1208 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي وناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————-‘———
باب بسط الثوب في الصلاة للسجود
1208 – حدثنا مسدد، حدثنا بشر، حدثنا غالب القطان، عن بكر بن عبد الله، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: «كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن وجهه من الأرض بسط ثوبه، فسجد عليه»
—–
فوائد الباب:
1 – قوله (بسط الثوب في الصلاة للسجود) أي حكمه، وذكر حديث الباب تأييدا للقول بالجواز عند الحاجة.
2 – جواز السجود على الثياب في الحر والبرد قاله بنحوه الترمذي و ابن ماجه في سننيهما.
3 – حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أخرجه الستة.
4 – فيه تمكين الوجه من الأرض في السجود، وهذا غاية التذلل.
5 – فيه الأعمال بالنيات فالذي يضع حائلا بينه وبين الأرض أنفة وتكبرا لا تشمله هذه الرخصة، ويحسن ذكر الرجل الذي لم يسجد حين تلا النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم في مكة وحين تلا السجدة سجد المسلمون والمشركون غير رجل من المشركين رفع التراب إلى رأسه فقال ابن مسعود فلقد رأيته بعد قتل يوم بدر كافرا.
6 – هذا الباب منعقد لمن بسط ثوبه في أثناء الصلاة ولم يتعرض لمن بسطه قبلها إذا كان منفصلا عنه.
7 – فيه جواز العمل القليل في الصلاة قاله الحافظ في الفتح.
8 – فيه مراعاة الخشوع فيها لأن الظاهر إن صنيعهم ذلك لإزالة التشويش العارض من حرارة الأرض قاله الحافظ في الفتح.
9 – ومن باب الاستطراد (قال بعض اهل العلم اجمع اهل العلم علي ان للمصلي ان يسجد علي ركبتيه وهما مستوران بالثياب وكذلك له ان يسجد وقدماه في الخفين والجوربين والنعلين فهذه اعضاء من السبعه التي قال النبي امرت ان اسجد علي سبع واذا كانوا قد اجمعوا علي ذلك فاللازم في الاعضاء الثلاث الباقيه ان له ان يسجد عليها وبينها وبين الارض حائل من ثوب او ما اشبه ذلك عند حاجته للحر والبرد).قاله ابن المنذر في الأوسط.
10 – قوله (حدثنا غالب القطان) تابعه خالد بن عبد الرحمن السلمي كما عند البخاري والترمذي والنسائي ..
11 – قوله (كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر) وفي رواية عند البخاري وغيره (كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم بالظهائر)،
والظهائر جمع ظهيرة، والظهيرة شدة الحر. قاله ابن بطال.
12 – قوله (يمكن وجهه) ومن طريقين آخرين عن بشر (يمكن جبهته) أخرجه مسلم وابن ماجه.
13 – قوله (فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن وجهه من الأرض) فيه حرص الصحابة على أداء العبادة على وجهها.
14 – قوله (بسط ثوبه) وعند البخاري أيضا من طريق أبي الوليد هشام عن بشر (طرف الثوب). إشارة إلى كون الثوب متصلا بالمصلي وليس منفصلا عنه خلافا للشافعي.
15 – وزاد البخاري في رواية (اتقاء الحر)، فظهرت حاجة الفعل.
16 – فيه وقت الظهر عند الزوال قاله البخاري في صحيحه.
17 – فيه تعجيل صلاة الظهر قاله البغوي في شرح السنة وأضاف قائلا الاختيار عند أكثر أهل العلم من الصحابة، فمن بعدهم تعجيل صلاة الظهر.
(18) – ذهب الجمهور إلى أن الأمر بالإبراد أمر استحباب، فيجوز التعجيل به، والإبراد أفضل قاله العلامة الألباني، وأشار إلى أن العلة هي شدة الحر قال ويشهد له من فعله صلى الله عليه وسلم حديث أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة أخرجه البخاري في الأدب المفرد، والنسائي، والطحاوي.
—-‘———
فوائد حديث الباب:
1 – أورده البخاري في باب السجود على الثوب في شدة الحر في أوائل كتاب الصلاة
2 – بوب له النسائي: باب: السجود على الثياب وبوب له ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: السجود على الثياب في الحر والبرد
3 – غالب القطان: هو غالب بن خَطاف وهو ابن أبي غيلان القطان البَصْري الراسبي
4 – وفيه الجواب عن استدلال من استدل به على جواز السجود على الثوب ولو كان يتحرك بحركته قاله ابن حجر
———–
1208:
قال ابن رجب في فتح الباري:
وخرجه البخاري في أواخر ((الصلاة)) كذلك.
وقد خرجه الترمذي من طريق خالد بن عبد الرحمن، وقال: حسن صحيح.
وإنما ذكرت هذا؛ لأن العقيلي قال: حديث أنس في هذا: فيه لين، ولعله ظن تفرد خالد به، وقد قال هو في خالد: يخالف في حديثه، وقد تبين أنه تابعه بشر بن المفضل على جلالته وحفظه.
وقد أدخل بعض الرواة في إسناد هذا الحديث: ((الحسن البصري)) بين بكر وأنس، وهو وهم -: قاله الدارقطني.
ومن تأول هذا الحديث على أنهم كانوا يسجدون على ثياب منفصلة عنهم، فقد أبعد، ولم يكن أكثر الصحابة – أو كثير منهم – يجد ثوبين يصلي فيهما، فكانوا يصلون في ثوب واحد كما سبق، فكيف كانوا يجدون ثيابا كثيرة يصلون في بعضها ويتقون الأرض ببعضها؟
وقد روي عن أنس حديث يخالف هذا:
خرجه أبو بكر ابن أبي داود في ((كتاب الصلاة)) له: ثنا محمد بن عامر الأصبهاني: حدثني أبي: ثنا يعقوب، عن عنبسة، عن عثمان الطويل، عن أنس بن مالك، قال: كنا نصلي مع النبي (في الرمضاء فإذا كان في ثوب أحدنا فضلة فجعلها تحت قدميه ولم يجعل تحت جبينه؛ لأن صلاة النبي (كانت خفيفة في إتمام.
وقال: سنة تفرد بها أهل البصرة.
قلت: يشير إلى تفرد عثمان الطويل به عن أنس، وهما بصريان، وعثمان هذا قد روى عنه شعبة وغيره، وقال أبو حاتم فيه: هو شيخ.
وأما من قبل عثمان فهم ثقات مشهورون، فعنبسة هو: ابن سعيد قاضي الري، أصله كوفي، ثقة مشهور، وثقه أحمد ويحيى. ويعقوب هو: القمي، ثقة مشهور – أيضا – وعامر هو: ابن إبراهيم الأصبهاني، ثقة مشهور من أعيان أهل أصبهان، وكذلك ابنه محمد بن عامر.
ولكن إسناد حديث بكر أصح، ورواته أشهر؛ ولذلك خرج في ((الصحيح))
دون هذا. والله أعلم.
واستدل بعض من لم ير السجود على الثوب بما روى أبو إسحاق، عن سعيد بن وهب، عن خباب، قال: شكونا إلى رسول الله (الصلاة في الرمضاء، فلم يشكنا.
خرجه مسلم.
وفي رواية له – أيضا -: أتينا رسول الله (فشكونا إليه حر الرمضاء، فلم يشكنا.
قالوا: والمراد بذلك أنهم شكوا إليه مشقة السجود على الحصى في شدة الحر، واستأذنوه أن يسجدوا على ثيابهم، فلم يجبهم إلى ما سألوا، ولا أزال شكواهم.
واستدلوا على ذلك: بما روى محمد بن جحادة، عن سليمان بن أبي هند، عن خباب، قال: شكونا إلى رسول الله (شدة الحر في جباهنا وأكفنا، فلم يشكنا.
ويجاب عن ذلك: بأن حديث خباب اختلف في إسناده على أبي إسحاق: فروي عنه، عن سعيد بن وهب، عن خباب. وروي عنه، عن حارثة بن مضرب، عن
خباب.
وقد قيل: إنهما من مشايخ أبي إسحاق المجهولين الذين لم يرو عنهم غيره، وفي إسناده اختلاف كثير؛ ولذلك لم يخرجه البخاري.
وأما معنى الحديث: فقد فسره جمهور العلماء بأنهم شكوا إلى رسول الله (الصلاة في شدة الحر، وطلبوا منه الإبراد بها، فلم يجبهم، وبهذا فسره رواة الحديث … اهـ
نقلت أغلبه لما فيه من الفوائد الإسنادية والفقهية وإلا فبحثه طويل يحسن الرجوع إليه.
قال النووي في شرح مسلم:
فيه دليل لمن أجاز السجود على طرف ثوبه المتصل به وبه قال أبو حنيفة والجمهور ولم يجوزه الشافعي وتأول هذا الحديث وشبهه على السجود على ثوب منفصل. اهـ
قال الشيخ عبد المجسن العباد:
وذلك عند الحاجة، وأما السجود على شيء منفصل كالسجاد وكالقماش فقد مرّ في الترجمتين السابقتين ما يدل على ذلك، لكن المقصود هنا ثوبه الذي هو عليه، وإلا لو أنه أتى بثوب وفرشه وصلى عليه فهو من جنس ما تقدم من ذكر الحصير والخمرة والفروة المدبوغة، وإنما المقصود هنا ثوبه الذي عليه. والثوب يستعمل غالباً في الشيء الذي لم يخط، أي: الذي ليس فيه خياطة، فالقطعة من القماش تسمى ثوباً، وهذا يأتي كثيراً …
ومعنى ذلك: أنهم صلوا في الرمضاء، أو في الشمس، وليس في الظل؛ لأنهم لو صلوا في الظل فليس هناك إشكال، فإنهم يسجدون على شيء ليس فيه حرارة، وإنما الكلام في السجود في الرمضاء، أو في مكان مكشوف، تصل إليه الحرارة بحيث لو وضع الإنسان جبهته فإنها تتأثر. فكان الواحد منهم إذا لم يتمكن من السجود بدون حائل بسط ثوبه، وسجد عليه، وهذا لا يكون إلّا إذا كان الثوب واسعاً … اهـ
====
– نقل عن ابن رجب أن العقيلي أعل الحديث
قلت سيف: لم أجد حكم العقيلي على الحديث. ثم وقفت على حاشية لمحقق فتح الباري لابن رجب متعقبا ابن رجب فنفى وجود الحديث في ترجمة خالد بن عبد الرحمن. وقال: لعله سقط من المطبوع أو من النسخة المعتمدة.
وكذلك أنا لم أجده في الطبعة التي عندي لضعفاء العقيلي حتى في ترجمة الخراساني لأن ابن عدي اعتبرهما واحد. والعقيلي فرق بينهما.
ثم وقفت في ترجمة بلهط أن العقيلي يصحح الحديث فبعد أن أنكر عليه حديث من فقرتين قال: أما الكلام الأول فرواه أبو إسحاق عن سعيد بن وهب عن خباب قال شكونا إلى النبي صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء فلم يُشْكِنا رواه عن أبي إسحاق شعبة وسفيان وغيرهما من الثقات.
وقد رجح أبوحاتم وأبو زرعة في العلل 375 حديث سعيد بن وهب عن خباب قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة في الرمضاء فلم يُشْكِنا
وحديث خباب اخرجه مسلم 619 وفيه: وقال أبو إسحاق في تعجيل الظهر.
وكذلك قال شعبة أنها الظهر وروايته أخرجها أحمد 21052
وأورد مسلم 618 في نفس الباب قبل حديث خباب حديثا لجابر بن سمرة كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر اذا دحضت الشمس
وبوب النووي على الحديثين باب استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة الحر.
في الحديث مسائل:
– ورد في سنن ابي داود = عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنت أصلي الظهر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فآخذ قبضة من الحصى لتبرد في كفِّي أضعها لجبهتي أسجد عليها لِشدّة الحر.
ومحتمل أن يكون القبض قبل الصلاة.
– إذا احتاج للحركة فيكون ذلك بقدر الحاجة … ، لأنه يتضمّن الحركة في الصلاة.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يُسَوِّي التراب حيث يسجد. قال: إن كنت فاعلا فواحدة. رواه البخاري.
– قد تكون الحاجة لوضع الثوب لللحر والبرد كما سبق أن ذكر أصحابنا
أو
وُجود روائح في الفُرُش جاز السجود على طرف الثوب أو الغترة، أو وضع شيء يُصلي عليه. أو حساسية من الفرش.
أما إذا لم توجد الحاجة فلا يضع المصلِّي شيئا غير ما يُصلي عليه الناس، لثلاثة أسباب:
الأول: لكونه يَفتح باب الوسواس.
الثاني: كونه باعثاً على الكِبْر.
الثالث: مُخالفته للسنة.
الرابع: مُشابهة أهل البدع.
وقد أمر الإمام مالك بِسجن من بسط الثوب بين يديه في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه رأى أن ذلك حَدَثاً في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم. والله تعالى أعلم.
– قال ابن رجب: وقد خرجه – فيما تقدم – من هذا الوجه – أيضا – في ((أبواب اللباس في
الصَّلاة))، وسبق الكلام هناك عليه مستوفى.
وإنما المقصود منه: أنه إذا شق عليه السجود على الأرض من شدة حرها، جاز له أن يبسط ثوبه في صلاته في الأرض، ثم يسجد عليه، ولا يكون هذا العمل في الصلاة مكروها؛ لأنه عمل يسير لحاجة إليه؛ فإن السجود على الحصى الشديد حره يؤذي ويمنع من كمال الخشوع في الصلاة، وهو مقصود الصلاة الأعظم.
– قال القرطبي في المفهم:
وقول أنس: كنا نصلي مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في شدة الحر ; ليس فيه دليل على أنه – صلى الله عليه وسلم – كان لا يبرد، بل قد توجد سورة الحر وشدته بعد الإبراد، إلا أنها أخف مما قبله، والله تعالى أعلم.
– وقوله: فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه، فسجد عليه: مما يدل على الصلاة على البسط والثياب ; لا سيما عند الضرورة والمشقة، وعلى أن العمل القليل في الصلاة لا يفسدها.
– ورد في مستخرج أبي عوانة: كنا إذا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدنا على ثيابنا مخافة الحر.
– لو كان ما يفعلونه خطأ لبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم
ففي البخاري عن أبي هـريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «هـل ترون قبلتي هـا هـنا، فوالله ما يخفى حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن أبي الزناد، عن ا عرج، عن أبي هـريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «هـل ترون قبلتي هـا هـنا، فوالله ما يخفى علي خشوعكم و ركوعكم، إني راكم من وراء ظهري خشوعكم و ركوعكم، إني راكم من وراء ظهري
————-‘——-
سأل العباد: هل يضع يده ويسجد عليها؟
يبدو أنه لا يفعل والسجود يكون على سبعة أعضاء.