: 120 جامع الأجوبة الفقهية
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري وعامر الراشدي ص158
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
ذكرنا غسل اليدين عند الاستيقاظ من النوم
لكن هنا مسألة:
حكم الماء إذا غمس فيه يده؟
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
-اختلف العلماء في حكم الماء إذا غمس فيه يده على أقوال:
1 – أنه باق على طهوريته فلا ينجس.
2 – أنه ينجس إن كان قام من نوم الليل
3 – وقيل أنه بحسب كثرة الماء وقلته، فإن كان كثير فإنه يدفع النجاسة عن نفسه، وإن كان قليل فإنه يستحب أن يهريقه لاحتمال تأثره بالنجاسة.
– وقيل أنه يكون في حكم الماء المشكوك فيه.
-قال الإمام النووي رحمه الله في المجموع شرح المهذب (1/ 350):
إذا غمس يده وهو شاك في نجاستها قبل غسلها كان مرتكبا كرهة التنزيه ولا ينجس الماء بل هو باق على طهارته ويجوز أن يتطهر به هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا ما حكاه أصحابنا عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال ينجس إن كان قام من نوم الليل وحكى هذا عن إسحاق بن راهويه ومحمد بن جرير وداود وهو ضعيف جدا لأن الأصل طهارة الماء واليد فلا ينجس بالشك وقواعد الشرع متظاهرة على هذا ولا يمكن أن يقال الظاهر من اليد النجاسة وأما الحديث فمحمول على الاستحباب”. انتهى
-قال ابن قدامة في المغني (1/ 74):
فإن غمس يده في الإناء قبل غسلها، فعلى قول من لم يوجب غسلها، لا يؤثر غمسها شيئا، ومن أوجبه قال: إن كان الماء كثيرا يدفع النجاسة عن نفسه، لم يؤثر أيضا؛ لأنه يدفع الخبث عن نفسه، وإن كان يسيرا، فقال أحمد: أعجب إلي أن يهريق الماء، فيحتمل أن تجب إراقته، وهو قول الحسن لأن النهي عن غمس اليد فيه يدل على تأثيره فيه، وقد روى أبو حفص عمر بن المسلم العكبري في الخبر زيادة عن النبي – صلى الله عليه وسلم -:) فإن أدخلها قبل الغسل أراق الماء).
ويحتمل أن لا تزول طهوريته ولا تجب إراقته؛ لأن طهورية الماء كانت ثابتة بيقين، والغمس المحرم لا يقتضي إبطال طهورية الماء؛ لأنه إن كان لوهم النجاسة، فالوهم لا يزول به يقين الطهورية؛ لأنه لم يزل يقين الطهارة، فكذلك لا يزيل الطهورية، فإننا لم نحكم بنجاسة اليد ولا الماء؛ ولأن اليقين لا يزول بالشك فبالوهم أولى، وإن كان تعبدا فنقتصر على مقتضى الأمر والنهي، وهو وجوب الغسل وتحريم الغمس، ولا يعدى إلى غير ذلك، ولا يصح قياسه على رفع الحدث؛ لأن هذا ليس بحدث؛ ولأن من شرط تأثير غمس المحدث أن ينوي رفع الحدث، ولا فرق هاهنا بين أن ينوي أو لا ينوي. وقال أبو الخطاب: إن غمس يده في الماء قبل غسلها، فهل تبطل طهوريته؟ على روايتين. انتهى
-وجاء في الحاوي الكبير (1/ 103):
فعلى هذا لو غمس المتوضئ يده في الإناء قبل غسلهما فإن تيقن طهارتهما أو شك فيه فالماء طاهر لأن الأصل فيه الطهارة وإن تيقن نجاسة يده فهي نجاسة وردت على ماء قليل فيكون نجسا.
-قال صاحب تحفة الأحوذي (1/ 92): وأما إذا أدخل يده في الإناء قبل غسلها فهل صار الماء نجسا أم لا فالظاهر أن الماء صار مشكوكا فحكمه حكم الماء المشكوك والله تعالى أعلم. انتهى
-وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الثانية (4/ 19):
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثا، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده.
(رواه مسلم).
هل من قام من نوم ليلا ووضع يديه في إناء به ماء، هل سلب طهورية الماء ولا يجوز الوضوء به أم باق على الطهورية ويجوز الوضوء به، فأيهما أصح وأولى؟
الجواب: النهي الوارد في هذا الحديث أمر تعبدي لا يقتضي تنجيس الماء، والصحيح جواز الوضوء به. انتهى.
-وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع (1/ 50):
وفي قوله: (فإن أحدكم لا يدري أين باتت يدُه)، دليل على أنَّ الماء لا يتغيَّر الحكم فيه؛ لأن هذا التَّعليلَ يدلُّ على أن المسألةَ من باب الاحتياط، وليست من باب اليقين الذي يُرفَعُ به اليقينُ. وعندنا الآن يقينٌ؛ وهو أن هذا الماء طَهُورٌ، وهذا اليقينُ لا يمكنُ رفعُه إلا بيقين، فلا يُرفَعُ بالشَّكِّ” انتهى.
-قال الشيخ الراجحي في شرح جامع الترمذي (4/ 3):
قال الشافعي: وأحب لكل من استيقظ من النوم قائلة كانت أو غيرها: ألا يدخل يده في وضوئه حتى يغسلها، فإن أدخل يده قبل أن يغسلها كرهت ذلك له، ولم يفسد ذلك الماء إذا لم يكن على يده نجاسة.
-وقال أحمد بن حنبل: إذا استيقظ من النوم من الليل، فأدخل يده في وضوئه قبل أن يغسلها فأعجب إلي أن يهريق الماء.
-وقال إسحاق: إذا استيقظ من النوم بالليل أو بالنهار، فلا يدخل يده في وضوئه حتى يغسلها].
والصواب: أنه لا يجب عليه إهراق الماء كما قال الشافعي، وإنما يأثم، إلا إذا كان في يده نجاسة، أما إذا لم يكن في يده نجاسة فإنه يأثم لمخالفته النهي، والماء باق على طهورتيه. انتهى.
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
-أن الماء الذي يغمس فيه اليد لا يتغير الحكم فيه، وأن المسألة من باب الاحتياط، وليست من باب اليقين الذي يرفع به اليقين.
كما بينه ابن عثيمين في قوله عليه الصلاة والسلام: فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده، دليل على أن الماء لا يتغير الحكم فيه؛ لأن هذا التعليل يدل على أن المسألة من باب الاحتياط، وليست من باب اليقين الذي يرفع به اليقين.
(الشرح الممتع)
-قيل لأبي عبد الله: فما يصنع بذلك الماء؟ فقال: إن صب الماء، أو أبدله فهو أسهل.
-قيل لأبي عبد الله: فلو ابتليت أنت بهذا فغمست يدك في الإناء، وقد قمت من نوم الليل قبل أن تغسلها، كيف كنت تصنع؟ قال: كنت أصب ذلك الماء.
(سنن الأثرم ((81)).
وراجع
(الأوسط في السنن والإجماع)
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
سبق في المسألة السابقة النقل عن ابن عبدالبر أن الشك لا يوجب شيئا وأن كل شئ على أصل حاله حتى يتبين خلافه.
وكذلك قرر ابن القيم في كلامه على حديث القلتين أن حديث النهي عن غمس اليد في الإناء لا يدل على نجاسة الماء.
فالراجح أن الماء طاهر وهو مذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عن الإمام أحمد وهو مذهب الظاهرية ونصره ابن القيم كما في تهذيب السنن.
قال ابن تيمية: وسأل عن ماء غمس رجل فيه يده من نوم:
أما مصيره مستعملا لا يتوضأ به فهذا فيه نزاع مشهور. وفيه روايتان عن أحمد. اختار كل واحدة طائفة من أصحابه. فالمنع اختيار أبي بكر والقاضي وأكثر أتباعه ويروى عن الحسن البصري وغيره. والثانية: لا يصير مستعملا وهي اختيار الخرقي وأبي محمد وغيرهما وهو قول أكثر الفقهاء.
مجموع الفتاوى 1/ 217
ونقل ابن حجر: اتفاق المذاهب على أنه لو غمس يده لم يضر الماء وقال إسحاق وداود والطبري ينجس. واستدل لهم بما ورد من الأمر باراقته لكنه حديث ضعيف أخرجه ابن عدي. …. واستدل ابوعوانه على عدم الوجوب – يعني غسل اليدين – بوضوئه صلى الله عليه وسلم من شن معلقة. ….. ثم ذكر ابن حجر التعقبات. انتهى
باب الاستجمار وترا (الفتح)
ونقل الشوكاني عن النووي الحديث الذي فيه الأمر بالاراقة. قال النووي: وهو ضعيف جدا فإن الأصل في اليد والماء الطهارة.
ونقل السعدي عن مذهب الحنابلة الروايتين وقال: وعلى القول الصحيح في المذهب: يبقى على طهوريته لعدم الدليل على زوال طهوريته. (إرشاد أولي البصائر).
واستدل على الطهورية بحديث (الماء طهور لا ينجسه شئ) بهجة قلوب الأبرار.
تنبيه:
إذا شك في الماء هل هو نجس أو طاهر فالصحيح أنه يتحرى ثم يتوضأ بما يترجح له، قال شيخ الإسلام: الاحتياط بمجرد الشك في أمور المياه ليس مستحبا ولامشروعا بل ولايستحب السؤال عن ذلك. (الفتاوى 21/ 56) (ابن عثيمين – الممتع 1/ 53).
تنبيه:
أما حديث فإن أدخلها قبل الغسل أراق الماء. فلم أجده إلا في في المسائل الفقهية كتاب الفراء الروايتين والوجهين بغير إسناد.
ونقل الخلاف عن أحمد هل يجب غسل اليدين أم لا. فنقل عن حنبل الوجوب. لأنه يريق الماء
ونقل مهنا وابوالحارث وإسماعيل بن سعيد ما يدل على أنه مستحب لأنه قال: أحب إلي وأعجب الي ان يريق الماء.
وهو اختيار الخرقي لأنه قيام من نوم فلم يوجب غسل اليدين منفردا دليله نوم النهار.
قلت سيف: وهذا الذي نقلته أني لم أجد الحديث قبل الوقوف على عزو ابن حجر الحديث لابن عدي
وقد وقفت عليه في الكامل لابن عدي ترجمة معلى بن هلال. وقال قوله: فليهرق ذلك الماء منكر لا يحفظ.