1534 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة الديني
وشارك إبراهيم البلوشي وأبوعيسى البلوشي وفيصل
بالتعاون مع السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——-‘——–‘——–
الصحيح المسند
1534 – قال الإمام أبو داود رحمه الله: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن أم حبيبة
أنها كانت عند ابن جحش فهلك عنها وكان فيمن هاجر إلى أرض الحبشة فزوجها النجاشي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي عندهم.
هذا حديث صحيح على شرط البخاري.
* قال الإمام أبو داود رحمه الله: حدثنا حجاج بن أبي يعقوب الثقفي حدثنا معلى بن منصور حدثنا ابن المبارك حدثنا معمر عن الزهري عن عروة عن أم حبيبة
أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش فمات بأرض الحبشة فزوجها النجاشي النبي صلى الله عليه وسلم وأمهرها عنه أربعة آلاف وبعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شرحبيل ابن حسنة.
قال أبو داود حسنة هي أمه.
هذا حديث صحيح.
………………………………………..
وسُئِل الدارقطني في العلل (4027) عَن حَدِيثِ عُروَة بنِ الزُّبَيرِ، عَن أُمِّ حَبِيبَة، أَنَّها كانَت تَحت عُبَيدِ الله بنِ جَحشٍ، وكان رَحَل إِلَى النَّجاشِيِّ فَمات، وأَنّ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلم تَزَوَّج أُمّ حَبِيبَة، وأَنَّها بِأَرضِ الحَبَشَةِ، زَوَّجَها إِيّاهُ النَّجاشِيُّ، ومَهَرَها أَربَعَة آلافِ دِرهَمٍ، ولَم يُرسِل إِلَيها رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلم أَربَعَمِئَةِ دِرهَمٍ.
فَقال: يَروِيهِ الزُّهْرِيُّ، واختُلِف عَنهُ؛ فَرَواهُ معمر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَن عُروَة، عَن أُمِّ حَبِيبَة؛
وَخالَفَهُ عَبد الرَّحمَنِ بن خالِدِ بنِ مُسافِرٍ؛
فَرَواهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَن عُروَة، مُرسَلاً، والمُرسَلُ أَشبَهُها بِالصَّوابِ.
وانظر: تحقيق مسند أحمد (45/ 398)
قال الحافظ في الإصابة (8/ 140): رملة بنت أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس الأموية «2»، زوج النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، تكنى أم حبيبة، وهي بها أشهر من اسمها، وقيل: بل اسمها هند، ورملة أصحّ، أمها صفية بنت أبي العاص بن أمية.
ولدت قبل البعثة بسبعة عشر عاما، تزوّجها حليفهم عبيد اللَّه، بالتصغير، ابن جحش ابن رئاب بن يعمر الأسدي، من بني أسد بن خزيمة، فأسلما، ثم هاجرا إلى الحبشة، فولدت له حبيبة فبها كانت تكنى. وقيل: إنما ولدتها بمكة وهاجرت وهي حامل بها إلى الحبشة.
وقيل: ولدتها بالحبشة وتزوج حبيبة داود بن عروة بن مسعود، ولما تنصر زوجها عبيد اللَّه بن جحش، وارتد عن الإسلام فارقها.
فأخرج ابن سعد من طريق إسماعيل بن عمرو بن سعيد الأموي، قال: قالت أم حبيبة:
رأيت في المنام كأنّ زوجي عبيد اللَّه بن جحش بأسوإ صورة، ففزعت فأصبحت فإذا به قد تنصر، فأخبرته بالمنام فلم يحفل به وأكبّ على الخمر حتى مات. فأتاني آت في نومي، فقال: يا أمير المؤمنين، ففزعت فما هو إلا أن انقضت عدتي، فما شعرت إلا برسول النجاشي يستأذن، فإذا هي جارية له يقال لها أبرهة، فقالت: إن الملك يقول لك: وكلي من
يزوجك. فأرسلت إلى خالد بن سعيد بن العاص بن أمية فوكلته، فأعطيت أبرهة سوارين من فضة، فلما كان العشي أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب فحمد اللَّه وأثنى عليه وتشهد، ثم قال: أما بعد فإن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم كتب إليّ أن أزوجه أم حبيبة فأجبت، وقد أصدقتها عنه أربعمائة دينار، ثم سكب الدنانير، فخطب خالد، فقال: قد أجبت إلى ما دعا إليه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وزوجته أم حبيبة، وقبض الدنانير، وعمل لهم النجاشي طعاما، فأكلوا.
قالت أم حبيبة: فلما وصل إليّ المال أعطيت أبرهة منه خمسين دينارا، قالت: فردّتها علي، وقالت: إن الملك عزم علي بذلك، وردّت على ما كنت أعطيتها أولا، ثم جاءتني من الغد بعود وورس وعنبر وزباد «1» كثير، فقدمت به معي على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم.
وروى ابن سعد أن ذلك كان سنة سبع، وقيل كان سنة ست، والأول أشهر.
ومن طريق الزهري أنّ الرسول إلى النجاشي بعث بها مع شرحبيل بن حسنة. ومن طريق أخرى أن الرسول إلى النوأخرج ابن سعد، من طريق عوف بن الحارث، عن عائشة، قالت: دعتني أم حبيبة عند موتها، فقالت: قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فتحللينني من ذلك فحللتها، واستغفرت لها، فقالت لي: سررتني سرّك اللَّه، وأرسلت إلى أم سلمة بمثل ذلك، وماتت بالمدينة سنة أربع وأربعين، جزم بذلك ابن سعد، وأبو عبيد. وقال ابن حبان، وابن قانع:
سنة اثنتين. وقال ابن أبي خيثمة: سنة تسع وخمسين، وهو بعيد. واللَّه أعلم. جاشي بذلك كان عمرو بن أمية الضمريّ. اهـ
ضعف أحد الباحثين قصة تنصر عبيد الله بن حجش لأمور:
1 – أنها لم تُروَ بسند صحيح متصل، فالموصول من طريق الواقدي، والمرسل جاء عن عروة بن الزبير، ولا يمكن أن تحتج بالمرسل (عند من يرى الاحتجاج به) في مسألة كهذه، فيها الحكم على أحد السابقين الأولين بالردة.
2 – أن الروايات الصحيحة في زواجه – صلى الله عليه وسلم -بأم حبيبة لم تذكر ردة زوجها السابق، كما في الرواية السابقة عند أحمد وأبي داود والنسائي.
3 – أنه يبعد أن يرتدّ أحد السابقين الأولين للإسلام عن دينه، وهو ممّن هاجر فرارًا بدينه مع زوجه إلى أرض بعيدة غريبة. خاصة أن عبيد الله بن جحش ممن هجر ما عليه قريش من عبادة الأصنام، والتماسه مع ورقة، وغيره الحنيفية- كما في رواية ابن إسحاق (بدون سند) الواردة أول هذا البحث – وفي رواية ابن سعد (عن الواقدي) أنه كان قد دان بالنصرانية قبل الإِسلام، ومعلوم أن البشارة ببعثة الرسول – صلى الله عليه وسلم – كانت معروفة عند أهل الكتاب من يهود ونصارى، فكيف يتصور من رجل يترقب الدين الجديد أن يعتنقه ثم يرتد عنه لدين منسوخ؟ كما أن زواج النبي – صلى الله عليه وسلم – بأمِّ حبيبة كان في سنة ست، وقيل سبع، وردة عبيد الله المزعومة قبل ذلك بفترة وهي مرحلة كان الإِسلام قد علا فيها وظهر حتى خارج الجزيرة العربية، بل أصبح هناك من يظهر الإِسلام ويبطن الكفر، كحال المنافقين.
4 – في حوار هرقل مع أبي سفيان -وكان إذ ذاك مشركًا – أن سأله ضمن سؤالاته: “هل يرتدّ أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فأجاب أبو سفيان: لا” ولو كان عبيد الله قد تنصر لوجدها أبو سفيان فرصة للنيل من النبي – صلى الله عليه وسلم – ودعوته. كما فعل لما سُئل “فهل يغدر؟ قلت: لا، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها. قال: ولم تمكني كلمة أُدخل فيها شيئًا غير هذا الكلمة (22) ” ولا يمكن القول بأن أبا سفيان لم يعلم بردة عبيد الله – لو صحت ردته – لأنه والد زوجه أم حبيبة.
وبعد، فالمسألة متعلقة بأحد أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، بل ومن السابقين الأولين، والأصل بقاء ما كان على ما كان، فإن صحّ السند بخبر ردته فلا كلام، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، أما والسند لم يثبت فإن نصوص الشريعة حافلة بالذبّ عن عرض المسلم، فكيف إذا كان هذا المسلم صحابيًا بل ومن السابقين؟.
تتمة: وقد أخرج ابن حبان في صحيحه (23)، قال: حدثنا سعيد بن كثير بن عفير قال حدثنا الليث عن ابن مسافر عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: “ثم هاجر عبيد الله بن جحش بأم حبيبة بنت أبي سفيان وهي امرأته إلى أرض الحبشة، فلما قدم الحبشة مرض، فلما حضرته الوفاة أوصى إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فتزوج رسول الله أم حبيبة، وبعث معها النجاشي شرحبيل بن حسنة”.اهـ (ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية، تَألِيفُ محمَّد بن عَبد الله العوشن)
قلت: سبق أن ذكرنا تصويب الدراقطني لهذه الرواية وترجيحه الارسال.
قال ابن القيم رحمه الله في ” تهذيب السنن ” (1/ 287): هَذَا هُوَ الْمَعْرُوف الْمَعْلُوم عِنْد أَهْل الْعِلْم , أَنَّ الَّذِي زَوَّجَ أُمّ حَبِيبَة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ النَّجَاشِيّ فِي أَرْض الْحَبَشَة , وَأَمْهَرَهَا مِنْ عِنْده , وَزَوْجهَا الْأَوَّل الَّتِي كَانَتْ مَعَهُ فِي الْحَبَشَة هُوَ عُبَيْد اللَّه بْن جَحْش بْن رِئَاب , أَخُو زَيْنَب بِنْت جَحْش زَوْج رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , تَنَصَّرَ بِأَرْضِ الْحَبَشَة , وَمَاتَ بِهَا نَصْرَانِيًّا , فَتَزَوَّجَ اِمْرَأَته رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَفِي اِسْمهَا قَوْلَانِ: أَحَدهمَا: رَمْلَة , وَهُوَ الْأَشْهَر , وَالثَّانِي. هِنْد , وَتَزْوِيج النَّجَاشِيّ لَهَا حَقِيقَة , فَإِنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا , وَهُوَ أَمِير الْبَلَد وَسُلْطَانه وَقَدْ تَأَوَّلَهُ بَعْض الْمُتَكَلِّفِينَ عَلَى أَنَّهُ سَاقَ الْمَهْر مِنْ عِنْده. فَأُضِيفَ التَّزْوِيج إِلَيْهِ! وَتَأَوَّلَهُ بَعْضهمْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ هُوَ الْخَاطِب وَاَلَّذِي وَلِيَ الْعَقْد عُثْمَان بْن عَفَّان , وَقِيلَ: عَمْرو بْن أُمَيَّة الضَّمْرِيّ. وَالصَّحِيح أَنَّ عَمْرو بْن أُمَيَّة كَانَ وَكِيل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ , بَعَثَ بِهِ النَّجَاشِيّ يُزَوِّجهُ إِيَّاهَا , وَقِيلَ: الَّذِي وَلِيَ الْعَقْد عَلَيْهَا خَالِد بْن سَعِيد بْن الْعَاصِ , اِبْن عَمّ أَبِيهَا.
وَقَدْ رَوَى مُسْلِم فِي الصَّحِيح مِنْ حَدِيث عِكْرِمَة بْن عَمَّار عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ: ” كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَا يَنْظُرُونَ إِلَى أَبِي سُفْيَان وَلَا يُقَاعِدُونَهُ , فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا نَبِيّ اللَّه , ثَلَاث أَعْطَيْتهنَّ قَالَ: نَعَمْ: قَالَ: عِنْدِي أَحْسَن الْعَرَب وَأَجْمَلهَا , أُمّ حَبِيبَة بِنْت أَبِي سُفْيَان , أُزَوِّجكهَا؟ قَالَ: نَعَمْ , قَالَ: وَمُعَاوِيَة تَجْعَلهُ كَاتِبًا بَيْن يَدَيْك. قَالَ: نَعَمْ , قَالَ: وَتَامُرنِي حَتَّى أُقَاتِل الْكُفَّار كَمَا كُنْت أُقَاتِل الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: نَعَمْ ” , وَقَدْ رَدَّ هَذَا الْحَدِيث جَمَاعَة مِنْ الْحُفَّاظ , وَعَدُّوهُ مِنْ الْأَغْلَاط فِي كِتَاب مُسْلِم , قَالَ اِبْن حَزْم: هَذَا حَدِيث مَوْضُوع لَا شَكَّ فِي وَضْعه , وَالْآفَة فِيهِ مِنْ عِكْرِمَة بْن عَمَّار , فَإِنَّهُ لَمْ يَخْتَلِف فِي أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا قَبْل الْفَتْح بِدَهْرٍ وَأَبُوهَا كَافِر , وَقَالَ أَبُو الْفَرَج بْن الْجَوْزِيّ فِي كِتَاب الْكَشْف لَهُ: هَذَا الْحَدِيث وَهْم مِنْ بَعْض الرُّوَاة , لَا شَكَّ فِيهِ وَلَا تَرَدُّد , وَقَدْ اِتَّهَمُوا بِهِ عِكْرِمَة بْن عَمَّار رَاوِيه , وَقَدْ ضَعَّفَ أَحَادِيثه يَحْيَى بْن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ , وَقَالَ: لَيْسَتْ بِصِحَاحٍ , وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل: هِيَ أَحَادِيث ضِعَاف , وَكَذَلِكَ لَمْ يُخَرِّج عَنْهُ الْبُخَارِيّ , إِنَّمَا أَخْرَجَ عَنْهُ مُسْلِم لِقَوْلِ يَحْيَى بْن مَعِين: ثِقَة.
قَالَ: وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ هَذَا وَهْم , لِأَنَّ أَهْل التَّارِيخ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ أُمّ حَبِيبَة كَانَتْ تَحْت عُبَيْد اللَّه بْن جَحْش , وَوَلَدَتْ لَهُ , وَهَاجَرَ بِهَا وَهُمَا مُسْلِمَانِ إِلَى أَرْض الْحَبَشَة , ثُمَّ تَنَصَّرَ , وَثَبَتَتْ أُمّ حَبِيبَة عَلَى دِينهَا , فَبَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّجَاشِيّ يَخْطُبهَا عَلَيْهِ , فَزَوَّجَهُ إِيَّاهَا , وَأَصْدَقَهَا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم , وَذَلِكَ سَنَة سَبْع مِنْ الْهِجْرَة , وَجَاءَ أَبُو سُفْيَان فِي زَمَن الْهُدْنَة فَدَخَلَ عَلَيْهَا , فَنَحَّتْ بِسَاط رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى لَا يَجْلِس عَلَيْهِ , وَلَا خِلَاف أَنَّ أَبَا سُفْيَان وَمُعَاوِيَة أَسْلَمَا فِي فَتْح مَكَّة سَنَة ثَمَان , وَلَا يُعْرَف أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَبَا سُفْيَان. وَقَدْ تَكَلَّفَ أَقْوَام تَاوِيلَات فَاسِدَة لِتَصْحِيحِ الْحَدِيث …. وَهَذِهِ التَّاوِيلَات فِي غَايَة الْفَسَاد وَالْبُطْلَان , وَأَئِمَّة الْحَدِيث وَالْعِلْم لَا يَرْضَوْنَ بِأَمْثَالِهَا , وَلَا يُصَحِّحُونَ أَغْلَاط الرُّوَاة بِمِثْلِ هَذِهِ الْخَيَالَات الْفَاسِدَة , وَالتَّاوِيلَات الْبَارِدَة , الَّتِي يَكْفِي فِي الْعِلْم بِفَسَادِهَا تَصَوُّرهَا , وَتَأَمَّلْ الْحَدِيث.
ويستفاد من الحديث:
لا ولاية للكافر على المسلمة، وأن السلطان ولي من لا ولي له.
——-
*قال الأثيوبي -حفظه الله- في ذخيرة العقبى:*
في فوائده:
(منها): جواز دفع أربعة آلاف درهم مهرًا، لمن لا يشق ذلك عليه، وكان عن طيب نفس الدافع.
(ومنها): أنه لا يجب على الزوج دفع المهر من ماله، بل لو دفع عنه شخصٌ آخر جاز.
(ومنها): ما كان النبيّ – صلى اللَّه عليه وسلم – من كريم الأخلاق، وجميل الفعال، حيث كان يسعى في رفع معاناة الضعفاء والمساكين، فإنه لما حلّ بأم حبيبة – رضي اللَّه تعالى – عنها في دار الغربة عناءٌ شديدٌ، وذلك أنه لَمَّا مات زوجها على أسوء حال، حيث ارتدّ عن الإسلام، وتنصّر، فدخلها من ذلك حزن شديد، قام النبيّ – صلى اللَّه عليه وسلم – بإزالة ذلك عنها، كما فعل بصفية – رضي اللَّه تعالى عنها -، حينما أصيب أبوها، وزوجها في غزوة خيبر، وكانت عروسًا، فوقعت أسيرة تحت قيد الرقّ، فقام – صلى اللَّه عليه وسلم – بإزالة ذلك عنها، فأعتقها، وأدخلها في عداد أمهات المؤمنين، فظهر بذلك مصداق قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}، وقوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، فصلى اللَّه وسلم، وبارك عليه وعلى آله، وصحبه أجمعين.
(ومنها): بيان منقبة النجاشيّ، وفضيلته، حيث طلب منه النبيّ – صلى اللَّه عليه وسلم – أن يزوّجه أم حبيبة – رضي اللَّه تعالى عنها -، فقام في ذلك أحسن قيام، وبالغ في إكرامها تعظيمًا له – صلى اللَّه عليه وسلم – أيَّ إكرام.
__________
*قال ابن حجر -رحمه الله- في التلخيص الحبير:*
واشتهر في السير «أنه – صلى الله عليه وسلم – بعث عمرو بن أمية إلى النجاشي فزوجه أم حبيبة»، وهو يحتمل أن يكون هو الوكيل في القبول أو النجاشي، وظاهر ما في أبي داود، والنسائي «أن النجاشي عقد عليها عن النبي – صلى الله عليه وسلم -، وولي النكاح خالد بن سعيد بن العاص» كما في المغازي، وقيل: عثمان بن عفان وهو وهم.
________
*وسئل ابن باز -رحمه الله- عن غلاء المهور:*
س 44: التغالي في مهور النساء هل يحل لأهل المرأة أكله أم لا؟ وما الدليل؟
ج: يكره التغالي في مهور النساء، ويسن التخفيف في ذلك والتيسير، ولكن لا يحرم المهر على المرأة ولو كان فيه مغالاة؛ لقول الله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} الآية، والقنطار هو المال الكثير، وقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بأربعمائة دينار، سلمها لها النجاشي عنه صلى الله عليه وسلم، قيمتها أربعة آلاف درهم في ذلك الوقت.
_________
*قال ابن تيمية -رحمه الله- في منهاج السنة:*
وإنما الثابت «أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لم يصدق امرأةً من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من خمسمائة درهم»: اثنتي عشرة أوقيةً ونش، والنش هو النصف، وهذا معروف عن عمر وغيره. لكن أم حبيبة زوجه بها النجاشي، فزاد الصداق من عنده. وسواء كان هذا ثابتًا أو لم يكن ثابتًا فتحري تخفيف الصداق سنة.
قلت سيف: راجع تعليقنا حول المهر والتوكيل في الزواج وشروط عقد الزواج حديث رقم 938 من الصحيح المسند
938 – قال الامام أبوداود رحمه الله: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس الذهـلي، ومحمد بن المثنى، وعمر بن الخطاب، قال محمد: حدثنا أبو الأصبغ الجزري عبد العزيز بن يحيى، أخبرنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد، عن زيد بن أبي أنيسة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله، عن عقبة بن عامر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: «أترضى أن أزوجك فلانة؟»، قال: نعم، وقال للمرأة: «أترضين أن أزوجك فلانا؟»، قالت: نعم، فزوج أحدهـما صاحبه فدخل بها الرجل ولم يفرض لها صداقا، ولم يعطها شيئا وكان ممن شهد الحديبية وكان من شهد الحديبية له سهم بخيبر فلما حضرته الوفاة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجني فلانة، ولم أفرض لها صداقا، ولم أعطها شيئا، وإني أشهدكم أني أعطيتها من صداقها سهمي بخيبر، فأخذت سهما فباعته بمائة ألف.
هذا حديث حسن وقول أبي داود: يخاف أن يكون هـذا الحديث ملزقا لأن الأمر على خلافه فيه نظر، ولا عبرة بمن خالف الحديث الثابت.