213 عون الصمد شرح الذيل والمتم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———-‘———‘——-
مسند أحمد:
13817 – حدثنا خلف بن الوليد، حدثنا خالد بن عبد الله، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فاستحمله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إنا حاملوك على ولد ناقة “، قال: يا رسول الله ما أصنع بولد ناقة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” وهل تلد الإبل إلا النوق ”
______
إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير خلف بن الوليد – وهو أبو الوليد العتكي- وهو ثقة. خالد بن عبد الله: هو ابن عبد الرحمن الطحان الواسطي.
وأخرجه الضياء في “المختارة” (1901) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في “الأدب ” (268)، وأبو داود (4998)، والترمذي في “السنن ” (1991)، وفي “الشمائل ” (238)، وأبو يعلى (3776)، وأبو الشيخ في “أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ” ص 86، والبيهقي 10/ 248، والبغوي (3605)، والضياء (1899) و (1900) من طرق عن خالد بن عبد الله، به.
الجواب (سيف): على شرط الذيل على الصحيح المسند
قال الذهبي تاريخه 1/ 774 صحيح غريب.
وحميد وإن كان مدلس روايته عن أنس أما سمعها من ثابت أو ثبته فيها ثابت
————-‘———-‘——–
(المزاح)
بضم الميم كلام يراد به المباسطة بحيث لا يفضي إلى أذى فإن بلغ به الإيذاء فهو السخرية والمزاح بكسر الميم مصدر. [حاشية السندي على ابن ماجه].
(وعن أنس – رضي الله عنه – أن رجلا): قيل: وكان به بله («استحمل رسول الله – صلى الله عليه وسلم» -) أي: سأله الحملان، والمعنى: طلبه أن يحمله على دابة، والمراد به أن يعطيه حمولة يركبها («فقال: إني حاملك على ولد ناقة»): قاله مباسطا له بما عساه أن يكون شِفِاء لبلهه بعد ذلك. (فقال) أي: يا رسول الله، كما في الشمائل («ما أصنع بولد الناقة؟»): حيث توهم أن الولد لا يطلق إلا على الصغير، وهو غير قابل للركوب.
(«فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: هل تلد الإبل») أي: جنسها من الصغار والكبار (إلا النوق؟): بضم النون جمع الناقة، وهي أنثى الإبل، والمعنى: أنك لو تدبرت لم تقل ذلك، ففيه مع المباسطة له الإشارة إلى إرشاده وإرشاد غيره، بأنه ينبغي لمن سمع قولا أن يتأمله، ولا يبادر إلى رده إلا بعد أن يدرك غوره. (رواه الترمذي وأبو داود). ” مرقاة المفاتيح ”
قال العلامة العباد حفظه الله:
أورد أبو داود [باب ما جاء في المزاح] والمزاح هو كون الإنسان يأتي بشيء يكون فيه مازحاً، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يمزح، ولكن كان لا يقول في مزحه إلا حقاً، ففيه مداعبة وفيه مزح، ولكن مزحه يكون حقاً ليس فيه شيء يخالف الحق، أو شيء ليس بصحيح، بل هو صحيح. أورد أبو داود رحمه الله حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله احملني)] يعني: يريد منه أن يحمله على بعير. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنا حاملوك على ولد ناقة)] فهو فهم أن ولد الناقة صغير لا يحمل عليه ولا يركب عليه، فقال: [(وما أصنع بولد الناقة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وهل تلد الإبل إلا النوق؟!)] يعني: أن كل الإبل هي من ولد الناقة، فهذا مزاح وتورية؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد العموم، وهذا فهم شيئاً خاصاً وهو الصغير الذي لا يستطيع أن يحمل. فهذا من مزحه صلى الله عليه وسلم ومداعبته لأصحابه.
ومنه المرأة التي قال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة عجوز، فبكت فقال لها: إن النساء إذا دخلن الجنة يعدن أبكاراً) أي لا يدخلن الجنة وهن عجائز، بل يدخلن الجنة وهن شابات، فهي فهمت أن العجوز في الدنيا لا تدخل الجنة، والرسول صلى الله عليه وسلم أراد بذلك أنها لا تدخل المرأة الكبيرة الجنة وهي كبيرة عجوز، وإنما تدخل وهي شابة كما قال الله عز وجل: إِنَّا أَنشَانَاهُنَّ إِنشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا [الواقعة:35 – 37].
[المزاح المنهي]
قال الطيبي في المشكاة: المزاح المنهي عنه هو الذي فيه إفراط ويداوم عليه، فإنه يورث الضحك وقسوة القلب، ويشغل عن ذكر الله تعالى والفكر في مهمات الدين. ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء، ويورث الأحقاد ويسقط المهابة والوقار. فأما من سلم من هذه الأمور، فهو المباح الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله على الندرة لمصلحة وتطييب نفس المخاطب ومؤانسته، وهو سنة مستحبة. فاعلم هذا؛ فإنه مما يعظم الاحتياج إليه.
قال المناوي: وقال الراغب: المزاح والمداعبة إذا كان على الاقتصاد محمود والإفراط فيه يذهب البهاء ويجري السفهاء وتركه يقبض المؤانس ويوحش المخالط لكن الاقتصاد منه صعب جدا لا يكاد يوقف عليه ولذلك يخرج عنه أكثر الحكماء حيث قيل المزاح مسلبة للبهاء مقطعة للإخاء فحل لا ينتج إلا الشر. ” فيض القدير”
سئل العلامة ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب
بارك الله فيكم هذا شاب يسأل ويقول بأنه كثير المزاح مع الأصدقاء والإخوان في الرحلات وفي المناسبات يقول بإنه عرف بهذا العمل هل يلحقه اثم بهذا؟
الجواب
الشيخ: إذا كان هذا المزاح حقاً بحيث لا يتضمن كذباً ولا يتضمن سخرية بأحد وإنما هو مرح من أجل شرح صدور إخوانه وأصحابه فإنه لا بأس به بل قد يكون مأجوراً عليه بالنبية الطيبة إذا قصد بذلك دفع السآمة عن إخوانه وإدخال السرور عليهم أما إذا تضمن كذباً أو سخرية بأحد فإنه لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ويل لمن حدث وكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له) وأما السخرية فهي حرام أيضاً لأن المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه والسخرية به من أكبر خدش عرض أخيه.
[المزاح بألفاظ فيها: كفر أو فسق]
سئل ابن باز رحمه الله كما في مجموع الفتاوى [7/ 46 – 47]:
المزاح بألفاظ فيها: كفر أو فسق أمر موجود في بعض المجتمعات المسلمة، فحبذا لو ألقى سماحتكم الضوء على هذا الأمر، وموقف طلبة العلم والدعاة منه.
الجواب:
لا شك أن المزح بالكذب وأنواع الكفر من أعظم المنكرات ومن أخطر ما يكون بين الناس في مجالسهم. فالواجب الحذر من ذلك وقد حذر الله من ذلك بقوله: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (1) {لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (2)
وقد قال كثير من السلف رحمهم الله: إنها نزلت في قوم قالوا فيما بينهم في بعض أسفارهم مع النبي صلى الله عليه وسلم: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ولا أكذب ألسنا ولا أجبن عند اللقاء، فأنزل الله فيهم هذه الآية. وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له (1)» رواه أبو داود والترمذي والنسائي بإسناد صحيح.
فالواجب على أهل العلم وعلى جميع المؤمنين والمؤمنات، الحذر من ذلك والتحذير منه، لما في ذلك من الخطر العظيم والفساد الكبير والعواقب الوخيمة، عافانا الله والمسلمين من ذلك، وسلك بنا وبهم صراطه المستقيم إنه سميع مجيب.