129 جامع الأجوبة الفقهية ص168.
-مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري وعامر الراشدي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2؛3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——‘——-‘——–‘———
39 وعنه رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ لأذنيه ماء غير الماء الذي أخذه لرأسه أخرجه البيهقي وهو عند مسلم من هذا الوجه بلفظ: ومسح برأسه بماء غير فضل يديه. وهو المحفوظ.
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
-مسألة: مسح الرأس بماء جديد غير ماء اليدين.
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
-بمعنى أن الأنسان وهو يتوضأ وبعد أن يفرغ من غسل ذراعيه، هل يمسح رأسه بما تبقى في يديه من بلل أو أنه يأخذ ماءً جديداً يمسح به رأسه؟
-اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين اثنين:
الأول: أنه يمسح رأسه بماء جديد غير ما فضل عن ذراعيه، وهذا هو قول الجمهور، أبي حنيفة والشافعي وأحمد وابن المنذر.
الثاني: أن المسح به جائز وهذا قول الحسن وعروة بن الزبير والاوزاعي ويشبه ذلك قول مالك كما قاله ابن المنذر.
-قال ابن قدامة في المغني (1/ 96):
ويمسح رأسه بماء جديد غير ما فضل عن ذراعيه، وهو قول أبي حنيفة والشافعي والعمل عليه عند أكثر أهل العلم.
-قال الترمذي: وجوزه الحسن وعروة والأوزاعي لما ذكرنا من حديث عثمان، ويتخرج لنا مثل ذلك إذا قلنا: إن المستعمل لا يخرج عن طهوريته، لاسيما الغسلة الثانية والثالثة، ولنا ما روى عبد الله بن زيد، قال: مسح رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رأسه بماء غير فضل يديه. وكذلك حكى علي ومعاوية رواهن أبو داود، وقال الترمذي: وقد روي من غير وجه، «أن النبي صلى الله عليه وسلم – أخذ لرأسه ماء جديدا.
ولأن البلل الباقي في يده مستعمل، فلا يجزئ المسح به، كما لو فصله في إناء ثم استعمله. انتهى
-قال ابن المنذر في الأوسط (1/ 392):
-اختلف اهل العلم في الرجل يمسح راسه بما يفضل في يده من بلل الماء عن فضل الذراع فقالت طائفه المسح به جائز هذا قول الحسن وعروه بن الزبير ويجزئ ذلك عند الاوزاعي ويشبه ذلك قول مالك لأنه قال لا احب ذلك وقالت طائفه لا يجزئ أن يمسح راسه بفضل بلل ذراعيه لأنه ماء مستعمل هذا مذهب الشافعي وهو يشبه مذهب اصحاب الراي قال ابو بكر والذي احب ان يأخذ لمسح راسه ماءا جديدا فان لم يفعل ومسح راسه بما في يده من فضل الماء الذي غسل به ذراعيه رجوت ان يجزئه. انتهى.
-واستدل الجمهور بحديث الباب، قال الصنعاني في سبل السلام (1/ 69):
وهو أي هذا الحديث عند مسلم من هذا الوجه بلفظ: ومسح برأسه بماء غير فضل يديه» وهو المحفوظ، وذلك أنه ذكر المصنف في التلخيص عن ابن دقيق العيد أن الذي رآه في الرواية هو بهذا اللفظ، قال المصنف أنه المحفوظ، وقال المصنف أيضا أنه الذي في صحيح ابن حبان، وفي رواية الترمذي، ولم يذكر في التلخيص أنه أخرجه مسلم، ولا رأيناه في مسلم، وإذا كان كذلك فأخذ ماء جديدا للرأس هو أمر لا بد منه، وهو الذي دلت عليه الأحاديث
-قال صاحب ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (3/ 309):
وروى مسلم وأبو داود وغيرهما عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه أنه رأى النبي – صلى الله عليه وسلم – “توضأ” فذكر صفة الوضوء إلى أن قال: “ومسح برأسه بماء غير فضل يديه، وغسل رجليه” وهذا هو الموافق لروايات الأحاديث الصحيحة في أنه – صلى الله عليه وسلم أخذ لرأسه ماء جديدا.
-واستدل أصحاب القول الثاني بحديث الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت: كان رسول الله يأتينا فيكثر، فأتانا فوضعنا له الميضأة، فتوضأ فغسل كفيه ثلاثاً، ومضمض واستنشق مرة مرة، وغسل وجهه ثلاثاً، وذارعيه ثلاثاً، ومسح رأسه بما بقي من وضوئه في يديه مرتين، بدأ بمؤخره، ثم رد يده إلى ناصيته، وغسل رجليه ثلاثاً، ومسح إذنيه مقدمهما ومؤخرهما. (مسند أحمد 6/ 358).
-قال النووي في المجموع شرح المهذب (1/ 154):
وأما قولهم توضأ النبي صلى الله عليه وسلم فمسح رأسه بفضل ماء كان في يده فهذا الحديث رواه هكذا أبو داود في سننه وإسناده عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها: وروى مسلم وأبو داود وغيرهما عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فذكر صفة الوضوء إلى أن قال ومسح برأسه بماء غير فضل يديه وغسل رجليه وهذا هو الموافق لروايات الأحاديث الصحيحة في أنه صلى الله عليه وسلم أخذ لرأسه ماء جديدا: فإذا ثبت هذا فالجواب عن الحديث من أوجه:
أحدها أنه ضعيف فإن راويه عبد الله بن محمد ضعيف عند الأكثرين وإذا كان ضعيفا لم يحتج بروايته لو لم يخالفه غيره: ولأن هذا الحديث مضطرب عن عبد الله بن محمد قال البيهقي قد روى شريك عن عبد الله في هذا الحديث فأخذ ماء جديدا فمسح رأسه مقدمه ومؤخره:
الجواب الثاني: لو صح لحمل على أنه أخذ ماء جديدا صب بعضه ومسح رأسه ببقيته ليكون موافقا لسائر الروايات وعلى هذا تأوله البيهقي على تقدير صحته:
الثالث: يحتمل أن الفاضل في يده من الغسلة الثالثة لليد ونحن نقول به على الصحيح وكذا في سائر نفل الطهارة. انتهى
– سبب الخلاف:
وسبب اختلاف العلماء في هذه المسألة هو خلافهم في هل الماء المستعمل في طهارة واجبة يكون طاهرا غير مطهر، أم أنه طاهر ومطهر؟ خلاف بينهم ليس هذا موضع إيراده.
-قال الشيخ العثيمين في فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام (1/ 190):
ومن فوائده: أنه يأخذ ماء جديدا لكل عضو لقوله: “غير فضل يديه”، ولكن لو فرض أنه لم يأخذ فهل يصح الوضوء أو لا؟ يعني: لو أن إنسانا غسل يديه وبقي فيهما بلل ومسح بهما رأسه فهل يجزئ أو لا؟
نقول: أما على قول من يرى أن الماء المستعمل في طهارة واجبة يكون طاهرا غير مطهر فإنه لا يصح أن يمسح رأسه بالماء الفاضل بعد غسل اليدين؛ لأن هذا الفاضل يستعمل لطهارة واجبة فيكون طاهرا غير مطهر.
وأما على القول الثاني: أنه ليس هناك قسم طاهر غير مطهر فإنه إذا بقي بلله يبل به الرأس فلا حرج؛ لأن المقصود مسح الرأس وقد حصل. انتهى
والله أعلم ….
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
-قلت: والعمل عند أكثر أهل العلم أن المتوضئ يمسح رأسه بماء جديد غير ما فضل عن ذراعيه،
-قلت: ويجوز أن يمسح الرأس بماء يديه الباقي عليهما بعد غسلهما، لحديث الربيع بنت معوذ: أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه من فضل ماء كان في يده. … (أخرجه أبو داود وغيره بسند حسن) كما في صحيح أبي داود ((121))
-والخلاصة انه يجوز فيه الحالتين.
‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘—-‘
انفرد عبدالله بن محمد بن عقيل بحديث الربيع بنت معوذ، وهو من الرواة المختلف فيهم، والأكثر على تضعيفه وقبله أئمة آخرون. وكان آخر ما اختاره الشيخ مقبل تضعيف حديثه، واختلف عليه في الفاظ هذا الحديث (راجع البدر المنير) وقد وجه الأئمة حديثه بعدة توجيهات سبق أن نقلها الأخوة، فلا يتعارض مع ما في الصحيح وإلا ما في الصحيح أصح.