197 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
————
مسند أحمد
5873 قال الإمام أحمد حدثنا علي بن عبدالله حدثنا عبدالعزيز بن محمد عن عمارة بن غزية عن حرب بن قيس عن نافع عن ابن عمر قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم. إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته.
فيه حرب بن قيس روى عنه جماعة وذكره ابن حبان في الثقات. وقال: عمارة بن غزية أنه كان رضيا. ذكره البخاري وابن خزيمة
قلت سيف: على شرط المتمم على الذيل؛ حرب بن قيس؛ ليس فيه توثيق من معتبر؛ إنما نقل البخاري عن عمارة بن غزية أنه كان رضيا، وتحتمل أنه رضيا في دينه. وليس في الضبط.
لكن لا بأس أن نضعه على شرط المتمم على الذيل على الصحيح المسند. لأن شرطنا في ليس شديد. ولفظة رضيا تحتمل التعديل.
—–‘——–‘——-
[الأخذ بالرخصة أفضل من العزيمة]
الرخصة:
قال الشوكاني في النيل (3/ 244): والمراد بالرخصة: التسهيل والتوسعة في ترك بعض الواجبات أو إباحة بعض المحرمات. وهي في لسان أهل الأصول: الحكم الثابت على خلاف دليل الوجوب أو الحرمة لعذر.
وفيه أن الله يحب إتيان ما شرعه من الرخص، وفي تشبيه تلك المحبة بكراهته لإتيان المعصية دليل على أن في ترك إتيان الرخصة ترك طاعة، كالترك للطاعة الحاصل بإتيان المعصية.
الرخصة في اصطلاح أهل الأصول
ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، وهذا التعريف الأخير الذي حكاه بقيل أجود من الأول. ومثاله اباحة الميتة للمضطر، ففيها استباحة المحظور الذي هو أكل الميتة مع قيام الحاظر أي المانع الذي هو خبث الميتة الذي حرمت من أجله، وهو أيضاً ثابت على خلاف دليل شرعي هو ” حرمت عليكم الميتة” لمعارض راجح كقوله: ” فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لاثم ”
انظر” مذكرة في أصول الفقه ” للعلامة الشنقيطي رحمه الله
[فعل الرخصة أفضل من فعل العزيمة]
قال الصنعاني في سبل السلام (1/ 387):
(وعن ابن عمر قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته» رواه أحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وفي رواية كما يحب أن تؤتى عزائمه) فسرت محبة الله برضاه وكراهته بخلافها وعند أهل الأصول أن الرخصة ما شرع من الأحكام لعذر، والعزيمة مقابلها، والمراد بها هنا ما سهله لعباده ووسعه عند الشدة من ترك بعض الواجبات، وإباحة بعض المحرمات.
، والحديث دليل على أن فعل الرخصة أفضل من فعل العزيمة كذا قيل وليس فيه على ذلك دليل بل يدل على مساواتها للعزيمة، والحديث يوافق قوله تعالى {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [البقرة: 185].
قوله (يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ) لأن الإتيان بها بمنزلة الاعتراف بحاجة العبد إليها، وأنها في محلها وعدم الإتيان بها بمنزلة القول باستغناء العبد عنها، وأنها في غير محلها. مسند الامام احمد بحاشية السندي
قال ابن عثيمين: معنى هذا الحديث أن الإنسان إذا يسر الله عليه وجعل له رخصة فلا ينبغي أن يعدل عنها فمثلا المسافر رخص الله له في الفطر فلا ينبغي أن يصوم ويشق على نفسه بالصوم ويقول أن لا احب أن يخر ج رمضان ويكون علي صوم بل نقول له الأفضل أن تفطر ما دام يشق عليك الصيام في السفر والمريض كذلك بعض الناس يمرض ويشق عليه الصوم لكن يقول أنا أتحسر أن لا أصوم فيصوم مع مشقة الصوم عليه وهذا غلط كل رخص الله لك فيه فأته وأنت مطمئن البال لأن الله تعالى يحب ذلك. ” الشرح المختصر على بلوغ المرام.
آراء العلماء في تتبع الرخص:
26 – الرخص الشرعية الثابتة بالكتاب أو السنة لا بأس في تتبعها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه.
أما تتبع رخص المذاهب الاجتهادية والجري وراءها دون سبب من الأسباب التي مر ذكرها ونحوها مما يماثلها يعتبر هروبا من التكاليف، وتخلصا من المسئولية، وهدما لعزائم الأوامر والنواهي، وجحودا لحق الله في العبادة، وهضما لحقوق عباده، وهو يتعارض مع مقصد الشرع الحكيم من الحث على التخفيف عموما وعلى الترخص بصفة خاصة {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر}. إن الله يحب أن تؤتى رخصه وقد اعتبر العلماء هذا العمل فسقا لا يحل. وحكى ابن حزم الإجماع عليه. الموسوعة الفقهية الكويتية (22/ 164).
الترخص المشروع ضربان:
أحدهما:
أن يكون في مقابلة مشقة لا صبر عليها طبعا؛ كالمرض الذي يعجز معه عن استيفاء أركان الصلاة على وجهها مثلا، أو عن الصوم لفوت النفس.
أو شرعا؛ كالصوم المؤدي إلى عدم القدرة على الحضور في الصلاة، أو على إتمام أركانها، وما أشبه ذلك.
والثاني:
أن يكون في مقابلة مشقة بالمكلف قدرة على الصبر عليها، وأمثلته ظاهرة.
فأما الأول؛ فهو راجع إلى حق الله؛ فالترخص فيه مطلوب، ومن هنا جاء: “ليس من البر الصيام في السفر”، وإلى هذا المعنى يشير النهي عن الصلاة بحضرة الطعام أو: “وهو يدافعه الأخبثان”، و: “إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة؛ فابدءوا بالعشاء” إلى ما كان نحو ذلك؛ فالترخص في هذا الموضع ملحق بهذا الأصل، ولا كلام أن الرخصة ههنا جارية مجرى العزائم، ولأجله قال العلماء بوجوب أكل الميتة خوف التلف، وإن من لم يفعل ذلك فمات؛ دخل النار.
وأما الثاني؛ فراجع إلى حظوظ العباد، لينالوا من رفق الله وتيسيره بحظ؛ إلا أنه على ضربين:
أحدهما:
أن يختص بالطلب حتى لا يعتبر فيه حال المشقة أو عدمها؛ كالجمع بعرفة والمزدلفة؛ فهذا أيضا لا كلام فيه أنه لاحق بالعزائم، من حيث صار مطلوبا مطلقا طلب العزائم، حتى عده الناس سنة لا مباحا، لكنه مع ذلك لا يخرج عن كونه رخصة؛ إذ الطلب الشرعي في الرخصة لا ينافي كونها رخصة؛ كما يقوله العلماء في أكل الميتة للمضطر، فإذًا هي رخصة من حيث وقع عليها حد الرخصة، وفي حكم العزيمة من حيث كانت مطلوبة طلب العزائم.
والثاني:
أن لا يختص بالطلب، بل يبقى على أصل التخفيف ورفع الحرج؛ فهو على أصل الإباحة، فللمكلف الأخذ بأصل العزيمة وإن تحمل في ذلك مشقة، وله الأخذ بالرخصة.
والأدلة على صحة الحكم على هذه الأقسام ظاهرة؛ فلا حاجة إلى إيرادها، فإن تشوف أحد إلى التنبيه على ذلك؛ فنقول:
أما الأول، فلأن المشقة إذا أدت إلى الإخلال بأصل كلي؛ لزم أن لا يعتبر فيه أصل العزيمة، إذ قد صار إكمال العبادة هنا والإتيان بها على وجهها يؤدي إلى رفعها من أصلها، فالإتيان بما قدر عليها منها -وهو مقتضى الرخصة- هو المطلوب، وتقرير هذا الدليل مذكور في كتاب المقاصد من هذا الكتاب. انظر ” الموافقات (494 – 495).