه، ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه؛ فإنه في صلاة)).
خرجه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
وفي إسناده اختلاف كثير واضطراب.
وقد ذكر أبو بكر الإسماعيلي في ((صحيحه)) المخرج على ((صحيح البخاري)) أن حديث كعب بن عجرة وما في معناه لا ينافي حديث أبي هريرة الذي خرجه البخاري في هذا الباب، وأنه يمكن الجمع بينهما، بأنه إنما يكره التشبيك لمن كان في صلاة، أو حكمه حكم من كان في صلاة، كمن يمشي إلى المسجد أو يجلس فيه لانتظار الصلاة، فأما من قام من الصلاة وانصرف منها، كما فعل النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لما سلم من ركعتين وقام إلى الخشبة المعترضة، فإنه صار منصرفا من الصلاة لا منتظرا لها، فلا يضره التشبيك حينئذ.
قال: وقد قيل إن من كان في صلاة ومنتظرا الصلاة في جماعة فهم على ائتلاف، فإذا شبك لم يؤمن أن يتطير بهم عدوهم، بأنهم سيختلفون، ألا تراه في حديث عبد الله بن عمرو يقول: ((مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا وصاروا هكذا)) – وشبك بين أصابعه، ولم يؤمن أن يكون ذلك سببا أو أمارة لاختلاف فهم، كما أمرهم بأن يستووا في صفوفهم، وقال: ((لا تختلفوا فتختلف قلوبكم)).
انتهى ما ذكره.
وهو مناسبة بعيدة جدا؛ فإن التشبيك كما مثل به الاختلاف والافتراق فقد مثل به الائتلاف والتعاون والتناصر، كما في حديث أبي موسى الذي خرجه البخاري في أول الباب، فليس كراهته لمشابهته لمثل الافتراق بأولى من عدم كراهته لمشابهته لمثل التعاون والتعاضد والتناصر.
ومثل هذه المعاني توجد كثيرا في كتب شروح الحديث المتأخرة، وأكثرها مدخول، ولم يكن علماء سلف الأمة يقعون في شيء من ذلك، وكذلك لم أستكثر من ذكر مثله في هذا الكتاب، وإنما ذكرت هذا لأن الإسماعيلي مع تقدمه ذكره في ((صحيحه))، ونبهت على ما فيه.
وجمع الخطابي في ((الأعلام)) بين حديث كعب بن عجرة في النهي وحديث أبي هريرة في فعل التشبيك، بأن النهي إنما يحمل على الاحتباء بالتشبيك للأصابع؛ لأنه يجلب النوم الناقض للوضوء، وما سواه فمباح.
فخص الكراهة بحالة الاحتباء، وهذا في غاية البعد؛ لأن حديث كعب فيه النهي عن التشبيك للعامد إلى المسجد، والمراد به الماشي إليه، والماشي لا يحتبي، وقد ورد مصرحا بذلك في رواية خرجها مسلم في كتاب ((العلل)) له عن أبي ثمامة القماح، قال: لقيني كعب بن عجرة وأنا رائح إلى المسجد مشبك بين أصابعي، فضرب يدي ضربة ففرق بينهما، وقال: نهينا أن نشبك بين أصابعنا في الصلاة.
فقلت: إني لست في صلاة.
فقال: أن الرجل إذا توضأ فأحسن وضوءه، ثم خرج يؤم المسجد فهو في صلاة.
وخرجه أبو داود بمعناه، إلا أنه لم يذكر قوله: ((إني لست في صلاة))، وصرح برفع آخر الحديث إلى النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وأعل محمد بن يحيى الهمداني في ((صحيحه)) حديث أبي هريرة الذي خرجه البخاري في هذا الباب، وقال: ذكر تشبيك الأصابع ووضع الخد لا أعلم ذكره غير النضر – يعني: ابن شميل -، عن ابن عون.
وأما تشبيك الأصابع في الصلاة فمكروه.
وقد خرج ابن ماجه حديث كعب بن عجرة المتقدم، ولفظه: إن رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – رأى رجلا قد شبك بين أصابعه في الصلاة، ففرج رسول الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بين أصابعه.
وخرج وكيع، عن عاصم بن محمد العمري، عن ابن المنكدر، عن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – نحوه، مرسلا.
وخرج أبو داود بإسناده عن نافع، أنه سئل عن الرجل يصلي وهو مشبك
أصابعه؟ فقال: قال ابن عمر: تلك صلاة المغضوب عليهم.
وكرهه طاوس والنخعي.
وقال النعمان بن أبي عياش: كانوا ينهون عن ذلك.
وكلام ابن عمر يدل على أنه كره لما فيه من مشابهة أهل الكتاب، وهو – أيضا – من نوع العبث الذي تنزه عنه الصلاة، ومثله تفقيع الأصابع.
وقد روى الحارث، عن علي، أن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – نهاه أن يفقع أصابعه في الصلاة.
وخرجه ابن ماجه.
وخرج الإمام أحمد من رواية زبان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه، أن النبي – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال: ((إن الضاحك في الصلاة، والملتفت، والمفقع أصابعه بمنزلة واحدة)).
وزبان وسهل، فيهما ضعف.
وفيه إشارة إلى أن ذلك كله من العبث المنافي للخشوع في الصلاة.
قال أبوعيسى البلوشي: أما فعل ابن عمر -رضي الله عنهما-
فإن قلنا أن حكم التشبيك كراهة تنزيه
فالفقهاء -رحمهم الله- عندهم قاعدة أن الكراهة تزول بأدنى حاجة
—–
قلت سيف: كان جوابي في مختلف الحديث حول الجمع بين الأحاديث التي فيها تشبيك الأصابع والأحاديث التي تنهى عن ذلك:
جواب سيف بن دورة الكعبي:
قال الدارقطني في العلل:
س 2173 – وسُئِل عَن حَدِيثِ عَجلاَن، عَن أَبِي هُرَيرة، قال رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلم: إِذا تَوَضَّأ أَحَدُكُم لِلصَّلاَةِ فَلا يُشَبِك بَين أَصابِعِهِ.
فَقال: يَروِيهِ مُحَمد بن عَجلاَن، وإِسماعِيلُ بن أُمَيَّة، واختُلِف عَنهُما، فَأَمّا ابنُ
عَجلاَن فَرَواهُ الدَّراوَردِيُّ، وشَرِيكُ بن عَبدِ الله، عَنِ ابنِ عَجلاَن، عَن أَبِيهِ، عَن أَبِي هُرَيرةَ.
وَخالَفَهُم يَحيَى القَطّانُ، فَرَواهُ عَن مُحَمدِ بنِ عَجلاَن، عَن سَعِيدٍ المَقبُرِيِّ، عَن أَبِي هُرَيرةَ …. وذكر أوجه الاختلاف ثم قال:
وقَولُهُ يَحيَى القَطّانُ عَنِ ابنِ عَجلاَن أَشبَهُها بِالصَّوابِ.
وَأَمّا إِسماعِيلُ بن أُمَيَّة، فَرَواهُ عَبد الوارِثِ بن سَعِيدٍ، ويَحيَى بن سُلَيمٍ، ومُحَمد بن مُسلِمٍ الطّائِفِيّانِ، والحارِثُ بن عُبَيدَة، عَن إِسماعِيل بنِ أُمَيَّة، عَن سَعِيدٍ المَقبُرِيِّ، عَن أَبِي هُرَيرةَ.
واختُلِف عَن إِسماعِيل بنِ عَيّاشٍ، فَرَواهُ الحَسَنُ بن عَرَفَة، عَن إِسماعِيل بنِ عَيّاشٍ، عَن إِسماعِيل بنِ أُمَيَّة، عَن سَعِيدٍ المَقبُرِيِّ، عَن شَيخٍ مِن أَهلِ المَدِينَةِ، عَن أَبِي هُرَيرةَ.
وَكَذَلِك رَواهُ رَوحُ بن القاسِمِ، عَن إِسماعِيل بنِ أُمَيَّة، عَنِ المَقبُرِيِّ، عَن شَيخٍ، عَن أَبِي هُرَيرة، وهُو الصَّوابُ عَن إِسماعِيل بنِ أُمَيَّةَ.
قلت (سيف) فعلى ترجيح رواية القطان، يعل الحديث بأن ابن عجلان يضطرب في رواية المقبري.
ورواية إسماعيل بن أمية الراجحة فيها مجهول
أما حديث كعب بن عجرة:
فقال بعض المتخصصين:
فكما ذكرت قد رواه بن أبي ذئب عن سعيد المقبري قال عن رجل من بني سالم عن أبيه عن جده عن كعب بن عجرة رضي الله تعالى عنه فرواية بن أبي ذئب هي أقوى الروايات والله أعلم
بعض أهل العلم جعل حديث أبي هريرة حديث مستقل عن حديث بن عجرة وقوى هذا بذاك الصواب أن حديث أبي هريرة إنما هو خطأ وإنما الصواب أنه من حديث كعب بن عجرة
أرجح الروايات من طريق المقبري هو عن رجل من بني سالم غير معروف طبعاًَ سمي بأنه أبو ثمامة الحناط وأبو ثمامة الحناط لا يعرف يترك فهو فيه جهالة غير معروف وفيه أيضاً أبوه غير معروف وجده كذلك أيضاً غير معروف فهذا الاسناد لا يصح لما تقدم.
ولكن هنا الحديث قد جاء بإسناد آخر أقوى من هذه الأسانيد فرواه البيهقي ورواه كذلك بن حبان أما ما يتعلق بابن حبان فرواه من حديث أبي أيوب الرقي عن عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة وقد تابع أبو أيوب الرقي وأبو أيوب الرقي هذا لا بأس به عمرو بن قسيط قد تابعه عمرو بن قسيط عند البيهقي فرواه كذلك أيضاً البيهقي من طريق عمرو بن قسيط وهو أيضاً لا بأس به صدوق فهذا الحديث اسناده جيد ويدل على ما قال المصنف رحمه الله تعالى انه يسن للإنسان قبل أن يخرج إلى المسجد انه يتوضأ ثم إذا خرج لا يشبك بين أصابعه لأنه في هذه الحالة في صلاة لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن ذلك وبين السبب في هذا النهي أنه في صلاة وكون الإنسان إذا كان ينتظر الصلاة فهو في صلاة هذا ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن الرجل في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة
لكن قال باحث آخر:
قال الترمذي: حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن رجل عن كعب بن عجرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه فإنه في صلاة.
قال أبو عيسى حديث كعب بن عجرة رواه غير واحد عن ابن عجلان مثل حديث الليث وروى شريك عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا الحديث وحديث شريك غير محفوظ.
الرجل المجهول هو أبو ثمامة الحناط، كما عند أبي داود. قال عنه الدراقطنى: لا يعرف، متروك.
وأما الحديث عند أحمد ففيه عبيد الله بن عبد الله بن موهب. قال عنه أحمد: أحاديثه مناكير، لا يعرف، و لا أبوه.
وقال باحث آخر: روى البخاري رحمه الله كما في حديث ذي اليدين ((كهيئة الغضبان واتكأ على خشبة ووضع اليمنى على اليسرى وشبك بين اصابعه)) …
وبوب عليه البخاري ((تشبيك الاصابع في المسجد وغيره)) وهو ظاهر في انه يرى جواز ذلك وكأن الحديث معلول عنده.
قلت (سيف) السند الذي ذكره الباحث الأول أنه جيد وأيضاً حسنه محققو المسند 30/ 28 أخرجه ابن حبان والمتابعة التي عند البيهقي كلها معلة؛
قال البيهقي: 6094 – أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ مَوْلًى لِبَنِى سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ ثُمَّ خَرَجَ لِلصَّلاَةِ فَهُوَ فِى صَلاَةٍ فَلاَ يُشَبِّكَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ أَصَابِعِهِ بَعْدَ مَا يَتَوَضَّأُ أَوْ بَعْدَ مَا يَدْخُلُ فِى الصَّلاَةِ». {ت} وَقَالَ شَبَابَةُ عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ عَنِ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِى سُلَيْمٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ كَعْبٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ: «وَلاَ يُخَالِفُ أَحَدُكُمْ أَصَابِعَ يَدَيْهِ فِى الصَّلاَةِ». وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِى سَالِمٍ. وَهَذَا الْحَدِيثُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ عَلَى سَعِيدٍ فَقِيلَ عَنْهُ هَكَذَا وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ كَعْبٍ وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ رَجُلٍ عَنْ كَعْبٍ وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لِكَعْبٍ وَقِيلَ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَالصَّوَابُ عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَلَى الْوُجُوهِ الثَّلاَثَةِ.
ثم أورد 6095 عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى ثُمَامَةَ الْبُرِّىِّ قَالَ: خَرَجْتُ وَأَنَا أُرِيدُ الصَّلاَةَ فَصَحِبْتُ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ فَنَظَرَ إِلَىَّ وَأَنَا أُشَبِّكُ بَيْنَ أَصَابِعِى فَقَالَ: لاَ تُشَبِّكْ بَيْنَ أَصَابِعِكَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى أَنْ نُشَبِّكَ بَيْنَ أَصَابِعِنَا فِى الصَّلاَةِ. فَقُلْتُ: إِنِّى لَسْتُ فِى صَلاَةٍ. قَالَ: أَلَيْسَ قَدْ تَوَضَّاتَ وَخَرَجْتَ تُرِيدُ الصَّلاَةَ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: فَأَنْتَ فِى صَلاَةٍ. {ت} وَرَوَاهُ أَيْضًا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى ثُمَامَةَ فَعَادَ الْحَدِيثُ إِلَى الْمَقْبُرِىِّ عَنْ أَبِى ثُمَامَةَ. {ق} قَالَ الشَّيْخُ فِى هَذَا مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ النَّهْىَ عَنْ ذَلِكَ وَقَعَ فِى الصَّلاَةِ وَأَنَّ كَعْبًا أَدْخَلَ فِيهِ الْخَارِجَ إِلَى الصَّلاَةِ بِمَّا ذَكَرَ مِنَ الدَّلِيلِ.
6096 – وَقَدْ رُوِىَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَلَى اللَّفْظَةِ الأُولَى أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِىُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِىُّ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ قُسَيْطٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِى أُنَيْسَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لَهُ: «يَا كَعْبُ إِذَا تَوَضَّاتَ فَأَحْسَنْتَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجْتَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلاَ تُشَبِّكَنَّ بَيْنَ أَصَابِعِكَ فَإِنَّكَ فِى صَلاَةٍ». هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِنْ كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ الرَّقِّىُّ هَذَا حَفِظَهُ وَلَمْ أَجِدْ لَهُ فِيمَا رَوَاهُ مِنْ ذَلِكَ بَعْدُ مُتَابِعًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وابو ثمامة الحناط مجهول بل قال الذهبي: خبره منكر، نقله عنه محققو المسند والشيخ الألباني. وكلامه في الميزان: فقال: لا يعرف وخبره عن كعب بن عجرة منكر ثم أورد هذا الخبر.
تنبيه: وروى ابن أبي شيبه (2/ 72 / 1) عن شعبة مولى ابن عباس قال: ” صليت إلى جنب ابن عباس ففقعت أصابعي فلما قضيت الصلاة قال: لا أم لك تفقع أصابعك وأنت في الصلاة؟! “. وسنده حسن وضعفه آخرون بسبب شعبه مولى ابن عباس فكلام ابن حبان فيه شديد، والإمام أحمد قال: لا بأس به. وذكر ابن أبي شيبه آثار عن التابعين فيها كراهية قعقعة الاصابع في الصلاة.
وورد في كتاب ” التحديث بما قيل: لا يصح فيه حديث ” (ص 65):
63 – قعقعة الأصابع في الصلاة: لا يصح فيه شيء مرفوعا. ا. هـ.
قال المحقق وفرقعة الأصابع في الصلاة مكروهة في المذاهب الأربعة. وأما خارج الصلاة فقد كرهها بعض أهل العلم.
تنبيه: ارسل لي هذا النقل: وروي – أيضا – النهي عن تشبيك الأصابع لمن هو ماش إلى المسجد للصلاة فيه، من حديث كعب بن عجرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه، ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه ; فإنه في صلاة “.
خرجه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
وفي إسناده اختلاف كثير واضطراب.
انتهى كلام ابن رجب رحمه الله في فتح الباري ..