1204 – 1203 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح وأحمد بن علي وناصر الريسي
وشارك عبدالله المشجري ونورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———-‘———‘——-‘
رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
باب التصفيق للنساء
1203 – حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، حدثنا الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء»
1204 – حدثنا يحيى، أخبرنا وكيع، عن سفيان، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «التسبيح للرجال، والتصفيح للنساء»
——-‘
باب التصفيق للنساء في حديث أبي هريرة وحديث سهل بن سعد رضي الله عنهما
فوائد احاديث الباب:
(1) – حديث أبي هريرة اخرجه الستة.
(2) – المرأة لا ترفع صوتها بالتلبية إستدلالا من حديث الباب قاله البيهقي في السنن الكبرى.
(3) – قوله (التصفيق للنساء) زاد النسائي في سننه من طريق محمد بن المثنى عن سفيان (في الصلاة) وهي رواية لمسلم من طريق همام عن أبي هريرة وترجم عليه النسائي
وأبو داود فقالا التصفيق في الصلاة ونحوه ترجم ابن ماجه
(4) – قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الصراط المستقيم – بشأن التصفيق والصفير- فاتخاذ هذا قربة وطاعه من عمل الجاهلية الذي لم يشرع في الإسلام.
(5) – وقال شيخ الإسلام أيضا:”ولما كان الغناء والضرب بالدف والكف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك من الرجال مخنثا ويسمون الرجال المغنين مخانيث وهذا مشهور في كلامهم” مجموع الفتاوى (11) / (565)
(6) – قوله (حدثنا سفيان) هو ابن عيينة صرح به مسلم في روايته.
(7) – حديث سهل بن سعد سبق قبل باب وذكرنا فوائده هناك، قال شيخ الإسلام كما في منهاج السنة فهذا الحديث من أصح حديث على وجه الأرض وهو مما اتفق أهل العلم بالحديث على صحته وتلقيه بالقبول.
(8) – قال ابن القيم في إعلام الموقعين المثال السابع والستون رد السنة الصحيحة الصريحة في تسبيح المصلي إذا نابه شيء في صلاته كما في الصحيحين من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة …. فردت هذه السنن بأنها معارضة لأحاديث تحريم الكلام في الصلاة وقد تعارض مبيح وحاظر فيقدم الحاظر، والصواب أنه لا تعارض بين سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجه وكل منها له وجه والذي حرم الكلام في الصلاة ومنع منه هو الذي شرع التسبيح المذكور وتحريم الكلام كان قبل الهجرة وأحاديث التسبيح بعد ذلك فدعوى نسخها بأحاديث تحريم الكلام محال ولا تعارض بينهما بوجه ما فإن “سبحان الله” ليس من الكلام الذي منع منه المصلي بل هو مما أمر به أمر إيجاب أو استحباب فكيف يسوي
بين المأمور والمحظور وهل هذا إلا من أفسد قياس واعتبار.
(9) – قال ابن القيم في إغاثة اللهفان بعد أن ذكر تفسير قول الله تعالى (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية) والمقصود أن المصفقين والصفارين في يراع أو مزمار ونحوه فيهم شبه من هؤلاء، ولو أنه مجرد الشبه الظاهر فلهم قسط من الذم بحسب تشبههم بهم وإن لم يتشبهوا بهم في جميع مكائهم وتصديتهم والله سبحانه لم يشرع التصفيق للرجال وقت الحاجة إليه في الصلاة إذا نابهم أمر بل
أمروا بالعدول عنه إلى التسبيح لئلا يتشبهوا بالنساء فكيف إذا فعلوه لا لحاجة، وقوموا به أنواعا من المعاصي قولا وفعلا؟
————‘——-
هذه الفوائد بعد حذف ما ذكره الإخوة وذلك لتجنب التكرار
فوائد باب التصفيق للنساء
1 – أجمع العلماء إذا نابهم شيء في الصلاة التسبيح
2 – قال القرطبي: القول بمشروعية التصفيق للنساء هو الصحيح خبرا ونظرا لأنها مأمورة بخفض صوتها في الصلاة مطلقا لما يخشى من الافتتان، ومنع الرجال من التصفيق لأنه من شأن النساء،
3 – فيه جواز العمل اليسير في الصلاة.
4 – قال ابن عبد البر في الاستذكار وقال بعضهم إنما كره التسبيح للنساء لأن صوت المرأة فتنة ولهذا منعت من الأذان والإقامة والجهر بالقراءة في صلاتها اهـ.
5 – قال ابن رجب رحمه الله تعالى وتصفيق المرأة، هو: أن تضرب بظهر كفها على بطن الأخرى، هكذا فسره أصحابنا والشافعية وغيرهم.
6 – أخذ منه بعضهم أنه لا يجوز للرجل التصفيق باليدين مطلقا لا في الصلاة ولا في غيرها لكونه جعل التصفيق للنساء.
7 – فيه جواز التسبيح في الصلاة لأنه من ذكر الله، ولو كان أن سُنَّة الرجال
8 – مراد المسبح إعلام غيره بما وقع له خلافا لمن قال بالبطلان.
9 – ظاهر الحديث يقتضي حصول المقصود بالتصفيق على أي وجه كان
10 – استنبط منه ابن عبد البر جواز الفتح على الإمام لأن التسبيح إذا جاز جازت التلاوة من باب أولى.
11 – قال العباد حفظه الله: وأن هذا من الأحكام التي يختلف فيها الرجال والنساء، حيث إن الرجال يسبحون في الصلاة والنساء تصفق.
——
قال في فيض القدير:
قال الزركشي: بالحاء وبالقاف في آخره سواء يقال: صفق بيده وصفح إذا ضرب إحداهما على الأخرى قيل بالحاء الضرب بظاهر إحداهما على باطن الأخرى وقيل بل بأصبعين من إحداهما على صفحة الأخرى للإنذار والتنبيه وبالقاف الضرب بجميع إحدى الصفحتين على الأخرى للهو واللعب. اهـ
قال ابن رجب في فتح الباري:
وقد ذكر الترمذي: أن العمل على هذا عند أهل العلم.
وممن روي عنه، أنه أفتى بذلك: أبو هريرة، وسالم بن أبي الجعد.
وقال به الأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو يوسف.
وأن المأموم ينبه أمامه بالتسبيح إذا كان رجلاً.
وقد تقدم عن أبي حنيفة، أنه إن سبح إبتداء فليس بكلام، وأن كان جواباً فهو كلام. والجمهور على خلافه.
ومذهب مالك وأصحابه: أنه يسبح الرجال والنساء.
وحملوا قوله: ((إنما التصفيق للنساء)) على أن المراد: أنه من أفعال النساء، فلا يفعل في الصلاة بحال، وإنما يسبح فيها.
وهذا إنما يتأتى في لفظ رواية مالك، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، وأما رواية غيره: ((التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء في الصلاة)) فلا يتأتى هذا التأويل فيها.
وأما رواية من روى: ((إذا نساني الشيطان شيئاً من صلاتي فليسبح القوم، وليصفق النساء)) فصريحة في المعنى.
فالمراد بالقوم: الرجال، كما قال تعالى: (لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ ([الحجرات: 11] الآية.
وخرجه الإمام أحمد من حديث جابر، عن النبي (، قال: ((إذا أنساني الشيطان شيئاً في صلاتي فليسبح الرجال، وليصفق النساء)).
وهو قول من رواية ابن لهيعة.
وخرج الأثرم، من رواية أبي نعامة، [عن] جبر بن حبيب، عن القاسم بن
محمد، عن عائشة، قالت: جاء أبو بكر يستأذن، وعائشة تصلي، فجعلت تصفق، ولا يفقه عنها فجاء النبي (وهما على تلك الحال، فقال: ((ما منعكِ أن تأخذي بجوامع الكلم وفواتحه؟)) – وذكر دعاء جامعاً -، ((ثُمَّ نادي لأبيك)).
وهذا إسناد جيد
وقد خرج الإمام أحمد وابن ماجه ذكر الدعاء، دون قصة الاستئذان.
ولم ينكر النبي (عليها التصفيق، ولا أمرها بالتسبيح، وإنما تصفق المرأة إذا كان هناك رجال.
فأما إن لم يكن معها غير النساء، فقد سبق أن عائشة سبحت لأختها أسماء في صلاة الكسوف، فإن المحذور سماع الرجال صوت المرأة، وهو مأمون هاهنا، فلا يكره للمرأة أن تسبح للمرأة في صلاتها. ويكره أن تسبح مع الرجال.
ومن أصحابنا من قال: لايكره.
والأول: الصحيح.
—-
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: “والتصفيق منكر، يطرب، ويُخرج عن الاعتدال، وتنزه عن مثله العقلاء، ويتشبه فاعله بالمشركين فيما كانوا يفعلونه عند البيت من: “التصدية” وهي التي ذمهم الله عز وجل بها فقال (وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً) الأنفال/35، فالمكاء: الصفير، والتصدية: التصفيق، ثم قال: وفيه أيضاً تشبه بالنساء، والعاقل يأنف من أن يخرج من الوقار، إلى أفعال الكفار والنسوة” انتهى.
قال شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية، رحمه الله تعالى: وأما اتخاذ التصفيق، والغناء، والضرب بالدفوف، والنفخ في الشبابات، والاجتماع على ذلك دينا، وطريقا إلى الله تعالى، وقربة فهذا ليس من دين الإسلام،
وليس مما شرعه لهم نبيهم صلى الله عليه وسلم ولا أحد من خلفائه، ولا استحسن ذلك أحد من أئمة المسلمين؛ بل ولم يكن أحد من أهل الدين يفعل ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عهد أصحابه، ولا تابعيهم بإحسان، ولا تابعي التابعين. انتهى.
والغرض منه قوله: إنه لم يكن أحد من أهل الدين يفعل ذلك، يعني: التصفيق وما ذكر معه، لا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا على عهد أصحابه، ولا تابعيهم بإحسان، ولا تابعي التابعين.
وقال الشيخ أيضا في موضع آخر: وأما الرجال على عهده – يعني: على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يكن أحد منهم يضرب بدف، ولا يصفق بكف.
بل قد ثبت عنه في الصحيح، أنه قال: “إنما التصفيق للنساء”، ولعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء; ولما كان الغناء والضرب بالدف، والكف، من عمل النساء، كان السلف يسمون من يفعل ذلك مخنثا. انتهى.
…..
قال ابن تيمية:
وكذلك زادوا في الابتداع في إنشاد القصائد فكثيرا ما ينشدون أشعار الفساق والفجار وفيهم كثير ينشدون أشعار الكفار بل ينشدون ما ? يستجيزه أكثر اهـل التكذيب وإنما يقوله أعظم الناس كفرا برب العالمين وأشدهـم بعدا عن الله ورسوله والمؤمنين
وزادوا أيضا في الا?ت التي تستثار بها الاصوات مما يصنع بالافواه والايدي كأبواق اليهود ونواقيس النصارى من يبلغ المنكرات كأنواع الشبابات والصفارات وأنواع الص?صل والاوتار المصوتات ما عظمت به الفتنة حتى ربا فيها الصغير وهـرم فيها الكبير وحتى اتخذوا ذلك دينا وديدنا وجعلوه من الوظائف الراتبة بالغداة والعشى كص?ة الفجر والعصر وفي الاوقات والاماكن الفاض?ت واعتاضوا به عن القرآن والصلوات
وصدق فيهم قوله {فخلف من بعدهـم خلف أضاعوا الص?ة} {واتبعوا الشهوات} [سورة مريم 59] وصار لهم نصيب من قوله تعالى {وما كان ص?تهم عند البيت الا مكاء وتصدية}
[إذ المكاء هـو الصفير ونحوه من الغناء والتصدية هـي التصفيق بالايدي فإذا كان هـذا سماع المشركين الذي ذمه الله في كتابه فكيف إذا اقترن بالمكاء الصفارات المواصيل وبالتصدية مصلص?ت الغرابيل وجعل ذلك طريقا ودينا يتقرب به إلى المولى الجليل
وظهر تحقيق قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل
بل أفضى الامر إلى أن يجتمع في هـذا السماع على الكفر بالرحمن والاستهزاء بالقرآن والذم للمساجد والصلوات والطعن في أهـل الايمان والقربات والاستخفاف بالانبياء والمرسلين والتحضيض على جهاد المؤمنين ومعاونة الكفار والمنافقين واتخاذ المخلوق إلها من دون رب العالمين …
الاستقامة (307)
وقال:
لما نسي بعض الامة حظا من هـذا السماع الذي ذكروا به ألقي بينهم العداوة والبغضاء، فأحدث قوم سماع القصائد والتصفيق والغناء مضاهـاة لما ذمه الله من المكاء والتصدية والمشابهة لما ابتدعه النصارى، وقابلهم قوم قست قلوبهم عن ذكر الله وما نزل من الحق، وقست قلوبهم فهي كالحجارة أو أشد قسوة مضاهـاة لما عابه الله على اليهود. والدين الوسط هـو ما عليه خيار هـذه الامة قديما وحديثا والله أعلم.
الفتوى الكبرى (2) / (385)
وقال ابن القيم:
: … فلم ينكر رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم على أبى بكر تسميته الغناء مزمار الشيطان، وأقرهـما، ?نهما جاريتان غير مكلفتين تغنيان بغناء الاعراب، الذى قيل فى يوم حرب بعاث من الشجاعة، والحرب، وكان اليوم يوم عيد، فتوسع حزب الشيطان فى ذلك إلى صوت امرأة جميلة أجنبية، أو صبى أمرد صوته فتنة، وصورته فتنة، يغنى بما يدعو إلى الزنى والفجور، وشرب الخمور، مع الات اللهو التى حرمها رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فى عدة أحاديث، كما سيأتى. مع التصفيق والرقص وتلك الهيئة المنكرة التى ? يستحلها أحد من أهـل الاوثان، فض? عن أهـل العلم والايمان، ويحتجون بغناء جويريتين غير مكلفتين بنشيد الاعراب ونحوهـا فى الشجاعة ونحوهـا وفى يوم عيد، بغير شبابة و? دف، و? رقص و? تصفيق، ويدعون المحكم الصريح، لهذا المتشابه وهـذا شأن كل مبطل.
نعم، نحن ? نحرم و? نكره مثل ما كان فى بيت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم على ذلك الوجه، وإنما نحرم وسائر أهـل العلم والايمان السماع المخالف لذلك، وبالله التوفيق.
إغاثة اللهفان (1) / (257)
قلت سيف الكعبي:
سئل الشيخ عبد العزيز بن باز عن التصفيق للرجال في المناسبات والاحتفالات؟
فأجاب الشيخ عبد العزيز بن باز:
التصفيق في الحفلات من أعمال الجاهلية، وأقل ما يُقال فيه الكراهة، والأظهر في الدليل تحريمه، لأن المسلمين منهيون عن التشبّه بالكفرة، وقد قال الله سبحانه في وصف الكفار من أهل مكّة: << وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية>>، قال العلماء: المكاء الصفير، والتصدية: التصفيق.
والسنة للمؤمن إذا رأى أو سمع ما يعجبه أو ما ينكره أن يقول: سبحان الله أو يقول الله أكبر، كما صح ذلك عن النبي في أحاديث كثيرة.
ويشرع التصفيق للنساء خاصة، إذا نابهنّ شيء في الصلاة أو كنّ مع الرجال فسها الإمام في الصلاة فإنه يُشرع لهنّ التنبيه بالتصفيق، أما الرجال فينبّهونه بالتسبيح كما صحّت بذلك السنّة عن النبي، وبهذا يُعلم أن التصفيق من الرجال فيه تشبّه بالكفرة والنساء وكل ذلك منهيّ عنه. والله ولي التوفيق.
المصدر: نشرت في فتاوى سماحته ضمن صفحة – أسالوا أهل الذكر – التي تصدر من سماحته بالمجلة العربية شهريا.
السؤال: ما حكم التصفيق في الحفلات أرجو من فضيلة الشيخ إجابة؟
الجواب:
الشيخ: التصفيق في الحفلات ليس من عادة السلف الصالح وإنما كانوا إذا أعجبهم شيء سبحوا أحيانا أو كبروا أحيانا لكنهم لا يكبرون تكبيرا جماعيا ولا يسبحون تسبيحا جماعيا بل كل واحد يكبر لنفسه أو يسبح لنفسه بدون أن يكون هناك رفع صوت بحيث يسمعه من بقربه فالأولى الكف عن هذا أي التصفيق ولكننا لا نقول بأنه حرام لأنه قد شاع بين المسلمين اليوم والناس لا يتخذونه عبادة ولهذا لا يصح الاستدلال علي تحريمه بقوله تعالي عن المشركين (وما كانت صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية) فإن المشركين يتخذون التصفيق عند البيت عبادة وهؤلاء الذين يصفقون عند سماع ما يعجبهم أو رؤية ما يعجبهم لا يريدون بذلك العبادة وخلاصة القول أن ترك هذا التصفيق أولى وأحسن ولكنه ليس بحرام؟
الشيخ / محمد بن صالح العثيمين
قال في حاشية البجيرمي: ((والتصفيق مكروه كراهة تنزية)). حاشية البجيرمي 4/ 434.
وسئل عن قول الزركشي إن التصفيق باليد للرجال للهو حرام لما فيه من التشبه بالنساء هل هو مسلم أم لا، وهل الحرمة مقيدة بما إذا قصد التشبه أو يقال ما اختص به النساء يحرم على الرجال فعله، وإن لم يقصد به التشبه بالنساء.
فأجاب: هو مسلم حيث كان للهو، وإن لم يقصد به التشبه بالنساء.
وسئل عن التصفيق خارج الصلاة لغير حاجة هل هو حرام أم لا؟
فأجاب إن قصد الرجل بذلك التشبه بالنساء حرم، وإلا كره. ا هـ. نهاية المحتاج 2/ 47.
قال ابن حجر: يكره التصفيق خارج الصلاة مطلقا، ولو بضرب بطن على بطن، وبقصد اللعب، ومع بعد إحدى اليدين عن الأخرى. وقال شيخنا الرملي: إنه حرام بقصد اللعب، وكتصفيق فيما ذكر ضرب الصبي على بعضه، أو بنحو قضيب أو ضرب خشب على مثله، حيث حصل به الطرب. حاشية قليوبي 1/ 216.
وقد حرم بعض العلماء التصفيق لقوله: ((إنما التصفيق للنساء)) ((ولعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء))، ومن هاب الإله وأدرك شيئا من تعظيمه لم يتصور منه رقص ولا تصفيق، ولا يصدر التصفيق والرقص إلا من غبي جاهل، ولا يصدران من عاقل فاضل، ويدل على جهالة فاعلهما أن الشريعة لم ترد بهما في كتاب ولا سنة، ولم يفعل ذلك أحد الأنبياء ولا معتبر من أتباع الأنبياء، وإنما يفعل ذلك الجهلة السفهاء الذين التبست عليهم الحقائق بالأهواء، وقد قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ} وقد مضى السلف وأفاضل الخلف ولم يلابسوا شيئا من ذلك، ومن فعل ذلك أو اعتقد أنه غرض من أغراض نفسه وليس بقربة إلى ربه، فإن كان ممن يقتدى به ويعتقد أنه ما فعل ذلك إلا لكونه قربة فبئس ما صنع لإيهامه أن هذا من الطاعات، وإنما هو من أقبح الرعونات. قواعد الأحكام 2/ 220 – 221.
قال في التمهيد: وفيه أن التصفيق لا يجوز في الصلاة لمن نابه شيء فيها ولكن يسبح وهذا ما لا خلاف فيه للرجال وأما النساء فإن العلماء اختلفوا في ذلك فذهب مالك وأصحابه إلى أن التسبيح للرجال والنساء جميعا لقوله ((من نابه شيء في صلاته فليسبح)) ولم يخص رجالا من نساء وتأولوا قول النبي ((إنما التصفيق للنساء)) أي إنما التصفيق من فعل النساء قال ذلك على جهة الذم ثم قال من نابه شيء في صلاته فليسبح وهذا على العموم للرجال والنساء هذه حجة من ذهب هذا المذهب.
وقال آخرون منهم الشافعي والأوزاعي وعبيد الله بن الحسن والحسن بن حي وجماعة من نابه من الرجال شيء في صلاته سبح ومن نابها من النساء شيء في صلاتها صفقت إن شاءت لأن رسول الله قد فرق بين حكم النساء والرجال في ذلك فقال التصفيق للنساء ومن نابه شيء في صلاته يعني منكم أيها الرجال فليسبح واحتج بحديث أبي هريرة التسبيح للرجال والتصفيق للنساء ففرق بين حكم الرجال والنساء وكذلك رواه جماعة في حديث سهل بن سعد هذا قال الأوزاعي: إذا نادته أمه وهو في الصلاة سبح فإن التسبيح للرجال والتصفيق للنساء سنة. التمهيد لابن عبد البر 21/ 106.
قال في طرح التثريب: (((الحادية عشرة) أخذ منه بعضهم أنه لا يجوز للرجل التصفيق باليدين مطلقا لا في الصلاة ولا في غيرها لكونه جعل التصفيق للنساء لكنه محمول على حالة الصلاة بدليل تقييده بذلك في رواية المصنف ومسلم وغيرهما كما تقدم.
ومقتضى قاعدة من يأخذ بالمطلق وهم الحنابلة والظاهرية عدم جوازه مطلقا ومتى كان في تصفيق الرجل تشبه بالنساء فيدخل في الأحاديث الواردة في ذم المتشبهين من الرجال بالنساء ولكن ذلك إنما يأتي في ضرب بطن إحدى اليدين على بطن الأخرى ولا يأتي في مطلق التصفيق)). طرح التثريب 2/ 250
قال الحافظ شمس الدين بن القيم قوله في الحديث: وليصفق النساء دليل على أن قوله في حديث سهل بن سعد المتفق عليه التصفيق للنساء أنه إذن وإباحة لهن في التصفيق في الصلاة عند نائبة تنوب لا أنه عيب وذم.
قال الشافعي حكم النساء التصفيق وكذا قاله أحمد.
وذهب مالك إلى أن المرأة لا تصفق وأنها تسبح واحتج له الباجي وغيره بقوله من نابه شيء في صلاته فليسبح.
قالوا وهذا عام في الرجال.
قالوا: وقوله التصفيق للنساء هو على طريق الذم والعيب لهن كما يقال كفران العشير من فعل النساء وهذا باطل من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن في نفس الحديث تقسيم التنبيه بين الرجال والنساء وإنما ساقه في معرض التقسيم وبيان اختصاص كل نوع بما يصلح له فالمرأة لما كان صوتها عورة منعت من التسبيح وجعل لها التصفيق والرجل لما خالفها في ذلك شرع له التسبيح.
الثاني: أن في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله التسبيح للرجال والتصفيق للنساء فهذا التقسيم والتنويع صريح في أن حكم كل نوع ما خصه به وخرجه مسلم بهذا اللفظ وقال في آخره في الصلاة
الثالث: أنه أمر به في قوله وليصفق النساء ولو كان قوله التصفيق للنساء على جهة الذم والعيب لم يأذن فيه، والله أعلم)). تهذيب السنن6/ 155.
قال في إغاثة اللهفان: ((والمقصود أن المصفقين و الصفارين في يراع أو مزمار ونحوه فيهم شبه من هؤلاء ولو أنه مجرد الشبه الظاهر فلهم قسط من الذم بحسب تشبههم بهم، وإن لم يتشبهوا بهم في جميع مكائهم و تصديتهم.
والله سبحانه لم يشرع التصفيق للرجال وقت الحاجة إليه في الصلاة إذا نابهم أمر بل أمروا بالعدول عنه إلى التسبيح لئلا يتشبهوا بالنساء فكيف إذا فعلوه لا لحاجة وقرنوا به أنواعا من المعاصي قولا وفعلا)). إغاثة اللهفان 1/ 245.
——
في أثناء القرن الرابع عشر تسلل إلى المسلمين في اجتماعاتهم واحتفالاتهم، التصفيق عند التعجب؛ تشبهاً بما لدى المشركين من التصفيق للتشجيع، والتعجب.
وإذا كان التصفيق في حالة التعبد: بدعة ضلالة، كما تقدم، فإن اتخاذه عادة في المحافل، الاجتماعات؛ للتشجيع، والتعجب، تشبه منكر، ومعصية يجب أن تُنكر، وذلك لما يلي:
معلوم أن هدى النبي صلى الله عليه وسلم عند التعجب، هو الثناء على الله تعالى وذكره بالتكبير، والتسبيح، والتهليل، ونحوها … . من “تصحيح الدعاء” (ص 86 – 89) باختصار.
——
شبهة جواز التصفيق للرجال:
قال الباحث الذي أجاز التصفيق للرجال خارج الصلاة:
حكم التصفيق
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (مَا لِي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمْ التَّصْفِيقَ؟ مَنْ رَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ، فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ، و إِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ)
و ظاهر هذا الحديث قَصرُ التصفيق على النساء، لاستهلاله بأداة الحصر (إنَّما) فيكون معناه: لا تصفيق إلا للنساء. قال الشوكاني [في نيل الأوطار]: (قوله: ” إنما التصفيق للنساء ” يدل على منع الرجال منه مطلقاً).
غير أنَّ ظاهر الحديث لا دليل فيه على أن نهي الرجال عن التصفيق يسوي في الحكم بين كونه داخل الصلاة أو خارجها، و إن كان ذلك محتملاً، و القاعدة تقول: إذا وقع الاحتمال بطل الاستدلال.
بل الظاهر أن الترخيص في التصفيق للنساء مقتصر على كونهن في الصلاة إذا نابهن فيها شيء، أما خارج الصلاة فهن و الرجال في الحكم سواء، و النهي عن التصفيق خارجها يحتاج إلى دليل خاص، و الله أعلم.
أما مَن عدَّ التصفيق تشبهاً بالمشركين في صلاتهم عند البيت العتيق فقد استند في حكمه إلى قوله تعالى: {وَ مَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلا مُكَاءً و َتَصْدِيَةً} [الأنفال: 35].
فالمقصود من اتخذه عبادة
والرد عليه بما سبق نقله عن الأئمة
قال صاحبنا ابوصالح:
قواعد مفيدة للرد:
(1) – ظاهر حديث التصفيق للنساء أنه في الصلاة بل وقع التصريح بذلك في بعض طرق الحديث.
(2) – والقاعدة العامة أن العبادات مبناها على التوقيف فمن صفق تدينا فقد عملا عملا محدثا فهو مردود.
(3) – وأما التصفيق في الغناء فقد صرح بإنكاره غير واحد من السلف.
(4) – بقي التصفيق إعجابا وليس تدينا، فهذا موضع المعركة فمن وجه وردت نصوص بالتسبيح أو التكبير عند حدوث نحو ذلك أما الحكم هنا فلم أجده
سئلت اللجنة الدائمة عن التصفيق من الرجال لمداعبة الأطفال أو تصفيق الأطفال لتشجيع زميلهم فأجابت:
لا ينبغي هذا التصفيق، وأقل أحواله الكراهة الشديدة لكونه من خصال الجاهليّة، ولأنه أيضاً من خصائص النساء للتنبيه في الصلاة عند السهو. وبالله التوفيق.
وللفائدة قال الشوكاني في (نيل الأوطار):
قوله: (إنما التصفيق للنساء) يدل على منع الرجال منه مطلقاً.
انتهى نقل نورس
وآخر لم يجوز التصفيق مطلقا حتى للنساء خارج الصلاة:
وابن تيمية لما ذكر أن التصفيق والتصفير كان من عادة الكفار
قال: وأما سماع الغناء على وجه اللعب فهذا من خصوصية الأفراح للنساء والصبيان مما جاءت به الآثار فإن دين الإسلام واسع لا حرج فيه مجموع الفتاوى 3/ 427
وقال مرة: ولم يجتمع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه على إستماع غناء قطُّ لا بكف ولا بدف ولا تواجد ولا سقطت بردته بل كل ذلك كذب باتفاق أهل العلم بحديثه.
ثم ذكر اجتماعهم لتدارس كتاب الله
وراجع أيضا مجموع الفتاوى 11/ 562
و 11/ 565. 11/ 576. 11/ 581
وقال في 11/ 596 بعد ذكر أن المكاء والتصدية من فعل المشركين يعني الصفير والتصفيق: لكن قد يغفر له ذلك لاجتهاده أو لحسنات ماحية أو غير ذلك. فيما يفرق فيه بين المسلم والكافر. لكن مفارقته للمشركين في غير هذا لا يمنع أن يكون مذموما خارجا عن الشريعة داخلا في البدعة. … وان كان غلط فيه قوم من صالح المسلمين. فإن الله لا يضيع أجرهم وصلاحهم، لما وقع من خطئهم فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا اجتهد الحاكم فاصاب فله أجران، وإذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر واحد.
وتعقبه الشيخ حامد الفقي في تحقيقه لكتاب اقتضاء الصراط بأن أمثال هؤلاء لا يؤجرون على نية الباطل.
والمسألة تحتاج بحث موسع لكن هنا سنتبع ابن تيمية لأنه أعلم.