1217 – 1216 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي وناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———-‘——–‘——-
باب لا يرد السلام في الصلاة
1216 – حدثنا عبد الله بن أبي شيبة حدثنا ابن فضيل عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال كنت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علي فلما رجعنا سلمت عليه فلم يرد علي وقال إن في الصلاة شغلا
1217 – حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا كثير بن شنظير عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة له فانطلقت ثم رجعت وقد قضيتها فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فلم يرد علي فوقع في قلبي ما الله أعلم به فقلت في نفسي لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد علي أني أبطأت عليه ثم سلمت عليه فلم يرد علي فوقع في قلبي أشد من المرة الأولى ثم سلمت عليه فرد علي فقال إنما منعني أن أرد عليك أني كنت أصلي وكان على راحلته متوجها إلى غير القبلة
فوائد أحاديث الباب:
1 – قوله (باب لا يرد السلام في الصلاة) أي باللفظ المتعارف.
2 – قال ابن بطال في شرحه:” أجمع العلماء أن المصلى لا يرد السلام متكلما”.
3 – حديث عبد الله بن مسعود ورد في الباب الثاني من هذا الكتاب باب ما ينهى من الكلام في الصلاة وتقدم شرحه هناك.
وموضع الشاهد منه قوله (فلم يرد علي) يعني السلام باللفظ، وإلا فقد ثبت رده – صلى الله عليه وسلم – بالإشارة برأسه في هذه القصة عند السراج في “مسنده” بسند جيد قاله العلامة الألباني، قلت ولفظه” لما قدمت من الحبشة سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم فأومأ برأسه” أخرجه البزار في مسنده والطبراني في الأوسط والسراج في مسنده واللفظ له، قال ابن رجب في الفتح: “وقد أنكر ابن المديني وصله بذكر أبي هريرة، وقال: إنما هو عن ابن سيرين، أن ابن مسعود. يعني: أنه مرسل “.
4 – وعند مسلم (فقال لي بيده هكذا) أي رد بالإشارة ولم يكن ابن مسعود يعلم بنسخ السلام باللفظ.
5 – قال ابن بطال قد ثبتت الإشارة عن الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة فلا معنى لقول من أنكر رد السلام بالإشارة.
6 – حديث جابر بن عبد الله أخرجه الستة مختصرا ومطولا.
7 – وموضع الشاهد منه أيضا قوله (فلم يرد علي) ثم قال في آخر الحديث (ثم سلمت عليه فرد علي فقال إنما منعني أن أرد عليك أني كنت أصلي) أي بين له سبب عدم الرد لفظا في أول الأمر.
8 – وورد من طريق زهير عن أبي الزبير عند مسلم (لم يمنعني أن أكلمك إلا أني كنت أصلي) فصرح بالمنع من رد السلام كلاما للمصلي ومن طريق عمرو عن أبي الزبير عند ابن حبان في صحيحه (إني كنت أصلي نافلة).
9 – قوله (كثير بن شنظير) له في البخاري هذا الحديث وحديث آخر فقط).
10 – قوله (بعثني في حاجة) لم تتبين لي تلك الحاجة، لكنه قضاها، وذلك لقوله (فانطلقت ثم رجعت وقد قضيتها).
قلت سيف: قال ابن حجر: بين مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر أن ذلك كان في غزوة بني المصطلق.
وصاحبنا أبو صالح يقصد لم يتبين له نوع الحاجة. ك
11 – وقوله (فانطلقت) إشارة إلى مبادرته بتنفيذ ما أمره به النبي صلى الله عليه وسلم. وورد عند أبي داود من طريق زهير (إلى بنى المُصطَلِق).
12 – قوله (فوقع في قلبي ما الله أعلم به) من حزنه وخوفه أن يكون استبطأه الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك لقوله (فقلت في نفسي لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد علي أني أبطأت عليه).
13 – أن المصلي لا يجوز له أن يتكلم بغير القراءة والأذكار المختصة بالصلاة حتى لا يرد السلام الذي هو واجب عليه قاله ابن الأثير في الشافي.
14 – جواز الإشارة في الصلاة حتى باليد، وذلك في قوله “فأشار بيده”. قاله ابن الأثير في الشافي.
15 – جواز صلاة النافلة على الراحلة.
16 – أن جابراً لم يكن يعلم سنة رد السلام بالإشارة؛ إذ لو كان عنده علم لما قال فلم يرد علي.
17 – قوله (وكان على راحلته متوجها إلى غير القبلة) وعند مسلم من طريق الليث عن أبي الزبير عن جابر (وهو موجه حينئذ قبل المشرق) رواه مسلم، ومن طريق زهير عن أبي الزبير (وهو منطلق إلى بني المصطلق). رواه مسلم أي إلى تلك الجهة.
18 – ويظهر أن هذا حدث في غزوة بني أنمار ودليله حديث جابر «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أنمار يصلي على راحلته متوجها قبل المشرق متطوعا» رواه البخاري
19 – وفي رواية (وَالسُجُودُ أَخْفَضُ مِنَ الرُّكُوعِ) أخرجه أبو داود والترمذي من طريق سفيان الثوري عن أبي الزبير.
20 – قوله (حدثنا أبو معمر) تابعه معلى بن منصور عند مسلم.
21 – قوله (حدثنا عبد الوارث) تابعه حماد بن زيد عند مسلم.
22 – ورد من طريق عمرو بن الحارث عن أبي الزبير عند النسائي (فَانْصَرَفْتُ، فَنَادَانِي: «يَا جَابِرُ»، فَنَادَانِي النَّاسُ: يَا جَابِرُ).
23 – فيه (صلاة التطوع على الدواب وحيثما توجهت به) قاله البخاري.
24 – فيه (الإيماء على الدابة) قاله البخاري.
25 – قال الترمذي (والعمل عليه عند عامة أهل العلم لا نعلم بينهم اختلافا: لا يرون بأسا أن يصلي الرجل على راحلته تطوعا حيث ما كان وجهه إلى القبلة أو غيرها).
26 – فيه اتهام النفس بالتقصير إذا وجد تغيرا من الشيخ.
—————
فوائد الباب:
1 – سبق وقلنا أنه في قوله صلى الله عليه وسلم «إِنَّ فِي الصَّلاَةِ شُغْلًا» استدل به بعض أهل العلم على القاعدة الفقهية (المشغول لا يشغل) وذلك لأن المصلي مشغول حال صلاته بقراءة القرآن والذكر والخشوع فلا ينبغي أن يشغل في هذا الحال بالرد على السلام.
2 – اختلف العلماء في رد المصلي السلام بالإشارة بعد ان اتفق جمهورهم على عدم جواز الرد لفظاً.
3 – وذهب طائفة إلى أنه يجوز أن يرد السلام بقوله، روي ذلك عن أبي هريرة.
وهو قول سعيد بن المسيب والحسن وقتادة، وقد نقل عن الامام الشافعي اجازه قياساً على دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته على قوم، فقال: هو دعاء له؛ وقد دعا النَّبيّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – في صلاته لقوم، ودعا على آخرين.
وقياس هذا: أنه يرد عليهِ السلام؛ لأنه دعاء لهُ –أيضا/ ذكره ابن رجب
4 – اختلفوا في السلام على المصلى، فكره ذلك قوم، واجازه أخرون.
5 – فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع وفيه العنعنة في موضعين وفيه القول في ثلاثة مواضع وفيه أن رواته بصريون.
6 – شنظير معناه في اللغة السيء الخلق / العيني في عمدة القاري
7 – بالنسبة للسلام على المصلي لا حرج فيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينهى الصحابي عن السلام وإنما علل عدم رده باللفظ لأنه مشغول بالصلاة وأذكارها.
وأما بالنسبة لرد المصلي لفظاً فالحديث نص في المسألة ويعتذر لم أعمل القياس من العلماء _ قياس رد السلام باللفظ على الدعاء في الصلاة _ بعدم وقوفهم على الحديث.
والله أعلم ….
——–‘——‘——-
رياح المسك 1216
– أجمع العلماء على بطلان صلاة من تكلم فيها عامداً لغير مصلحتها، عالما بالتحريم
– واختلفوا في الساهي، والجاهل والمكره، والنائم، والمحذر للضرير، والمتكلم لمصلحتها
– وذهب الإمامان ” مالك ” و ” الشافعي ” إلى صحة صلاة المتكلم جاهلاً، أو ناسياً أنه في الصلاة، أو ظانًّا أن صلاته تمت فسلم وتكلم، سواء كان الكلام في شأن الصلاة، أو لم يكن في شأنها، وسواء كان المتكلم إماماً أو مأموماً، فإن الصلاة صحيحة تامة، يبنى آخرها على أولها.
– ذهب إليه- أيضاً- الإمام أحمد في روايات قوية صحيحة عنه، وهو اختيار شيخ الإسلام ” ابن تيمية “.
– قال ابن المنذر: أجمعوا على أن الضحك يفسد الصلاة.
فوائد:
1 – كان الكلام في الصلاة أول الإسلام مباحا بقدر الحاجة إليه.
2 – تحريم الكلام في الصلاة بعد نزول قوله تعالى: {وَقُومُوا لله قَانِتِينَ}. من العامد، وهو الذي يعلم أنه في صلاة، وأن الكلام فيها محرم.
3 – أن الكلام- مع حرمته- مفسد للصلاة، لأن النهي يقتضي الفساد.
4 – أن القنوت المذكور في هذه الآية، مراد به السكوت، كما فهمه الصحابة، وعملوا بمقتضاه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
5 – صراحة النسخ في مثل هذا الحديث الذي جمع بين الناسخ والمنسوخ.
تيسير العلام للبسام
1217فوائد:
– أن المصلي إذا سلم عليه في الصلاة، لم يرد السلام بقوله، وهذا قول جمهور أهل العلم. (ابن رجب)
– فيه استحباب الاعتذار لمن سلم في الصلاة، وإن رد عليه بالإشارة، لاحتمال عدم علمه بذلك، فيتغير خاطره بعدم الردّ عليه. (الأثيوبي)
– فيه إثباتُ الكلام النَّفساني.
– أن الكبير إذا وقع منه ما يُوجِب حُزْنًا يظهر سبَبه ليَندفع ذلك.
——-
فيه فضيلة لجابر كون النبي صلى الله عليه وسلم يعتمد عليه في مهمة وهذه المهمة في غزوة كما ارسل الزبير وأرسل حذيفة
حكم جواب السلام في الصلاة
بوب البخاري رحمه الله في الصحيح فقال:
” باب لا يرد السلام في الصلاة ”
ذكر الحافظ رحمه الله في الفتح فقال:
قوله باب لا يرد السلام في الصلاة أي باللفظ المتعارف … أورد حديث جابر وهو دال على أن الممتنع الرد باللفظ ” (3/ 78)
فائدة:
[وَاتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ عَلَى أَنَّ رَدَّ السَّلَامِ بِالْقَوْلِ. فِي الصَّلَاةِ مُبْطِلٌ لَهَا] الموسوعة الفقهية.
وقال النووي رحمه الله:
هذه الأحاديث فيها فوائد:
منها تحريم الكلام في الصلاة سواء كان لمصلحتها أم لا وتحريم رد السلام فيها باللفظ وأنه لا تضر الاشارة بل يستحب رد السلام بالاشارة وبهذه الجملة قال الشافعي. ..
وفي حديث جابر رضي الله عنه رد السلام بالاشارة وأنه لا تبطل الصلاة بالاشارة ونحوها من الحركات اليسيرة ”
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ {: قُلْت لِبِلَالٍ: كَيْفَ رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَرُدُّ عَلَيْهِمْ حِينَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يُصَلِّي؟ قَالَ: يَقُولُ هَكَذَا، وَبَسَطَ كَفَّهُ}. أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
وقال الصنعاني رحمه الله في السبل (1/ 140) وما بعدها
وَعَنْ ” ابْنِ عُمَرَ ” – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – قَالَ {: قُلْت لِبِلَالٍ: كَيْفَ رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَرُدُّ عَلَيْهِمْ؟ أَيْ عَلَى الْأَنْصَارِ كَمَا دَلَّ لَهُ السِّيَاقُ حِينَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي؟ قَالَ: يَقُولُ هَكَذَا، وَبَسَطَ كَفَّهُ} أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد
#####
حكم السلام على المصلي: (منقول من بحث)
اختلف في حكم السلام على المصلي على ثلاثة أقوال:
القول الأول: الجواز وهو قول المالكية ورواية عند الحنابلة وربما قال بعض المالكية بالاستحباب.
القول الثاني: الكراهة وهو قول الحنفية والشافعية.
القول الثالث: الكراهة في صلاة الفرض والجواز في صلاة النفل وهو الرواية الثانية عند الحنابلة.
أدلة الأقوال:
استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
1 – ما رواه أحمد وابو داود والترمذي والنسائي والدارمي وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي والطحاوي وابن الجارود في المنتقى من طريق الليث عن بكير عن نابل صاحب العباء عن ابن عمر رضي الله عنهما عن صهيب أنه قال: مررت برسول الله وهو يصلي فسلمت عليه فرد إشارة وقال ولا أعلمه إلا قال إشارة بإصبعه ”
وغيرها من الأحاديث
2 – وروى النسائي في سننه عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما: أنه سلم على رسول الله وهو يصلي فرد عليه ”
3 – وروى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: بعثني رسول الله في حاجة …
أدلة القول الثاني:
1 – حديث جابر السابق ووجه الاستدلال منه قوله: ” إنما منعني أن أرد عليك أني كنت أصلي ” فدل على أن المصلي مشغول _ كما سيأتي في الحديث الثاني _ بالصلاة فكره السلام عليه.
2 – ما رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود قال: كنا نسلم على النبي وهو في الصلاة فيرد علينا فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا وقال: ” إن في الصلاة شغلاً ”
واستدل أصحاب القول الثالث بأن النفل يدخله التخفيف بخلاف الفرض.
والأظهر أن السلام على المصلي جائز لكون النبي كان يرد السلام على من سلم عليه من أصحابه ولم ينكر على من سلم.
ثم إن المصلي لا يرد السلام بلسانه باتفاق أهل العلم لكن هل يرد بالإشارة؟ أقوال:
الأول: وجوب الرد إشارة وهو قول المالكية ورواية عن أحمد وحجتهم عموم الأدلة في وجوب رد السلام فهي تشمل الصلاة وغيرها.
الثاني: الاستحباب وهو قول الشافعية لحديث ابن مسعود وجابر السابقين.
قال النووي: (وأما المصلِّي فيحرم عليه أن يقول: وعليكم السلام فإن فعلَ ذلك بطلتْ صلاتُه إن كان عالماً بتحريمه وإن كان جاهلاً لم تبطل على أصحّ الوجهين عندنا وإن قال عليه السلام بلفظ الغَيبة لم تبطل صلاتُه لأنه دعاءٌ ليس بخطاب. والمستحبُّ أن يردّ عليه في الصلاة بالإِشارة ولا يتلفظ بشيء وإن ردّ بعد الفراغ من الصلاة باللفظ فلا بأس) الأذكار (ص 215) وينظر المجموع (4/ 105)
الثالث: الجواز وهو قول الحنابلة في المشهور لحديث ابن عمر وجابر وابن مسعود رضي الله عنهم.
الرابع: الكراهة وهو قول الحنفية لحديث ابن مسعود حيث لم يرد السلام ولحديث أبي غطفان عن أبي هريرة أن النبي قال: ” من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعد لها ” يعني الصلاة ” رواه ابو داود والدارقطني
لكن سئل أحمد عن حديث من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعد الصلاة؟ فقال: لا يثبت إسناده ليس بشيء.
وقال أبو داود: هذا الحديث وهم
وقال البيهقي: قال الدارقطني: قال لنا ابن أبي داود: أبو غطفان مجهول والصحيح عن النبي أنه كان يشير في الصلاة رواه أنس وجابر وغيرهما عن النبي وقال ابن القيم في زاد المعاد: حديث باطل.
الخامس: التفريق بين النافلة والفريضة وهو رواية عند الحنابلة.
قال ابن عبد البر: (وقد أجمع العلماء على أن من سلم عليه وهو يصلي فرد إشارة أنه لا شيء عليه) الاستذكار (2/ 314)
قال الحافظ ابن حجر عند حديث جابر السابق: (وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم كراهة ابتداء السلام على المصلي لكونه ربما شغل بذلك فكره واستدعى منه الرد وهو ممنوع منه وبذلك قال جابر راوي الحديث وكرهه عطاء والشعبي ومالك في رواية بن وهب وقال في المدونه لا يكره وبه قال أحمد والجمهور وقالوا يرد إذا فرغ من الصلاة أو وهو فيها بالإشارة)
قال ابن رشد في بداية المجتهد (1/ 278): (اختلفوا في رد سلام المصلي على من سلم عليه فرخصت فيه طائفة منهم سعيد بن المسيب والحسن بن أبي الحسن البصري وقتادة. ومنع ذلك قوم بالقول وأجازوا الرد بالإشارة وهو مذهب مالك والشافعي ومنع آخرون رده بالقول والإشارة وهو مذهب النعمان وأجاز قوم الرد في نفسه وقوم قالوا يرد إذا فرغ من الصلاة. والسبب في اختلافهم: هل رد السلام نوع من التكلم في الصلاة المنهى عنه أم لا؟ فمن رأى أنه من نوع الكلام المنهى عنه وخصص الأمر برد السلام في قوله تعالى وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها الآية بأحاديث النهي عن الكلام في الصلاة قال: لا يجوز الرد في الصلاة ومن رأى أنه ليس داخلا في الكلام المنهى عنه أو خصص أحاديث النهي بالأمر برد السلام أجازه في الصلاة. قال أبو بكر بن المنذر ومن قال لا يرد ولا يصير فقد خالف السنة فإنه قد أخبر حبيب أن النبي عليه الصلاة والسلام رد على الذين سلموا عليه وهو في الصلاة بإشارة)
وينظر بالإضافة إلى ما سبق: بدائع الصنائع (1/ 543) فتح القدير (1/ 173) حاشية ابن عابدين (1/ 414) بداية المجتهد (1/ 278) الخرشي على مختصر خليل (1/ 325) نهاية المحتاج (8/ 50) المغني لابن قدامة (2/ 461) كشاف القناع (2/ 153) الآداب الشرعية لابن مفلح (1/ 376)
قال صاحبنا ابوصالح:
رجعت لابن رشد في بداية المجتهد فوجدته قال “اختلفوا في رد سلام المصلي على من سلم عليه، فرخصت فيه طائفة منهم سعيد بن المسيب والحسن بن أبي الحسن البصري وقتادة” انتهى
ويلاحظ أن القائلين به من التابعين ثم كأنه وقع الإجماع بعد ذلك.
وأما أثر الحسن وقتادة فقد أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن الحسن وقتادة قالا يرد السلام إشارة
وأما أثر سعيد بن المسيب فلم أجده
والظاهر أن ابن رشد أخذه من ابن المنذر في كتابه (، وأظن الجواب أن الإجماع بعد هذا النقل قد استقر على النهي عن رد السلام لفظا والله أعلم
[فائدة زائدة معمر لم يسمع من الحسن وتكلم في روايته عن البصريين فمثل هذا لا يعارض الإجماع والله أعلم