132 جامع الأجوبة الفقهية ص 172
-مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم ووالدينا)
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ. فمسح بناصيته، وعلى العمامة والخفين. أخرجه مسلم
-مسألة: المسح على العمامة يعني هل يجزئ الاقتصار في المسح على العمامة
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
-اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين أثنين:
-القول الأول:
لا يجوز اقتصار المسح على العمامة بدون مسح الناصية معها، ممن قال به من الصحابة: على، وابن عمر، وجابر رضي الله عنهم، ومن التابعين: عروة، والنخعي، والشعبي، والقاسم، ومن الأئمة: قال مالك، وأبو حنيفة، والشافعي.
-القول الثاني:
جواز اقتصار المسح على العمامة، وممن قال به من الصحابة: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وأنس بن مالك، وأبو أمامة، وسعد بن أبى وقاص، وأبو الدرداء، وبه قال الثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور.
انظر: البحر الرائق (1/ 193)، مواهب الجليل (1/ 207)، الإنصاف (1/ 185)، المغني (184)، شرح النووي على مسلم (3/ 172)، نيل الأوطار (1/ 209)، شرح صحيح البخاري لابن بطال (1/ 307)، الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (1/ 467)، معالم السنن (1/ 57).
-أدلة القول الأول: وهو عدم الجواز
-الدليل الأول:
قال تعالى: {وامسحوا برؤوسكم} وحقيقته تقتضي إمساسه الماء، ومباشرته، العمامة ليس رأساً، وماسح العمامة غير ماسح برأسه، فلا تجزيه صلاته.
اعتراض:
بأن مسح الرأس لا ينافي إثبات المسح على العمامة بدليل آخر، وليس إثبات أحدهما مبطلاً للآخر، كما أن إثبات غسل الرجلين بقوله تعالى: {وأرجلكم إلى الكعبين} ليس مبطلاً لإثبات المسح على الخفين، هذا مع التسليم أن قوله تعالى: {وامسحوا بروؤسكم} لا يشمله المسح على العمامة، وقد يقال: إن من مسح على عمامته، فقد مسح برأسه، فمن قَبَّلَ رأس الرجل من فوق عمامته، قيل له: قبل رأسه.
-الدليل الثاني:
حديث ابن عمر قال: توضأ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – واحدة واحدة، فقال: هذا وضوء من لا يقبل الله منه صلاة إلا به. الحديث …. (سنن ابن ماجه، 419).
وجه الاستدلال:
قال الجصاص: معلوم أنه مسح برأسه؛ لأن مسح العمامة لا يسمى وضوءاً، ثم نفى جواز الصلاة إلا به.
واعترض:
أولاً: أن الحديث ضعيف جداً فيه عبد الرحيم بن زيد العمي، وهو متروك، زيد العمي، وهو ضعيف، ومعاوية لم يدرك ابن عمر، قال الألباني: ضعيف جدا، الضعيفة (4735)، الإرواء (85)، التعليق الرغيب (1/ 98).
ثانياً: مسح الخفين لا يسمى وضوءاً، ولم يمنع الحديث من المسح على الخفين، ولا من المسح على الجبيرة، فكذلك لا يمنع على فرض ثبوته من المسح على العمامة.
– الدليل الثالث:
من النظر، قالوا: إن الرأس عضو طهارته المسح، فلم يجز المسح على حائل دونه كالوجه واليد في التيمم فرضه المسح، فلم يجز على حائل دونه، وهذا مجمع عليه.
[]-اعتراض:
بأن هذا قياس في مقابلة النص فلا يعتبر، والأمور في مثل هذا لا يجري فيها القياس، فالرجلان فرضهما الغسل، ويجوز المسح عليهما.
وقد يقابل هذا القياس بقياس مثله، فيقال: الرأس عضو يسقط فرضه بالتيمم، فجاز المسح على حائله كالقدمين.
– الدليل الرابع:
حديث أنس بن مالك، قال: رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يتوضأ، وعليه عمامة قطرية، فأدخل يده من تحت العمامة، فمسح مقدم رأسه، ولم ينقض العمامة (سنن أبي داود 147).
واعترض على هذا الحديث:
أولاً: إسناده ضعيف، قال الألباني: ضعيف ابن ماجة (124/ 564).
ثانياً: وعلى فرض صحته، فإنه لا يعارض المسح على العمامة. قال ابن المنذر في الأوسط (1/ 469): لأن المسح على العمامة ليس بفرض لا يجزئ غيره، ولكن المتطهر إن شاء مسح برأسه، وإن شاء على عمامته، كالماسح على الخفين، المتطهر بالخيار، إن شاء غسل رجليه، وإن شاء مسح على خفيه اهـ.
– الدليل الخامس:
الأثار التي وردت عن بعض الصحابة بالمنع مثل ابن عمر وجابر، انظر: مصنف ابن أبي شيبة (1/ 29)
[]-اعتراض:
قال ابن المنذر: وليس في إنكار من أنكر المسح على العمامة حجة؛ لأن أحداً لا يحيط بجميع السنن، ولعل الذي أنكر ذلك لو علم بالسنة لرجع إليها، بل غير جائز أن يظن مسلم ليس من أهل العلم غير ذلك، فكيف من كان من أهل العلم، ولا يجوز أن يظن بالقوم غير ذلك، وكما لم يضر إنكار من أنكر المسح على الخفين، ولم يوهن تخلف من تخلف عن القول بذلك إذا أذن النبي – صلى الله عليه وسلم – في المسح على الخفين، كذلك لا يوهن تخلف من تخلف عن القول بإباحة المسح على العمامة.
-أدلة القول الثاني: المجيزين المسح على العمامة والاقتصار عليها
-الدليل الأول:
حديث المغيرة بن شُعبة -رضي الله عنه-: أنَّ النّبيّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – توضّأ، فمسح بناصيته وعلى العمامة وعلى الخفيّن” (أخرجه مسلم 274).
واعترض عليه:
قالوا: إن الفرض مسحه على الناصية، وأما مسحه على العمامة فمن أجل سنة الاستيعاب، ولو ترك المسح على العمامة أجزأه، أما لو اقتصر بالمسح على العمامة، ولم يمسح شيئاً من رأسه لم يجزه.
وأجيب:
بأنه ثبت المسح على العمامة دون ذكر الناصية، كما سيأتي، ولم يثبت العكس، فلم يثبت أنه اقتصر في مسحه على الناصية دون العمامة.
قال ابن القيم في زاد المعاد (1/ 193): لم يصح عنه في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه البتة، ولكن كان إذا مسح بناصيته كمل على العمامة،
ثم قال: وأما اقتصاره على الناصية مجردة فلم يحفظ عنه.
-الدليل الثاني:
عن جعفر بن عمرو بن أمية، عن أبيه قال: رأيت النبي – صلى الله عليه وسلم – يمسح على عمامته، وخفيه. صحيح البخاري (205)
وجه الاستدلال:
أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – مسح هنا على العمامة، ولم يذكر الناصية، فدل على جواز الاقتصار عليها.
-الدليل الثالث:
عن بلال -رضي الله عنه-: أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مَسَح على الخفّين والخِمار. (أخرجه مسلم: 275).
وجه الاستدلال:
أن بلالاً هنا نقل المسح على الخمار – يعني: العمامة – ولم يذكر أنه مسح معها شيئاً آخر مما يدل على جواز المسح على العمامة، ولاقتصار عليها، وهذا وجه الشاهد.
-الدليل الرابع:
الآثار الواردة عن الصحابة مثل أبي بكر وعمر وأنس وأبي أمامة
قال ابن المنذر في الأوسط (1/ 468): لو لم يثبت الحديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم – فيه، لوجب القول به لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، ولقوله – صلى الله عليه وسلم -: إن يطيعوا أبا بكر وعمر فقد رشدوا “، ولقوله – صلى الله عليه وسلم -: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي.
-الترجيح:
والظاهر بأن القول الثاني القائل بالجواز هو الراجح لقوة ادلته وثبوت الأخبار به عن النبي صلى الله عليه وسلم ولعمل الخليفتين من بعده به، ولأنه ليس عند المانعين حجة معتبرة كما تبين في الرد عليهم.
وهذا القول رجحه عدد من المحققين منهم:
[]-الشوكاني في بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار (1/ 74)
[]-صاحب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (2/ 595)
[]-صاحب تحفة الأحوذي (1/ 290)
[]-صاحب عون المعبود (1/ 171)
[]-ابن حزم في المحلّى”، (المسألة: 201)
[]-الشيخ عبد المحسن العباد في شرحه لسنن أبي داود (1/ 457)
[]-الشيخ عبدالعزيز الراجحي في شرحه لسنن أبي داود (9/ 20)
-قال ابن حزم في المحلّى”، (المسألة: 201):
بعد أن ذكر بعض الأحاديث في المسْح على العمامة: “فهؤلاء ستة من الصحابة -رضي الله عنهم-: المغيرة بن شعبة، وبلال، وسلمان، وعمرو بن أميّة، وكعب بن عجرة، وأبو ذرّ، كلّهم يروي ذلك عن رسول الله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بأسانيد لا معارض لها ولا مطعن فيها، وبهذا القول يقول جمهور الصحابة والتابعين … ؛
-وقال الشيخ العباد في شرح سنن أبي داود (1/ 457):
المسح على العمامة ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي العمامة التي تكون مشدودة، وبعضهم يقول: لابد أن تكون محنكة يعني: أنه قد أدير شيء منها تحت الحنك أو تحت الحلق، وهي التي يكون في نزعها شيء من المشقة، وليست إزالتها سهلة مثل العمائم التي نلبسها الآن، ومثل الطواقي والعمائم التي توضع على الرأس وترفع وهي قطعة واحدة مثلما توضع الطاقية، فمثل هذه لا يمسح عليها، وإنما المسح على الشيء المشدود الذي يكون شده ونقضه وإعادته فيه شيء من المشقة، فهذه هي العمائم التي يمسح عليها. والمسح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه صلى الله عليه وسلم مسح على الرأس، ومسح على العمامة. والمسح على الرأس وعلى العمامة أو على الناصية والعمامة يكون فيما إذا كان شيء من الرأس مكشوفاً إلى الأمام، ثم وضعت العمامة، فإنه يمسح على ما بدا من الناصية، ويمسح على العمامة أيضاً، فيجمع بين هذا وهذا. والمسح يكون للرأس كما جاء في القرآن، والمسح يكون على العمامة وعلى الناصية والعمامة كما جاء في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم …
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
[]-قلت: اختلف العلماء في المسح على العمامة،
فقيل: لا يجوز، وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية.
جاء في المدونة ((1) / (124)): وقال مالك في المرأة تمسح على خمارها أنها تعيد الصلاة والوضوء اهـ.
وفي المنتقى للباجي ((1) / (75))
سئل مالك عن المسح على العمامة والخمار، فقال: لا ينبغي أن يمسح الرجل ولا المرأة على عمامة ولا خمار، وليمسحا على رؤسهما.
وجوز المالكية المسح على العمامة إذا كان يتضرر بنزعها، والحقيقة أن هذا لا يعتبر قولا في المسح على العمامة، لأنه إذا كان يتضرر بنزعها أصبحت في حكم الجبيرة، ولذلك لم أعتبره قولا؛ لأننا نقصد بالمسح على العمامة المسح عليها إذا لبسها مختارا من غير ضرورة كالمسح على الخف
(انظر: مختصر خليل، والتاج والإكليل، مواهب الجليل، حاشية الدسوقي).
ويرى النووي أنه لا يجوز المسح على العمامة وحدها، وإذا كان على رأسه عمامة، ولم يرد نزعها، مسح بناصيته، والمستحب أن يتمم المسح على العمامة،
(انظر حاشية الجمل، وأسنى المطالب والمجموع ((1) / (439)).
والحقيقة ليس في هذا قول بالمسح على العمامة؛ لأن الفرض عندهم المسح على الناصية، وهو وحده كاف في إسقاط الفرض، ولو اقتصر على العمامة لم يصح وضوؤه.
وقيل: يجوز، اختاره الثوري والأوزاعي وهو المشهو من مذهب الحنابلة،
وهو مذهب الظاهرية، وهو الصحيح.
فالحاصل أنه يجب استيعاب الرأس بالمسح، والماسح إن شاء مسح على الرأس فقط، أو على العمامة فقط، أو على الرأس والعمامة، فالكل صحيح ثابت.
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
في فتاوى اللجنة الدائمة:
جـ 1: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه .. وبعد:
ثبت في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يمسح شعر رأسه كله في الوضوء مقبلاً ومدبرًا، وهذا هو الأصل، وهو تفسير بالفعل لقول الله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ. وثبت أنه مسح في الوضوء على عمامته، وذلك فيما رواه أحمد والبخاري عن عمرو بن أمية الضمري قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على عمامته وخفيه، وفيما رواه أحمد ومسلم والنسائي والترمذي، عن بلال رضي الله عنه قال: مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخفين والخمار، وثبت عنه أنه مسح بناصيته وعلى العمامة والخفين، وذلك فيما رواه مسلم عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، فيجوز المسح على هذه الكيفيات الثلاث إذا لبس العمامة
(الجزء رقم: 5، الصفحة رقم: 227)
والخفين على طهارة، يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، كما صح بذلك السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان حاسر الرأس ثم لبس العمامة عند الوضوء ليترخص لنفسه بالمسح عليها، وليعلم ذلك أصحابه رضي الله عنهم ويشرعه لأمته، فليس لحاسر الرأس أن يترخص بستر الرأس عند الوضوء ليمسح على عمامة أو خمار.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
——
نقاش قول من قال:
الأحاديث التي وردت في المسح على العمامة فقط فيها اختصار، وأن المراد مسح الناصية والعمامة ليكمل سنة الاستيعاب، وهذا ما صرح به في حديث المغيرة، وأشهر من قال بذلك الخطابي والبيهقي، وهم من الشافعية
أما المالكية فأجابوا:
بما نقله القرطبي في تفسيره، حيث قال:
” أجاب علماؤنا عن حديث المغيرة بأن قالوا: لعل النبي فعل ذلك لعذر الاستعجال والاختصار، وحذف كثير من الفرائض لأجل المشقات والأخطار، ثم هو لم يكتف بالناصية حتى مسح على العمامة، فلو لم يكن المسح على جميع الرأس واجبا لما مسح على العمامة، والله أعلم
لكن
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
” واعلم أن كل من تأول في هذه الأخبار تأويلا – مثل كون المسح على العمامة مع بعض الرأس هو المجزاء ونحو ذلك – لم يقف على مجموع الأخبار، وإلا فمن وقف على مجموعها أفادته علما يقينا بخلاف ذلك ”
وأجاب العلامة ابن القيم:
” إن الرسول مسح على العمامة … وثبت عنه ذلك … لكن في قضايا أعيان، يحتمل أن تكون خاصة بحال الحاجة والضرورة، ويحتمل العموم كالخفين، وهو أظهر ”
وسبق في الجواب أن الذين ذهبوا إلى جواز المسح على العمامة استدلوا بما ثبت عن أبي بكر الصديق وعمر ابن الخطاب رضي الله عنهما:
1 – حيث روى ابن أبي شيبة بإسناده عن عبدالرحمن الصنابجي قال:
” رأيت أبا بكر يمسح على الخمار ”
2 – وروى أيضا ابن أبي شيبة بإسناده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:
” إن شئت فامسح على العمامة وإن شئت فانزعها ”
3 – ورد في المحلى لابن حزم أثر يرويه زيد ابن أسلم، قال: قال عمر بن الخطاب:
” من لم يطهره المسح على العمامة فلا طهره الله ”
ووصف ابن حزم اسناد هذا الأثر فقال إنه في غاية الصحة.
——-
وهذه أجابه على أدلة من قال أن المسح على العمامة وحدها لا يجزئ لأحد الأخوة:
واحتج من لم يرى جواز المسح على العمامة:
بحديث عطاء:
” أن رسول الله توضأ، فحسر العمامة عن رأسه، ومسح مقدم رأسه، أو قال: ناصيته بالماء ”
وهذا الحديث رواه الشافعي مرسلا، وأخرجه أبوداود في سننه بإسناده موصولا عن أبي معقل عن أنس بن مالك، قال:
” رأيت رسول الله يتوضأ وعليه عمامة قطرية، فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة ”
وأبو معقل وإن كان فيه مقال لكنه لا يمنع من أن يعتضد به مرسل عطاء فينهض بذلك الحديث للإحتجاج به، كذلك ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح.
وجه الدلالة:
أن الرسول كان معتما فحسر العمامة، فدل ذلك على أن المسح دونها.
و يمكن الاعتراض على هذا الاستدلال:
بما رواه عبد الرزاق بإسناده عن عاصم الأحول قال:
” رأيت أنس بن مالك بال ثم قام فتوضأ، فمسح على خفيه وعلى عمامته، ثم قام فصلى صلاة مكتوبة”
وأنس بن مالك هو راوي الحديث السابق؛ فإذن أنس بن مالك لم يفهم من الحديث الذي رواه ما فهمه الذين لم يروا جواز المسح على العمامة.
أما حديث عطاء فيه:
” أن رسول الله توضأ، فحسر العمامة عن رأسه، ومسح مقدم رأسه، أو قال: ناصيته بالماء ”
وهذا الفعل منه لا يدل على عدم جواز المسح على العمامة، لأنه لم يرد في هذا الحديث أن الرسول لم يكمل المسح على العمامة، وحسر الرسول لعمامته وارد قبل أن يمسح رأسه؛ لأن العمامة في عصر الرسول كان جزء منها يكون على الجبهة، والمعلوم أن الجبهة تابعة للوجه، والوجه مغسول، والرأس ممسوح، فلا بد من حسر العمامة التي تغطي جزء من الجبهة؛ حتى يصل الماء لمنابت الشعر، وبذلك سيخرج جزء من الناصية، فلابد من المسح عليها قبل الاكمال على العمامة.
وعلى العموم حديث عطاء وأنس لا يقويان على رد دلالة الأحاديث الصحيحة الصريحة التي وردت سابقا.
قلت سيف بن دورة: سبق الكلام على هذه الآثار يعني أثر ابن عمر ومرسل عطاء. وحديث أنس، … في مسألة: كم القدر الواجب في مسح الرأس؟