: 217 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
—–‘—-
– حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ يَزِيدَ يَعْنِي ابْنَ الْهَادِ، عَنْ عَمْرٍو بْنِ قُهَيْدِ بْنِ مُطَرِّفٍ الْغِفَارِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ عُدِيَ عَلَى مَالِي؟ قَالَ: ” انْشُدِ اللهَ “، قَالَ: فَإِنْ أَبَوْا عَلَيَّ، قَالَ: ” انْشُدِ اللهَ “، قَالَ: فَإِنْ أَبَوْا عَلَيَّ، قَالَ: ” فَانْشُدِ اللهَ “، قَالَ: فَإِنْ أَبَوْا عَلَيَّ، قَالَ: ” فَقَاتِلْ، فَإِنْ قُتِلْتَ فَفِي الْجَنَّةِ، وَإِنْ قَتَلْتَ فَفِي النَّارِ ”
—–
قال محققو المسند: حديث صحيح. وقول يونس في الِإسناد: عن عمرو بن قهيد بن مطرف الغفاري، وهم منه، صوابه: عن عمرو، عن قهيد بن مطرف الغفاري، نَبه على ذلك المزي في “تهذيب الكمال” 22/ 194 – 195، وابن حجر في “التقريب”.
وعمرو هذا: هو ابن أبي عمرو مولى المطلب وهو ثقة، اتفقا على إخراج حديثه، وقهيد بن مطرف الغفاري روى عنه ثلاثة، وذكره ابن حبان في “الثقات”، ويقال: إن له صحبة.
وأخرجه النسائي 7/ 114، والبيهقي 8/ 336 من طريق شعيب بن الليث، وقرن البيهقى بشعيبٍ عبدَ الله بنَ عبد الحكم، كلاهما (شعيب وعبد الله) عن الليث بن سعد، عن ابن الهاد، عن قهيد بن مطرف، عن أبي هريرة. بإسقاط عمرو، قال البيهقي: كذا وجدته، والصواب: عن ابن الهاد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن قهيد.
وأخرجه المزي في ترجمة عمرو بن قهيد من “التهذيب” 22/ 195 من طريق عبد الله بن صالح، عن الليث، عن ابن الهاد، عن عمرو، عن قهيد بن مطرف، عن أبي هريرة. قال المزي: هذه الرواية هي الصواب إن شاء الله.
وأخرجه مسلم (140) (225)، والبيهقي 8/ 335 – 33 من طريق العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وسيأتي برقم (8476) و (8724).
وسلف في “المسند” (8298) من طريق الأعرج، عن أبي هريرة، بلفظ: “من أريد ماله بغير حق فقتل، فهو شهيد”.
قوله: “ففي الجنة”، قال السندي: أي: فأنت في الجنة.
“ففي النار”، أي: فمقتولك في النار.
قلت (سيف): نقل الشيخ الألباني في الصحيحة 3247 أن البيهقي رجح من رواه عن قهيد عن أبي هريرة يعني متصلا، وصحح الشيخ الألباني الحديث.
قلت: وكذلك رجح ذلك الدارقطني في المؤتلف والمختلف. خلافا لمن رواه عن قهيد أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم.
فيترجح بذلك أن قهيد لا صحبة له، ولم يوثقه معتبر لكن ممكن أن نضعه على شرط المتمم على الذيل لأن قهيد روى عنه جمع.
——-‘——‘——-‘——
قتل الصائل
الحديث يُبين بجواز قتل الصائل و دمه مهدور و لكن قبل قتله أن يدفعه الأسهل بالإسهل و سيأتي ذلك لاحقا ان شاء الله ..
الشرح
(قال) – صلى الله تعالى عليه وسلم – (فانشد بالله) أي ذكر به، يقال: نشدتك الله، وبالله أنشدك: ذكرتك به، واستعطفتك، أو سألتك به، مقسما عليك (قال) الرجل السائل (فإن أبوا علي) أي امتنعوا عن قبول مناشدتي لهم (قال) – صلى الله تعالى عليه وسلم – (فانشد بالله”، قال: فإن أبوا علي؛ قال: (فانشد بالله”، قال: فإن أبوا علي؟ قال: “فقاتل) أي إذا لم يقبلوا مناشدتك بالله تعالى ثلاث مرات، فدافع عن مالك بقتالهم (فإن قتلت) بالبناء للمفعول: أي إن قتلك هؤلاء المعتدون على مالك (ففي الجنة) أي فأنت في الجنة، لاستشهادك في سبيل الدفاع عن مالك. ” ذخيرة العقبى ” ((32) / (64)).
قال الشوكاني وأحاديث الباب فيها دليل على أنها تجوز مقاتلة من أراد أخذ مال إنسان من غير فرق بين القليل والكثير إذا كان الأخذ بغير حق وهو مذهب الجمهور كما حكاه النووي والحافظ في الفتح. ” نيل الأوطار ” (ج (5) / (390)).
قال الطيبي: وينبغي أن يدفع بالأحسن فالأحسن، فان لم يمتنع إلا بالمقاتلة وقتله فدمه مهدر، وهل له أن يستسلم؟ نظر إن أريد ماله فله ذلك، وإن أريد دمه ولا يمكنه دفعه إلا بالقتل، فقد ذهب قوم إلى أن له الاستسلام إلا أن يكون القاصد كافرا أو بهيمة. وذهب قوم إلى أن الواجب عليه الاستسلام. ” شرح المشكاة ”
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه “السياسة الشرعية” (ص: (74) – (75)): إذا كان مطلوب الصائل المال، جاز دفعه بما يمكن، فإذا لم يندفع إلا بالقتال، قوتل، وإن ترك القتال، أو أعطاهم شيئا من المال، جاز، وأما إذا كان مطلوبه الحرمة؛ مثل أن يطلب الزنا بمحارم الإنسان، أو يطلب من المرأة والصبي الفجور به، فيجب عليه أن يدفع عن نفسه بما يمكن، ولو بالقتل، ولا يجوز التمكين بحال؛ بخلاف المال؛ لأن بذل المال جائز؛ بخلاف الفجور، وأما إذا كان مقصوده قتل الإنسان، جاز له الدفع، وهل يجب عليه؟ على قولين للعلماء في مذهب الإمام أحمد وغيره، والله أعلم.
[قاعدة فقهية]
قال العلامة السفاريني: أشار الحافظ المصنف -رحمه الله تعالى- بمضمون هذا الحديث إلى قاعدة فقهية، وهي حكم الصائل، فكل من صال على نفسه أو نسائه أو ولده أو ماله، ولو قل، سواء كان الصائل بهيمة أو آدميا، ولو غير مكلف، أو صبيا أو مجنونا، في منزله أو غيره، ولو متلصصا، ولم يخف أن يبدره الصائل بالقتل، دفعه بأسهل ما يغلب على ظنه دفعه به، فإن اندفع بالقول، لم يكن له ضربه بأسهل ما يظن أن يندفع به، فإن ظن أنه يندفع بضرب عصا، لم يكن له ضربه بحديد، وإن ولى هاربا، لم يكن له قتله، ولا اتباعه، وإن ضربه فعطله، لم يكن له أن يثني عليه، وهكذا من فعل الأسهل فالأسهل. ” كشف اللثام شرح عمدة الأحكام ” (ج (6) / (177)).
جواز قتال اللصوص ودفع الصائل، وكيفية الدفع والقتال
قال إسحاق بن منصور: قلت: يقاتل اللص؟
قال: إذا كان مقبلا فقاتله، وإذا ولى فلا تقاتل.
قال إسحاق: كما قال، وتناشده في الإقبال ثلاثا فان أبى، وإلا قاتله.
“مسائل الكوسج” ((2502))
قال إسحاق بن منصور: قلت: أخذ ابن عمر -رضي الله عنهما- لصا في داره فأصلت عليه السيف؟
قال: إذا كان مقبلا، وأما موليا فلا.
قال إسحاق: كما قال.
“مسائل الكوسج” ((2506))، ((3525))
قال العلامة ابن عثيمين: ولهذا قال العلماء: إن دفع الصائل ولو أدى إلى قتله جائز لأنه إذا صال عليك فلا حرمة له لكن إذا اندفع بما دون القتل فلا تقتله. ” شرح رياض الصالحين ” (ج (5) / (391)).
[دم المقتول يكون هدراً]
قال ابن عثيمين: وهذا يدل على أن دمه هدر؛ أي: دم المقتول، ولكن يجب أن نعلم أنه لا يجوز أن يرتقي إلى شيء وهو يتمكن من الدفاع بما هو أسهل فإذا كان يمكن الدفاع بالضرب على الأشياء التي تجعله يغمى عليه فإنه لا يجوز قتله وإذا أمكن دفع شره بوثاقه فإنه لا يجوز قتله وإذا أمكن دفع شره بحبسه في حجرة أو غيرها فلا يجوز قتله المهم أن يستعمل في حقه الأسهل فالأسهل فإذا لم يندفع إلا بالقتل فإنه يقتل ولكن إذا خاف أن يبدره بالقتل أي أن المصول عليه خاف أن الصائلة يبادره بالقتل فحينئذ له أن يبدأ بالقتل لأنه في هذه الحال لا يمكن دفع شره إلا بمبادرة القتل.
فإن قال قائل: كيف تجيبون عما إذا رأى الرجل شخصا يزني بأهله فإنه يجوز أن يقتله بدون إنذار؟
قلنا: إن هذا ليس من باب دفع الصائل ولكنه من باب عقوبة المعتدي ونظيره أن من اطلع عليك من شقوق الباب فإنه يجوز أن تفقأ عينه بدون إنذار لأن هذا من باب عقوبة المعتدي وليس من باب دفع الصائل فإن قيل: إذا نفي أولياء المقتول أن قتيلهم قد صال على القاتل وقالوا إنه لم يصل عليه فهل تقبل قول القاتل إنه قتله دفاعا عن نفسه؟ الجواب: لا، لأن القتل ثبت ودعوى أنه كان دفاعا عن النفس يعتبر دعوى جديدة والبينة على المدعي واليمين على من أنكر ولو أننا قبلنا مثل هذه الدعوى لكان كل من أراد أن يقتل شخصا ذهب فقتله ثم قال: إنني قتلته دفاعا عن النفس وهذا هو المشهور من المذهب وعلى هذا فإذا قتل القاتل المدافع عن نفسه الذي ليس عنده بينة فإنه يكون في هذه الحال مأجورا على ما حصل من قتله ومثابا عند الله وقال بعض العلماء بل ينظر للقرائن فإذا كان المقتول معروفا بالشر والفساد أو قد سبق منه تهديد للقاتل فإن دعوى القاتل أنه مدافع دعوى صحيحة لأن كونه يتهدده، بالقتل أو يتحدث إلى الناس بأنه سيقتل فلانا يدل دلالة واضحة على أنه هو القاتل وكذلك إذا عرف أن القاتل رجل مستقيم الدين بعيد عن العدوان، وأن هذا صاحب شر معروف بالعدوان ولاسيما إن قتله في بيته -بيت القاتل- فهذه قرينة واضحة تدل على صدقه فيحكم ببراءته وأنه لا شيء عليه وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الأصح.” فتح ذي الجلال و الإكرام (ج (5) / (239) – (240)).