1513 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالله الديني وموسى وصالح الصيعري وفهيد
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
———
الصحيح المسند
1513 قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا أبو كامل حدثنا زهير حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن الأحنف بن قيس عن عم له أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قل لي قولا ينفعني وأقلل لعلي أعيه قال لا تغضب فعاد له مرارا كل ذلك يرجع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تغضب.
هذا حديث صحيح.
* قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال قال رجل يا رسول الله أوصني قال لا تغضب قال قال الرجل ففكرت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال فإذا الغضب يجمع الشر كله.
……………………………..
ورواه البخاري 6116 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رج قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: « تغضب» فردد مرارا، قال: ” تغضب ”
قال ابن عثيمين رحمه الله في حديث لاتغضب: فيه أن بعض الأحاديث لايذكر فيها اسم الصحابي ويكون مبهم وذلك لانه لايغير شيء فالأحكام ذكر الشخص، وفيه أنه طلب الوصية، والوصية هي العهد إلى الشخص بأمرٍ هام كما يوصي الرجل على ماله أو أهله، والغضبة كما بين صلى الله عليه وسلم أن الغضب جمرة من نار يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم (ضعيف الترمذي) ولذلك تجد الانسان يحمر وجهه وتنتفخ أوداجه.
قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم:
فهذا الرجل طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يوصيه وصية وجيزة جامعة لخصال الخير، ليحفظها عنه خشية أن يحفظها لكثرتها، فوصاه النبي أن يغضب، ثم ردد هـذه المسألة عليه مرارا، والنبي صلى الله عليه وسلم يردد عليه هـذا الجواب، فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر، وأن التحرز منه جماع الخير.
قال صاحب ا فصاح: من الجائز أن النبي صلى الله عليه وسلم علم من هـذا الرجل كثرة الغضب فخصه بهذه الوصية وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم الذي يملك نفسه عند الغضب فقال: “ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الشدائد”. ومدح الله تعالى: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس}. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من كظم غيظه وهـو يستطيع أن ينفذه دعاه الله عز وجل على رؤوس الخ ئق يوم القيامة حتى يخبره من الحور ما شاء”.
وقد جاء في الحديث: “إن الغضب من الشيطان” (الضعيفة 582. ولهذا يخرج به ا نسان من اعتدال حاله ويتكلم بالباطل ويرتكب المذموم وينوي الحقد والبغضاء وغير ذلك من القبائح المحرمة، كل ذلك من الغضب أعاذنا الله منه. وقد جاء في حديث سليمان بن صرد “أن ا ستعاذة بالله من الشيطان الرجيم تذهـب الغضب” 1 وذلك أن الشيطان هـو الذي يزين الغضب وكل من حرص على ما تحمد عاقبته فإنه الشيطان يغويه ويبعده من رضي الله عز وجل فا ستعاذة بالله منه من أقوى الس ح على دفع كيده.
” شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد ” حديث 16
قال الخطابي معنى قوله تغضب اجتنب أسباب الغضب و تتعرض لما يجلبه وأما نفس الغضب ف يتأتى النهي عنه نه أمر طبيعي يزول من الجبلة وقال غيره ما كان من قبيل الطبع الحيواني يمكن دفعه ف يدخل في النهي نه من تكليف المحال وما كان من قبيل ما يكتسب بالرياضة فهو المراد وقيل معناه تغضب ن أعظم ما ينشأ عنه الغضب الكبر لكونه يقع عند مخالفة أمر يريده فيحمله الكبر على الغضب فالذي يتواضع حتى يذهـب عنه عزة النفس يسلم من شر الغضب وقيل معناه تفعل ما يأمرك به الغضب.
الفتح 10/ 520
قال ابن عثيمين رحمه الله في شرح حديث لاتغضب: قاعدة أن المخاطب يخاطب بما تقتضيه حاله، فكأن النبي صلى عليه وسلم علم بحال هذا الرجل فأوصاه بذلك، وهو أن يوصى الأنسان بما تقتضيه الحاجة، وقال أيضاً من الفوائد النهي عن الغضب (لقوله لاتغضب)، لان الغضب تحصل فيه مفاسد عظيمة إذا نفذ الإنسان مقتضاه، وقال أن للغضب دواء لفظي ودواء فعلي، (اللفظي): وهو أن يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً غضب غضباً شديداً وقال (إني لأعلم كلمة لو قالها لم يغضب وهي اعوذٌ بالله من الشيطان الرجيم)، والفعلي: إذا كان قائماً فليجلس، وإذا كان جالساً فليضطجع، لأن تغير حاله الظاهر يوجب تغير حاله الباطن، فإن لم يفد فليتوضأ وضوء عادي بدون استنجاء، لان اشتغاله بالوضوء ينسيه الغضب، ولأنه يُطفئ حرارة الغضب، ولايلزم من الغاضب الأقتصار على هذا، يمكنك أن تغادر المكان، حتى لايحدث مايكره فيما بعد، ومن الفوائد أن الدين الاسلامي ينهى عن مساوئ الأخلاق لقوله لاتغضب، والنهي عن مساوئ الأخلاق يستلزم الأمر بمحاسن الأخلاق.
قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: والغضب: هو غليان دم القلب طلبا لدفع المؤذي عند خشية وقوعه، أو طلبا للانتقام ممن حصل له منه الأذى بعد وقوعه، وينشأ من ذلك كثير من الأفعال المحرمة كالقتل والضرب وأنواع الظلم والعدوان؛ وكثير من الأقوال المحرمة كالقذف والسب والفحش، وربما ارتقى إلى درجة الكفر، كما جرى لجبلة بن الأيهم، وكالأيمان التي لا يجوز التزامها شرعا، وكطلاق الزوجة الذي يعقب الندم. والواجب على المؤمن أن تكون شهوته مقصورة على طلب ما أباحه الله له، وربما تناولها بنية صالحة، فأثيب عليها، وأن يكون غضبه دفعا للأذى في الدين له أو لغيره وانتقاما ممن عصى الله ورسوله، كما قال تعالى: {قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين – ويذهب غيظ قلوبهم} [التوبة: 14 – 15] [التوبة: 14 – 15]. وهذه كانت حال النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه كان لا ينتقم لنفسه، ولكن إذا انتهكت حرمات الله لم يقم لغضبه شيء ولم يضرب بيده خادما ولا امرأة إلا أن يجاهد في سبيل الله. «وخدمه أنس عشر سنين، فما قال له: ” أف ” قط، ولا قال له لشيء فعله: ” لم فعلت كذا “، ولا لشيء لم يفعله: ” ألا فعلت كذا». «وسئلت عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: كان خلقه القرآن»، تعني: أنه تأدب بآدابه، وتخلق بأخلاقه، فما مدحه القرآن، كان فيه رضاه، وما ذمه القرآن، كان فيه سخطه، وجاء في رواية عنها، قالت: «كان خلقه القرآن يرضى لرضاه ويسخط لسخطه». وكان صلى الله عليه وسلم لشدة حيائه لا يواجه أحدا بما يكره، بل تعرف الكراهة في وجهه، كما في ” الصحيح ” عن أبي سعيد الخدري قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئا يكرهه، عرفناه في وجهه».
ولما بلغه ابن مسعود قول القائل: «هذه قسمة ما أريد بها وجه الله، شق عليه صلى الله عليه وسلم وتغير وجهه، وغضب، ولم يزد على أن قال: لقد أوذي موسى بأكثر من هذا فصبر». وكان صلى الله عليه وسلم إذا رأى، أو سمع ما يكرهه الله، غضب لذلك، وقال فيه، ولم يسكت، وقد «دخل بيت عائشة فرأى سترا فيه تصاوير، فتلون وجهه وهتكه، وقال: إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور». ولما شكي إليه الإمام الذي يطيل بالناس صلاته حتى يتأخر بعضهم عن الصلاة معه، غضب واشتد غضبه، ووعظ الناس، وأمر بالتخفيف. «ولما رأى النخامة في قبلة المسجد، تغيظ، وحكها، وقال: إن أحدكم إذا كان في الصلاة، فإن الله حيال وجهه، فلا يتنخمن حيال وجهه في الصلاة». وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم ” «أسألك كلمة الحق في الغضب والرضا» ” وهذا عزيز جدا، وهو أن الإنسان لا يقول سوى الحق سواء غضب أو رضي، فإن أكثر الناس إذا غضب لا يتوقف فيما يقول. وقد روي «عن النبي صلى الله عليه وسلم: ” أنه أخبر عن رجلين ممن كان قبلنا كان أحدهما عابدا، وكان الآخر مسرفا على نفسه، وكان العابد يعظه، فلا ينتهي، فرآه يوما على ذنب استعظمه، فقال: والله لا يغفر الله لك، فغفر للمذنب، وأحبط عمل العابد». وقال أبو هريرة: لقد تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته، فكان أبو هريرة يحذر الناس أن يقولوا مثل هذه الكلمة في غضب وقد خرجه الإمام أحمد وأبو داود، فهذا غضب لله، ثم تكلم في حال غضبه لله بما لا يجوز، وحتم على الله بما لا يعلم، فأحبط الله عمله، فكيف بمن تكلم في غضبه لنفسه، ومتابعة هواه بما لا يجوز.
وحديث: ” … لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم “. فهذا كله يدل على أن دعاء الغضبان قد يجاب إذا صادف ساعة إجابة، وأنه ينهى عن الدعاء على نفسه وأهله وماله في الغضب. اهـ