289 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان رحمه الله ووالديهم)
———-‘——–‘——-
مسند أحمد:
20597 – حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سُلَيْمَانَ يَعْنِي التَّيْمِيَّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، وَهُوَ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ ”
عند مسلم 164 – (2375)،و 165 – (2375)
علل الدراقطني 1338و 2459 – :
وسئل عن حديث سليمان التيمي، عن أنس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مررت بموسى صلى الله عليه وسلم، وهو قائم يصلي في قبره.
فقال: يرويه حماد بن سلمة، وسفيان الثوري، وثابت بن يزيد، أبو زيد، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
وخالفهم المعتمر، وبشر بن المفضل، ويزيد بن هارون، فرووه عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يسم، وهو المحفوظ.
ورواه عُمَرُ بْنُ حَبِيبٍ الْقَاضِي، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عن أنس، عن أبي هريرة.
ورواه أبو عبد الرحيم، الجوزجاني، محمد بن أحمد بن الجراح، وكان فصيحا، عن يزيد بن هارون، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ أنس.
ووهم على يزيد بن هارون في موضعين؛ في ذكر أبي مجلز، وفي قوله: عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
وإنما رواه التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وهو الصواب.
سيف: على الشرط، ولم استطع أرجح بين اختيار مسلم لحديث أنس وبين ترجيح الدارقطني انه عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
————-‘———
قال القرطبي رحمه الله:
” وهذا الحديث يدل بظاهره على: أنه صلى الله عليه وسلم رأى موسى رؤية حقيقية في اليقظة، وأن موسى كان في قبره حيا، يصلي فيه الصلاة التي كان يصليها في الحياة، وهذا كله ممكن لا إحالة في شيء منه، وقد صح أن الشهداء أحياء يرزقون، ووجد منهم من لم يتغير في قبره من السنين، وإذا كان هذا في الشهداء كان في الأنبياء أحرى وأولى ” ” المفهم ” (6/ 192)
قال ابن هبيرة: وفيه من فضل الله سبحانه لأنه أرى رسول – صلى الله عليه وسلم – موسى عليه السلام يصلي في قبره؛ ليعرف – صلى الله عليه وسلم – أنه ليس في دفنه هو في الأرض غضاضة، ولا نزول عن مرتبة موسى ….
فأما رؤيته له في السماء السادسة فيدل أنه انهز من قبره قاصدا لأجل مقدم رسول ((222) / ب) الله – صلى الله عليه وسلم – وتلقيه والاجتماع به، حيث يعرف به محمد – صلى الله عليه وسلم – مقام موسى ومنزلته، ويعرف موسى مقام محمد – صلى الله عليه وسلم – وتجاوزه إلى ربه. ” الإفصاح” (ج (5) / (374) – (375)).
قال العلامة الألباني: وفحواه أن حياته صلى الله عليه وسلم بعد وفاته مخالفة لحياته قبل الوفاة، ذلك أن الحياة البرزخية غيب من الغيوب، ولا يدري كنهها إلا الله سبحانه وتعالى، ولكن من الثابت والمعلوم أنها تختلف عن الحياة الدنيوية، ولا تخضع لقوانينها، فالانسان في الدنيا يأكل ويشرب، ويتنفس ويتزوج، ويتحرك ويتبرز، ويمرض ويتكلم، ولا أحد يستطيع أن يثبت أن أحدا بعد الموت حتى الأنبياء عليه السلام، وفي مقدمتهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. تعرض له هذه الأمور بعد موته. ومما يؤكد هذا أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يختلفون في مسائل كثيرة بعد وفاته، ولم يخطر في بال أحد منهم الذهاب إليه صلى الله عليه وسلم في قبره ومشاورته في ذلك وسؤاله عن الصواب فيها لماذا؟ إن الأمر واضح جدا وهو أنهم كلهم يعلمون أنه صلى الله عليه وسلم انقطع عن الحياة الدنيا، ولم تعد تنطبق عليه أحوالها ونواميسها، فرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته حي أكمل حياة يحياها إنسان في البرزخ، ولكنها حياة خاصة لا تشبه حياة الدنيا، ولعل مما يشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام)، وعلى كل حال فإن حقيقتها لا يدريها إلا الله سبحانه وتعالى، ولذلك فلا يجوز قياس الحياة البرزخية أو الحياة الأخروية على الحياة الدنيوية، كما لا يجوز أن تعطى واحدة منها أحكام الأخرى، بل لكل منها شكل خاص، وحكم معين، ولا تتشابه إلا في الاسم، أما الحقيقة فلا يعلمها إلا الله تبارك وتعالى
” التوسل أنواعه و أحكامه” ((59)).
و قالت اللجنة الدائمة برئاسة الامام ابن باز رحمه الله: وكل ذلك حق يجب الإيمان به والتسليم له، وإثبات أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رأى موسى عليه السلام في قبره يصلي، ورآه أيضا في السماء، والله على كل شيء قدير، ولا يجوز إنكار ما ثبت في النصوص الصحيحة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – لحيرة العقول فيه، أو قياس عالم الغيب وعالم البرزخ على عالم الشهادة، أو دعوى أن ذلك من مختلقات اليهود، فكل ذلك خطأ وضلال، وانحراف عن الصراط المستقيم.
[صلاة موسى عليه السلام وسائر الأنبياء في قبورهم ليست على وجه التكليف، إذ التكليف منقطع بالموت، وإنما هي على وجه التنعم والتلذذ بعبادة الله وإقامة ذكره.]
* فأما صلاة موسى في قبره فالذي أرى في ذلك أن دار الآخرة هي دار نيل الملاذ، وأن المؤمن قد يجد في صلاته وفي عبادته من اللذة ما لا توازيه لذة في الدنيا، فكيف بالأنبياء، فإن الله صلاته عليه السلام مما قد التذ بها فشرع فيها التذاذا بها لا تكليفا فغير بعيد، ولأن الأنبياء عليهم السلام أحياء في قبورهم. ” الإفصاح” (ج (5) / (375)).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
” هذه الصلاة ونحوها مما يتمتع بها الميت ويتنعم بها كما يتنعم أهل الجنة بالتسبيح، فإنهم يلهمون التسبيح كما يلهم الناس في الدنيا النَّفَس؛ فهذا ليس من عمل التكليف الذي يطلب له ثواب منفصل، بل نفس هذا العمل هو من النعيم الذي تتنعم به الأنفس وتتلذذ به ”
” مجموع الفتاوى ” (4/ 330)
تنبيه:
[مَسْأَلَةٌ قُبُور الْأَنْبِيَاءِ هَلْ هِيَ الَّتِي تَزُورُهَا النَّاسُ الْيَوْمَ]
11 – مَسْأَلَةٌ:
فِي قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ – عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، هَلْ هِيَ هَذِهِ الْقُبُورُ الَّتِي تَزُورُهَا النَّاسُ الْيَوْمَ؟ مِثْلُ: قَبْرِ نُوحٍ، وَقَبْرِ الْخَلِيلِ، وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَيُوسُفَ، وَيُونُسَ وَإِلْيَاسَ وَاَلْيَسَع، وَشُعَيْبٍ وَمُوسَى وَزَكَرِيَّا، وَهُوَ بِمَسْجِدِ دِمَشْقَ؟ وَأَيْنَ قَبْرُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ؟ فَهَلْ يَصِحُّ مِنْ تِلْكَ الْقُبُورِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟.
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، الْقَبْرُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ هُوَ قَبْرُ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَقَبْرُ الْخَلِيلِ فِيهِ نِزَاعٌ؛ لَكِنَّ الصَّحِيحَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ قَبْرُهُ، وَأَمَّا يُونُسُ وَإِلْيَاسُ وَشُعَيْبٌ وَزَكَرِيَّا فَهُوَ يُعْرَفُ، وَقَبْرُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِقَصْرِ الْإِمَارَةِ الَّذِي بِالْكُوفَةِ، وَقَبْرُ مُعَاوِيَةَ هُوَ الْقَبْرُ الَّذِي تَقُولُ الْعَامَّةُ إنَّهُ قَبْرُ هُودٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ” الفتاوى الكبرى لابن تيمية” ((1) / (159))
و قال أيضا كما في مجموع الفتاوى [(27) / (444)]: وأما قبور الأنبياء: فالذي اتفق عليه العلماء هو ” قبر النبي صلى الله عليه وسلم ” فإن قبره منقول بالتواتر وكذلك في صاحبيه وأما ” قبر الخليل ” فأكثر الناس على أن هذا المكان المعروف هو قبره وأنكر ذلك طائفة وحكي الإنكار عن مالك وأنه قال ليس في الدنيا قبر نبي يعرف إلا قبر نبينا صلى الله عليه وسلم لكن جمهور الناس على أن هذا قبره ودلائل ذلك كثيرة وكذلك هو عند أهل الكتاب. ولكن ليس في معرفة قبور الأنبياء بأعيانها فائدة شرعية وليس حفظ ذلك من الدين ولو كان من الدين لحفظه الله كما حفظ سائر الدين وذلك أن عامة من يسأل عن ذلك إنما قصده الصلاة عندها والدعاء بها ونحو ذلك من البدع المنهي عنها.
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -:
لا يُعرف قبر نبيٍّ من الأنبياء سوى نبينا عليه الصلاة والسلام، أما من ادعى أن هناك قبوراً في ” عُمَان ” أو في غير عمان معروفة للأنبياء: فهو كاذب، وليس بصحيح، إلا قبر نبينا عليه الصلاة والسلام في ” المدينة “، وهكذا قبر الخليل في ” الخليل ” في فلسطين، معروف هناك محل القبر، وأما بقية الأنبياء: فلا تُعرف قبورهم، لا نوح ولا هود ولا صالح ولا إبراهيم ولا غيرهم، ما عدا إبراهيم في ” الخليل “.
المقصود: أن جميع الأنبياء مع عدا النبييْن الكريميْن عليهما الصلاة والسلام محمد وإبراهيم لا تعرف قبورهم، محمد في ” المدينة ” وهذا بإجماع المسلمين معروف موجود، وهكذا الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام معروف أيضاً في المغارة في ” الخليل “، أما من سواهما من الأنبياء: فقد نص أهل العلم على أنه لا تُعرف قبورهم.
” نور على الدرب ” (شريط 642).