لطائف التفسير سورة المائدة 44 – 47
جمع سيف بن محمد بن دورة الكعبي
ومشاركة محمد الفاتح وإبراهيم السعدي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———-‘———‘———
(إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَائِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)
[سورة المائدة 44]
وقال تعالى:
(وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَائِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
[سورة المائدة 45]
وقال الله في حق النصارى:
(وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) 46 (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَائِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)
[سورة المائدة 47]
لطيفة: وصف اليهود بوصفين الكفر والظلم. ووصف النصارى بوصف واحد وهو الفسق.
فهذا يدل أن كفر اليهود أشد من كفر النصارى وهم منغمسون في العناد. لذا النصارى أقرب للإسلام من اليهود.
قال تعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ)
[سورة المائدة 82]
وسورة المائدة فيها عدة آيات بيان عناد اليهود
هل هناك أدلة أخرى من الكتاب والسنة تدل على غلظ تمرد اليهود؟
——”——–”——
قوله تعالى (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)
[سورة الفاتحة 7]
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله:
وهذا الصراط المستقيم هو: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. {غَيْرِ} صراط {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} الذين عرفوا الحق وتركوه كاليهود ونحوهم. وغير صراط {الضَّالِّينَ} الذين تركوا الحق على جهل وضلال, كالنصارى ونحوهم …
——-
سورة البقرة: {91 – 93} {وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهـو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين * ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون * وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهـم قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين}. أي: وإذا أمر اليهود بالإيمان بما أنزل الله على رسوله، وهـو القرآن استكبروا وعتوا، و {قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه} أي: بما سواه من الكتب، مع أن الواجب أن يؤمن بما أنزل الله مطلقا، سواء أنزل عليهم، أو على غيرهـم، وهـذا هـو الإيمان النافع، الإيمان بما أنزل الله على جميع رسل الله. وأما التفريق بين الرسل والكتب، وزعم الإيمان ببعضها دون بعض، فهذا ليس بإيمان، بل هـو الكفر بعينه، ولهذا قال تعالى: {إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هـم الكافرون حقا}. ولهذا رد عليهم تبارك وتعالى هـنا ردا شافيا، وألزمهم إلزاما لا محيد لهم عنه، فرد عليهم بكفرهـم بالقرآن بأمرين فقال: {وهـو الحق} فإذا كان هـو الحق في جميع ما اشتمل عليه من الإخبارات، والأوامر والنواهـي، وهـو من عند ربهم، فالكفر به بعد ذلك كفر بالله، وكفر بالحق الذي أنزله. ثم قال: {مصدقا لما معهم} أي: موافقا له في كل ما دل عليه من الحق ومهيمنا عليه.
فلم تؤمنون بما أنزل عليكم، وتكفرون بنظيره؟ هـل هـذا إلا تعصب واتباع للهوى لا للهدى؟ وأيضا، فإن كون القرآن مصدقا لما معهم، يقتضي أنه حجة لهم على صدق ما في أيديهم من الكتب، فلا سبيل لهم إلى إثباتها إلا به، فإذا كفروا به وجحدوه، صاروا بمنزلة من ادعى دعوى بحجة وبينة ليس له غيرهـا، ولا تتم دعواه إلا بسلامة بينته، ثم يأتي هـو لبينته وحجته، فيقدح فيها ويكذب بها; أليس هـذا من الحماقة والجنون؟ فكان كفرهـم بالقرآن، كفرا بما في أيديهم ونقضا له. ثم نقض عليهم تعالى دعواهـم الإيمان بما أنزل إليهم بقوله: {قل} لهم: {فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين ولقد جاءكم موسى بالبينات} أي: بالأدلة الواضحات المبينة للحق، {ثم اتخذتم العجل من بعده} أي: بعد مجيئه {وأنتم ظالمون} في ذلك ليس لكم عذر. {وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا} أي: سماع قبول وطاعة واستجابة، {قالوا سمعنا وعصينا} أي: صارت هـذه حالتهم {وأشربوا في قلوبهم العجل} بسبب كفرهـم. {قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين} أي: أنتم تدعون الإيمان وتتمدحون بالدين الحق، وأنتم قتلتم أنبياء الله، واتخذتم العجل إلها من دون الله، لما غاب عنكم موسى، نبي الله، ولم تقبلوا أوامره ونواهـيه إلا بعد التهديد ورفع الطور فوقكم، فالتزمتم بالقول، ونقضتم بالفعل، فما هـذا الإيمان الذي ادعيتم، وما هـذا الدين؟. فإن كان هـذا إيمانا على زعمكم، فبئس الإيمان الداعي صاحبه إلى الطغيان، والكفر برسل الله، وكثرة العصيان، وقد عهد أن الإيمان الصحيح، يأمر صاحبه بكل خير، وينهاه عن كل شر، فوضح بهذا كذبهم، وتبين تناقضهم.
(البقره:93/ 91)
تفسير السعدي=تيسير الكريم الرحمن
وقوله تعالى: (مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا)
ثم بين كيفية ضلالهم وعنادهم وإيثارهم الباطل على الحق فقال: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا} أي: اليهود وهم علماء الضلال منهم. {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} إما بتغيير اللفظ أو المعنى، أو هما جميعا. فمن تحريفهم تنزيل الصفات التي ذكرت في كتبهم التي لا تنطبق ولا تصدق إلا على محمد صلى الله عليه وسلم على أنه غير مراد بها، ولا مقصود بها بل أريد بها غيره، وكتمانهم ذلك. فهذا حالهم في العلم أشر حال، قلبوا فيه الحقائق، ونزلوا الحق على الباطل، وجحدوا لذلك الحق، وأما حالهم في العمل والانقياد فإنهم {يَقُولون سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} أي: سمعنا قولك وعصينا أمرك، وهذا غاية الكفر والعناد والشرود عن الانقياد، وكذلك يخاطبون الرسول صلى الله عليه وسلم بأقبح خطاب وأبعده عن الأدب فيقولون: {اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ} قصدهم: اسمع منا غير مسمع ما تحب، بل مسمع ما تكره، {وَرَاعِنَا} قصدهم بذلك الرعونة، بالعيب القبيح، ويظنون أن اللفظ -لما كان محتملا لغير ما أرادوا من الأمور- أنه يروج على الله وعلى رسوله، فتوصلوا بذلك اللفظِ الذي يلوون به ألسنتهم إلى الطعن في الدين والعيب للرسول، ويصرحون بذلك فيما بينهم، فلهذا قال: {لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ} ثم أرشدهم إلى ما هو خير لهم من ذلك فقال: {وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ} وذلك لما تضمنه هذا الكلام من حسن الخطاب والأدب اللائق في مخاطبة الرسول، والدخول تحت طاعة الله والانقياد لأمره، وحسن التلطف في طلبهم العلم بسماع سؤالهم، والاعتناء بأمرهم، فهذا هو الذي ينبغي لهم سلوكه. ولكن لما كانت طبائعهم غير زكية، أعرضوا عن ذلك، وطردهم الله بكفرهم وعنادهم، ولهذا قال: {وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}
——‘——
هذا بحث قيم وجدته في الشبكة وأضفت إليه بعض النصوص المؤكدة وصفات أخرى لليهود واضافاتي كانت بذكر الآيات والأحاديث دون إحاله:
صفات اليهود كما وردت في القرآن الكريم
رغبتهم أن نكون على ضلالهم:
قال الله جل شأنه: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (1)، وقال الله تعالى وتقدس: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (2).
– اليهود مستهزئون: يقول الله جلت عظمته (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) ([3]).
– اليهود خائنون، ينقضون العهود ويحرفون الكلم عن مواضعه: وهذه من سماتهم التي لا تتخلف.
تحريفهم للكتاب: فمن صفاتهم أنهم حرفوا كلام الله – عز وجل – الذي أُنزل إليهم، وغيروا وبدلوا حتى قال الله – تبارك وتعالى – عنهم للمؤمنين: {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} , وقال: {مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً} , وقال الله – تبارك وتعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} , وقال الله – تبارك وتعالى – لهم: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} فقالوا: حنطة.
وفي سيرة الحبيب المصطفى دلائل باهرة على نقض اليهود لعهودهم، وعدم مبالاتهم بها، فنقض العهد ديدنهم، والجرأة عليها جبلتهم؛ فقد تجرأ بنو النضير على نقض العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله ولم يقفوا عند هذا الحد بل حاولوا اغتياله صلوات ربي وسلامه عليه.
يقول الباري جل وعلا: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) ([4]).
ويقول الحق سبحانه: (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ([5]).
ويقول الله جل جلاله: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ) ([6]). ويقول عز سلطانه: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ) ([7]).
ويقول جل شأنه: (َإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَامُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ([8]).
ويقول عز اسمه: (مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) ([9]).
(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) ([10]).
ويقول الحق سبحانه: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) ([11]).
ويقول الحق جل وعلا: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَاخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَاتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَاخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) ([12]).
فنقض العهود: من أشهر صفات اليهود فقال – سبحانه وتعالى -: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} 51, وقال الله – تبارك وتعالى -: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} , وقال الله – جل جلاله -: {الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ}
-اليهود ضالون مضلون: فالضلالة قامت على قطبهم وتفرقت بشَعَبِهم تَكِيلُهُم بصاعها وتُخبطهم بباعها، يقول الباري جل جلاله (وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) ([13]).
ويقول الحق سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ) ([14]).
ويقول الله عز اسمه: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) ([15]).
-اليهود سفهاء: يقول الله جل جلاله (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) ([16]).
-اليهود يسارعون في الإثم والعدوان: يقول الباري عز وجل: (ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَاتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) ([17]).
ويقول عز من قائل: (وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ([18]).
ويقول جل في علاه: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَاتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) ([19]).
-اليهود متخصصون في كتمان شهادة الحق والتضليل والتلفيق:
يقول الله تبارك وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَاكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ([20])، ويقول الحق سبحانه: (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) ([21]).
ويقول جل شأنه: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) ([22])، ويقول ربنا الكريم: (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ([23]).
ويقول ربنا عز وجل: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) ([24]).
ويقول الله تبارك وتعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ([25]).
-اليهود يفسدون في الأرض ويصدون عن سبيل الله:
يقول الله تقدس وتعالى: (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) ([26])، ويقول الله سبحانه: (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) ([27]).
ويقول الله: (قل يا أهل الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) ([28]).
-اليهود ملعونون: بنو إسرائيل هم الأمة الملعونة في القرآن المطبوع على قلبها إلى الأبد، هم الأمة التي بشر الله بهلاكها على أيدي أمة الإسلام.
يقول الله (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) ([29]).
ويقول الله (وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ) ([30])، ويقول الحق تبارك وتعالى: (وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ) ([31]).
-اليهود قاسية قلوبهم: إن قسوة القلوب وفسادها سمة لاصقة بكل يهودي.
ومن ثم “فقسوة القلب في سائر المواضع خصت اليهود. تفردوا عن طوائف الكافرين والمنافقين بذلك وبكون قلوبهم في أقسى درجات القسوة” ([32]). قال الحق سبحانه يخاطب هذه الجماعة العاقة من اليهود ليذكرهم سوء أعمالهم، وقساوة قلوبهم من بعدما كذبوا سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام وجادلوه بالباطل: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) ([33]).
ويقول الله تبارك وتعالى: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) ([34]).
ويقول الله سبحانه: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) ([35]).
ويقول الله تعالى: (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) ([36]).
-اليهود يقتلون أنبياءهم ورسلهم: يقول الله تبارك وتعالى: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) ([37]).
ويقول عز سلطانه: (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) ([38]).
ويقول تقدست أسماؤه: (الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَاتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَاكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) ([39]).
ويقول جلت عظمته: (;فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) ([40]).
ويقول الباري جل وعلا: (لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ) ([41]).
وحاولوا قتل نبينا محمد – صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم – قال الله – تبارك وتعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَامُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} , وقال الله – جل وعلا -: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ} أي: “ظلماً، فإنهم قتلوا شعياء، وزكريا، ويحيى وغيرهم”, وقال بعض أهل التفسير – “بسبب كفرهم بالمعجزات التي من جملتها ما عدَّ عليهم من فلق البحر، وإظلال الغمام، وإنزال المن والسلوى، وانفجار العيون من الحجر، أو بالكتب المنزلة: كالإنجيل، والفرقان، وآية الرجم، والتي فيها نعت محمد – صلى الله عليه وسلم – من التوراة، وقتلهم الأنبياء، فإنهم قتلوا شعياء، وزكريا، ويحيى وغيرهم بغير الحق عندهم إذ لم يروا منهم ما يعتقدون به جواز قتلهم، وإنما حملهم على ذلك اتباع الهوى، وحب الدنيا كما أشار إليه بقوله: {ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ} أي: جرهم العصيان والتمادي والاعتداء فيه إلى الكفر بالآيات، وقتل النبيين، فإن صغار الذنوب سبب يؤدي إلى ارتكاب كبارها، كما أن صغار الطاعات أسباب مؤدية إلى تحري كبارها، وقيل كرر الإشارة للدلالة على أن ما لحقهم كما هو بسبب الكفر والقتل فهو
بسبب ارتكابهم المعاصي، واعتدائهم حدود الله – تعالى -“, وقال الله – تبارك وتعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَامُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} , وقال الله – تبارك وتعالى -: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ}
, وقال – سبحانه -: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} , وقد توعد الله – تبارك وتعالى – القاسية قلوبهم بالعذاب فقال – جل وعلا -: {أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}
-اليهود مراوغون: وقصة الذبح التي تحدثت عنها سورة البقرة خير دليل، يقول الحق سبحانه: (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ) ([42]).
وبيان ذلك: أن من صفاتهم القبيحة أنهم متعنتون, يكثرون الأسئلة والاستفسارات، ومن أمثلة لذلك ما ذكره الله – تبارك وتعالى – في محكم التنزيل عما وقع بين موسى – عليه السلام – وبين قومه عندما أمرهم أن يذبحوا بقرة, فقالوا: أتتخذنا هزواً, ثم قالوا: ما هي, ما لونها {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَامُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرونَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} , وقالوا لموسى – عليه السلام -: {وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً} تعنتاً وعناداً, وقالوا له كما أخبر الله – تبارك وتعالى – بذلك: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ
الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ).
-اليهود حاسدون: يقول الله جل وعلا: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) ([43]).
و من صفات المؤمنين الرحمة والتعاطف بعضهم يعطف على بعض، ويحبون الخير لبعضهم بخلاف اليهود فإنهم يتصفون بحقدهم على المسلمين، وعلى كل صاحب نعمة وذلك لحديث عائشة – رضي الله عنها -: عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين)).
-اليهود متحايلون: يقول الله سبحانه وتعالى: (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ، فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) ([44]).
ويقول الله عز وجل: (وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزَيِدُ الْمُحْسِنِينَ، فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ) ([45]).
-اليهود محرفون: يقول الباري سبحانه وتعالى: (مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) ([46]).
ويقول جل جلاله: (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) ([47]).
-اليهود أحرص الناس على حياة: لقد تميز اليهود بشدة حرصهم على الحياة، يقول الله سبحانه:) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) ; ([48]).
ويقول جلت عظمته (قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) ([49]).
ويقول الله تقدست كلماته (قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) ([50]).
-اليهود متخصصون في الكذب على الله: لقد “عبر القرآن الكريم عن أخلاقهم السقيمة وأنماط سلوكهم الأثيمة مع الشعوب الأخرى، ومع أنبيائهم ومع أنفسهم، حتى تجرؤوا بقولهم المقيت على الله، فسجل القرآن لهم هذا القول والسلوك” ([51]).
إن جرأة شياطين اليهود على الله لا نهاية لها، “فهم لا يستكبرون على الخلق فقط ويعتبرونهم كالكلاب، بل تكبروا على الله عز وجل، وعلى أنبيائه. في يدنا الخبر الصدق عن ذلك في القرآن الكريم إذ حكى الله قولهم” ([52]).
يقول الله تقدست أسماؤه: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) ([53]).
ويقول عز من قائل: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) ([54]).
ويقول الله تعالى وتقدس: (;لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) ([55]).
ومن الطوام التي جاءت في كتابهم المقدس؛ أنهم يتهمون الله بالتجسيد ويمثلونه بالبشر:” كجبار يخرج. كمحارب ينهض الغيرة يصيح صيحة حرب، ويقوى على أعدائه.
قد لزمت الصمت طويلا. سكتُّ وضبطت نفسي. كالمرأة التي تلد أئن وألهث وأشهق معا” ([56]). تعالى الله وتقدس عما يقول المفترون علوا كبيرا.
وفي كتبهم الطوام وكثير من الإجرام، وفي تلمودهم ما لا يعد ولا يحصى من الادعاءات والكذب والجحود والشيطنة. (أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ) ([57]).
-اليهود متخصصون في التكذيب على أنبيائهم وتشويه صورتهم ([58]): إن الشيطان يُسَنِّي لليهود طرقه ليتبعوا عَقِبَهُ، فتبعوه شبرا بشبر وباعا بباع حتى دخلوا معه في دهاليزه، وأتقنوا مَهنته، فأمدهم بالجنود تنصب معهم الشراك، وتدس معهم الدسائس، وتمدهم بالحيل … فلما دعاهم أنبياؤهم ورسلهم إلى الطريق المستقيم لم تستقم لهم قناة؛ بل عبدوا الطاغوت وعتوا عما نهوا عنه وشوهوا صور أنبيائهم وكذبوا عليهم، وافتروا عليهم افتراء عظيما، وقالوا فيهم بهتانا وإثما مبينا. لقد اتهموا أنبياءهم بالفساد والظلم والقتل والكذب …
ولعل مما يلفت النظر وينم عن الخطر أن نجد في كتبهم تأصيلا لأكاذيبهم وحيلهم، جاء في تلمودهم:”يجوز لليهودي أن يلجأ إلى الأكاذيب (الحيل) لكي يراوغ أمميا” ([59]).
وهكذا، فاليهود “ضالون يكذبون بالحق وبالذي جاء به، وذلك الكفر والتكذيب منهم موقف أصيل ثابت، وقرار جاهز نافذ، فما أن يأتيهم حتى يكفروا به، وما أن يأتيهم الرسول بالحق حتى يكذبوا به” ([60]).
يقول الله عز اسمه: (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ) ([61]).
ويقول الباري جل شأنه: (لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ) ([62]).
ومما لا جدال فيه أنه ليست هناك أمة تنسب إلى الأنبياء ما ينسبه هؤلاء الأنذال الكفرة إخوان القردة.”فاعجبوا لوغادة هؤلاء الأوباش، ولرذالة هؤلاء الأنذال، الممتنين على ربهم عز وجل، المستخفين به وبملائكته وبرسله. وتالله ما بخسهم ربهم حظهم، وما حقهم إلا الخزي في الدنيا، والخلود في النار في الآخرة، وهو تعالى موفيهم نصيبهم غير منقوص” ([63]).
-اليهود متخصصون في أكل الربا والحرام والسحت: وهذه من صفاتهم التي لا تتغير ولا تتبدل، يقول الله عز سلطانه: (وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ([64]).
ويقول الحق تقدست كلماته: (لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْأِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) ([65]).
لا يبالون في سبيل جمع المال بشيء من الدين أو الأخلاق، أو حرمة الأعراض، فهم عبّاد المال أينما وجد، وبأي طريقة اكتسب؛ حلالاً أو حراماً، ولما كانوا يساكنون المسلمين في البلاد الإسلامية منذ القدم (قبل أن يحتلوا بلاد فلسطين ليكوِّنوا لهم دولة) نشروا الربا بين المسلمين، وأغروهم بمكاسبه الكبيرة، فتبعهم من ضعُفَ إيمانُه وخلقُه من المسلمين – ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم – قال الله – تبارك وتعالى -: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} , وقال سبحانه: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} , وقال – سبحانه جل وعلا -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَاكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}
-اليهود أجبن خلق الله ملعونون على ألسنة أنبيائهم: وصف القرآن الكريم والذكر الحكيم اليهود بالجبن، والجبان من صفاته الغدر والخيانة ليعوض بذلك عمّا ينقصه من شجاعة.
يقول الله جل شأنه: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) ([66]).
ويقول الله جل جلاله: (لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَاسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) ([67]). فالغشاوة المضروبة على قلوبهم، “وقسوتهم تدفعهم للقتال، يستميتون فيه كما نشاهد في عصرنا، لكن الهلع الآتي من مرض القلب وخوائه من الإيمان تجعل الواحد منهم أشد الناس خوفا وأعجزهم عن المواجهة إلا إن كان في عُصبة من قومه ووراء حصن من حجر، كما كان في العهود السابقة، أو حصن من فولاذ يدبُّ في الأرض أو يطير في السماء” ([68]).
وفي قصتهم مع كليم الله موسى عبرة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فقد أمرهم بالجهاد فتقاعسوا وجبنوا، يقول الحق سبحانه وتعالى: (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ، قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ، قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) ([69]).
لما طلب منهم –من اليهود- نبيهم المرافَدة قعدوا عن نصرته، وتثاقلوا في إجابته، ودارت أعينهم كأنهم من الموت في غرة، ومن الذهول في سكرة.
- فجبنهم, وحبهم الحياة، وحرصهم عليها: فاليهود من أجبن خلق الله – تبارك وتعالى – على الإطلاق، ومن تتبع التاريخ عرف حقيقتهم, فقد كانوا يتحصنون في الحصون المنيعة خوفاً من المسلمين، وروي ابن جرير الطبري – رحمه الله – بسنده عن قتادة قال: “تجد أهل الباطل مختلفة شهادتهم، مختلفة أهواؤهم، مختلفة أعمالهم، وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق”, وقال الحافظ ابن كثير – رحمه الله -: “أي: تراهم مجتمعين فتحسبهم مؤتلفين، وهم مختلفون غاية الاختلاف”؛
قال أبوجعفر محمد بن جرير الطبري – رحمه الله -: “وهذا خبر من الله – جل ذكره – عن قول الملأ من قوم موسى لموسى إذ رغبوا في جهاد عدوهم، ووعدوا نصر الله إياهم إن هم ناهضوهم، ودخلوا عليهم باب مدينتهم؛ أنهم قالوا له:”إنا لن ندخلها أبداً” يعنون: إنا لن ندخل مدينتهم أبداً”؛ وقال الشيخ السعدي – رحمه الله -: “فما أشنع هذا الكلام منهم، ومواجهتهم لنبيهم في هذا المقام الحرج الضيق الذي قد دعت الحاجة والضرورة إلى نصرة نبيهم، وإعزاز أنفسهم”, وقال – سبحانه – حاكياً حالهم وحبهم للحياة، وخوفهم من الموت: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}
فجبنهم وخوفهم وذلهم كره إليهم القتال والجهاد، ورغَّبهم في التخلق والتقاعس والاستسلام ([70]).
-سوء فعال اليهود تركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
اغتروا بطول الإمهال فارتكبوا قبيح الأعمال، فكانت لهم سنة الله -التي لا تحابي أحدا- بالمرصاد.
يقول جلت عظمته: (كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ) ([71]).
ومن المعلوم أن الأمر بالمعرف والنهي عن المنكر فيه حياة الأمم، وصلاح الحال والمجتمع, وذلك لأنه إذا وجدت المنكرات في المجتمع من غير أن يوجد من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؛ فإن ذلك يؤدي إلى فساد المجتمع بأكمله, وجعل الله – تبارك وتعالى – الخيرية لهذه الأمة وذلك لأمرها بالمعروف، ونهيها عن المنكر قال الله – تبارك وتعالى -: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} , لكن اليهود بخلاف هذه الأمة تركوا الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فاستحقوا بذلك غضب الله – تبارك وتعالى – عليهم، ولعنهم
-اليهود لا ينتفعون بهدي: يقول الحق سبحانه: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ([72]).
-إعراضهم عن شريعة الله:
يقول الحق جل وعلا: (وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ) ([73]).
وما ذكره سبحانه وتعالى في الآية الكريمة السابقة أدل ما يدل على أن قلوبهم مألوسة فهم لا يعقلون ولا يدبرون ولا يفقهون، قمصتهم الدنيا بأرجلها، وقنصتهم بأحبُلها، وأقصدتهم بأسهمها. أشرطوا أنفسهم، وأوبقوا دينهم لحطام ينتهزونه، أو لغرض دنيوي يستجلبونه .. ، فهم يركضون وراء غرور حائل، وضوء آفل، وظل زائل، وسِنَاد مائل، نسوا الله فنسيهم، ونبذوا شريعته وراء ظهورهم؛ فديِّثُو بالصَّغار والقَمَاءَة، وضرب على قلوبهم بالأَسْدَاد.
-اليهود أشد عداوة للمؤمنين: لقد كانت جماعة اليهود معارضة للحق معادية له، فالعداوة بهم معصوبة سواء جهروا بها، إن واتتهم فرصة المجاهرة، أو أضمروها، وتحركوا في السر، يتآمرون ويدسون ويخربون ..
يقول الحق جل وعلا: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) ([74]).
-اليهود متخصصون في إثارة الفتن وإشعال الحروب:
لقد شهد القرآن الكريم بوجود اليهود خلف كل “عنف جهنمي، وخلف كل كراهية للإنسانية، وخلف كل قساوة قلب مدمرة وتآمر دنيء مفلسف أو ساذج حقيقة شهد بها الله خالق كل شيء في كتابه، وشهدت بها سيرة سيدنا محمدوجماعته المباركة، وتشهد بها نصوص اليهود أنفسهم” ([75]).
وقد ذكرهم القرآن بأقبح صفاتهم وأشنعها، فهم من يثير الحروب والفتن بين الجماعات، يقول الباري سبحانه وتعالى: (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) ([76]).
فتاريخهم الطويل “مرتبط بالتخطيط الإجرامي، وحوك الدسائس، والاستهانة بجميع المقدسات والقيم، وفي تاريخهم انتصارات مؤقتة، ذات نهايات تعيسة، أقلها الهزيمة والتشرد” ([77]).
وتاريخهم الأسود يشهد على جرائمهم وعِدائهم، إذ هم “أول من واجه الدعوة الإسلامية بالعداء والكيد والحرب في المدينة وفي الجزيرة العربية كلها ( … )، لقد كانوا حربا على الجماعة المسلمة منذ اليوم الأول، فهم الذين احتضنوا النفاق والمنافقين في المدينة وأمدوهم بوسائل الكيد للإسلام والمسلمين ( … )، وهم الذين حرضوا المشركين وواعدوهم وتآمروا معهم على الجماعة المسلمة، وهم الذين تولوا حرب الإشاعات والدس والكيد في الصف المسلم، كما تولوا بث الشكوك والشبهات والتحريفات حول العقيدة، وحول القادة، وذلك كله قبل أن يسفروا بوجههم في الحرب المعلنة الصريحة” ([78]). أضف إلى ذلك أن تاريخهم حافل بسلسلة طويلة من أعمال الإرهاب والإبادة الجماعية.
-اليهود غادرون وماكرون وخداعون: إن النفسية اليهودية تنطوي على مكر شديد، وغدر بالغ، وحقد أسود متأجج، فهي تكره كل الأمم غير اليهودية وتهدف إلى استئصال كل من على الأرض والقضاء على جميع بني الإنسان؛ لأنها لا تريد الحياة إلا لنفسها، ولم يعرف التاريخ أمة حاقدة كاليهود ولا أسرع نقضا للعهود مثلهم، ولقد اكتوى العالم بنار حقد اليهود ومكرهم وغدرهم وخيانتهم؛ فكثير من الحوادث المؤلمة والوقائع الشنيعة تحركها الأيدي اليهودية الحاقدة تحت جنح الظلام والناس نيام.
وصدق الله تبارك وتعالى:] يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ [([79]).
ولا أدل على غدرهم من قصة تلك المرأة اليهودية التي غدرت برجل فقتلته، وهي مذكورة في كتابهم المقدس، الذي جاء فيه، أن رجلا “فيما هو نائم مسترخ أخذت ياعيل وتدا وأمسكت المطرقة بيدها واقتربت منه بهدوء وضربت الوتد في صدغه حتى غرَزَ في الأرض، فمات” ([80]).
قتلته وغدرت به بعدما أعطته له من وعود وعهود، وقد ذكر الكتاب السابق القصة بأكملها ([81]).
حتى تاريخهم شاهد عليهم أنهم لم يسلموا، ولم يخضعوا بالطاعة لنبي واحد بعث فيهم.
فالغدر من خلائقهم، كما غدرت تلك المرأة بذاك الرجل المذكور في كتابهم، فقد حاولوا أن يغدروا بسيد الوجود، وفكروا ودبروا بأن يلقوا صخرة عليه لينتهي أمره، لكن هيهات! ووعد الله بحفظه ثابت لا يتبدل ولا يتغير] وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [([82]).
وهكذا نجد أن “اليهود طراز خاص من البشر، ذوو صفات معينة، وإمكانيات خاصة، وكان لهم دور مخزي في جميع الأحداث التاريخية، فهم مشوشو العالم ومسببو آلامه وويلاته. ولكن نتائج أعمالهم تصيبهم هم دائما أكثر من غيرهم ولم يكن النجاح حليفهم في مختلف مراحل حياتهم، رغم نجاحهم المؤقت في كثير من الأحيان، وذلك يعود إلى أنهم صنف خاص من البشر، يعتبر نشازا في نسق البشرية الطبيعي” ([83]).
وعلى الرغم من ذلك فإن تاريخ إخوان القردة حافل بالطرق التي استعملوها لهدم دين الإسلام، والتخلص من صاحب الرسالة العصماء، فأخلاقهم دقاق وعهدهم شقاق، فهم حيات صم، وحجارة خُشْن، فهم ينثالون على الإسلام من كل جانب ليمزقوه ويجعلوه أثرا بعد عين؛ لكن هيهات .. أن ينالوا منه شيئا! فالله قاهر من عازَّه ومدمر من شاقَّه، ومذل من ناوأه، وغالب من عاداه.
-اليهود يحقرون باقي الأمم: يقول الحق سبحانه:] وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ [([84]).
فاليهود يعتقدون أنهم “شعب الله المختار”، وغيرهم أحجار على رقعة الشطرنج. فهم ينظرون إلى باقي الأجناس على أنهم دونهم وأقل منهم، وهم يحقرون باقي الأمم.
جاء في كتابهم المقدس:” لا تذكروا الأوليات، ولا تتأملوا في القديمات. هأنذا صانع شيئا جديدا. الآن ينبت. أفلا تعرفونه؟ أجعل البرية طريقا وفي القفر أنهارا. يمجدني وحش الحقل. بنات آوى والنعام. لأني أجعل ماء في البرية. وأنهارا في القفر. كي أسقي شعبي، مختاري. الشعب الذي جبلته لنفسي، ليحدثوا بتسبيحي” ([85]).
وجاء كذلك في كتابهم المذكور:”وأما أنتم فجنس مختار، كهنوت ملكي، أمة مقدسة، شعب اقتناء، لتعلنوا فضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب” ([86]).
ومن الترهات الواردة في تلمودهم قولهم:”نحن شعب الله في الأرض، وقد أوجب علينا أن يفرقنا لمنفعتنا ذلك أنه لأجل رحمته ورضاه عنا سخر لنا الحيوان الإنساني وهم كل الأمم والأجناس سخرهم لنا، لأنه يعلم أننا نحتاج إلى نوعين من الحيوان: نوع أخرس كالدواب والأنعام والطير، ونوع ناطق كالمسيحيين والمسلمين والبوذيين وسائر الأمم من أهل الشرق والغرب، فسخرهم لنا ليكونوا في خدمتنا وفرقنا في الأرض لنمتطي ظهورهم ونمسك بعناقهم” ([87]).
هكذا يعتقدون، ويرشدون أتباعهم إلى ذلك، ويزرعون في قلوبهم الحقد والبغضاء والعداوة لكل من ليس يهوديا.
-اليهود مخادعون ومخاتلون: وإذا أرادوا التملص من شيء أوجدوا له مبرراته، ولعل أدق تعبير في وصف اليهود قوله تعالى وتقدس: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ، اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) ([88])، وقوله عز سلطانه:) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلا تَاسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) ([89]).
وقد نص كتابهم على أنهم فصيلة شريرة، جاء في كتابهم:”وكلم الرب موسى وهرون فقال: إلى متى أحتمل هؤلاء القوم الأشرار يلقون اللوم علي؟ سمعت لوم بني إسرائيل لك فقل لهم: حيٌّ أنا يقول الرب سأصنع بكم كما تكلمتم على مسامعي ففي هذه البرية تسقط جثتكم” ([90]).
وفي موضع آخر جاء فيه:”ففعل بنو إسرائيل الشر في عيني الرب ( … ) فغضب الرب على بني إسرائيل، فسلمهم إلى أيدي الناهبين فنهبوهم … فكانوا حيثما خرجوا للحرب تكون يد الرب عليهم لشرهم … فأقام عليهم قضاة فخلصوهم من أيدي الناهبين، ولقضاتهم أيضا لم يسمعوا، فخانوا الرب باتباع آلهة أخرى وسجدوا لها وحادوا سريعا عن الطريق … فاشتد غضب الرب عليهم … ” ([91]). فكلما خلصهم عادوا إلى الشر وهذه هي صفاتهم وهذه هي طبيعتهم، جبلوا على الشر والخديعة والمكر.
فاليهود “معدن بشري تركزت فيه كل معاني الجاهلية، وكل أسباب الفتنة، فهم الحضنة المتخصصون لداء الأمم، وهم المنتجون الرئيسون له، وهم موزعوه بما خصهم الله عز وجل به من عنده وبما أجرموا ويجرمون. خصهم الحكيم العليم بخزي الدنيا والآخرة، وتأذن عليهم في كتابه العزيز، إعلانا صارما متْلُواً إلى يوم القيامة” ([92]).
زرعوا الفجور، وسقوه الغرور، وحصدوا الثبور.] مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [([93]).
هؤلاء هم اليهود؛ خالفوا الحق، وخابطوا الغَيَّ، واتخذوا الشيطان لأمرهم مِلاَكاً، وفي خططهم ودسائسهم وزيرا ومستشارا، فاتخذهم له شركاء وأولياء وأحبابا وفلذة أكباد، فباض وفَرَّخ في غياهب نفوسهم، ودَبَّ ودرج في حجورهم، وجرى في دمهم، وتربع على عرش صدورهم، ونطق بالباطل على ألسنتهم، فركب بهم الزلل، وزَيَّن لهم الخطل، فأخذ منهم الباطل مأخذه، وركب منهم الخداع مركبه، وأصبح نكث العهود أحب إليهم من الماء البارد، فهم الذي تآخوا على المكائد، وتحابوا على الدسائس.] أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [([94]).
- هم أشد الناس عداوة للذين آمنوا: قال الله – تبارك وتعالى -: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوَا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} قال الإمام الطبري – رحمه الله تعالى -: “لتجدن يا محمد أشدَّ الناس عداوةً للذين صدَّقوك واتبعوك وصدّقوا بما جئتهم به من أهل الإسلام؛ اليهودَ والذين أشركوا”، وقال الحافظ ابن كثير – رحمه الله – في تفسير الآية: “ما ذاك إلا لأن كفر اليهود عناد وجحود، ومباهتة للحق، وغَمْط للناس، وتَنَقص بحملة العلم، ولهذا قتلوا كثيراً من الأنبياء، حتى هموا بقتل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – غير مرة، وسحروه، وألَّبوا عليهأشباههم من المشركين – عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة -“,
، وقال ابن سعدي – رحمه الله -: “فهؤلاء الطائفتان على الإطلاق أعظم الناس معاداة للإسلام والمسلمين، وأكثرهم سعياً في إيصال الضرر إليهم، وذلك لشدة بغضهم لهم، بغياً وحسداً، وعناداً وكفر”.
ومن شدة العداء أنهم يعرفون الحق لكنهم لا يتبعونه وهذا مصداق قول الله – جل وعلا -: {فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} , وقوله – تبارك وتعالى -: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ} , ولقد ورد في القرآن الكريم أنه من شدة عداوتهم للمؤمنين: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُوا نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَابَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} , و {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}
الغدر والخيانة: إن الغدر والخيانة صفتان قبيحتان يستقبحهما كل من كانت فطرته سليمة لم تشبها شائبة، لكن من أعظم الصفات التي يتصف بها اليهود – قبحهم الله – صفتا الغدر والخيانة, فهم خونة ينقضون المواثيق ويغدرون, ويخونون من ائتمنهم قال – تعالى -: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ} , وقال – تعالى -: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} , وقال – سبحانه -: {وَإِن يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} , وروى الإمام أبو داود السجستاني – رحمه الله – في سننه “أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يقبل الهدية، ولا يأكل الصدقة”، زاد “فأهدت له يهودية بخيبر شاة مصلية سمتها، فأكل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – منها، وأكل القوم، فقال: ((ارفعوا أيديكم فإنها أخبرتني أنها مسمومة))، فمات بشر بن البراء بن معرور الأنصاري، فأرسل إلى اليهودية: ((ما حملك على الذي صنعت؟)) قالت: إن كنت نبياً لم يضرك الذي صنعت، وإن كنت ملكاً أرحت الناس منك، فأمر بها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقتلت، ثم قال: في وجعه الذي مات فيه: ((ما زلت أجد من الأكلة التي أكلت بخيبر، فهذا أوان قطعت أبهري)) ”
– هم قوم مغرورون ومتكبرون: وهاتان الصفتان من أقبح الصفات, فالكبر وحده مانع من دخول الجنة كما جاء عن عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)) , ومن كبرهم أنهم قالوا: إنهم أبناء الله وأحباؤه كما قال الله – تبارك وتعالى -: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} , وقالوا: لا يدخل الجنة إلا من كان منهم كما قال الله – تبارك وتعالى -: {وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} , ومن كبرهم وغرورهم أنهم إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه ولم يستمعوا له كما أخبر الله – تبارك وتعالى – عنهم: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ}.
– قذفهم لمريم – عليها السلام -: فاليهود لقبح سرائرهم وقعوا في عرض مريم بنت عمران – عليها السلام – واتهموها بالزنا – عياذاً بالله – قال الله – تبارك وتعالى -: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً * يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً} , وقال – جل جلاله العظيم في سلطانه -: {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً * وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً} قالوا ذلك وهي المبرأة التقية، العابدة الزاهدة, كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً.
– تفرقهم واختلافهم: ومن صفاتهم أنهم تفرقوا إلى جماعات متعددة متناحرة, وما وقع ذلك الاختلاف والتفرق إلا بعد أن جاءهم العلم قال الله – تبارك وتعالى -: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} , وقال الله – تبارك وتعالى -: {وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ} , وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقة)) , وروي عن معاوية بن أبي سفيان – رضي الله عنهما – بلفظ: أنه قام فينا فقال: “ألا إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قام فينا فقال: ((ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين: ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة)).
– قلة أدبهم مع الله – تبارك وتعالى -، ومع أنبيائه، وأنهم قوم مفسدون: فهم من أخبث خلق الله، حيث قلَّ أدبهم مع الله – تبارك وتعالى – ومع أنبيائه فنسبوا إلى الله – تبارك وتعالى – الولد، وقالوا أن الله فقير قال الله – تبارك وتعالى -: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} , وقالوا: يد الله – تبارك وتعالى – مغلولة فقال الله – تبارك وتعالى -: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} , وقالوا: إن الله – تبارك وتعالى – فقير، ونحن أغنياء فقال الله – سبحانه -: {لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} , ومن قلة أدبهم مع الأنبياء ما فعله اليهود مع النبي – صلى الله عليه وسلم -، فقد كانوا يسلمون عليه فيقولون: السام عليك أي: الموت، قالت عائشة – رضي الله عنها – زوج النبي – صلى
الله عليه وسلم -: “دخل رهط من اليهود على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقالوا: السام عليكم، قالت عائشة – رضي الله عنها -: ففهمتها، فقلت: وعليكم السام واللعنة، قالت: فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((مهلاً يا عائشة، إن الله يحب الرفق في الأمر كله))، فقلت: يا رسول الله أو لم تسمع ما قالوا؟ قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((قد قلت: وعليكم))، وعن عائشة – رضي الله عنها – قالت: “كان على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثوبان قطريان غليظان، فكان إذا قعد فعرق ثقلاً عليه، فقدم بز من الشام لفلان اليهودي، فقلت: لو بعثت إليه فاشتريت منه ثوبين إلى الميسرة، فأرسل إليه فقال: قد علمت ما يريد، إنما يريد أن يذهب بمالي أو بدراهمي، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((كذب، قد علم أني من أتقاهم لله، وآداهم للأمانة))
– انعدام الحياء: الحياء من صفات المؤمنين، وهو من الإيمان، ولا يأتي إلا بخير فعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مرَّ على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((دعه فإن الحياء من الإيمان)). وعن عمران بن حصين – رضي الله عنه – قال: قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((الحياء لا يأتي إلا بخير)) , ومن قبح اليهود وخستهم أنهم ليس عندهم حياء لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة، ينظر بعضهم إلى بعض، وكان موسى يغتسل وحده، فقالوا: والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر، فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر، ففر الحجر بثوبه، فخرج موسى في إثره يقول: ثوبي يا حجر، حتى نظرت بنو إسرائيل إلى موسى، فقالوا: والله ما بموسى من بأس، وأخذ ثوبه، فطفق بالحجر ضرباً)) , فقال أبو هريرة – رضي الله عنه -: “والله إنه لندب بالحجر ستة أو سبعة ضرباً بالحجر”.
وبعد؛ فهذا غيض من فيض في الكشف عن بعض صفاتهم الدنيئة، وخططهم الماكرة، وأساليبهم الهدامة التي أوجبت عليهم سخط الله ورسوله والمؤمنين.
وبسبب قبائحهم وصفاتهم الخبيثة جعلهم الله Iمحل الغضب والعقاب وأزال عنهم المنافع بالكلية، وقضى عليهم بتسعة أشياء ذكرها في القرآن الكريم وجعلها من سنته في اليهود إلى يوم القيامة:
1 – الذلة؛ قال الحق سبحانه: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) ([95]).
2 – المسكنة؛ قال الله عز اسمه: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ) ([96]).
3 – المسخ؛ قال الباري جل وعلا: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ) ([97])، وقال الله جل ثناؤه: (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) ([98]).
4 – اللعنة؛ قال الله تعالى وتقدس: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً) ([99]).
5 – الغضب؛ قال الخالق جلت عظمته: (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ) ([100]).
6 – 7 – الإصر والأغلال؛ (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَامُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) ([101]).
8 – الجلاء والشتات (المنفى) وأن لا تقام لهم دولة ([102])؛ قال الحق جل ثناؤه: (وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ) ([103])، وقال عز سلطانه وتقدست كلماته: (وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا) ([104])) ([105]).
وهذه الحقيقة يعترف بها اليهود أنفسهم، يقول الناطق الرسمي باسم جماعة ناطوري كارتا ([106]) اليهودية التي أسست سنة 1935م، الحاخام “ديفد وايز”:”ممنوع لليهود أن يقيموا دولة ( … ) بسبب خطيآتنا ونقصنا وعيوبنا الروحية لذلك قال لنا الله أنتم كشعب سوف تعيشون في المنفى باعتبارها عقوبة عليكم من الله” ([107]).
9 – البغضاء بينهم؛ فالتفرق والتشرذم وعدم اجتماع كلمتهم، والعداوة بينهم، وشتاتهم في العالم، ماض في اليهود إلى وقت مجيء وعد الآخرة. وصدق الله تعالى القائل في كتابه العزيز: (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) ([108])، والقائل في محكم التنزيل: (وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) ([109]).
وعموماً فإن اليهود قد جمعوا كل صفة قبيحة فاتصفوا بها، وما ذكرناه سابقاً هو بعض الصفات التي اتصفوا بها – عليهم من الله تعالى ما يستحقون -, ولذلك استحقوا غضب الله – تبارك وتعالى – عليهم، ولعنه لهم، ومسخهم إلى قردة وخنازير، وكل ذلك بسبب مخالفتهم لأوامر الله – تبارك وتعالى -، وإيمانهم بالجبت والطاغوت, وبسبب توليهم الذين كفروا قال الله – تبارك وتعالى -: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ} , وقال سبحانه: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} , وقال الله – سبحانه -: {تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ} , وقال – جل وعلا -: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً}
فاليهود هم اللعنة المجسدة والمثل المضروب لنا في القرآن وفي سنة الله، وهكذا اقتضت سنة تسليط الله لبعض عباده على اليهود سنة مطردة تؤكدها الوقائع التاريخية، جزاءً وفاقا على سوء فعالهم، وعلوهم وفسادهم. يقول الباري جل في علاه: (;وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ، وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) ([110]).
رُغم ما نراه من علوهم وفسادهم، ورغم ما نراه لهم من أنصار، ورغم ما نزل بأمتنا من كرائه الأمور، وحَوازب الخطوب، فإن الله القادر جل وعلا سيبعث عليهم عبادا له أولي بأس شديد يسومونهم خسفًا، ويسوقونهم عنفاً، وينسفونهم في اليَمِّ نسفاً، ويقطعونهم إربا إربا. وما ذلك عليه بعزيز. (إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) ([111]).
بقي أن نشير ونحن نختم حديثنا عن صفات اليهود أن من عيوب هذه الأمة أنها تغفل عن سنة الله في كونه، فتضيع بذلك كنوزها، وتشتت جهودها.
فوعد الله آت، والله لا يخلف الميعاد. وإن غدا لناظره لقريب. (إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) ([112]).
—————————————————
([1]) سورة البقرة:105.
([2]) سورة البقرة:120.
([3]) سورة المائدة:58.
([4]) سورة المائدة:13.
([5]) سورة البقرة: 100.
([6]) سورة البقرة: 83.
([7]) سورة البقرة: 63 – 64.
([8]) سورة البقرة: 93.
([9]) سورة النساء:46.
([10]) سورة آل عمران:187.
([11]) سورة النساء:155.
([12]) سورة الأعراف:169.
([13]) سورة آل عمران:69.
([14]) سورة آل عمران:90.
([15]) سورة المائدة:77.
([16]) سورة البقرة:142.
([17]) سورة البقرة: 85.
([18]) سورة المائدة:62.
([19]) سورة المائدة:41.
([20]) سورة البقرة: 174.
([21]) سورة البقرة: 140.
([22]) سورة البقرة: 146.
([23]) سورة البقرة: 42.
([24]) سورة آل عمران:187.
([25]) سورة الأنعام:20.
([26]) سورة البقرة: 27.
([27]) سورة الرعد:25.
([28]) سورة آل عمران:99.
([29]) سورة المائدة:13.
([30]) سورة البقرة:88.
([31]) سورة البقرة:89.
([32]) سنة الله، للإمام عبد السلام ياسين، ص60.
([33]) سورة البقرة: 74.
([34]) سورة المائدة:13.
([35]) سورة النساء:155.
([36]) سورة المائدة:60.
([37]) سورة آل عمران:112.
([38]) سورة آل عمران:181.
([39]) سورة آل عمران:183.
([40]) سورة النساء: 155.
([41]) سورة المائدة: 70.
([42]) سورة البقرة: من الآية71.
([43]) سورة النساء: 54.
([44]) سورة البقرة: 58 – 59.
([45]) سورة الأعراف: 161 – 162.
([46]) سورة النساء: 46.
([47]) سورة البقرة: 75.
([48]) سورة البقرة: 96.
([49]) سورة البقرة:94 – 95.
([50]) سورة الجمعة: 6 – 7.
([51]) اليهود فتنة التاريخ، ص119.
([52]) سنة الله، ص143.
([53]) سورة التوبة: 30.
([54]) سورة المائدة: 64.
([55]) سورة آل عمران:181.
([56]) الكتاب المقدس، سفر إِشَعْيا، الإصحاح: 42، الفقرة: 13و14.
([57]) سورة الأنعام: من الآية31.
([58]) لبذاءة أسلوبهم في إلصاق البغي والفساد والخطيئة بأنبيائهم حاولت أن لا أقتطف شيئا من ذلك الدنس من كتابهم، لكن أحيل على بعض النصوص الواردة في كتابهم المقدس، انظر مثلا في اتهامهم لسيدنا يعقوب عليه الصلاة والسلام. بالخطيئة والمعصية في سفر إشعيا، الإصحاح: 42، الفقرة: 24و 25. والإصحاح: 43، الفقرات: 22 – 28. واتهامهم لسيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام باتباع آلهة أخرى بسبب حبه للنساء، وأن الله قد غضب عليه بسبب معصيته وخطيئته فانتزع منه شيئا من مملكته: سفر الملوك الأول، الإصحاح: 11، الفقرات: 1 – 43. إلى غير ذلك من الترهات والأباطيل والافتراءات التي يلصقونها بأنبيائهم.
([59]) التلمود كتاب اليهود المقدس، أحمد إيبش، ص395.
([60]) مع قصص السابقين في القرآن، ص88.
([61]) سورة البقرة: من الآية87.
([62]) سورة المائدة:70.
([63]) توراة اليهود والإمام ابن حزم الأندلسي، ص545.
([64]) سورة المائدة:62.
([65]) سورة المائدة: 63.
([66]) سورة المائدة: 78.
([67]) سورة الحشر: 14.
([68]) سنة الله، ص59.
([69]) سورة المائدة:21 – 24.
([70]) على الأئمة أن ترجع لدينها وتماسكها فحينها سيرفعون راية الجهاد ضد من اعتدى على مقدراتهم واراضيهم
([71]) سورة المائدة: 79 – 80.
([72]) سورة الجمعة:5.
([73]) سورة المائدة:61.
([74]) سورة المائدة: 82.
([75]) سنة الله، ص310.
([76]) سورة المائدة: من الآية64.
([77]) بروتوكولات حكماء صهيون، ص34.
([78]) العقيدة اليهودية وخطرها على الإنسانية، ص52 – 125، باختصار شديد.
([79]) سورة البقرة:9.
([80]) الإصحاح:4، الفقرة:21.
([81]) الإصحاح:4، الفقرات: 17 – 22.
([82]) سورة المائدة: من الآية67.
([83]) أحجار على رقعة الشطرنج، ص358.
([84]) سورة البقرة:13.
([85]) سفر إشعيا، الإصحاح: 43، الفقرات: 18 – 21.
([86]) رسالة بطرس الأول، الإصحاح: 2، الفقرة: 9.
([87]) إسرائيل والتلمود دراسة تحليلية، ص80.
([88]) سورة البقرة: 14 – 15.
([89]) سورة المائدة:68.
([90]) سفر العدد، الإصحاح 14، الفقرات:27 – 29.
([91]) سفر القضاة، الإصحاح 2، الفقرات:11 – 23، والإصحاح3، الفقرات: 7 – 14.
([92]) سنة الله، ص66.
([93]) سورة فصلت:46.
([94]) سورة آل عمران:87.
([95]) سورة آل عمران: 112.
([96]) سورة البقرة: من الآية 61.
([97]) سورة البقرة: 65.
([98]) سورة المائدة: 60.
([99]) سورة المائدة: 13.
([100]) سورة البقرة: 90.
([101]) سورة الأعراف: من الآية 157.
([102]) كتب الله الجلاء على اليهود، وأن لا تقام لهم دولة؛ لقوله تعالى: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) ; (آل عمران: 55). فإذا قامت لهم دولة -كما نرى اليوم في فلسطين السليبة-، فإن ذلك سيكون سببا لهزيمتهم وإهلاكهم واستئصالهم وتحقق وعد الله –وعد الآخرة- فيهم. وسيأتي التفصيل في هذا في بحث قادم إن شاء الله.
([103]) سورة الحشر: 3.
([104]) أي فرقناهم في الأرض. المحرر الوجيز لابن عطية، 2/ 471.
([105]) سورة الأعراف: من الآية 168.
([106]) ناطوري كارتا: معناها بالعربية: “حراس المدينة”.
([107]) (ناطوري كارتا ومستقبل إسرائيل)
([108]) سورة الحشر: من الآية14.
([109]) سورة المائدة: من الآية64.
([110]) سورة الأعراف:167 – 168.
([111]) سورة آل عمران: من الآية47.
([112]) سورة الطلاق: من الآية3.
ـــــــــ