1206 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي وناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
——-
صحيح البخاري
باب إذا دعت الأم ولدها في الصلاة
1206 – وقال الليث حدثني جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز قال قال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نادت امرأة ابنها وهو في صومعة قالت يا جريج قال اللهم أمي وصلاتي قالت يا جريج قال اللهم أمي وصلاتي قالت يا جريج قال اللهم أمي وصلاتي قالت اللهم لا يموت جريج حتى ينظر في وجه المياميس وكانت تأوي إلى صومعته راعية ترعى الغنم فولدت فقيل لها ممن هذا الولد قالت من جريج نزل من صومعته قال جريج أين هذه التي تزعم أن ولدها لي قال يا بابوس من أبوك قال راعي الغنم
———‘———‘——-
روايات أخرى للحديث:
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: ” لَمْ يَتَكَلَّمْ فِى الْمَهْدِ إِلاَّ ثَلاَثَةٌ: عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ.
وَكَانَ جُرَيْجٌ رَجُلاً عَابِدًا، فَاتَّخَذَ صَوْمَعَةً، فَكَانَ فِيهَا، فَأَتَتْهُ أُمُّهُ وَهُوَ يُصَلِّى.
فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ.
فَقَالَ: يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلاَتِي. فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ، فَانْصَرَفَتْ.
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ.
فَقَالَ: يَا رَبِّ أمي وصلاتي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ، فَانْصَرَفَتْ.
فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَتْ: يَا جُرَيْجُ.
فَقَالَ: أَي رَبِّ أُمِّي وصلاتي، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلاَتِهِ.
فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى وُجُوهِ الْمُومِسَاتِ.
فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْجًا وَعِبَادَتَهُ، وَكَانَتِ امْرَأَةٌ بَغِىٌّ يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا، فَقَالَتْ: إِنْ شِئْتُمْ لأَفْتِنَنَّهُ لَكُمْ.
قَالَ: فَتَعَرَّضَتْ لَهُ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا.
فَأَتَتْ رَاعِيًا كَانَ يَاوِي إِلَى صَوْمَعَتِهِ، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَحَمَلَتْ.
فَلَمَّا وَلَدَتْ، قَالَتْ: هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ.
فَأَتَوْهُ فَاسْتَنْزَلُوهُ، وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ، وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ، فَقَالَ: مَا شَانُكُمْ؟
قَالُوا: زَنَيْتَ بِهَذِهِ الْبَغِي فَوَلَدَتْ مِنْكَ.
فَقَالَ: أَيْنَ الصبي؟
فَجَاءُوا بِهِ، فَقَالَ: دعوني حَتَّى أُصَلِّىَ، فَصَلَّى.
فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى الصَّبيَّ فَطَعَنَ فِى بَطْنِهِ، وَقَالَ: يَا غُلاَمُ مَنْ أَبُوكَ؟
قَالَ: فُلاَنٌ الراعي.
قَالَ: فَأَقْبَلُوا عَلَى جُرَيْجٍ يُقَبِّلُونَهُ، وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ، وَقَالُوا: نَبْنِي لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ.
قَالَ: لاَ أَعِيدُوهَا مِنْ طِينٍ كَمَا كَانَتْ، فَفَعَلُوا”
لفظ مسلم
وفي رواية أخرى:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
” كَانَ رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، يُقَالُ لَهُ: جُرَيْجٌ، يُصَلِّي.
فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ، فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهَا، فَقَالَ: أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي، ثُمَّ أَتَتْهُ فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ الْمُومِسَاتِ.
وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: لَأَفْتِنَنَّ جُرَيْجًا، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ، فَكَلَّمَتْهُ، فَأَبَى.
فَأَتَتْ رَاعِيًا، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَقَالَتْ: هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ.
فَأَتَوْهُ، وَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ، فَأَنْزَلُوهُ، وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ، وَصَلَّى، ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ، فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ؟
قَالَ: الرَّاعِي.
قَالُوا: نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ.
قَالَ: لَا إِلَّا مِنْ طِين.
لفظ البخاري 2482
تخريج الحديث:
رواه البخاري: 3436، ومسلم: 2250.
ورواه أحمد: 7726، وابن حبان في صحيحه: 6489.
وجمع الألباني ألفاظه من البخاري في كتاب الأنبياء باب 48 وأذكر في الكتاب مريم. .. مختصر الألباني للبخاري.
وراجع الجمع بين الصحيحين لعبد الحق الاشبيلي 4484
وربما نذكر تفصيل الألفاظ والروايات حيث ذكرها ابن حجر إن شاء الله.
غريب الحديث:
الصومعة: بناء مرتفع يتخذ للعبادة.
المومسات: الزواني البغايا.
تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي: 1/ 157.
فوائد حديث الباب:
1 – قوله (إذا دعت الأم ولدها في الصلاة) أي فعليه الإجابة في غير الفريضة لأن الحديث الذي ذكره ظاهره في صلاة التطوع.
2 – فضل حفظ قلب الأم قاله البيهقي في شعب الإيمان.
3 – غير الأنبياء قد يوجد لهم أحوال تؤدي إلى المعجزات قاله ابن حبان ولو قال قد يوجد لهم كرامات لكان أدق والله أعلم.
4 – إذا هدم حائطا فليبن مثله قاله البخاري.
5 – بنو إسرائيل منهم العباد الصالحون.
6 – صاحب جريج ممن تكلم في المهد.
7 – … إجابة دعوة الآباء والأمهات، وتشديد الحذر من ذلك، ومن سخطهم.
8 – فيه ضرورة صبر الوالدين وترك الدعاء على الأولاد فقد تصادف ساعة إجابة.
9 – وفي الحديث إيثار إجابة الأم على صلاة التطوع لأن الاستمرار فيها نافلة، وإجابة الأم وبرّها واجب. قاله ابن علان في دليل الفالحين.
10 – قال القاضي عياض في إكمال المعلم: ولعله غلط فى إيثار صلاته وعزلته على إجابة أمه (ورهبانية ابتدعوها).
11 – وفيه أن الكرامات (قد) تأتى باختيار الأولياء وطلبهم لها. قاله القاضي عياض. وما بين القوسين إضافة من ابن الملقن.
12 – “لو كان جريج عالمًا لعلم أنَّ إجابته أمه أولى من صلاته” روي مرفوعا. قلت وقد صبرت عليه ثلاثة أيام.
13 – صاحب الصدق مع الله لا تضره الفتن.
14 – … وفيه أن الله يجعل لأوليائه مخارج عند ابتلائهم وإنما يتأخر ذلك عن بعضهم في بعض الأوقات تهذيباً وزيادة في الثواب.
15 – فيه اللجأ إلى الصلاة عند الكرب. وفي الحديث «كان إذا حزبه أمر بادر إلى الصلاة» قاله ابن علان في دليل الفالحين.
16 – قوله (قالت يا جريج) ثلاثا ظاهره في نفس الزيارة، وقد ورد من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة عند مسلم (فانصرفت فلما كان من الغد أتته وهو يصلي) فدل على أنها أتته على مدى ثلاثة أيام، فوضح سبب دعائها عليه.
17 – وفي رواية (فَنَادَتْهُ: يَا جُرَيْجُ، أَطْلِعْ عَلَيَّ وَجْهَكَ أَنْظُرْ إِلَيْهِ) أخرجها مسلم.
18 – فعوقب بدعائها عليه أن ينظر في وجوه المومسات جزاء تركه النظر إلى أمه وتكليمها.
19 – قوله في حديث أبي رافع عن أبي هريرة عند مسلم (فقالت اللهم إن هذا جريج وهو ابني وإني كلمته فأبى أن يكلمنى) هذا هو سبب دعائها عليه.
20 – قوله (كانت تأوي إلى صومعته راعية ترعى الغنم) وفي رواية عند البخاري من طريق ابن سيرين عن أبي هريرة (فقالت امرأة لأفتنن جريجا فتعرضت له فكلمته فأبى).
21 – وعند مسلم من طريق ابن سيرين (وكانت امرأة بغى يتمثل بحسنها فقالت إن شئتم لأفتننه لكم قال فتعرضت له فلم يلتفت إليها).
22 – العوام الجهال يفرطون في الحب، ويفرطون في البغض.
قلت ورد: أنهم يتمسحون.
23 – ورد في بعض طرق الحديث في أوله (لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة عيسى بن مريم …
24 – جاء عند الطبراني في الأحاديث الطوال (قَالَ لَهُ جُرَيْجٌ: مَنْ أَبُوكَ؟ قَالَ: أَبِي فُلَانٌ، فَسَمَّاهُ وَبَرَّأَ اللَّهُ تَعَالَى جُرَيْجًا).
25 – الرهبنة بدعة ابتدعوها ما كتبها الله سبحانه عليهم.
26 – أهل المنكر يحث بعضهم بعضا على المعاصي.
27 – قول البخاري (وقال الليث) هذا معلق قال الحميدي في الجمع بين الصحيحين أخرجه البخاري من هذه الطريق تعليقا.
28 – قلت وصله الطبراني في الأحاديث الطوال من طريق عبد الله بن صالح، والطحاوي في شرح مشكل الآثار من طريق شعيب بن الليث قالا حدثنا الليث به.
29 – والحديث أخرجه الشيخان موصولا من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة به.
30 – قال ابن الملقن في التوضيح:
وأسنده من حديث الليث أبو نعيم من حديث يحيى بن بكير، عن الليث، عن جعفر بن ربيعة، عن الأعرج -وهو عبد الرحمن بن هرمز- عن أبي هريرة. بأثر عن النبي – صلى الله عليه وسلم -.
وأسنده الإسماعيلي من حديث عاصم بن علي عن الليث به، وفيه زيادة: “أن رجلًا يقال له جريج كان راهبًا -وفيه: (زواني المدينة) بدل: (المياميس) – فعرف أن ذلك يصيبه”. وفيه: “فأرسل إليه، فأُنزل وانطلق به إلى ملكهم، فلما مروا به نحو بيت الزواني خرجن يضحكن، فتبسم، فقالوا: لم تضحك حين مُر بالزواني؟ ” وفيه: “فقال: أبي الراعي، وسماه أباه، فأبرأ الله -عز وجل- جريجًا وأعظم أمره”.
31 – قوله (حدثني جعفر بن ربيعة) تابعه ابن لهيعة عن الأعرج به أخرجه أبو سعيد النقاش في فنون العجائب من طريق ابن وهب به.
32 – تابعه أبو رافع عن أبي هريرة به أخرجه مسلم.
33 – وتابعه أبو يونس عن أبي هريرة أخرجه أبو سعيد النقاش في فنون العجائب.
(34) – جعلت أم جريج (كفها فوق حاجبها ثم رفعت رأسها إليه تدعوه) أخرجها مسلم من وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(35) – قوله (يا بابوس) أي يا صغير
————-‘———–‘———
فوائد الباب:
1 – دقة وجودة حفظ أبي هريرة رضي الله عنه.
2 – إذا تزاحم على الشخص أمران قدم الأهم ثم المهم، وقدم الواجب على الندب.
3 – أن العلم مقدم على العمل.
4 – أن عقوبة العقوق تعجل، مع ما يُدخر للعاق في الآخرة
5 – قال الإمام النووي معلقاً على قصة جريج هذه: (فيه – أي في الباب – قصة جريج رضي الله عنه، وأنه آثر الصلاة على إجابتها فدعت عليه فاستجاب الله لها، وقال العلماء هذا دليل على أنه كان الصواب في حقه إجابتها، لأنه كان في صلاة نفل، والاستمرار فيها تطوع لا واجب، وإجابة الأم وبرها واجب، وعقوقها حرام، وكان يمكنه أن يخفف الصلاة ويجيبها ثم يعود لصلاته، فلعله خشي أنها تدعوه لمفارقة صومعته.
6 – فيه دلالة على أن من أخذ بالشدة في أمور العبادات كان أفضل إذا علم من نفسه قوة على ذلك لأن جريجا دعا الله في التزام الخشوع له في صلاته وفضله على الاستجابة لأمه فعاقبه الله تعالى على ترك الاستجابة لها بما ابتلاه الله به من دعوة أمه عليه ثم أراه فضل ما آثره من مناجاة ربه والتزام الخشوع له أن جعل له آية معجزة في كلام الطفل فخلصه بها من محنة دعوة أمه عليه.
7 – وفيه عظم بر الوالدين وأن دعاءهما مستجاب وعن هذا قال العلماء إن إكرامهما واجب
8 – أن أماكن العبادة لا يجوز أن تكون من ذهب أو فضة أو أشياء تلهي الناس
————-‘———–‘——–
قال ابن رجب في الفتح:
و ((المياميس)): جمع مومسة، وهي البغي، وتجمع على مياميس -: قاله أبو
زيد.
وهكذا في جميع روايات البخاري.
وقيل: إنما تجمع على ((مواميس)) – بالواو -؛ لأن الكلمة من ذوات الواو.
ورواه بعضهم ((المأميس)) – بالهمزة.
و ((البابوس)) هو الصغير الرضيع من بني آدم، وهو الصغير من أولاد الإبل – أيضا.
وقيل: إنه اسم لذلك المولود، وهو بعيد.
وفي الحديث: دليل على تقديم الوالدة على صلاة التطوع، وأنها إذا دعت ولدها في الصلاة فإنه يقطع صلاته ويجيبها. اهـ
قال عطية محمد سالم في شرح بلوغ المرام:
والذي يهمنا ما ذكره العلماء من أن الوضوء كان مشروعاً في الأمم الماضية كما هو مشروع عندنا. اهـ
قال القاضي عياض في إكمال المعلم:
قال القاضى: ليس فى الحديث أنه كان فى فريضة من صلاته، أو لعل شرعهم كان لا يحل فيه قطع النافلة لشاء من الأشياء، ودليله قوله: ” أمى وصلاتى “، وظاهره عندى تقابل الفرضين عنده من إيثار الصلاة. وقد كان يقدر على تخفيف ذلك وإجابتها لو لم يكن كلامها، لكنه لعله خشى أن يدعوه إلى النزول عن صومعته وكونه معها. أو خشى أن مفاتحتها بالكلام تسبب الأنس لغير من انقطع له، ويحل عزمه ويضعف عقده فيما التزمه. ولعل شرعه كان حينئذ يوافق ذلك أو يخالفه.
ولا شك عندنا أن بر أمه فرض [والعزلة] وصلوات النوافل طول نهاره وليله ليست بفرض، والفرض مقدم. ولعله غلط فى إيثار صلاته وعزلته على إجابة أمه، فكذلك أجاب الله دعوتها فيه عقابا له. اهـ
قال صاحب كتاب تطريز رياض الصالحين:
وفي حديث مرفوع: «لو كان جريج عالمًا لعلم أنَّ إجابته أمه أولى من صلاته».اهـ
قلت سيف: وذكر الحديث ابن حجر. لكن حكم عليه الألباني بالوضع وقال يشبه قول الفقهاء. الضعيفة.
قال العثيمين في شرح رياض الصالحين:
ويستفاد من هذه القطعة أن دعاء الوالد إذا كان بحق فإنه حري بالإجابة فدعاء الوالد ولو كان على ولده إذا كان بحق فهو حري أن يجيبه الله ولهذا ينبغي لك أن تحترس غاية الاحتراس من دعاء الوالدين حتى لا تعرض نفسك لقبول الله دعاءهما فتخسر.
وفي الحديث أيضا دليل على أن الشفقة التي أودعها الله في الوالدين قد يوجد ما يرفع هذه الشفقة لكن شدة الغضب والعياذ بالله أوجب لها أن تدعو بهذا الدعاء …
وفي قصته من الفوائد غير ما سبق أن الإنسان إذا تعرف إلى الله تعالى في الرخاء عرفه في الشدة.
ففي هذه القصة أن هذا الصبي تكلم وهو في المهد وقال إن أباه فلان الراعي واستدل بعض العلماء من هذا الحديث على أن ولد الزني يلحق الزاني لأن جريج قال من أبوك قال أبي فلان الراعي وقد قصها النبي صلى الله عليه وسلم علينا للعبرة فإذا لم ينازع الزاني في الولد واستلحق الولد فإنه يلحقه وإلى هذا ذهب طائفة يسيرة من أهل العلم وأكثر العلماء على أن ولد الزنى لا يلحق الزاني لقول النبي صلى الله عليه وسلم الولد للفراش وللعاهر الحجر لكن هذا الولد لا شك أنه خلق من ماء الزاني فهو ولده قدرا ولم يكن له أب شرعي ينازعه وعلى هذا فيلحق به قالوا وهذا أولى من ضياع نسب هذا الولد لأنه إذا لم يكن له أب ضاع نسبه وصار ينسب إلى أمه.
وفي هذا الحديث دليل على صبر هذا الرجل جريج حيث إنه لم ينتقم لنفسه ولم يكلفهم شططا فيبنون له صومعته من ذهب. اهـ
قلت سيف: قد يكون الراجح عدم نسبته إلا إلى أمه لأنها زانية فاسقه لا يصدق خبرها فقد يكون اختلطت مياه الرجال فيها.
– نهاية الكذب والزور الفشل والخيبة كما حصل لهذه المرأة.
——-
فوائد القصة لأحد الباحثين مع فوائد أخرى:
– وتكلم من الصغار الغلام الذي يرضع وقال في الفارس المتكبر الفاجر: اللهم لا تجعلني مثله. وفي الأمة المتهمة ظلما اللهم اجعلني مثلها يقصد في التواضع. وقد ذكره البخاري ومسلم في حكاية النبي صلى الله عليه وسلم مع قصة جريج فالبخاري برقم 3436. ومسلم 2550
وعيسى عليه السلام تكلم في المهد.
ويكون قد ثبت الكلام في المهد لستة أشخاص هؤلاء. والطفل في قصة ماشطة ابنة فرعون، والمتكلم في قصة أصحاب الأخدود، وشاهد يوسف.
قلت سيف: وهؤلاء الثلاثة يحتاج التأكد من صحة الأحاديث إليهم وهل هناك دليل انهم صغار.
– رغم سوء بني إسرائيل إلا أنه كان فيهم مجموعة من العباد والزهاد الذين يعرفون الله حق المعرفة، منهم: جريج.
– الظاهر أن جريج كان من اتباع عيسى عليه الصلاة والسلام، لأنهم هم الذين اتخذوا الرهبنة، والانقطاع للعبادة.
– صورت بعض روايات الحديث أن أمه كانت تضع كفها على حاجبها، والظاهر أن ذلك كان من أشعة الشمس، وهو بحد ذاته يدل على شدة معاناتها وهي تريد لقاءه والجلوس معه.
– الخشوع في الصلاة لا يتصوره إلا من عرفه، كأمثال: جريج رضي الله عنه.
– غضبت الأم على ابنها فدعت عليه دعوة غريبة: دعوة فتنة في دينه بأن لا يموت حتى يرى وجوه البغايا، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أنها لو دعت عليه بالفتنة لفتن كما جاء في رواية أخرى للحديث عند مسلم.
ومعروف أن دعاء الوالدين لأولادهم أو عليهم مستجاب، فاحرص على أن يدعوا لك بالخير، واحذر دعاءهما عليك بالشر.
وفي هذا يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ” ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم”.
رواه أبو داود: 1536، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة:596.
قلت سيف:
وراجع تخريجنا لكشف الأستار 3139 حيث قلنا يحسن بشواهده
وفي الصحيح المسند 1358 (ثلاث لا يرد لهم دعوة الصائم حتى يفطر وإمام عادل ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماوات فيقول الرب وعزتي لأنصرنك بعد حين).
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم الناس عموما والوالدين أن يدعوا على أولادهم، فقال عليه الصلاة والسلام:
” لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ”.
رواه مسلم
– يبدو أن جريجا كان معروفا بعفته.
– ينبغي على المسلم أن يوازن في أوقاته، فساعة للعبادة، وساعة للوالدين، وأخرى للزوجة والأولاد، وساعة للعلم، وهكذا.
– أوجد الله في هذه الحياة أسباب الهداية، وأسباب الضلال، ولكن لا يعني أن الله يرضى عن هذه الأفعال، فهذا هو القدر الكوني الذي قدره الله في هذه الدنيا بخلاف القدر الشرعي. ولا تنسب إلى الله من باب الأدب مع الله ثم صاحب الرذيلة هو نفسه طينته خبيثة
– قد يكون الحسد في كل شيء حتى في العبادة
– ليس كل الحسن خير
– الساقطون في وحل الرذيلة يظنون أن الناس مثلهم يتساقطون في الشهوات
– يحاول أهل الرذيلة تشويه صفحة الصالحين،
– التقوى تعصم صاحبها من الوقوع في الرذيلة
– استجاب الله دعاء الأم، وفي هذا بيان لأثر عقوق الوالدين وترك برهما.
– استعملت المرأة حيلة خبيثة، حيث مكنت الراعي من نفسها فحملت، ولما ولدت ادعت أنه من جريج.
– وقد كان الزنا وانتشار البغايا معروفا في بني إسرائيل، فأول ما فتنوا به النساء
– الزنا من الكبائر العظيمة
– خيانة أصحاب التقوى أعظم من غيرهم. فلا بد أن يبرأ نفسه ان كان مظلوم
– وفيه دليل أن الوضوء كان موجودا في الديانات السماوية السابقة، ولكن لا نعرف هل كوضوئنا أم لا؟
– وفيه الفزع للصلاة
– لا يجوز التسرع في الاتهام
– مهما تستر أهل الباطل على باطلهم فلا بد من يوم يكشفوا قال سبحانه: “وَلَوْ نَشَاء لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ” (محمد: 30).
– الإنسان الصالح ينفعه صلاحه وقت الحاجة، قال الله تعالى:” وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا” (الطلاق: 2،3).
– الإنسان الصالح المتهم الذي تظهر براءته يزيد رصيده بين الناس حبا ومدحا وثناء.
– يمكن أن يصحح الخطأ، فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون
– وفيه أن كرامات الأولياء قد تقع باختيارهم وطلبهم. مع قوة رجائهم بالله
– حرمة بناء المساجد من ذهب أو فضة.
– جواز الأخذ بالأشد في العبادة لمن علم من نفسه القدرة على ذلك، كما فعل جريج فإنه كان دائم الصلاة. وهدي النبي صلى الله عليه وسلم خير هدي
– قوة اليقين والرجاء بالله، فما الذي جعله يسأل الصبي إلا قوة يقينه بالله، وحسن توكله عليه.
– الله سبحانه يلهم أهل الإيمان بأشياء قد لا تخطر على بال أحد.
– في الحديث: (فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به) أخرجه مسلم 2550
قد يكون من الجائز عندهم التَّمَسُّحِ بالصالحين بِخِلافِ ما جاء في شريعةِ محمدٍ عليه الصلاة والسلام، أو إنما تمسح بجريج الجهال. ولم ينكر عليهم للدهشة.
– قوله: “يا غلام، من أبوك؟ قال: فلان الراعي”: ومعلوم أن الزاني لا يلحقه الولد، فكيف الإجابة عن ذلك؟
من وجهين:
لعله كان في شرعهم يلحقه.
وقد يكون المراد: من ماء من أنت؟ وسماه أبا مجازا.
فالله أعلم
– أن الإنسان قد لا يتعلم إلا إذا نزلت به مصيبة أو كارثة: عند ذلك يتغير، فهو ضحك (قالوا: مِمَّ ضحكت؟ قال: من دعوة دعتها أمي)
– في الأثر عن عثمان: ودت الزانية لو أن كل النساء زواني
وسيأتي التنبيه من أخرجه.
ومنه قوله تعالى (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا)
[سورة النساء 27]
– منه قوله تعالى … (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَاخُذْكُمْ بِهِمَا رَافَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)
سورة النور. قدمت الزانية لأن فتنة الشهوات في الغالب المراة هي التي تسهلها. بينما في السرقة قدم السارق.
– خطر الخلوة ومن الرهبان الذين افتتنوا … الراهب الذي أمنه ثلاثة على اختهم فوقع بها ثم قتلها. وسيأتي بيان أنها من الإسرائيليات.
– بر الوالدين ولو بتمكينهم من رؤيتك كما في لفظ في قصة ابن جريج (دعني انظر لوجهك)
– مشروعية الوضوء في الأمم الماضية
– أن الإنسان المسلم يحتاج أن يدعو ربه بالتوفيق للصواب
– حديث: (ولد الزنا شر الثلاثة) محمول على أنه إذا عمل بعمل والدَيه.
– الحذر من دعاء المظلوم، ولو طالت المدة، ولو قبل الموت.
– جمع البخاري بين كونها راعية غنم وأنها بغي. بأنها تظاهرت برعي الغنم. نقله محمد بن غيث
– فضيلة العفو
– العلم منجاة من الفتن.
– النظر للمومسات من الفتن
——
– منه قوله تعالى (إذا جاءكم فاسق بنبأ) فتبينوا
– زهد جريج
– فيه معنى حديث (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل).
– دفع الشبه وتبرأت النفس كما فعل يوسف عليه الصلاة والسلام والنبي صلى الله عليه وسلم.
– وفيه عظم كيد النساء. كما حصل من امرأة العزيز مع يوسف عليه الصلاة والسلام
– حسن الظن بالآخرين
– اتخاذ مكان للعبادة حتى بعض الصحابة كان يصلي في مربد.
– تحريم الزنا في شرائع الأمم السابقة.
– فتنة الغنى فقوم جريج كانوا أغنياء
– فضل العالم على العابد
– قال العباد: إذا لم يبق من صلاته شئ فليخففها.
قلت سيف بن دورة الكعبي:
تنبيه:
قال ابن جرير حدثني يحيى بن ابراهيم المسعودي حدثنا أبي عن أبيه عن جده عن الأعمش عن عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود في هذه الآية كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين [الحشر: 16، 17] قال ابن مسعود: وكانت امرأة ترعى الغنم وكان لها إخوة أربعة، وكانت تأوي بالليل إلى صومعة راهب. قال: فنزل الراهب ففجر بها فحملت فأتاه الشيطان فقال له: اقتلها ثم ادفنها فإنك رجل مصدق يسمع قولك فقتلها، ثم دفنها قال: فأتى الشيطان إخوتها في المنام فقال لهم: إن الراهب صاحب الصومعة فجر بأختكم فلما أحبلها قتلها، ثم دفنها في مكان كذا وكذا، فلما أصبحوا قال رجل منهم: والله لقد رأيت البارحة رؤيا ما أدري أقصها عليكم أم أترك؟ قالوا: لا بل قصها علينا، قال: فقصها فقال الآخر: وأنا والله [ص: 45] لقد رأيت ذلك فقال الآخر: وأنا والله لقد رأيت ذلك قالوا: فوالله ما هذا إلا لشيء فانطلقوا فاستعدوا ملكهم على ذلك الراهب فأتوه فأنزلوه، ثم انطلقوا به فأتاه الشيطان فقال: إني أنا الذي أوقعتك في هذا، ولن ينجيك منه غيري فاسجد لي سجدة واحدة وأنجيك مما أوقعتك فيه، قال: فسجد له، فلما أتوا به ملكهم تبرأ منه وأخذ فقتل، وهكذا روي عن ابن عباس، وطاوس، ومقاتل بن حيان، نحو ذلك.
وقد روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بسياق آخر فقال ابن جرير حدثنا خلاد بن أسلم حدثنا النضر بن شميل أنبأنا شعبة عن أبي إسحاق سمعت عبد الله بن نهيك سمعت عليا يقول: إن راهبا تعبد ستين سنة، وإن الشيطان أراده فأعياه فعمد إلى امرأة فأجنها، ولها إخوة فقال لإخوتها: عليكم بهذا القس فيداويها قال: فجاءوا بها إليه فداواها وكانت عنده فبينما هو يوما عندها، إذ أعجبته فأتاها فحملت فعمد إليها فقتلها، فجاء إخوتها فقال الشيطان: للراهب أنا صاحبك إنك أعييتني أنا صنعت هذا بك فأطعني أنجك مما صنعت بك، اسجد لي سجدة فسجد له فلما سجد له قال: إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين فذلك قوله [ص: 46] كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين.
المصدر:
قلت سيف الكعبي:
يحيى بن ابراهيم بن محمد بن أبي عبيدة قال النسائي صدوق
لكن ابراهيم بن محمد بن أبي عبيدة مجهول
محمد بن أبي عبيدة أخرج له مسلم وأبوه عبدالملك بن معن كذلك أخرج له مسلم وثقه ابن معين
أما الإسناد لعلي بن أبي طالب ففيه عبدالله بن نهيك ذكره ابن حبان في الثقات.
كذا في تفسير ابن جرير
وأكثر المصادر فيها نهيك بن عبد الله السلولي وكذلك نهيك إنما ذكره ابن حبان
وورد عن ابن عباس لكن مسلسل بالعوفيين
لكن له طريق أخرى عن عدي بن ثابت عن ابن عباس أخرجه ابن المنذر والخرائطي في اعتلال القلوب عزاها إليهم صاحب الدر المنثور
ورجعت لسند الخرائطي فإذا هو لا بأس به.
وورد عن طاووس أخرجه ابن جرير وغيره كما في الدر المنثور والسند إليه صحيح
راجع تعليقنا على تفسير ابن كثير سورة الحشر اية 16
فالغالب انها من الإسرائيليات فلا نصدقها ولا نكذبها ولا بأس بذكرها.
تنبيه 2: أثر ودت الزانية لو أن النساء كلهن يزنين.
…..
ذكر هذا الأثر الإمام ابن تيمية في مجموع الفتاوى وكتاب الإستقامة في معرض شرح الآية
قال تعالى في المنافقين (ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء) سورة النساء 89 وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه ودت الزانية لو زنى النساء.
وذكره أبو عبيد البكري في شرح كتاب الأمثال
والكتاب تحقيق: د. إحسان عباس و د. عبدالمجيد عابدين
منقول
قلت سيف:
ابن المنذر كما نقله عنه ابن مفلح في المبدع، قال:
وما روي عن عثمان أنه قال ودت الزانية أن النساء كلهن يزنين لا أعلمه ثابتا عنه وكيف يجوز أن يثبت عثمان كلاما بالظن عن ضمير؟ امرأة لم يسمعها تذكره انتهى
ونقل كلام ابن المنذر ابن قدامة في المغني